الرُّؤْيَا الصَّحِيحَةِ الَّتِي تُعَبَّرُ

عدد الزوار 5143 التاريخ Feb 23 2020 1:20PM

الْحَمْدُ للهِ والصَّلَاةُ وَالسَّلامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

أَمَّا بَعْدُ؛ فَهَذِهِ وَقْفَةٌ عَنِ الرُّؤْيَا الَّتِي تُعَبَّرُ.

حِينَ يَرَى النَّائِمُ، أَوْ حِينَ يَعْرِضُ عَلَى الْمُعَبِّرِ مَنَامًا فَلَا بُدَّ مِنَ النَّظَرِ فِيهَا قَبْلَ تَعْبِيرِهَا، هَلْ هِيَ:

- رُؤْيَا مِنَ اللهِ؟

- أَوْ حُلْمٌ مِنَ الشَّيْطَانِ؟

- أَوْ أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ؟

لِأَنَّ الرُّؤْيَا الَّتِي مِنَ اللهِ هِيَ الصَّادِقَةُ الَّتِي تُفَسَّر، أَمَّا الْحُلْمُ وَالْأَضْغَاثُ فَهِيَ الْكَاذِبَةُ فَلَا تُفَسَّرُ.

فَإِنْ قِيلَ: وَكَيْفَ أَعْرِفُ أَنَّها رُؤْيَا مِنَ اللهِ؟ أَوْ حُلْمٌ مِنَ الشَّيْطانِ؟ أَوْ أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ؟

فَالْجَوَابُ أَنَّ لِكُلِّ نَوْعٍ عَلَامَاتٌ:

• فَالرُّؤْيَا الَّتِي مِنَ اللهِ هِيَ الْحَسَنَةُ الْمُبَشِّرَةُ الَّتِي يُحِبُّهَا الرَّائِي، وَتُعَدُّ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ.

وَقَدْ يَرَى مَا لَا يَسُرُّهُ ظَاهِرًا لَكِنْ رُؤْيَاهُ لَيْسَتْ شًرًّا بَلْ هِيَ خَيْرٌ، كَمَا رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَقَرَ الَّتِي تُذْبَحُ فَقُتِلَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ.

• أَمَّا الْحُلْمُ الَّذِي مِنَ الشَّيْطانِ فَهُوَ التَّهاوِيلُ وَتَلَاعُبُ الشَّيْطانِ، وَيَكْرَهُهَا الرَّائِي، يَهْدُفُ الشَّيْطَانُ مِنْ وَرَائِهَا إِلَى إِدْخَالِ الْخَوْفِ وَالْحُزْنِ عَلَى الرَّائِي.

قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَمِنْ لَعِبِ الشَّيْطَانِ الِاحْتِلَامُ الَّذِي يُوجِبُ الْغُسْلَ، فَلَا يَكُونُ لَهُ تَأْوِيلٌ.

• أَمَّا أَضْغَاثُ الْأَحْلَامِ فَهِيَ الرُّؤْيَا النَّاشِئَةُ عَنْ حَدِيثِ النَّفْسِ وَمَا شَغَلَ خَاطِرَهُ، فَمَنْ حَدَّثَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ قَبْلَ النَّوْمِ كَالسَّفَرِ فَرَأَى نَفْسَهُ مُسَافِرًا فَلَيْسَتْ رُؤْيَا.

كَذَلِكَ الرُّؤْيَا النَّاشِئَةُ عَنْ حَالِ الْإِنْسَانِ وَطَبِيعَتِهِ الْعَارِضَةِ، كَمَنْ بَاتَ ظَمْآنًا فَرَأَى نَفْسَهُ يَشْرَبُ فَلَيْسَتْ رُؤْيَا.

وَلْنَتَأَمَّلِ الْأَحَادِيثَ فِي هَذَا:

- عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ وَالْحُلُمُ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمْ حُلُمًا يَخَافُهُ... الْحَدِيث) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَعَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمْ حُلْمًا يَكْرَهُهُ... الْحَدِيث) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الرُّؤْيَا يُحِبُّهَا فَإِنَّهَا مِنَ اللَّهِ... وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (الرُّؤْيَا ثَلاثَةٌ: فَالرُؤْيَا الصَّالِحَةِ بُشْرَى مِنَ اللَّهِ، وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَثَبَتَ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ الرُّؤْيَا ثَلاثٌ: مِنْهَا أَهَاوِيلُ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ بِهَا ابْنَ آدَمَ، وَمِنْهَا مَا يَهُمُّ بِهِ الرَّجُلُ فِي يَقَظَتِهِ فَيَرَاهُ فِي مَنَامِهِ، وَمِنْهَا جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ ) رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه.

وَثَبَتَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: (الرُّؤْيَا ثَلاثٌ: فَبُشْرَى مِنَ اللَّهِ، وَحَدِيثُ النَّفْسِ، وَتَخْوِيفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ) رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه.

وَقَالَ تَعَالَى: (قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَاذِبَةٌ.

وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمد