الدر المنثور للسيوطي ج ص معتمد 014

عدد الزوار 255 التاريخ 15/08/2020

 
فبينما سليمان يسير اذ نزل مفازة فقال : كم بعد الماء ههنا فسأل الانس فقالوا : لا ندري فسأل الشياطين فقالوا : لا ندري فغضب سليمان وقال : لا أبرح حتى أعلم كم بعد مسافة الماء ههنا فقالت له الشياطين : يا رسول الله لا تغضب فان يك شيء يعلم فالهدهد يعلمه ، فقال سليمان : علي بالهدهد ، فلم يوجد فغضب سليمان وقال {لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين} يقول : بعذر مبين غيبة عن مسيري هذا ، قال : ومر الهدهد على قصر بلقيس فرأى لها بستانا خلف قصرها فمال إلى الخضرة فوقع فيه فاذا هو بهدهد في البستان فقال له : هدهد سليمان أين أنت عن سليمان وما تصنع ههنا فقال له هدهد بلقيس : ومن سليمان فقال : بعث الله رجلا يقال له : سليمان رسولا وسخر له الجن والانس والريح والطير ، فقال له هدهد بلقيس : أي شيء تقول قال : أقول لك ما تسمع ، قال : ان هذا لعجب وأعجب من ذلك ان كثرة هؤلاء القوم تملكهم أمرأة {وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم} جعلوا الشكر لله : أن يسجدوا للشمس من دون الله ، قال : وذكر لهدهد سليمان فنهض عنه فلما انتهى إلى العسكر تلقته الطير فقالوا : تواعدك رسول الله وأخبروه بما قال ، وكان عذاب سليمان للطير أن ينتفه ثم يشمسه فلا يطير أبدا ويصير مع هوام الأرض أو يذبحه فلا يكون له نسل أبدا ، قال الهدهد : وما استثنى نبي الله
(11/378)
1
قالوا : بلى ، قال : أو ليأتيني بعذر مبين ، فلما أتى سليمان قال : وما غيبتك عن مسيري قال {أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبإ بنبإ يقين إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم} قال : بل اعتللت {سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم} وكتب (بسم الله الرحمن الرحيم) إلى بلقيس {ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين} فلما ألقى الهدهد الكتاب إليها ألقى في روعها أنه كتاب كريم وانه من سليمان و{ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين} ، قالوا نحن أولوا قوة {قالت} ان الملوك اذا دخلوا قرية أفسدوها ، واني مرسلة إليهم
بهدية فلما جاءت الهدية سليمان قال : أتمدونني بمال ارجع إليهم ، فلما رجع إليها رسلها خرجت فزعة فأقبل معها ألف قيل مع كل قيل مائة ألف ، قال : وكان سليمان رجلا مهيبا لا يبتدأ بشيء حتى يكون هو الذي يسأل عنه ، فخرج يومئذ فجلس على سريره فرأى رهجا قريبا منه قال : ما هذا قالوا : بلقيس يا رسول الله قال : وقد نزلت منا بهذا المكان قال ابن عباس : وكان بين سليمان وبين ملكة سبأ ومن معها حين نظر إلى الغبار كما بين الكوفة والحيرة قال : فأقبل على جنوده فقال : أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين قال : وبين سليمان وبين عرشها حين نظر إلى الغبار مسيرة شهرين {قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك} ، قال : وكان لسليمان مجلس فيه للناس كما تجلس الامراء ثم يقوم
(11/379)
1
قال سليمان : أريد اعجل من ذلك ، قال الذي عنده علم من الكتاب : أنا انظر في كتاب ربي ثم آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك ، فنظر إليه سليمان فلما قطع كلامه رد سليمان بصره فنبع عرشها من تحت قدم سليمان ، من تحت كرسي كان يضع عليه رجله ثم يصعد إلى السرير فلما رأى سليمان عرشها مستقرا عنده {قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر} اذ أتاني به قبل أن يرتد الي طرفي {أم أكفر} اذ جعل من هو تحت يدي أقدر على المجيء مني ثم {قال نكروا لها عرشها} ، فلما جاءت تقدمت إلى سليمان {قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو} ثم قالت : يا سليمان اني أريد ان اسألك عن شيء فأخبرني به قال : سلي ، قالت : أخبرني عن ماء رواء لا من الأرض ولا من السماء ، قال : وكان اذا جاء سليمان شيء لا يعلمه يسأل الأنس عنه فان كان عند الأنس منه علم ، والا سأل الجن فان لم يكن عند الجن علم سأل الشياطين فقالت له الشياطين : ما أهون هذا يا رسول الله مر بالخيل فتجري ثم لتملأ الآنية من عرقها فقال لها سليمان : عرق الخيل قالت : صدقت قالت : فأخبرني عن لون الرب قال ابن عباس : فوثب سليمان عن سريره فخر ساجدا فقامت عنه وتفرقت عنه
(11/380)
1
جنوده وجاءه الرسول فقال : يا سليمان يقول
لك ربك ما شأنك قال : يا رب أنت اعلم بما قالت قال : فان الله يأمرك أن تعود إلى سريرك فتقعد عليه وترسل إليها والى من حضرها من جنودها وترسل إلى جميع جنودك الذين حضروك فيدخلوا عليك فتسألها وتسألهم عما سألتك عنه قال : ففعل سليمان ذلك ، فلما دخلوا عليه جميعا قال لها : عم سألتيني قالت : سألتك عن ماء رواء لا من الأرض ولا من السماء قال : قلت لك عرق الخيل قالت : صدقت ، قال : وعن أي شيء سألتيني قالت : ما سألتك عن شيء إلا عن هذا قال لها سليمان : فلأي شيء خررت عن سريري قالت : كان ذلك لشيء لا أدري ما هو ، فسأل جنودها فقالوا : مثل قولها ، فسأل جنوده من الأنس والجن والطير وكل شيء كان حضره من جنوده فقالوا : ما سألتك يا رسول الله عن شيء إلا عن ماء رواء قال : وقد كان ، قال له الرسول : يقول الله لك : ارجع ثمة إلى مكانك فاني قد كفيتكم فقال سليمان للشياطين : ابنو لي صرحا تدخل علي فيه بلقيس فرجع الشياطين بعضهم إلى بعض فقالوا لسليمان : يا رسول الله قد سخر الله لك ما سخر وبلقيس ملكة سبأ ينكحها فتلد له غلاما فلا ننفك له من العبودية أبدا قال : وكانت امرأة شعراء الساقين فقالت الشياطين : ابنو له بنيانا كأنه الماء يرى ذلك منها
(11/381)
1
فلا يتزوجها فبنوا له صرحا من قوارير فجعلوا له طوابيق من قوارير وجعلوا من باطن الطوابيق كل شيء يكون من الدواب في البحر ، من السمك وغيره ثم اطبقوه ثم قالوا لسليمان : ادخل الصرح ، فألقي كرسيا في أقصى الصرح ، فلما دخله أتى الكرسي فصعد عليه ثم قال : أدخلوا علي بلقيس فقيل لها ادخلي الصرح فلما ذهبت فرأت صورة السمك وما يكون في الماء من الدواب {حسبته لجة وكشفت عن ساقيها} لتدخل ، وكان شعر ساقها ملتويا على ساقيها ، فلما رآه سليمان ناداها وصرف وجهه عنها {إنه صرح ممرد من قوارير} فألقت ثوبها وقالت {رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين} ، فدعا سليمان الانس فقال : ما أقبح هذا ما يذهب هذا قالوا : يا رسول الله الموسى ، فقال : الموسى تقطع ساقي المرأة ثم دعا الشياطين فقال مثل ذلك فتلكؤا عليه ثم جعلوا له النورة قال ابن عباس : فانه لاول يوم رؤيت فيه النورة
قال : واستنكحها سليمان عليه السلام ، قال ابن أبي حاتم : قال أبو بكر ابن أبي شيبه : ما أحسنه من حديث
(11/382)
1
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبه في المصنف ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن عبد الله بن شداد قال : كان سليمان عليه السلام اذا أراد أن يسير وضع كرسيه فيأتي من أراد من الانس والجن ثم يأمر الريح فتحملهم ثم يأمر الطير فتظلهم ، فبينا هو يسير اذ عطشوا فقال : ما ترون بعد الماء قالوا : لا ندري ، فتفقد الهدهد وكان له منه منزلة ليس بها طير غيره فقال {ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين لأعذبنه عذابا شديدا} وكان عذابه اذا عذب الطير نتفه ثم يجففه في الشمس {أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين} يعني بعذر بين ، فلما جاء الهدهد استقبلته الطير فقالت له : قد أوعدك سليمان فقال لهم : هل استثنى فقالوا له : نعم ، قد قال : إلا أن يجيء بعذر بين ، فجاء بخبر صاحبة سبأ فكتب معه إليها (بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا علي وائتوني مسلمين) فأقبلت بلقيس فلما كانت على قدر فرسخ قال سليمان {أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك} فقال سليمان : أريد أعجل من ذلك ، فقال الذي عنده علم من الكتاب {أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك} فأتى بالعرش في نفق في الأرض يعني سرب في الأرض قال سليمان : غيروه ، فلما جاءت {قيل أهكذا عرشك} فاستنكرت السرعة ورأت العرش {قالت كأنه هو} ، قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته {لجة} ماء {وكشفت عن
(11/383)
1
ساقيها} فاذا هي امرأة شعراء فقال سليمان : ما يذهب هذا فقال بعض الجن : أنا أذهبه ، وصنعت له النورة ، وكان أول ما صنعت النورة وكان اسمها بلقيس.
