|
|
  • عربي
  • English
  • Franch
  • Urdu
  • الرئيسية
  • المرئيات
  • الصوتيات
  • المقالات
  • الرؤى والأحلام
  • جاليري ينابيع
  • موسوعة الفتاوي
  • الموسوعة الفقهية
  • الموسوعة الحديثية
  • الموسوعة التفسيرية
  • موسوعة أصول الفقه
  • عمدة الحفاظ
  • الاصدارات البرامجية العلمية
  • الصحيفة في الاحاديث الصحيحة والضعيفة
  • خطب الجمعة
  • الرئيسية
  • المرئيات
  • الصوتيات
  • المقالات
  • الرؤى والأحلام
  • جاليري ينابيع
  • الاصدارات البرامجية العلمية
  • خطب الجمعة
  • الموسوعات
    • الصحيفة في الاحاديث الصحيحة والضعيفة
    • موسوعة الفتاوى
    • الموسوعة الفقهية
    • الموسوعة الحديثية
    • الموسوعة التفسيرية
    • موسوعة أصول الفقه
    • عمدة الحفاظ

قرب الله ومعيته، ما معناه؟

عدد الزوار 144 التاريخ Friday, December 15, 2023 12:20 PM

السؤال : سُئِلَ فَضِيلَةُ الشَّيْخِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ النُّمَيُّ – حَفِظَهُ اللهُ -: مَا مَعْنَى قُرْبِ اللهِ وَمَعِيَّتِهِ؟
الإجابة :

