لا يُشترَطُ في النَّذرِ أنْ يَكونَ بصيغةٍ مُعَيَّنةٍ، فيَصِحُّ بكلِّ صيغةٍ دلَّتْ عليه [176] النَّذرُ ليس له صيغةٌ مُعَيَّنةٌ، بل كلُّ ما دَلَّ على الالتِزامِ فهو نذْرٌ، سواءٌ قال: للهِ علَيَّ عهدٌ، أو للهِ علَيَّ نذْرُ كذا، أو ما أشْبَهَ ذلك، مِثلُ أنْ يقولَ: للهِ علَيَّ أنْ أفعلَ كذا، وإنْ لم يقُلْ: نذْرٌ، أو عهدٌ. يُنظر: ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمينَ (15/207). ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّةِ [177] ((الدر المختار للحَصْكَفي وحاشية ابن عابدين)) (2/434)، ((حاشية الطَّحْطاوي على مراقي الفلاح)) (ص: 459). ، والمالكيَّةِ [178] ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (4/493)، ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (2/162). ، والشافعيَّةِ [179] ((تحفة المحتاج)) للهيتمي (10/68)، ((نهاية المحتاج)) للرَّمْلي (8/219). ، والحنابِلةِ [180] ((الإقناع)) للحَجَّاوي (4/357)، ((مطالب أولي النهى)) للرُّحَيْباني (6/421). .الدَّليلُ مِنَ الكِتابِ:قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة: 1].وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ الآيةَ عامَّةٌ في وُجوبِ الوفاءِ بكلِّ عقدٍ بأيِّ صيغةٍ دلَّتْ عليه، والنَّذرُ عَقدٌ [181] ((الأم)) للشافعي (4/194)، ((مواهب الجليل)) للحَطَّاب (4/493). . انظر أيضا: المَبحثُ الثَّاني: الاستِثناءُ بالمَشيئةِ في صيغةِ النَّذرِ. المَبحثُ الثَّالثُ: تعليقُ النَّذرِ . المَبحثُ الرَّابعُ: النَّذرُ بغيرِ القَولِ. المطلبُ الثَّالث: النَّذرُ بالإشارةِ (نَذْرُ الأخرسِ).

إذا استَثنى بلَفظِ المشيئةِ في نذْرِه كأنْ يقولَ: إنْ شَفى اللهُ مريضي فللَّهِ علَيَّ كذا إنْ شاء اللهُ، فلو ترَكَه لا شَيءَ عليه، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنفيَّةِ [182] ((المبسوط)) للسَّرَخْسي (8/254)، ((البناية شرح الهداية)) للعَيْني (6/144)، ((البحر الرائق)) لابن نُجَيم (4/322). ، والشافعيَّةِ [183] ((روضة الطالبين)) للنووي (3/294). ويُنظر: ((الغرر البهية)) لزكريا الأنصاري (5/208). ، والحنابِلةِ [184] استَثنى الحنابلةُ مَن قالها تَبرُّكًا أو سبَقَ به لسانُه بلا قَصدٍ. ((مطالب أولي النهى)) للرُّحَيْباني (6/369). ، وبه قال المالِكيَّةُ في النَّذرِ المُبهَمِ [185] عند المالكيَّةِ الاستِثناءُ بالمشيئةِ يُفيدُ في النَّذرِ المُبهَمِ فقط، وهو الذي لم يُعَيَّنْ فيه الشَّيءُ المَنذورُ، كأنْ يَقولَ: علَيَّ نذْرٌ، أو: للهِ علَيَّ نذْرٌ. ((شرح الزُّرقاني على مختصر خليل وحاشية البَنَّاني)) (3/162)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (3/99). ويُنظر: ((الفواكه الدواني)) للنَّفَراوي (1/410). .الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ الكتابِقال تعالى: وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ [الكهف: 23].وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ الاستِثناءَ رافِعٌ للأيمانِ والطَّلاقِ والعِتقِ [186] ((أحكام القرآن)) للْكِيَا الهَرَّاسي (4/266)، ((أحكام القرآن)) لابن العربي (1/245)، و(3/230). ، فالنَّذرُ مِن بابِ أَوْلى.ثانيًا: لأنَّ الأشياءَ كُلَّها بمَشيئةِ اللهِ تعالى، فمَن قال: لا أفعَلُ إنْ شاء اللهُ، وفَعَل؛ عُلِمَ أنَّه تعالى لم يشَأْ تَرْكَه، وإذا قال لأَفعَلَنَّه إن شاء اللهُ، ولم يَفعَلْ؛ عُلِمَ أنَّه تعالى لم يشَأْ فِعلَه [187] ((مطالب أولي النهى)) للرُّحَيْباني (6/370). . انظر أيضا: المَبحثُ الأوَّلُ: النَّذرُ بصيغةٍ مُعَيَّنةٍ. المَبحثُ الثَّالثُ: تعليقُ النَّذرِ . المَبحثُ الرَّابعُ: النَّذرُ بغيرِ القَولِ. المطلبُ الثَّالث: النَّذرُ بالإشارةِ (نَذْرُ الأخرسِ).

يَصِحُّ تعليقُ النَّذرِ [188] كقولِه: إنْ شَفى اللهُ مريضي لَأتَصدَّقَنَّ بكذا. ، وذلك باتِّفاقِ المذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّةِ [189] ((البناية)) للعَيْني (6/143)، ((الدر المختار للحَصْكَفي وحاشية ابن عابدين)) (3/738). ، والمالكيَّةِ [190] ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (2/162)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (3/102). ، والشافعيَّةِ [191] ((روضة الطالبين)) للنووي (3/294)، ((تحفة المحتاج)) للهيتمي (10/70). ، والحنابِلةِ [192] ((الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل)) للحَجَّاوي (4/358،360)، ((مطالب أولي النهى)) للرُّحَيْباني (6/425). .الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن نَذَرَ أنْ يُطيعَ اللهَ فلْيُطِعْهُ، ومَن نَذَرَ أنْ يَعصيَ اللهَ فلا يَعصِهِ)) [193] أخرجه البخاري (6696). .وَجهُ الدَّلالةِ:قولُه: ((مَن نَذَرَ أنْ يُطيعَ اللهَ فلْيُطِعْهُ)) فلمْ يُفرِّقْ بيْن المُعَلَّقِ وغَيرِه [194] ((نيل الأوطار)) للشَّوكاني (8/278). .ثانيًا: لأنَّ دَلالةَ حالِه تدُلُّ على إرادةِ النَّذرِ [195] ((الإقناع)) للحَجَّاوي (4/358). . انظر أيضا: المَبحثُ الأوَّلُ: النَّذرُ بصيغةٍ مُعَيَّنةٍ. المَبحثُ الثَّاني: الاستِثناءُ بالمَشيئةِ في صيغةِ النَّذرِ. المَبحثُ الرَّابعُ: النَّذرُ بغيرِ القَولِ. المطلبُ الثَّالث: النَّذرُ بالإشارةِ (نَذْرُ الأخرسِ).