دمُ الاستحاضة لا يأخُذ حُكمُ دَمِ الحَيضِ، ولا يَمنعُ ممَّا يمنعُ منه الحيضُ.الدَّليل من الإجماع:نقل الإجماعَ على ذلك: ابنُ جريرٍ نقل الإجماعَ عنه النوويُّ، فقال: (ونقل ابنُ جريرٍ الإجماعَ على أنَّها تقرأُ القرآن، وأنَّ عليها جميعَ الفرائضِ التي على الطَّاهرِ). ((المجموع)) (2/542). ، وابنُ المُنذِر قال ابن المُنذِر: (قد أجمع أهلُ العلم على التَّفريقِ بينهما، قالوا: دمُ الحَيضِ مانعٌ من الصَّلاةِ، ودمُ الاستحاضة ليس كذلك، ودمُ الحيض يمنعُ الصِّيامَ والوطء، والمستحاضةُ تصوم وتصلِّي، وأحكامُها أحكامُ الطَّاهر). ((الأوسط)) (2/345). ، وابنُ عبدِ البَرِّ قال ابن عبدِ البَرِّ: (تكونُ المرأةُ فيه طاهرًا لا يمنَعُها من صلاةٍ ولا صومٍ، بإجماعٍ من العلماءِ) ((التمهيد)) (16/68). ، والمرغيناني قال المَرْغِينانيُّ: (ودمُ الاستحاضةِ كالرُّعافِ الدَّائِم لا يمنَعُ الصَّومَ، ولا الصَّلاةَ، ولا الوطءَ؛ لقولِه عليه الصَّلاة والسَّلام: ((توضَّئي وصلِّي، وإن قطَر الدمُ على الحَصيرِ)) وإذا عُرِف حُكمُ الصلاة، ثبَت حُكمُ الصومِ والوطءِ بنتيجةِ الإجماعِ). ((الهداية شرح البداية)) (1/32). والنوويُّ قال النوويُّ: (أمَّا الصَّلاةُ والصِّيامُ، والاعتكافُ وقراءةُ القرآنِ، ومسُّ المصحَفِ وحملُه، وسجودُ التِّلاوةِ وسُجودُ الشُّكرِ، ووجوبُ العبادات عليها- فهي في كلِّ ذلك كالطَّاهرةِ، وهذا مجمعٌ عليه) ((شرح النووي على مسلم)) (4/17). ، وابن تيميَّة قال ابن تيميَّة: (المستحاضةُ ومَن به سلَسُ البول ونحوُهما؛ يطوفُ ويصلِّي باتِّفاقِ المسلمين). ((مجموع الفتاوى)) (26/234). ، وابن القيِّم قال ابنُ القيِّم: (والمستحاضةُ يجوز لها دخولُ المسجِدِ للطَّوافِ إذا تلجَّمت، اتفاقًا). ((أعلام الموقِّعين عن رب العالمين)) (3/21). ، والعيني قال العينيُّ: (فإنَّ الإجماعَ على أنَّ دمَ العِرقِ لا يمنعُ الصلاةَ والصومَ والوطءَ، بخلاف دمِ الرحِمِ فإنَّه يمنَعُ منها؛ فكما لم يمنَعِ هذا الدَّمُ الصلاةَ على أنَّه دمُ عِرْقٍ، فلا يمنَعُ الصومَ والوطءَ بدَلالةِ الإجماع). ((البناية شرح الهداية)) (1/663). . انظر أيضا: المطلب الثَّاني: الاستنجاءُ عند دخولِ وقت كلِّ صلاةٍ. المطلب الثالث: وضوءُ المستحاضة. المطلب الرابع: وجوبُ تحفُّظِ المستحاضة من الدم. المطلب الخامس: إذا غلب الدَّمُ بعد الشَّدِّ والتلجُّم .

