يصحُّ الصَّومُ مِن الجنُب وهذا يُتصوَّر مثلًا فيمَن أدرَكَه الفجر وهو لم يغتسِلْ بعدُ من الجَنابة من جِماعٍ أو احتلامٍ، أو احتلم أثناءَ النَّهار وهو صائِمٌ. .الأدلَّة:أوَّلًا: من الكتابقَولُ الله تعالى: فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة: 187].وجه الدَّلالة: أنَّ الجِماع مباحٌ في رمضانَ إلى طلوعِ الفجْرِ، وإذا جامَعَ قبل طلوعِ الفجْرِ، فإنَّه يستلزِمُ أن يطلُعَ الفجرُ عليه وهو جنُبٌ. ثانيًا: مِن السُّنَّةِعن عائشةَ وأمِّ سلمةَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يُدرِكُه الفجرُ وهو جنُبٌ مِن أهلِه، ثمَّ يغتسلُ ويصومُ)) رواه البخاري (1925) واللفظ له، ومسلم (1109). .ثالثًا: من الإجماعنقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ العربيِّ قال ابنُ العربي: (إذا جوَّزنا له الوطءَ قَبل الفَجرِ، ففي ذلك دليلٌ على جوازِ طُلوعِ الفَجرِ عليه وهو جنُبٌ; وذلك جائز إجماعًا، وقد كان وقع فيه بين الصَّحابةِ- رضوانُ الله عليهم أجمعين- كلامٌ، ثم استقرَّ الأمرُ على أنَّه مَن أصبَحَ جُنبًا، فإنَّ صومَه صحيحٌ). ((أحكام القرآن)) (1/134). ، والنوويُّ قال النوويُّ: (أجمع أهلُ هذه الأمصارِ على صحَّةِ صَومِ الجُنُب، سواءٌ كان مِن احتلامٍ أو جِماعٍ). ((شرح النووي على مسلم)) (7/222). ، وابنُ حجر قال ابن حجر: (فقد يحتلِمُ بالنَّهار، فيجِبُ عليه الغُسلُ، ولا يحرُمُ عليه [الصَّوم]، بل يُتمُّ صومَه إجماعًا، فكذلك إذا احتلَم ليلًا، بل هو من بابِ الأَوْلى). ((فتح الباري)) (4/148). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: ما يُمنَع منه الجُنُب. المبحث الثاني: ما يُستحبُّ للجُنُب. المبحث الرَّابع: جِسم الجُنُب وعَرَقه.

جِسم الجُنُبِ وعَرَقه، طاهرٌ.الأدلَّة:أولًا: مِن السُّنَّةِعن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لقِيه في بعضِ طَريقِ المدينة وهو جنُبٌ، فانخنستُ منه، فذهب فاغتسَل، ثمَّ جاء، فقال: أين كنتَ يا أبا هُرَيرةَ؟ قال: كنتُ جنُبًا؛ فكرهتُ أن أجالسَك وأنا على غيرِ طهارةٍ، فقال: سبحانَ اللهِ! إنَّ المُسلِمَ لا يَنجُسُ)) رواه البخاري (283)، واللفظ له، ومسلم (371). .ثانيًا: من الإجماعنقَل الإجماعَ على طهارةِ جِسمِ الجُنُب: النوويُّ قال النوويُّ: (قال أصحابُنا وغيرهم: أعضاء الجنُبِ والحائِضِ والنُّفساء وعرَقُهم، طاهِرٌ، وهذا لا خِلاف فيه بين العلماء). ((المجموع)) (2/150، 151). ، وابنُ تيميَّة قال ابن تيميَّة: (هذا متَّفق عليه بين الأئمَّة: أنَّ بدَنَ الجنُب طاهِرٌ، وعَرَقَه طاهِرٌ، والثوب الذي يكون فيه عَرَقُه طاهِرٌ). ((مجموع فتاوى ابن تيميَّة)) (21/58). .ونقَل الإجماعَ على طهارةِ عرَقِ الجُنُب: ابنُ المُنذِر قال ابن المُنذِر: (أجمعوا على أنَّ عَرَقَ الجنُب، طاهِرٌ). ((الإجماع)) (26). ، وابنُ عبدِ البَرِّ قال ابن عبدِ البَرِّ: (لا خلافَ بين العلماء في طهارةِ عرَق الجنُب وعرَق الحائِض). ((الاستذكار)) (1/299). ، والبغويُّ قال البغوي: (اتَّفقوا على طهارةِ عرَق الجنُبِ والحائِض). ((شرح السنة)) (2/30). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: ما يُمنَع منه الجُنُب. المبحث الثاني: ما يُستحبُّ للجُنُب. المبحث الثالث: حُكم صيام الجنُب.