وأخرج ابن عساكر عن عكرمة قال : لما تزوج سليمان بلقيس قال : ما مستني حديدة قط فقال للشياطين : أنظروا أي شيء يذهب بالشعر غير الحديد فوضعوا له النورة فكان أول من وضعها شياطين سليمان.
وأخرج البخاري في تاريخه والعقيلي عن أبي موسى الاشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أول من صنعت له الحمامات سليمان.
وأخرج الطبراني ، وَابن عدي في الكامل والبيهقي في الشعب عن أبي موسى الاشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أول من دخل الحمام سليمان فلما وجد حره أوه من عذاب الله.
(11/384)
1
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن مجاهد قال : لما قدمت ملكة سبأ على سليمان رأت حطبا جزلا فقالت لغلام سليمان : هل يعرف مولاك كم وزن هذا الدخان فقال : أنا أعلم فكيف مولاي قالت : فكم وزنه فقال الغلام : يوزن الحطب ثم يحرق ثم يوزن الرماد فما نقص فهو دخانه.
وأخرج البيهقي في الزهد عن الاوزاعي قال : كسر برج من أبراج تدمر فأصابوا فيه امرأة حسناء دعجاء مدمجى كأن أعطافها طي الطوامير عليها عمامة طولها ثمانون ذراعا مكتوب على طرف العمامة بالذهب (بسم الله الرحمن الرحيم) أنا بلقيس ملكة سبأ زوجة سليمان بن داود ملكت الدنيا كافرة ومؤمنة ما لم يملكه أحد قبلي ولا يملكه أحد بعدي صار مصيري إلى الموت فأقصروا يا طلاب الدنيا.
وأخرج ابن عساكر عن سلمة بن عبد الله بن ربعي قال : لما أسلمت بلقيس تزوجها سليمان وأمهرها باعلبك.
(11/385)
1
- قوله تعالى : ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا أن اعبدوا الله فإذا هم فريقا يختصمون * قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئه قبل الحسنه لولا تستغفرون الله اعلكم ترحمون * قالوا إطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله بل أنتم قوم تفتنون * وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون * قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون * ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون * فانظركيف كان عاقبة مكرهم إنا دمرناهم وقومهم أجمعين * فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا
إن في ذلك لآية لقوم يعلمون * وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون * ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون * أإنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون * فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون * فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين * وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين.
أخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {فإذا هم فريقان يختصمون} قال : مؤمن وكافر قولهم صالح مرسل من ربه ، وقولهم ليس بمرسل ، وفي قوله {لم تستعجلون بالسيئة} قال : العذاب {قبل الحسنة} قال : الرحمة ، وفي قوله {قالوا اطيرنا بك} قال : تشاءمنا ، وفي قوله {وكان في المدينة تسعة رهط} قال : من قوم صالح ، وفي قوله {تقاسموا بالله} قال : تحالفوا على هلاكه فلم يصلوا إليه حتى أهلكوا وقومهم أجمعين.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فإذا هم فريقان يختصمون} قال : ان القوم بين مصدق ومكذب ، مصدق بالحق ونازل عنده ومكذب بالحق تاركه ، في ذلك كانت خصومة القوم {قالوا اطيرنا بك} قال : قالوا : ما أصبنا من شر فإنما هو من قبلك ومن قبل من معك {قال طائركم عند الله} يقول : علم أعمالكم عند الله {بل أنتم قوم تفتنون} قال : تبتلون بطاعة الله ومعصيته !
(11/386)
1
{وكان في المدينة تسعة رهط} قال : من قوم صالح {قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله} قال : توافقوا على أن يأخذوه ليلا فيقتلوه قال : ذكر لنا أنهم بينما هم معانيق إلى صالح - يعني مسرعين - ليقتلوه بعث الله عليهم صخرة فأخمدتهم {ثم لنقولن لوليه} يعنون رهط صالح {ومكروا مكرا} قال : مكرهم الذي مكروا بصالح {ومكرنا مكرا} قال : مكر الله الذي مكر بهم : رماهم بصخرة فأهمدتهم
{فانظر كيف كان} مكرهم قال : شر والله {كان عاقبة مكرهم} أن دمرهم الله وقومهم أجمعين ثم صيرهم إلى النار.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {طائركم} قال : مصائبكم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وكان في المدينة تسعة رهط} قال : كان أسماؤهم زعمي وزعيم وهرميوهريم
(11/387)
1
وداب وهواب ورياب وسيطع وقدار بن سالف عاقر الناقة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وكان في المدينة تسعة رهط} قال : وهم الذين عقروا الناقة وقالوا حين عقروها تبيتن صالحا وأهله فنقتلهم ثم نقول لاولياء صالح ما شهدنا من هذا شيئا ومالنا به علم فدمرهم الله أجمعين.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن عطاء بن أبي رياح {وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون} قال : كانوا يقرضون الدراهم ، والله أعلم.
- قوله تعالى : قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى آلله خير أ أما يشركون.
أخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد والبزار ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وسلام على عباده الذين اصطفى آلله}
(11/388)
1
قال : هم أصحاب محم صلى الله عليه وسلم اصطفاهم الله لنبيه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن سفيان الثوري في قوله {وسلام على عباده الذين اصطفى} قال : نزلت في أصحاب محمد خاصة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة أنه كان اذا قرأ {آلله خير أما يشركون} قال : بل الله خير وأبقى وأجل وأكرم.
- قوله تعالى : أمن خلق السموات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله بل هم قوم يعدلون * أمن جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون.
أخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الازرق قال له : أخبرني عن قوله تعالى {حدائق} قال : البساتين ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت الشاعر يقول : بلاد سقاها الله أما سهولها * فقضب ودر مغدق وحدائق.
وَأخرَج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {حدائق} قال : النخل الحسان {ذات بهجة} قال : ذات نضارة.
(11/389)
1
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {حدائق} قال : البساتين تخللها الحيطان {ذات بهجة} قال : ذات حسن.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {حدائق ذات بهجة} قال البهجة الفقاع ، يعني النوار مما يأكل الناس والانعام.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {أإله مع الله} أي ليس مع الله اله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة {بل هم قوم يعدلون} قال : يشركون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد {بل هم قوم يعدلون} الآلهة التي عبدوها عدلوها بالله ، ليس لله عدل ولا ند ولا اتخذ صاحبة ولا ولدا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {وجعل لها رواسي} قال : رواسيها : جبالها {وجعل بين البحرين حاجزا} قال : حاجزا من الله لا يبغي
(11/390)
1
أحدهما على صاحبه.
- قوله تعالى : أمن يجيب الضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون * أمن يهديكم في ظلمات البر والبحر ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته أإله مع الله تعالى الله عما يشركون * أمن يبدؤ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض أإله مع الله قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين.
وأخرج أحمد وأبو داود والطبراني عن رجل من بلجهم قال : قلت يا رسول الله الام تدعو قال أدعو إلى الله وحده الذي ان نزل بك ضر فدعوته كشف عنك والذي ان ضللت بأرض قفر فدعوته رد عليك والذي ان أصابك سنة فدعوته أنزل لك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج في قوله {ويكشف السوء} قال : الضر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سحيم بن نوفل قال : بينما نحن عند عبد الله اذ جاءت وليدة إلى سيدها فقالت : ما يحبسك وقد لفع فلان مهرك بعينه فتركه يدور في الدار كأنه في فلك قم فابتغ راقيا فقال عبد الله : لا تبتغ راقيا وانفث في منخره الايمن أربعا وفي الايسر ثلاثا وقل : لا بأس اذهب البأس رب الناس ، اشف أنت الشافي لا يكشف الضر إلا أنت قال : فذهب ثم رجع إلينا فقال : فعلت ما أمرتني فما جئت حتى راث وبال وأكل.
(11/391)
1
وأخرج الطبراني عن سعد بن جنادة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من فارق الجماعة فهو في النار على وجهه ، لان الله تعالى يقول {أم من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض} فالخلافة من الله عز وجل فان كان خيرا فهو يذهب به وان كان شرا فهو يؤخذ به عليك أنت بالطاعة فيما أمر الله تعالى به.
وأخرج البغوي في معجمه عن اياد بن لقيط قال : قال جعدة بن هبيرة لجلسائه : اني قد علمت ما لم تعلموا وأدركت ما لم تدركوا أنه سيجيء بعد هذا
- يعني معاوية - أمراء ليس من رجاله ولا من ضربائه وليس فيهم أصغر أو أبتر حتى تقوم الساعة ، هذا السلطان سلطان الله جعله وليس أنتم تجعلونه ، إلا وان للراعي على الرعية حقا وللرعية على الراعي حقا فادوا إليهم حقهم فان ظلموكم فكلوهم إلى الله فانكم وإياهم تختصمون يوم القيامة وان الخصم لصاحبه الذي أدى إليه الحق الذي عليه في الدنيا ، ثم قرأ {فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين} الأعراف الآية 6 حتى بلغ {والوزن يومئذ الحق} الأعراف الآية 8 هكذا قرأ.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة !
(11/392)
1
{ويجعلكم خلفاء الأرض} قال خلفا بعد خلف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي {ويجعلكم خلفاء الأرض} قال : خلفا لمن قبلكم من الامم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن جَرِير عن ابن جريج {أم من يهديكم في ظلمات البر} قال : ضلال الطريق {والبحر} قال : ضلالة طرقه وموجه وما يكون فيه.
- قوله تعالى : قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون إيان يبعثون.
أخرج الطيالسي وسعيد بن منصور وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه والبيهقي في الاسماء والصفات عن مسروق قال : كنت متكئا عند عائشة فقالت عائشة : ثلاث من تكلم بواحدة منهن فقد أعظم على الله الفرية ، قلت : وما هن قالت : من زعم أن محمدا رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية قال : وكنت متكئا فجلست فقلت : يا أم المؤمنين أنظريني ولا تعجلي علي ألم يقل الله {ولقد رآه بالأفق المبين} ، {ولقد رآه نزلة أخرى} النجم الآية 13 فقالت : أنا أول هذه الامة سأل عن هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال جبريل : لم أره على صورته
(11/393)
1
التي خلق عليها غير هاتين السرتين ، رأيته منهبطا من السماء ، ساد أعظم خلقه ما بين السماء إلى الأرض قالت :
أو لم تسمع الله عز وجل يقول {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير} الانعام الآية 103 أو لم تسمع الله يقول {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا} الشورى الآية 51 إلى قوله {علي حكيم} ، ومن زعم أن محمدا كتم شيئا من كتاب الله فقد أعظم على الله الفرية والله جل ذكره يقول {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} إلى قوله {والله يعصمك من الناس} المائدة الآية 67 قالت : ومن زعم أنه يخبر الناس بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية والله تعالى يقول {قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله}.
- قوله تعالى : بل ادارك علمهم في الآخره بل هم في شك منها بل هم منها عمون * وقال الذين كفروا أإذا كنا ترابا وآباؤنا أإنا لمخرجون * لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين * قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين * ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون * ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين * قل عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون * وإن ربك لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون * وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون * وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {بل ادارك علمهم في الآخرة} قال : حين لم ينفع العلم.
(11/394)
1
وأخرج أبن عبيد في فضائله وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن عباس أنه قرأ {بل ادارك علمهم في الآخرة} قال : لم يدرك علمهم قال أبو عبيد : يعني أنه قرأها بالاستفهام.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {بل ادارك علمهم في الآخرة} يقول : غاب علمهم.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {بل ادارك علمهم في الآخرة} قال : ام ادرك علمهم {أم هم قوم طاغون} الذاريات الآية 53 {بل هم قوم طاغون}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {بل ادارك علمهم} مثقلة مكسورة اللام على معنى تدارك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة {بل ادارك علمهم في الآخرة} قال : تتابع علمهم في الآخرة بسفههم وجهلهم {بل هم منها
(11/395)
1
عمون} قال : عموا عن الآخرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن أنه كان يقرأ (بل ادرك علمهم في الآخرة) قال : اضمحل علمهم في الدنيا حين عاينوا الآخرة ، وفي قوله {فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين} قال : كيف عذب الله قوم نوح وقوم لوط وقوم صالح والامم التي عذب الله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {عسى أن يكون ردف لكم} قال : اقترب لكم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {عسى أن يكون ردف لكم} قال : اقترب منكم.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {عسى أن يكون ردف لكم} قال : عجل لكم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج {ردف لكم} قال : أزف لكم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج {ردف لكم بعض الذي تستعجلون}
(11/396)
1
قال : من العذاب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون} قال : يعلم ما عملوا بالليل والنهار.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج في قوله {ليعلم ما تكن صدورهم} قال : السر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب} يقول : ما من شيء في السماء والأرض سرا وعلانية إلا يعلمه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد {وما من غائبة} يقول : ما من قولي ولا عملي في السماء والأرض إلا وهو عنده {في كتاب} في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق الله السموات والأرض.
- قوله تعالى : إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون * وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين * إن ربك يقضي بينهم بحكمه وهو العزيز العليم * فتوكل على الله إنك على الحق المبين.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {إن
(11/397)
1
هذا القرآن يقص على بني إسرائيل} يعني اليهود والنصارى {أكثر الذي هم فيه يختلفون} يقول : هذا القرآن يبين لهم الذي اختلفوا فيه.
وأخرج الترمذي ، وَابن مردويه ، عَن عَلِي ، قال : قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ان امتك ستفتتن من بعدك ، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أو سئل ما المخرج منها فقال كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد من ابتغى العلم في غيره أضله الله ومن ولي هذا الامر فحكم به عصمة الله وهو الذكر الحكيم والنور المبين والصراط المستقيم فيه خبر من قبلكم ونبأ من بعدكم وحكم ما بينكم وهو الفصل ليس بالهزل.
- قوله تعالى : إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولو مدبرين * وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {إنك لا تسمع الموتى} قال : هذا مثل ضربه الله للكافر كما لا يسمع الميت كذلك لا يسمع
الكافر ولا ينتفع به {ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين} يقول : لو أن أصم ولى مدبرا ثم ناديته لم يسمع كذلك الكافر لا يسمع ولا ينتفع بما يستمع ، والله أعلم.
- قوله تعالى : وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون.
(11/398)
1
أخرج ابن مبارك في الزهد وعبد الرزاق والفريابي ، وَابن أبي شيبة ونعيم بن حماد في الفتن ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي الدنيا في كتاب الامر بالمعروف ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والحاكم ، وَابن مردويه عن ابن عمر في قوله {وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم} قال : اذا لم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم} قال : ذاك حين لا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر.
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله {وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم} قال اذا تركوا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وجب السخط عليهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {وإذا وقع القول عليهم} قال : اذا وجب القول عليهم {أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم} قال : وهي في بعض القراءة تحدثهم تقول لهم {أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن حفصة بنت سيرين قالت :
(11/399)
1
سألت أبا العالية عن قوله {وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم} ما وقوع القول عليهم فقال : {وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن} هود الآية 36 قالت : فكأنما كشف عن وجهي شيئا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : أكثروا الطواف بالبيت قبل أن يرفع وينسى الناس مكانه وأكثروا تلاوة القرآن قبل أن يرفع ، قيل : وكيف يرفع ما في
صدور الرجال قال : يسري عليهم ليلا فيصبحون منه قفرا وينسون قول لا اله إلا الله ويقعون في قول الجاهلية وأشعارهم ، فذلك حين يقع القول عليهم.
وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله {وقع القول عليهم} قال : حق عليهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {دابة من الأرض تكلمهم} قال : تحدثهم.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {تكلمهم} قال : كلامها
(11/400)
1
تنبئهم {أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي داود ونفيع الاعمى قال : سألت ابن عباس عن قوله {أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم} أو تكلمهم قال : كل ذلك والله يفعل تكلم المؤمن وتكلم الكافر ، تجرحه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {دابة من الأرض تكلمهم} مشددة من الكلام {إن الناس} بنصب الالف.
وأخرج نعيم بن حماد ، وَابن مردويه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا كان الوعد الذي قال الله {أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم} قال : ليس ذلك حديثا ولا كلاما ولكنه سمة تسم من أمرها الله به ، فيكون خروجها من الصفا ليلة منى فيصبحون بين رأسها وذنبها لا يدحض داحض ولا يخرج خارج حتى اذا فرغت مما أمرها الله فهلك من هلك ونجا من نجا كان أول خطوة تضعها بانطاكية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عبد الله بن عمر وقال الدابة زغباء
(11/401)
1
ذات وبر وريش.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس قال الدابة ذات وبر وريش مؤلفة فيها من كل لون لها أربع قوائم تخرج بعقب من الحاج.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الشعبي قال : ان دابة الأرض ذات وبر تناغي السماء.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن :
أن موسى عليه السلام سأل ربه أن يريه الدابة ، فخرجت ثلاثة أيام ولياليهن تذهب في السماء لا يرى واحد من طرفها قال : فرأى منظرا فظيعا فقال : رب ردها ، فردها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : لا تقوم الساعة حتى يجتمع أهل بيت على الاناء الواحد فيعرفون مؤمنيهم من كفارهم ، قالوا : كيف ذاك قال : ان الدابة تخرج وهي ذامة للناس تمسح كل انسان على مسجده ، فاما المؤمن فتكون نكتة بيضاء ، فتفشوا في وجهه حتى يبيض لها وجهه وأما الكافر فتكون نكتة سوداء فتفشو في وجهه حتى يسود لها وجهه ، حتى أنهم ليتبايعون في أسواقهم فيقولون : كيف تبيع هذا يا مؤمن وكيف تبيع هذا يا كافر فما يرد بعضهم على بعض.