لا يلزَمُ المُستحاضةَ أن تستنجِيَ لكلِّ صلاةٍ، وهو مذهَبُ المالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/205)، ((حاشية العدوي)) (1/136). ، وقولٌ للشافعيَّة ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/112). ، وروايةٌ عن أحمدَ ((فتح الباري)) لابن رجب (1/446). ، واختاره ابنُ رجب قال ابن رجب: (وكذلك اختلفوا؛ هل يجِبُ عليها غَسلُ الدَّم والتحفُّظ والتلجُّم عند كلِّ صلاةٍ؟ فيه قولان: هما روايتان عن أحمد، وربَّما يَرجِع هذا الاختلاف إلى الاختلاف المشهور: في أنَّ الأمرَ المطلَق: هل يقتضي التَّكرارَ أم لا؟ وفيه اختلافٌ مشهور، لكنَّ الأصحَّ هنا أنَّه لا يقتضي التَّكرارَ لكلِّ صلاة؛ فإنَّ الأمر بالاغتسالِ وغَسلِ الدَّم، إنَّما معلَّقٌ بانقضاءِ الحَيضة وإدبارِها، فإذا قيل: إنَّه يَقتضي التَّكرارَ، فالجواب أنَّه لم يقتضِه إلَّا عند إدبارِ كلِّ حيضةٍ فقط). ((فتح الباري)) (1/446). ، وابنُ عُثيمين قال ابن عثيمين: (كلُّ ما خرج من البدن لا ينقُضُ الوضوءَ، إلَّا البولَ والغائِطَ، أمَّا الدَّمُ والقيء والقيح، وما يُسمِّيه النِّساءُ بالطُّهرِ الذي يسيل من فرْج المرأة دائمًا، حتى إنَّ بعض العلماء قال: سلسُ البول، فلا ينقُضُ الوضوء أيضًا، إذا تطهَّر الإنسانُ أوَّل مرَّة فإنَّه لا ينتقِضُ وضوءُه ما لم يُحدِث بحدثٍ آخَر؛ وعُلِّل ذلك بأنَّه لا يستفيدُ من الوضوء؛ إذ إنَّ الحدَثَ دائِمٌ، فلا فائدةَ من الوضوءِ. نعَمْ، لو انتقض وضوءُه من رِيح مثلًا وفيه سلَسُ بولٍ، فهنا يجب أن يتوضَّأَ، وهذا القَولُ ليس ببعيدٍ من الصَّواب، وكنت بالأوَّلِ أرى أنَّه ينقُضُ الوضوءَ، وأنَّه لا يجوزُ أن يتوضَّأ الإنسانُ للصَّلاة إلَّا بعد دخولِ وَقتِها، لكن بعد أن راجعتُ كلامَ العُلَماء واختلافَهم، وقوَّة تعليلِ مَن علَّل بأنَّ هذا الوضوءَ لا فائدةَ منه؛ إذ إنَّ الحَدَث دائمٌ، تراجعتُ عن قولي الأوَّلِ، وهذا القولُ أرفَقُ بالنَّاسِ بلا شكٍّ، ولا سيَّما بالنِّسبةِ للنِّساءِ اللاتي يخرُجُ منهنَّ هذا السَّائلُ الدَّائِمُ، ولا سيَّما في أيَّامِ الحجِّ والعمرة، عندما تذهبُ المرأةُ مثلًا إلى المسجِد مِن بعد المغربِ؛ لتصلِّي صلاةَ العِشاء، إذا قلنا بانتقاضِ الوضوءِ، يعني لا بدَّ أن تبتدئَ الوضوءَ بعد دخولِ الوقتِ، فصار في هذا مشقَّةٌ عظيمة، لا سيَّما في أيَّامِ الزِّحامِ، شيءٌ فيه مشقَّة على المسلمين، والدَّليلُ فيه ليس بواضحٍ، وقد قال الله تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ **البقرة: 185** وقال: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ **الحج: 78**). ((لقاء الباب المفتوح)) (اللقاء رقم: 214). .وذلك للآتي:أوَّلًا: أنَّه لا معنى للأمرِ بإزالةِ النَّجاسةِ مع استمرارِها ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/112). .ثانيًا: أنَّه سقط اعتبارُ حدَثِها لِمكان العُذرِ ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 99). .ثالثًا: دفعًا للحَرَج؛ لعدم إمكانِ التحرُّز منه ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 99)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/215). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: اختلاف حكم الاستحاضة عن حكم الحيض . المطلب الثالث: وضوءُ المستحاضة. المطلب الرابع: وجوبُ تحفُّظِ المستحاضة من الدم. المطلب الخامس: إذا غلب الدَّمُ بعد الشَّدِّ والتلجُّم .

لا يُشتَرَطُ للمُستحاضةِ أن تتوضَّأَ لكلِّ صلاةٍ، وهذا مَذهَبُ المالكيَّة ((حاشية الدسوقي)) (1/117)، وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (1/389). ، والظاهريَّة قال النَّووي: (قال ربيعة ومالك وداود: دمُ الاستحاضة لا ينقُض الوضوء، فإذا تطهَّرَت، فلها أن تصلِّيَ بطهارتِها ما شاءت من الفرائِضِ إلى أن تُحدِث بغيرِ الاستحاضة). ((شرح النووي على مسلم)) (4/18). ، وبه قال بعضُ السَّلَف قال ابن عبدِ البَرِّ: (وممَّن قال بأنَّ الوضوءَ على المستحاضةِ غيرُ واجب: ربيعةُ، وعِكرمة، وأيوب، وطائفةٌ). ((التمهيد)) (16/99). قال ابن رجب: (قالَ ابن عبدِ البَرِّ: والوضوءُ عليها عند مالك على الاستحبابِ دونَ الوجوب، قال: وقد احتجَّ بعض أصحابنا على سقوطِ الوضوء بقول رسول الله: ((فإذا ذهب قدْرُها فاغتسلي وصلِّي))، ولم يذكُر وضوءًا، قالَ: وممَّن قال بأنَّ الوضوءَ على المستحاضة غيرُ واجب: ربيعة، وعكرمة، ومالك، وأيوب، وطائفةٌ) ((فتح الباري)) (1/450). ، وهو اختيارُ الشَّوكاني قال الشوكانيُّ: (قوله:- أي: صاحب حدائق الأزهار-: ودخولُ الوقتِ في حقِّ المستحاضةِ ونَحوِها. [يعني أنَّه من نواقِضِ الوضوء]. أقول: ليس على هذا أثارةٌ من عِلم ولا عقلٍ؛ فلا حاجة إلى التَّطويلِ في ردِّه وبيانِ بُطلانِه). ((السيل الجرار)) (ص: 63). ، وابنِ عُثيمين قال ابن عثيمين: (كلُّ ما خرج من البدن لا ينقُضُ الوضوءَ، إلَّا البولَ والغائِطَ، أمَّا الدَّمُ والقيء والقيح، وما يُسمِّيه النِّساءُ بالطُّهرِ الذي يسيل من فرْج المرأة دائمًا، حتى إنَّ بعض العلماء قال: سلسُ البول، فلا ينقُضُ الوضوء أيضًا، إذا تطهَّر الإنسانُ أوَّل مرَّة فإنَّه لا ينتقِضُ وضوءُه ما لم يُحدِث بحدثٍ آخَر؛ وعُلِّل ذلك بأنَّه لا يستفيدُ من الوضوء؛ إذ إنَّ الحدَثَ دائِمٌ، فلا فائدةَ من الوضوءِ. نعَمْ، لو انتقض وضوءُه من رِيح مثلًا وفيه سلَسُ بولٍ، فهنا يجب أن يتوضَّأَ، وهذا القَولُ ليس ببعيدٍ من الصَّواب، وكنت بالأوَّلِ أرى أنَّه ينقُضُ الوضوءَ، وأنَّه لا يجوزُ أن يتوضَّأ الإنسانُ للصَّلاة إلَّا بعد دخولِ وَقتِها، لكن بعد أن راجعتُ كلامَ العُلَماء واختلافَهم، وقوَّة تعليلِ مَن علَّل بأنَّ هذا الوضوءَ لا فائدةَ منه؛ إذ إنَّ الحَدَث دائمٌ، تراجعتُ عن قولي الأوَّلِ، وهذا القولُ أرفَقُ بالنَّاسِ بلا شكٍّ، ولا سيَّما بالنِّسبةِ للنِّساءِ اللاتي يخرُجُ منهنَّ هذا السَّائلُ الدَّائِمُ، ولا