الفرعُ الأوَّلُ: مشروعيَّةُ التكبيرِ في عيدِ الأضحىيُشرَعُ التكبيرُ في عيدِ الأَضْحى. الأدلَّة:أولًا: من الكِتاب1- قال اللهُ تعالى: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ [البقرة: 203].عن ابنِ عبَّاس رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((الأيَّام المعدودات: أيَّامُ التشريقِ؛ أربعة أيَّام: يوم النَّحر، وثلاثة أيَّام)) ورُوي مثل ذلك أيضًا: عن ابنِ عُمر، وابن الزُّبير، وأبي موسى، وعطاء، ومجاهد، وعِكرمة، وسعيد ابن جُبَير، وأبي مالك، وإبراهيم النَّخَعي، ويحيى بن أبي كثير، والحسن، وقتادة، والسُّدِّي، والزهري، والربيع بن أنس، والضحَّاك، ومقاتلُ بن حيَّان، وعطاء الخُراساني، ومالكُ بن أنس، وغيرُهم مثل ذلك. قال ابنُ كثير: (هو المشهورُ، وعليه دلَّ ظاهر الآية الكريمة؛ حيث قال: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ **البقرة: 203**، فدلَّ على ثلاثةٍ بعدَ النَّحر) ((تفسير ابن كثير)) (1/561). .2- قال تعالى: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ [الحج: 28].عن ابن عبَّاس رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: (الأيَّام المعلومات: أيَّامُ العَشرِ «يعني: العَشر الأُوَل من ذي الحجَّة») رواه البخاري معلقًا بصيغة الجزم قبل حديث رقم (969)، ورواه موصولًا البيهقيُّ (5/228) (10439). صحَّحه البيهقيُّ في ((شعب الإيمان)) (3/1383)، وصحَّح إسنادَه النوويُّ في ((المجموع)) (8/382)، وابن الملقِّن في ((البدر المنير)) (6/430)، وابنُ حجر في ((التلخيص الحبير)) (3/941)، وقال الشوكانيُّ في ((نيل الأوطار)) (3/384): رُوي موصولًا. . 3- قال تعالى في سِياق ذِكر الهَدايا: كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ [الحج: 37] ((فتح الباري)) لابن رجب (6/134). .ثانيًا: من السُّنَّة عن أمِّ عطيةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((كنَّا نُؤمَرُ بالخروجِ في العِيدَينِ، والمُخبَّأةُ، والبِكرُ. قالت: الحُيَّضُ يَخرُجْنَ فيكنَّ خلفَ الناسِ، يُكبِّرْنَ مع الناسِ)). وفي رواية: ((فيُكبِّرْنَ بتكبيرِهم)) رواه مسلم (890). والرِّواية الثانية: رواها البخاري (971). .وَجْهُ الدَّلالَةِ: أنَّ قولها: ((يُكبِّرْنَ مع النَّاس)) دليلٌ على استحبابِ التكبيرِ لكلِّ أحدٍ في العيدينِ ((شرح النووي على مسلم)) (6/179). . ثالثًا: من الآثار 1- عن عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنه: (أنَّه كان يُكبِّرُ في قُبَّتِه بمنًى، فيَسمَعُه أهلُ المسجدِ، فيُكبِّرونَ، فيكبِّرُ أهلُ الأسواقِ، حتى تَرتجَّ مِنًى تكبيرًا) رواه البخاريُّ معلَّقًا بصيغة الجزم قبلَ حديث (970)، ورواه موصولًا البيهقي (3/312) (6489). .2- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: (أنَّه كان يُكبِّرُ بمنًى تلك الأيَّامَ، وخَلْفَ الصَّلواتِ، وعلى فِراشِه، وفي فُسطاطِه ومجلسِه، وممشاه تلك الأيَّامَ جميعًا) رواه البخاري معلقًا بصيغة الجزم قبل حديث (970)، ورواه موصولًا ابن المنذر في ((الأوسط)) (4/344)، وينظر ((تغليق التعليق)) لابن حجر (2/379). .3- وكانتْ ميمونةُ رَضِيَ اللهُ عنها: (تُكبِّر يومَ النَّحرِ) رواه البخاريُّ معلقًا بصيغة الجزم قبل حديث (970)، وقال ابن حجر في ((فتح الباري)) (2/462): ولم أقِفْ على أثرها هذا موصولًا. .ثالثا: مِنَ الِإِجْماعنقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ قُدامة قال ابنُ قُدامة: (ويَبتدئ التكبيرُ يوم عرفة من صلاة الفجر، لا خِلافَ بين العلماء رحمهم الله في أنَّ التكبير مشروعٌ في عيد النحر) ((المغني)) (2/291). ، والنوويُّ قال النوويُّ: (قولها: «يُكبِّرن مع النَّاس» دليلٌ على استحبابِ التكبير لكلِّ أحد في العيدين، وهو مَجمَعٌ عليه) ((شرح النووي على مسلم)) (6/179). ، وابنُ تيميَّة قال ابنُ تيميَّة: (أمَّا التكبيرُ، فإنه مشروعٌ في عيد الأضحى بالاتِّفاق) ((مجموع الفتاوى)) (24/221). وقال أيضًا: (والتكبيرُ في عيدِ النَّحر آكَدُ من جهة أنه يُشرع أدبارَ الصلاة، وأنه متَّفق عليه) ((الفتاوى الكبرى)) (5/357). ، وابنُ رجب قال ابنُ رجب: (يُشرَع إظهارُ التكبير في الخروجِ إلى العيدين في الأمصار، وقد رُوي ذلك عن عُمرَ، وعليٍّ، وابنِ عُمر، وأبي قتادة، وعن خَلْق من التابعين ومَن بعدهم، وهو إجماعٌ من العلماء لا يُعلم بينهم فيه خلافٌ في عيد النحر، إلَّا ما رَوَى الأثرم، عن أحمد، أنَّه لا يجهرُ به في عيد النحر، ويجهر به في عيد الفطر، ولعلَّ مراده: أنه يجهرُ به في عيد النحر دون الجهرِ في عيد الفِطر؛ فإنَّ تكبيرَ عيد الفطر- عنده – آكدُ، وقد قال أبو عبد الرحمن السُّلَميُّ: كانوا في عيد الفطر أشدَّ منهم في الأضحى، يعني: في التكبير) ((فتح الباري)) (6/133). . الفرع الثاني: أنواعُ التَّكبيرِ في الأَضْحىالمسألة الأولى: التَّكبيرُ المُطلَقُيُشرَعُ التَّكبيرُ المطلَقُ قال النوويُّ: (المطلق: هو الذي، لا يَتقيَّد بحال، بل يُؤتى به في المنازلِ والمساجدِ، والطرق ليلًا ونهارًا، وفي غير ذلك) ((المجموع)) (5/32)، وينظر: ((فتح الباري)) لابن رجب (6/130). ، مِن أَوَّل ذي الحجَّةِ إلى غروبِ شمسِ آخرِ يومٍ من أيَّام التشريقِ، وهو قولٌ للحنابلةِ ((الإنصاف)) للمرداوي (2/305). ، واختاره ابنُ باز قال ابن باز: (وفي الأضحى من دخولِ شهر ذي الحجَّة إلى نهاية أيَّام التشريق، ثلاثة عشر يومًا من أوَّل ذي الحجة إلى غروب الشَّمس من اليوم الثالث عَشر، كله محلُّ تكبير) ((فتاوى نور على الدرب)) (13/355). ، وابنُ عُثيمين قال ابنُ عُثَيمين: (والصَّحيح في هذه المسألةِ: أنَّ التكبيرَ المطلَق في عيدِ الأضحى يَنتهي بغروبِ الشمس من آخِر يومٍ من أيام التشريق) ((الشرح الممتع)) (5/166). وقال أيضًا: (والصحيح: أنَّ المطلق يستمرُّ في عيد الأضحى إلى آخِر أيَّام التشريق، وتكون مدته ثلاثةَ عَشرَ يومًا) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (16/262). .الأدلَّة على التَّكبيرِ في أيَّام العَشرِ:أولًا: من الكتابقوله تعالى: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ [الحج: 28].