(11/402)
1
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : تخرج الدابة باجياد مما يلي الصفا.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد من طريق سماك عن إبراهيم قال : تخرج الدابة من مكة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عبد الله بن عمرو قال : تخرج الدابة فيفزع الناس إلى الصلاة فتأتي الرجل وهو يصلي فتقول : طول ما شئت أن تطول فو الله لاخطمنك.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : تخرج الدابة يوم تخرج وهي ذات عصب وريش تكلم الناس فتنقط في وجه المؤمن نقطة بيضاء فيبيض وجهه وتنقط في وجه الكافر نقطة سوداء فيسود وجهه فيتبايعون في الاسواق بعد ذلك ، بم تبيع هذا يا مؤمن وبم تبيع هذا يا كافر ثم يخرج الدجال وهو أعور على عينه ظفرة غليظة مكتوب بين عينيه كافر يقرأه كل مؤمن وكافر.
(11/403)
1
وأخرج أحمد وسمويه ، وَابن مردويه عن أبي أمامة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال تخرج الدابة فتسم الناس على خراطيمهم ثم يعمرون فيكم حتى يشتري الرجل الدابة فيقال : ممن اشتريت فيقال : من الرجل المخطم.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تخرج دابة
الأرض ولها ثلاث خرجات ، فأول خرجة منها بأرض البادية ، والثانية في أعظم المساجد وأشرفها وأكرمها ولها عنق مشرف يراها من بالمشرق كما يراها من بالمغرب ولها وجه كوجه انسان ومنقار كمنقار الطير ذات وبر وزغب معها عصا موسى وخاتم سليمان بن داود تنادي بأعلى صوتها : {أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون} ثم بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل : يا رسول الله وما بعد قال : هنات وهنات ثم خصب وريف حتى الساعة.
وأخرج ابن مردويه عن حذيفة بن أسيد أراه رفعه قال تخرج الدابة من أعظم المساجد حرمة فبينما هم قعود بربو الأرض فبينما هم كذلك اذ تصدعت قال ابن عيينة : تخرج حين يسري الامام من جمع ، وانما جعل سابق بالحاج ليخبر الناس ان الدابة لم تخرج.
(11/404)
1
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر أنه قال : ألا أريكم المكان الذي قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ان دابة الأرض تخرج منه ، فضرب بعصاه قبل الشق الذي في الصفا.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان بين يدي الساعة الدجال والدابة ويأجوج ومأجوج والدخان وطلوع الشمس من مغربها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عائشة قالت : الدابة تخرج من أجياد.
وأخرج ابن جرير عن حذيفة بن اليمان قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدابة فقال حذيفة : يا رسول الله من أين تخرج قال من أعظم المساجد حرمة على الله بينما عيسى يطوف بالبيت ومعه المسلمون اذ تضطرب الأرض من تحتهم تحرك القنديل وتشق الصفا مما يلي المسعى وتخرج الدابة من الصفا أول ما يبدو رأسها ملمعة ذات وبر وريش لن يدركها طالب ولن يفوتها هارب تسم الناس مؤمن وكافر أما المؤمن فيرى وجهه كأنه كوكب دري وتكتب بين عينيه مؤمن.
وَأَمَّا الكافر فتنكت بين عينيه نكتة سوداء كافر.
(11/405)
1
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والبيهقي في البعث عن ابن عمرو أنه قال وهو يومئذ بمكة : لو شئت لأخذت سيتي هاتين ثم مشيت حتى أدخل
الوادي التي تخرج منه دابة الأرض وانها تخرج وهي آية للناس تلقي المؤمن فتسمه في وجهه واكية فيبيض لها وجهه وتسم الكافر واكية فيسود لها وجهه وهي دابة ذات زغب وريش فتقول {أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون}.
وأخرج سعيد بن منصور ونعيم ابن حماد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس : ان دابة الأرض تخرج من بعض أودية تهامة ذات زغب وريش لها أربع قوائم فتنكت بين عيني المؤمن نكتة يبيض لها وجهه وتنكت بين عيني الكافر نكتة يسود بها وجهه.
وأخرج أحمد والطيالسي وعبد بن حميد
(11/406)
1
والترمذي وحسنه ، وَابن ماجه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تخرج دابة الأرض ومعها عصا موسى وخاتم سليمان فتجلوا وجه المؤمن بالخاتم وتخطم أنف الكافر بالعصا حتى يجتمع الناس على الخوان يعرف المؤمن من الكافر.
وأخرج الطيالسي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن حذيفة ابن أسيد الغفاري قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدابة فقال لها ثلاث خرجات من الدهر ، فتخرج خرجة بأقصى اليمن فينشر ذكرها بالبادية في أقصى البادية ولا يدخل ذكرها القرية - يعني مكة - ثم تكمن زمانا طويلا ثم تخرج خرجة أخرى دون تلك فيعلو ذكرها في أهل البادية ويدخل ذكرها القرية - يعني مكة - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثم بينما الناس في أعظم المساجد على الله حرمة وأكرمها المسجد الحرام لم يرعهم إلا وهي ترغو بين الركن والمقام وتنفض عن رأسها التراب فأرفض
(11/407)
1
الناس عنها شتى بقيت عصابة من المؤمنين ثم عرفوا أنهم لن يعجزوا الله فبدأت بهم فجلت وجوههم جتى جعلتها كأنها الكوكب الدري وولت في الأرض لا يدركها طالب ولا ينجو منها هارب حتى ان الرجل ليتعوذ منها بالصلاة فتأتيه من خلفه فتقول : يا فلان الآن تصلي ، فيقبل عليها فتسمه في وجهه ثم ينطلق ويشترك الناس في الاموال ويصطحبون في الامصار يعرف المؤمن من الكافر حتى ان المؤمن ليقول : يا كافر أقضني حقي وحتى ان الكافر ليقول : يا مؤمن أقضني حقي.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال قال رسول الله : صلى الله عليه وسلم بئس الشعب جياد مرتين أو ثلاثا قالوا : وبم ذاك يا رسول الله قال : تخرج منه الدابة فتصرخ ثلاث صرخات فيسمعها من بين الخافقين.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : صلى الله عليه وسلم تخرج دابة الأرض من جياد فيبلغ صدرها الركن ولم يخرج ذنبها بعد
(11/408)
1
قال : وهي دابة ذات وبر وقوائم.
وأخرج البخاري في تاريخه ، وَابن ماجه ، وَابن مردويه عن بريدة قال : ذهب بي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى موضع بالبادية قريب من مكة فاذا أرض يابسة حولها رمل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تخرج الدابة من هذا الموضع فاذا شبر في شبر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن النزال بن سبرة قال : قيل لعلي بن أبي طالب : ان ناسا يزعمون أنك دابة الأرض فقال : والله ان لدابة الأرض ريشا وزغبا ومالي ريش ولا زغب وان لها لحافر وما لي من حافر وانها لتخرج حضر الفرس الجواد ثلاثا وما خرج ثلثاها.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : تخرج الدابة ليلة جمع والناس يسيرون إلى منى فتحملهم بين نحرها وذنبها فلا يبقى منافق إلا خطمته وتمسح المؤمن فيصبحون وهم بشر من الدجال.
وأخرج ابن أبي شيبة والخطيب في تالي التلخيص عن ابن عمر قال : لتخرج الدابة من جبل جياد في أيام التشريق والناس بمنى قال : فلذلك جاء سائق الحاج بخبر سلامة الناس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : ان الدابة فيها من كل لون ما بين
(11/409)
1
قرنيها فرسخ للراكب.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : تخرج الدابة من صدع في الصفا كجري الفرس ثلاثة أيام لم يخرج ثلثها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : تخرج الدابة من تحت صخرة بجياد تستقبل المشرق فتصرخ صرخة ثم تستقبل الشام فتصرخ صرخة منفذة ثم تروح من مكة
(11/410)
1
فتصبح بعسفان قيل : ثم ماذا قال : لا أعلم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس : الدابة مؤلفة ذات زغب وريش فيها من ألوان الدواب كلها وفيها من كل أمة سيما ، وسيماها من هذه الامة انها تتكلم بلسان عربي مبين تلكمهم بكلامها.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أبي الزبير أنه وصف الدابة فقال : رأسها رأس ثور وعينها عين خنزير وأذنها أذن فيل وقرنها قرن أيل وعنقها عنق نعامة وصدرها صدر أسد ولونها لون نمر وخاصرتها خاصرة هرة وذنبها ذنب كبش وقوائمها قوائم بعير بين كل مفصلين منها اثنا عشر ذراعا ، تخرج معها عصا موسى وخاتم سليمان ولا يبقى مؤمن إلا نكتته في مسجده بعصا موسى نكتة بيضاء فتفشو تلك النكتة حتى يبيض لها وجهه ولا يبقى كافر إلا نكتت في وجهه نكتة سوداء بخاتم سليمان فتفشو تلك النكتة حتى يسود لها وجهه ، حتى ان الناس يتبايعون في الاسواق : بكم ذا يا مؤمن وبكم ذا يا كافر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن صدقة بن مزيد قال : تجيء الدابة إلى الرجل وهو
(11/411)
1
قائم يصلي في المسجد فتكتب بين عينيه : كذاب.
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة قال : تخرج الدابة مرتين قبل يوم القيامة حتى يضرب فيها رجال ثم تخرج الثالثة عند أعظم مساجدكم فتأتي القوم وهم مجتمعون عند رجل فتقول : ما يجمعكم عند عدو الله فيبتدرون فتسم المؤمن حتى ان الرجلين ليتبايعان فيقول هذا : خذ يا مؤمن ويقول هذا : خذ يا كافر.