سيَّما في أيَّامِ الحجِّ والعمرة، عندما تذهبُ المرأةُ مثلًا إلى المسجِد مِن بعد المغربِ؛ لتصلِّي صلاةَ العِشاء، إذا قلنا بانتقاضِ الوضوءِ، يعني لا بدَّ أن تبتدئَ الوضوءَ بعد دخولِ الوقتِ، فصار في هذا مشقَّةٌ عظيمة، لا سيَّما في أيَّامِ الزِّحامِ، شيءٌ فيه مشقَّة على المسلمين، والدَّليلُ فيه ليس بواضحٍ، وقد قال الله تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ **البقرة: 185** وقال: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ **الحج: 78**). ((لقاء الباب المفتوح)) (اللقاء رقم: 214)، ويُنظر: ((ثمرات التدوين من مسائل ابن عثيمين)) لأحمد القاضي (ص: 42)، ويُنظر: هامش ((الشرح الممتع)) (1/503). .الأدلَّة:أولًا: مِن السُّنَّةِ عن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، عن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال لفاطمةَ بنتِ أبي حُبَيشٍ: ((إنَّما ذلكِ عِرقٌ، وليس بالحَيضةِ، فإذا أقبلَت الحيضةُ، فاتركي الصَّلاةَ، فإذا ذهب قَدرُها، فاغسلي عنك الدَّمَ، وصلِّي)) رواه البخاري (306) واللفظ له، ومسلم (333). .وجه الدَّلالة: أنه لم يذكُر وضوءًا، ولو كان الوضوءُ واجبًا عليها، لَما سكت عن أن يأمُرَها به، وما ورد من إيجابِ الوضوءِ لكلِّ صلاةٍ، فهو مضطربٌ لا تجِبُ بمثلِه حُجَّةٌ ((التمهيد)) لابن عبدِ البَرِّ (16/95، 98)، ((الذخيرة)) للقرافي (1/389)، ((فتح الباري)) لابن رجب (1/448- 450). .ثانيًا: أنَّ دمَ الاستحاضةِ، إذا لم يكُن حدثًا في الوقتِ، فإنَّه لا يكون حَدثًا بعده، فخروجُ الوقتِ ليس من نواقِضِ الوضوءِ، وقد اتَّفَقوا على أنَّه إذا خرج الدَّمُ في الصَّلاةِ أتمَّتها وأجزَأتْها ((الذخيرة)) للقرافي (1/389). .ثالثًا: أنَّه لا فَرقَ بين الدَّمِ الذي يخرُجُ من المستحاضةِ قبل الوضوءِ، والذي يخرجُ في أضعافِ الوُضوءِ، والدَّم الخارج بعد الوضوءِ؛ لأنَّ دمَ الاستحاضة إن كان يوجِبُ الوضوءَ فقليلُ ذلك وكثيرُه في أيِّ وقت كان، يوجِبُ الوضوءَ، وإن كان لا يوجِبُ الوضوءَ فقليلُ ذلك وكثيرُه في أيِّ وقت كان، لا يوجِبُ الوضوءَ ((الأوسط)) لابن المُنذِر (1/269). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: اختلاف حكم الاستحاضة عن حكم الحيض . المطلب الثَّاني: الاستنجاءُ عند دخولِ وقت كلِّ صلاةٍ. المطلب الرابع: وجوبُ تحفُّظِ المستحاضة من الدم. المطلب الخامس: إذا غلب الدَّمُ بعد الشَّدِّ والتلجُّم .

