الكذب في الرؤيا

عدد الزوار 0 التاريخ Jun 15 2020 12:08AM

الحَمْدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ. 
أَمَّا بَعْدُ: فَهَذِهِ وَقْفَةٌ حَوْلَ الكَذِبِ فِي الرُّؤْيَا، وَهَلْ تَقَعُ إِذَا عُبِّرَتْ؟.
الكَذِبُ فِي الرُّؤْيَا حَرَامٌ لَا يَجُوزُ؛ فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، قَالَ: قَالَ النَّبيُّ - ﷺ -: "أَفْرَى الفِرَى أَنْ يُرِيَ الرَّجُلُ عَيْنَيْهِ مَا لَمْ تَرَيَا". [رواهُ البخاري].
وَمَعْنَاهُ: يَقُولُ: رَأَيْتُ فِيمَا لَمْ يَرَهُ.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ -: (مَنْ تَحَلَّمَ بِحُلْمٍ لَمْ يَرَهُ، كُلِّفَ أَنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيْرَتَيْنِ، وَلَنْ يَفْعَلَ). [رواه البخاري].
وَإِيصَالُ الشَّعِيْرَتَيْنِ، إِحْدَاهُمَا بِالأُخْرَى، مُسْتَحِيلٌ، فَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى طُولِ عَذَابِهِ.
وَهَذَا الوَعِيدُ الشَّدِيدُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنِ ادَّعَى أَنَّهُ رَأَى كَذَا وَكَذَا كَاذِبًا؛ ارْتَكَبَ كَبِيرَةً مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ.
وَهَلْ إِذَا عُبِّرَتْ وَقَعَتْ؟ 
قَالَ تَعَالَى عَنْ يُوسُفَ: (يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا ۖ وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ ۚ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ).
قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: أَعْلَمَهُمَا أَنَّ هَذَا قَدْ فُرِغَ مِنْهُ، وَهُوَ وَاقِعٌ لَا مَحَالَةَ؛ لِأَنَّ الرُّؤْيَا عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ مَا لَمْ تُعَبَّرْ ، فَإِذَا عُبِّرَتْ وَقَعَتْ.
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، قَالَ: لَمَّا قَالَا مَا قَالَا وَأَخْبَرَهُمَا، قَالَا: مَا رَأَيْنَا شَيْئًا. فَقَالَ: (قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ).
وَكَذَا فَسَّرَهُ مُجَاهِدٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَغَيْرُهُمَا.
وَحَاصِلُهُ: أَنَّ مَنْ تَحَلَّمَ بِبَاطِلٍ وَفَسَّرَهُ، فَإِنَّهُ يُلْزَمُ بِتَأْوِيلِهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ وَرَدَ فِي الحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - ﷺ -: "الرُّؤْيَا عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ مَا لَمْ تُعَبَّرْ، فَإِذَا عُبِّرَتْ وَقَعَتْ". انتهى.
وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ!