يُستحبُّ أن يَخرُجَ متجمِّلًا لصلاةِ العيدِ على أحسنِ هيئةٍ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة [6628] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/224)، ((البناية)) للعيني (3/121). ، والمالِكيَّة [6629] ((الكافي)) لابن عبد البر (1/264)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/396). ، والشافعيَّة [6630] ((المجموع)) للنووي (5/8)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/312). ، والحَنابِلَة [6631] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/51)، ويُنظر: ((حاشية الروض المربع)) لابن قاسم (2/501). .الأدلَّة:أولًا: من الكِتابقال اللهُ تعالى: يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [الأعراف: 31].ثانيًا: من السُّنَّةأنَّ عُمرَ بنَ الخَطَّابِ رأى عُطَاردًا التَّميميَّ يَبيعُ حُلَّةً مِن دِيباجٍ، فأتى رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: يا رسولَ الله، إنِّي رأيت عطاردًا يَبيعُ حُلَّةً من دِيباج، فلو اشتريتها فلبستَها للوفودِ وللعيدِ وللجُمُعة؟ فقال: ((إنَّما يَلْبَسُ الحريرَ مَن لا خَلاقَ له)) رواه البخاري (6081)، ومسلم (2068) .وَجْهُ الدَّلالَةِ: أنَّ الحديثَ يدلُّ على أنَّ التجمُّلَ للعيدِ كان أمرًا معتادًا بينهم ((فتح الباري)) لابن رجب (6/67). .ثالثًا: عن نافعٍ: (أنَّ ابنَ عُمرَ كان يَلبَسُ في العيدينِ أحسنَ ثِيابِه) رواه الحارث ابن أبي أسامة كما في ((بغية الباحث)) (207) بنحوه، والبيهقي (3/281) (6363) واللفظ له. صحَّح إسنادَه ابنُ رجب في ((فتح الباري)) (6/68)، وقال البوصيري في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (2/324): رجاله ثقات. . انظر أيضا: المَبحَثُ الأول: الأَكْلُ في يَومَيِ العِيدِ . المَبحَثُ الثاني: الغُسلُ والتطيُّبُ في يومِ العِيدِ. المَبحَثُ الرابع: التَّهنِئةُ بالعِيدِ . المَبحَثُ الخامس: التَّبسُّطُ في المباحاتِ يومَ العيدِ .

لا بأسَ بالتهنئةِ بالعيدِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّة قال ابنُ عابدين: (قال المحقِّق ابنُ أمير حاج: بل الأشبهُ أنَّها جائزةٌ مستحبَّة في الجملة، ثم ساق آثارًا بأسانيدَ صحيحة عن الصحابة في فِعل ذلك، ثم قال: والمتعامل في البلاد الشامية والمصريَّة: عيد مبارك عليك، ونحوه، وقال: يمكن أن يُلحق بذلك في المشروعيَّة والاستحباب لِمَا بينهما من التلازُم؛ فإنَّ مَن قُبلت طاعتُه في زمان، كان ذلك الزمان عليه مباركًا، على أنه قد ورد الدعاءُ بالبركة في أمور شتَّى، فيُؤخذ منه استحبابُ الدعاء بها هنا أيضًا) ((حاشية ابن عابدين)) (2/169)، وينظر: ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/171). ، والمالِكيَّة [6636]  ((التاج والإكليل)) للمواق (2/199). قال ابنُ قدامة: (عليُّ بنُ ثابت: سألتُ مالكَ بنَ أنس منذُ خمس وثلاثين سَنَة، وقال: لم يزلْ يُعرف هذا بالمدينة) ((المغني)) (2/296). وقال النفراويُّ: (ما سُئل عنه الإمامُ مالك رضي الله تعالى عنه من قول الرَّجُل لأخيه يومَ العيد: تَقبَّل الله منَّا ومنك، يُريد الصومَ وفِعلَ الخير الصادر في رمضان، غفَر الله لنا ولك؟ فقال: ما أعرِفه ولا أُنكره. قال ابن حبيب: معناه لا يعرفه سُنَّة ولا يُنكره على من يقوله؛ لأنَّه قولٌ حسن؛ لأنَّه دعاء، حتى قال الشيخ الشبيبي: يجب الإتيانُ به؛ لِمَا يترتَّب على تركه من الفتن والمقاطعة، ويدلُّ لذلك ما قالوه في القيام لمن يَقدَم عليه، ومثله قول الناس لبعضهم في اليوم المذكور: عيد مبارك، وأحياكم اللهُ لأمثاله، ولا شكَّ في جواز كلِّ ذلك، ولو قيل بوجوبه لَمَا بَعُد؛ لأنَّ الناس مأمورون بإظهار المودَّة والمحبَّة لبعضهم) ((الفواكه الدواني)) (2/652، 653). ، والشافعيَّة [6637] قال الشربينيُّ: (قال القمولي: لم أرَ لأحدٍ من أصحابنا كلامًا في التهنئة بالعيدِ والأعوام والأشهر، كما يفعله الناسُ، لكن نقَل الحافظ المنذريُّ عن الحافظ المقدسيِّ: أنه أجاب عن ذلك بأنَّ الناس لم يزالوا مختلفين فيه، والذي أراه أنه مباحٌ لا سُنَّة فيه ولا بِدعة، وأجاب الشهابُ ابن