يجب تحفُّظُ المستحاضةِ مِن الدَّم فالـمُستحاضةُ تَحتشي أو تعصِبُ فرْجَها، والمبتلَى بسَلَسِ البول وكثرةِ المَذي يعصِبُ رأسَ ذَكَرِه بخِرقةٍ ويحترِسُ حَسَبما أمكنه، وكذلك مَن به جُرحٌ أو رِيحٌ أو نحوه من الأحداثِ، فإنْ كان ممَّا لا يمكِنُ عَصبُه كالجرُحِ الذي لا يمكِنُ شدُّه، أو مَن به باسورٌ أو ناصور لا يُمكِنُ عَصبُه، صلَّى على حَسَبِ حالِه. ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/227)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/111). ، وهو مذهبُ الجمهورِ: الحنفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/227)، وينظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/185). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/533)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/111). ، والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/269)، وينظر: ((الشرح الكبير)) لابن قدامة (1/354). .الأدلَّة:أولًا: مِن السُّنَّةِعن حَمنةَ بنتِ جحشٍ رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّها قالت: ((يا رسولَ الله، إنِّي أُستحاضُ حيضةً كبيرةً شديدةً؛ فما ترى فيها، قدْ منعَتْني الصَّلاةَ والصِّيام؟ فقال: أنعَتُ لك الكُرْسفَ قوله: ((أَنعَتُ لك الكُرْسُف))؛ أي: أصِفُ لك استعمالَ القُطنِ تَضعينَه على الفرْجِ؛ فإنَّه يُذهِبُ الدَّمَ. ((الصحاح)) للجوهري (4/1421)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (11/323). )) رواه أبو داود (287)، والترمذي (128)، وابن ماجه (622)، وأحمد (27514). قال الإمام أحمد والبخاريُّ والترمذيُّ كما في ((سنن الترمذي)) (128): حسن صحيح، وصححه النووي في ((المجموع)) (2/533)، وقال محمَّد ابن عبد الهادي في ((المحرر)) (81): صحَّحه أحمد بن حنبل، وحسَّنه البخاري. .ثانيًا: أنَّ في ذلك دفعًا للنجاسةِ وتقليلًا لها، وهو واجبٌ ما أمكَنَ ((المجموع)) للنووي (2/533). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: اختلاف حكم الاستحاضة عن حكم الحيض . المطلب الثَّاني: الاستنجاءُ عند دخولِ وقت كلِّ صلاةٍ. المطلب الثالث: وضوءُ المستحاضة. المطلب الخامس: إذا غلب الدَّمُ بعد الشَّدِّ والتلجُّم .

إنْ غلَبَ الدَّمُ وخرَج بعد إحكامِ الشَّدِّ والتلجُّم، لم يضرَّ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((المبسوط)) للسرخسي (2/17)، ((البناية)) للعيني (1/678)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/25). ، والمالكيَّة ((الكافي)) لابن عبد البر (1/188)، ((التاج والإكليل)) للمواق (1/367)، وينظر: ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/60)، ((الذخيرة)) للقرافي (1/389). ، والشَّافعيَّة لكن لا تَستبيحُ المستحاضةُ بهذا الوضوءِ عند الشافعيَّة أكثرَ من صلاةِ فريضةٍ واحدةٍ، مؤدَّاةً كانت أو مقضيَّةً. ((المجموع)) للنووي (2/534)، ((روضة الطالبين)) للنووي (1/49). ، والحنابلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/215)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/247)، ((شرح عمدة الفقه- كتاب الطهارة والحج)) لابن تيمية (1/491). .الأدلَّة: أولًا: من الكتابعمومُ قَولِ الله تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة: 286].ثانيًا: مِن السُّنَّةِعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((اعتكَفتْ مع رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم امرأةٌ من أزواجِه، فكانت ترى الدَّمَ والصُّفرةَ، والطَّسْتُ تحتَها وهي تصلِّي)) رواه البخاري (310). .ثالثًا: أنَّ هذا أقصى ما يُمكِنُها، ولا يُكلِّفُ اللهُ نفسًا إلَّا وُسعها، ولا إعادةَ عليها؛ لأنَّها فعلت ما أُمرت به، ولأنَّه عُذر يتَّصل بها ويدوم، ولا يمكن التحرُّز منه، ففي إيجاب الإعادة مشقَّة ((شرح عمدة الفقه- كتاب الطهارة والحج)) لابن تيمية (1/492). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: اختلاف حكم الاستحاضة عن حكم الحيض . المطلب الثَّاني: الاستنجاءُ عند دخولِ وقت كلِّ صلاةٍ. المطلب الثالث: وضوءُ المستحاضة. المطلب الرابع: وجوبُ تحفُّظِ المستحاضة من الدم.

