تفسير الطبري جامع البيان ط هجر 006

عدد الزوار 255 التاريخ 15/08/2020

  
 
 
 
الكتاب: تفسير الطبري = جامع البيان عن تأويل آي القرآن
المؤلف: محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري (المتوفى: 310هـ)
 
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ , قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ , عَنِ ابْنِ عَوْنٍ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ , قَالَ: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْكَبَائِرَ , فِيمَا بَيْنَ أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ , سُورَةِ النِّسَاءِ , إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ. {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ} [النساء: 31] "
(6/642)
 
 
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا آدَمُ الْعَسْقَلَانِيُّ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ , عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ , عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ , عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: الْكَبَائِرُ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ النِّسَاءِ إِلَى ثَلَاثِينَ آيَةً مِنْهَا. ثُمَّ تَلَا: {إِنْ تَجْتَنِبًوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} [النساء: 31] "
(6/642)
 
 
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا مِسْعَرٌ , عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ , [ص:643] عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: الْكَبَائِرُ: مَا بَيْنَ أَوَّلِ سُورَةِ النِّسَاءِ إِلَى رَأْسِ الثَّلَاثِينَ " وَقَالَ آخَرُونَ: الْكَبَائِرُ سَبْعٌ
(6/642)
 
 
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ , قَالَ: ثنا يَزِيدُ , قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ: إِنِّي لَفِي هَذَا الْمَسْجِدِ مَسْجِدَ الْكُوفَةِ , وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَخْطُبُ النَّاسَ عَلَى الْمِنْبَرِ , فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ: إِنَّ الْكَبَائِرَ سَبْعٌ , فَأَصَاخَ النَّاسُ , فَأَعَادَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ , ثُمَّ قَالَ: أَلَا تَسْأَلُونِي عَنْهَا؟ قَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا هِيَ؟ قَالَ: الْإشْرَاكُ بِاللَّهِ , وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ , وَقَذْفُ الْمُحْصَنَةِ , وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ , وَأَكْلُ الرِّبَا , وَالْفِرَارُ يَوْمَ الزَّحْفِ , وَالتَّعَرُّبُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ. فَقُلْتُ لِأَبِي: يَا أَبَتِ التَّعَرُّبُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ , كَيْفَ لَحِقَ هَاهُنَا؟ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ , وَمَا أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُهَاجِرَ الرَّجُلُ , حَتَّى إِذَا وَقَعَ سَهْمُهُ فِي الْفَيْءِ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْجِهَادُ , خَلَعَ ذَلِكَ مِنْ عُنُقِهِ فَرَجَعَ أَعْرَابِيًّا كَمَا كَانَ "
(6/643)
 
 
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ , قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ سَلَّامُ بْنُ سُلَيْمٍ , عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ , عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ , قَالَ: " الْكَبَائِرُ سَبْعٌ لَيْسَ مِنْهُنَّ كَبِيرَةٌ [ص:644] إِلَّا وَفِيهَا آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ , الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ مِنْهُنَّ: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ} [الحج: 31] وَ {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا} [النساء: 10] وَ {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [البقرة: 275] وَ {الَّذِينَ يَرْمُونَ} [النور: 23] الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ} [الأنفال: 15] وَالتَّعَرُّبُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ: {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى} [محمد: 25] وَقَتْلُ النَّفْسِ "
(6/643)
 
 
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثنا جَرِيرٌ , عَنْ مَنْصُورٍ , عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ , عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ: " الْكَبَائِرُ سَبْعٌ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج: 31] وَقَتْلُ النَّفْسِ: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء: 93] الْآيَةَ , وَأَكْلُ الرِّبَا: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [البقرة: 275] الْآيَةُ , وَأَكْلُ أَمْوَالِ الْيَتَامَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء: 10] الْآيَةُ , وَقَذْفُ الْمُحْصَنَةِ: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ} [النور: 23] الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْآيَةُ , وَالْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} [الأنفال: 16] إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ الْآيَةُ. وَالْمُرْتَدُّ أَعْرَابِيًّا بَعْدَ هِجْرَتِهِ: {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى} [محمد: 25] الْآيَةُ "
(6/644)
 