عن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: (الأيَّامُ المعلوماتُ: أيَّامُ العَشرِ) رواه البخاري معلقًا بصيغة الجزم قبل حديث رقم (969)، ورواه موصولًا البيهقي (5/228) (10439). صحَّحه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (3/1383)، وصحَّح إسنادَه النوويُّ في ((المجموع)) (8/382)، وابنُ الملقِّن في ((البدر المنير)) (6/430)، وابنُ حجرٍ في ((التلخيص الحبير)) (3/941)، وقال الشوكانيُّ في ((نيل الأوطار)) (3/384): رُوي موصولًا. .وَجْهُ الدَّلالَةِ: أنَّ اللهَ تعالى قد أمَر بذِكره في هذه الأيَّام العشر، ومِن ذِكرِه التكبيرُ، كما أنَّ الأمرَ بالذِّكرِ شاملٌ لجميعِ العَشرِ، مِن بدايتها وحتى نهايتِها قال ابن تيمية: (وقد قال تعالى في الحجِّ: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ **الحج: 28**، فقيل: الأيَّام المعلومات هي أيَّام الذبح، وذِكر اسم الله التسميةُ على الأضحية والهديِ، وهو قولُ مالك في رواية. وقيل: هي أيَّام العشرُ، وهو المشهور عن أحمدَ، وقول الشافعيِّ وغيره. ثم ذِكر اسم الله فيها هو ذِكرُه في العشر بالتكبير عندنا، وقيل: هو ذكره عند رؤية الهَدْي، وأظنه مأثورًا عن الشافعيِّ. وفي صحيح البخاريِّ: أنَّ ابنَ عُمر وابنَ عباس كانَا يخرجان إلى السوقِ في أيَّام العشر، فيُكبِّران ويُكبِّر الناسُ بتكبيرهما) ((مجموع الفتاوى)) (24/225). .ثانيًا: مِن الآثار1- أنّ ابنَ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما كان يُكبِّر في أيَّام العَشرِ رواه البخاريُّ معلقًا بصيغة الجزمِ قبل حديثِ (969)، ورواه موصولًا ابنُ أبي شيبةَ في ((المصنَّف)) (2/164)، والبيهقي (3/279) (6348). صحَّحه الألباني في ((إرواء الغليل)) (651). ويُنظر: ((تغليق التعليق)) لابن حجر (2/377، 378) ففيه كثيرُ فائدة. .2- أنَّ أبا هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه كان يُكبِّرُ في أيَّام العشر رواه البخاري معلقًا بصيغة الجزم قبل حديث (969)، ورواه موصولًا أبو بكر عبد العزيز بن جعفر في كتاب ((الشافي))، وأبو بكر المروزيُّ القاضي في ((كتاب العيدين)) كما في ((فتح الباري)) لابن رجب (6/112). صحَّحه الألباني في ((إرواء الغليل)) (651). .رابعًا: عَملُ السَّلَفعن مَيمونَ بنِ مِهْرانَ، قال: (أدركتُ الناسَ وإنَّهم ليُكبِّرون في العَشر، حتى كنتُ أُشبِّهه بالأمواجِ مِن كثرتِها، ويقول: إنَّ الناسَ قد نقَصُوا في تركِهم التكبيرَ) رواه المروزيُّ كما في ((فتح الباري)) لابن رجب (6/112). . الأدلَّةُ على التَّكبيرِ في أيَّام التَّشريقِ:أولًا: من الكتابقال اللهُ تعالى: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ [البقرة: 203].وَجْهُ الدَّلالَةِ:أنَّ اللهَ تعالى قد أمَرَ بذِكره في الأيَّام المعدوداتِ، وهي أيَّامُ التَّشريقِ، والتَّكبيرُ من ذِكرِه تعالى؛ وعليه يمتدُّ وقتُ التكبيرِ في جميعِ أيَّامِ التشريقِ إلى غروبِ شمسِ آخِرِ يومٍ منها قال ابنُ باز: (أمَّا التكبير في الأضحى فمشروعٌ من أوَّل الشهر إلى نهاية اليوم الثَّالث عشرَ من شهر ذي الحجَّة؛ لقول الله سبحانه: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ **الحج: 28** الآية، وهي أيَّام العشر، وقوله عزَّ وجلَّ: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ **البقرة: 203** الآية، وهي أيَّام التشريق) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/18). .ثانيًا: من السُّنَّةعن نُبَيشَةَ الهذلي رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((أيَّامُ التَّشريقِ أيَّامُ أَكْلٍ وشُرْبٍ وذِكرٍ للهِ)) رواه مسلم (1141). .وَجْهُ الدَّلالَةِ:قوله: ((وذِكْرٍ للهِ)) فأطلق، ولم يُقيِّدْه بأدبارِ الصَّلواتِ، والتكبيرُ مِن ذِكرِ اللهِ، ويمتدُّ وقتُه إلى غروبِ الشَّمسِ من آخِرِ يومٍ من أيَّامِ التَّشريقِ ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/167). .ثالثًا: مِن الآثار1- عن عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنه: (أنَّه كان يُكبِّرُ في قُبَّته بمنًى، فيَسمَعُه أهلُ المسجدِ، فيُكبِّرونَ فيُكبِّر أهلُ الأسواقِ، حتى ترتجَّ منًى تكبيرًا) رواه البخاريُّ معلقًا بصيغة الجزم قبل حديث (970)، ورواه موصولًا البيهقيُّ (3/312) (6489) . 2- عن ابنِ عُمر رَضِيَ اللهُ عنهما (أنَّه كان يُكبِّرُ بمنًى تلك الأيَّامَ، وخَلْفَ الصَّلواتِ، وعلى فِراشِه، وفي فُسطاطِه ومجلسِه، وممشاه تلك الأيَّامَ جميعًا) رواه البخاريُّ معلقًا بصيغة الجزم قبل حديث (970)، ورواه موصولًا ابن المنذر في ((الأوسط)) (4/344)، وينظر ((تغليق التعليق)) لابن حجر (2/379). .وَجْهُ الدَّلالَةِ: أنَّ ابنَ عُمرَ كان تَكبيرُه أيَّامَ مِنًى، أي: أيَّامَ التَّشريقِ ينظر: مقدِّمة ((فتح الباري)) (ص 138). .المسألة الثَّانية: وقتُ التَّكبيرِ المُقيَّدِ في عِيدِ الأَضحى  يَبتدِئُ التكبيرُ المقيَّدُ قال ابنُ عُثَيمين: (الفرقُ بين المطلَق والمقيَّد أنَّ المطلق في كلِّ وقت، والمقيَّد خلف الصلوات الخمس في عيد الأَضْحى فقط) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (16/265). مِن صلاةِ فَجرِ يومِ عَرفةَ إلى عَصرِ آخِرِ أيَّامِ التَّشريقِ، أي: اليومِ الثَّالِثَ عَشرَ، وهذا مذهبُ الحَنابِلَةِ يُفرِّق الحنابلة بين الحاجِّ وغيره؛ فغير الحاج يبتدئ التكبيرَ من فجر يوم عَرفةَ، أمَّا الحاج فمِن ظهر يومِ النحر. يُنظر: ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/58)، ويُنظر أيضًا: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (2/252)، ((فتح الباري)) لابن رجب (6/125). ، وقولُ أبي يُوسُفَ ومحمَّد بنِ الحسنِ من الحَنَفيَّة ((العناية)) للبابرتي (2/80)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/227). ، وقولٌ للشافعيَّة ((الحاوي الكبير)) للماوردي (2/499)، ((البيان)) للعمراني (2/655). ، وقالتْ به طائفةٌ من السَّلفِ قال ابنُ المنذر: (كان عمرُ بنُ الخطَّاب، وعليُّ بن أبي طالب، وابنُ عبَّاس يقولون: يُكبَّر من صلاة الصبح من يوم عرفةَ إلى آخِرِ أيَّام التشريق، يُكبِّر في العصر ثم يَقطع، وبه قال سفيانُ الثوريُّ، وأحمدُ بن حنبل، ويعقوبُ، ومحمدٌ) ((الإشراف)) (2/180-181). وقال النوويُّ: (وحَكى ابنُ المنذر التكبيرَ من صبح يومِ عرفةَ إلى العصرِ من آخِر التشريق عن عُمرَ بن الخطَّاب، وعليِّ أبي طالب، وابن