تجوزُ الوَصيَّةُ لآلِ بَيتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وذلك باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّةِ [278] ((البناية)) للعَيْني (13/403)، ((الفتاوى الهندية)) (6/118)، ((حاشية ابن عابدين)) (2/351). ، والمالِكيَّةِ [279] ((عقد الجواهر الثمينة)) لابن شاس (3/350) وفيه التصريح بصحة الوصية لهم. وهو مقتضى قولهم بجواز الوقف عليهم، يُنظر: ((مواهب الجليل)) للحطاب (5/9)، ((منح الجليل)) لعليش (3/246) ، والشَّافِعيَّةِ [280] ((روضة الطالبين)) للنووي (6/185) و (6/177)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/62). ، والحَنابِلةِ [281] ((الفروع)) لابن مفلح (7/382)، ((الإنصاف)) للمَرْداوي (7/74). .وذلك للآتي:أوَّلًا: عُمومُ أدِلَّةِ جَوازِ الوَصيَّةِ.ثانيًا: أنَّ الوَصيَّةَ يُعتَبَرُ فيها لَفظُ المُوصِي [282] ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (4/285). ، فإذا أوصى المُوصِي لآلِ بَيتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صَحَّ ذلك.ثالثًا: أنَّ آلَ البَيتِ مُنِعوا من الصَّدَقةِ الواجِبةِ -الزَّكاةِ-؛ لكَونِها مِن أوساخِ النَّاسِ [283] ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (2/291). ويُنظر: ((الجوهرة النيرة)) للحدادي (1/130)، ((فتح القدير)) لابن الهُمام (2/274)، ((سبل السلام)) للصنعاني (2/147). ، والوصيَّةُ ليست كذلك. انظر أيضا: المبحثُ الأولُ: الوصيَّةُ لوارِثٍ. المبحثُ الثالثُ: الوصيَّةُ للأجنبيِّ. المبحثُ الرابعُ: الوصيةُ للغَنيِّ . المبحثُ الخامسُ: الوصيَّةُ للحَملِ (الجَنين في البطنِ).

تَصِحُّ الوصيَّةُ للأجنبيِّ [284] المقصودُ بالأجنبيِّ هو البعيدُ غيرُ القريبِ للموصِي. في حُدودِ الثلُثِ، ولا تَجوزُ بما زاد على الثلُثِ إلَّا أنْ يُجيزَه الورَثةُ، وذلك باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحنَفيَّةِ [285] ((المبسوط)) للسَّرَخْسي (28/126)، ((البحر الرائق)) لابن نُجَيْم (8/481)، ((الفتاوى الهندية)) (6/90). ، والمالكيَّةِ [286] ((الكافي)) لابن قُدامة (2/1026)، ((شرح الزُّرْقاني على مختصر خليل)) (8/333)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (9/540). ، والشَّافعيَّةِ [287] ((روضة الطالبين)) للنووي (6/109)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (7/21). ، والحنابلةِ [288] ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (2/442، 456)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (4/329)، ((مطالب أولي النهى)) للرُّحَيْباني (4/449، 450). ، وهو قولُ أكثرِ أهلِ العِلمِ [289] قال ابنُ قُدامةَ: (فإنْ أوصى لغَيرِهم وترَكَهم [أي: الأقاربَ، صحَّت وَصيَّتُه، في قولِ أكثرِ أهلِ العلمِ؛ منهم: سالمٌ، وسُليمانُ بنُ يَسارٍ، وعطاءٌ، ومالكٌ، والثَّوريُّ، والأوزاعيُّ، والشافعيُّ، وإسحاقُ، وأصحابُ الرأْيِ). ((المغني)) (6/140). ، وحُكيَ الإجماعُ على ذلك [290] قال القُرطبيُّ: (اتَّفقوا أنَّه إذا أوصى بأكثرَ مِن ثُلثِه لأجنبيٍّ جاز بإجازتِهم). ((تفسير القرطبي)) (2/265). وقال ابنُ تَيميَّةَ: (لو أَوصى لوارثٍ أو لأجنبيٍّ بزائدٍ على الثلُثِ، فأجاز الورثةُ الوَصيَّةَ بعدَ موتِ الموصِي؛ صحَّتِ الإجازةُ بلا نزاعٍ). ((المستدرك على مجموع الفتاوى)) (4/117). .الأدِلَّةُ:أولًا: مِن السُّنةِ1- عن عامرِ بنِ سعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ، عن أبيهِ رضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يَعودُني عامَ حَجَّةِ الوداعِ مِن وجَعٍ اشتدَّ بي، فقلتُ: إنِّي قد بلَغَ بي منَ الوَجعِ وأنا ذو مالٍ، ولا يَرِثُني إلَّا ابنةٌ؛ أفأتصدَّقُ بثُلُثَيِ مالي؟ قال: لا. فقلتُ: بالشَّطرِ؟ فقال: لا، ثمَّ قال: الثُّلُثُ، والثلُثُ كبيرٌ -أو كثيرٌ-؛ إنَّك أنْ تَذَرَ ورَثتَك أغنياءَ خيرٌ مِن أنْ تَذَرَهم عالةً يَتكفَّفونَ الناسَ...)) [291] أخرجه البخاري (1295) واللفظُ له، ومسلم (1628). .وَجْهُ الدَّلالةِ:قولُه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ((الثلُثُ والثلثُ كبيرٌ -أو كثيرٌ-)) دَليلٌ على عدَمِ جوازِ الوصيَّةِ بأكثرَ من الثلُثِ [292] ((المنتقى)) للباجي (6/156)، ((تحفة الأحوذي)) للمباركفوري (4/43). .2- عن عِمرانَ بنِ حُصينٍ رضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ رجُلًا أعتَقَ سِتَّةَ مَملوكينَ له عندَ مَوتِه، لم يكُنْ له مالٌ غيرَهم، فدَعا بهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فجزَّأهم أثلاثًا، ثمَّ أقرَعَ بينَهم، فأعتَقَ اثنيْنِ وأرَقَّ أربعةً، وقال له قولًا شديدًا)) [293] أخرجه مسلم (1668). .وَجْهُ الدَّلالةِ:أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أقرَّ العِتقَ في ثُلثِه لغَيرِ قَرابتِه [294] ((المغني)) لابن قُدامة (6/140). .ثانيًا: لأنَّها عطيَّةٌ؛ فجازَتْ لغيرِ قَرابتِه، كالعطيَّةِ في الحياةِ [295] ((المغني)) لابن قُدامة (6/140). .ثالثًا: لأنَّ الحقَّ للورَثةِ، فإذا أجازوا بما زاد على الثلُثِ فقد رَضُوا بإسقاطِ حَقِّهم؛ فيَصِحُّ [296] ((الاختيار لتعليل المختار)) للمَوْصِلي (5/63). . انظر أيضا: المبحثُ الأولُ: الوصيَّةُ لوارِثٍ. المبحثُ الثاني: الوَصيَّةُ لآلِ البَيتِ (بني هاشِمٍ) . المبحثُ الرابعُ: الوصيةُ للغَنيِّ . المبحثُ الخامسُ: الوصيَّةُ للحَملِ (الجَنين في البطنِ).