 
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ , عَنِ ابْنِ عَوْنٍ , عَنْ مُحَمَّدٍ , قَالَ: سَأَلْتُ عَبِيدَةَ عَنِ الْكَبَائِرِ , فَقَالَ: " الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ , وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ بِغَيْرِ [ص:645] حَقِّهَا , وَفِرَارٌ يَوْمَ الزَّحْفِ , وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ بِغَيْرِ حَقِّهِ , وَأَكْلُ الرِّبَا , وَالْبُهْتَانُ. قَالَ: وَيَقُولُونَ أَعْرَابِيَّةٌ بَعْدَ هِجْرَةٍ. قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: فَقُلْتُ لِمُحَمَّدٍ فَالسِّحْرُ؟ قَالَ: إِنَّ الْبُهْتَانَ يَجْمَعُ شَرًّا كَثِيرًا "
(6/644)
 
 
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ , قَالَ: أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ , وَهِشَامٌ , عَنِ ابْنِ سِيرِينَ , عَنْ عَبِيدَةَ , أَنَّهُ قَالَ: " الْكَبَائِرُ: الْإِشْرَاكُ , وَقَتْلُ النَّفْسِ الْحَرَامِ , وَأَكْلُ الرِّبَا , وَقَذْفُ الْمُحْصَنَةِ , وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ , وَالْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ , وَالْمُرْتَدُّ أَعْرَابِيًّا بَعْدَ هِجْرَتِهِ " حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ قَالَ: ثنا هِشَامٌ , عَنِ ابْنِ سِيرِينَ , عَنْ عَبِيدَةَ , بِنَحْوِهِ
(6/645)
 
 
وَعِلَّةُ مَنْ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ مَا: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ , قَالَ: أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ , قَالَ: ثني خَالِدٌ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ , عَنْ نُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ , قَالَ: أَخْبَرَنِي صُهَيْبٌ , مَوْلَى الْعُتْوَارِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ مِنَ أَبِي هُرَيْرَةَ , وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ يَقُولَانِ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا , فَقَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ , ثُمَّ أَكَبَّ , فَأَكَبَّ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا يَبْكِي لَا يَدْرِي عَلَى مَاذَا حَلَفَ. ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَفِي وَجْهِهِ الْبِشْرُ , فَكَانَ أَحَبَّ إِلَيْنَا مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ , فَقَالَ: " مَا مِنْ عَبْدٍ يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ , وَيَصُومُ رَمَضَانَ , وَيُخْرِجُ الزَّكَاةَ , وَيَجْتَنِبُ الْكَبَائِرَ السَّبْعَ , إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ , ثُمَّ قِيلَ: ادْخُلْ بِسَلَامٍ "
(6/645)
 
 
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ , قَالَ: ثنا شِبْلٌ , عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ , عَنْ عَطَاءٍ , قَالَ: " الْكَبَائِرُ سَبْعٌ: قَتْلُ النَّفْسِ , وَأَكْلُ الرِّبَا , وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ , وَرَمْي الْمُحْصَنَةِ , وَشَهَادَةُ الزُّورِ , وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ , وَالْفِرَارُ يَوْمَ الزَّحْفِ " وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ تِسْعٌ
(6/646)
 
 
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ , قَالَ: أَخْبَرَنَا زِيَادُ بْنُ مِخْرَاقٍ , عَنْ طَيْسَلَةَ بْنِ مَيَّاسٍ , قَالَ: كُنْتُ مَعَ الْحَدَثَانِ , فَأَصَبْتُ ذَنُوبًا لَا أُرَاهَا إِلَّا مِنَ الْكَبَائِرِ , فَلَقِيتُ ابْنَ عُمَرَ , فَقُلْتُ: إِنِّي أُصِيبُ ذَنُوبًا لَا أُرَاهَا إِلَّا مِنَ الْكَبَائِرِ قَالَ: وَمَا هِيَ؟ قُلْتُ: كَذَا وَكَذَا. قَالَ: لَيْسَ مِنَ الْكَبَائِرِ , قَالَ: لِشَيْءٍ لَمْ يَسْمَعْهُ طَيْسَلَةُ , قَالَ: هِيَ تِسْعٌ , وَسَأَعُدُّهُنَّ عَلَيْكَ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ , وَقَتْلُ النَّسَمَةِ بِغَيْرِ حِلِّهَا , وَالْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ , وَقَذْفُ الْمُحْصَنَةِ , وَأَكْلُ الرِّبَا , وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ ظُلْمًا , وَإِلْحَادٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ , وَالَّذِي يَسْتَسْحِرُ وَبُكَاءُ الْوَالِدَيْنِ مِنَ الْعُقُوقِ. قَالَ ابْنُ زِيَادٍ: وَقَالَ طَيْسَلَةُ: لَمَّا رَأَى ابْنُ عُمَرَ فَرَقِي قَالَ: أَتَخَافُ النَّارَ أَنْ تَدْخُلَهَا؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: وَتُحِبُّ أَنْ تَدْخُلَ الْجَنَّةَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: أَحَيٌّ وَالِدُكَ؟ [ص:647] قُلْتُ: عِنْدِي أُمِّي. قَالَ: فَوَاللَّهِ لَئِنْ أَنْتَ أَلَنْتَ لَهَا الْكَلَامَ , وَأَطْعَمْتَهَا الطَّعَامَ , لَتَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ مَا اجْتَنَبْتَ الْمُوجِبَاتِ "
(6/646)
 