عباس، وسفيان الثوريِّ، وأبي يوسف ومحمد، وأحمد، وأبي ثور) ((المجموع)) (5/40). ، واختارَه ابنُ المنذرِ [6682] قال ابنُ المنذر: (اختلف أهلُ العلم في الوقتِ الذي يبدأ فيه بالتكبيرِ في أيام منًى إلى وقت «ثانٍ»، فقالت طائفةٌ: يُكبِّر من صلاة الصبح يومَ عرفة إلى آخِر أيام التشريق... قال أبو بكر: القول الأوّل أحبُّ إليَّ... رُوِّينا عن عُمرَ بن الخطاب، وعبد الله بن مسعودٍ، أنَّهما كانا يُكبِّران من صلاة الغداةِ يومَ عرفة إلى الصلاة مِن آخِرِ أيَّام التشريق) ((الأوسط)) (4/349، 348، 344). ، والنوويُّ قال النوويُّ: (قد ذكرنا أنَّ المشهور في مذهبنا أنَّه مِن ظُهر يوم النحر إلى الصبح من آخِر التشريق، وأنَّ المختار كونُه من صُبح يومِ عرفةَ إلى عصرِ آخِرِ التشريق) ((المجموع)) (5/39-40). ، وابنُ تيميَّة قال ابنُ تيميَّة: (أصحُّ الأقوال في التكبير الذي عليه جمهورُ السلف والفقهاء من الصحابة والأئمَّة: أن يُكبِّر من فجر يوم عرفة إلى آخِر أيام التشريق عقبَ كلِّ صلاة) ((مجموع الفتاوى)) (24/220). وقال أيضًا: (ولهذا كان الصَّحيح من أقوال العلماء أنَّ أهل الأمصار يُكبِّرون من فجر يومِ عرفةَ إلى آخر أيَّام التشريق؛ لهذا الحديث، ولحديثٍ آخَرَ رواه الدارقطنيُّ عن جابرٍ، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ ولأنَّه إجماعٌ من أكابرِ الصحابة، والله أعلم) ((مجموع الفتاوى)) (24/222). ، وابنُ حجرٍ قال ابنُ حجر: (للعلماءِ اختلاف أيضًا في ابتدائه وانتهائه؛ فقيل: من صُبح يوم عرفة، وقيل: من ظُهره، وقيل: مِن عصرِه، وقيل: مِن صُبح يومِ النحر، وقيل: مِن ظُهره... ولم يثبُتْ في شيءٍ من ذلك عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حديثٌ، وأصحُّ ما ورد فيه عن الصحابة قولُ عليٍّ وابن مسعود: إنَّه من صُبح يومِ عرفةَ إلى آخِرِ أيَّام منى، أخرجه ابن المنذرِ وغيرُه، والله أعلم) ((فتح الباري)) (2/462). ، وابنُ باز قال ابنُ باز: (أمَّا التكبيرُ في الأضحى فمشروعٌ، من أوَّل الشهر إلى نهاية اليوم الثالث عَشر من شهر ذي الحجة؛ لقول الله سبحانه: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ **الحج: 28** الآية، وهي أيام العشر، وقوله عز وجل: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ **البقرة: 203** الآية، وهي أيَّام التشريق؛... وروي عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وعن جماعةٍ من الصَّحابة رضي الله عنهم التكبير في أدبارِ الصلوات الخمس من صلاة الفجر يومَ عَرفة إلى صلاة العصر من يوم الثَّالث عَشرَ من ذي الحجَّة، وهذا في حقِّ غير الحاج... وبهذا تَعلَم أنَّ التكبير المطلق والمقيَّد يجتمعان في أصحِّ أقوال العلماء في خمسة أيَّام، وهي: يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق الثلاثة. وأمَّا اليوم الثامن وما قبله إلى أوَّل الشهر، فالتكبير فيه مطلَق لا مُقيَّد) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/19). ، وابنُ عثيمين قال ابنُ عُثَيمين: (يَبدأ المقيَّد على ما قاله العلماءُ من صلاةِ الفجرِ يوم عرفة، إلى عصر آخِرِ يوم من أيَّام التشريق) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (16/265). , وحُكِي الإجماعُ على ذلك قال ابنُ قُدامة: (قيل لأحمد رحمه الله: بأيِّ حديث تذهب، إلى أنَّ التكبيرَ من صلاة الفجر يومَ عرفةَ إلى آخِرِ أيَّام التشريق؟ قال: بالإجماع: عمر، وعلي، وابن عبَّاس، وابن مسعود- رضي الله عنهم) ((المغني)) (2/292). وقال ابنُ رجب: (حَكَى الإمامُ أحمدُ هذا القول إجماعًا من الصَّحابة، حكاه عن عُمرَ، وعليٍّ، وابن مسعود، وابن عبَّاس، فقيل له: فابن عبَّاس اختُلف عنه؛ فقال: هذا هو الصَّحيح عنه، وغيرُه لا يصحُّ عنه) ((فتح الباري)) (6/124، 125). وقال ابنُ قُدامة: (ولأنَّه إجماعُ الصحابة رضي الله عنهم، رُوي ذلك عن عُمرَ، وعليٍّ، وابنِ عبَّاس، وابنِ مسعودٍ) ((المغني)) (2/292). وقال ابنُ تيميَّة: (ولهذا كان الصَّحيحُ من أقوال العلماء: أنَّ أهل الأمصار يُكبِّرون من فجْر يوم عرفة إلى آخِر أيَّام التشريق؛ لهذا الحديث، ولحديثٍ آخَر رواه الدارقطنيُّ عن جابرٍ، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ ولأنَّه إجماعٌ من أكابر الصَّحابة، والله أعلم) ((مجموع الفتاوى)) (24/222). .الأدلَّة:أولًا: من الكتابقال اللهُ تعالى: وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ [البقرة: 203].وَجْهُ الدَّلالَةِ: أنَّ الأيَّامَ المعدوداتِ هي أيَّامُ التَّشريقِ، فتَعيَّن الذِّكرُ في جَميعِها ((المغني)) لابن قدامة (2/292). .ثانيًا: من الآثار قال الحاكم: (فأمَّا مِن فِعل عُمر، وعليٍّ، وعبد الله بن عبَّاس، وعبدِ الله بنِ سعيدٍ، فصحيحٌ عنهم التكبيرُ من غداة عرفةَ إلى آخِر أيَّام التشريق) ((المستدرك على الصحيحين)) (1/439). 1- عن عُمرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه: (أنَّه كان يُكبِّر دُبرَ صلاةِ الغداةِ من يومِ عَرفةَ إلى صلاةِ العصرِ مِن آخِرِ أيَّامِ التَّشريقِ) رواه ابن المنذر في ((الأوسط)) (2200)، والبيهقي (3/314) (6496). .2- عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه: (أنَّه كان يُكبِّرُ من صلاةِ الفجرِ يومَ عَرفةَ، إلى صَلاةِ العَصرِ مِن آخِرِ أيَّامِ التَّشريقِ) رواه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (2/165). صحَّحه الألباني في ((إرواء الغليل)) (3/125). .3- عنِ الأَسودِ، قال: (كانَ عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ، يُكبِّر من صلاةِ الفَجرِ يومَ عَرفةَ، إلى صلاةِ العصرِ من النَّحرِ؛ يقول: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، ولله الحمدُ) رواه ابنُ أبي شَيبةَ في ((المصنَّف)) (2/165)، والطبرانيُّ (9/355) (9534). جوَّد إسنادَه الزيلعيُّ في ((نصْب الرَّاية)) (2/223)، ووثَّق رجالَه الهيثميُّ في ((مجمع الزوائد)) (2/200). .4- عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: (أنَّه كان يُكبِّرُ من غَداةِ عَرفةَ إلى صَلاةِ العَصرِ من آخِرِ أيَّامِ التَّشريقِ) رواه الحاكم (1/440) وصحَّحه، والبيهقي (3/314) (6498). .ثانيًا: أنَّ ذلك عليه عَملُ النَّاسِ في الأمصارِ ((شرح النووي على مسلم)) (6/180). .ثالثًا: أنَّ التَّكبيرَ لتعظيمِ الوقتِ الذي شُرِعَ فيه المناسكُ، وأوَّلُه يومُ عَرفةَ؛ إذ فيه يُقامُ أعظمُ أركانِ الحجِّ، وهو الوقوفُ ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/196). .رابعًا: أنَّها أيَّام رمْيٍ؛ فكان التكبيرُ في جميعِها كيومِ النَّحرِ ((المغني)) لابن قدامة (2/292). . انظر أيضا: المَطلَب الثَّاني: التكبيرُ في عيدِ الفِطرِ. المطلب الثَّالث: ألفاظ التكبير وصفته.