تَجوزُ الوَصيةُ للغَنيِّ، وذلك باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحنَفيَّةِ [297] ((البناية)) للعَيْني (13/473)، ((حاشية ابن عابدين)) (6/648). ، والمالكيَّةِ [298] ((التاج والإكليل)) للمَوَّاق (6/375)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (3/296)، (4/423)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (9/504، 505، 529). ، والشَّافعيَّةِ [299] ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (7/21)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/40). ، والحنابلةِ [300] ((مطالب أولي النهى)) للرُّحَيْباني (4/447). ويُنظر: ((المغني)) لابن قُدامة (6/180). .الأدِلَّةُ:أولًا: مِن السُّنةِعن إسحاقَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ أبي طَلحةَ، أنَّه سَمِعَ أنسَ بنَ مالكٍ رضِيَ اللهُ عنه يقولُ: ((كان أبو طلْحةَ أكثرَ الأنصارِ بالمدينةِ مالًا مِن نخلٍ، وكان أحَبُّ أموالِه إليه بَيْرُحاءَ، وكانت مُستقبِلةَ المسجدِ، وكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يَدخُلُها ويَشرَبُ مِن ماءٍ فيها طيِّبٍ، قال أنسٌ: فلمَّا أُنزِلتْ هذه الآيةُ: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران: 92] قام أبو طَلحةَ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فقال: يا رسولَ اللهِ، إنَّ اللهَ تَباَرك وتَعالى يقولُ: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ، وإنَّ أحبَّ أموالي إلَيَّ بَيْرُحاءُ، وإنَّها صدَقةٌ للهِ، أرْجو بِرَّها وذُخرَها عندَ اللهِ، فضَعْها يا رسولَ اللهِ حيثُ أراك اللهُ، قال: فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: بَخْ، ذلك مالٌ رابحٌ، ذلك مالٌ رابحٌ، وقد سمِعتُ ما قلتَ، وإنِّي أرى أنْ تَجعَلَها في الأقربينَ. فقال أبو طَلحةَ: أفعَلُ يا رسولَ اللهِ. فقسَمها أبو طَلحةَ في أقاربِه، وبني عمِّه)) [301] أخرجه البخاري (1461) واللفظُ له، ومسلم (998). .وَجْهُ الدَّلالةِ:أنَّه أمَرَه بتَقسيمِ هذه الصَّدقةِ على أقاربِ أبي طَلحةَ، ولم يَخُصَّ بها الفقراءَ، وفيهم أغنياءُ [302] ((التمهيد)) لابن عبد البر (1/207، 208). ، والوصيَّةُ كالصَّدقةِ.ثانيًا: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حثَّ على الهديَّةِ وإنْ كانت لِغَنيٍّ [303] ((المغني)) لابن قُدامة (6/180). ، والوصيَّةُ كالهديَّةِ.ثالثًا: لأنَّ العُلماءَ اتَّفقوا على جَوازِ إعطاءِ صَدقةِ التَّطوُّعِ للأغنياءِ [304] ((المجموع)) للنووي (6/239). ، والوصيَّةُ كالصَّدقةِ. انظر أيضا: المبحثُ الأولُ: الوصيَّةُ لوارِثٍ. المبحثُ الثاني: الوَصيَّةُ لآلِ البَيتِ (بني هاشِمٍ) . المبحثُ الثالثُ: الوصيَّةُ للأجنبيِّ. المبحثُ الخامسُ: الوصيَّةُ للحَملِ (الجَنين في البطنِ).

لا تَصِحُّ الوصيَّةُ للميِّتِ، وهو مَذهبُ الجُمهورِ [308] نصَّ المالكيَّةُ على أنَّ الموصِيَ إنْ كان لا يَعلَمُ بمَوتِ الموصَى له، فلا تَصِحُّ، أمَّا إذا كان يَعلَمُ بموتِه، فتَصِحُّ الوَصيَّةُ وتُصرَفُ في دَيْنِه إنْ كان عليه دَينٌ، وإلَّا صُرِفَت لورثتِه. ((الشرح الكبير للدَّرْدِير وحاشية الدسوقي)) (4/426)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (4/426). : الحنَفيَّةِ [309] ((الهداية)) للمَرْغِيناني (4/520)، ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (6/190). ، والشَّافعيَّةِ [310] ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/40). ويُنظر: ((الغرر البهية)) لزكريا الأنصاري (4/3)، ((حاشية البُجَيْرمي على الخطيب)) (3/344). ، والحنابلةِ [311] ((الإنصاف)) للمَرْداوي (7/185)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (4/365). .وذلك للآتي:أولًا: لأنَّ الوصيَّةَ تمليكُ مالٍ، والميتُ ليس بأهلٍ للمِلكِ [312] ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (6/190). .ثانيًا: قِياسًا على الوقفِ؛ فالوقفُ على المَيتِ لا يصِحُّ [313] ((حاشية البُجَيْرمي على الخطيب)) (3/344). .ثالثًا: قياسًا على الهِبةِ؛ فالهِبةُ للمَيتِ لا تَصِحُّ [314] ((المهذب)) للشِّيرازي (2/343). . انظر أيضا: المبحثُ الأولُ: الوصيَّةُ لوارِثٍ. المبحثُ الثاني: الوَصيَّةُ لآلِ البَيتِ (بني هاشِمٍ) . المبحثُ الثالثُ: الوصيَّةُ للأجنبيِّ. المبحثُ الرابعُ: الوصيةُ للغَنيِّ .

