رُؤْيَا الجَنَّةِ وَالنَّارِ

عدد الزوار 5145 التاريخ Feb 29 2020 11:11PM

رُؤْيَا الغَيْبِيَّاتِ قَدْ تَكُونُ صَادِقَةً، وَقَدْ لَا تَكُونُ صَادِقَةً، فَمِنَ الصَّادِقَةِ: مَا رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَالشَّيْخَانِ، وَالتِّرْمِذِيُّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -، قَالَ: رَأَيْتُ فِي المَنَامِ كَأَنَّ بِيَدِي قِطْعَةَ اسْتَبْرَقٍ، وَلَا أُشِيرُ بِهَا إِلَى مَكَانٍ مِنَ الجَنَّةِ إِلَّا طَارَتْ بِي إِلَيْهِ، فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: «إِنَّ أَخَاكِ رَجُلٌ صَالِحٌ».
وَرَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَالبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَابْنُ مَاجَهْ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -، قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا رَأَى رُؤْيَا قَصَّهَا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: فَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَرَى رُؤْيَا فَأَقُصَّهَا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: فَرَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَأَنَّ مَلَكَيْنِ أَخَذَانِي فَذَهَبَا بِي إِلَى النَّارِ، فَإِذَا هِيَ مَطْوِيَّةٌ كَطَيِّ البِئْرِ، وَإِذَا لَهَا قَرْنَانِ، وَإِذَا فِيهَا نَاسٌ قَدْ عَرَفْتُهُمْ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ، فَلَقِيَهُمَا مَلَكٌ آخَرُ، فَقَالَ لِي: لَنْ تُرَاعَ، فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ، فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: «نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ». قَالَ سَالِمٌ: فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ لَا يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلَّا قَلِيلًا.
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: "فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لَوْ كَانَ فِيكَ خَيْرٌ لَرَأَيْتَ مِثْلَ مَا يَرَى هَؤُلَاءِ، فَلَمَّا اضْطَجَعْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ فِيَّ خَيْرًا فَأَرِنِي رُؤْيَا، فَبَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ جَاءَنِي مَلَكَانِ، فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِقْمَعَةٌ مِنْ حَدِيدٍ، يُقْبِلَانِ بِي إِلَى جَهَنَّمَ ... الحديث".
وَهُوَ دَالٌّ عَلَى تَمَنِّي الرُّؤْيَا الصَّالِحَةِ، وَسُؤَالِ اللهِ ذَلِكَ، وَأَنَّ مَا يَرَاهُ بَعْدَ أُمْنِيَتِهِ وَسُؤَالِهِ اللهَ تَعَالَى، لَا يَجْعَلُهَا مِنْ قَبِيلِ حَدِيثِ النَّفْسِ.