فَأَجَابَ: قُرْبُ اللهِ مِنْ عِبَادِهِ وَمَعِيَّتُهُ لِخَلْقِهِ مِنْ جُمْلَةِ صِفَاتِهِ - جَلَّ وَعَلَا - الَّتِي يَجِبُ الإِيمَانُ بِهَا عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ. 
قَالَ تَعَالَى: (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ)؛ يَعْنِي: مَلَائِكَتَهُ وَعِلْمَهُ وَقُدْرَتَهُ. 
وَقَالَ تَعَالَى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ)؛ يَعْنِي: أَسْمَعُ دَعْوَتَهُمْ، وَأَرَى تَضَرُّعَهُمْ، وَأَسْتَجِيبُ لَهُمْ. 
وَقَالَ تَعَالَى: (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ)؛ أَيْ: شَاهِدٌ لَكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُمْ، يَعْلَمُكُمْ، وَيَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ، وَهُوَ عَلَى عَرْشِهِ فَوْقَ سَبْعِ سَمَاوَاتِهِ. 
وَقَالَ تَعَالَى: (قَالَ لَا تَخَافَا ۖ إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَىٰ)؛ أَيْ: أُعِينُكُمَا وَأَنْصُرُكُمَا، وَأَسْمَعُ كَلَامَكُمْ، وَأَرَى مَكَانَكُمْ.
وَبِهَذَا نَعْلَمُ أَنَّ قُرْبَ اللهِ وَمَعِيَّتَهُ تَنْقَسِمُ إِلَى عَامَّةٍ وَإِلَى خَاصَّةٍ، وَلَا تَقْتَضِي الحُلُولَ وَالاتِّحَادَ بِالإِجْمَاعِ، وَلَا المُخَالَطَةَ وَالمُمَازَجَةَ، وَلَكِنْ تَقْتَضِي العَامَّةُ الإِحَاطَةَ وَالاطِّلَاعَ وَالعِلْمَ وَالقُدْرَةَ وَالسَّمْعَ وَالرُّؤْيَةَ وَالتَّدْبِيرَ، وَتَقْتَضِي الخَاصَّةُ الإِجَابَةَ وَالتَّوْفِيقَ وَالسَّدَادَ وَالإِعَانَةَ وَالنُّصْرَةَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا تَقْتَضِيهِ رُبُوبِيَّتُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، مَعَ عُلُوِّهِ عَلَى عَرْشِهِ فَوْقَ جَمِيعِ خَلْقِهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: "أَهْلُ السُّنَّةِ مُجْمِعُونَ عَلَى الإِقْرَارِ بِالصِّفَاتِ الوَارِدَةِ كُلِّهَا فِي القُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَالإِيمَانِ بِهَا، وَحَمْلِهَا عَلَى الحَقِيقَةِ لَا عَلَى المَجَازِ، إِلَّا أَنَّهُمْ لَا يُكَيِّفُونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يَحُدُّونَ فِيهِ صِفَةً مَحْصُورَةً" اهـ.
وَقَالَ القَاضِي أَبُو يَعْلَى: "لَا يَجُوزُ رَدُّ هَذِهِ الأَخْبَارِ، وَلَا التَّشَاغُلُ بِتَأْوِيلِهَا، وَالوَاجِبُ حَمْلُهَا عَلَى ظَاهِرِهَا، وَأَنَّهَا صِفَاتُ اللهِ لَا تُشْبِهُ صِفَاتِ سَائِرِ المَوْصُوفِينَ بِهَا مِنَ الخَلْقِ، وَلَا يُعْتَقَدُ التَّشْبِيهُ فِيهَا، لَكِنْ عَلَى مَا رُوِيَ عَنِ الإِمَامِ أَحْمَدَ وَسَائِرِ الأَئِمَّةِ" اهـ.
وَقَالَ ابْنُ رَجَبٍ: قَدْ أَخْبَرَ اللهُ تَعَالَى بِقُرْبِهِ مِمَّنْ دَعَاهُ، وَإِجَابَتِهِ لَهُ، فَقَالَ: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ).
وَقَدْ رُوِيَ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا: أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَقَرِيبٌ رَبُّنَا فَنُنَاجِيَهُ، أَمْ بَعِيدٌ فَنُنَادِيَهُ؟ فَأَنْزَلَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ). خَرَّجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ الحَسَنِ، قَالَ: سَأَلَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَيْنَ رَبُّنَا؟ فَأَنْزَلَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ).
وَرَوَى عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)، قَالُوا: كَيْفَ لَنَا بِهِ أَنْ نَلْقَاهُ حَتَّى نَدْعُوَهُ؟ فَأَنْزَلَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عَلَى نَبِيِّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ)، فَقَالُوا: صَدَقَ رَبُّنَا، هُوَ بِكُلِّ مَكَانٍ.
وَقَدْ خَرَّجَ البُخَارِيُّ فِي (الدَّعَوَاتِ) حَدِيثَ أَبِي مُوسَى، أَنَّهُمْ رَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّكْبِيرِ، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا، إِنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا). وَفِي رِوَايَةٍ: (أَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَيْكُمْ مِنْ أَعْنَاقِ رَوَاحِلِكُمْ).
وَلَمْ يَكُنْ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْهَمُونَ مِنْ هَذِهِ النُّصُوصِ غَيْرَ المَعْنَى الصَّحِيحِ المُرَادِ بِهَا، يَسْتَفِيدُونَ بِذَلِكَ مَعْرِفَةَ عَظَمَةِ اللهِ وَجَلَالِهِ، وَاطِّلَاعِهِ عَلَى عِبَادِهِ وَإِحَاطَتِهِ بِهِمْ، وَقُرْبِهِ مِنْ عَابِدِيهِ، وَإِجَابَتِهِ لِدُعَائِهِمْ، فَيَزْدَادُونَ بِهِ خَشْيَةً للهِ وَتَعْظِيمًا وَإِجْلَالًا وَمَهَابَةً وَمُرَاقَبَةً وَاسْتِحْيَاءً، وَيَعْبُدُونَهُ كَأَنَّهُمْ يَرَوْنَهُ.