 
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ الْخَرَّازُ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَلْمُ بْنُ سَلَّامٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ بْنُ عُتْبَةَ , عَنْ طَيْسَلَةَ بْنِ عَلِيٍّ النَّهْدِيِّ قَالَ: أَتَيْتُ ابْنَ عُمَرَ , وَهُوَ فِي ظِلِّ أَرَاكٍ يَوْمَ عَرَفَةَ , وَهُوَ يَصُبُّ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ. قَالَ: قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنِ الْكَبَائِرِ. قَالَ: «هِيَ تِسْعٌ» , قُلْتُ: مَا هُنَّ؟ قَالَ: «الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ , وَقَذْفُ الْمُحْصَنَةِ ,» قَالَ: قُلْتُ: قَبْلَ الْقَتْلِ؟ قَالَ: «نَعَمْ , وَرَغْمًا , وَقَتْلُ النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ , وَالْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ , وَالسِّحْرُ , وَأَكْلُ الرِّبَا , وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ , وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ , وَالْإِلْحَادُ بِالْبَيْتِ الْحَرَامِ قِبْلَتِكُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا» حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ الْخَرَّازُ , قَالَ: أَخْبَرَنَا سَلْمُ بْنُ سَلَّامٍ , قَالَ: أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ بْنُ عُتْبَةَ , عَنْ يَحْيَى , عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بِمِثْلِهِ , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: بَدَأَ بِالْقَتْلِ قَبْلَ الْقَذْفِ [ص:648] وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ أَرْبَعٌ
(6/647)
 
 
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ , قَالَ: ثنا حَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ , عَنْ عَنبَسَةَ , عَنْ مُطَرِّفٍ , عَنْ وَبَرَةَ , عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ , قَالَ: " الْكَبَائِرُ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ , وَالْقَنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ , وَالْإِيَاسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ , وَالْأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ "
(6/648)
 
 
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُطَرِّفٌ , عَنْ وَبَرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: " أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ , وَالْإِيَاسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ , وَالْقَنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ , وَالْأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ "
(6/648)
 
 
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ وَبَرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ الْكَبَائِرَ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ , وَالْقَنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ , وَالْأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ , وَالْإِيَاسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ "
(6/648)
 
 
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَأَبُو السَّائِبِ قَالَا: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: سَمِعْتُ مُطَرِّفًا عَنْ وَبَرَةَ , عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: " الْكَبَائِرُ أَرْبَعٌ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ , وَالْقَنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ , وَالْيَأْسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ , وَالْأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ "
(6/648)
 
 
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ الْأَسَدِيُّ , قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ , قَالَ: أَخْبَرَنَا شَيْبَانُ , [ص:649] عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ وَبَرَةَ , عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ , قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: " أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ " حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ , قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ وَبَرَةَ , عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بِنَحْوِهِ
(6/648)
 
 
حَدَّثَنِي ابْنُ الْمُثَنَّى , قَالَ: ثني وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ , عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ , عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ , قَالَ: " الْكَبَائِرُ أَرْبَعٌ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ , وَالْأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ , وَالْإِيَاسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ , وَالْقَنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ " وَبِهِ قَالَ: شُعْبَةُ , عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ , عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ , بِمِثْلِهِ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ , عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ , عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ , بِنَحْوِهِ
(6/649)
 