وأخرج نعيم بن حماد في الفتن عن عمرو بن العاص قال : تخرج الدابة من شعب بالاجياد رأسها تمس به السحاب وما خرجت رجلها من الأرض تأتي الرجل وهو يصلي فتقول : ما الصلاة من حاجتك ، ما هذا إلا تعوذ أو رياء فتخطمه.
وأخرج نعيم عن وهب بن منبه قال : أول الآيات الروم ثم الدجال والثالثة يأجوج ومأجوج والرابعة عيسى والخامسة الدخان والسادسة الدابة.
(11/412)
1
- قوله تعالى : ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون * حتى إذا جاءوا قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما أماذا كنتم تعملون * ووقع القول
عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون * ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {ويوم نحشر من كل أمة فوجا} قال : زمرة ، وفي قوله {فهم يوزعون} قال : يحبس أولهم على آخرهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {يوزعون} قال : يسافون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ووقع القول} قال : وجب القول ، والقول الغضب وفي قوله {والنهار مبصرا} قال : منيرا والله أعلم.
- قوله تعالى : ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين.
أخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير عن أبي هريرة في قوله {ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله} قال : هم الشهداء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن عاصم انه قرأ {وكل أتوه
(11/413)
1
داخرين} ممدودة مرفوعة التاء على معنى فاعلوه.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود انه قرأ {وكل أتوه داخرين} خفيفة بنصب التاء على معنى جاؤه ، يعني بلا مد.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال : حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في النمل {وكل أتوه داخرين} على معنى جاؤه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {داخرين} قال : صاغرين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة ، مثله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد قال : الداخر : الصاغر الراهب لأن المرء اذا فزع انما همته الهرب من الامر الذي فزع منه فلما
(11/414)
1
نفخ في الصور فزعوا فلم يكن لهم من الله منجا.
- قوله تعالى : وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وترى الجبال تحسبها جامدة} قال : قائمة {صنع الله الذي أتقن كل شيء} قال : احكم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة {وترى الجبال تحسبها جامدة} قال : ثابتة في أصولها لا تتحرك {وهي تمر مر السحاب}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {صنع الله الذي أتقن كل شيء} يقول : أحسن كل شيء خلقه وأتقنه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {صنع الله الذي أتقن كل شيء} قال : أحسن كل شيء.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد {الذي أتقن
(11/415)
1
كل شيء} قال : أوثق كل شيء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن {الذي أتقن كل شيء} قال : ألم تر إلى كل دابة كيف تبقى على نفسها.
- قوله تعالى : من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون * ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون.
أَخْرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {من جاء بالحسنة فله خير منها} قال : هي لا إله إلا الله {ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار} قال : هي الشرك.
وأخرج ابن مردويه ، عَن جَابر قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الموجبتين قال {من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون} قال : من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة ومن لقي الله يشرك به دخل النار.
وأخرج الحاكم في الكني عن صفوان بن عسال قال : قال رسول الله :
(11/416)
1
صلى الله عليه وسلم اذا كان يوم القيامة جاء الايمان والشرك يجثوان بين يدي الرب فيقول الله للايمان : انطلق أنت وأهلك إلى الجنة ، ويقول للشرك : انطلق أنت وأهلك إلى النار ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {من جاء بالحسنة فله خير منها} يعني : قول لا إله إلا الله {ومن جاء بالسيئة} يعني : الشرك {فكبت وجوههم في النار}.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة وأنس بن مالك عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : يجيء الاخلاص والشرك يوم القيامة فيجثوان بين يدي الرب فيقول الرب للاخلاص : انطلق أنت وأهلك إلى الجنة ثم يقول للشرك انطلق أنت وأهلك إلى النار ثم تلا هذه الآية {ومن جاء بالسيئة} بالشرك {فكبت وجوههم في النار}.
وأخرج أبو الشيخ ، وَابن مردويه والديلمي عن كعب بن عجرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله الله {من جاء بالحسنة فله خير منها} يعني بها شهادة ان لا إله إلا الله {ومن جاء بالسيئة} يعني بها الشرك يقال : هذه تنجي ، وهذه تردي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الاسماء والصفات والخارئطي في مكارم الاخلاق عن ابن مسعود {من جاء بالحسنة}
قال : لا إله إلا الله {ومن جاء بالسيئة} قال :
(11/417)
1
بالشرك.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن الشعبي قال : كان حذيفة جالسا في حلقة فقال : ما تقولون في هذه الآية {من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار} فقالوا : نعم يا حذيفة من جاء بالحسنة ضعفت له عشرا أمثالها ، فأخذ كفا من حصى يضرب به الأرض وقال : تبا لكم ، وكان حديدا وقال : من جاء بلا إله إلا الله وجبت له الجنة ومن جاء بالشرك وجبت له النار.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس {من جاء بالحسنة} قال : بلا إله إلا الله {فله خير منها} قال : منها وصل إلى الخير {ومن جاء بالسيئة} قال : الشرك.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد {من جاء بالحسنة} قال : لا إله إلا الله {من جاء بالحسنة} قال : الشرك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن وابراهيم وأبي صالح وسعيد بن
(11/418)
1
جبير وعطاء وقتادة ومجاهد ، ومثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {فله خير منها} قال : ثواب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة {من جاء بالحسنة} قال شهادة ان لا إله إلا الله {فله خير منها} قال ج يعطي به الجنة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ثمن الجنة لا إله إلا الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زرعة بن إبراهيم {من جاء بالحسنة} قال : لا إله إلا الله {فله خير منها} قال : لا إله إلا الله خير ، ليس شيء أخير من لا إله إلا الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم انه قرأ {وهم من فزع يومئذ آمنون} ينون فزع وينصب يومئذ.
(11/419)
1
- قوله تعالى : إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة التي حرمها وله كل شيء وأمرت أن أكون من المسلمين * وأن اتلو القرآن فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين * وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {أن أعبد رب هذه البلدة} قال : مكة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة ، مثله.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : زعم الناس انها مكة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية قال : هي منى.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن هرون قال في حرف ابن مسعود / {وأن اتل القرآن > / على الامر وفي حرف أبي بن كعب (واتل عليهم القرآن).
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {سيريكم آياته فتعرفونها} قال : في أنفسكم وفي السماء وفي الأرض وفي الرزق.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ما كان في القرآن {وما الله بغافل عما تعملون} بالتاء وما كان {وما ربك بغافل عما يعملون} بالياء.
*
(11/420)
1
بسم الله الرحمن الرحيم
- سورة القصص.
مكية وآياتها ثمان وثمانون.
- مقدمة سورة القصص.
أَخرَج النحاس ، وَابن الضريس ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : نزلت سورة القصص بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال : أنزلت سورة القصص بمكة.
وأخرج أحمد والطبراني ، وَابن مردويه بسند جيد عن معدي كرب قال : أتينا عبد الله بن مسعود فسألناه أن يقرأ علينا (طسم) المائتين فقال : ما هي معي ولكن عليكم بمن أخذها من رسول الله صلى الله عليه وسلم خباب بن الأرث فأتيت خباب بن الأرث فقلت : كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ (طسم) أو (طس) فقال : كل ، ، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ.
