عدد الزوار 8 التاريخ Monday, July 14, 2025 8:02 PM
فَأَجَابَ: الأَصْلُ فِي هَذَا العَمَلِ وَمَا أَشْبَهَهُ أَنَّهُ إِنْ كَانَ مِنْ بَابِ إِزَالَةِ عَيْبٍ فَهُوَ جَائِزٌ، وَمَا كَانَ مِنْ بَابِ الزِّينَةِ فَهُوَ حَرَامٌ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ تَغْيِيرِ خَلْقِ اللهِ.
وَدَلِيلُ ضَابِطِ الجَائِزِ - وَهُوَ مَا كَانَ لِإِزَالَةِ العَيْبِ - مَا ثَبَتَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ طَرَفَةَ، أَنَّ جَدَّهُ عَرْفَجَةَ بْنَ أَسْعَدَ قُطِعَ أَنفُهُ يَوْمَ الكُلَابِ، فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ، فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ.
وَدَلِيلُ ضَابِطِ التَّحْرِيمِ - وَهُوَ مَا كَانَ لِلزِّينَةِ - قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: (وَإِن يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَّرِيدًا (117) لَّعَنَهُ اللَّهُ ۘ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا) (النساء: ١١٧-١١٩)
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَعَنَ الْواصِلَةَ وَالمُسْتوصِلَةَ، والْوَاشِمَة والمُستَوشِمة" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنِ ابْنِ مَسعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: "لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالمُسْتَوْشِمَاتِ وَالمُتَنَمِّصَاتِ، وَالمُتَفلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، المُغَيِّراتِ خَلْقَ اللَّهِ"، فَقَالَتْ لَهُ امْرأَةٌ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: "وَمَا لِي لَا ألْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُو فِي كِتَابِ اللَّه؟! قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) [الحشر:7]" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَثَبَتَ عَنْ مَسْرُوقٍ، أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَتْ: أُنْبِئْتُ أَنَّكَ تَنْهَى عَنِ الْوَاصِلَةِ، قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَتْ: أَشَيْءٌ تَجِدُهُ فِي كِتَابِ اللهِ، أَمْ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فَقَالَ: أَجِدُهُ فِي كِتَابِ اللهِ، وَعَنْ رَسُولِ اللهِ، فَقَالَتْ: وَاللهِ لَقَدْ تَصَفَّحْتُ مَا بَيْنَ دَفَّتَيِ الْمُصْحَفِ، فَمَا وَجَدْتُ فِيهِ الَّذِي تَقُولُ، قَالَ: فَهَلْ وَجَدْتِ فِيهِ: (مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) [الحشر: ٧] ، قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "نَهَى عَنْ النَّامِصَةِ وَالْوَاشِرَةِ وَالْوَاصِلَةِ وَالْوَاشِمَةِ إِلَّا مِنْ دَاءٍ"، قَالَتِ الْمَرْأَةُ: فَلَعَلَّهُ فِي بَعْضِ نِسَائِكَ؟ قَالَ لَهَا: ادْخُلِي، فَدَخَلَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ، فَقَالَتْ: مَا رَأَيْتُ بَأْسًا، قَالَ: مَا حَفِظْتُ إِذًا وَصِيَّةَ الْعَبْدِ الصَّالِحِ: (وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ) [هود: ٨٨]" رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا.
وَعَنْ أسْمَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ امْرأَةً سَأَلَتِ النَّبِيَّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ ابْنَتِي أَصَابَتْهَا الْحَصْبَةُ، فَتَمَرَّقَ شَعْرُهَا، وَإِنِّي زَوَّجْتُهَا، أَفَأَصِلُ فِيهِ؟ فقالَ: "لَعَنَ اللَّهُ الْواصِلَةَ وَالْمَوصُولَةَ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي رِوَايَةٍ: "الوَاصِلَةَ وَالمُسْتَوْصِلَةَ".
وَعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ: «أَنْ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ تَزَوَّجَ امْرَأَةً سَقَطَ شَعْرُهَا، فَسُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْوِصَالِ؛ فَلَعَنَ الْوَاصِلَةَ وَالْمَوْصُولَةَ». قَالَ الهَيْثَمِيُّ: رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْفَضْلُ بْنُ دَلْهَمٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ، وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ.
وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَلْعَنُ الْقَاشِرَةَ وَالْمَقْشُورَةَ». قَالَ الهَيْثَمِيُّ: رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ مِنَ النِّسَاءِ.