عدد الزوار 174 التاريخ Saturday, October 23, 2021 6:37 AM
فَأَجَابَ: عِنْدَمَا يَتَّحِدُ مَخْرَجُ الْحَدِيثِ، وَيَتَعَارَضُ الرَّفْعُ وَالْوَقْفُ، وَيَتَعَارَضُ الْوَصْلُ وَالْإِرْسَالُ؛ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْحُكْمِ يَكُونُ لِمَنْ؟ وَالرَّاجِحُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ الْحُكْمَ لِلْمُرَجِّحَاتِ وَالْقَرَائِنِ الَّتِي تَعُودُ إِلَى الْمُسْنِدِ وَالْمُرْسِلِ، وَالرَّافِعِ وَالْوَاقِفِ، مِنْ حَيْثُ الْعَدَالَةُ وَالضَّبْطُ وَالْمُلَازَمَةُ وَالْعَدَدُ وَالشَّوَاهِدُ وَنَحْوُ ذَلِكَ؛ فَالرَّفْعُ وَالْوَصْلُ زِيَادَةٌ، وَزِيَادَةُ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ إِذَا اسْتَوَتْ الْقَرَائِنُ، وَإِلَّا فَالْحُكْمُ لِلْمُرَجِّحَاتِ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ.
وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ بَعْضُ الثِّقَاتِ مُرْسَلًا وَبَعْضُهُمْ مُتَّصِلًا، اخْتَلَفَ أَهْلُ الْحَدِيثِ فِي أَنَّهُ مُلْحَقٌ بِقَبِيلِ الْمَوْصُولِ أَوْ بِقَبِيلِ الْمُرْسَلِ؟
مِثَالُهُ: حَدِيثُ: "لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ". يَعْنِي اخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ، وَنَحْوُهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا تَوَضَّأَ عَرَكَ عَارِضَيْهِ بَعْضَ العَرْكِ، ثُمَّ شَبَّكَ لِحْيَتَهُ بِأَصَابِعِهِ مِنْ تَحْتِهَا»، اخْتُلِفَ فِي وَقْفِهِ وَرَفْعِهِ.
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: فَحَكَى الْخَطِيبُ الْحَافِظُ، أَنَّ أَكْثَرَ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ يَرَوْنَ الْحُكْمَ فِي هَذَا وَأَشْبَاهِهِ لِلْمُرْسَلِ. وَعَنْ بَعْضِهِمْ: أَنَّ الْحُكْمَ لِلْأَكْثَرِ. وَعَنْ بَعْضِهِمْ: أَنَّ الْحُكْمَ لِلْأَحْفَظِ ... وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: "الْحُكْمُ لِمَنْ أَسْنَدَهُ إِذَا كَانَ عَدْلًا ضَابِطًا، فَيُقْبَلُ خَبَرُهُ وَإِنْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ، سَوَاءٌ كَانَ الْمُخَالِفُ لَهُ وَاحِدًا أَوْ جَمَاعَةً.
قَالَ الْخَطِيبُ: "هَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّحِيحُ".
قُلْتُ: وَمَا صَحَّحَهُ هُوَ الصَّحِيحُ فِي الْفِقْهِ وَأُصُولِهِ ... وَيَلْتَحِقُ بِهَذَا مَا إِذَا كَانَ الَّذِي وَصَلَهُ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَهُ، وَصَلَهُ فِي وَقْتٍ وَأَرْسَلَهُ فِي وَقْتٍ.
وَهَكَذَا إِذَا رَفَعَ بَعْضُهُمُ الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوَقَفَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الصَّحَابِيِّ، أَوْ رَفَعَهُ وَاحِدٌ فِي وَقْتٍ وَوَقَفَهُ هُوَ أَيْضًا فِي وَقْتٍ آخَرَ، فَالْحُكْمُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي كُلِّ ذَلِكَ لِمَا زَادَهُ الثِّقَةُ مِنَ الْوَصْلِ وَالرَّفْعِ؛ لِأَنَّهُ مُثْبِتٌ وَغَيْرُهُ سَاكِتٌ، وَلَوْ كَانَ نَافِيًا فَالْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ مَا خَفِيَ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا الْفَصْلِ تَعَلُّقٌ بِفَصْلِ زِيَادَةِ الثِّقَةِ فِي الْحَدِيثِ.