ثُمَّ حَدَثَ بَعْدَهُمْ مَنْ قَلَّ وَرَعُهُ، وَسَاءَ فَهْمُهُ وَقَصْدُهُ، وَضَعُفَتْ عَظَمَةُ اللهِ وَهَيْبَتُهُ فِي صَدْرِهِ، وَأَرَادَ أَنْ يُرِيَ النَّاسَ امْتِيَازَهُ عَلَيْهِمْ بِدِقَّةِ الفَهْمِ وَقُوَّةِ النَّظَرِ، فَزَعَمَ أَنَّ هَذِهِ النُّصُوصَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللهَ بِذَاتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، كَمَا يُحْكَى ذَلِكَ عَنْ طَوَائِفَ مِنَ الجَهْمِيَّةِ وَالمُعْتَزِلَةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ، تَعَالَى اللهُ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا، وَهَذَا شَيْءٌ مَا خَطَرَ لِمَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، وَهَؤُلَاءِ مِمَّنْ يَتَّبِعُ مَا تَشَابَهُ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ، وَقَدْ حَذَّرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَّتَهُ مِنْهُمْ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الصَّحِيحِ المُتَّفَقِ عَلَيْهِ.
وَتَعَلَّقُوا - أَيْضًا - بِمَا فَهِمُوهُ بِفَهْمِهِمُ القَاصِرِ مَعَ قَصْدِهِمُ الفَاسِدِ بِآيَاتٍ فِي كِتَابِ اللهِ، مِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ)، وَقَوْلِهِ: (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ)، فَقَالَ مَنْ قَالَ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ حِينَئِذٍ: إِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهُ مَعَهُمْ بِعِلْمِهِ، وَقَصَدُوا بِذَلِكَ إِبْطَالَ مَا قَالَهُ أُولَئِكَ، مِمَّا لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ قَبْلَهُمْ قَالَهُ وَلَا فَهِمَهُ مِنَ القُرْآنِ.
وَمِمَّنَ قَالَ: إِنَّ هَذِهِ المَعِيَّةَ بِالعِلْمِ، مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ رَوَاهُ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَقَالَهُ الضَّحَّاكُ، قَالَ: اللهُ فَوْقَ عَرْشِهِ، وَعِلْمُهُ بِكُلِّ مَكَانٍ.
وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ مَالِكٍ، وَعَبْدِ العَزِيزِ المَاجِشُونِ، وَالثَّوْرِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَئِمَّةِ السَّلَفِ.
وَرَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ: ثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نَافِعٍ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: اللهُ فِي السَّمَاءِ، وَعِلْمُهُ بِكُلِّ مَكَانٍ.
وَرُوِيَ هَذَا المَعْنَى عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ أَيْضًا.
وَقَالَ الحَسَنُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ)، قَالَ: عِلْمُهُ بِالنَّاسِ.
وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ البَرِّ وَغَيْرُهُ إِجْمَاعَ العُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ) أَنَّ المُرَادَ عِلْمُهُ.
وَكُلُّ هَذَا قَصَدُوا بِهِ رَدَّ قَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ تَعَالَى بِذَاتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ.
وَزَعَمَ بَعْضُ مَنْ تَحَذْلَقَ أَنَّ مَا قَالَهُ هَؤُلَاءِ الأَئِمَّةُ خَطَأٌ؛ لِأَنَّ عِلْمَ اللهِ صِفَةٌ لَا تُفَارِقُ ذَاتَهُ، وَهَذَا سُوءُ ظَنٍّ مِنْهُ بِأَئِمَّةِ الإِسْلَامِ؛ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُرِيدُوا مَا ظَنَّهُ بِهِمْ، وَإِنَّمَا أَرَادُوا أَنَّ عِلْمَ اللهِ مُتَعَلِّقٌ بِمَا فِي الأَمْكِنَةِ كُلِّهَا فَفِيهَا مَعْلُومَاتُهُ، لَا صِفَةُ ذَاتِهِ، كَمَا وَقَعَتِ الإِشَارَةُ فِي القُرْآنِ إِلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا)، وَقَوْلِهِ: (رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا)، وَقَوْلِهِ: (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ).
وَقَالَ حَرْبٌ: سَأَلْتُ إِسْحَاقَ عَنْ قَوْلِهِ: (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ)، قَالَ: حَيْثُ مَا كُنْتَ هُوَ أَقْرَبُ إِلَيْكَ مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ، وَهُوَ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ.
