تُقَدَّرُ النَّفَقةُ بقَدرِ الكِفايةِ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ [881]     قال ابنُ حجرٍ: (ذهب الجُمهورُ إلى أنَّها بالكفايةِ، والشَّافعيُّ وطائفةٌ -كما قال ابنُ المنذِرِ- إلى أنَّها بالأمدادِ). ((فتح الباري)) (9/500). : الحَنَفيَّةِ [882]     ((البحر الرائق)) لابن نجيم (4/190)، ((حاشية ابن عابدين)) (3/584). ، والمالِكيَّةِ [883]     ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (4/438)، ((الشرح الكبير)) للدردير (2/509). ويُنظر: ((بداية المجتهد)) لابن رشد (3/77). ، والحَنابِلةِ [884]     ((الإقناع)) للحجاوي (4/136)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/460). ، وهو قَولُ بَعضِ الشَّافِعيَّةِ [885]     ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (8/302)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (5/152). ويُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (9/500). ، وحُكِيَ فيه الإجماعُ [886]     قال ابنُ حجر: (نقل بعضُ الأئمَّةِ الإجماعَ الفِعليَّ في زمَنِ الصَّحابةِ والتَّابعينَ على ذلك، ولا يُحفَظُ عن أحدٍ منهم خِلافُه). ((فتح الباري)) لابن حجر (9/500). .  الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ قال الله تعالى: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ البقرة: 233.وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ المعروفَ هو قَدْرُ الكفايةِ [887]     ((الكافي في فقه الإمام أحمد)) لابن قدامة (3/232). .ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ1- عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((دخَلَت هِندُ بنتُ عُتبةَ -امرأةُ أبي سُفيانَ- على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالت: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ أبا سُفيانَ رَجُلٌ شَحيحٌ لا يُعطيني مِنَ النَّفَقةِ ما يَكفيني ويَكفي بَنِيَّ، إلَّا ما أخَذْتُ مِن مالِه بغَيرِ عِلمِه، فهل عليَّ في ذلك مِن جُناحٍ؟ فقال: خُذي مِن مالِه بالمعروفِ ما يَكفيكِ وما يَكفي بَنِيكِ)) [888]     أخرجه البخاري (5364)، ومسلم (1714) واللفظ له. . وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ الحديثَ نَصَّ على أنَّ النَّفَقةَ تُقَدَّرُ بالكفايةِ [889]     ((شرح صحيح البخارى)) لابن بطال (7/543)، ((سبل السلام)) للصنعاني (2/319). .2- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ تعالى عنه، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في حديثِ الحَجِّ بِطولِه، قال في ذِكرِ النِّساءِ: ((ولهنَّ عليكم رِزقُهنَّ وكِسوتُهنَّ بالمعروفِ)) [890]     أخرجه مسلم (1218). .وَجهُ الدَّلالةِ:أن الكِفايةَ بالمعروفِ تتنَوَّعُ بحالِ الزَّوجةِ في حاجتِها، وبتنَوُّعِ الزَّمانِ والمكانِ، وبتنَوُّعِ حالِ الزَّوجِ في يَسارِه وإعسارِه [891]     ((المغني)) لابن قدامة (8/196)، ((اللباب في علوم الكتاب)) لابن عادل (19/175). .ثالثًا: لأنَّها نَفَقةٌ واجِبةٌ لِدَفعِ الحاجةِ، فتقَدَّرَت بالكِفايةِ، كنَفَقةِ المملوكِ [892]     ((الكافي في فقه الإمام أحمد)) لابن قدامة (3/232). . انظر أيضا: المَبحثُ الأوَّلُ: حُكمُ النَّفَقةِ على الزَّوجةِ [835]     الأصلُ في النَّفَقةِ على الزَّوجةِ تَلبيةُ حاجتِها بالمعروفِ فيما تحتاجُ إليه من أدواتِ التَّنظيفِ، والأثاثِ، وأدواتِ الزِّينةِ، وغَيرِها، وحاجةُ الزَّوجةِ تختَلِفُ مِن عَصرٍ لآخَرَ، ومِن بِيئةٍ لأخرى، ومِن رَجُلٍ لآخَرَ. قال ابنُ عادل في بيانِ أنَّ نَفَقةَ الزَّوجةِ غَيرُ مُقَدَّرةٍ، وأنَّ المرجِعَ فيها هو العُرفُ: (الكفايةَ بالمعروفِ تتنَوَّعُ بحالِ الزَّوجةِ في حاجتِها، وبتنَوُّعِ الزَّمانِ والمكانِ، وبتنَوُّعِ حالِ الزَّوج في يَسارِه وإعسارِه؛ فليست كِسوةُ القصيرةِ الضَّئيلةِ ككِسوةِ الطَّويلةِ الجَسيمةِ، ولا كِسوةُ الشِّتاءِ ككِسوةِ الصَّيفِ، ولا كفايةُ طَعامِ الشِّتاءِ مِثلَ طَعامِ الصَّيفِ، ولا طعامُ البلادِ الحارَّةِ كالباردةِ، ولا المعروفُ في بلادِ التَّمرِ والشَّعيرِ كالمعروفِ في بلادِ الفاكِهةِ والخُبزِ). ((اللباب في علوم الكتاب)) (19/175). وقال القَنُّوجي: (هذا -أي: العُرفُ- يختلِفُ باختلافِ الأزمِنةِ والأمكِنةِ، والأحوالِ والأشخاصِ؛ فنَفَقةُ زمنِ الخِصبِ المعروفُ فيها غيرُ المعروفِ في زمنِ الجَدبِ، ونَفَقةُ أهلِ البوادي المعروفُ فيها ما هو الغالِبُ عندهم، وهو غيرُ المعروفِ مِن نَفَقةِ أهلِ المدُنِ، وكذلك المعروفُ من نَفَقةِ الأغنياءِ على اختلافِ طبقاتِهم غيرُ المعروفِ مِن نَفَقةِ الفُقراءِ، والمعروفُ مِن نَفَقةِ أهلِ الرِّياساتِ والشَّرَفِ غيرُ المعروفِ مِن نَفَقةِ أهلِ الوَضاعاتِ؛ فليس المعروفُ المشارُ إليه في الحديثِ هو شيءٌ متَّحِدٌ، بل مختلِفٌ باختلافِ الاعتبارِ). ((الروضة الندية)) (2/76). وقال السعدي في قول الله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا [الطَّلاق: 7]، (فأمر الله تعالى بالإنفاق على الزَّوجات على قدر طاقة الزَّوج ويساره). ((تفسير السعدي)) (ص: 872). وقال ابنُ عثيمين: (الحقوقُ المُطْلَقةُ الموكولةُ إلى العُرفِ: هذه تَختَلِفُ باختِلافِ الأعرافِ). ((فتاوى نور على الدرب)) (10/279). . المَبحَثُ الثَّالِثُ: الإعسارُ بالنَّفَقةِ    . المَبحَثُ الرَّابِعُ: وَقتُ النَّفَقةِ. المَبحَثُ الخامِسُ: العَدلُ بينَ الزَّوجاتِ في النَّفَقةِ والكِسوةِ.