حجر بعدَ اطلاعه على ذلك بأنَّها مشروعةٌ، واحتجَّ له بأنَّ البيهقيَّ عقَد لذلك بابًا فقال: باب ما رُوي في قول الناس بعضهم لبعض في العيدِ: تقبَّل الله منَّا ومنك، وساق ما ذُكِر من أخبار وآثار ضعيفة، لكن مجموعها يحتجُّ به في مِثل ذلك، ثم قال: ويحتج لعمومِ التهنئة لِمَا يحدُث من نِعمة، أو يندفع من نِقمة بمشروعيَّة سجودِ الشُّكر والتعزية، وبما في الصَّحيحين عن كعبِ بن مالكٍ في قصَّة توبته لَمَّا تخلف عن غزوة تبوك أنَّه لَمَّا بُشِّر بقَبول توبته، ومضى إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قام إليه طلحةُ بنُ عُبَيد الله فهنَّأَه) ((مغني المحتاج)) (1/316)، ((تحفة المحتاج)) للهيتمي، مع ((حواشي الشرواني والعبادي)) (3/56). ، والحَنابِلَة [6638]  ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/60). قال ابنُ قُدامة: (قال أحمدُ: لا بأسَ أن يقولَ الرجلُ للرجل يومَ العيد: تقبَّل الله منَّا ومنك. وقال حربٌ: سُئِل أحمدُ عن قولِ الناس في العيدين: تقبَّل الله ومنكم. قال: لا بأسَ به، يَرويه أهلُ الشام عن أبي أُمامة. قيل: وواثلة بن الأسقع؟ قال: نعم. قيل: فلا تكره أنْ يُقال هذا: يوم العيد. قال: لا. وذكر ابنُ عَقيل في تهنئة العيد أحاديث، منها: أنَّ محمدَ بن زياد، قال: كنتُ مع أبي أُمامة الباهلي وغيره من أصحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فكانوا إذا رجَعوا من العيد يقول بعضُهم لبعض: تقبَّل الله منَّا ومنك. وقال أحمد: إسنادُ حديث أبي أُمامة إسنادٌ جيِّد... ورُوي عن أحمدَ أنه قال: لا أَبتدي به أحدًا، وإنْ قاله أحدٌ ردَّدتُه عليه) ((المغني)) (2/295). وقال ابنُ تيميَّة: (أمَّا التهنئةُ يومَ العيد يقول بعضهم لبعض إذا لقِيَه بعد صلاة العيد: تقبَّل الله منَّا ومنكم، وأحاله الله عليك، ونحو ذلك، فهذا قد رُوي عن طائفةٍ من الصحابة أنَّهم كانوا يفعلونه، ورخَّص فيه الأئمَّة كأحمد وغيره. لكن قال أحمد: أنا لا أبتدئ أحدًا، فإنِ ابتدأني أحدٌ أجبتُه؛ وذلك لأنَّ جواب التحيَّة واجبٌ، وأمَّا الابتداء بالتهنئة فليس سُنَّة مأمورًا بها، ولا هو أيضًا ممَّا نُهي عنه؛ فمَن فعله فله قدوة، ومن ترَكه فله قدوة ) ((مجموع الفتاوى)) (24/253). . الأدلَّة:أولًا: من الآثار قال الطحاويُّ: (لا يُعلم عن أحدٍ من الصحابة في ذلك كراهةٌ ولا إباحةٌ، غير ما رُوي عن أبي أُمامة وواثلة... وقد كان بكَّار بن قُتيبة، والمزنيُّ، وأبو جعفر بنُ أبي عمران، ويونس بن عبد الأعلى يُهنِّئون بالعيد، فيردُّون مثلَه على الداعي لهم) ((مختصر اختلاف العلماء)) (4/385). 1- عن مُحمَّد بن زِيادٍ الأَلْهانيِّ، قال: (رأيتُ أبا أُمامةَ الباهليَّ يقول في العيدِ لأصحابِه: تَقبَّلَ اللهُ مِنَّا ومِنكُم) رواه زاهرُ بن طاهر في ((تحفة عيد الفطر)) كما عزاه السيوطي ((الحاوي في الفتاوي)) (1/ 94) جوَّد إسناده الإمام أحمد كما في ((المغني)) (3/294)، وحسن إسناده الألباني في ((تمام المنة)) (355). .2- عن جُبَيرِ بنِ نُفيرٍ، قال: (كان أصحابُ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا الْتَقَوْا يومَ العيدِ يقولُ بعضهم لبعضٍ: تَقبَّلَ اللهُ مِنَّا ومِنكم) رواه زاهر بن طاهر في ((تحفة عيد الفطر)) كما عزاه السيوطي في ((الحاوي في الفتاوي)) (1/ 94) حسَّن إسنادَه ابن حجر في ((فتح الباري)) (2/517)، وصحَّح إسنادَه الألباني في ((تمام المنة)) (354). .ثانيًا: عمومُ الأدلَّةِ في مشروعيَّةِ التهنئةِ لِمَا يَحدُثُ مِن نِعمةٍ، أو يَندفِعُ من نِقمةٍ، ومِن ذلك: ما جاءَ في قِصَّة كعبِ بنِ مالكٍ لَمَّا تَخلَّفَ عن غزوةِ تبوك، فإنَّه لَمَّا بُشِّرَ بقَبولِ تَوبتِه ومضَى إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قامَ إليه طلحةُ بنُ عُبيدِ اللهِ فهَنَّأَه ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/316). . انظر أيضا: المَبحَثُ الأول: الأَكْلُ في يَومَيِ العِيدِ . المَبحَثُ الثاني: الغُسلُ والتطيُّبُ في يومِ العِيدِ. المَبحَثُ الثالث: لُبْسُ أَحسنِ الثِّيابِ يَومَ العِيدِ. المَبحَثُ الخامس: التَّبسُّطُ في المباحاتِ يومَ العيدِ .