- طسم * تلك آيات الكتاب المبين * نتلوا عليك من نبإ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون * إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي قال : كان من شأن فرعون انه رأى رؤيا في منامه : أن نارا أقبلت من بيت المقدس حتى اذا اشتملت على بيوت
(11/421)
1
مصر أحرقت القبط وتركت بني اسرائيل فدعا السحرة والكهنة والعافة والزجرة ، وهم العافة الذين يزجرون الطير فسألهم عن رؤياه فقالوا له : يخرج من هذا البلد الذي جاء بنو اسرائيل منه - يعنون بيت المقدس - رجل يكون على وجهه هلاك مصر ، فأمر بني اسرائيل ان لا يولد لهم ولد إلا ذبحوه ولا يولد لهم
جارية إلا تركت وقال للقبط : انظروا مملوكيكم الذين يعملون خارجا فادخلوهم واجعلوا بني اسرائيل يلون تلك الاعمال القذرة فجعلوا بني اسرائيل في أعمال غلمانهم ، فذلك حين يقول {إن فرعون علا في الأرض} يقول : تجبر في الأرض {وجعل أهلها شيعا} يعني بني اسرائيل {يستضعف طائفة منهم} حين جعلهم في الاعمال القذرة وجعل لا يولد لبني اسرائيل مولود إلا ذبح فلا يكبر صغير ، وقذف الله في مشيخة بني اسرائيل الموت فأسرع فيهم ، فدخل رؤوس القبط على فرعون فكلموه فقالوا : ان هؤلاء القوم قد وقع فيهم الموت فيوشك ان يقع العمل على غلماننا تذبح أبناءهم فلا يبلغ الصغار فيعينون الكبار فلو انك كنت تبقى من أولادهم ، فأمر ان يذبحوا سنة ويتركوا سنة فلما كان في السنة التي لا يذبحون
(11/422)
1
فيها ولد هرون عليه السلام ، فترك فلما كان في السنة التي يذبحون فيها حملت أم موسى بموسى عليه الصلاة والسلام فلما أرادت وضعه حزنت من شأنه فلما وضعته أرضعته ثم دعت له نجارا وجعلت له تابوتا وجعلت مفتاح التابوت من داخل وجعلته فيه وألقته في اليم بين أحجار عند بيت فرعون فخرجن جواري آسية امرأة فرعون يغتسلن فوجدن التابوت فادخلنه إلى آسية وظنن ان فيه مالا ، فلما تحرك الغلام رأته آسية صبيا فلما نظرته آسية وقعت عليه رحمتها وأحبته ، فلما أخبرت به فرعون أراد أن يذبحه فلم تزل آسية تكلمه حتى تركه لها وقال : اني أخاف ان يكون هذا من بني اسرائيل وان يكون هذا الذي على يديه هلاكنا ، فبينما هي ترقصه وتلعب به اذ ناولته فرعون وقالت : خذه {قرة عين لي ولك} القصص الآية 9 قال فرعون : هو قرة عين لك - قال عبد الله بن عباس : ولو قال هو قرة عين لي اذا لآمن به ولكنه ابى - فلما أخذه اليه أخذ موسى عليه السلام بلحيته فنتفها فقال فرعون : علي بالذباحين هو ذا ، قالت آسية : لا تقتله {عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا} القصص الآية 9 إنما هو
(11/423)
1
صبي لا يعقل وانما صنع هذا من صباه أنا أضع له حليا من الياقوت وأضع له جمرا فإن أخذ الياقوت فهو يعقل اذبحه وان أخذ الجمر فانما
هو صبي فاخرجت له ياقوتا ووضعت له طستا من جمر فجاء جبريل عليه السلام فطرح في يده جمرة فطرحها موسى عليه السلام في فيه فاحرقت لسانه فارادوا له المرضعات فلم يأخذ من أحد من النساء وجعلن النساء يطلبن ذلك لينزلن عند فرعون في الرضاع فأبى ان يأخذ ، فجاءت أخته فقالت : {هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون} فأخذوها فقالوا : انك قد عرفت هذا الغلام فدلينا على أهله فقالت : ما أعرفه ولكن إنما هم للملك ناصحون ، فلما جاءته أمه أخذ منها ، وكادت تقول : هو ابني ، فعصمها الله فذلك قوله {إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين} قال : قد كانت من المؤمنين ولكن بقول : {إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين} قال السدي : وانما سمى موسى لأنهم وجدوه في ماء وشجر والماء بالنبطية مو الشجر سى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله !
(11/424)
1
{نتلوا عليك من نبإ موسى وفرعون} يقول : في هذا القرآن نبؤهم {إن فرعون علا في الأرض} أي بغى في الأرض {وجعل أهلها شيعا} أي فرقا.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وجعل أهلها شيعا} قال : فرق بينهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وجعل أهلها شيعا} قال : يتعبد طائفة ويقتل طائفة ويستحي طائفة ، أما قوله تعالى {إنه كان من المفسدين}.
أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : لقد ذكر لنا انه كان يأمر بالقصب فيشق حتى يجعل أمثال الشفار ثم يصف بعضه إلى بعض ثم يؤتى بحبالى
(11/425)
1
من بني اسرائيل فيوقفن عليه فيجز أقدامهن حتى ان المرأة منهم لتضع بولدها فيقع بين رجليها فتظل تطؤه وتتقي به حد القصب عن رجليها لما بلغ من جهدها ، حتى أسرف في ذلك وكان يفنيهم قيل له : أفنيت الناس وقطعت النسل وانما هم خولك وعمالك فتأمر أن يقتلوا الغلمان وولد موسى عليه السلام في
السنة التي فيها يقتلون وكان هرون عليه السلام أكبر منه بسنة فلما أراد بموسى عليه السلام ما أراد واستنقاذ بني اسرائيل مما هم فيه من البلاء أوحى الله إلى أم موسى حين تقارب ولادها {أن أرضعيه} القصص الآية 7.
- قوله تعالى : ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين * ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون.
أخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله {ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض} قال : يوسف وولده.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله !
(11/426)
1
{ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض} قال : هم بنو اسرائيل {ونجعلهم أئمة} أي هم ولاة الامر {ونجعلهم الوارثين} أي يرثون الأرض بعد فرعون وقومه {ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون} قال : ما كان القوم حذروه.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {ونجعلهم الوارثين} قال : يرثون الأرض بعد آل فرعون وفي قوله {ونري فرعون} الآية قال : كان حاز يحزي لفرعون فقال : انه يولد في هذا العام غلام يذهب بملككم وكان فرعون {يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم} حذرا لقول الحازي فذلك قوله {ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله قال : قال عمر رضي الله عنه : اني استعملت عمالا لقول الله {ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض}.
- قوله تعالى : وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولاتحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين * فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين.
(11/427)
1
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {وأوحينا إلى أم موسى} يقول : ألهمناها الذي صنعت بموسى.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وأوحينا إلى أم موسى} قال : قذف في نفسها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه} قال : وحي جاءها عن الله قذف في قلبها وليس بوحي نبوة {فإذا خفت عليه فألقيه في اليم} قال : فجعلته في تابوت فقذفته في البحر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عبد الرحمن الحبلي قال : ان الله أوحى إلى أم موسى حين وضعت {أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم} فلما خافت عليه جعلته في التابوت وجعلت المفتاح مع التابوت وطرحته في البحر وخرجت امرأة فرعون إلى البحر وابنة لفرعون برصاء فرأوا سوادا في البحر فأخرج التابوت اليهم فبدرت ابنة فرعون وهي برصاء إلى التابوت فوجدت موسى في التابوت وهو مولود فأخذته فبرأت من برصها.
(11/428)
1
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأعمش رضي الله عنه قال : قال ابن عباس رضي الله عنهما : في قوله {فإذا خفت عليه} قال : ان يسمع جيرانك صوته.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه} قال : فجعلته في بستان فكانت تأتيه في كل يوم مره فترضعه وتأتيه في كل ليله فترضعه فيكفيه ذلك {فإذا خفت عليه} قال : اذا بلغ أربعة أشهر وصاح وابتغى من الرضاع أكثر من ذلك ، فذلك قوله فاذا خفت عليه فالقيه في اليم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {ولا تخافي} قال : لا تخافي عليه البحر {ولا تحزني} يقول : ولا تحزني لفراقه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا} قال : في دينهم {وحزنا} قال : لما يأتيهم به.
- قوله تعالى : وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون.
(11/429)
1
أخرج ابن جرير عن محمد بن قيس قال : قالت : امرأة فرعون {قرة عين لي ولك لا تقتلوه} قال فرعون : قرة عين لك ، أما لي فلا قال محمد بن قيس : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو قال فرعون قرة عين لي ولك لكان لهما جميعا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك} تعني بذلك : موسى عليه السلام {عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا} قال : ألقيت عليه رحمتها حين ابصرته {وهم لا يشعرون} ان هلاكهم على يديه وفي زمانه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وهم لا يشعرون} قال : آل فرعون انه عدو لهم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {وهم لا يشعرون} قال : ما يصيبهم من عاقبة أمره.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في الآية قال : لا يشعرون ان هلاكهم على يديه والله تعالى أعلم.
(11/430)
1
- قوله تعالى : وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله {وأصبح فؤاد أم موسى فارغا} قال : من ذكر كل شيء من أمر الدنيا إلا من ذكر موسى.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وأصبح فؤاد أم موسى فارغا} قال : خاليا من كل شيء غير ذكر موسى عليه السلام وفي قوله {إن كادت لتبدي به} قال : تقول يا ابناه.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه {وأصبح فؤاد أم موسى فارغا} قال : من كل شيء غير هم موسى عليه السلام.
وأخرج الفريابي عن عكرمة رضي الله عنه {وأصبح فؤاد أم موسى فارغا}
قال : من كل شيء من أمر الدنيا والآخرة إلا من هم موسى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه {وأصبح فؤاد أم موسى فارغا} قال : من كل شيء إلا من ذكر موسى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مغيث بن سمي أو عن أبي عبيدة في قوله {إن كادت لتبدي به} قال : لتقول : أنا أمه .
(11/431)
1
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : (إن كادت لتبدي به) . أي لتنبى ء انه ابنها من شدة وجدها {لولا أن ربطنا على قلبها} قال : ربط الله على قلبها بالايمان.
- قوله تعالى : وقالت لأخته قصيه فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون.
أخرج الفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وقالت لأخته قصيه} أي اتبعي أثره {فبصرت به عن جنب} قال : عن جانب.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وقالت لأخته قصيه} أي اتبعي أثره كيف يصنع به {فبصرت به عن جنب} قال : عن بعد {وهم لا يشعرون} قال : آل فرعون انه عدو لهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وقالت لأخته قصيه} قال : قصي أثره !
(11/432)
1
{فبصرت به عن جنب} يقول : بصرت به وهي مجانبة لهم {وهم لا يشعرون} انها أخته قال : جعلت تنظر إليه وكأنها لا تريده.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : اسم أخت موسى يواخيد وأمه يحانذ.
وأخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق عن أبي رواد رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لخديجة رضي الله عنها اما علمت ان الله قد زوجني معك في الجنة مريم بنت عمران وكلثوم أخت موسى وآسية امرأة فرعون قالت : وقد فعل الله ذلك يا رسول الله قال : نعم ، قالت : بالرفاه والبنين.
وأخرج الطبراني ، وَابن عساكر عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شعرت ان الله زوجني مريم بنت عمران وكلثوم أخت موسى وامرأة فرعون فقلت : هنيئا لك يا رسول الله.
(11/433)
1
- قوله تعالى : وحرمنا عليه المراضع من قبل فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون * فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون.
أخرج الفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وحرمنا عليه المراضع من قبل} قال : لا يؤتى بمرضع فيقبلها.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد {وحرمنا عليه المراضع من قبل} قال : لا يقبل ثدي امرأة حتى يرجع إلى أمه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه قال : حين قالت {هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون} قالوا : قد عرفتيه فقالت : إنما أردت الملك هم للملك ناصحون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وحرمنا عليه المراضع} قال : جعل لا يؤتى بامرأة إلا لم يأخذ ثديها وفي قوله {ولتعلم أن وعد الله حق} قال : وعدها انه راده اليها وجاعله من المرسلين ففعل الله بها ذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عمران الجوني رضي الله عنه قال : كان فرعون يعطي أم
(11/434)
1
موسى على رضاع موسى كل يوم دينارا.
وأخرج أبو داود في المراسيل عن جبير بن نفير رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الذين يغزون من أمتي ويأخذون الجعل يعني : يتقوون على عدوهم ، مثل أم موسى ترضع ولدها وتأخذ أجرها.
- قوله تعالى : ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين.
أخرج عَبد بن حُمَيد ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والمحاملي في أماليه عن طريق مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولما بلغ أشده} قال : ثلاثا وثلاثين سنة {واستوى} قال : أربعين سنة.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب المعمرين من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولما بلغ أشده واستوى} قال : الاشد ما بين الثماني عشرة إلى الثلاثين والاستواء ما بين الثلاثين والأربعين فاذا زاد على الأربعين أخذ في النقصان.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {ولما بلغ أشده} قال : ثلاثا وثلاثين سنة {واستوى} قال : أربعين سنة {آتيناه حكما وعلما} قال : الحكم والفقه
(11/435)
1
والعقل والعلم قال : النبوة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي قبيصة رضي الله عنه في الآية قال : يعني بالاستواء : خروج لحيته.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {ولما بلغ أشده} قال : ثلاثا وثلاثين سنة {واستوى} قال : أربعين سنة.
- قوله تعالى : ودخل المدينه على حين غفله من أهلها فوجد فيها رجلان يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه فاستغثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مبين.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي : ان فرعون ركب مركبا وليس عنده موسى فلما جاء موسى عليه السلام قيل له : ان فرعون قد ركب ، فركب في أثره ، فأدركه المقيل بأرض يقال لها منف فدخلها نصف النهار وقد تغلقت أسواقها وليس في طرقها أحد ، وهي التي يقول الله تعالى {ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها}.
(11/436)
1
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ودخل المدينة على حين غفلة} قال : نصف النهار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {ودخل المدينة على حين غفلة} قال : نصف النهار والناس قائلون.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : دخلها عند القائلة بالظهيرة والناس نائمون ، وذلك أغفل ما يكون الناس.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {حين غفلة} قال : ما بين المغرب والعشاء.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {على حين غفلة} قال : ما بين المغرب والعشاء عن أناس وقال آخرون : نصف النهار وقال ابن عباس : أحدهما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فوجد فيها رجلين
(11/437)
1
يقتتلان هذا من شيعته} قال : اسرائيلي {وهذا من عدوه} قال : قبطي {فاستغاثه الذي من شيعته} الاسرائيلي {على الذي من عدوه} القبطي {فوكزه موسى فقضى عليه} قال : فمات قال : فكبر ذلك على موسى عليه الصلاة والسلام.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فاستغاثه الذي من شيعته} قال : من قومه من بني اسرائيل ، وكان فرعون من فارس من اصطخر {فوكزه موسى} قال : بجمع كفه.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فوكزه موسى} قال : بعصا ولم يتعمد قتله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : الذي وكزه موسى كان خبازا لفرعون.
وأخرج أحمد في الزهد عن وهب رضي الله عنه قال : قال الله عز وجل (بعزتي يا ابن عمران لو أن هذه النفس التي وكزت فقتلت اعترفت لي ساعة من ليل أو نهار
باني لها خالق أو رازق لاذقتك فيها طعم العذاب ، ولكني عفوت عنك في أمرها انها لم تعترف لي ساعة من ليل أو نهار اني لها خالق أو رازق).
(11/438)
1
- قوله تعالى : قال رب ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم.
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {إني ظلمت نفسي} قال : بلغني أنه من أجل أنه لا ينبغي لنبي أن يقتل حتى يؤمر ، فقتله ولم يؤمر.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {قال رب إني ظلمت نفسي} قال : عرف نبي الله عليه السلام من أين المخرج ، فاراد المخرج فلم يلق ذنبه على ربه ، قال بعض الناس : أي من جهة المقدور.
- قوله تعالى : قال رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {فلن أكون ظهيرا للمجرمين} قال : معينا للمجرمين.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فلن أكون ظهيرا للمجرمين} قال : ان أعين بعدها ظالما على فجره.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عبيد الله بن الوليد الرصافي رضي الله عنه ، أنه سأل عطاء بن أبي رباح عن أخ له كاتب ليس يلي من أمور
(11/439)
1
السلطان شيئا إلا أنه يكتب لهم بقلم ما يدخل وما يخرج فان ترك قلمه صار عليه دين واحتجاج وان أخذ به كان له فيه غنى قال : يكتب لمن قال : لخالد بن عبد الله القسري قال : ألم تسمع إلى ما قال العبد الصالح {رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين} فلا يهتم بشيء وليرم بقلمه فان الله سيأتيه برزق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي حنظلية جابر بن حنظلة الكاتب الضبي قال : قال رجل لعامر : يا أبا عمرو اني رجل كاتب أكتب ما يدخل وما يخرج آخذ ورقا استغني به أنا وعيالي قال : فلعلك تكتب في دم يسفك قال : لا ، قال :
فلعلك تكتب في مال يؤخذ قال : لا ، قال : فلعلك تكتب في دار تهدم قال : لا ، قال : أسمعت بما قال موسى عليه الصلاة والسلام {رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين} قال : رضي الله عنه قال : صليت إلى جنب ابن عمر رضي الله عنهما العصر فسمعته يقول في ركوعه {رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين}.
(11/440)
1
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن سلمة بن نبيط رضي الله عنه قال : بعث عبد الرحمن ابن مسلم إلى الضحاك فقال : اذهب بعطاء أهل بخاري فاعطهم فقال : اعفني فلم يزل يستعفيه حتى أعفاه فقال له بعض أصحابه : ما عليك أن تذهب فتعطيهم وأنت لا ترزؤهم شيئا فقال : لا أحب أن أعين الظلمة على شيء من أمرهم.
- قوله تعالى : فأصبح في المدينة خائفا يترقب فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه قال لع موسى إنك لغوي مبين * فلما أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما قال يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين.
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {فأصبح في المدينة خائفا} قال : خائفا أن يؤخذ.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {يترقب} قال : يتلفت.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {يترقب} قال : يتوحش.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه} قال : هو صاحب موسى الذي استنصره بالامس.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة قال :
(11/441)
1
الذي استنصره : هو الذي استصرخه.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه {فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه} قال : الاستصراخ : الاستغاثة ، قال : والاستنصار والاستصراخ واحد {قال له موسى إنك لغوي مبين} فاقبل عليه موسى عليه السلام فظن الرجل أنه يريد قتله فقال : يا موسى {أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس} قال : قبطي قريب منهما يسمعهما فافشى عليهما.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {فلما أن أراد أن يبطش} قال : ظن الذي من شيعته انما يريده فذلك قوله {أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس} أنه لم يظهر على قتله أحد غيره ، فسمع قوله {أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس} عدوهما فأخبر عليه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن الشعبي قال : من قتل رجلين فهو جبار ثم تلا هذه الآية {أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال : لا يكون الرجل جبارا حتى يقتل نفسين.
(11/442)
1
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عمران الجوني قال : آية الجبابرة القتل بغير حق ، والله أعلم.
- قوله تعالى : وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين * فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين.
أخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى} قال : مؤمن آل فرعون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن شعيب الجبائي قال : كان اسم الذي قال لموسى {إن الملأ يأتمرون بك} شمعون.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى} قال : يعمل ليس بالسيد ، اسمه حزقيل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي قال : ذهب القبطي فافشى عليه : أن موسى هو الذي قتل الرجل فطلبه فرعون وقال : خذوه فانه الذي
(11/443)
1
قتل صاحبنا وقال الذين يطلبونه : اطلبوه في ثنيات الطريق فان موسى غلام لا يهتدي للطريق ، وأخذ موسى عليه السلام في ثنيات الطريق وقد جاءه الرجل فأخبره {إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين} فلما أخذ في ثنيات الطريق جاءه ملك على فرس بيده عنزة فلما رآه موسى عليه السلام سجد له من الفرق ، فقال : لا تسجد لي ولكن اتبعني فتبعه وهداه نحو مدين ، فانطلق الملك حتى انتهى به إلى المدين فلما أتى الشيخ وقص عليه القصص {قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين} القصص الآية 25 فأمر احدى ابنتيه أن تأتيه بعصا ، وكانت تلك العصا عصا استودعه إياها ملك في صورة رجل فدفعها إليه فدخلت الجاريه فأخذت العصا فأتته بها فلما رآها الشيخ قال لإبنته إئتيه بغيرها ، فالقتها وأخذت تريد غيرها فلا يقع في يدها إلا هي وجعل يرددها وكل ذلك لايخرج في يدها غيرها فلما رآى ذلك عهد إليه فأخرجها معه فرعى بها ثم إن الشيخ ندم وقال : كانت وديعة فخرج
(11/444)
1
يتلقى موسى عليه السلام فلما رآه قال : اعطني العصا ، فقال موسى عليه السلام : هي عصاي فأبى أن يعطيه فاختصما فرضيا أن يجعلا بينهما أول رجل يلقاهما ، فاتاهما ملك يمشي فقضى بينهما فقال : ضعوها في الأرض فمن حملها فهي له ، فعالجها الشيخ فلم يطقها وأخذها موسى عليه السلام بيده فرفعها فتركها له الشيخ فرعى له عشر سنين.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى} قال : هو مؤمن آل فرعون جاء يسعى وفي قوله {فخرج منها خائفا يترقب} قال : أن يأخذه الطلب.
- قوله تعالى : ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل.
أخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {ولما توجه تلقاء مدين} قال : عرضت لموسى عليه السلام أربعة طرق فلم يدر أيتها يسلك فقال {عسى ربي أن يهديني سواء السبيل} فأخذ طريق مدين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {تلقاء مدين} قال : مدين ماء كان عليه شعيب.
(11/445)
1
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {عسى ربي أن يهديني سواء السبيل} قال : قصد السبيل : الطريق إلى مدين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {عسى ربي أن يهديني سواء السبيل} قال : الطريق المستقيم قال : فالتقى والله يومئذ خير أهل الأرض ، شعيب وموسى بن عمران.
وأخرج أحمد في الزهد عن كعب بن علقمة رضي الله عنه قال : ان موسى عليه السلام لما خرج هاربا من فرعون قال : رب أوصني قال أوصيك أن لا تعدل بي شيئا أبدا إلا اخترتني عليه فاني لا أرحم ولا أزكى من لم يكن كذلك قال : وبماذا يا رب قال : بأمك فانها حملتك وهنا على وهن قال : ثم بماذا
(11/446)
1
يا رب قال : ان أوليتك شيئا من أمر عبادي فلا تعيهم اليك في حوائجهم فانك انما تعي روحي فاني مبصر ومسمع ومشهد.
- قوله تعالى : ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير * فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير * فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلما جاءه قص عليه القصص قال
لا تخف نجوت من القوم الظالمين * قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين * قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدني إنشاء الله من الصالحين * قال ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي والله على ما نقول وكيل.
أخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : خرج موسى عليه السلام خائفا جائعا ليس معه زاد حتى انتهى إلى ماء مدين وعليه أمة من الناس يسقون وامرأتان جالستان بشياههما فسالهما ما خطبكما {قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير} قال : فهل قربكما ماء قالتا : لا ، إلا بئر عليها صخرة قد غطيت بها لا يطيقها نفر قال : فانطلقا فاريانيها ، فانطلقتا معه فقال بالصخرة بيده فنحاها ثم استقى لهما سجلا واحدا فسقى الغنم ثم أعاد الصخرة إلى مكانها ثم تولى إلى الظل
(11/447)
1
فقال : {رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير} فسمعتا ما قال فرجعتا إلى أبيهما فاستنكر سرعة مجيئهما فسألهما فاخبرتاه فقال لاحداهما : انطلقي فادعيه فاتته فقالت : {إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا} فمشيت بين يديه فقال لها : امشي خلفي فاني امرؤ من عنصر إبراهيم لا يحل لي أن أنظر منك ما حرم الله علي وارشديني الطريق ، {فلما جاءه وقص عليه القصص} ، قالت احداهما : {يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين} قال لها أبوها : ما رأيت من قوته وأمانته فأخبرته بالأمر الذي كان قالت : أما قوته فانه قلب الحجر وحده وكان لا يقلبه إلا النفر.
وَأَمَّا أمانته فانه قال : امشي خلفي وارشديني الطريق لاني امرؤ من عنصر إبراهيم عليه السلام لا يحل لي منك ما حرم الله تعالى ، قيل لابن عباس رضي الله عنهما ، أي الاجلين قضى موسى عليه السلام قال : أبرهما وأوفاهما.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة في المصنف ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : ان موسى عليه السلام لما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون فلما فرغوا أعادوا الصخرة على البئر ولا يطيق رفعها إلا عشرة رجال فاذا هو بامرأتين {قال ما خطبكما} فحدثتاه ، فأتى الصخرة فرفعها وحده ثم استقى فلم
(11/448)
1
يستق إلا دلوا واحدا حتى رويت الغنم ، فرجعت+ المرأتان إلى أبيهما فحدثتاه وتولى موسى عليه السلام إلى الظل {فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير} قال : {فجاءته إحداهما تمشي على استحياء} واضعه ثوبها على وجهها ليست بسلفع من الناس خراجة ولاجة {قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا} فقام معها موسى عليه السلام فقال لها : امشي خلفي وانعتي لي الطريق فاني أكره أن تصيب الريح ثيابك فتصف جسدك ، فلما انتهى إلى أبيها قص عليه فقالت احداهما {يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين} قال : يا بنية ما علمك بأمانته وقوته قالت : أما قوته ، فرفعه الحجر ولا يطيقه إلا عشرة رجال وأما أمانته فقال : امشي خلفي وانعتي لي الطريق فاني أكره أن تصيب الريح ثيابك فتصف لي جسدك ، فزاده ذلك رغبة فيه فقال {إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين} إلى قوله {ستجدني إن شاء الله من الصالحين} أي في حسن الصحبة والوفاء بما قلت قال موسى عليه السلام {ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي} قال : نعم ، {قال الله على ما نقول وكيل} فزوجه وأقام معه يكفيه ويعمل له في رعاية غنمه وما يحتاج اليه وزوجه صفورا
(11/449)
1
وأختها شرفا وهما التي كانتا تذودان.
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولما ورد ماء مدين} قال : ورد الماء حيث ورد وانه لتتراءى خضرة البقل من بطنه من الهزال.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : خرج موسى عليه السلام من مصر إلى مدين وبينه وبينها ثمان ليال ، ولم يكن له طعام إلا ورق الشجر وخرج اليها حافيا فما وصل حتى وقع خف قدمه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة {ولما ورد ماء مدين} قال : كان مسيره خمسة وثلاثين يوما.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {أمة من الناس يسقون} قال : اناسا ، وفي قوله {إني لما أنزلت إلي من خير فقير} قال : من طعام.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ووجد من دونهم امرأتين} قال : أسماؤهم ، ليا وصفورا ولهما أربع أخوات صغار يسقين
(11/450)
1
الغنم في الصحاف.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله {تذودان} قال : تحبسان.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله {تذودان} قال : تحبسان غنمهما حتى يفرغ الناس وتخلو لهما البئر.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله {قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء} قال : تنتظران ان تسقيا من فضول ما في حياضهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم انه قرأ {حتى يصدر الرعاء} برفع الياء وكسر الراء في الرعاء.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لقد قال موسى عليه السلام {رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير} وهو أكرم خلقه عليه ولقد افتقر إلى شق تمرة ولقد لصق بطنه بظهره من شدة الجوع.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إني لما أنزلت
(11/451)
1
إلي من خير فقير} قال : سأل فلقا من الخبز يشد بها صلبه من الجوع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما هرب موسى عليه السلام من فرعون أصابه جوع كانت ترى أمعاؤه من ظاهر الثياب {فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير}.
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سقى موسى للجاريتين {ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير} قال : انه يومئذ فقير إلى كف من تمر.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {إني لما أنزلت إلي من خير فقير} قال : شبعه يومئذ.
وأخرج الفريابي وأحمد عن مجاهد قال : ما سأل إلا طعاما يأكله.
وأخرج الفريابي وأحمد عن إبراهيم التيمي رضي الله عنه {إني لما أنزلت إلي من خير فقير} قال : ما كان معه رغيف ولا درهم.
(11/452)
1
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن أبي الهذيل عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قوله {تمشي على استحياء} قال : جاءت مستترة بكم درعها على وجهها ، وأخرجه ابن المنذر عن ابن أبي الهذيل موقوفا عليه.
وأخرج أحمد عن مطرف بن الشخير رضي الله عنه قال : أما والله لو كان عند نبي الله شيء ما تبع مذقتها ولكن حمله على ذلك الجهد.
وأخرج ابن عساكر عن أبي حازم قال : لما دخل موسى عليه السلام على شعيب عليه السلام اذا هو بالعشاء فقال له شعيب عليه السلام : كل ، قال موسى عليه السلام : أعوذ بالله قال