 
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثنا جَرِيرٌ , عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ , عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ , عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: " الْكَبَائِرُ أَرْبَعٌ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ , وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ , وَالْأَمْنُ لِمَكْرِ اللَّهِ , وَالْإِيَاسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ "
(6/649)
 
 
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا أَبِي , عَنِ الْمَسْعُودِيِّ , عَنْ فُرَاتٍ الْقَزَّازِ , عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: " الْكَبَائِرُ: الْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ , وَالْإِيَاسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ , وَالْأَمْنُ لِمَكْرِ اللَّهِ , وَالشِّرْكُ بِاللَّهِ " وَقَالَ آخَرُونَ: كُلُّ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ فَهُوَ كَبِيرَةٌ
(6/650)
 
 
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ , عَنْ مَنْصُورٍ , عَنِ ابْنِ سِيرِينَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَالَ: ذُكِرَتْ عِنْدَهُ الْكَبَائِرَ , فَقَالَ: «كُلُّ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ فَهُوَ كَبِيرَةٌ»
(6/650)
 
 
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ , قَالَ: أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ , عَنْ مُحَمَّدٍ , قَالَ: أُنْبِئْتُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ , كَانَ يَقُولُ: " كُلُّ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ كَبِيرَةٌ , وَقَدْ ذَكَرْتُ الطَّرْفَةَ قَالَ: هِيَ النَّظْرَةُ "
(6/650)
 
 
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى , قَالَ: ثنا مُعْتَمِرٌ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ طَاوُسٍ , قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ: أَخْبِرْنِي بِالْكَبَائِرِ السَّبْعِ , قَالَ: فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «هِيَ أَكْثَرُ مِنْ سَبْعٍ وَتِسْعٍ. فَمَا أَدْرِي كَمْ قَالَهَا مِنْ مَرَّةٍ»
(6/650)
 
 
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ , عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ , عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: ذَكَرُوا عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ الْكَبَائِرَ , فَقَالُوا: هِيَ سَبْعٌ قَالَ: «هِيَ أَكْثَرُ مِنْ [ص:651] سَبْعٍ وَتِسْعٍ» . قَالَ سُلَيْمَانُ: فَلَا أَدْرِي كَمْ قَالَهَا مِنْ مَرَّةٍ "
(6/650)
 
 
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ , قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ , وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ , عَنْ عَوْفٍ , قَالَ: قَامَ أَبُو الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيُّ عَلَى حَلْقَةٍ أَنَا فِيهَا , فَقَالَ: إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ: «الْكَبَائِرُ سَبْعٌ , وَقَدْ خِفْتُ أَنْ تَكُونَ الْكَبَائِرُ سَبْعِينَ , أَوْ يَزِدْنَ عَلَى ذَلِكَ»
(6/651)
 
 
حَدَّثَنَا عَلِيٌّ , قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ , قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو , يُخْبِرُ عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْكَبَائِرِ , سَبْعٌ هِيَ؟ قَالَ: هِيَ إِلَى السَّبْعِينَ أَقْرَبُ "
(6/651)
 
 
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ , قَالَ: ثنا شِبْلٌ , عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: كَمِ الْكَبَائِرُ أَسَبْعٌ هِيَ؟ قَالَ: «إِلَى سَبْعِمِائَةٍ أَقْرَبُ مِنْهَا إِلَى سَبْعٍ , غَيْرَ أَنَّهُ لَا كَبِيرَةَ مَعَ اسْتِغْفَارٍ , وَلَا صَغِيرَةَ مَعَ إِصْرَارٍ»
(6/651)
 
 
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثنا جَرِيرٌ , عَنْ لَيْثٍ , عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ , فَقَالَ: أَرَأَيْتَ الْكَبَائِرَ السَّبْعَ الَّتِي ذَكَرَهُنَّ اللَّهُ مَا هُنَّ؟ قَالَ: «هُنَّ إِلَى السَّبْعِينَ أَدْنَى مِنْهَا إِلَى السَّبْعِ»
(6/651)
 
 
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ , عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: الْكَبَائِرُ سَبْعٌ؟ قَالَ: «هِيَ إِلَى السَّبْعِينَ أَقْرَبُ»
(6/651)
 
