الاستحاضةُ لغةً:الاستحاضة: أَن يستمِرَّ بالمرأةِ خُروجُ الدَّمِ بعدَ أيَّامِ حَيضِها المعتادِ، مِنْ عِرْقٍ يقال له: العاذِلُ، غيرِ عِرْقِ المحيضِ. يقال: استُحِيضَتْ، فهي مُستحاضَةٌ، وهو استفعالٌ مِنَ الحَيْضِ ((لسان العرب)) لابن منظور (7/143)، ((المصباح المنير)) للفيومي (1/159). .الاستحاضةُ اصطلاحًا: سَيلان الدَّمِ في غيرِ وَقتِه من أدْنى الرَّحِمِ دونَ قَعرِه الغالب: أنَّ الفُقهاءَ يُطلِقونَه على سَيَلانِ الدَّم بعد أيَّامِ الحَيضِ، أو إذا تجاوزَ الدمُ أكثرَ الحَيضِ. ((النهاية في غريب الحديث والأثر)) لابن الأثير (1/469)، ((لسان العرب)) لابن منظور (7/143)، ((أنيس الفقهاء)) (ص: 14)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/136، 144)، ((روضة الطالبين)) للنووي (1/137)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/206). .صفةُ دَمِ الاستحاضةِ: رقيقٌ وليس بثخينٍ، غيرُ مُنتِن، ويتجمَّدُ إذا ظهَر ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/226)، ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص: 32)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (3/1007)، ((الأم)) للشافعي (1/78)، ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/390)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (1/341)، ((المغني)) لابن قدامة (1/190،226)، ((شرح العمدة)) لابن تيمية (1/499)، ((مجموع فتاوى ابن باز)) (29/111)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/487-488). . انظر أيضا: المبحث الثاني: المستحاضة المعتادة المميِّزة. المبحث الثَّالث: المستحاضة المعتادة غير المميِّزة. المبحث الرابع: المستحاضة المميِّزة غير المعتادة. المبحث الخامس: المستحاضة غير المعتادة ولا المميِّزة.

المُستحاضة المُعتادةُ المميِّزة المميِّزة: هي مَن اتَّصلَ بها الدَّم، وبعضُه أسودُ ثخينٌ مُنتِن الرَّائحة، وبعضُه أحمرُ رقيقٌ غيرُ مُنتنٍ، فتميِّز مِن دَمِها ما كان أسودَ ثخينًا نتنًا، فيكون حيضًا، وما كان منه أحمَرَ رقيقًا، فهو استحاضةٌ. ينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/391)، و((البيان في مذهب الإمام الشافعي)) للعمراني (1/357). تعمَلُ بالعادةِ لا بالتَّمييزِ؛ وهو مذهَبُ الحنفيَّة ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/41)، ((فتح القدير)) للكمال بن الهمام (1/177). ، والحنابلة ((الفروع)) لابن مفلح (1/378)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/208). ، ووجهٌ عند الشَّافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (1/150)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/404). ، واستظهَرَه ابن تيميَّة قال ابن تيميَّة: (هو ظاهِرُ الحديثِ). ((مجموع الفتاوى)) (21/629). ، واختاره ابنُ عُثيمين قال ابن عثيمين: (الرَّاجح أنَّها ترجِعُ للعادة). ((الشرح الممتع)) (1/492)، وينظر: ((رسالة في الدماء الطبيعية للنساء)) (ص: 40). .الأدلَّة:أولًا: مِن السُّنَّةِ1- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّ فاطمةَ بنتَ أبي حُبيشٍ سألت النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قالت: إنِّي أُستحاضُ فلا أطهُرُ، أَفأدَعُ الصَّلاةَ؟ فقال: لا، إنَّ ذلكِ عِرقٌ، ولكن دَعي الصَّلاةَ قدْرَ الأيَّامِ التي كنت تَحيضينَ فيها، ثم اغتسلِي وصلِّي)) رواه البخاري (325) واللفظ له، ومسلم (333). .2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها زوجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّها قالت: ((إنَّ أمَّ حبيبةَ بنتَ جحش- التي كانت تحتَ عبد الرَّحمن بن عوف- شكَتْ إلى رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الدَّمَ، فقال لها: امكُثي قدْرَ ما كانت تحبسُكِ حيضتُك، ثمَّ اغتَسلي)) رواه مسلم (334). .وجه الدَّلالة من الأحاديث: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ردَّها إلى عادتِها، ولم يستفصِلْ، مع احتمالِ وجودِ التَّمييز، فعُلِمَ أنَّ مَن كانت لها عادةٌ، فإنَّها تَرجِعُ إلى عادتِها مطلقًا، سواء ميَّزت الدَّم أو لم تميِّزه ((رسالة في الدماء الطبيعية للنساء)) (ص: 41). .ثانيًا: أنَّ العادةَ أقوى العلاماتِ؛ لأنَّ الأصلَ مقامُ الحيضِ دونَ غَيرِه ((مجموع الفتاوى)) (21/630). .ثالثًا: أنَّه أيسَرُ وأضبَطُ للمرأة؛ لأنَّ هذا الدَّمَ الأسودَ، أو المُنتِنَ، أو الغليظَ، ربَّما يضطرِبُ، ويتغيَّر أو ينتقِلُ إلى آخِرِ الشَّهرِ، أو أوَّله، أو يتقطَّعُ بحيث يكون يومًا أسودَ، ويومًا أحمَرَ ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/492). . انظر أيضا: المبحث الأول: تعريفُ الاستحاضة وصِفةُ دَمِها. المبحث الثَّالث: المستحاضة المعتادة غير المميِّزة. المبحث الرابع: المستحاضة المميِّزة غير المعتادة. المبحث الخامس: المستحاضة غير المعتادة ولا المميِّزة.