وَرَوَى عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ مَرَّ بِقَاصٍّ، وَقَدْ رَفَعُوا أَيْدِيَهُمْ، فَقَالَ: وَيْلَكُمْ! إِنَّ رَبَّكُمْ أَقْرَبُ مِمَّا تَرْفَعُونَ، وَهُوَ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ.
وَخَرَّجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ، وَعِنْدَهُ: أَنَّ المَارَّ وَالقَائِلَ بِذَلِكَ هُوَ ابْنُ عُمَرَ.
وَخَطَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ، فَذَكَرَ فِي خُطْبَتِهِ: أَنَّ اللهَ أَقْرَبُ إِلَى عِبَادِهِ مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ. وَكَانَ مُجَاهِدٌ حَاضِرًا يَسْمَعُ، فَأَعْجَبَهُ حُسْنُ كَلَامِ عُمَرَ.
وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قُرْبَ اللهِ مِنْ خَلْقِهِ شَامِلٌ لَهُمْ، وَقُرْبَهُ مِنْ أَهْلِ طَاعَتِهِ فِيهِ مَزِيدُ خُصُوصِيَّةٍ، كَمَا أَنَّ مَعِيَّتَهُ مَعَ عِبَادِهِ عَامَّةٌ حَتَّى لِمَنْ عَصَاهُ؛ قَالَ تَعَالَى: (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ)، وَمَعِيَّتُهُ مَعَ أَهْلِ طَاعَتِهِ خَاصَّةٌ لَهُمْ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَمَعَ الَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ. 
وَقَالَ لِمُوسَى وَهَارُونَ: (إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى)، وَقَالَ مُوسَى: (إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ)، وَقَالَ فِي حَقِّ مُحَمَّدٍ وَصَاحِبِهِ: (إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا).
وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَبِي بَكْرٍ فِي الغَارِ: (مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا).
فَهَذِهِ مَعِيَّةٌ خَاصَّةٌ غَيْرُ قَوْلِهِ: (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ) الآية، فَالمَعِيَّةُ العَامَّةُ تَقْتَضِي التَّحْذِيرَ مِنْ عِلْمِهِ وَاطِّلَاعِهِ وَقُدْرَتِهِ وَبَطْشِهِ وَانْتِقَامِهِ. 
وَالمَعِيَّةُ الخَاصَّةُ تَقْتَضِي حُسْنَ الظَّنِّ بِإِجَابَتِهِ وَرِضَاهُ وَحِفْظِهِ وَصِيَانَتِهِ، فَكَذَلِكَ القُرْبُ.
وَلَيْسَ هَذَا القُرْبُ كَقُرْبِ الخَلْقِ المَعْهُودِ مِنْهُمْ، كَمَا ظَنَّهُ مَنْ ظَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الضَّلَالِ، وَإِنَّمَا هُوَ قُرْبٌ لَيْسَ يُشْبِهُ قُرْبَ المَخْلُوقِينَ، كَمَا أَنَّ المَوْصُوفَ بِهِ (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).
وَهَكَذَا القَوْلُ فِي أَحَادِيثِ النُّزُولِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا؛ فَإِنَّهُ مِنْ نَوْعِ قُرْبِ الرَّبِّ مِنْ دَاعِيهِ وَسَائِلِيهِ وَمُسْتَغْفِرِيهِ.
وَقَدْ سُئِلَ عَنْهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، فَقَالَ: هُوَ فِي مَكَانِهِ يَقْرُبُ مِنْ خَلْقِهِ كَمَا يَشَاءُ.
وَمُرَادُهُ أَنَّ نُزُولَهُ لَيْسَ هُوَ انْتِقَالًا مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ كَنُزُولِ المَخْلُوقِينَ.
وَقَالَ حَنْبَلٌ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ: يَنْزِلُ اللهُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: نُزُولُهُ بِعِلْمِهِ أَوْ بِمَاذَا؟ قَالَ: اسْكُتْ عَنْ هَذَا، مَالَكَ وَلِهَذَا؟ أَمْضِ الحَدِيثَ عَلَى مَا رُوِيَ بِلَا كَيْفٍ وَلَا حَدٍّ، إِلَّا بِمَا جَاءَتْ بِهِ الآثَارُ، وَجَاءَ بِهِ الكِتَابُ، قَالَ اللهُ: (فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ)، يَنْزِلُ كَيْفَ يَشَاءُ، بِعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَعَظَمَتِهِ، أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا، لَا يَبْلُغُ قَدْرَهُ وَاصِفٌ، وَلَا يَنْأَى عَنْهُ هَرَبُ هَارِبٍ، عَزَّ وَجَلَّ.
وَمُرَادُهُ: أَنَّ نُزُولَهُ تَعَالَى لَيْسَ كَنُزُولِ المَخْلُوقِينَ، بَلْ هُوَ نُزُولٌ يَلِيقُ بِقُدْرَتِهِ وَعَظَمَتِهِ وَعِلْمِهِ المُحِيطِ بِكُلِّ شَيْءٍ، وَالمَخْلُوقُونَ لَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا، وَإِنَّمَا يَنْتَهُونَ إلَى مَا أَخْبَرَهُمْ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ أَخْبَرَ بِهِ عَنْهُ رَسُولُهُ.
فَلِهَذَا اتَّفَقَ السَّلَفُ الصَّالِحُ عَلَى إِمْرَارِ هَذِهِ النُّصُوصِ كَمَا جَاءَتْ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ، وَمَا أَشْكَلَ فَهْمُهُ مِنْهَا، وَقَصُرَ العَقْلُ عَنْ إِدْرَاكِهِ وَكِّلَ إِلَى عَالِمِهِ. انْتَهَى.

