الرَّضْعةُ المحَرِّمةُ هي أن يلتَقِمَ الصَّبيُّ الثَّدْيَ ويَمتَصَّه، ثمَّ يَترُكَه، وذلك خَمسَ مرَّاتٍ ولو في مجلِسٍ واحدٍ [511]     على اختلافٍ بينَ القائلينَ بذلك في بعضِ التَّفاصيلِ؛ فالشَّافِعيَّةُ مثلًا: لا يحصُلُ التعَدُّدُ عندهم إذا تحوَّل الصَّبيُّ مِن ثديٍ إلى ثَديٍ، أو تحوَّل لنفادِ ما في الأوَّلِ، أو لَفَظ الثَّديَ ثم عاد إلى التقامِه في الحالِ، أو قَطَعه للتَّنفُّسِ. وعند الحَنابِلةِ: إذا تحوَّل الصَّبيُّ مِن ثديٍ إلى ثديٍ ولو كان قَطْعُه له قَهرًا، أو قَطَعَه للتنَفُّسِ؛ يحصُلُ به تعدُّدُ الرَّضعةِ. ، وهو مَذهَبُ الشَّافِعيَّة [512]     ((روضة الطالبين)) للنووي (9/7)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (8/289). ، والحَنابِلةِ [513]     ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/446)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/216). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (8/173). ، واختيارُ ابنِ تَيميَّةَ [514]     قال ابنُ تَيميَّةَ: (الرَّضعةُ: أن يلتَقِمَ الثَّديَ فيَشرَبَ منه ثمَّ يدَعَه؛ فهذه رَضعةٌ، فإذا كان في كَرَّةٍ واحدةٍ قد جرى له خَمسَ مرَّاتٍ: فهذه خمسُ رَضَعاتٍ، وإن جرى ذلك خَمسَ مَرَّاتٍ في كرَّتينِ: فهو أيضًا خمسُ رَضَعاتٍ، وليس المرادُ بالرَّضعةِ ما يَشرَبُه في نوبةٍ واحدةٍ في شُربِه). ((مجموع الفتاوى)) (34/57). ، وابنِ القَيِّمِ [515]     قال ابنُ القيم: (الرَّضعةُ: فَعْلةٌ مِنَ الرَّضاعِ، فهي مَرَّةٌ منه بلا شَكٍّ، كضَربةٍ وجَلسةٍ وأَكلةٍ، فمتى التقَمَ الثَّديَ فامتَصَّ منه ثمَّ تركَه باختيارِه مِن غيرِ عارضٍ: كان ذلك رَضعةً؛ لأنَّ الشَّرعَ ورَدَ بذلك مُطلَقًا). ((زاد المعاد)) (5/511). ، والصنعانيِّ [516]     قال الصنعاني: (أمَّا حقيقةُ الرَّضعةِ فهي المرَّةُ مِنَ الرَّضاعِ، كالضَّربةِ مِنَ الضَّربِ، والجَلسةِ مِنَ الجلوسِ؛ فمتى التقم الصبيُّ الثَّديَ وامتَصَّ منه ثم تركَ ذلك باختيارِه مِن غيرِ عارِضٍ: كان ذلك رَضعةً، والقَطعُ لعارضٍ - كنَفَسٍ، أو استراحةٍ يَسيرةٍ، أو لِشَيءٍ يُلهيه ثمَّ يعودُ مِن قَريبٍ- لا يُخرِجُها عن كَونِها رَضعةً واحدةً، كما أنَّ الآكِلَ إذا قَطَع أكْلَه بذلك ثم عاد عن قَريبٍ؛ كان ذلك أكلةً واحدةً، وهذا مَذهَبُ الشَّافعيِّ في تحقيقِ الرَّضعةِ الواحدةِ، وهو مُوافِقٌ للُّغةِ، فإذا حصَلَت خَمسُ رَضَعاتٍ على هذه الصِّفةِ، حَرَّمَتْ). ((سبل السلام)) (2/311). ، والشَّوكانيِّ [517]     قال الشوكاني: (متى التقمَ الصَّبيُّ الثَّديَ فامتَصَّ منه ثم تركَه باختيارِه لغيرِ عارِضٍ، كان ذلك رَضعةً). ((نيل الأوطار)) (6/367). ، وابنِ باز [518]     قال ابنُ باز: (صِفةُ الرَّضعةِ الواحِدةِ: هي أن يُمسِكَ الرَّضيعُ الثَّديَ ويمتَصَّ اللَّبنَ ثمَّ يَترُكَه، فإذا عاد وأمسكَه ثانيةً وامتَصَّ اللَّبنَ وتَرَكه، صارت رَضعةً ثانيةً، وهكذا حتى يُكمِلَ الخَمسَ). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (22/273). وقال: (الرَّضعةُ هي إمساكُ الثَّديِ وابتلاعُ اللَّبنِ، ولو لم يَشبَعْ، ولو طالت؛ فإذا أطلَقَه فهذه رَضعةٌ، فإذا عاد وأمسك الثَّديَ وامتَصَّ منه اللَّبنَ، فهذه رَضعةٌ ثانيةٌ، وهكذا، بشَرطِ أن يكونَ الطِّفلُ في الحولَينِ). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (22/239). ؛ وذلك لأنَّ الشَّرعَ ورَدَ بها مُطلَقًا، ولم يَحُدَّها بزَمَنٍ ولا مِقدارٍ؛ فدَلَّ على أنَّه رَدَّهم إلى العُرفِ [519]     ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/446). .   انظر أيضا: المَبحثُ الأوَّلُ: الرَّضاعُ المُحَرِّمُ .