 
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ , قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ , قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدَانَ , عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ , قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ , عَنِ الْكَبَائِرِ , قَالَ: " كُلُّ شَيْءٍ عُصِيَ اللَّهُ فِيهِ فَهُوَ كَبِيرَةٌ. وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ ثَلَاثٌ "
(6/652)
 
 
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ , قَالَ: ثنا شِبْلٌ , عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ , عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ , قَالَ: الْكَبَائِرُ ثَلَاثٌ: الْيَأْسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ , وَالْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ , وَالْأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ " وَقَالَ آخَرُونَ: كُلُّ مُوجِبَةٍ وَكُلُّ مَا أَوْعَدَ اللَّهُ أَهْلَهُ عَلَيْهِ النَّارَ فَكَبِيرَةٌ
(6/652)
 
 
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَوْلُهُ: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ} [النساء: 31] قَالَ: " الْكَبَائِرُ: كُلُّ ذَنْبٍ خَتْمَهُ اللَّهُ بِنَارٍ أَوْ غَضَبٍ , أَوْ لَعْنَةٍ , أَوْ عَذَابٍ "
(6/652)
 
 
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ , قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ، قَالَ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: «كُلُّ مُوجِبَةٍ فِي الْقُرْآنِ كَبِيرَةٌ»
(6/652)
 
 
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَهْرَمٍ الشَّعَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ الْأَزْدِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: «كُلُّ ذَنْبٍ نَسَبَهُ اللَّهُ إِلَى النَّارِ، فَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ»
(6/653)
 
 
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ سَالِمٍ، أَنَّهُ سَمِعَ الْحَسَنَ، يَقُولُ: «كُلُّ مُوجِبَةٍ فِي الْقُرْآنِ كَبِيرَةٌ»
(6/653)
 
 
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ} [النساء: 31] قَالَ: «الْمُوجِبَاتُ» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
(6/653)
 
 
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ , قَالَ: ثنا جُوَيْبِرٌ , عَنِ الضَّحَّاكِ , قَالَ: " الْكَبَائِرُ: كُلُّ مُوجِبَةٍ أَوْجَبَ اللَّهُ لِأَهْلِهَا النَّارَ , وَكُلُّ عَمَلٍ يُقَامُ بِهِ الْحَدُّ فَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالَّذِي نَقُولُ بِهِ فِي ذَلِكَ مَا ثَبَتَ بِهِ الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَذَلِكَ مَا
(6/653)
 
 
حَدَّثَنَا بِهِ , أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِيدِ الْقُرَشِيُّ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ , قَالَ: ثنا شُعْبَةُ , قَالَ: ثني عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ , قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَبَائِرَ , أَوْ سُئِلَ عَنِ الْكَبَائِرِ , فَقَالَ: «الشِّرْكُ بِاللَّهِ , وَقَتْلُ النَّفْسِ , [ص:654] وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ» فَقَالَ: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟» قَالَ: «قَوْلُ الزُّورِ» , أَوْ قَالَ: «شَهَادَةُ الزُّورِ» قَالَ شُعْبَةُ: وَأَكْبَرُ ظَنِّي أَنَّهُ قَالَ: «شَهَادَةُ الزُّورِ»
(6/653)
 
 
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ , عَنْ أَنَسٍ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكَبَائِرِ قَالَ: «الشِّرْكُ بِاللَّهِ , وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ , وَقَتْلُ النَّفْسِ , وَقَوْلُ الزُّورِ»
(6/654)
 
 
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ , عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ , عَنْ أَنَسٍ قَالَ: ذَكَرُوا الْكَبَائِرَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ , وَقَتْلُ النَّفْسِ , أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ قَوْلُ الزُّورِ»
(6/654)
 
 
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى , قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ , قَالَ: ثنا شُعْبَةُ , عَنْ فِرَاسٍ , عَنِ الشَّعْبِيِّ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ , وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ , أَوْ قَتْلُ النَّفْسِ «شُعْبَةُ الشَّاكُّ» وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ "
(6/654)
 
