الدر المنثور للسيوطي ج ص معتمد 016

عدد الزوار 255 التاريخ 15/08/2020

 
صيامه أفضل دعي به وإن كان الجهاد أفضل دعي به ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : أحد يدعى بعملين قال : نعم ، أنت.
وأخرج الطبراني في الأوسط والخطيب في المتفق المفترق عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن في الجنة بابا يقال له الضحى فإذا كان يوم القيامة نادى مناد : أين الذين كانوا يديمون صلاة الضحى هذا بابكم فادخلوه برحمة الله.
وأخرج أحمد عن معاوية بن حيدة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما بين مصراعين من مصاريع الجنة أربعون عاما وليأتين عليهم يوم وأنه لكظيظ.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : والذي نفسي بيده لما بين المصراعين من مصاريع الجنة لكما بين مكة وهجر ، أو كما بين
(12/730)
1
مكة وبصرى.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عتبة بن غزوان رضي الله عنه أنه خطب فقال : إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة لمسيرة أربعين عاما وليأتين على أبواب الجنة يوم وليس منها باب إلا وهو كظيظ.
وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب رضي الله عنه قال : ما بين مصراعي الجنة أربعون خريفا للراكب المجد وليأتين عليه يوم وهو كظيظ الزحام.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي حرب بن أبي الأسود الديلمي قال إن الرجل ليوقف على باب الجنة مائة عام بالذنب عمله وأنه ليرى أزواجه وخدمه.
وأخرج أحمد والبزار عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : مفاتيح الجنة شهادة أن لا إله إلا الله.
وأخرج الطيالسي والدارمي ، عَن جَابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(12/731)
1
مفاتيح الجنة الصلاة.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والدارمي ومسلم وأبو داود ، وَابن ماجة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما منكم من أحد يسبغ الوضوء ثم يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له من الجنة ثمانية أبواب من أيها شاء دخل.
(12/732)
1
وأخرج النسائي والحاكم ، وَابن حبان عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ما من عبد يصلي الصلوات الخمس ويصوم رمضان ويخرج الزكاة ويجتنب الكبائر السبع إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يوم القيامة.
وأخرج أحمد ، وَابن جَرِير والبيهقي عن عتبة بن عبد الله السلمي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من عبد يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا تلقوه من أبواب الجنة الثمانية ، من أيها شاء دخل.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان له بنتان أو أختان أو عمتان أو خالتان فعالهن فتحت له أبواب الجنة.
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه عن
(12/733)
1
رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيما امرأة اتقت ربها وحفظت فرجها فتحت لها ثمانية أبواب الجنة فقيل لها : أدخلي من حيث شئت.
وأخرج أبو نعيم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حفظ على أمتي أربعين حديثا ينفعهم الله بها قيل له : ادخل من أي أبواب الجنة شئت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {سلام عليكم طبتم} قال : كنتم طيبين بطاعة الله.
الآيات 74 - 75
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وأورثنا الأرض} قال : أرض الجنة.
وأخرج هناد عن أبي العالية رضي الله عنه مثله.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {نتبوأ من الجنة حيث نشاء} قال : انتهت مشيئتهم إلى ما أعطوا.
(12/734)
1
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم سئل عن أرض الجنة قال : هي بيضاء نقية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه قال : أرض الجنة رخام من فضة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عطاء رضي الله عنه {وترى الملائكة حافين من حول العرش} قال : مديرين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {وترى الملائكة حافين من حول العرش} قال : محدقين به.
وأخرج ابن عساكر عن كعب رضي الله عنه قال : جبل الخليل والطور والجودي يكون كل واحد منهم يوم القيامة لؤلؤة بيضاء تضيء ما بين السماء والأرض ، يعني يرجعن إلى بيت المقدس حتى يجعلن في زواياه ويضع عليها كرسيه حتى يقضي بين أهل الجنة والنار {الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق}.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله !
(12/735)
1
{وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين} قال : افتتح أول الخلق بالحمد وختم بالحمد فتح بقوله {الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض} وختم بقوله {وقيل الحمد لله رب العالمين}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن وهب رضي الله عنه قال : من أراد أن يعرف قضاء الله في خلقه فليقرأ آخر سورة الزمر.
(12/736)
1
المجلد الثالث عشر
بسم الله الرحمن الرحيم
(40)- سورة غافر.
مكية وآياتها خمس وثمانون.
مقدمة سورة غافر.
أَخْرَج ابن الضريس والنحاس والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أنزلت الحواميم السبع بمكة.
وأخرج ابن جرير عن الشعبي رضي الله عنه قال : أخبرني مسروق رضي الله عنه أنها أنزلت بمكة.
وأخرج ابن مردويه والديلمي عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : نزلت الحواميم جميعا بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت حم (المؤمن) بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله أعطاني السبع مكان التوراة وأعطاني الراآت
(13/5)
1
إلى الطواسين ، مكان الإنجيل وأعطاني ما بين الطواسين إلى الحواميم مكان الزبور وفضلني بالحواميم والمفصل ، ما قرأهن نبي قبلي.
وأخرج أبو عبيد في فضائله عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن لكل شيء لبابا وإن لباب القرآن الحواميم.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن الضريس ، وَابن المنذر والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : الحواميم ديباج القرآن.
وأخرج أبو عبيد ومحمد بن نصر ، وَابن المنذر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : إذا وقعت في الحواميم وقعت في روضات أتأنق فيهن.
وأخرج محمد بن نصر وحميد بن زنجويه ، من وجه آخر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : إن مثل القرآن كمثل رجل انطلق يرتاد لأهله منزلا فمر
بأثر غيث فبينما هو يسير فيه ويتعجب منه إذ هبط على روضات دمثات فقال : عجبت من الغيث الأول فهذا أعجب وأعجب ، فقيل له : إن مثل الغيث الأول
(13/6)
1
كمثل عظم القرآن وإن مثل هؤلاء الروضات الدمثات مثل آل حم في القرآن.
وأخرج أبو الشيخ وأبو النعيم والديلمي عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحواميم ديباج القرآن.
وأخرج الديلمي ، وَابن مردويه عن سمرة بن جندب رضي الله عنه مرفوعا الحواميم روضة من رياض الجنة.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن الخليل بن مرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الحواميم سبع وأبواب جهنم سبع تجيء كل حم منها تقف على باب من هذه الأبواب تقول : اللهم لا تدخل من هذا الباب من كان يؤمن بي ويقرأني.
وأخرج الدارمي ومحمد بن نصر عن سعد بن إبراهيم قال : كن الحواميم
(13/7)
1
يسمين العرائس.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن سعد ومحمد بن نصر والحاكم عن أبي الدرداء رضي الله عنه ، أنه بنى مسجدا فقيل له : ما هذا فقال لآل حم.
وأخرج الترمذي والبزار ومحمد بن نصر ، وَابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قرأ (حم) إلى (وإليه المصير) (غافر الآية 1 - 3) وآية الكرسي حين يصبح حفظ بهما حتى يمسي ومن قرأهما حين يمسي حفظ بهما حتى يصبح.
الآية 1 - 3.
أَخْرَج ابن الضريس عن إسحاق بن عبد الله رضي الله عنه قال : بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لكل شجرة ثمرا وأن ثمرات القرآن ذوات (حم) من روضات
مخصبات معشبات ومتجاورات فمن أحب أن يرتع في رياض الجنة فليقرأ الحواميم ومن قرأ سورة الدخان في ليلة الجمعة أصبح مغفورا له ومن قرأ ألم تنزيل السجدة وتبارك الذي بيده الملك في يوم وليلة فكأنما وافق ليلة القدر ومن قرأ إذا زلزلت الأرض زلزالها فكأنما قرأ ربع القرآن ومن قرأ قل يا أيها الكافرون
(13/8)
1
فكأنما قرأ ربع القرآن ومن قرأ قل هو الله أحد عشر مرات بنى الله له قصرا في الجنة ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : إذن نستكثر من القصور فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الله أكثر وأطيب ومن قرأ أقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس لم يبق شيء من البشر إلا قال : أي رب أعذه من شري ومن قرأ أم القرآن فكأنما قرأ ربع القرآن ومن قرأ ألهاكم التكاثر فكأنما قرأ ألف آية.
وأخرج ابن مردويه عن أبي أمامة رضي الله عنه قال {حم} اسم من أسماء الله تعالى.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وأبو عبيد ، وَابن سعد ، وَابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن المهلب بن أبي صفرة رضي الله عنه قال : حدثني من سمع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إن قلتم الليلة (حم) لا ينصرون.
وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي والحاكم ، وَابن مردويه عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إنكم تلقون عدوكم غدا فليكن شعاركم {حم} لا ينصرون.
(13/9)
1
وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن أنس رضي الله عنه قال : انهزم المسلمون بخيبر فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حفنة من تراب حفنها في وجوههم وقال {حم} لا ينصرون فانهزم القوم وما رميناهم بسهم ولا طعن برمح.
وأخرج البغوي والطبراني عن شيبة بن عثمان رضي الله عنه قال : لما كان يوم خيبر تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحصى ينفخ في وجوههم وقال : شاهت الوجوه {حم} لا ينصرون.
(13/10)
1
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن يزيد بن الأصم رضي الله عنه أن رجلا كان ذا بأس وكان من أهل الشام وأن عمر فقده فسأل عنه فقيل له : في الشراب فدعا عمر رضي الله عنه كاتبه فقال له : اكتب : من عمر بن الخطاب إلى فلان بن فلان ،.
