يُشترَطُ في الصَّائدِ أنْ يَكونَ عاقلًا، وهو مذهبُ الجمهورِ: الحَنَفيَّةِ [85] لكنْ أَجازوا ذبيحةَ وصَيْدَ الصَّبيِّ والمجنونِ إذا كانا يَعْقِلانِ التَّسميةَ. ((الدر المختار وحاشية ابن عابدين)) (6/297، 463، 465)، ((الفتاوى الهندية)) (5/421).   ، والمالكيَّةِ [86] ((التاج والإكليل)) للموَّاق (3/214)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/590)، ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخَرَشي (3/9).   ، والحنابلةِ [87] لأنَّه يُشترَطُ عندَهم للصَّيْدِ ما يُشترَطُ للذَّكاةِ، وقد نَصُّوا على عَدمِ جَوازِ ذبيحةِ الطِّفلِ غيرِ المُميِّزِ، والمجنونِ. ((الإقناع)) للحَجَّاوي (4/323)، ((المبدع)) لابن مفلح (9/204)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قُدامةَ (9/402).   ، ووجْهٌ عند الشَّافعيَّةِ [88] ((المجموع)) للنَّووي (9/77)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/267)، ((نهاية المحتاج)) للرَّمْلي (8/113).   ؛ وذلك لأنَّ الذَّكاةَ يُعتبَرُ لها القَصْدُ، فيُعتبَرُ لها العقلُ، كالعِبادةِ، فإنَّ مَن لا عقلَ له لا يَصِحُّ منه القَصْدُ كالغُسْلِ [89] ((كشَّاف القِناع)) للبُهُوتي (6/204).   ، فيَصيرُ ذَبْحُه كما لو وقَعَتِ الحديدةُ بنفْسِها على حَلْقِ شاةٍ فذَبَحَتْها، والصَّيْدُ كالذَّبْحِ [90] ((المغني)) لابن قُدامةَ (9/402).   . انظر أيضا: المبحث الثَّاني: أنْ يَكونَ مُمَيِّزًا. المبحث الثَّالث: أنْ يَكُونَ مسْلمًا أو كِتابيًّا. المبحث الرَّابع: حُكْمُ التَّسميةِ عند الإرسالِ أوِ الرَّمْيِ ووقْتُها. المبحث الخامس: إرسالُ الجارِحةِ أوِ الآلةِ قاصِدًا الصَّيْدَ.

 يَحِلُّ أَكلُ صَيْدِ الصَّبيِّ المُمَيِّزِ، وذلك باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّةِ [91] قَيَّدَه الحَنفيَّةُ بما إذا كان يَعْقِلُ الذَّبحَ والتَّسميةَ. ((الفتاوى الهندية)) (5/421)، ((الدر المختار وحاشية ابن عابدين)) (6/297).   ، والمالِكيَّةِ [92] ((التاج والإكليل)) للموَّاق (3/214)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/590)، ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخَرَشي (3/9).   ، والشَّافِعيَّةِ [93] ((المجموع)) للنَّووي (9/77)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/267).   ، والحنابلةِ [94] ((المبدع)) لابن مفلح (9/204) و(8/23)، ((الإقناع)) للحَجَّاوي (4/323)، ((كشَّاف القِناع)) للبُهُوتي (6/205) ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامةَ (11/52).   ؛ وذلك لأنَّ قَصْدَه صحيحٌ، بدليلِ صِحَّةِ العِبادةِ منه إنْ كان مسْلمًا [95] ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/267)، ويُنظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/553).   . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: أنْ يكونَ عاقِلًا. المبحث الثَّالث: أنْ يَكُونَ مسْلمًا أو كِتابيًّا. المبحث الرَّابع: حُكْمُ التَّسميةِ عند الإرسالِ أوِ الرَّمْيِ ووقْتُها. المبحث الخامس: إرسالُ الجارِحةِ أوِ الآلةِ قاصِدًا الصَّيْدَ.