المستحاضةُ المعتادة غيرُ المميِّزة، تجلِسُ مقدارَ عادتِها، ثم تغتسِلُ وتصلِّي؛ وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحنفيَّة ((البناية)) للعيني (1/664)، وينظر: (بدائع الصنائع)) للكاساني (1/41)، ((فتح القدير)) للكمال بن الهمام (1/177). ، والشَّافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (1/145)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (1/344). ، والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/365)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/207). .الأدلَّة مِن السُّنَّةِ: 1- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّ فاطمةَ بنت أبي حُبَيشٍ سألت النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قالت: إنِّي أُستحاضُ فلا أطهُر؛ أَفأَدعُ الصَّلاة؟ فقال: لا، إنَّ ذلكِ عِرقٌ، ولكن دَعي الصَّلاةَ قدْرَ الأيَّامِ التي كنتِ تحيضينَ فيها، ثم اغتسلي وصلِّي)) رواه البخاري (325)، ومسلم (333). .2- عن عائشةَ زوج النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّها قالت: ((إنَّ أمَّ حبيبةَ بنتِ جَحشٍ- التي كانت تحتَ عبد الرَّحمن بن عوف- شكَتْ إلى رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الدَّمَ، فقال لها: امكُثي قدْرَ ما كانت تحبِسُك حيضتُك، ثمَّ اغتسلي)) رواه مسلم (334). . انظر أيضا: المبحث الأول: تعريفُ الاستحاضة وصِفةُ دَمِها. المبحث الثاني: المستحاضة المعتادة المميِّزة. المبحث الرابع: المستحاضة المميِّزة غير المعتادة. المبحث الخامس: المستحاضة غير المعتادة ولا المميِّزة.

مَنْ ميَّزَت الدَّمَ ولم تكن لها عادةٌ، فإنَّها تعمَلُ بالتمييزِ، وهذا مَذهَبُ الشَّافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (1/140)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/390). ، والحنابلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/209)، وينظر: ((الشرح الكبير)) لابن قدامة (1/329، 334). ، واختاره ابنُ تيميَّةَ ((مجموع الفتاوى)) (21/22). ، والشَّوكاني قال الشوكاني: (فالمستحاضةُ- وهي التي يستمِرُّ خروجُ الدمِ منها- تعمل على العادةِ المُتقَرِّرة، فتكونُ فيها حائضًا يثبُتُ لها فيه أحكامُ الحائِضِ، وفي غيرِ أيَّامِ العادة طاهرًا لها حُكمُ الطاهِرِ، كما أفادت ذلك الأحاديثُ الصَّحيحةُ الواردة من غير وجه، فإذا لم تكن لها عادةٌ مُتقرِّرة، كالمُبتدَأة والمُلتبسةِ عليها عاداتُها، فإنَّها ترجع إلى التَّمييزِ، فإنَّ دَمَ الحيضِ أسوَدُ يُعرَف، كما قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) ((الدراري المضية)) (1/68). ، وابن باز قال ابن باز: (للمرأةِ المستحاضةِ في ذلك ثلاثةُ أحوالٍ؛ أحدها: أن تكون مُبتدأة، فعليها أن تجلِسَ ما تراه من الدمِ كلَّ شَهرٍ، فلا تُصَلِّي ولا تصوم، ولا يحِلُّ لزوجها جماعُها حتى تطهُرَ، إذا كانت المدَّةُ خمسة عشر يومًا أو أقلَّ، عند جمهور أهل العِلمِ. فإن استمَرَّ معها الدَّمُ أكثَرَ مِن خمسةَ عشرَ يومًا، فهي مُستحاضةٌ، وعليها أن تعتبِرَ نَفسَها حائضًا ستَّةَ أيام أو سبعةَ أيام بالتحرِّي والتأسي، بما يحصُلُ لأشباهِها مِن قَريباتِها، إذا كان ليس لها تمييزٌ بين دمِ الحَيضِ وغَيرِه. فإن كان لديها تمييزٌ امتنعت عن الصَّلاةِ والصَّومِ وعن جماعِ الزَّوجِ لها، مُدَّةَ الدَّمِ المتمَيِّز بسوادٍ أو نتْنِ رائحةٍ، ثم تغتسِلُ وتصَلِّي، بشرط: ألَّا يزيدَ ذلك عن خمسةَ عشَرَ يومًا). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (10/223). ، وابن عثيمين قال ابن عثيمين: (إن استغرق دمُ المبتدَأة أكثَرَ الوقت، فإنها حينئذٍ مُستحاضة، ترجع إلى التَّمييزِ، فإن لم يكنْ تمييزٌ، فغالِبُ الحيضِ أو حَيض نسائِها، هذا هو الصَّحيحُ) ((الشرح الممتع)) (1/495). وقال أيضًا: (الحالة الثانية: ألَّا يكونَ لها حيضٌ معلومٌ قبل الاستحاضةِ، بأن تكونَ الاستحاضةُ مستمرةً بها من أوَّلِ ما رأتِ الدَّمَ من أوَّلِ أمرِها، فهذه تعمَلُ بالتمييز، فيكون حَيضُها ما تميَّز بسوادٍ أو غِلْظَةٍ أو رائحةٍ يثبْتُ له أحكامُ الحيض، وما عداه استحاضةٌ يثبتُ له أحكامُ الاستحاضةِ). ((رسالة في الدماء الطبيعية للنساء)) (ص: 41).    . الأدلَّة: أوَّلًا: من الكتابقولُ الله تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى [البقرة: 222].وجه الدَّلالة: أنَّ الشَّارِعَ علَّق أحكامَ الحيضِ بوُجودِه، وهذا دَمُ الحَيضِ بوصفِه، والله قد بيَّن لنا الحيضَ بوَصفٍ مُنضبطٍ، فما دام هذا الأذى موجودًا فهو حَيضٌ ((رسالة في الدماء الطبيعية للنساء)) (ص: 16)، ((الشرح الممتع)) (1/496، 497). .ثانيًا: مِن السُّنَّةِعن أمِّ سلمةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((بَينا أنا مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مضطجعةٌ في خميصةٍ، إذ حِضْتُ، فانسلَلتُ فأخذتُ ثيابَ حَيضتي، قال: أنفِسْتِ؟ قلت: نعَمْ، فدعاني، فاضطجعتُ معه في الخميلةِ)) رواه البخاري (298) واللفظ له، ومسلم (296). .ثالثًا: من الآثارعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: (كانتْ تَبعثُ إليها النِّساءُ بالدِّرَجةِ فيها الصُّفرةُ والكُدرةُ، فتقول: لا تَعجلْنَ حتَّى ترينَ القَصَّةَ البيضاءَ) رواه البخاريُّ معلقًا بصيغةِ الجَزمِ قبل حديث (320)، ورواه موصولًا مالك في ((الموطأ)) (2/80) (189)، وعبد الرزاق في ((المصنف)) (1/301)، والبيهقي (1/335) (1650). والحديث صحَّحه النووي في ((الخلاصة)) (1/233)، والألبانيُّ في ((إرواء الغليل)) (198) . وجه الدَّلالة: أنَّ معناه: لا تعجلنَ بالغُسلِ، حتَّى ينقطِعَ الدَّم، وتذهَبَ الصُّفرةُ والكُدرةُ، ولا يبقى شيءٌ يخرُجُ من المحلِّ، بحيث إذا دخلَت فيه قُطنةٌ خرجت بيضاءَ، ولو لم تُعَدَّ الزيادةُ حَيضًا، لَلَزِمَها الغُسلُ عند انقضاءِ العادة، وإن كان الدَّمُ جاريًا ((المغني)) لابن قدامة (1/255). .رابعًا: أنَّ الشَّارِعَ علَّق على الحيضِ أحكامًا، ولم يحدَّه، فعُلِمَ أنَّه ردَّ النَّاسَ فيه إلى عُرفِهم، والعُرفُ بين النِّساء أنَّ المرأةَ متى رأت دمًا يصلُحُ أن يكونَ حيضًا، اعتقَدَته حيضًا ((المغني)) لابن قدامة (1/255). .خامسًا: أنَّ ردَّها إلى التمييزِ أوْلى مِن ردِّها إلى عادةِ غالِبِ النِّساء ((رسالة في الدماء الطبيعية للنساء)) (ص: 42). . انظر أيضا: المبحث الأول: تعريفُ الاستحاضة وصِفةُ دَمِها. المبحث الثاني: المستحاضة المعتادة المميِّزة. المبحث الثَّالث: المستحاضة المعتادة غير المميِّزة. المبحث الخامس: المستحاضة غير المعتادة ولا المميِّزة.

مَن لم تكُن لها عادةٌ ولا تمييزٌ صالِحٌ للدَّم، فإنَّها تعمَلُ بعادةِ غالِبِ النِّساء، فيكونُ حَيضُها ستَّةَ أيَّام أو سبعةً مِن كلِّ شهر، يبتدئُ مِن أوَّل المدَّةِ التي رأت فيها الدَّمَ، وما عداه استحاضةٌ، وهذا مَذهَبُ الحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/262)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/209). ، ووجه للشافعيَّة ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/408)، وينظر: ((فتح الباري)) لابن رجب (1/442). ، واختاره ابنُ تيميَّة قال ابن تيميَّة: (العادةُ الغالبة أنَّها تحيضُ رُبُعَ الزَّمانِ سِتَّةً أو سبعةً، وإلى ذلك ردَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المستحاضةَ التي ليس لها عادةٌ ولا تمييزٌ). ((مجموع الفتاوى)) (19/238). وقال أيضًا: (المستحاضة تُردُّ إلى عادتِها، ثمَّ إلى تمييزِها، ثمَّ إلى غالِبِ عادات النِّساء، كما جاءت في كلِّ واحدةٍ من هؤلاء سُنَّةٌ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقد أخذ الإمامُ أحمد بالسُّنن الثَّلاث، فقال: الحيضُ يدورُ على ثلاثة أحاديثَ: حديثِ فاطمةَ بنتِ أبي حُبيش، وحديثِ أمِّ حبيبةَ، وحديث حَمْنَةَ، واختلفت الرِّوايةُ عنه في تصحيحِ حَديثِ حَمْنة). ((الاختيارات الفقهية)) (ص: 400). ، وابنُ رجب قال ابن رجب في القاعدة (159) (إذا تعارض الأصل والظَّاهر): (القِسم الثَّالث: ما عُمِل فيه بالظَّاهر، ولم يُلتفَت إلى الأصل، وله صُورٌ... ومنها: أنَّ المستحاضةَ المعتادةَ ترجِع إلى عادتِها، وإنْ لم تكُن لها عادةٌ فإلى تمييزِها، وإنْ لم يكن لها عادةٌ وتمييزٌ، رجَعت إلى غالِبِ عاداتِ النِّساءِ، وهي ستٌّ أو سَبعٌ على الصَّحيح؛ لأنَّ الظَّاهِرَ مساواتُها لهنَّ، وإن كان الأصلُ عدَم فراغِ حَيضِها حينئذٍ). ((القواعد)) (ص: 371). ، وابنُ باز قال ابن باز: ( ...أن تكون مُبتدَأةً، فعليها أن تجلِسَ ما تراه من الدَّمِ كلَّ شهر، فلا تصلِّي ولا تصومُ، ولا يحلُّ لزَوجِها جِماعُها، حتَّى تطهُر، إذا كانت المدَّة خمسةَ عشرَ يومًا أو أقلَّ، عند جمهور أهل العلم؛ فإن استمرَّ معها الدَّم أكثرَ من خمسةَ عشرَ يومًا، فهي مستحاضة، وعليها أن تَعتبِرَ نفسَها حائضًا ستَّة أيَّام، أو سبعةَ أيَّام بالتحرِّي والتأسِّي بما يحصُلُ لأشباهِها من قريباتها، إذا كان ليس لها تمييزٌ بين دمِ الحَيضِ وغيره). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (10/223). ، وابنُ عُثيمين قال ابن عثيمين: (الحالة الثالثة: ألَّا يكونَ لها حيضٌ معلوم، ولا تمييزٌ صالح، بأن تكونَ الاستحاضةُ مُستمرَّةً من أوَّل ما رأت الدَّمَ، ودمُها على صفةٍ واحدة أو على صفاتٍ مُضطربة، لا يمكنُ أن تكونَ حيضًا، فهذه تعملُ بعادة غالبِ النِّساء، فيكونُ حيضُها ستَّةَ أيَّام أو سبعةً من كلِّ شهر، يبتدئُ من أوَّل المدَّة التي رأت فيها الدَّمَ، وما عداه استحاضةٌ). ((رسالة في الدماء الطبيعية للنساء)) (ص42، 43). وقال أيضًا: (ترجع إلى عادة النِّساء؛ ستَّة أيَّام أو سبعة، من أوَّل وقتٍ أتاها الحيض فيه، فإذا قدِّرَ أنَّه أوَّل ما رأت هذا الدَّم في الخامِسَ عشر من الشَّهرِ، نقول: كلَّما جاء الخامس عشر من الشَّهر تجلِسُ ستَّة أيَّام أو سبعة، فإنْ قالت: نسيتُ متى أتاني الدَّم أوَّل مرَّةٍ، نقول: ترجِعُ إلى أوَّل شهرٍ هلاليٍّ، كلَّما دخلَ الشَّهر جلست ستَّة أيَّام أو سبعة، والباقي تصلِّي). ((الشرح الممتع)) (13/368). وقال أيضًا: (ترجِع إلى غالب عادة نسائها، على القول الرَّاجِح). الشرح الممتع (1/494). .الأدلَّة:أولًا: مِن السُّنَّةِعن حَمْنةَ بنتِ جَحش رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّها قالت: ((يا رسولَ الله، إنِّي أُستحاضُ حيضةً كبيرةً شديدةً؛ فما ترى فيها، قد منعتني الصَّلاةَ والصِّيام؟ فقال: أنعَتُ لك الكُرسُفَ قوله: ((أنعَتُ لك الكُرسف))، أي: أصِفُ لك استعمالَ القُطنِ، تضعينَه على الفرْج؛ فإنَّه يُذهِبُ الدَّمَ. ((الصحاح)) للجوهري (4/1421) ((رسالة في الدماء الطبيعية للنساء)) (ص: 43). ، قالت: هو أكثَرُ من ذلك)) وفيه قال: ((إنَّما هذا ركْضَةٌ من رَكَضاتِ الشَّيطان، فتحيَّضي ستَّةَ أيَّامٍ أو سبعةً في عِلم الله تعالى، ثمَّ اغتسلي حتَّى إذا رأيتِ أنَّكِ قد طهُرتِ واستنقَيتِ، فصلِّي أربعًا وعشرينَ، أو ثلاثًا وعشرينَ ليلةً وأيَّامَها، وصومي))، وفي رواية: ((تَلجَّمي وتحيَّضي في كلِّ شهرٍ في عِلم اللهِ ستَّةَ أيَّام، أو سبعةَ أيَّام قوله: ((ستَّة أيَّام أو سبعة)): ليس للتخييرِ، وإنما هو للاجتهادِ، فتنظر فيما هو أقربُ إلى حالِها ممَّن يشابِهُها خِلْقَةً، ويقارِبُها سِنًّا ورحمًا، وفيما هو أقربُ إلى الحيضِ مِن دَمِها، ونحو ذلك من الاعتباراتِ، فإنْ كان الأقربُ أن يكون ستَّةً، جعَلَته ستَّةً، وإنْ كان الأقربُ أن يكونَ سبعةً، جعَلَتْه سبعةً. ((رسالة في الدماء الطبيعية للنساء)) (ص: 43، 44)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) (1/408). )) رواه أبو داود (287)، والترمذي (128)، وابن ماجه (622)، وأحمد (27514). قال الإمام أحمد والبخاريُّ والترمذيُّ كما في ((سنن الترمذي)) (128): حسن صحيح، وصححه النووي في ((المجموع)) (2/533)، وقال محمَّد ابن عبد الهادي في ((المحرر)) (81): صحَّحه أحمد بن حنبل، وحسَّنه البخاري. .ثانيًا: أنَّ فيه اعتبارَ غالِبِ عادة النِّساء؛ والأصلُ إلحاقُ الفردِ بالأعمِّ الأغلَبِ ((مجموع الفتاوى)) (21/630). . انظر أيضا: المبحث الأول: تعريفُ الاستحاضة وصِفةُ دَمِها. المبحث الثاني: المستحاضة المعتادة المميِّزة. المبحث الثَّالث: المستحاضة المعتادة غير المميِّزة. المبحث الرابع: المستحاضة المميِّزة غير المعتادة.