سلام عليكم فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو {غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير} ثم دعا وأمن من عنده فدعوا له أن يقبل الله عليه بقلبه وأن يتوب الله عليه ، فلما أتت الصحيفة الرجل جعل يقرأها ويقول {غافر الذنب} قد وعدني أن يغفر لي {وقابل التوب شديد العقاب} قد حذرني الله عقابه {ذي الطول} الكثير الخير {إليه المصير} فلم يزل يرددها على نفسه حتى بكى ثم نزع فأحسن النزع ، فلما بلغ عمر رضي الله عنه أمره قال : هكذا فافعلوا إذا رأيتم حالكم في زلة فسددوه ووفقوه وادعوا الله له أن يتوب عليه ولا تكونوا أعوانا للشيطان عليه.
(13/11)
1
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه قال : كان شاب بالمدينة صاحب عبادة وكان عمر رضي الله عنه يحبه فانطلق إلى مصر فانفسد فجعل لا يمتنع من شر فقدم على عمر رضي الله عنه بعض أهله فسأله حتى سأله عن الشاب فقال : لا تسألني عنه قال : لم قال : لأنه قد فسد وخلع فكتب إليه عمر رضي الله عنه : من عمر إلا فلان {حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير} فجعل يقرأها على نفسه فأقبل بخير.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن الحسن رضي الله عنه في قوله {غافر الذنب وقابل التوب} قال {غافر الذنب} لمن لم يتب {وقابل التوب} لمن تاب.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن المنذر عن أبي إسحاق السبيعي قال : جاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : يا أمير المؤمنين إن قتلت فهل لي من توبة فقرأ عليه {حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب} وقال : اعمل ولا تيأس.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن
(13/12)
1
ابن عباس رضي الله عنهما {ذي الطول} السعة والغنى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه {ذي الطول} قال : ذي الغنى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {ذي الطول} قال : ذي النعم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه {ذي الطول} قال : ذي المن.
وأخرج الطبراني في الأوسط ، وَابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما في قوله {غافر الذنب وقابل التوب} قال {غافر الذنب} لمن يقول لا إله إلا الله {وقابل التوب} لمن يقول لا إله إلا الله {شديد العقاب} لمن لا يقول لا إله إلا الله {ذي الطول} ذي الغنى {لا إله إلا هو} كانت كفار قريش لا يوحدونه فوحد نفسه {إليه المصير} مصير من يقول لا إله إلا هو فيدخله الجنة ومصير من لا يقول لا إله إلا هو فيدخله النار.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم عن ثابت البناني رضي الله عنه قال : كنت مع مصعب بن الزبير رضي الله عنه في سواد الكوفة فدخلت حائطا أصلي ركعتين فافتتحت !
(13/13)
1
{حم} المؤمن حتى بلغت {لا إله إلا هو إليه المصير} فإذا خلفي رجل على بغلة شهباء عليه مقطنات يمنية فقال : إذا قلت {وقابل التوب} فقل : يا قابل التوب اقبل توبتي وإذا قلت {شديد العقاب} فقل : يا شديد العقاب لا تعاقبني ولفظ ابن أبي شيبة اعف عني وإذ قلت {ذي الطول} فقل : يا ذا الطول طل علي بخير قال : فقلتها ثم التفت فلم أر أحدا فخرجت إلى الباب فقلت : مر بكم رجل عليه مقطنات يمينة قالوا : مارأينا أحدا ، كانوا يقولون أنه إلياس.
الآيات 4 - 6
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله {ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا} ونزلت في الحرث بن قيس السلمي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن جدالا
(13/14)
1
في القرآن كفر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مراء في القرآن كفر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي جهم رضي الله عنه قال : اختلف رجلان من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في آية فقال أحدهما : تلقيتها من في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال الآخر أنا تلقيتها من في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتيا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فذكرا ذلك له فقال : أنزل القرآن على سبعة أحرف وإياكم والمراء فيه فإن المراء كفر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : جدال في القرآن كفر.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فلا يغررك تقلبهم في البلاد} قال : إقبالهم وإدبارهم وتقلبهم في أسفارهم ، وفي قوله {والأحزاب من بعدهم} قال : من بعد قوم نوح عاد وثمود وتلك
(13/15)
1
القرون ، كانوا أحزابا على الكفار {وهمت كل أمة برسولهم} ليأخذوه فيقتلوه {وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا} قال : حق عليهم العذاب بأعمالهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فلا يغررك تقلبهم في البلاد} قال : فسادهم فيها وكفرهم {فأخذتهم فكيف كان عقاب} قال : والله شديد العقاب ، أما قوله تعالى : {وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق}.
أخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من أعان باطلا ليدحض بباطله حقا فقد برئت منه ذمة الله وذمة رسوله.
الآيات 7 - 9.
أَخرَج أبو يعلى ، وَابن مردويه بسند صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أذن لي أن أحدث عن ملك قد مرقت رجلاه الأرض السابعة والعرش على منكبيه وهو يقول : سبحانك أين كنت وأين
(13/16)
1
تكون.
وأخرج أبو داود ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات بسند صحيح ، عَن جَابر رضي الله عنه ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله من حملة العرش ، ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة سنة.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن حبان بن عطية رضي الله عنه قال : حملة العرش ثمانية ، أقدامهم مثقفة في الأرض السابعة ورؤوسهم قد جاوزت السماء السابعة وقرونهم مثل طولهم عليها العرش.
وأخرج أبو الشيخ عن ذاذان رضي الله عنه قال : حملة العرش أرجلهم في التخوم لا يستطيعون أن يرفعوا أبصارهم من شعاع النور.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ والبيهقي في شعب الإيمان عن هرون
(13/17)
1
بن رباب رضي الله عنه قال : حملة العرش ثمانية يتجاوبون بصوت رخيم ، يقول أربعة منهم : سبحانك وبحمدك على عفوك بعد قدرتك ، وأربعة منهم يقولون : سبحانك وبحمدك على حلمك بعد علمك.
وأخرج أبو الشيخ ، وَابن أبي حاتم من طريق أبي قبيل أنه سمع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول : حملة العرش ثمانية ، ما بين موق أحدهم إلى مؤخرة عينيه مسيرة خمسمائة عام.
وأخرج أبو الشيخ عن وهب رضي الله عنه قال : حملة العرش الذي يحملونه لكل ملك منهم أربعة وجوه وأربعة أجنحة جناحان على وجهه ينظر إلى العرش فيصعق وجناحان يطير بهما ، أقدامهم في الثرى والعرش على أكتافهم ، لكل واحد منهم وجه ثور ووجه أسد ووجه إنسان ووجه نسر ، ليس لهم كلام إلا أن يقولوا : قدوس الله القوي ملأت عظمته السموات والأرض.
وأخرج أبو الشيخ عن وهب رضي الله عنه قال : حملة العرش أربعة فإذا كان يوم
(13/18)
1
القيامة أيدوا بأربعة آخرين ، ملك منهم في صورة إنسان يشفع لبني آدم في أرزاقهم وملك منهم في صورة نسر يشفع للطير في أرزاقهم وملك منهم في صورة ثور يشفع للبهائم في أرزاقهم وملك في صورة أسد يشفع للسباع في أرزاقهم ، فلما حملوا العرش وقعوا على ركبهم من عظمة الله فلقنوا لا حول ولا قوة إلا بالله فاستووا قياما على أرجلهم.
وأخرج أبو الشيخ عن مكحول رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن في حملة العرش أربعة أملاك ، ملك على صورة سيد الصور وهو ابن آدم وملك على صورة سيد السباع وهو الأسد وملك على صورة سيد الأنعام وهو الثور فما زال غضبان مذ يوم العجل إلى ساعتي هذه وملك على صورة سيد الطير وهو النسر.
وأخرج ابن مردويه عن أم سعد رضي الله عنها قالت : سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول العرش على ملك من لؤلؤة على صورة ديك رجلاه في تخوم الأرض وجناحاه في الشرق وعنقه تحت العرش.
(13/19)
1
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه قال : حملة العرش كلهم على صور ، قيل : يا عكرمة وما صور فأمال خده قليلا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ميسرة رضي الله عنه قال : لا تستطيع الملائكة الذين يحملون العرش أن ينظروا إلى ما فوقهم من شعاع النور.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس
رضي الله عنهما قال : حملة العرش ما بين منكب أحدهم إلى أسفل قدميه مسيرة خمسمائة عام وذكر : أن خطوة تلك الملك ما بين المشرق والمغرب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ميسرة رضي الله عنه قال : حملة العرش أرجلهم في الأرض السفلى ورؤوسهم قد خرقت العرش وهم خشوع لا يرفعون طرفهم وهم أشد خوفا من أهل السماء السابعة وأهل السماء السابعة أشد خوفا من أهل السماء التي تليها وأهل السماء التي تليها أشد خوفا من التي تليها.
وأخرج البيهقي عن عروة رضي الله عنه قال : حملة العرش منهم من صورته صورة الإنسان ومنهم من صورته صورة النسر ومنهم من صورته صورة الثور ومنهم من صورته صورة الأسد.