يجِبُ العَدلُ بينَ الزَّوجاتِ في النَّفَقةِ والكِسوةِ، وهو قَولٌ للحَنَفيَّةِ [917]     ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/332)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (3/235)، ((حاشية ابن عابدين)) (3/202). ، وبَعضِ المالِكيَّةِ [918]     ((مواهب الجليل)) للحطاب (5/254)، ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (2/339). ، وهو قَولُ ابنِ المُنذِرِ [919]     قال ابنُ المنذر: (بابُ التسويةِ بين الضَّرائرِ:... عن أبي هُرَيرةَ رضي الله عنه قال: قال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «إذا كان للرَّجُلِ امرأتانِ فمال إلى إحداهما حُشِرَ يومَ القيامةِ وأحَدُ شِقَّيه مائِلٌ». وثبت أنَّ نبيَّ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «كان إذا أراد سَفَرًا أقرَعَ بين نسائِه، فأيَّتُهنَّ خرَجَ سَهمُها خرج بها معه». فهذا الحديثُ وغَيرُه يدُلُّ على وجوبِ العَدلِ بينَ النِّساءِ فيما يملِكُه، ولا حرَجَ عليه فيما لا يملِكُه من الهوى والحُبِّ). ((الإقناع)) (1/311). ، واختيارُ ابنِ تَيميَّةَ [920]     قال ابنُ تَيميَّةَ: (أمَّا العَدلُ في النَّفَقةِ والكِسوةِ، فهو السُّنَّة أيضًا؛ اقتِداءً بالنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فإنَّه كان يَعدِلُ بين أزواجِه في النَّفَقةِ، كما كان يَعدِلُ في القِسمةِ مع تنازُعِ النَّاسِ في القَسْمِ: هل كان واجِبًا عليه أو مُستحَبًّا له؟ وتنازعوا في العَدلِ في النَّفَقةِ: هل هو واجِبٌ أو مُستحَبٌّ؟ ووجوبُه أقوى وأشبَهُ بالكتابِ والسُّنَّةِ). ((الفتاوى الكبرى)) لابن تَيميَّةَ (3/149). وقال: (يجِبُ على الزَّوجِ التَّسويةُ بين الزَّوجاتِ في النَّفَقةِ، وكلامُ القاضي في التَّعليقِ يدُلُّ عليه، وكذا الكِسوةُ). ((الفتاوى الكبرى)) لابن تَيميَّةَ (5/482). ويُنظر: ((الإنصاف)) للمرداوي (8/269). ، والصَّنعانيِّ [921]     قال الصنعاني: (عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «من كانت له امرأتانِ فمال إلى إحداهما دونَ الأُخرى، جاء يومَ القيامةِ وشِقُّه مائِلٌ» رواه أحمدُ والأربعةُ، وسنَدُه صَحيحٌ. الحديثُ دَليلٌ على أنَّه يجِبُ على الزَّوجِ التَّسويةُ بين الزَّوجاتِ، ويَحرُمُ عليه المَيلُ إلى إحداهنَّ، وقد قال تعالى: فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ [النساء: 129]، والمرادُ: المَيلُ في القَسمِ والإنفاقِ، لا في المحبَّةِ؛ لِما عرَفْتَ مِن أنَّها ممَّا لا يَملِكُه العَبدُ). ((سبل السلام)) (2/238). ، والشَّوكانيِّ [922]     قال الشوكاني: (قَولُه: «والتَّسويةُ بين الزَّوجاتِ» أقولُ: قد أشار إلى هذا القرآنُ، قال اللهُ سُبحانَه: فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ [النساء: 129]، وقَولُه: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً [النساء: 3]، وصَحَّ عنه صلَّى الله عليه وسلَّم القِسمةُ بين نسائِه، ولم يُفَضِّلْ بعضَهنَّ على بَعضٍ، فكان هذا كافيًا في أصلِ التَّسويةِ، وأمَّا