عدد الزوار 17 التاريخ Monday, June 16, 2025 7:56 AM
فَأَجَابَ: أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ ... الحَدِيثَ).
وَأَخْرَجَ أَيْضًا بِسَنَدِهِ عَنِ الأَغَرِّ أَبِي مُسْلِمٍ؛ أَنَّهُ قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: (لَا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا حَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ).
وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي - وَاللهُ أَعْلَمُ، وَالمَسْأَلَةُ خِلَافِيَّةٌ - أَنَّ الإِطْلَاقَ فِي الحَدِيثِ الثَّانِي لَا يُقَيَّدُ بِمَا فِي الحَدِيثِ الأَوَّلِ؛ بَلْ هُوَ مُطْلَقٌ يَعُمُّ كُلَّ مَجْلِسٍ، فَلَا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - فِي أَيِّ مَجْلِسٍ: "إِلَّا حَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ".
وَذَلِكَ أَنَّ الإِطْلَاقَ أَقْوَى طَرِيقًا؛ فَقَدْ رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ.
وَأَيْضًا الحَدِيثُ الأَوَّلُ فِي تِلَاوَةِ القُرْآنِ وَتَدَارُسِهِ، وَالحَدِيثُ الثَّانِي فِي الذِّكْرِ بِصِفَةٍ عَامَّةٍ، فَلَا يُقَالُ اتَّحَدَا حُكْمًا وَسَبَبًا.
ثُمَّ إِنَّ فَضْلَ اللهِ وَاسِعٌ، وَقَدْ حَمَلَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ التَّقْيِيدَ فِي الحَدِيثِ الأَوَّلِ عَلَى التَّغْلِيبِ.
قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ - تَحْتَ الحَدِيثِ الأَوَّلِ: وَفِي هَذَا دَلِيلٌ لِفَضْلِ الِاجْتِمَاعِ عَلَى تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ فِي الْمَسْجِدِ ... وَيُلْحَقُ بِالْمَسْجِدِ فِي تَحْصِيلِ هَذِهِ الفَضِيلَةِ الاجْتِمَاعُ فِي مَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ وَنَحْوِهِمَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الَّذِي بَعْدَهُ؛ فَإِنَّهُ مُطْلَقٌ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الْمَوَاضِعِ، وَيَكُونُ التَّقْيِيدُ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ خَرَجَ عَلَى الْغَالِبِ، لَا سِيَّمَا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، فَلَا يَكُونَ لَهُ مَفْهُومٌ يُعْمَلُ بِهِ. انْتَهَى.