المصدر : فتاوي الشيخ علي بن عبد الله النمي

الأكثر قراءة

  • مَا صِحَّةُ حَدِيثِ: "رَحِمَ اللهُ امْرَءًا عَرَفَ قَدْرَ نَفْسِهِ"
  • حكم أكل شحوم البقر والغنم
  • جلس للتشهد في الركعة الأولى ثم تدارك الأمر فهل يسجد للسهو ؟
  • حكم الدعاء بعد الإقامة وقبل تكبيرة الإحرام

فتاوي ذات صلة

  • تَرْتِيبُ الوِلَايَةِ فِي النِّكَاحِ
  • هَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي هَذِهِ الحَالِ؟
  • قرب الله ومعيته، ما معناه؟
  • سُئِلَ فَضِيلَةُ الشَّيْخِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ النُّمَيُّ - حَفِظَهُ اللهُ -: مَنْ حَصَلَ لَهُ حَادِثٌ مُرُورِيٌّ مَاتَ بِسَبَبِهِ مُسْلِمٌ؛ فَهَلْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ أَوْ دِيَةٌ؟
  • سُئِلَ فَضِيلَةُ الشَّيْخِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ النُّمَيُّ - حَفِظَهُ اللهُ -: مَا دَرَجَةُ حَدِيثِ خَلْعِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَعْلَيْهِ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ حِينَ وَصَلَ إِلَى العَرْشِ؟

شاركنا الأجر

  • vision
تغريدات الشيخ
  • من نحن
  • |
  • تواصل معنا
  • |
  • الاقتراحات والتطوير

تابعنا

جميع الحقوق محفوظة - ينابيع العلم 2020