دليلُ الوُجوبِ فحَديثُ: «إذا كانت عند الرجُلِ امرأتانِ فلم يَعدِلْ بينهما، جاء يومَ القيامةِ وشِقُّه مائِلٌ» أخرجه أحمدُ وأهلُ السُّنَنِ وغَيرُهم، وإسنادُه صحيحٌ؛ فإنَّ وُقوعَ هذا يومَ القيامةِ بهذا السَّبَبِ يدُلُّ على وجوبِه، ولو لم يكُنْ واجِبًا لَما عُوقِبَ عليه هذه العُقوبةَ). ((السيل الجرار)) للشوكاني (ص: 380). ، وابنِ باز [923]     قال ابنُ باز في سؤالٍ وردَ إليه: (يجِبُ عليك العَدلُ بين الزَّوجتَينِ في النَّفَقةِ والملابِسِ والحُليِّ إلَّا أن ترضى إحداهما بزيادةِ ضَرَّتِها عليها، فلا بأس، ومن يَكُنْ عندَها مِنَ الأطفالِ أكثَرُ مِن ضَرَّتِها، فعليك أن تزيدَها في النَّفَقةِ على قَدرِ حاجتِها، وقد ثبت عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما يدُلُّ على وجوبِ العَدلِ بين الزَّوجاتِ، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَعدِلُ بينَهنَّ ويقولُ: «اللهُمَّ، هذا قَسمي فيما أملِكُ، فلا تلُمْني فيما تَملِكُ ولا أملِكُ»). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (21/237). ، وابنِ عُثيمين [924]     قال ابنُ عثيمين: (أوجِّهُ نَصيحةً إلى هذا الزَّوجِ الذي مَنَّ الله تعالى عليه بالقُدرةِ على الجَمعِ بينَ امرأتينِ، وأقولُ له: إنَّ العَدلَ عليه واجِبٌ في كُلِّ ما يستطيعُ؛ مِن النَّفَقةِ والمبيتِ وغيرِ ذلك، كُلُّ ما يستطيعُ يجِبُ عليه أن يَعدِلَ بين زوجاتِه فيه، فإن لم يفعَلْ فقد قال النبيُّ صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم: «مَن كان له امرأتانِ فمال إلى إحداهما، جاء يومَ القيامةِ وشِقُّه مائِلٌ». لكِنْ هنالك أشياءُ لا يتمكَّنُ الإنسانُ مِن العَدلِ فيها، وهي المحبَّةُ؛ فإنَّ الإنسانَ لا يستطيعُ أن يضَعَ محبَّةَ شَخصٍ في قَلبِه أو بُغضَ شَخصٍ في قَلبِه، لكِنْ هنالك مُؤثِّراتٌ تُوجِبُ المحبَّةَ أو توجِبُ البَغضاءَ؛ فعلى الرَّجُلِ الجامِعِ بين زوجتَينِ أو أكثَرَ أن يعدِلَ بينهما فيما يمكِنُ العَدلُ فيه؛ مِن المعامَلةِ الظَّاهرةِ؛ كالمَبيتِ، والإنفاقِ، والبَشاشةِ، وما أشبَهَ ذلك). ((فتاوى نور على الدرب)) (10/271). وقال: (يقولُ الفُقَهاءُ رَحِمَهم الله: أمَّا في النَّفَقةِ الواجِبةِ فواجِبٌ، وما عدا ذلك فليس بواجبٍ؛ لأنَّ الواجِبَ هو الإنفاقُ، وقد قام به، وما عدا ذلك فإنَّه لا حرَجَ عليه فيه، لكِنْ هذا القَولُ ضعيفٌ، والصَّوابُ أنَّه يجِبُ أن يعدِلَ بين زوجاتِه في كُلِّ شًيءٍ يَقدِرُ عليه؛ لِقَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «من كان له امرأتانِ فمال إلى إحداهما، جاء يومَ القيامةِ وشِقُّه مائِلٌ»). ((الشرح الممتع)) (12/429). ، وبه أفتَت اللَّجنةُ الدَّائِمةُ [925]     جاء في فتاوى اللَّجنةِ الدَّائمةِ: (العَدلُ الواجِبُ بين الزَّوجاتِ هو فيما يَستطيعُه الإنسانُ؛ من النَّفَقةِ، والمسكَنِ، والكِسوةِ، والمَبيتِ. وما لا يستطيعُه مِن المحبَّةِ والمَيلِ القَلبيِّ لا يُؤاخَذُ عليه). ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (19/200). . الدَّليلُ مِنَ السُّنَّةِ:عن أبي هُرَيرةَ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن كانت له امرأتانِ فمال إلى إحداهما، جاء يومَ القيامةِ وشِقُّه مائِلٌ)) [926]     أخرجه أبو داود (2133) واللفظ له، والنسائي (3942)، وابن ماجه (1969)، وأحمد (10090). صَحَّحه ابن دقيق في ((الاقتراح)) (92)، وصَحَّح إسناده ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (2/185)، وابنُ حجر في ((بلوغ المرام)) (315)، وأحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (15/78)، وصَحَّح الحديثَ ابن باز في ((فتاوى نور على الدرب)) (21/355)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2133). . وَجهُ الدَّلالةِ:الحديثُ فيه دليلٌ على وُجوبِ العَدلِ بينَ الضَّرائِرِ، وأنَّه يَحرُمُ مَيلُ الزَّوجِ لإحداهنَّ مَيلًا يكونُ معه بَخسٌ لحَقِّ الأُخرى، وهو عامٌّ [927]     ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (16/190). ويُنظر: ((الإقناع)) لابن المنذر (1/311)، ((عون المعبود وحاشية ابن القيم)) (6/121)، ((فتح ذي الجلال والإكرام)) لابن عثيمين (4/632). . انظر أيضا: المَبحثُ الأوَّلُ: حُكمُ النَّفَقةِ على الزَّوجةِ [835]     الأصلُ في النَّفَقةِ على الزَّوجةِ تَلبيةُ حاجتِها بالمعروفِ فيما تحتاجُ إليه من أدواتِ التَّنظيفِ، والأثاثِ، وأدواتِ الزِّينةِ، وغَيرِها، وحاجةُ الزَّوجةِ تختَلِفُ مِن عَصرٍ لآخَرَ، ومِن بِيئةٍ لأخرى، ومِن رَجُلٍ لآخَرَ. قال ابنُ عادل في بيانِ أنَّ نَفَقةَ الزَّوجةِ غَيرُ مُقَدَّرةٍ، وأنَّ المرجِعَ فيها هو العُرفُ: (الكفايةَ بالمعروفِ تتنَوَّعُ بحالِ الزَّوجةِ في حاجتِها، وبتنَوُّعِ الزَّمانِ والمكانِ، وبتنَوُّعِ حالِ الزَّوج في يَسارِه وإعسارِه؛ فليست كِسوةُ القصيرةِ الضَّئيلةِ ككِسوةِ الطَّويلةِ الجَسيمةِ، ولا كِسوةُ الشِّتاءِ ككِسوةِ الصَّيفِ، ولا كفايةُ طَعامِ الشِّتاءِ مِثلَ طَعامِ الصَّيفِ، ولا طعامُ البلادِ الحارَّةِ كالباردةِ، ولا المعروفُ في بلادِ التَّمرِ والشَّعيرِ كالمعروفِ في بلادِ الفاكِهةِ والخُبزِ). ((اللباب في علوم الكتاب)) (19/175). وقال القَنُّوجي: (هذا -أي: العُرفُ- يختلِفُ باختلافِ الأزمِنةِ والأمكِنةِ، والأحوالِ والأشخاصِ؛ فنَفَقةُ زمنِ الخِصبِ المعروفُ فيها غيرُ المعروفِ في زمنِ الجَدبِ، ونَفَقةُ أهلِ البوادي المعروفُ فيها ما هو الغالِبُ عندهم، وهو غيرُ المعروفِ مِن نَفَقةِ أهلِ المدُنِ، وكذلك المعروفُ من نَفَقةِ الأغنياءِ على اختلافِ طبقاتِهم غيرُ المعروفِ مِن نَفَقةِ الفُقراءِ، والمعروفُ مِن نَفَقةِ أهلِ الرِّياساتِ والشَّرَفِ غيرُ المعروفِ مِن نَفَقةِ أهلِ الوَضاعاتِ؛ فليس المعروفُ المشارُ إليه في الحديثِ هو شيءٌ متَّحِدٌ، بل مختلِفٌ باختلافِ الاعتبارِ). ((الروضة الندية)) (2/76). وقال السعدي في قول الله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا [الطَّلاق: 7]، (فأمر الله تعالى بالإنفاق على الزَّوجات على قدر طاقة الزَّوج ويساره). ((تفسير السعدي)) (ص: 872). وقال ابنُ عثيمين: (الحقوقُ المُطْلَقةُ الموكولةُ إلى العُرفِ: هذه تَختَلِفُ باختِلافِ الأعرافِ). ((فتاوى نور على الدرب)) (10/279). . المَبحَثُ الثَّاني: مِقدارُ النَّفَقةِ على الزوجة. المَبحَثُ الثَّالِثُ: الإعسارُ بالنَّفَقةِ    . المَبحَثُ الرَّابِعُ: وَقتُ النَّفَقةِ.

تجِبُ النَّفَقةُ للمَرأةِ وإن كان زَوجُها غائِبًا عنها.الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقال اللهُ تبارك وتعالى: قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ الأحزاب: 50.وَجهُ الدَّلالةِ:في الآيةِ دَليلٌ على وُجوبِ النَّفَقةِ على الزَّوجاتِ، ويَستوي فيه الحاضِرُ والغائِبُ [940]     ((تفسير الإمام الشافعي)) (3/1212). .ثانيًا: مِنَ الإجماعِنَقَل الإجماعَ على ذلك: الإمامُ الشَّافعيُّ [941]     قال الشافعي: (جعل رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على الزَّوجِ نَفَقةَ امرأتِه، وحَكَم اللهُ عَزَّ وجَلَّ بين الزَّوجَينِ أحكامًا، منها: اللِّعانُ، والظِّهارُ، والإيلاءُ، ووقوعُ الطَّلاقِ... فلم يختَلِفِ المسلِمونَ -فيما عَلِمْتُه- في أنَّ ذلك لكُلِّ زَوجةٍ على كُلِّ زَوجٍ غائبٍ وحاضِرٍ). ((الأم)) (5/255). ، وابنُ المُنذِرِ [942]     قال ابنُ المنذر: (نَفَقةُ الزَّوجةِ واجِبةٌ بالكتابِ والسُّنَّةِ والاتِّفاقِ، ولا يزولُ ما وَجَب بالحُجَجِ التي ذكَرْناها إلَّا بسُنَّةٍ أو اتِّفاقٍ، ولا نعلَمُ شيئًا يدُلُّ على سُقوطِ نَفَقةِ الزَّوجةِ إلَّا النَّاشِزَ المُمتَنِعةَ؛ فنَفَقةُ الزَّوجةِ واجِبةٌ على الزَّوجِ غائبًا كان الزَّوجُ أو حاضِرًا). ((الإشراف)) (5/160). ، وشَيخي زادَه [943]     قال شَيخي زادَه: («تجِبُ النَّفَقةُ والكِسْوةُ»... «للزَّوجةِ على زَوجِها» سواءٌ كان فقيرًا أو غنيًّا، حاضِرًا أو غائبًا؛ ثبت ذلك بالكتابِ والسُّنَّة والإجماعِ). ((مجمع الأنهر)) (1/485). ، والحطَّابُ [944]     قال الحطاب: (لم يختَلِفوا أنَّ من غاب عن امرأتِه قبل الدُّخولِ غَيبةً بَعيدةً: أنَّه يُحكَمُ لها بالنَّفَقةِ في مالِه). ((مواهب الجليل)) (5/543). ، والدُّسوقيُّ [945]     قال الدسوقي: (نَفَقةُ الأبَوَينِ والأولادِ، كنَفَقةِ الزَّوجةِ؛ مِن جِهةِ فَرضِها في مالِ الغائِبِ وودَيعتِه ودَينِه، باتِّفاقٍ). ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (2/520). .