(13/20)
1
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : إن الملائكة الذين يحملون العرش يتكلمون بالفارسية.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه فقال : ما جمعكم قالوا : اجتمعنا نذكر ربنا ونتفكر في عظمته فقال : لن تدركوا التفكر في عظمته ، ألا أخبركم ببعض عظمة ربكم قيل : بلى يا رسول الله قال : إن ملكا من حملة العرش يقال له إسرافيل زاوية من زوايا العرش على كاهله ، قد مرقت قدماه في الأرض السابعة السفلى ومرق رأسه من السماء السابعة في مثله من خليقة ربكم تعالى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه قال : في بعض القراءة الذين يحملون العرش فالذين حوله الملائكة يسبحون بحمد ربهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {ويستغفرون للذين آمنوا} قال مطرف بن عبد الله بن الشخير : وجدنا أنصح عباد الله لعباده الملائكة عليهم السلام ووجدنا أغش عباد الله لعباده الشياطين.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه قال : في بعض القراءة {الذين يحملون العرش} في قوله فاغفر للذين
(13/21)
1
تابوا من الشرك واتبعوا سبيلك قال : طاعتك وفي قوله {وأدخلهم جنات عدن} قال : إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : يا كعب ما عدن قال : قصور من ذهب في الجنة
يسكنها النبيون والصديقون وأئمة العدل وفي قوله {وقهم السيئات} قال : العذاب.
الآية 10.
أَخرَج عَبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه في قوله {إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم} قال : إذا كان يوم القيامة فرأوا ما صاروا إليه مقتوا أنفسهم فقيل لهم {لمقت الله} إياكم في الدنيا إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون {أكبر من مقتكم أنفسكم} اليوم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن قال : مقتوا أنفسهم لما دخل المؤمنون الجنة وأدخلوا النار فأكلوا أناملهم من المقت قال : ينادون في النار {لمقت الله} إياكم في الدنيا إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون {أكبر من مقتكم أنفسكم} في النار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم} الآية قال : مقتوا أنفسهم حين رأوا أعمالهم
(13/22)
1
ومقت الله إياهم في الدنيا إذ يدعون إلى الايمان فيكفرون أكبر ..
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله : (لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم) الآية . يقول : لمقت الله أهل الضلالة حين يعرض عليهم الإيمان في الدنيا فتركوه وأبو أن يقبلوا أكبر مما مقتوا أنفسهم حين عاينوا عذاب الله يوم القيامة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن زر الهمداني رضي الله عنه في قوله {إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم} قال : هذا شيء يقال لهم يوم القيامة حين مقتوا أنفسهم فيقال لهم {لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم} قال : مقتوا أنفسهم حين عاينوا عذاب الله يوم القيامة حين مقتوا أنفسهم الآن حين علمتم أنكم من أصحاب النار.
الآيات 11 - 13
أخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله {أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين} قال : هي مثل التي في البقرة (كنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم) (البقرة الآية 28) كانوا أموتا في أصلاب آبائهم ثم أخرجهم فأحياهم ثم يميتهم ثم يحييهم بعد الموت.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله !
(13/23)
1
{أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين} قال : كنتم أمواتا قبل أن يخلقكم فهذه ميتة ثم أحياكم فهذه حياة ثم يميتكم فترجعون إلى القبور فهذه ميتة أخرى ثم يبعثكم يوم القيامة فهذه حياة فهما ميتتان وحياتان ، فهو كقوله (كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون) (البقرة الآية 28).
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي مالك رضي الله عنه قال : كانوا أمواتا فأحياهم الله تعالى فأماتهم ثم يحييهم الله تعإلى يوم القيامة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين} قال : كانوا أمواتا في أصلاب آبائهم فأحياهم الله تعالى في الدنيا ثم أماتهم الموتة التي لا بد منها ثم أحياهم للبعث يوم القيامة ، فهما حياتان وموتتان {فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل} فهل إلى كرة إلى الدنيا من سبيل.
الآية 14.
أَخرَج مسلم وأبو داود والنسائي عن عبد الله بن
(13/24)
1
الزبير رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول دبر الصلاة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهوعلى كل شيء قدير ، ولا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون.
الآيات 15 - 16
أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {يلقي الروح من أمره} قال : الوحي والرحمة {لينذر يوم التلاق} قال : يوم يتلاقى أهل السماء وأهل الأرض والخالق وخلقه {يوم هم بارزون} ولا يسترهم جبل ولا شيء.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : (لينذر يوم التلاق) قال : يوم يلتقي أهل السماء وأهل الأرض.
وَأخرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (لينذر يوم التلاق) قال يوم القيامة ، يلتلقي فيها آدم وأخر ولده .
(13/25)
1
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال: يوم التلاق ويوم الآزفة ونحو هذا من أسماء يوم القيامة عظمه الله وحذره عباده.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء} قال : واليوم لا يخفى على الله منهم شيء ولكنهم برزوا لله يوم القيامة لا يستترون بجبل ولا مدر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد في زوائد الزهد ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه وأبو نعيم في الحلية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ينادي مناد بين يدي الساعة : يا أيها الناس أتتكم الساعة فيسمعها الأحياء والأموات وينزل الله إلى السماء الدنيا فيقول {لمن الملك اليوم لله الواحد القهار}.
وأخرج ابن أبي الدنيا في البعث والديلمي عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ينادي مناد بين الصيحة : يا أيها الناس أتتكم الساعة - ومد بها صوته يسمعه الأحياء والأموات - وينزل الله إلى السماء الدنيا ثم ينادي مناد : لمن الملك اليوم ، لله الواحد القهار.
الآية 17
(13/26)
1
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في الأية قال : ينادي بالجبارين فيجعلون في توابيت من نار ثم يقال : لمن الملك اليوم ؟ فيقال : لله الواحد القهار . قوله تعالى : (اليوم تجزى كل نفس) الآية ..
أَخرَج الحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات ، عَن جَابر رضي الله عنه قال : بلغني حديث عن رجل من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في القصاص فأتيت بعير فشددت عليه رحلي ثم سرت إليه شهرا حتى قدمت مصر فأتيت عبد الله بن أنيس فقلت له : حديث بلغني عنك في القصاص فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
يحشر الله العباد حفاة عراة غرلا ، قلنا ما هما قال : ليس معهم شيء ثم يناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب ، أنا الملك أنا الديان لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة ولا لأحد من أهل النار أن يدخل النار وعنده مظلمة حتى أقصه منها حتى اللطمة ، قلنا كيف وإن نأتي الله غرلا بهما قال :
(13/27)
1
بالحسنات والسيئآت وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الذنوب ثلاثة ، فذنب يغفر وذنب لا يغفر وذنب لا يترك منه شيء ، فالذنب الذي يغفر العبد يذنب الذنب فيستغفر الله فيغفر له وأما النذب الذي لا يغفر فالشرك وأما الذنب الذي لا يترك منه شيء فمظلمة الرجل أخاه ، ثم قرأ ابن عباس رضي الله عنهما {اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب} يؤخذ للشاة الجماء من ذات القرون بفضل نطحها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : يجمع الله الخلق يوم القيامة بصعيد واحد بأرض بيضاء كأنها سبيكة فضة لم يعص الله عليها قط ولم يخط فيها ، فأول ما يتكلم أن ينادي مناد : لمن الملك اليوم ، لله الواحد القهار {اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب} فأول ما يبدؤن به من الخصومات الدماء فيؤتى بالقاتل والمقتول فيقول : سل عبدك هذا فيم قتلتني فيقول : نعم ، فإن قال قتلته لتكون العزة لله فإنها له وإن قال قتلته لتكون العزة لفلان فإنها ليست له
(13/28)
1
ويبوء بإئمه فيقتله ، ومن كان قتل بالغين ما بلغوا ويذوقوا الموت كما ذاقوه في الدنيا.
وأخرج الخطيب في تاريخه بسند واه عن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يحشر الناس يوم القيامة كما ولدتهم أمهاتهم ، حفاة عراة غرلا ، فقالت عائشة رضي الله عنها : واسوأتاه ، ينظر بعضنا إلى بعض فضرب على منكبها وقال : يا بنت أبي قحافة شغل الناس يومئذ عن النظر وسموا بأبصارهم إلى السماء موقوفون أربعين سنة ، لا يأكلون ولا يشربون ولا يتكلمون سامين أبصارهم إلى السماء ، يلجمهم العرق فمنهم من بلغ العرق قدميه ومنهم من بلغ ساقيه ومنهم من بلغ فخذيه ، وبطنه ومنهم من يلجمه العرق.
ثم يرحم بعد ذلك على العباد فيأمر الملائكة المقربين فيحملون عرش الرب عز وجل حتى يوضع في أرض بيضاء كأنها الفضة لم يسفك فيها دم حرام ولم يعمل فيها خطيئة وذلك أول يوم نظرت عين إلى الله تعالى ، ثم تقوم الملائكة (حافين من حول العرش) (الزمر 75) ثم ينادي مناد
(13/29)
1
فينادي بصوت يسمع الثقلين الجن والإنس يستمع الناس لذلك الصوت ثم يخرج الرجل من الموقف فيعرق الناس كلهم ثم يعرق بأخذ حسناته فتخرج معه فيخرج بشيء لم ير الناس مثله كثرة ويعرف الناس تلك الحسنات فإذا وقف بين يدي رب العالمين قال : أين أصحاب المظالم فيقول له الرحمن تعالى : أظلمت فلان بن فلان في كذا وكذا ، فيقول : نعم يا رب وذلك (يوم تشهد عليه ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون) (النور 24) فإذا فرغ من ذلك فيؤخذ من حسناته فيدع إلى من ظلمه ، وذلك يوم لا دينار ولا درهم إلا أخذ من الحسنات وترك من السيئآت فإذا لم يبق حسنة قال : من بقي يا ربنا ما بال غيرنا استوفوا حقوقهم وبقينا قيل : لا تعجلوا فيؤخذ من سيئآتهم عليه فإذا لم يبق أحد يطلبه قيل له ارجع إلى أمك الهاوية فإنه {لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب} ولا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا صديق ولا شهيد إلا ظن أنه
(13/30)
1
لم ينج لما رأى من شدة الحساب.
