يَجِبُ الرِّضا لِمَن حُلِف له باللهِ [28]   قال سُليمانُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ محمَّدِ بنِ عبدِ الوهَّابِ: (قولُه: «ومَن حُلِفَ له باللهِ فلْيَرْضَ» أي: وُجوبًا؛ كما يدُلُّ عليه قولُه: «ومَن لم يَرْضَ فليس مِنَ اللهِ»... قال ابنُ كثيرٍ: أي: فقد بَرِئ مِنَ اللهِ. وهذا عامٌّ في الدَّعاوي وغَيرِها، ما لم يُفْضِ إلى إلغاءِ حُكمٍ شَرعيٍّ كمَنْ تَشهَدُ عليه البَيِّنةُ الشَّرعيَّةُ فيَحلِفُ على تَكذيبِها؛ فلا يُقْبَلُ حَلِفُه). ((تيسير العزيز الحميد)) (ص: 517). وقال الشَّوْكانيُّ: (هذا أمْرٌ منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالرِّضا لِمَن حُلِف له باللهِ، ووَعيدٌ لِمَن لم يَرْضَ بأنَّه ليس مِنَ اللهِ). ((نيل الأوطار)) (8/357). إذا كان الحالِفُ صادِقًا، نَصَّ عليه ابنُ عُثيمينَ [29]   قال ابنُ عُثيمينَ: ( الحديثُ جمَعَ أمْرَينِ: أمْرًا موجَّهًا للحالِفِ، وأمْرًا موجَّهًا للمَحلوفِ له، فإذا كان الحالِفُ صادقًا وجَبَ على المَحلوفِ له الرِّضا). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (10/808). وقال أيضًا: (قولُه: «ومَن لم يَرْضَ فليس مِنَ اللهِ» أي: مَن لم يَرْضِ بالحَلِفِ باللهِ إذا حُلِف له، فليس مِنَ اللهِ، وهذا تَبَرُّؤٌ منه، يدُلُّ على أنَّ عدَمَ الرِّضا مِن كبائرِ الذُّنوبِ، ولكنْ لا بدَّ مِن ملاحظةِ ما سبَقَ، وقد أشَرْنا أنَّ في حديثِ القَسامةِ دليلًا على أنَّه إذا كان الحالِفُ غيْرَ ثِقةٍ، فلك أنْ تَرفُضَ الرِّضا به؛ لأنَّه غيْرُ ثقةٍ). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (10/809). . الدَّليلُ مِنَ السُّنَّةِ:عنِ ابنِ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما، قال: سَمِع النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رجُلًا يَحلِفُ بأبيه، فقال: ((لا تَحلِفوا بآبائِكم، مَن حَلَفَ باللهِ فلْيَصْدُقْ، ومَن حُلِفَ له باللهِ فلْيَرْضَ، ومَن لم يَرْضَ باللهِ فليس مِنَ اللهِ)) [30]   أخرجه مِن طُرُقٍ: ابنُ ماجَهْ (2101) واللَّفظُ له، والبَيْهَقيُّ (21240). جوَّد إسنادَه وقَوَّاه ابنُ كثير في ((إرشاد الفقيه)) (2/413)، وصحَّح إسنادَه البوصيريُّ في ((مصباح الزجاجة)) (1/360)، وحسَّن إسنادَه ابنُ حجر في ((فتح الباري)) (11/544)، ووثَّق رجالَ إسنادِه الشَّوكانيُّ في ((السيل الجرار)) (4/164)، وصحَّح الحديثَ الألبانيُّ في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (2101). .وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ المَحلوفَ له قد أُمِر أنْ يَرضَى بيَمينِ الحالِفِ له، ويُحمَلُ الأمرُ بالرِّضا إذا كان الحالِفُ صادِقًا [31]   ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (10/809). . انظر أيضا:  المَبحثُ الأوَّلُ: تَعريفُ اليَمينِ . المَبحثُ الثَّاني: مَشروعيَّةُ اليَمينِ. المبْحَثُ الثَّالثُ: الحِكمةُ مِنَ اليمينِ.