اختلَفَ العُلماءُ في حُكمِ الوَصيَّةِ للمَعدومِ؛ على قولَينِ:القولُ الأولُ: لا تَصِحُّ الوصيَّةُ للمعدومِ، وهو مَذهبُ الجُمهورِ: الحنَفيَّةِ [315] استَثْنى الحنَفيَّةُ إذا كان الموصَى له غيرَ معيَّنٍ؛ فإنَّه يَدخُلُ الموصَى له وإنْ لم يكُن مَوجودًا وقتَ الوَصيَّة إذا وُجِد عندَ موتِ الموصِي. ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (3/92)، ((حاشية ابن عابدين)) (6/649). ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (7/335، 336). ، والشَّافعيَّةِ [316] صحَّح الشافعيَّةُ الوَصيَّةَ للمعدومِ إذا كان تَبَعًا للموجودِ. ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (7/6)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (6/43). ، والحنابلةِ [317] الحنابلةُ لهم روايتانِ في دُخولِ المتجدِّدِ بعْدَ الوَصيَّة وقبْلَ مَوتِ الموصِي. ((الإنصاف)) للمَرْداوي (7/230، 231)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (4/357). .وذلك للآتي:أولًا: لأنَّ الوصيةَ تَمليكٌ، وتَمليكُ المَعدومِ مُمتنِعٌ [318] ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (7/6). .ثانيًا: لأنَّ الوصيَّةَ أُجرِيتْ مُجرَى المِيراثِ، ولو مات إنسانٌ لم يَرِثْه مِن الحمْلِ إلَّا مَن كان مَوجودًا، فكذلك الوصيَّةُ [319] ((المغني)) لابن قُدامة (6/182). .القولُ الثاني: تَصِحُّ الوصيَّةُ للمَعدومِ [320] كأنْ يقولَ: أوصَيتُ لمَن سيكونُ مِن وَلَدِ فلانٍ، أو يقولَ: أوصَيتُ لمَن يُولَدُ لفُلانٍ، أو يقولَ: أوصَيتُ لحَمْلِها الذي سيَحدُثُ. ، وهذا مَذهبُ المالكيَّةِ [321] ((شرح الزُّرْقاني على مختصر خليل)) (8/312)، ((الشرح الكبير للدَّرْدِير وحاشية الدسوقي)) (4/423). ، وهو وَجْهٌ للشَّافعيَّةِ [322] ((روضة الطالبين)) للنووي (6/100)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/40). وعندَ الشافعيَّةِ: إذا كان المعدومُ تَبَعًا للموجودِ، تَصِحُّ الوَصيَّة له؛ كأنْ يُوصِيَ لأولادِ زَيدٍ الموجودينَ ومَن سيَحدُثُ له مِن الأولادِ. يُنظر: ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (7/6). ، وقولٌ للحنابلةِ [323] ((المبدع)) لبرهان الدِّين ابن مفلِح (6/33)، ((الإنصاف)) للمَرْداوي (7/173). ، واختيارُ ابنِ تَيميَّةَ [324] سُئِلَ ابنُ تَيميَّةَ عن رجُلٍ له زَرعٌ ونخلٌ، فقال عندَ موتِه لأهْلِه: أنْفِقوا مِن ثُلثِي على الفُقراءِ والمساكينِ إلى أنْ يُولَدَ لِوَلدي ولَدٌ، فيكونَ لهم؛ فهلْ تَصِحُّ هذه الوَصيَّةُ أم لا؟ فأجابَ: (نعَمْ تَصِحُّ هذه الوَصيَّةُ؛ فإنَّ الوَصيَّةَ لوَلَدِ الولدِ الذين لا يَرِثون جائزةٌ، كما وصَّى الزُّبيرُ بنُ العوَّامِ لوَلَدِ عبدِ اللهِ بنِ الزُّبيرِ، والوَصيَّةُ تَصِحُّ للمعدومِ بالمعدومِ، فيكونُ الرَّيعُ للفقراءِ إلى أنْ يَحدُثَ ولَدُ الولدِ، فيكونَ لهم. واللهُ أعلَمُ). ((مجموع الفتاوى)) (31/309). . وذلك للآتي:أولًا: قِياسًا على الوقفِ؛ فإنَّه يَجوزُ على مَن يَحدُثُ مِن الأولادِ وأولادِهم [325] ((المبدع)) لبرهان الدِّين ابن مفلِح (6/33)، ((الإنصاف)) للمَرْداوي (7/173). .ثانيًا: كما تَصِحُّ الوصيَّةُ بالمعدومِ فكذلك تَصِحُّ للمَعدومِ [326] ((المبدع)) لبرهان الدِّين ابن مفلِح (6/33). .ثالثًا: لأنَّه يَصِحُّ تَملُّكُه إذا وُجِدَ [327] ((التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب)) لخليل بن إسحاق (8/483). . انظر أيضا: المبحثُ الأولُ: الوصيَّةُ لوارِثٍ. المبحثُ الثاني: الوَصيَّةُ لآلِ البَيتِ (بني هاشِمٍ) . المبحثُ الثالثُ: الوصيَّةُ للأجنبيِّ. المبحثُ الرابعُ: الوصيةُ للغَنيِّ .

يُشترَطُ في الموصَى له أنْ يكونَ مُعيَّنًا، فلا تَصِحُّ الوَصيَّةُ للمُبهَمِ [328] كأنْ يقولَ: أوصَيتُ لأحدِ هذَينِ الرجُلَينِ، أو قال: أوصَيتُ بكذا لجاري فلانٍ، أو قَرابتي فلانٍ؛ باسمٍ مُشتركٍ. ، وهذا مَذهبُ الجُمهورِ: الحنَفيَّةِ [329] ((المبسوط)) للسَّرَخْسي (28/84)، ((البحر الرائق)) لابن نُجَيْم (8/482). ، والشَّافعيَّةِ [330] ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (7/6). ويُنظر: ((الغرر البهية)) لزكريا الأنصاري (4/7). ، والحنابلةِ [331] ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (4/357)، ((مطالب أولي النهى)) للرُّحَيْباني (4/473). ؛ وذلك لأنَّ الجَهالةَ التي لا يُمكِنُ استِدراكُها تَمنَعُ مِن تَسليمِ الموصَى به إلى الموصَى له، فلا تُفيدُ الوصيَّةُ [332] ((بدائع الصنائع)) للكاساني (7/342)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (4/358). . انظر أيضا: المبحثُ الأولُ: الوصيَّةُ لوارِثٍ. المبحثُ الثاني: الوَصيَّةُ لآلِ البَيتِ (بني هاشِمٍ) . المبحثُ الثالثُ: الوصيَّةُ للأجنبيِّ. المبحثُ الرابعُ: الوصيةُ للغَنيِّ .

تَبطُلُ الوصيَّةُ إذا قتَلَ الموصَى له الموصِي، وهذا مَذهبُ الحنَفيَّةِ [333] لا تَصِحُّ الوَصيَّةُ للقاتلِ إنْ كان مكلَّفًا، سواءٌ كانت الوَصيَّةُ قبْلَ الجِنايةِ أو بعْدَها، وسواءٌ كان القتْلُ عمْدًا أو خطَأً إذا كان على سَبيلِ المباشَرةِ، بخِلافِ المتسبِّبِ؛ لأنَّه غيرُ قاتلٍ حَقيقةً، وإنْ أجاز الورثةُ الوَصيَّةَ جازت، خِلافًا لأبي يُوسفَ، وكذا تَصِحُّ الوَصيَّةُ إنْ لم يكُنْ هناك وارثٌ، أو كان القاتلُ صَبيًّا أو مَجنونًا. ((الهداية)) للمَرْغِيناني (4/514)، ((العناية)) للبابَرْتي (10/421)، ((حاشية ابن عابدين)) (6/649). ، والحنابلةِ [334] نصَّ الحنابلةُ على أنَّه إذا أوصى له بعْدَ الجرحِ فيَصِحُّ، وقَبْلَه لا يَصِحُّ. ((المبدع)) لبرهان الدِّين ابن مفلِح (6/34)، ((الإنصاف)) للمَرْداوي (7/175)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (4/358). ، وقَولٌ للشافعيَّةِ [335] ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (7/21)، ((روضة الطالبين)) للنووي (6/107)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (7/13، 14). ، واختارَهُ ابنُ القيِّمِ [336] ((إعلام الموقعين)) لابن القيم (5/519). .وذلك للآتي:أولًا: لأنَّ القتْلَ يَمنَعُ الميراثَ الذي هو آكَدُ منها، فالوصيَّةُ أَولى، وكِلاهما يَجِبُ بالمَوتِ [337] ((مختصر اختلاف العُلماء)) للطحاوي (5/20)، ((المبدع)) لبرهان الدِّين ابن مفلِح (6/34). ويُنظر: ((الهداية)) للمَرْغِيناني (4/514)، ((العناية)) للبابَرْتي (10/421). .ثانيًا: لأنَّه عُومِلَ بنَقيضِ قَصدِه، فحُرِمَ مِن الوَصيَّةِ [338] ((المبدع)) لبرهان الدِّين ابن مفلِح (6/34). ويُنظر: ((الهداية)) للمَرْغِيناني (4/514)، ((العناية)) للبابَرْتي (10/421). . انظر أيضا: المبحثُ الأولُ: الوصيَّةُ لوارِثٍ. المبحثُ الثاني: الوَصيَّةُ لآلِ البَيتِ (بني هاشِمٍ) . المبحثُ الثالثُ: الوصيَّةُ للأجنبيِّ. المبحثُ الرابعُ: الوصيةُ للغَنيِّ .

تَجوزُ الوصيَّةُ للذِّميِّ [339] وكذلك تَجوزُ للكافرِ المعاهَدِ والمستأمَنِ. يُنظر: ((العناية)) للبابَرْتي (10/496)، ((حاشية ابن عابدين)) (6/655)، ((الإشراف على نكت مسائل الخلاف)) للقاضي عبد الوهاب (2/1015)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (7/13). فيما يَجوزُ له تَملُّكُه [340] والذي لا يَجوزُ للذِّمِّيِّ تَملُّكُه لا تجوزُ فيه الوَصيَّةُ له؛ كالمصحَفِ. يُنظر: ((المغني)) لابن قُدامة (6/218)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (9/505). .الأدِلَّةُ:أولًا: مِنَ الكِتابِقولُه تعالى: إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا [الأحزاب: 6].وَجْهُ الدَّلالةِ:فسَّرَ بعضُ العُلماءِ الآيةَ بأنَّها وَصيَّةُ المسلمِ لليهوديِّ والنَّصرانيِّ [341] ((المغني)) لابن قُدامة (6/217). .