لا يجِبُ على المستحاضةِ الغُسلُ لشيءٍ من الصَّلواتِ إلَّا مرَّةً واحدةً عند إدبارِ حَيضِها، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ قال الخطابي: (اتَّفقَ العُلَماءُ على عدمِ وُجوبِ الغُسلِ إلَّا أن تشُكَّ). ((الذخيرة)) للقرافي (1/389). : الحنفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/215)، وينظر: ((شرح فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/171). ، والمالكيَّة ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبد البر (1/189)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/150)، وينظر: ((المدونة الكبرى)) (1/153)، ((الاستذكار)) لابن عبدِ البَرِّ (1/337). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/494)، وينظر: ((الأم)) للشافعي (1/79). ، والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/250)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/265). ، وهو قول طائفة من السلف قال النوويُّ: (وهو مرويٌّ عن عليٍّ، وابن مسعود، وابن عبَّاس، وعائشة رَضِيَ اللهُ عنهم، وبه قال عُروة بن الزُّبير، وأبو سلمة بن عبد الرحمن). ((المجموع)) (2/494). .الدَّليل مِن السُّنَّةِ:عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّ فاطمةَ بنتَ أبي حُبيشٍ كانت تُستحاضُ، فسألتِ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: ذلكِ عِرقٌ، وليستْ بالحيضةِ؛ فإذا أقبلتِ الحيضةُ، فدَعي الصَّلاةَ، وإذا أدبَرَتْ فاغتَسلي وصلِّي)) رواه البخاري (320) واللفظ له، ومسلم (333). .وجه الدَّلالة:أنَّه ليس في الحديثِ ما يقتضي تَكرارَ الغُسلِ ((المجموع)) للنووي (2/536). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: اختلاف حكم الاستحاضة عن حكم الحيض . المطلب الثَّاني: الاستنجاءُ عند دخولِ وقت كلِّ صلاةٍ. المطلب الثالث: وضوءُ المستحاضة. المطلب الرابع: وجوبُ تحفُّظِ المستحاضة من الدم.