 
حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: ثنا [ص:655] شَيْبَانُ , عَنْ فِرَاسٍ , عَنِ الشَّعْبِيِّ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ: مَا الْكَبَائِرُ؟ قَالَ: «الشِّرْكُ بِاللَّهِ» قَالَ: ثُمَّ مَهْ؟ قَالَ: «وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ» . قَالَ: ثُمَّ مَهْ؟ قَالَ: «وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ» . قُلْتُ لِلشَّعْبِيِّ: مَا الْيَمِينُ الْغَمُوسُ؟ قَالَ: الَّذِي يَقْتَطِعُ مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ وَهُوَ فِيهَا كَاذِبٌ "
(6/654)
 
 
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ , مُحَمَّدُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ الْعَسْقَلَانِيُّ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ , عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ , عَنْ أَبِي رُهْمٍ , عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَقَامَ الصَّلَاةَ , وَآتَى الزَّكَاةَ وَصَامَ رَمَضَانَ , وَاجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ , فَلَهُ الْجَنَّةُ» , قِيلَ: وَمَا الْكَبَائِرُ؟ قَالَ: «الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ , وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ , وَالْفِرَارُ يَوْمَ الزَّحْفِ»
(6/655)
 
 
حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: ثنا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ , عَنْ جَعْفَرٍ , عَنِ ابْنِ أَبِي جَعْفَرٍ , عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ , عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلْمَانَ الْأَغَرِّ , عَنْ أَبِيهِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ سَلْمَانَ الْأَغَرِّ قَالَ: قَالَ أَبُو أَيُّوبَ خَالِدُ بْنُ [ص:656] أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ , عَقَبِيُّ بَدْرِيُّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مِنْ عَبْدٍ يَعْبُدُ اللَّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا , وَيُقِيمُ الصَّلَاةَ , وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ , وَيَصُومُ رَمَضَانَ , وَيَجْتَنِبُ الْكَبَائِرَ , إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ ". فَسَأَلُوهُ: مَا الْكَبَائِرُ؟ قَالَ: «الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ , وَالْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ , وَقَتْلُ النَّفْسِ»
(6/655)
 
 
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , قَالَ: ثنا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ , عَنْ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ , عَنِ الْقَاسِمِ , عَنْ أَبِي أُمَامَةَ: أَنَّ نَاسًا , مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرُوا الْكَبَائِرَ , وَهُوَ مُتَّكِئٌ , فَقَالُوا: الشِّرْكُ بِاللَّهِ , وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ , وَفِرَارٌ مِنَ الزَّحْفِ , وَقَذْفُ الْمُحْصَنَةِ , وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ , وَقَوْلُ الزُّورِ , وَالْغُلُولُ , وَالسِّحْرُ , وَأَكْلُ الرِّبَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَأَيْنَ تَجْعَلُونَ {الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] «إِلَى آخِرِ الْآيَةِ»
(6/656)
 
 
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ , قَالَ: ثنا سُفْيَانُ , عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ , عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ , قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا الْكَبَائِرُ؟ قَالَ: «أَنْ تَدْعُو لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ , وَأَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَأْكُلَ مَعَكَ , وَأَنْ تَزْنِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ» . وَقَرَأَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ [ص:657] وَلَا يَزْنُونَ} [الفرقان: 68] "
(6/656)
 