ثانيًا: مِن الآثارِعن عِكْرمةَ: (أنَّ صفيَّةَ بنتَ حُيَيٍّ باعتْ حُجْرتَها مِن مُعاويةَ بمئةِ ألفٍ، وكان لها أخٌ يَهوديٌّ، فعرَضَت عليه أنْ يُسلِمَ فيَرِثَ، فأبى، فأوصَتْ له بثلُثِ المئةِ) [342] أخرجه سعيد بن منصور في ((السنن)) (437). .وفي لفظٍ: عن بُكَيرِ بنِ عبدِ اللهِ، أنَّ أمَّ عَلْقمةَ مَولاةَ عائشةَ زوجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حدَّثتْه: (أنَّ صَفيَّةَ بنتَ حُيَىِّ بنِ أخْطَبَ رضِيَ اللهُ عنها أوصَتْ لابنِ أخٍ لها يَهوديٍّ، وأوصَت لعائشةَ رضِيَ اللهُ عنها بألفِ دينارٍ، وجعَلَتْ وَصيَّتَها إلى ابنٍ لعبدِ اللهِ بنِ جَعفرٍ، فلمَّا سمِعَ ابنُ أخيها أسلَمَ لكيْ يَرِثَها، فلم يَرِثْها، والْتمَسَ ما أَوصَت له فوجَدَ ابنَ عبدِ اللهِ قد أفسَدَه، فقالتْ عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها: بُؤسًا له! أعْطُوه الألْفَ الدِّينارِ التي أَوصَت لي بها عمَّتُه) [343] أخرجه البيهقي (13027). .ثالثًا: مِن الإجماعِ نقَلَ الإجماعَ على صِحَّةِ الوصيَّةِ للذِّميِّ: ابنُ حزْمٍ [344] قال ابنُ حزْمٍ: (الوَصيَّةُ للذِّمِّيِّ جائزةٌ، ولا نَعلَمُ في هذا خِلافًا). ((المحلى)) (8/364). ، وابنُ قُدامةَ [345] قال ابنُ قُدامةَ: (تصِحُّ وَصيَّةُ المسلمِ للذِّمِّيِّ، والذِّمِّيِّ للمُسلمِ، والذِّميِّ للذِّميِّ. رُويَ إجازةُ وَصيَّةِ المُسلمِ للذِّميِّ عن شُرَيحٍ، والشَّعبيِّ، والثَّوْريِّ، والشافِعيِّ، وإسحاقَ، وأصحابِ الرأيِ، ولا نَعلَمُ عن غيرِهم خِلافَهم). ((المغني)) (6/217). ، وابنُ مُفلِحٍ [346] قال ابنُ مُفلِح: (تصِحُّ الوَصيَّةُ لكلِّ مَن يَصِحُّ تَمليكُه مِن مُسلمٍ وذِمِّيٍّ، بغيرِ خِلافٍ نَعلَمُه). ((المبدع)) (6/29). ، والمَرْداويُّ [347] قال المَرْداويُّ: (تصِحُّ الوَصيَّةُ للمسلِمِ والذِّمِّيِّ بلا نِزاعٍ). ((الإنصاف)) (7/166). وحُكيَ عن بَعضِ المالكيَّةِ القولُ بالكراهةِ. يُنظر: ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (4/426)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (9/511). .رابعًا: لأنَّه تَصِحُّ له الهِبةُ والصَّدقةُ؛ فصَحَّت له الوصيَّةُ [348] ((المغني)) لابن قُدامة (6/217)، ((المجموع)) للنووي (15/416). . خامسًا: لأنَّهم بعقْدِ الذِّمَّةِ الْتَحقوا بالمسلمينَ في المُعاملاتِ؛ ولهذا جازَ التَّبرُّعُ المُنجَّزُ في حالةِ الحياةِ مِن الجانبَينِ، فكذا المُضافُ إلى ما بعْدَ المماتِ [349] ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (6/183). . انظر أيضا: المبحثُ الأولُ: الوصيَّةُ لوارِثٍ. المبحثُ الثاني: الوَصيَّةُ لآلِ البَيتِ (بني هاشِمٍ) . المبحثُ الثالثُ: الوصيَّةُ للأجنبيِّ. المبحثُ الرابعُ: الوصيةُ للغَنيِّ .