يجوزُ وطءُ المستحاضةِ؛ وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: ((المغني)) لابن قدامة (1/246). ، الحنفيَّة ((الهداية)) للمرغيناني (1/32)، وينظر: ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (1/84). ، والمالكيَّة ((التاج والإكليل)) للمواق (1/367)، وينظر: ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (1/353). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/372)، وينظر: ((الأم)) للشافعي (1/75). ، وروايةٌ عند أحمد ((الفروع)) لابن مفلح (1/281)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/246). ، وبه قالت طائفةٌ من السَّلف قال ابن المُنذِر: (فممَّن أباح لزوجِها وطْأَها: ابنُ عبَّاس...، وبه قال سعيد بن المسيَّب، والحسن، وسعيد بن جبير، وعطاء، وقتادة، وحمَّاد بن أبي سليمان، وبكر بن عبد الله المزنيُّ، والأوزاعيُّ، ومالك، والثوريُّ، والشافعيُّ، وإسحاق، وأبو ثور). ((الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف)) (2/215، 216، 217). وقال ابن عبدِ البَرِّ: (وممَّن رُوي عنه إجازة وطء المستحاضة: عبد الله بن عبَّاس، وابن المسيَّب، والحسن، وسعيد بن جبير، وعطاء، وهو قولُ مالكٍ، والشافعيِّ، وأبي حنيفة، وأصحابهم، والثوريِّ، والأوزاعيِّ، وإسحاق، وأبي ثور). ((التمهيد)) (16/70). ، واختاره ابنُ حزمٍ الظاهريُّ قال ابن حزم: (إن كانت غيرَ نُفَساءٍ ولا حائضٍ، فوطءُ زَوجِها لها حلالٌ). ((المحلى)) (1/422). .الأدلَّة:أوَّلًا: من الكتابقوله تعالى: فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ [البقرة: 222].وجه الدَّلالة: أنَّ الأمرَ قد جاء باعتزالِ الحائضِ، والمُستحاضةُ ليستْ حائضًا. ثانيًا: مِن السُّنَّةِعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((جاءتْ فاطمةُ ابنةُ أبي حُبيشٍ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالت: يا رسولَ الله، إنِّي امرأةٌ أُستحاضُ فلا أطهُرُ، أفأدَعُ الصَّلاةَ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لا؛ إنَّما ذلك عِرقٌ وليس بِحَيضٍ، فإذا أقبَلَت حيضَتُك فدَعي الصَّلاةَ، وإذا أدبَرَت فاغسِلي عنك الدَّمَ، ثم صلِّي)) رواه البخاري (228) واللفظ له، ومسلم (333). . وجهُ الدَّلالةِ:لَمَّا أمَرَ الله تعالى باعتزالِ الحُيَّضِ، وأباحَهنَّ بعد الطُّهرِ والتَّطهيرِ، ودلَّت السنَّةُ على أنَّ المُستحاضةَ تُصلِّي، دلَّ ذلك على أن لِزَوجِ المُستحاضةِ إصابَتَها إن شاء؛ لأنَّ الله أمَرَ باعتزالِهنَّ وهنَّ غيرُ طواهِرَ، وأباح أن يُؤتَينَ طواهِرَ ((الأم)) للشافعي (2/124) .ثانيًا: أنَّ الصَّحابةَ رَضِيَ اللهُ عنهم الذين استُحيضَت نساؤُهم، وهنَّ حوالي سبعَ عشرةَ امرأةً، لم يُنقَلْ أنَّ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمر أحدًا منهم أن يعتَزِلَ زوجتَه، ولو كان مِن شَرعِ الله لبيَّنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لِمَن استُحيضَت زوجَتُه، ولنُقِلَ؛ حفاظًا على الشَّريعة، فلمَّا لم يكُن شيءٌ من ذلك، عُلِمَ أنَّه ليس بحرامٍ ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/504). .ثالثًا: أنَّ الأصلَ الحِلُّ ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/505). . رابعًا: أنَّ دمَ الحيضِ ليس كَدَمِ الاستحاضةِ، لا في طبيعَتِه، ولا في أحكامِه؛ ولهذا يجِبُ على المستحاضة أن تُصلِّيَ، فإذا استباحت الصَّلاةَ مع هذا الدَّمِ؛ فكيف لا يُباحُ وَطؤُها، وتحريمُ الصَّلاةِ أعظَمُ من تحريمِ الوَطءِ؟! ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/505). . خامسًا: أنَّ الحيضَ مدَّته قليلةٌ، فمَنْعُ الوطءِ فيه يسيرٌ؛ بخِلاف الاستحاضةِ فمدَّتها طويلةٌ؛ فمنْعُ وطئِها إلَّا مع خوفِ العَنتِ فيه حرجٌ، والحرجُ منفيٌّ شرعًا ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/505). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: اختلاف حكم الاستحاضة عن حكم الحيض . المطلب الثَّاني: الاستنجاءُ عند دخولِ وقت كلِّ صلاةٍ. المطلب الثالث: وضوءُ المستحاضة. المطلب الرابع: وجوبُ تحفُّظِ المستحاضة من الدم.