مِن شروطِ الصَّائدِ: إرسالُه للجارِحةِ أوِ الآلةِ قاصِدًا الصَّيْدَ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّةِ [137] ((الهداية)) للمَرْغِيناني (4/121)، ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلعي (6/56)، ((البحر الرائق)) لابن نُجَيْم (8/251)، ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/58،57).   ، والمالِكيَّةِ [138] ((التاج والإكليل)) للموَّاق (3/215)، ((مواهب الجليل)) للحَطَّاب (4/324، 325)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (2/104)، ويُنظر: ((الجامع لمسائل المدونة)) لابن يونس (5/754).   ، والشَّافِعيَّةِ [139] ((المجموع)) للنَّووي (9/103)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهَيْتَمي (9/332)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/276). ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوَرْدي (15/20، 21).   ، والحنابلةِ [140] ((الفروع)) لابن مفلح (10/418)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (8/51)، ((كشَّاف القِناع)) للبُهُوتي (6/224)، ((مطالب أولي النُّهى)) للرُّحيباني (6/351)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قُدامةَ (9/368).   ، وهو قولُ بعضِ السَّلفِ في إرسالِ الجارِحةِ [141] وقال النَّووي: (وبه قال ربيعةُ، ومالِكٌ، وأبو حنيفةَ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنذِرِ. قال العَبْدَريُّ: هو قولُ الفقهاءِ كافَّةً). ((المجموع)) (9/103).   .الأدلَّة:أولًا: مِنَ السُّنَّةِعن عَدِيِّ بنِ حاتمٍ، قال: قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : ((إذا أَرسَلْتَ كلبَكَ المُعَلَّمَ، وذَكَرْتَ اسمَ اللهِ عليه، فكُلْ)) [142] أخرجه البخاري (5483)، ومسلم (1929) واللَّفظ له.   .ثانيًا: أنَّ إرسالَ الجارِحةِ جُعِلَ بمنزلةِ الذَّبحِ؛ ولهذا اعتُبِرَتِ التَّسميةُ معه [143] ((المغني)) لابن قُدامةَ (9/368).   .ثالثًا: أنَّ الكلْبَ والبازِيَ والسَّهمَ والرُّمحَ آلَةٌ، والذَّبحُ لا يَحصُلُ بمُجرَّدِ الآلَةِ، وإنَّما يَحصُلُ باستِعمالِها؛ فيُشترَطُ أنْ يُنسَبَ الإرسالُ إلى الصَّائدِ [144] ((البناية)) للعَيْني (12/415).   .رابعًا: أنَّ الاعتِبارَ بفِعلِ الآدَميِّ المُضافِ إلى فِعْلِ البهيمةِ، كما لو عَدَا على آدَميٍّ فأَغراه عليهِ فأَصابَه؛ ضَمِنَ [145] ((الفروع)) لابن مفلح (10/418).   .خامسًا: أنَّ قتْلَ الصَّيْدِ أَمْرٌ يُعتبَرُ له الدِّينُ؛ فاعتُبِرَ له القَصْدُ كطَهارةِ الحَدَثِ [146] ((مطالب أولي النهى)) للرُّحيباني (6/351).   .سادسًا: أنَّه بعَدَمِ قصْدِه أَشبَهَ مَن نَصَبَ سِكِّينًا، فانذَبَحَتْ بها شاةٌ؛ فلم تَحِلَّ [147] ((المغني)) لابن قُدامةَ (9/371).   . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: أنْ يكونَ عاقِلًا. المبحث الثَّاني: أنْ يَكونَ مُمَيِّزًا. المبحث الثَّالث: أنْ يَكُونَ مسْلمًا أو كِتابيًّا. المبحث الرَّابع: حُكْمُ التَّسميةِ عند الإرسالِ أوِ الرَّمْيِ ووقْتُها.