لا تَصِحُّ الوصيَّةُ للحَرْبيِّ، وهو مَذهبُ الحنَفيَّةِ [351] وقيَّدوه بما إذا كان الحَرْبيُّ بدارِ الحربِ. ((حاشية ابن عابدين)) (6/655). ، والمالكيَّةِ [352] ((منح الجليل)) لعُلَيْش (9/511). ويُنظر: ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (4/583). ، ووَجْهٌ للشَّافعيَّةِ [353] ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (7/20)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/43). ، وقَولٌ للحنابلةِ [354] ((المبدع)) لبرهان الدِّين ابن مفلِح (6/29، 30)، ((الإنصاف)) للمَرْداوي (7/166). .الأدِلَّةُ:أولًا: مِنَ الكِتابِقولُه تعالى: إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ [الممتحنة: 9]. وَجْهُ الدَّلالةِ:أنَّ اللهَ تعالى نَهانا عن بِرِّ مَن قاتَلَنا، والوصيَّةُ لهم نَوعٌ مِن البِرِّ [355] ((المبدع)) لبرهان الدِّين ابن مفلِح (6/29). .ثانيًا: لأنَّ الشَّرعَ أمَرَ بقتْلِه، فلا معْنى للوصيَّةِ له، كالوقفِ عليه [356] ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/43). .ثالثًا: لأنَّ الوصيةَ للحَرْبيِّ تَقويةٌ له [357] ((منح الجليل)) لعُلَيْش (9/511). . انظر أيضا: المبحثُ الأولُ: الوصيَّةُ لوارِثٍ. المبحثُ الثاني: الوَصيَّةُ لآلِ البَيتِ (بني هاشِمٍ) . المبحثُ الثالثُ: الوصيَّةُ للأجنبيِّ. المبحثُ الرابعُ: الوصيةُ للغَنيِّ .

لا يُشترَطُ في الموصَى له أنْ يكونَ ممَّن يُحصى [363] فتَصِحُّ الوَصيَّةُ للأغنياءِ والفقراءِ والمساكينِ دونَ حصْرٍ، أو لجمْعٍ معيَّنٍ غيرِ مُنحصِرٍ؛ كبَني فُلانٍ مثلًا. ، وهذا مَذهبُ الجُمهورِ [364] كما لا يُشترَطُ في الموصَى لهم إذا كانوا فقراءَ أو مساكينَ أنْ يكونوا مَحصورينَ؛ بحيث يُمكِنُ إحصاؤهم، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحنَفيَّةِ، والمالكيَّةِ، والشافعيَّةِ، والحنابلةِ؛ وذلك لأنَّ الوَصيَّةَ على الفُقراءِ والمساكينِ سَبيلُ الصَّدقةِ، ولا يُشترَطُ في الصَّدقةِ حصْرُهم أو إحصاؤهم. يُنظر: ((المبسوط)) للسَّرَخْسي (27/143)، ((الشرح الكبير للدَّرْدِير وحاشية الدسوقي)) (4/434)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/62)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (4/344). : المالكيَّةِ [365] ((التاج والإكليل)) للمَوَّاق (6/374)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (9/533). ، والشَّافعيَّةِ -في الأظهرِ عندَهم- [366] ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/62)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (6/81). ، والحنابلةِ [367] ((الإقناع)) للحَجَّاوي (3/51)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (4/344). .وذلك للآتي:أولًا: قياسًا على صِحَّةِ الوَصيَّةِ للفُقراءِ والمساكينِ [368] ((المغني)) لابن قُدامة (6/180)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/62). .ثانيًا: قياسًا على الزَّكاةِ؛ فإنَّ اللهَ تعالى أمَرَ بإخراجِها إلى أقوامٍ لا يَنحصِرُ عدَدُهم [369] ((الحاوي)) للماوَرْدي (8/784). . انظر أيضا: المبحثُ الأولُ: الوصيَّةُ لوارِثٍ. المبحثُ الثاني: الوَصيَّةُ لآلِ البَيتِ (بني هاشِمٍ) . المبحثُ الثالثُ: الوصيَّةُ للأجنبيِّ. المبحثُ الرابعُ: الوصيةُ للغَنيِّ .