الآية 18.
أَخرَج عَبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {وأنذرهم يوم الآزفة} قال : الساعة {إذ القلوب لدى الحناجر} قال : وقعت في حناجرهم من المخافة فلا تخرج ولا تعود إلى أماكنها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {وأنذرهم يوم الآزفة} قال : يوم القيامة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه {إذ القلوب لدى الحناجر} قال : إذا عاين أهل النار النار حتى تبلغ حناجرهم فلا تخرج فيموتون ولا ترجع
إلى أماكنها من أجوافهم ، وفي قوله {كاظمين} قال : باكين.
الآيات 19 - 20.
أَخرَج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور} قال : الرجل يكون في القوم فتمر بهم المرأة فيريهم أنه يغض بصره عنها وإذا غفلوا لحظ إليها وإذا نظروا غض بصره عنها وقد اطلع الله من قلبه أنه ود أنه ينظر إلى
(13/31)
1
عورتها.
وأخرج أبو نعيم في الحلية ، وَابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يعلم خائنة الأعين} قال : نظرت إليها لتريد الخيانة أم لا {وما تخفي الصدور} قال : إذا قدرت عليها أتزني بها أم لا ألا أخبركم {والله يقضي بالحق} قادر على أن يجزي بالحسنة الحسنة وبالسيئة السيئة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ في العظمة عن قتادة رضي الله عنه {يعلم خائنة الأعين} قال : يعلم همزه واضمامه بعينيه فيما لا يحب الله تعالى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {يعلم خائنة الأعين} قال : نظر العين إلى ما نهي عنه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي الجوزاء رضي الله عنه {يعلم خائنة الأعين} قال : كان الرجل يدخل على القوم في البيت وفي البيت امرأة فيرفع رأسه فيلحظ
(13/32)
1
إليها ثم ينكس.
وأخرج أبو داود والنسائي ، وَابن مردويه عن سعد رضي الله عنه قال : لما كان يوم فتح مكة أمن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة نفر وامرأتين وقال : أقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة منهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، فأختبأ عند عثمان بن عفان رضي الله عنه فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة جاء به
فقال : يا رسول الله بايع عبد الله ، فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثا كل ذلك يأبى يبايعه ثم أقبل على أصحابه فقال : أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حين رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله فقالوا : ما يدرينا يا رسول الله ما في نفسك هلا أومأت إلينا بعينك قال : أنه لا ينبغي لنبي أن يكون له خائنة الأعين.
وأخرج الخطيب في تاريخه والحكيم الترمذي عن أم معبد رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اللهم طهر قلبي من النفاق وعملي من الرياء ولساني من الكذب وعيني من الخيانة فإنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {والله يقضي بالحق} قال : قادر على أن يقضي بالحق !
(13/33)
1
{والذين يدعون من دونه} لا يقدرون على أن يقضوا بالحق.
من آية 21 - 22.
أَخرَج عَبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {وما كان لهم من الله من واق} قال : من واق يقيهم ولا ينفعهم.
من آية 23 - 27
أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا} ، قال : هذا بعد القتل الأول ولفظ عَبد بن حُمَيد هذا قتل غير القتل الأول الذي كان.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {وقال فرعون ذروني أقتل موسى} قال : أنظر من يمنعه مني.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه {إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد} قال : أن يقتلوا
(13/34)
1
أبناءكم ويستحيوا نساءكم إذا ظهروا عليكم كما كنتم تفعلون بهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه {إني أخاف أن يبدل دينكم} أي أمركم الذي أنتم عليه {أو أن يظهر في الأرض الفساد} والفساد عنده أن يعمل بطاعة الله (إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب) قال : المشرك أسرف على نفسه بالشرك.
الآية 28.
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لم يكن في آل فرعون مؤمن غيره وغير امرأة فرعون وغير المؤمن الذي أنذر موسى عليه
السلام ، الذي قال : أن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك) قال ابن المنذر أخبرت أن اسمه حزقيل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي إسحاق رضي الله عنه قال : كان سم الرجل الذي آمن من آل فرعون حبيب.
وأخرج البخاري ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه من طريق عروة رضي الله عنه قال : قلت
(13/35)
1
لعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أخبرني بأشد شيء صنعه المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بفناء الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فأخذ بمنكب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولوى ثوبه في عنقه فخنقه خنقا شديدا فأقبل أبو بكر رضي الله عنه فأخذ بمنكبيه ودفعه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ، ثم قال {أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم}.
وأخرج ابن أبي شيبة والحكيم الترمذي ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا كان أشد من أن طاف بالبيت ضحى فلقوه حين فرغ فأخذوا بمجامع ردائه وقالوا : أنت الذي تنهانا عما كان يعبد آباؤنا قال : أنا ذاك ، فقام أبو بكر رضي الله عنه فالتزمه من ورائه ثم قال {أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب} رافعا صوته بذلك وعيناه يسحان حتى أرسلوه.
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : ضربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى غشي عليه ، فقام أبو بكر رضي الله عنه فجعل ينادي ويلكم {أتقتلون رجلا أن يقول
(13/36)
1
ربي الله} قالوا : من هذا قال : هذا ابن أبي قحافة.
وأخرج الحكيم الترمذي ، وَابن مردويه من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما ، نحوه.
وأخرج البزار وأبو نعيم في فضائل الصحابة عن علي رضي الله عنه أنه قال : أيها الناس أخبروني بأشجع الناس قالوا : أنت ، قال : لا ، قالوا : فمن قال : أبو بكر رضي الله عنه ، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذته قريش ، هذا يحثه وهذا يبلبله وهم يقولون : أنت الذي جعلت الآلهة آلها واحدا قال : فوالله ما دنا منا أحد
إلا أبو بكر رضي الله عنه ، يضرب هذا ويجاهد هذا وهو يقول ويلكم {أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله} ثم رفع علي رضي عنه بردة كانت عليه فبكى حتى اخضلت لحيته ثم قال : أنشدكم بالله أمؤمن آل فرعون خير أم
(13/37)
1
أبو بكر رضي الله عنه خير من مؤمن آل فرعون ذاك رجل يكتم إيمانه وهذا رجل أعلن إيمانه.
الآية 29 - 31.
أَخْرَج ابن المنذر عن ابن عباس {مثل دأب} مثل حال.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {مثل دأب قوم نوح} قال : هم الأحزاب {قوم نوح وعاد وثمود}.
الآيات 32 - 33.
أَخْرَج ابن المبارك ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه قال : إذا كان يوم القيامة أمر الله السماء الدنيا فتشققت بأهلها فتكون الملائكة على حافتها حتى يأمرهم الرب فينزلون فيحيطون بالأرض ومن بها ثم الثانية ثم الثالثة ثم الرابعة ثم الخامسة ثم السادسة ثم السابعة ، فصفوا صفا دون صف ثم ينزل الملك الأعلى ليسري جهنم فإذا رأها أهل الأرض هربوا فلا يأتون قطرا من أقطار الأرض إلا وجدوا سبعة
(13/38)
1
صفوف من الملائكة فيرجعون إلى المكان الذي كانوا فيه ، فذلك قوله {يوم التناد} يعني بتشديد الدال {يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم}
وذلك قوله (وجاء ربك والملك صفا صفا وجيء يومئذ بجهنم) (الفجر الآية 22 - 23) وقوله (يا معشر الجن والإنس إن إستطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فأنفذوا لا تنفذون إلا بسلطان) (الرحمن الآية 33) وقوله (وانشقت السماء فهي يومئذ واهية والملك على أرجائها) (الحاقة الآية 17) يعني ما تشقق فيها ، فبينما هم كذلك إذ سمعوا الصوت فأقبلوا إلى الحساب.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {يوم التناد} قال : ينادى كل قوم بأعمالهم ، فنادي أهل النار أهل الجنة ، وأهل الجنة أهل النار {يوم تولون مدبرين} إلى النار {ما لكم من الله من عاصم} أي من ناصر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد}
(13/39)
1
قال : ينادي أهل الجنة أهل النار (أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا) (الأعراف الآية 44) قال : وينادي أهل النار أهل الجنة (أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله) (الأعراف الآية 50).
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه {يوم تولون مدبرين} قال : قادرين غير معجزين.
الآيات 34 - 38
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات} قال : رؤيا يوسف عليه السلام.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله {الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان} قال : بغير برهان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ما رآه المؤمنون حسنا فهو حسن عند الله وما رآه المؤمنون سيئا فهو سيء عند الله ، وكان الأعمش رضي الله عنه يتأول بعده {كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه {كذلك يطبع الله على كل قلب
(13/40)
1
متكبر} مضاف لا ينون في قلب.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا} قال : كان أول من بنى بهذا الآجر وطبخه {لعلي أبلغ الأسباب} قال : الأبواب {أسباب} أي أبواب {كاذبا وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل} قال : فعل ذلك به {زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل وما كيد فرعون إلا في تباب} أي في ضلال وخسار.
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {يا هامان ابن لي صرحا} قال : أوقد على الطين حتى يكون الآجر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي صالح رضي الله عنهم في قوله {أسباب السماوات} قال : طرق السموات.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إلا في تباب} قال : خسران.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد {في تباب} قال : في خسارة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ (وصدوا عن السبيل) برفع
(13/41)
1
الصاد.