يُباحُ أكْلُ ما أَصابَ الصَّائِدُ إنْ رَمَى جماعةً مِنَ الصَّيْدِ ونَوَى أيَّها أَصابَ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّةِ [208] ((المبسوط)) للسَّرَخْسي (11/203)، ويُنظَر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/50).   ، والمالِكيَّةِ [209] المالكيَّةُ لهم تفصيلٌ في ذلك، وهو: إنْ نَوَى حالَ الرَّميِ واحدةً بعَيْنِها فأصاب غيرَها لا يَأكُلُ، أو إنْ أَرسَلَ على جماعةٍ يَنويها، ولم يَنْوِ غيرَها لم يُؤْكَلْ ما أخذ مِن غيرِها. يُنظر: ((التاج والإكليل)) للموَّاق (3/216)، ((مواهب الجليل)) للحَطَّاب (4/324).   ، والشَّافِعيَّةِ [210] ((المجموع)) للنَّووي (9/119، 120)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهَيْتَمي (9/333).   ، والحنابلةِ [211] ((الإنصاف)) للمَرْداوي (10/327)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قُدامةَ (9/380)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامةَ (11/36).   ، وهو قولُ بعضِ السَّلفِ [212] قال شمس الدين ابن قُدامةَ: (وبه قال الثَّوريُّ، وقَتادةُ، وأبو حنيفةَ، والشَّافِعيُّ). ((الشرح الكبير)) (11/36).   ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [213] قال النَّوويُّ: (ولو رَمَى إلى سِرْبٍ مِنَ الظِّباءِ أو أَرسَلَ عليها كلبًا فأصاب واحدةً منها فقَتَلَها، فهي حلالٌ بلا خِلافٍ). ((المجموع)) (9/119). وقال المَرْداويُّ: (قولُه: ((وإنْ رَمَى صَيْدًا فأَصابَ غيرَه، أو رَمَى صَيْدًا فقَتَل جماعةً، حَلَّ الجميعُ)) بلا نِزاعٍ أَعْلَمُه). ((الإنصاف)) (10/327). وقال الزُّرْقاني: (وأمَّا السِّلاحُ إذا أصاب مُتَعدِّدًا فإنَّ الجميعَ يُؤْكَلُ بلا خِلافٍ اهـ. أي: بشرطِ نيَّةِ الجميعِ أيضًا). ((شرح الزُّرْقاني على مختصر خليل)) (3/19). .الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكتابقولُه تعالى: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ [المائدة: 4].وجهُ الدَّلالةِ:أنَّ اللهَ تعالى أَباحَ ما أَمسكَ عليْنا مِنَ الصَّيْدِ، وهو عامٌّ في كلِّ صَيْدٍ [214] ((المغني)) لابن قُدامةَ (9/377).   .ثانيًا: مِنَ السُّنَّة1- قولُه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : ((إذا أَرسلْتَ كلبَكَ، وذَكَرْتَ اسمَ اللهِ عليه، فكُلْ ممَّا أَمسَكَ عليك)) [215] أخرجه البخاري (5476)، ومسلم (1929) واللَّفظ له.   .وجهُ الدَّلالةِ:أَباحَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ الصَّيْدَ إذا أَرسَلَ الكلبَ وسَمَّى اللهَ، وهو عامٌّ في كلِّ إرسالٍ [216] ((المغني)) لابن قُدامةَ (9/377).   .2- قولُه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ((وما صِدْتَ بقَوْسِكَ فذَكَرْتَ اسمَ اللهِ، فكُلْ)) [217] أخرجه البخاري (5478)، ومسلم (1930).   .3- قولُه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : ((إذا أَصابَ بحَدِّه، فكُلْ)) [218] أخرجه البخاري (2054)، ومسلم (1929).   .وجهُ الدَّلالةِ:عَمَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ولم يَخُصَّ أنْ يَقصِدَ صَيْدًا مِنَ الجملةِ بعَيْنِه [219] ((المحلى)) لابن حزم (6/159).   .ثالثًا: أنَّ التَّعيينَ في الاصطيادِ ليس في وُسْعِه، بخِلافِ التَّعيينِ في الذِّبحِ؛ فإنَّه في وُسْعِه [220] ((المبسوط)) للسَّرَخْسي (11/203).   . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: أنْ يكونَ عاقِلًا. المبحث الثَّاني: أنْ يَكونَ مُمَيِّزًا. المبحث الثَّالث: أنْ يَكُونَ مسْلمًا أو كِتابيًّا. المبحث الرَّابع: حُكْمُ التَّسميةِ عند الإرسالِ أوِ الرَّمْيِ ووقْتُها.