الفرع الأول: حُكْمُ التَّكبيرِ في عيدِ الفِطْرِ يُسنُّ التكبيرُ في عيدِ الفِطرِ ويتأكَّد التكبيرُ عند الغُدوِّ إلى المصلَّى في العيد. ينظر: ((الكافي)) لابن عبد البر (1/263)، ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/102)، ((المجموع)) للنووي (5/40)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/314)، ((الإنصاف)) للمرداوي (2/304)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/57)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/224)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/72). ، وهو مذهبُ الجمهورِ قال ابنُ رشد: (واختَلفوا في وقت التكبير في عيد الفطر بعدَ أن أَجْمَع على استحبابه الجمهورُ) ((بداية المجتهد)) (1/220-221). وقال الشوكانيُّ: (الأكثرُ على أنه- أي: التكبير في عيد الفطر- سُنَّةٌ) ((نيل الأوطار)) (3/288). : المالِكيَّة ((الكافي)) لابن عبد البر (1/263)، ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/102). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (5/40)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/314). ، والحَنابِلَة ((الإنصاف)) للمرداوي (2/304)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/57). ، وبه قال أبو يُوسُفَ ومحمَّد بن الحسن مِن الحَنَفيَّة [6703] قال الزيلعي: (قال أبو يوسفَ ومحمَّد: يُكبِّر في طريق المصلَّى) ((تبيين الحقائق))، مع ((حاشية الشلبي)) (1/224)، وينظر: ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/171). ، وحُكي الإجماعُ على ذلِك قال النوويُّ: (قولها: «يُكبِّرنَ مع الناس» دليلٌ على استحبابِ التكبيرِ لكلِّ أحدٍ في العيدين، وهو مَجمَعٌ عليه) ((شرح النووي على مسلم)) (6/179). وقال أيضًا: (هو مستحبٌّ عندنا وعند العلماءِ كافَّة، إلَّا ما حكاه الشيخُ أبو حامد وغيره عن ابنِ عبَّاس، أنه لا يُكبِّر إلَّا أن يُكبِّر إمامه، وحكى الساجيُّ وغيره عن أبي حنيفة أنَّه لا يكبر مطلقًا، وحكى العبدريُّ وغيره عن سعيد بن المسيَّب وعُروة بن الزبير وداود، أنَّهم قالوا: التكبيرُ في عيد الفطر واجب، وفي الأضحى مستحَبٌّ) ((المجموع)) (5/40-41). .الأدلَّة:أولًا: من الكِتابقال الله تعالى: وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [البقرة: 185].وَجْهُ الدَّلالَةِ: أنَّ في الآيةِ الأمرَ بالتكبيرِ بعدَ إكمالِ عِدَّةِ شهرِ رَمضانَ، وذلك يكونُ في عِيدِ الفِطرِ ((تفسير ابن جرير)) (3/479). وقال ابنُ كثير: (أخَذ كثيرٌ من العلماء مشروعيَّة التكبير في عيد الفطر من هذه الآية: وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ حتى ذهب داودُ بن علي الأصبهانيُّ الظاهريُّ إلى وجوبه في عيد الفطر؛ لظاهر الأمْر في قوله: وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ، وفي مقابلته مذهبُ أبي حُنيفة رحمه الله، أنَّه لا يُشرع التكبيرُ في عيد الفطر. والباقون على استحبابه، على اختلافِ في تفاصيل بعضِ الفُروع بينهم). ((تفسير ابن كثير)) (1/505)، وينظر: ((أحكام القرآن)) للجصاص (1/279)، ((المحلى)) لابن حزم (5/89). .ثانيًا: من السُّنَّةعن أمِّ عطيَّةَ، قالت: ((كنَّا نُؤمَر بالخروجِ في العيدين، والمُخبَّأةُ، والبِكرُ. قالت: الحُيَّضُ يَخرُجْنَ فيكنَّ خلفَ الناسِ، يُكبِّرْنَ مع الناسِ)). وفي رواية: ((فيُكبِّرْنَ بتكبيرِهم)) رواه مسلم (890). والرِّواية الثانية: رواها البخاري (971). .ثالثًا: من الآثارعن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: (أنَّه كان يَجهَرُ بالتَّكبيرِ يومَ الفِطرِ إذا غدا إلى المصلَّى، حتى يخرُجَ الإمامُ فيُكبِّرَ) أخرجه الدارقطني (1712)، والحاكم (1106) بلفظ: للعيدين، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (6128). صحَّحه موقوفًا ابنُ الملقِّن في ((البدر المنير)) (5/35)، والألبانيُّ في ((إرواء الغليل)) (650). .رابعًا: عملُ أهلِ المدينةِ على التَّكبيرِ في عيدِ الفِطرِ قال العدويُّ: (قال أبو حنيفة: لا يُكبِّر في الفطر، دليلنا: ما رواه الدارقطنيُّ «أنَّه عليه الصلاة والسلام كان يُكبِّر يومَ الفطر حين يخرُج من بيته حتى يأتيَ المصلَّى»، وهو عملُ أهل المدينة خلفًا عن سلَف) ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/394). .خامسًا: القياسُ على التكبيرِ في عيدِ الأضحى ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/72). .الفرع الثاني: وقتُ التَّكبيرِ في عيدِ الفِطرِالمسألة الأولى: أوَّلُ وقتِ التَّكبيرِ في عيدِ الفِطريَبدأُ وقتُ تكبيرِ عيدِ الفِطرِ بغُروبِ شَمسِ ليلةِ العِيدِ، وهذا مذهبُ الشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (5/30)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/314). ، والحَنابِلَة ((الإنصاف)) للمرداوي (2/304)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/57). ، وقولٌ للمالكيَّة [6712] ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/394)، وينظر: ((الثمر الداني)) للآبي الأزهري (1/251). ، وبه قالتْ طائفةٌ من السَّلَفِ قال النوويُّ: (أمَّا أول وقتِ تكبير عيد الفِطر، فهو إذا غربتِ الشمسُ ليلةَ العيد، هذا مذهبُنا، ومذهبُ سعيد بن المسيَّب، وأبي سَلَمةَ، وعروة، وزيد بن أسلمَ) ((المجموع)) (5/41). ، واختارَه ابنُ حزمٍ قال ابنُ حزم: (التكبيرُ ليلةَ عيد الفطر: فرضٌ, وهو في ليلةِ عيد الأضحى: حسنٌ؛ قال تعالى وقدَ ذكر صومَ رمضان: وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ؛ فبإكمال عدَّة صوم رمضان وجَب التكبير, ويجزئُ من ذلك تكبيرةٌ. وأمَّا ليلة الأضحى ويومه, ويوم الفطر: فلم يأتِ به أمر, لكن التكبير فِعل خير وأجر) ((المحلى)) (5/89). ، وابنُ تيميَّة قال ابنُ تيميَّة: (لكن التَّكبير فيه هو المأثورُ عن الصَّحابة رضوانُ الله عليهم، والتكبيرُ فيه أوكدُ، من جِهة أنَّ الله أمَر به بقوله: وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ **البقرة: 185**، والتكبيرُ فيه: أوَّله من رُؤية الهلال، وآخره: انقضاء العيد، وهو فراغُ الإمامِ من الخطبة على الصحيح) ((مجموع الفتاوى)) (24/221). ، وابنُ باز قال ابنُ باز: (التكبير: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلَّا الله، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، ولله الحمد. أو يُثلِّث: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلَّا الله، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، ولله الحمد، مثله: الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلًا؛ كل هذا مشروعٌ في عيد الفِطر بعدَ غروب الشمس إلى الفراغ من الخُطبة) ((فتاوى نور على الدرب)) (13/355). وابنُ عثيمين قال ابنُ عُثَيمين: (استحبابُ التكبير في ليلة العيد من غروبِ الشَّمس آخِرَ يوم من رمضان إلى حضورِ الإمام للصلاةِ) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (16/216). وقال أيضًا: (التكبيرُ يومَ العيد يَبتدئ من غروب الشَّمس آخرَ يوم من رمضان، إلى أنْ يَحضُرَ الإمامُ لصلاة العيد) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (16/259). .الأَدِلَّة:أولًا: من الكِتابقال اللهُ تعالى: وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ [البقرة: 185].وَجْهُ الدَّلالَةِ:المرادَ بالعِدَّةِ: عِدَّةُ الصَّومِ، والمراد بالتَّكبيرِ: التكبيرُ الذي يكونُ بعدَ إكمالِ العِدَّةِ، وإكمالُها يكونُ بغُروبِ شَمسِ آخِرِ يَومٍ من رَمضانَ (قال الشافعيُّ: سمعتُ مَن أَرضاه من العلماء بالقرآن، يقول: المرادُ بالعدَّة عِدَّة الصوم، وبالتكبير عندَ الإكمال) ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/314)، ويُنظر: ((نهاية المحتاج)) للرملي (2/397). .ثانيًا: أنَّ فيه إظهارَ شَعائرِ الإسلامِ ((المغني)) لابن قدامة (2/273). .المسألة الثانية: آخِرُ وقتِ التَّكبيرِ في عِيدِ الفِطرِالتَّكبيرُ في عِيدِ الفِطرِ يَنقضِي بصلاةِ العيدِ؛ نصَّ على ذلك المالِكيَّة [6720] ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/394)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (1/399). ، وهو مذهبُ الشافعيَّة على الأصحِّ [6721] ((المجموع)) للنووي (5/30، 32)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/314). ، وهو روايةٌ عن أحمد [6722] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/304). ، واختارَه ابنُ باز قال ابن باز: (السُّنَّة في ليلة العيدِ: التكبيرُ مع الصباح إلى انتهاءِ صلاةِ عيد الفطر) ((فتاوى نور على الدرب)) (13/368). , وابنُ عثيمين سُئِل ابنُ عُثَيمين: متى يَبتدئ التكبيرُ لعيد الفطر؟ وما هي صِفتُه؟ فأجاب فضيلتُه بقوله: (التكبيرُ يوم العيد يبتدئ من غروب الشَّمس آخِرَ يوم من رمضان، إلى أن يَحضُر الإمامُ لصلاة العيد) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (16/259). .الأدلَّة:أولًا: من الآثارعنِ ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: (أنَّه كان يَجهَرُ بالتكبيرِ يومَ الفِطرِ إذا غدَا إلى الـمُصلَّى، حتى يَخرُجَ الإمامُ فيُكبِّرَ) أخرجه الدارقطني (1712)، والحاكم (1106) بلفظ: للعيدين، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (6128) صحَّحه موقوفًا ابنُ الملقِّن في ((البدر المنير)) (5/35)، والألباني في ((إرواء الغليل)) (650). .ثانيًا: ولأنَّه إذا خرَج الإمامُ، فالسُّنَّةُ الاشتغالُ بالصلاةِ ((المجموع)) للنووي (5/32). .الفرع الثالث: التكبيرُ المُقيَّدُ في عيدِ الفِطرِ ليس في عيدِ الفِطرِ تَكبيرٌ مُقيَّدٌ عقبَ الصلواتِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة [6727] إنَّما اختَلف الحنفيَّةُ في التكبيرِ عند الغدوِّ إلى المصلَّى، فذهب أبو حنيفة إلى عدم مشروعيَّته، وذهب صاحباه أبو يوسف ومحمد بن الحسن إلى مشروعيَّته، وقيل: إنَّ الخلاف بينهم إنما هو في الجهر لا في أصل التكبير. ينظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/224)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/172). ، والمالِكيَّة [6728] نصَّ المالكيَّةُ على أنَّ سُنيَّة التكبير في عيد الفطر تبدأ عند الغدوِّ إلى المصلَّى. يُنظر: ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/394)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (1/399). ، والشافعيَّة على الأصحِّ ((المجموع)) للنووي (5/32)، وينظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/284). ، والحَنابِلَة على الصَّحيح ((الإنصاف)) للمرداوي (2/304)، ((الفروع)) لابن مفلح (3/211). ؛ وذلك لأنَّه لم يُنقَلْ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ولا عن أصحابِه، ولو كان مشروعًا لفُعِل، ولنُقِل ((البيان)) للعمراني (2/654)، ((المجموع)) للنووي (5/32). . انظر أيضا: المَطلَب الأوَّل: التكبيرُ في عيدِ الأَضْحَى . المطلب الثَّالث: ألفاظ التكبير وصفته.

الفرع الأول: صيغةُ التكبيرِ في العيدِ لا تَلزَمُ صيغةٌ معيَّنةٌ للتكبيرِ من صِيَغ التكبير: أ- (اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، ولله الحمدُ). رواه ابنُ أبي شَيبةَ في ((المصنَّف)) (2/168)، عن شَريك قال: قلتُ لأبي إسحاقَ: كيف كان يُكبِّر عليٌّ وعبدُ الله بن مسعودٍ؟ فذكر الأثَر. قال ابنُ الهمام: سنده جيِّد. ((فتح القدير)) (2/82). ب- (اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، ولله الحمد). رواه ابنُ أبي شَيبةَ في ((المصنَّف)) (2/165)، والطبراني (9/355) (9534)، عن عبد الله بن مسعود. جوَّد إسنادَه الزيلعيُّ في ((نصب الراية)) (2/223)، ووثق رجاله الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (2/200). ج- (اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ كبيرًا). أخرجه البيهقيُّ في ((فضائل الأوقات)) (227) عن سلمان.  وصحَّح إسنادَه ابنُ حجر في ((فتح الباري)) (2/536)، والشوكاني في ((نيل الأوطار)) (3/389). ؛ فالأمرُ فيه واسعٌ، وهذا مذهبُ مالكٍ قال سحنون: (قلت لابن القاسمِ: فهل ذَكَر لكم مالكٌ التكبيرَ؛ كيف هو؟ قال: لا، قال: وما كان مالكٌ يحدُّ في هذه الأشياء حدًّا. والتكبير في العيدين جميعًا سواء) ((المدونة الكبرى)) (1/245). وقال القرافيُّ: (ولم يُحدِّده مالكٌ- أي: التكبير في عيد الفِطر-؛ لأنَّ الأمرَ ورَد به مطلقًا) ((الذخيرة)) (2/419). وقال النفراويُّ: ("و" عدة "التكبير دُبرَ الصلوات" أن يقول المكبِّر: "اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ" ثلاثًا بالإعراب إلَّا أن يقف، وتقدَّم أنه لا بدَّ من التلفُّظ والمد الطبيعي، وظاهر كلامِ المصنِّف كخليلٍ، حيث قال: ولفظُه، وهو: الله أكبر ثلاثًا، أن يخرج من عهدةِ الطلب بقوله: اللهُ أكبرُ ثلاثًا، وإنْ لم يزد: الله أكبر كبيرًا ونحوها ممَّا يذكرونه عند التكبير، وهو كذلك على المعتمَد كما يدلُّ عليه قوله: "وإنْ جمَع مع التكبير تهليلًا" بأنْ قال: لا إله إلَّا الله، "وتحميدًا" بأنْ قال: ولله الحمد "فحسن"، أي: أفضل؛ لأنَّه ذكر، وبيَّن صفة الجمْع بقوله: (يقول إنْ شاء ذلك) أي: إن أراد الجمْع: (اللهُ أكبرُ اللهُ أكبر) مرَّتين (لا إلهَ إلَّا الله) مرةً واحدة، (واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ) مرَّتين (ولله الحمدُ)، وإلى هذا أشار خليلٌ بقوله: وإنْ قال بعد تكبيرتين: لا إله إلَّا الله، ثم تكبيرتين وللهِ الحمد فحسنٌ... ولَمَّا لم يثبتْ عن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تعيينُ شيء من هاتين الصِّيغتين، قال: (والكلُّ واسع)، وعن مالكٍ أنَّه قال: وإنْ زاد أو نقَص فلا حرَج) ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/650)، ويُنظر: ((الثمر الداني)) للآبي الأزهري (1/252). ، وروايةٌ عن أحمدَ قال أبو داود: (سمعتُ أحمد سُئل: كيف التكبيرُ يوم الفطر؟ قال: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، قيل لأحمد: ابنُ المبارك يقولُ في الفِطر، يعني مع التكبير: الحمد لله على ما هدَانا، قال: هذا واسعٌ) ((مسائل الإمام أحمد)) (ص: 61). ، وهو قول ابنُ تيميَّة قال ابنُ تيميَّة: (وكلُّ المأثور حسنٌ، ومِن الناس مُن يُثلِّثه أولَ مرة، ويُشفعه ثاني مرَّة، وطائفةٌ من الناس تعمل بهذا، وقاعدتنا في هذا الباب أصحُّ القواعد: أنَّ جميع صفات العبادات من الأقوال والأفعال إذا كانت مأثورةً أثرًا يصحُّ التمسُّكُ به لم يُكره شيءٌ من ذلك، بل يُشرع ذلك كلُّه، كما قُلنا في أنواع صلاة الخوف، وفي نوعي الأذان؛ الترجيع وتركه، ونوعي الإقامة؛ شفعها وإفرادها، وكما قلنا في أنواع التشهُّدات، وأنواع الاستفتاحات، وأنواع الاستعاذات، وأنواع القراءات، وأنواع تكبيرات العيد الزوائد، وأنواع صلاة الجنازة، وسجود السهو والقنوت قبلَ الركوع وبعدَه، والتحميد بإثبات الواو وحذفها، وغير ذلك، لكن قد يستحبُّ بعض هذه المأثورات ويَفضل على بعض إذا قام دليلٌ يوجب التفضيلَ، ولا يُكره الآخَر. ومعلومٌ أنَّه لا يُمكن المكلِّفَ أن يجمع في العبادةِ المتنوِّعة بين النوعينِ في الوقت الواحد) ((مجموع الفتاوى)) (24/242، 243). وقال أيضًا: (صِفةُ التكبير المنقول عندَ أكثر الصَّحابة، قد رُوي مرفوعًا إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، ولله الحمد. وإنْ قال: اللهُ أكبرُ ثلاثًا جاز. ومِن الفقهاء مَن يُكبِّر ثلاثًا فقط) ((الفتاوى الكبرى)) (2/369)، ويُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (24/241-242). ، والصنعانيُّ قال الصنعانيُّ: (وأمَّا صِفتُه، فأصحُّ ما ورد فيه ما رواه عبد الرزَّاق عن سلمان بسندٍ صحيح. قال: كبِّروا: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ كبيرًا. وقد رُوي عن سعيد بن جُبَير، ومجاهد، وابن أبي لَيلَى، وقول الشافعي، وزاد فيه: ولله الحمدُ. وفي الشرح صفاتٌ كثيرة واستحسانات عن عِدَّة من الأئمَّة، وهو يدلُّ على التوسعة في الأمر، وإطلاق الآية يَقتضي ذلك. واعلم أنَّه لا فَرقَ بين تكبير عيد الإفطار وعيد النحر في مشروعيَّة التكبير؛ لاستواء الأدلَّة في ذلك، وإن كان المعروفُ عند الناس إنما هو تكبيرُ عيد النَّحر) ((سبل السلام)) (2/72). ، والشوكانيُّ قال الشوكانيُّ: (الحاصل: أنَّ المشروع في أيَّام التشريق الاستكثارُ مِن ذِكر الله عزَّ وجلَّ خصوصًا التكبير، والمراد مطلَق التكبيرُ، وهو أنْ يقول: اللهُ أكبرُ، ويُكرِّر ذلك في الأوقات) ((السيل الجرار)) (ص: 196). ، وابنُ باز قال ابنُ باز: (التكبير: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلَّا الله، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبر، ولله الحمدُ. أو يُثلِّث: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلَّا الله، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ،ولله الحمد، مثله: الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بُكرةً وأصيلًا... كل هذا مشروعٌ في عيد الفطر بعد غروبِ الشمس إلى الفراغ من الخُطبة، وفي الأضحى) ((فتاوى نور على الدرب)) (13/355). ، وابنُ عُثيمين قال ابنُ عُثَيمين: (استحبابُ التكبير في ليلةِ العيد من غروب الشمس آخِرَ يومٍ من رمضان إلى حضورِ الإمام للصلاة، وصِيغة التكبير: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلَّا الله، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، ولله الحمدُ. أو يُكبِّر ثلاثًا، فيقول: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلَّا الله، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، ولله الحمد. وكل ذلك جائز) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (16/216). وقال أيضًا: (والمسألة ليس فيها نصٌّ يَفصِل بين المتنازعين من أهل العِلم، وإذا كان كذلك فالأمرُ فيه سَعة؛ إنْ شِئتَ فكبِّر شفعًا، وإنْ شئتَ فكبِّر وترًا، وإن شئت وترًا في الأولى وشفعًا في الثانية) ((الشرح الممتع)) (5/171). . الأدلَّة:أولًا: من الكِتابِ1- قوله تعالى: وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ [الحج: 28]. 2- وقوله تعالى: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ [البقرة: 203].وَجْهُ الدَّلالَةِ: أنَّه أَطلَقَ الأمرَ بذِكرِ اللهِ تعالى، ولم يُقيِّدْه بصيغةٍ معيَّنةٍ؛ فكيفما كبَّر فقَدِ امتثلَ الأمرَ (((سبل السلام)) للصنعاني (2/72). .