 
حَدَّثَنِي هَذَا الْحَدِيثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ , فَقَالَ: ثنا سُفْيَانُ , قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ النَّخَعِيُّ , وَكَانَ عَلَى السِّجْنِ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي عَمْرٍو , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقُلْتُ: أَيُّ الْعَمَلِ شَرٌّ؟ قَالَ: «أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ , وَأَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَأْكُلَ مَعَكَ , وَأَنْ تَزْنِيَ بِجَارَتِكَ» وَقَرَأَ عَلَيَّ: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الفرقان: 68] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى مَا قِيلَ فِي تَأْوِيلِ الْكَبَائِرِ بِالصِّحَّةِ , مَا صَحَّ بِهِ الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ مَا قَالَهُ غَيْرُهُ , وَإِنْ كَانَ كُلُّ قَائِلٍ فِيهَا قَوْلًا مِنَ الَّذِينَ ذَكَرْنَا أَقْوَالَهُمْ , قَدِ اجْتَهَدَ وَبَالَغَ فِي نَفْسِهِ , وَلِقَوْلِهِ فِي الصِّحَّةِ مَذْهَبٌ. فَالْكَبَائِرُ إِذَنِ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ , وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ , وَقَتْلُ النَّفْسِ الْمُحَرَّمُ قَتْلُهَا , وَقَوْلُ الزُّورِ , وَقَدْ يَدْخُلُ فِي قَوْلِ الزُّورِ , شَهَادَةُ الزُّورِ , وَقَذْفُ الْمُحْصَنَةِ , وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ , وَالسِّحْرُ. وَيَدْخُلُ فِي قَتْلِ النَّفْسِ الْمُحَرِّمُ قَتْلُهَا: قَتْلُ الرَّجُلِ وَلَدَهُ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَطْعَمَ مَعَهُ , وَالْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ , وَالزِّنَا بِحَلِيلَةِ الْجَارِ وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ صَحَّ كُلُّ خَبَرٍ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَعْنَى الْكَبَائِرِ , وَكَانَ بَعْضُهُ مُصَدِّقًا بَعْضًا , وَذَلِكَ أَنَّ الَّذِي رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «هِيَ سَبْعٌ» يَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ حِينَئِذٍ «هِيَ سَبْعٌ» عَلَى التَّفْصِيلِ , وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ الَّذِي رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «هِيَ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ , وَقَتْلُ [ص:658] النَّفْسِ , وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ , وَقَوْلُ الزُّورِ» عَلَى الْإِجْمَالِ , إِذْ كَانَ قَوْلُهُ: «وَقَوْلُ الزُّورِ» يَحْتَمِلُ مَعَانِيَ شَتَّى , وَأَنْ يَجْمَعَ جَمِيعَ ذَلِكَ: قَوْلُ الزُّورِ. وَأَمَّا خَبَرُ ابْنُ مَسْعُودٍ الَّذِي حَدَّثَنِي بِهِ الْفِرْيَابِيُّ عَلَى مَا ذَكَرْتُ , فَإِنَّهُ عِنْدِي غَلَطٌ مِنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ , لِأَنَّ الْأَخْبَارَ الْمُتَظَاهِرَةَ مِنَ الْأَوْجُهِ الصَّحِيحَةِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِ الرِّوَايَةِ الَّتِي رَوَاهَا الزُّهْرِيُّ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ , وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِي حَدِيثِهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْكَبَائِرِ؛ فَنَقْلُهُمْ مَا نَقَلُوا مِنْ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِنْ نَقْلِ الْفِرْيَابِيِّ. فَمَنِ اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ الَّتِي وَعَدَ اللَّهُ مُجْتَنِبَهَا تَكْفِيرَ مَا عَدَاهَا مِنْ سَيِّئَاتِهِ , وَإِدْخَالَهُ مَدْخَلًا كَرِيمًا , وَأَدَّى فَرَائِضَهُ الَّتِي فَرَضَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ , وَجَدَ اللَّهَ لِمَا وَعَدَهُ مِنْ وَعْدٍ مُنْجِزًا , وَعَلَى الْوَفَاءِ بِهِ دَائِبًا. وَأَمَّا قَوْلُهُ: {نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء: 31] فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ: نُكَفِّرْ عَنْكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِاجْتِنَابِكُمْ كَبَائِرَ مَا يَنْهَاكُمْ عَنْهُ رَبُّكُمْ صَغَائِرَ سَيِّئَاتِكُمْ , يَعْنِي: صَغَائِرَ ذُنُوبِكُمْ. كَمَا:
(6/657)
 
 
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ , قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ , قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ , عَنِ السُّدِّيِّ: {نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء: 31] الصَّغَائِرُ "
(6/658)
 
 
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ , عَنِ ابْنِ عَوْنٍ , عَنِ الْحَسَنِ: أَنَّ نَاسًا , لَقَوْا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو بِمِصْرَ , فَقَالُوا: نَرَى أَشْيَاءَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أُمِرَ أَنْ يُعْمَلَ
(6/658)
 