يجوزُ يومَ العيدِ التبسُّطُ في المباحاتِ، كَلعبِ الغِلمان، وغِناءِ البَناتِ الصِّغارِ، ونحوِ ذلِك، وهذا باتِّفاقِ المذاهب الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة ((الفتاوى الهندية)) (5/352)، ويُنظر: ((شرح مشكل الآثار)) للطحاوي (4/132). ، والمالِكيَّة ((منح الجليل)) لابن عليش (1/464)، ويُنظر: ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (1/528). ، والشافعيَّة [6645] ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/429)، ويُنظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (4/345). ، والحَنابِلَة [6646] ((كشاف القناع)) للبهوتي (4/48) (5/183)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (3/701). .الأَدِلَّةُ مِنَ السُّنَّة:1- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((دخل عليَّ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وعندي جاريتانِ تُغنِّيانِ بغِناءِ بُعاث قال الخَطَّابيُّ: (بعاث: يومٌ مشهورٌ من أيَّام العرب، كانتْ فيه مَقتلَةٌ عظيمة للأوس على الخزرج، وبقيتِ الحربُ قائمةً بينهما إلى أن قام الإسلام مئةً وعشرين سَنَة، فيما ذكَره محمد بنُ إسحاق بن يسار وغيرُه) ((أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري)) (1/ 591). ، فاضطجعَ على الفِراشِ، وحَوَّلَ وجهَه، ودخَل أبو بكر، فانْتَهَرني، وقال: مِزمارةُ الشيطانِ عندَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأقبل عليه رسولُ اللهِ عليه السلام، فقال: دَعْهُما، فلمَّا غفَل غمزتُهما فخرجتَا، وكان يومَ عيدٍ، يَلعَبُ السودانُ بالدَّرقِ والحِراب، فإمَّا سألتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وإمَّا قال: تَشْتَهينَ تَنظُرينَ؟ فقلت: نعمْ، فأقامني وراءَه، خدِّي على خدِّه، وهو يقولُ: دُونَكم يا بَنِي أَرْفِدَةَ، حتى إذا مَلِلتُ، قال: حسبُكِ؟ قلتُ: نعمْ، قال: فاذْهَبِي)) رواه البخاري (2906، 2907)، ومسلم (892). .2- عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((قدِمَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المدينةَ ولهم يومانِ يَلعُبون فيهما، فقال: قدْ أبدَلَكم اللهُ تعالى بهما خيرًا منهما: يومَ الفِطرِ، والأَضْحى)) رواه أبو داود (1134)، والنسائي (3/179)، وأحمد (3/250) (13647). قال ابنُ تيميَّة في ((اقتضاء الصراط المستقيم)) (1/485): إسنادُه على شرْط مسلمٍ، وصحَّح إسنادَه النوويُّ في ((الخلاصة)) (2/819)، وابن الملقِّن في ((شرح البخاري)) (8/52)، وابن حجر في ((فتح الباري)) (2/513)، والصنعاني في ((العدة على الإحكام)) (2/540)، وصحَّح الحديثَ الألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود)) (1134). . انظر أيضا: المَبحَثُ الأول: الأَكْلُ في يَومَيِ العِيدِ . المَبحَثُ الثاني: الغُسلُ والتطيُّبُ في يومِ العِيدِ. المَبحَثُ الثالث: لُبْسُ أَحسنِ الثِّيابِ يَومَ العِيدِ. المَبحَثُ الرابع: التَّهنِئةُ بالعِيدِ .