ثانيًا: أنَّ المسألةَ ليس فيها نصٌّ يَفصِلُ بين المتنازِعِينَ من أهل العِلم، وإذا كان كذلك فالأمرُ فيه سَعةٌ ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/171). .ثالثًا: أنَّ تعدُّدَ صِيَغِ التَّكبيرِ الواردةِ عن السَّلَفِ يَدلُّ على التوسعةِ ((مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود السجستاني)) (ص: 61)، ((سبل السلام)) للصنعاني (2/72). .الفرع الثاني: أفضلُ صِيَغِ التَّكبيرِالأَفضلُ أنْ يُكبِّرَ قائلًا: اللهُ أكبر اللهُ أكبر، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبر اللهُ أكبر، ولله الحَمْد، وهو مذهبُ الحَنَفيَّة يقوله مرةً واحدة، وهو واجبٌ عندهم عقبَ الفرائض. يُنظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي، مع ((حاشية الشلبي)) (1/227)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/82). ، والحَنابِلَة ((الإنصاف)) للمرداوي (2/309)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/293). ، وقولُ الشافعيِّ القديم ((المجموع)) للنووي (5/39)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (2/399، 400). ، وبه قال طائفةٌ من السَّلَف قال ابنُ قُدامة: (وصفة التكبير: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبر، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، ولله الحمدُ، هذا قولُ عُمرَ، وعليٍّ، وابن مسعود، وبه قال الثوريُّ، وأبو حنيفة، وإسحاق، وابن المبارك، إلَّا أنه زاد: على ما هدانا؛ لقوله: لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ **الحج: 37**) ((المغني)) (2/293). وقال ابنُ المنذر: (رُوينا عن عُمرَ بن الخطَّاب، وعبدِ الله بنِ مسعود، أنَّهما كانا يُكبِّران مِن صلاة الغداة يومَ عَرفةَ إلى الصلاة من آخِر أيَّام التشريق، يقولان: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، ولله الحمد، ورُوي ذلك عن عليِّ بن أبي طالب... أنَّ عليًّا كان يُكبِّر يومَ عرفةَ «مِن» صلاة الفَجرِ إلى العصرِ مِن آخِرِ أيَّام التشريق، يقول: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبر، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، ولله الحمدُ"، وبه قال النَّخَعيُّ، والثوريُّ، وأحمدُ، وإسحاقُ، وسفيان، ومحمد) ((الأوسط)) (4/349)، وينظر: ((المجموع)) للنووي (5/40)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/227)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/82). .الأدلَّة: أولًا: من الآثار1- عن شَريكٍ، قال: قلتُ لأبي إسحاقَ: كيف كان يُكبِّر عليٌّ وعبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ؟ قال: ((كانا يقولان: اللهُ أكبر اللهُ أكبر، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبر اللهُ أكبر، ولله الحَمْد)) رواه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (2/168). قال ابن الهمام: سنده جيد. فتح القدير (2/82). .2- عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ: (أنَّه كان يُكبِّرُ أيَّامَ التَّشريقِ: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبر اللهُ أكبر، ولله الحَمد) رواه ابنُ أبي شَيبةَ (5651). وصحَّح إسنادَه الألبانيُّ في ((إرواء الغليل)) ( 3/125). .ثانيًا: أنَّه الأمرُ المشهورُ والمتوارَثُ من الأمَّة قال ابنُ القيِّم: (ويُذكر عنه أنَّه كان يُكبِّر من صلاة الفجر يومَ عرفة إلى العصرِ مِن آخِر أيَّام التشريق، فيقول: "اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبرُ، ولله الحمد"، وهذا وإنْ كان لا يصحُّ إسنادُه؛ فالعمل عليه). ((زاد المعاد)) (2/395)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/196). .ثالثًا: أنَّه أجمعُ؛ لاشتمالِه على التكبيرِ، والتَّهليل، والتَّحميد؛ فكان أَوْلى ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/196). .رابعًا: أنَّه شبيهٌ بصِيغة الأذان؛ فكان أَوْلى لتعلُّقِ الذِّكرِ بالصَّلاةِ، ولأنَّه في الأعيادِ التي يُجتمَعُ فيها اجتماعًا عامًّا، كما أنَّ الأذانِ لاجتماعِ النَّاسِ قال ابنُ تيميَّة: (أمَّا أحمدُ وأبو حنيفة وغيرهما، فاختاروا فيه ما رَوَوه عن طائفةٍ من الصحابة، ورواه الدارقطنيُّ من حديث جابرٍ مرفوعًا إلى النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: «اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ»، فيشفعونه مرتين، ويقرنون به في إحداهما التهليلَ، وفي الأخرى الحمد؛ تشبيهًا له بذِكر الأذان. فإنَّ هذا به أشبهُ؛ لأنَّه متعلِّقٌ بالصلاة، ولأنه في الأعياد التي يُجتمع فيها اجتماعًا عامًّا، كما أنَّ الأذان لاجتماعِ الناس، فشابه الأذانَ في أنه تكبيرُ اجتماعٍ لا تكبيرُ مكانٍ، وأنه متعلِّق بالصلاة لا بالشرف، فشُرِع تكريرُه كما شُرِع تكريرُ تكبير الأذان، وهو في كلِّ مرةٍ مشفوعٌ) ((مجموع الفتاوى)) (24/241، 242). .الفرع الثالث: الجهرُ بالتَّكبيرِيُسنُّ الجهرُ بالتكبيرِ للرِّجالِ قال ابنُ تيميَّة: (يُشرَع لكلِّ أحدٍ أن يَجهرَ بالتَّكبيرِ عندَ الخروج إلى العيد، وهذا باتِّفاق الأئمَّة الأربعة) ((مجموع الفتاوى)) (24/220). وقال ابنُ عُثَيمين: (إنَّ السُّنة أن يجهر به؛ إظهارًا للشعيرة، لكن النِّساء يُكبِّرْنَ سرًّا، إلَّا إذا لم يكُن حولهنَّ رجالٌ، فلا حرجَ في الجهر) ((الشرح الممتع)) (5/158). ، وهذا مذهبُ الجمهور: المالِكيَّة ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (1/399)، وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/103)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/649). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (5/39)، وينظر: (الأم)) للشافعي (1/264)، ((الحاوي الكبير)) للماوردي (2/484). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/57)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/273). ، وهو روايةٌ عن أبي حَنيفةَ ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/72)، ((حاشية ابن عابدين)) (2/170). ، وقال به من الحَنَفيَّة أبو يوسف ومحمَّد بن الحسن ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/72)، ((حاشية ابن عابدين)) (2/170). والطحاويُّ ((حاشية ابن عابدين)) (2/170). .الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّةعن أمِّ عَطيَّةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((كنَّا نُؤمَر أنْ نَخرُجَ يومَ العيدِ، حتى نُخرِجَ البكرَ مِن خِدْرِها، وحتَّى نُخرِجَ الحُيَّضَ، فيكنَّ خلْفَ الناسِ، فيُكبِّرْنَ بتكبيرِهم، ويَدْعون بدُعائِهم، يرجونَ بَركةَ ذلِك اليومِ وطُهرتَه)) رواه البخاري (971) واللفظ له، ومسلم (890). .وَجْهُ الدَّلالَةِ: أنَّه لولا إظهارُ التكبيرِ من الرِّجالِ، لَمَا كبَّر النساءُ خَلفَهم بتكبيرِهم قال ابنُ رجب: (في هذا الحديث: دليلٌ على أنَّ إظهارَ التكبير للرِّجال مشروعٌ في يوم العيد، ولولا إظهارُه من الرجال لَمَا كبَّر النِّساء خلفَهم بتكبيرِهم) ((فتح الباري)) (6/134). . ثانيًا: من الآثار 1- (كان ابنُ عُمرَ وأبو هُرَيرَة يَخرُجانِ إلى السوقِ في أيَّامِ العشرِ يُكبِّرانِ، ويُكبِّر الناسُ بتكبيرِهما) رواه البخاري معلَّقًا بصيغة الجزم قبل حديث (969)، ورَوى أثرَ ابنِ عُمر موصولًا ابنُ أبي شَيبةَ في ((المصنف)) (2/164)، والبيهقيُّ (3/279) (6348). صحَّحه الألباني في ((إرواء الغليل)) (651). ويُنظر ((تغليق التعليق)) لابن حجر (2/377، 378). .2- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّه كان إذا غدَا يومَ الفِطرِ ويومَ الأضحى يَجهَر بالتكبيرِ حتى يأتيَ المصلَّى، ثم يُكبِّرَ حتى يأتيَ الإمامُ)) رواه الدارقطني (2/45). صحَّحه الألباني في ((إرواء الغليل)) (650) .ثالثًا: ما في التكبيرِ ورفْعِ الصوتِ بهِ من إظهارِ شعائرِ الإسلامِ، وتذكيرِ الغَيرِ ((المغني)) لابن قدامة (2/273). .الفرع الرابع: حُكمُ التَّكبيرِ الجَماعيِّلا يُشرَعُ التكبيرُ الجماعيُّ [6764] وهو: (أنْ يرفع جماعة-اثنان فأكثر- الصوتَ بالتكبير جميعًا، يبدءونه جميعًا، وينهونه جميعًا، بصوتٍ واحدٍ، وبصفةٍ خاصةٍ) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/21) في العِيدينِ، ونصَّ فقهاءُ المالِكيَّة على أنَّه بدعةٌ قال الحطاب: (وأمَّا ما يَفعلُه بعضُ الناس اليوم أنه إذا سلَّم الإمامُ من صلاته كبَّر المؤذِّنون على صوتٍ واحدٍ على ما يُعلم مِن زعقاتهم، ويُطوِّلون فيه، والناس يستمعونَ إليهم ولا يُكبِّرون في الغالِب، وإنْ كبَّر أحد منهم فهو يَمشي على أصواتهم، وذلك كله من البِدع، وفيه إخرامُ حُرمةِ المسجدِ، والتشويش على المصلِّين والتالين والذاكرين) ((مواهب الجليل)) (2/582). وقال العدويُّ: (ويُكبِّر كلُّ واحد وحدَه في الطريق، وفي المصلَّى، ولا يُكبِّرون جماعةً؛ لأنه بدعة) ((حاشية العدوي)) (1/497). وقال النفراويُّ: (ولا يُكبِّرون جماعة؛ لأنَّه بدعة) ((الفواكه الدواني)) (2/649). ، وقرَّره الشاطبيُّ قال الشاطبيُّ: (إذا ندَب الشرعُ إلى ذكر الله فالْتَزم قومٌ الاجتماع عليه على لسانٍ واحد، وصوت واحد، لم يكن في ندْب الشرعِ ما يدلُّ على هذا التخصيص الملتزَم؛ لأنَّ التزام الأمورِ غيرِ اللازمة يُفهم على أنه تشريع، وخصوصًا مع مَن يُقتدى به في مجامِع الناس كالمساجد، فإذا أُظهرت هذا الإظهار، ووُضِعت في المساجد كسائرِ الشعائرِ كالأذان، وصلاة العيدين والكسوف، فُهِم منها- بلا شكٍّ- أنها سُنَّة إنْ لم تُفهَم منها الفرضيَّة، فلم يتناولها الدليلُ المستدَلُّ به، فصارتْ من هذه الجِهة بِدَعًا مُحدَثة) ((الاعتصام)) (1/249). ، وهو قولُ ابنِ باز قال ابنُ باز: (أمَّا التكبيرُ الجماعيُّ المبتدع، فهو أن يرفع جماعةً- اثنان فأكثر- الصوت بالتكبير جميعًا، يبدؤونه جميعًا، وينهونه جميعًا بصوتٍ واحدٍ، وبصفة خاصَّة. وهذا العمل لا أصلَ له، ولا دليلَ عليه, فهو بدعةٌ في صِفة التكبير ما أنزل الله بها من سُلطان, فمَن أنكر التكبيرَ بهذه الصفة، فهو مُحِقٌّ) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/21). وقال أيضًا: (المشروعُ أن يُكبِّر المسلمُ على الصفة المشروعة الثابتة بالأدلَّة الشرعيَّة، وهي التكبير فُرادَى، وقد أنكر التكبيرَ الجماعيَّ ومنَع منه سماحةُ الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية رحمه الله، وأصدر في ذلك فتوى، وصدَر منِّي في مَنْعِه أكثرُ من فتوى، وصدَر في منعه أيضًا فتوى من اللَّجنة الدَّائمة للبحوث العلميَّة والإفتاء، وألَّف فضيلة الشيخ حمود بن عبد الله التويجريُّ رحمه الله رسالةً قيِّمة في إنكاره والمنْع منه، وهي مطبوعةٌ ومتداولة) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/22). ، والألبانيِّ قال الألبانيُّ: (الجهرُ بالتكبير هنا لا يُشرع فيه الاجتماعُ عليه بصوتٍ واحد كما يفعله البعضُ، وكذلك كلُّ ذِكْر يُشرعُ فيه رفْع الصوتِ أو لا يُشرع، فلا يُشرع فيه الاجتماعُ المذكور) ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (1/329). ، وابنِ عُثيمين قال ابنُ عُثَيمين: (الذي يَظهرُ أنَّ التكبير الجماعيَّ في الأعياد غيرُ مشروع، والسُّنَّة في ذلك أنَّ الناس يُكبِّرون بصوتٍ مرتفع، كلٌّ يكبِّر وحده) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (16/268). وقال أيضًا: (في حديثِ أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه أنَّهم كانوا مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الحجِّ، فمِنهم المهلُّ، ومنهم المكبِّر، ولم يكونوا على حالٍ واحدٍ) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (16/261). .الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّةعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن أَحْدَثَ في أَمرِنا هذا ما ليسَ منه، فهو ردٌّ)) رواه البخاري (2697)، ومسلم (1718) واللفظ له. .ثانيًا: أنَّه ليس في الشَّرعِ ما يدلُّ على هذا التَّخصيصِ الملتزَم؛ لأنَّ التزامَ الأمورِ غيرِ اللازمةِ يُفهَمُ على أنَّه تشريعٌ، وخصوصًا مع مَن يُقتدَى به في مجامعِ الناسِ كالمساجدِ ((الاعتصام)) للشاطبي (1/249). . ثالثًا: أنَّه لم يفعلْه السَّلفُ الصالحُ، لا مِن الصَّحابةِ، ولا مِن التابعين، ولا تابعيهم، وهم القدوةُ، والواجبُ الاتباعُ وعدمُ الابتداعِ في الدِّينِ ((فتاوى اللَّجنة الدَّائمة- المجموعة الأولى)) (8/311). . انظر أيضا: المَطلَب الأوَّل: التكبيرُ في عيدِ الأَضْحَى . المَطلَب الثَّاني: التكبيرُ في عيدِ الفِطرِ.