الآيات 39 - 40
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الدنيا جمعة من جمع الآخرة ، سبعة آلاف سنة.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الحياة الدنيا متاع وليس من متاعه شيء خيرا من المرأة الصالحة التي إذا نظرت إليها سرتك وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {وإن الآخرة هي دار القرار} استقرت الجنة بأهلها واستقرت النار بأهلها {من عمل سيئة} قال : الشرك {فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحا} أي خيرا {من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب} لا والله ما هناك مكيال ولا ميزان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ فأولئك يدخلون الجنة بنصب الياء.
(13/42)
1
الآيات 41 - 45
أخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله {ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة} قال : إلى الإيمان وفي قوله {لا جرم أنما تدعونني إليه ليس له دعوة في الدنيا} قال : الوثن ليس بشيء {وأن المسرفين} السفاكين الدماء بغير حقها {هم أصحاب النار}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة قال {ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة} قال : لا يضر ولا ينفع {وأن المسرفين هم أصحاب النار} قال : جميع أصحابنا {وأن المسرفين هم أصحاب النار}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وعبد الرزاق ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {فوقاه الله سيئات ما مكروا} قال : كان قبطيا من قوم فرعون فنجا
(13/43)
1
مع موسى وبني إسرائيل حين نجوا.
الآيات 46 - 50.
أَخْرَج ابن أبي شيبة وهناد ، وعَبد بن حُمَيد عن هذيل بن شرحبيل رضي الله عنه قال : إن أرواح آل فرعون في أجواف طير سود تغدو وتروح على النار ، فذلك عرضها وأرواح الشهداء في أجواف طير خضر وأولاد المسلمين الذين لم يبلغوا الحنث في أجواف عصافير من عصافير الجنة ترعى وتسرح.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك رضي الله عنه أنه سئل عن أرواح الشهداء قال : تجعل أرواحهم في أجواف طير خضر تسرح في الجنة وتأوي بالليل إلى قناديل من ذهب معلقة بالعرش فتأوي فيها ، قيل فأرواح الكفار قال : توجد أرواحهم فتجعل في أجواف طير سود تغدو وتروح على النار ، ثم قرأ هذه الآية {النار يعرضون عليها غدوا وعشيا}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : أرواح الشهداء في أجواف طير خضر تسرح بهم في الجنة حيث شاءوا وأن أرواح ولدان المؤمنين في أجواف عصافير تسرح في الجنة حيث شاءت وإن أرواح آل فرعون في أجواف طير سود تغدو على جهنم وتروح ، فذلك عرضها.
(13/44)
1
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه {النار يعرضون عليها غدوا وعشيا} قال : صباحا ومساء ، يقال لهم : هذه منازلكم فانظروا إليها توبيخا ونقمة وصغارا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {يعرضون عليها غدوا وعشيا} قال : ما كانت الدنيا تعرض أرواحهم.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أنه كان له صرختان في كل يوم غدوة وعشية ، كان يقول أول النهار : ذهب الليل وجاء النهار وعرض آل فرعون على النار فلا يسمع أحد صوته إلا استعاذ بالله من النار.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت ، وَابن جَرِير عن الأوزاعي رضي الله عنه ، أنه سأله رجل فقال : يا أبا عمرو إنا نرى طيرا أسود تخرج من البحر فوجا فوجا لا يعلم عددها إلا الله تعالى فإذا كان العشاء عاد مثلها بيضا قال : وفطنتم لذلك قالوا : نعم ، قال : تلك في حواصلها أرواح آل فرعون !
(13/45)
1
{يعرضون عليها غدوا وعشيا} فترجع وكورها وقد أحرقت رياشها وصارت سوداء فينبت عليها ريش أبيض وتتناثر السود ثم تعرض على النار ثم ترجع إلى وكورها فذلك دأبهم في الدنيا فإذا كان يوم القيامة قال الله {أدخلوا آل فرعون أشد العذاب}.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم ، وَابن مردويه عن ابن عمر رضي الله
عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده من الغداة والعشي ، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار ، يقال : هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة ، زاد ابن مردويه {النار يعرضون عليها غدوا وعشيا}.
وأخرج البزار ، وَابن أبي حاتم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ما أحسن محسن مسلم أو كافر إلا أثابه الله ، قلنا يا رسول الله ما إثابة الكافر قال : المال
(13/46)
1
والولد والصحة وأشباه ذلك ، قلنا : وما إثابته في الآخرة قال : عذابا دون العذاب ، وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {أدخلوا آل فرعون أشد العذاب} قراءة مقطوعة الألف.
الآيات 51 - 55.
أَخرَج أحمد والترمذي وحسنه ، وَابن أبي الدنيا في ذم الغيبة والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه نار جهنم ، ثم تلا {إنا لننصر رسلنا} الآية.
وأخرج ابن مردويه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية رضي الله عنه في قوله {إنا لننصر رسلنا} الآية ، قال : ذلك في الحجة ، يفتح الله حجتهم في الدنيا.
(13/47)
1
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في هذه الآية قال : لم يبعث الله
إليهم من ينصرهم فيطلب بدمائهم ممن فعل ذلك بهم في الدنيا وهم منصورون فيها.
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ويوم يقوم الأشهاد} قال : هم الملائكة.
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة رضي الله عنه ، مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن سفيان رضي الله عنه قال : سألت الأعمش عن قوله {ويوم يقوم الأشهاد} قال : الملائكة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه قال {الأشهاد} ملائكة الله وأنبياؤه والمؤمنون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم رضي الله عنه قال {الأشهاد} أربعة :
(13/48)
1
الملائكة الذين يحصون أعمالنا ، وقرأ (وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد) (ق 21) ، والنبيون شهداء على أممهم ، وقرأ (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد) (النساء 41) ، وأمة محمد صلى الله عليه وسلم شهداء على الأمم ، وقرأ (لتكونوا شهداء على الناس) (الحج 78) ، والأجساد والجلود ، وقرأ (وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء) (فصلت 21).
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك {وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار} قال : صل لربك {بالعشي والإبكار} قال : الصلوات المكتوبات.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله {بالعشي والإبكار} قال : صلاة الفجر والعصر.
الآيات 56 - 59
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم بسند صحيح عن أبي العالية رضي الله عنه قال : إن اليهود أتوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا : إن الدجال يكون منا في آخر الزمان ويكون من أمره فعظموا أمره وقالوا : يصنع كذا ، فأنزل الله !
(13/49)
1
{إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه} قال : لا يبلغ الذي يقول {فاستعذ بالله} فأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يتعوذ من فتنة الدجال {لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس} الدجال.
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب الأحبار رضي الله عنه في قوله {إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان} قال : هم اليهود نزلت فيهم فيما ينتظرونه من أمر الدجال.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس} قال : زعموا أن اليهود قالوا : يكون منا ملك في آخر الزمان البحر إلى ركبتيه والسحاب دون رأسه يأخذ الطير بين السماء والأرض ، معه جبل خبز ونهر ، فنزلت {لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {إن في صدورهم إلا كبر} قال : عظمة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة : (إن الذين يجادلون في آيات
(13/50)
1
الله بغير سلطان أتاهم) : أي : لم يأتهم بذلك سلطان (إن في صدورهم إلا كبر ماهم ببالغيه). قال : الكبر في صدورهم.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن قتادة قال : قال سعيد: إنما حملهم على التكذيب الزيغ الذي في قلوبهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {وما يستوي الأعمى والبصير} قال {الأعمى} الكافر {والبصير} المؤمن {والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء قليلا ما تتذكرون} قال : هم في بغيهم بعد.
وأخرج أحمد والحاكم وصححه ، عَن جَابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما كان من فتنة ولا تكون حتى تقوم الساعة أعظم من فتنة الدجال وما من نبي إلا حذر
قومه ولأخبرنكم عنه بشيء ما أخبره نبي قبلي فوضع يده على عينه ثم قال : أشهد أن الله ليس بأعور.
(13/51)
1
وأخرج ابن عدي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من نبي إلا وقد حذر أمته الدجال ، وهو أعور بين عينيه طفرة مكتوب عليه كافر معه واديان ، أحدهما جنة والآخر نار ، فناره جنة وجنته نار.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن داود بن عامر بن أبي وقاص عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه لم يكن نبي قبلي إلا وقد وصف الدجال لأمته ، ولأصفنه صفة لم يصفها أحد كان قبلي إنه أعور وإن الله عز وجل ليس بأعور.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي وحسنه عن أبي عبيدة بن الجراح ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إنه لم يكن نبي إلا قد أنذر قومه الدجال وأنا أنذركموه ، فوصف لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : لعله سيدركه بعض من رآني وسمع كلامي قالوا : يا رسول الله كيف قلوبنا يومئذ قال : مثلها اليوم أو خير.
(13/52)
1
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد في مسنده والحاكم عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني خاتم ألف نبي أو أكثر ، ما بعث نبي إلا وقد حذر أمته وأني قد بين لي من أمره ما لم يتبين لأحد وإنه أعور وإن ربكم ليس بأعور وعينه اليمنى جاحظة كأنها في حائط مجصص وعينه اليسرى كأنها كوكب دري معه من كل لسان ومعه صورة الجنة خضراء يجري فيها الماء ومعه صورة النار سوداء تدخن ، يتبعه من كل قوم يدعونهم بلسانهم إليها.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما بعث نبي إلا أنذر أمته الأعور والكذاب ، إلا أنه أعور وإن ربكم ليس بأعور ومكتوب بين عينيه كافر.
وأخرج يعقوب بن سفيان عن معاذ بن جبل قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من نبي إلا وقد حذر أمته الدجال وإني أحذركم
(13/53)
1
أمره إنه أعور وإن ربكم عز وجل ليس بأعور مكتوب بين عينيه كافر يقرأه الكاتب وغير الكاتب معه جنة ونار فناره جنة وجنته نار.