ثالثًا: مِنَ الآثارِعن ابنِ عُمَرَ: (أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ تعالى عنه كتَبَ إلى أُمراءِ الأجنادِ في رجالٍ غابوا عن نسائِهم، يأمُرُهم أن يأخُذوهم أن يُنفِقوا أو يُطَلِّقوا، فإنْ طَلَّقوا بَعَثوا بنَفَقةِ ما حَبَسوا) [946]     أخرجه الشافعي في ((الأم)) (6/236)، والبيهقي (16124). ذكر ثبوتَه الشافعي في ((الأم)) (5/339)، وجوَّد إسنادَه ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (2/243). .رابعًا: لأنَّها استحَقَّت النَّفَقةَ بالتَّمكينِ، ولم يُوجَدْ منها ما يُسقِطُه [947]     ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (3/230). . انظر أيضا: المَبحثُ الأوَّلُ: حُكمُ النَّفَقةِ على الزَّوجةِ [835]     الأصلُ في النَّفَقةِ على الزَّوجةِ تَلبيةُ حاجتِها بالمعروفِ فيما تحتاجُ إليه من أدواتِ التَّنظيفِ، والأثاثِ، وأدواتِ الزِّينةِ، وغَيرِها، وحاجةُ الزَّوجةِ تختَلِفُ مِن عَصرٍ لآخَرَ، ومِن بِيئةٍ لأخرى، ومِن رَجُلٍ لآخَرَ. قال ابنُ عادل في بيانِ أنَّ نَفَقةَ الزَّوجةِ غَيرُ مُقَدَّرةٍ، وأنَّ المرجِعَ فيها هو العُرفُ: (الكفايةَ بالمعروفِ تتنَوَّعُ بحالِ الزَّوجةِ في حاجتِها، وبتنَوُّعِ الزَّمانِ والمكانِ، وبتنَوُّعِ حالِ الزَّوج في يَسارِه وإعسارِه؛ فليست كِسوةُ القصيرةِ الضَّئيلةِ ككِسوةِ الطَّويلةِ الجَسيمةِ، ولا كِسوةُ الشِّتاءِ ككِسوةِ الصَّيفِ، ولا كفايةُ طَعامِ الشِّتاءِ مِثلَ طَعامِ الصَّيفِ، ولا طعامُ البلادِ الحارَّةِ كالباردةِ، ولا المعروفُ في بلادِ التَّمرِ والشَّعيرِ كالمعروفِ في بلادِ الفاكِهةِ والخُبزِ). ((اللباب في علوم الكتاب)) (19/175). وقال القَنُّوجي: (هذا -أي: العُرفُ- يختلِفُ باختلافِ الأزمِنةِ والأمكِنةِ، والأحوالِ والأشخاصِ؛ فنَفَقةُ زمنِ الخِصبِ المعروفُ فيها غيرُ المعروفِ في زمنِ الجَدبِ، ونَفَقةُ أهلِ البوادي المعروفُ فيها ما هو الغالِبُ عندهم، وهو غيرُ المعروفِ مِن نَفَقةِ أهلِ المدُنِ، وكذلك المعروفُ من نَفَقةِ الأغنياءِ على اختلافِ طبقاتِهم غيرُ المعروفِ مِن نَفَقةِ الفُقراءِ، والمعروفُ مِن نَفَقةِ أهلِ الرِّياساتِ والشَّرَفِ غيرُ المعروفِ مِن نَفَقةِ أهلِ الوَضاعاتِ؛ فليس المعروفُ المشارُ إليه في الحديثِ هو شيءٌ متَّحِدٌ، بل مختلِفٌ باختلافِ الاعتبارِ). ((الروضة الندية)) (2/76). وقال السعدي في قول الله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا [الطَّلاق: 7]، (فأمر الله تعالى بالإنفاق على الزَّوجات على قدر طاقة الزَّوج ويساره). ((تفسير السعدي)) (ص: 872). وقال ابنُ عثيمين: (الحقوقُ المُطْلَقةُ الموكولةُ إلى العُرفِ: هذه تَختَلِفُ باختِلافِ الأعرافِ). ((فتاوى نور على الدرب)) (10/279). . المَبحَثُ الثَّاني: مِقدارُ النَّفَقةِ على الزوجة. المَبحَثُ الثَّالِثُ: الإعسارُ بالنَّفَقةِ    . المَبحَثُ الرَّابِعُ: وَقتُ النَّفَقةِ.