وأخرج ابن أبي شيبة والبزار ، وَابن مردويه ، عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لخاتم ألف نبي أو أكثر وإنه ليس منهم نبي إلا وقد أنذر قومه الدجال وإنه تبين لي ما لم يتبين لأحد منهم وإنه أعور وإن ربكم ليس بأعور.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فأثنى على الله بما هو أهله ثم ذكر الدجال فقال : إني أنذركموه وما من نبي إلا قد أنذر قومه ، لقد أنذر نوح قومه ، ولكن سأقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه تعلمون أنه أعور وأن الله ليس بأعور.
وأخرج أحمد عن عبد الله بن عمر قال : كنا نحدث بحجة الوداع ولا نرى أنه الوداع من
(13/54)
1
رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر المسيح الدجال فأطنب في ذكره قال : ما بعث الله من نبي إلا قد أنذر أمته ، لقد أنذر نوح أمته والنبيون من بعده ، إلا ما خفي عليكم من شأنه فلا يخفين عليكم ، إن ربكم ليس بأعور ، قالها ثلاثا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : الدجال أعور العين عليها طفرة ، مكتوب بين عينيه كافر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن الدجال أعور جعد حجان أحمر كان رأسه غصن شجرة ، أشبه الناس بعبد العزى فأما هلك الهلك فأنه أعور وإن ربكم ليس بأعور.
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لأنا أعلم بما
(13/55)
1
مع الدجال ، معه نهران يجريان ، أحدهما رأي العين نار تتأجج فمن أدرك ذلك فليأت النار الذي يراه فليغمض عينيه ثم يطأطى ء رأسه يشرب فإنه بارد وإن الدجال ممسوح العين عليه طفرة غليظة مكتوب بين عينيه كافر يقرأها كل مؤمن كاتب وغير كاتب.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أحدثكم عن الدجال حديثا ما حدثه نبي قط ، إنه أعور وإنه يجيء معه بمثل الجنة والنار فالذي يقول هي الجنة هي النار إني أنذركم به كما أنذر نوح قومه.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والطبراني والحاكم عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سمع منكم بخروج الدجال فلينأى عنه ما استطاع فإن الرجل يأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فما يزال به حتى يتبعه مما يرى من الشبهات.
(13/56)
1
وأخرج ابن أبي شيبة عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال : ما كان أحد يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدجال أكثر مني قال : وما تسألني عنه قلت : إن الناس يقولون : إن معه الطعام والشراب ، قال : هو أهون على الله من ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من شر فتنة المسيح الدجال.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من نجا من ثلاثة فقد نجا قالها ثلاث
(13/57)
1
مرات قالوا : ما ذاك يا رسول الله قال : داء والدجال وقتل خليفة يصطبر بالحق يعطيه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال : يمكث الناس بعد خروج الدجال أربعين عاما ويغرس النخل وتقوم الأسواق.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي العلاء بن الشخير رضي الله عنه : أن نوحا عليه السلام ومن بعده من الأنبياء عليهم السلام كانوا يتعوذون من فتنة الدجال.
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة رضي الله عنه قال : لا يخرج الدجال حتى
(13/58)
1
يكون خروجه أشهى إلى المسلمين من شرب الماء على الظمأ فقال له رجل : لم قال : من شده البلاء والشر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة رضي الله عنه قال : حتى لا يكون غائب أحب إلى المؤمن خروجا منه وما خروجه بأضر للمؤمن من حصاة يرفعها من الأرض وما علم أحدهم أدناهم وأقصاهم إلا سواء.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي وائل رضي الله عنه قال : أكثر أتباع الدجال اليهود وأولاد الأمهات.
وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب قال : كان بمقدمة الأعور الدجال ستمائة ألف يلبسون التيجان.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم عن هشام بن عامر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمر أكبر من
(13/59)
1
الدجال.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وصححه ، وَابن ماجة عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الدجال يخرج من أرض بالمشرق يقال لها خراسان يتبعه أقوام كأن وجوههم المجان المطرقة.
وأخرج أحمد عن أبي بن كعب ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر عنده الدجال فقال : إحدى عينيه كأنها زجاجة خضراء.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عاصم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما مسيح الضلالة فرجل أجلى الجبهة ممسوخ العين اليسرى عريض النحر فيه دمامة كأنه فلان بن عبد العزى أو عبد العزى بن
(13/60)
1
فلان.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سفينة قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إنه لم يكن نبي إلا حذر الدجال أمته ، أعور العين اليسرى بعينه اليمنى طفرة غليظة بين عينيه كافر معه واديان ، أحدهما جنة ، والآخر نار فجنته نار وناره جنة ومعه ملكان يشبهان نبيين من الأنبياء ، أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله فيقول من الناس إلا صاحبه فيقول صاحبه : صدقت ، فيسمعه الناس فيحسبون ما صدق الدجال وذلك فتنة ثم يسير حتى يأتي الشام فينزل عيسى فيقتله الله عند عقبة أفيق.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي بكر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يمكث
(13/61)
1
أبو الدجال ثلاثين عاما لا يولد لهما ولد ثم يولد لهما غلام أعور ، أضر شيء وأقله نفعا تنام عيناه ولا ينام قلبه ، ثم نعت أبويه فقال : أبوه رجل طوال ضرب اللحم طويل الأنف كان أنفه مهار ، وأمه امرأة فرغانية عظيمة الثديين.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الدجال يطوي الأرض كلها إلا مكة والمدينة فيأتي المدينة فيجد كل نقب من أنقابها صفوفا من الملائكة فيأتي سبخة الجرف فيضرب رواقه ثم ترتجف المدينة ثلاث رجفات فيخرج إليه كل منافق ومنافقة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة رضي الله عنه قال : لو خرج الدجال لآمن به قوم في قبورهم.
(13/62)
1
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : يهبط الدجال من كور كرهان معه ثمانون ألفا عليهم الطيالسة ينتعلون كان وجوههم مجان مطرقة.
وأخرج ابن أبي شيبة من طريق حوط العبدي عن عبد الله رضي الله عنه قال : إن أذن حمار الدجال لتظل سبعين ألفا.
وأخرج ابن أبي شهبة عن جنادة بن أمية الدري رضي الله عنه قال : دخلت أنا وصاحب لي على رجل من أصحاب رسول الله فقلنا : حدثنا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تحدثنا عن غيره وإن كان عندنا مصدقا قال : نعم ، قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال : أنذركم الدجال أنذركم الدجال أنذركم الدجال ، فإنه لم يكن نبي إلا أنذره أمته وإنه فيكم أيتها الأمة وأنه جعد آدم ممسوخ العين اليسرى وإن معه جنة ونارا فناره جنة وجنته نار وإن معه نهر ماء وجبل خبز وإنه يسلط على نفس فيقتلها ثم يحييها لا يسلط على
(13/63)
1
غيرها وإنه يمطر السماء وينبت الأرض وإنه يلبث في الأرض أربعين صباحا حتى يبلغ منها كل منهل وإنه لا يقرب أربعة مساجد ، مسجد الحرام ومسجد الرسول ومسجد المقدس ومسجد الطور وما عليكم من الأشياء فإن الله ليس بأعور مرتين.
وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني عن سمرة بن جندب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : والله لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابا آخرهم الأعور الدجال ممسوخ العين اليسرى كأنها عين أبي يحيى الشيخ من الأنصار وإنه متى يخرج فإنه يزعم أنه الله فمن آمن به وصدقه واتبعه فليس ينفعه صالح له من عمل له سلف ومن كفر به وكذبه فليس يعاقب بشيء من عمل له سلف ، وإنه سيظهر على الأرض كلها إلا الحرم وبيت المقدس فهزمه الله وجنوده ، حتى أن حرم الحائط أو أصل الشجرة ينادي : يا مؤمن هذا كافر
(13/64)
1
يستتر بي فتعال فاقتله ولن يكون ذاك كذلك حتى تروا أمور يتفاقم شأنها في أنفسكم فتتساءلون بينكم : هل كان نبيكم ذكر لكم منها شيئا ذكر أو حتى تزول جبال عن مراتبها ثم على أثر ذلك القبض ، وأشار بيده إلى الموت.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الدجال يخوض البحار إلى ركبتيه ويتناول السحاب ويسبق الشمس إلى مغربها وفي جبهته قرن منه الحيات وقد صور في جسده السلاح كله حتى ذكر السيف والرمح والدرق.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : يخرج الدجال فيمكث في الأرض أربعين صباحا يبلغ منها كل منهل ، اليوم منها كالجمعة والجمعة كالشهر والشهر كالسنة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبيد بن عمير رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(13/65)
1
ليصحبن الدجال قوم يقولون : إنا لنصحبه وإنا لنعلم أنه كذاب ولكنا إنما نصحبه لنأكل من الطعام ونرعى من الشجر وإذا نزل غضب الله نزل عليهم كلهم.
وأخرج الطبراني عن أشعث بن أبي الشعثاء عن أبيه قال : ذكر الدجال عند عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقال : لا تكثروا ذكره فإن الأمر إذا قضي في السماء كان أسرع لنزوله إلى الأرض أن يظهر على ألسنة الناس.
الآيات 60 - 64
أخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن حبان والحاكم وصححه ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإيمان عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الدعاء تلو العبادة ، ثم قرأ {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي} قال : عن دعائي {سيدخلون جهنم داخرين}
(13/66)
1
وأخرج ابن مردويه من وجه آخر عن النعمان بن بشير قال : وعظ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في خطبته فقال : قال ربكم : (ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين). هل تدرون ما عبادة الله قلنا : الله ورسوله أعلم قال : هو إخلاص الله مما سواه.
وأخرج ابن مردويه والخطيب عن البراء رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الدعاء هو العبادة ، وقرأ {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ادعوني أستجب لكم} قال : اعبدوني.
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله {سيدخلون جهنم داخرين} قال : صاغرين.
(13/67)
1
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الدعاء الاستغفار.
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وأحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لم يدع الله يغضب عليه.
وأخرج أحمد والحكيم الترمذي وأبو يعلى والطبراني عن معاذ رضي الله عنه قال : لن ينفع حذر من قدر ولكن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل ، فعليكم بالدعاء عباد الله.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا فتح الله على عبد بالدعاء فليدع فإن الله يستجيب له.
(13/68)
1
وأخرج الحكيم الترمذي ، وَابن عدي في نوادر الأصول عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله يحب الملحين في الدعاء.
وأخرج الحكيم الترمذي عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : نجد فيما أنزل الله
تعالى في بعض الكتب أن الله تعالى يقول : أنزل البلاء أستخرج به الدعاء.
وأخرج ابن المنذر عن أنس بن مالك رضي الله عنه في قوله {ادعوني أستجب لكم} قال : قال ربكم : عبدي إنك ما دعوتني ورجوتني فإني سأغفر لك على ما كان فيك ولو لقيتني بقراب الأرض خطايا لقيتك بقرابها مغفرة ولو أخطأت حتى تبلغ خطاياك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي.
وأخرج ابن المنذر والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أفضل العبادة الدعاء وقرأ {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم}.
(13/69)
1
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله {ادعوني أستجب لكم} ، قال : اعملوا وأبشروا فإنه حق على الله أن يستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن كعب رضي الله عنه أنه تلا هذه الآية فقال : ما أعطي أحد من الأمم ما أعطيت هذه الأمة إلا بني الرجل المجتبى يقال له : سل تعطه.
وأخرج البخاري في الأدب عن عائشة رضي الله عنها قالت : سئل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أي العبادة أفضل فقال : دعاء المرء لنفسه.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن كعب رضي الله عنه قال : قال الله تعالى لموسى عليه الصلاة والسلام : قل للمؤمنين لا يستعجلوني إذا دعوني ولا يبخلوني أليس يعلمون أني أبغض البخيل فكيف أكون بخيلا يا موسى لا تخف مني بخلا أن تسألني عظيما ولا تستحي أن تسألني صغيرا اطلب إلي الدقة واطلب إلي العلف لشاتك ، يا موسى أما علمت أني خلقت الخردلة فما فوقها وإني لم أخلق شيئا إلا وقد علمت أن الخلق يحتاجون إليه فمن يسألني مسألة وهو يعلم أني قادر أعطي وأمنع وأعطيته مسألته مع المغفرة فإن حمدني حين
(13/70)
1
أعطيته وحين أمنعه أسكنته دار الحمادين وأيما عبد لم يسألني مسألة ثم أعطيته كان أشد عليه من الحساب.
وأخرج الحكيم الترمذي عن مالك بن أنس رضي الله عنه قال : قال عروة بن الزبير رضي الله عنه : إني لأسأل الله تعالى حوائجي في صلاتي ، حتى أسأله الملح لأهلي.
وأخرج الحكيم الترمذي عن زهرة بن معبد رضي الله عنه قال : سمعت محمد بن المنكدر رضي الله عنه يدعو يقول : اللهم قو ذكري فإن فيه منفعة لأهلي.
وأخرج أحمد في الزهد عن ثابت البناني رضي الله عنه قال : تعبد رجل سبعين سنة فكان يقول في دعائه : رب أجزني بعملي فأدخل الجنة فمكث فيها سبعين عاما فلما وفت قيل له : أخرج قد استوفيت عملك ، أي شيء كان في الدنيا أوثق في نفسه فلم يجد شيئا أوثق في نفسه مما دعا الله سبحانه فأقبل يقول في دعائه : رب سمعتك وأنا في الدنيا وأنت تقيل
(13/71)
1
العثرات فأقل اليوم عثرتي ، فترك في الجنة ، أما قوله تعالى : {الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه}.
أخرج ابن مردويه عن عبد الله بن مغفل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن عيسى بن مريم عليه السلام قال : يا معشر الحواريين الصلاة جامعة فخرج الحواريون في هيئة العبادة قد تضمرت البطون وغارت العيون واصفرت الألوان فسار بهم عيسى عليه السلام إلى فلاة من الأرض فقام على رأس جرثومة فحمد الله وأثنى عليه ثم أنشأ يتلو عليهم آيات الله وحكمته فقال : يا معشر الحواريين اسمعوا ما أقول لكم ، إني لأجد في كتاب الله المنزل الذي أنزل الله في الإنجيل أشياء معلومة فأعملوا بها قالوا : يا روح الله وما هي قال : خلق الليل لثلاث خصال وخلق النهار لسبع خصال فمن مضى عليه الليل والنهار وهو في غير هذه الخصال خاصمه الليل والنهار يوم القيامة فخصماه ، خلق الليل لتسكن فيه العروق الفاترة التي أتعبتها في نهارك وتستغفر لذنبك الذي كسبته في النهار ثم لا تعود فيه وتقنت فيه قنوت الصابرين ، فثلث تنام وثلث تقوم وثلث تتضرع إلى ربك فهذا ما خلق له الليل وخلق النهار لتؤدي فيه الصلاة المفروضة التي عنها تسأل وبها تحاسب وبر والديك وأن تضرب في الأرض تبتغي المعيشة معيشة يومك وأن تعود فيه وليا لله تعالى كيما
(13/72)
1
يتعهدكم الله برحمته وأن تشيعوا فيه جنازة كيما تنقلبوا مغفورا لكم وأن تأمروا بمعروف وتنهوا عن منكر فهو ذروة الإيمان وقوام الدين وأن تجاهد في سبيل الله تراحموا إبراهيم خليل الرحمن عليه الصلاة والسلام في قبته ، ومن مضى عليه الليل والنهار وهو في غير هذه الخصال خاصمه الله والنهار يوم القيامة وهو عند مليك مقتدر.
آية 65.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : من قال لا إله إلا الله فليقل على أثرهما الحمد لله رب العالمين ، وذلك قوله {فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه كان يستحب إذا قال : لا إله إلا الله يتبعها : الحمد لله رب العالمين ثم يقرأ هذه الآية {هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين} والله أعلم.
آية 66.
أَخْرَج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الوليد بن المغيرة وشيبة بن ربيعة قالا :
(13/73)
1
يا محمد ارجع عما تقول وعليك بدين آبائك وأجدادك ، فأنزل الله تعالى {قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله لما جاءني البينات من ربي وأمرت أن أسلم لرب العالمين}.
الآيات 67 - 70
أخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه قال : يثغر الغلام لسبع ويحتلم لأربعة عشر وينتهي طوله لاحدى وعشرين وينتهي عقله لثمان وعشرين ويبلغ أشده لثلاث وثلاثين.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جرير رضي الله عنه {ومنكم من يتوفى من قبل} قال : من قبل أن يكون شيخا {ولتبلغوا أجلا مسمى} الشيخ والشاب {ولعلكم تعقلون} عن ربكم أنه يحييكم كما أماتكم وهذه لأهل مكة كانوا يكذبون بالبعث.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {أنى يصرفون} قال : أنى يكذبون وهم يعقلون.
الآيات 71 - 77.
أَخرَج أحمد والترمذي وحسنه والحاكم وصححه ، وَابن مردويه
(13/74)
1
والبيهقي في البعث والنشور عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون} فقال : لو أن رصاصة مثل هذه - وأشار إلى جمجمة أرسلت من السماء إلى الأرض وهي مسيرة خمسمائة سنة - لبلغت الأرض قبل الليل ولو أنها أرسلت من رأس السلسلة لسارت أربعين خريفا - الليل والنهار - قبل أن تبلغ أصلها أو قال قعرها.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط ، وَابن مردويه عن يعلى بن منبه رضي الله عنه رفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ينشى ء الله سحابة لأهل النار سوداء
مظلمة يقال لها ولأهل النار أي شيء تطلبون فيذكرون بها سحاب الدنيا فيقولون : يا ربنا الشراب فتمطرهم أغلالا تزيد في أعناقهم وسلاسل تزيد في سلاسلهم وجمر يلتهب عليهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ {والسلاسل
(13/75)
1
يسحبون في الحميم}.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير رضي الله عنه وهو يصلي في شهر رمضان يردد هذه الآية {فسوف يعلمون إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون}.
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة النار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال {يسحبون في الحميم} فيسلخ كل شيء عليهم من جلد ولحم وعرق حتى يصير في عقبه ، حتى أن لحمه قدر طوله ستون ذراعا ، ثم يكسى جلدا آخر ثم يسجر في الحميم فيسلخ كل شيء عليهم من جلد ولحم وعرق.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {يسجرون} قال : توقد بهم النار ، وفي قوله {تمرحون} قال : تبطرون وتاشرون.
(13/76)
1
الآية 78.
أَخرَج الطبراني في الأوسط ، وَابن مردويه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله {ومنهم من لم نقصص عليك} قال : بعث الله عبدا حبشيا نبيا فهو ممن لم يقصص على محمد صلى الله عليه وسلم.
الآيات 79 - 85
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم} قال : أسفاركم لحاجتكم ما كانت ، وفي قوله {وآثارا في الأرض} قال : المشي فيها بأرجلهم ، وفي قوله {فرحوا بما عندهم من العلم} قال : قولهم نحن أعلم منهم ولن نعذب وفي قوله {وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤون} قال : ما جاءت به رسلهم من الحق.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم} قال : من بلد إلى بلد ، وفي قوله {سنة الله التي قد خلت في عباده} قال : سننه أنهم كانوا إذا رأوا بأسنا آمنوا فلم ينفعهم إيمانهم عند ذلك.
(13/77)
1
* بسم الله الرحمن الرحيم * (41)- سورة فصلت.
مكية وآياتها أربع وخمسون.
مقدمة السورة.
أَخْرَج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت (حم) السجدة بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير رضي الله عنه ، مثله.
الآيات 1 - 4.
وَأخرَج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد وأبو يعلى والحاكم وصححه ، وَابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل ، وَابن عساكر ، عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : اجتمع قريش يوما فقالوا : انظروا أعلمكم بالسحر والكهانة والشعر فليأت هذا الرجل الذي قد فرق جماعتنا وشتت أمرنا وعاب ديننا فليكلمه ولينظر ماذا يرد عليه فقالوا : ما نعلم أحدا غير عتبة بن ربيعة قالوا : أنت يا أبا الوليد ، فأتاه فقال : يا محمد أنت خير أم عبد الله ، أنت خير أم عبد المطلب ، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فإن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك فقد عبدوا الآلهة التي عبت وإن كنت تزعم أنك خير منهم فتكلم حتى نسمع لك أما والله ما رأينا سلحة قط أشأم على قومه
(13/78)
1
منك فرقت جماعتنا وشتت أمرنا وعبت ديننا وفضحتنا في العرب ، حتى لقد طار فيهم أن في قريش ساحرا وأن في قريش كاهنا والله ما ننتظر إلا مثل صيحة الحبلى أن يقوم بعضنا إلى بعض بالسيوف ، يا أيها الرجل إن كان إنما بك الحاجة جمعنا لك حتى تكون أغنى قريش رجلا
واحدا وإن كان نما بك الباءة فاختر أي نساء قريش شئت فلنزوجك عشرا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فرغت قال : نعم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بسم الله الرحمن الرحيم {حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون} حتى بلغ {فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود} فقال عتبة : حسبك ، ما عندك غير هذا قال : لا ، فرجع إلى قريش فقالوا : ما وراءك قال : ما تركت شيئا أرى أنكم تكلمون به إلا كلمته قالوا : فهل أجابك قال : والذي نصبها بنية ما فهمت شيئا مما قال غير أنه قال {أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود} قالوا : ويلك ، يكلمك الرجل بالعربية وما تدري ما قال قال : لا ، والله ما فهمت شيئا مما قال غير ذكر الصاعقة.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن المنذر والبيهقي في الدلائل ، وَابن عساكر
(13/79)
1
عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال : حدثت أن عتبة بن ربيعة وكان أشد قريش حلما ، قال ذات يوم وهو جالس في نادي قريش ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وحده في المسجد يا معشر قريش ألا أقوم إلى هذا فأكلمه فأعرض عليه أمورا لعله أن يقبل منها بعضه ويكف عنا قالوا : بلى يا أبا الوليد فقام عتبة حتى جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث فيما قال له عتبة وفيما عرض عليه من المال والملك وغير ذلك ، حتى إذا فرغ عتبة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفرغت يا أبا الوليد قال : نعم ، قال : فأستمع مني ، قال أفعل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بسم الله الرحمن الرحيم {حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون} فلما سمعها عتبة أنصت لها وألقى يديه خلف ظهره معتمدا عليهما يستمع منه حتى انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السجدة فسجد فيها ثم قال : سمعت يا أبا الوليد قال : سمعت قال : أنت وذاك ، فقام عتبة إلى أصحابه فقال بعضهم لبعض : نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به فلما جلس إليهم قالوا : ما وراءك يا أبا الوليد قال : والله إني قد سمعت قولا ما سمعت بمثله قط والله ما هو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة والله ليكونن لقوله الذي سمعت نبا.
(13/80)
1
وأخرج أبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : لما قرأ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على عتبة بن ربيعة {حم تنزيل من الرحمن الرحيم} أتى أصحابه
فقال : يا قوم أطيعوني في هذا اليوم واعصوني بعده فوالله لقد سمعت من هذا الرجل كلاما ما سمعت مثله قط وما دريت ما أرد عليه.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن شهاب رضي الله عنه قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير فنزل في بني غنم على أسعد بن زرارة فجعل يدعو الناس فجاء سعد بن معاذ فتوعده فقال له أسعد بن زرارة : اسمع من قوله فإن سمعت منكرا فاردده يا هذا وإن سمعت حقا فأجب إليه ، فقال : ماذا تقول فقرأ مصعب {حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون} قال : سعد بن معاذ رضي الله عنه : ما أسمع إلا ما أعرف فرجع وقد هداه الله.
وأخرج البيهقي في الدلائل ، وَابن عساكر ، عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال أبو جهل والملأ من قريش : قد انتشر علينا أمر محمد صلى الله عليه وسلم فلو التمستم رجلا
(13/81)
1
عالما بالسحر والكهانة والشعر ، فقال عتبة ، علمت من ذلك علما وما يخفى علي إن كان كذلك فأتاه فلما أتاه قال له : يا محمد أنت خير أم هاشم أنت خير أم عبد المطلب ، فلم يجبه قال : فيم تشتم آلهتنا وتضلل آباءنا فإن كنت إنما بك الرياسة عقدنا ألويتنا لك فكنت رأسنا ما بقيت وإن كان بك الباءة زوجناك عشرة نسوة تختار من أي بنات قريش وإن كان بك المال جمعنا لك من أموالنا ما تستغني به أنت وعقبك من بعدك - ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساكت لا يتكلم - فلما فرغ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بسم الله الرحمن الرحيم {حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا} فقرأ حتى بلغ (فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود) فأمسك عتبة على فيه وناشده الرحم أن يكف عنه لم يخرج إلى أهله واحتبس عنهم فقال أبو جهل : يا معشر قريش ما نرى عتبة إلا قد صبأ إلى محمد وأعجبه طعامه وما ذاك إلا من حاجة أصابته انتقلوا بنا إليه ، فأتوه فقال أبو جهل : والله يا عتبة ما حسبنا إلا أنك صبوت إلى محمد وأعجبك أمره فإن كنت بك حاجة جمعنا لك من
(13/82)
1
أموالنا ما يغنيك عن محمد ، فغضب وأقسم بالله لا يكلم محمد أبدا وقال : لقد علمتم أني أكثر قريش مالا ولكني أتيته ، فقص عليهم القصة فأجابني بشيء والله ما هو بسحر ولا شعر ولا كهانة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم {حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا}
حتى بلغ (أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود) فأمسكت بفيه وناشدته الرحم فكيف وقد علمتم أن محمدا إذا قال شيئا لم يكذب فخفت أن ينزل بكم العذاب.
وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر رضي الله عنهما ، أن قريشا اجتمعت برسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد فقال لهم عتبة بن ربيعة : دعوني حتى أقوم إلى محمد أكلمه فإني عسى أن أكون أرفق به منكم ، فقام عتبة حتى جلس إليه فقال : يا ابن أخي إنك أوسطنا بيتا وأفضلنا مكانا وقد أدخلت في قومك ما لم يدخل رجل على قومه قبلك فإن كنت تطلب بهذا الحديث مالا فذلك لك على قومك أن تجمع لك حتى تكون أكثرنا
(13/83)
1
مالا وأن كنت تريد شرفا فنحن مشرفوك حتى لا يكون أحد من قومك فوقك ولا نقطع الأمور دونك وإن كان هذا عن لمم يصيبك لا تقدر على النزوع عنه بذلنا لك خزائنا في طلب الطب لذلك منه وإن كنت تريد ملكا ملكناك ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفرغت يا أبا الوليد قال : نعم ، فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {حم} السجدة حتى مر بالسجدة فسجد وعتبة ملق يده خلف ظهره حتى فرغ من قراءته وقام عتبة لا يدري ما يراجعه به ، حتى أتى نادي قومه فلما رأوه مقبلا قالوا : لقد رجع إليكم بوجه ما قام به من عندكم فجلس إليهم فقال : يا معشر قريش قد كلمته بالذي أمرتموني به ، حتى إذا فرغت كلمني بكلام لا والله ما سمعت أذناي بمثله قط فما دريت ما أقول له يا معشر قريش أطيعوني اليوم واعصوني فيما بعده ، اتركوا الرجل واعتزلوه فوالله ما هو بتارك ما هو عليه وخلوا بينه وبين سائر العرب فإن يكن يظهر عليهم يكن شرفه شرفكم وعزه عزكم وملكه ملككم وإن يظهروا عليه تكونوا قد كفيتموه بغيركم ، قالوا : أصبأت إليه يا أبا الوليد.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه
(13/84)
1
قال : جئت أزور عائشة رضي الله عنها ورسول الله صلى الله عليه وسلم يوحى إليه ثم سري عنه فقال : يا عائشة ناوليني ردائي فناولته ثم أتى المسجد فإذا مذكر يذكر فجلس حتى إذا قضى المذكر تذكره إفتتح (حم تنزيل من الرحمن الرحيم) (السجدة الآية 1) فسجد حتى طالت سجدته ثم تسامع به من كان على ميلين وتلا عليه السجدة فأرسلت عائشة رضي الله عنها في خاصتها أن احضروا رسول الله صلى الله عليه وسل