 
بِهَا , لَا يُعْمَلُ بِهَا , فَأَرَدْنَا أَنْ نَلْقَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي ذَلِكَ؟ فَقَدِمَ وَقَدِمُوا مَعَهُ , فَلَقِيَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , فَقَالَ: مَتَى قَدِمْتَ؟ قَالَ: مُنْذُ كَذَا وَكَذَا قَالَ: أَبِإِذْنٍ قَدِمْتَ؟ قَالَ: فَلَا أَدْرِي كَيْفَ رَدَّ عَلَيْهِ , فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينِ , إِنَّ نَاسًا لَقَوْنِي بِمِصْرَ , فَقَالُوا: إِنَّا نَرَى أَشْيَاءَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَمَرَ أَنْ يُعْمَلَ بِهَا وَلَا يُعْمَلُ بِهَا , فَأَحَبُّوا أَنْ يَلْقَوْكَ فِي ذَلِكَ. فَقَالَ: اجْمَعْهُمْ لِي. قَالَ: فَجَمَعْتُهُمْ لَهُ - قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: أَظُنُّهُ قَالَ فِي نَهَرٍ - فَأَخَذَ أَدْنَاهُمْ رَجُلًا , فَقَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ وَبِحَقِّ الْإِسْلَامِ عَلَيْكَ , أَقْرَأَتَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فَهَلْ أَحْصَيْتَهُ فِي نَفْسِكَ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ لَا. - قَالَ: وَلَوْ قَالَ نَعَمْ لَخَصَمَهُ -. قَالَ: فَهَلْ أَحْصَيْتَهُ فِي بَصَرِكَ؟ هَلْ أَحْصَيْتَهُ فِي لَفْظِكَ؟ هَلْ أَحْصَيْتَهُ فِي أَثَرِكَ؟ قَالَ: ثُمَّ تَتَبَّعَهُمْ حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِهِمْ , فَقَالَ: ثَكِلَتْ عُمَرَ أُمُّهُ , أَتُكَلِّفُونَهُ أَنْ يُقِيمَ النَّاسَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ؟ قَدْ عَلِمَ رَبُّنَا أَنْ سَتَكُونُ لَنَا سَيِّئَاتٌ. قَالَ: وَتَلَا: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلَا كَرِيمًا} [النساء: 31] هَلْ عَلِمَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ؟ أَوْ قَالَ: " هَلْ عَلِمَ أَحَدٌ بِمَا قَدِمْتُمْ؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: لَوْ عَلِمُوا لَوَعَظْتُ بِكُمْ "
(6/659)
 
 
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ , قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ , قَالَ: ثنا زِيَادُ بْنُ مِخْرَاقٍ , عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ , قَالَ: أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ , فَكَانَ فِيمَا حَدَّثَنَا قَالَ: لَمْ نَرَ مِثْلَ الَّذِي بَلَغَنَا عَنْ رَبِّنَا , ثُمَّ لَمْ نَخْرُجْ لَهُ عَنْ كُلِّ , أَهْلٍ وَمَالٍ. ثُمَّ سَكَتَ هُنَيْهَةً , ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ كَلَّفَنَا رَبُّنَا [ص:660] أَهْوَنَ مِنْ ذَلِكَ , لَقَدْ تَجَاوَزَ لَنَا عَمَّا دُونَ الْكَبَائِرِ , فَمَا لَنَا وَلَهَا؟ ثُمَّ تَلَا: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ} [النساء: 31] الْآيَةُ "
(6/659)
 
 
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ , قَالَ: ثنا يَزِيدُ , قَالَ: ثنا سَعِيدٌ , عَنْ قَتَادَةَ , قَوْلُهُ: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ} [النساء: 31] الْآيَةُ , إِنَّمَا وَعَدَ اللَّهُ الْمَغْفِرَةَ لِمَنِ اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ , وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اجْتَنِبُوا الْكَبَائِرَ , وَسَدِّدُوا , وَأَبْشِرُوا»
(6/660)
 
 
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى , قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ , عَنْ رَجُلٍ , عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ , قَالَ: فِي خَمْسِ آيَاتٍ مِنْ سُورَةِ النِّسَاءِ لَهُنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعًا: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء: 31] وَقَوْلُهُ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ} [النساء: 40] ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَقَوْلُهُ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 110] وَقَوْلُهُ: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 152] "
(6/660)
 
 
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ , قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ , قَالَ: ثني أَبُو النَّضْرِ , عَنْ صَالِحٍ الْمُرِّيِّ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَالَ: ثَمَانُ آيَاتٍ نَزَلَتْ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ , هِيَ خَيْرٌ لِهَذِهِ [ص:661] الْأُمَّةِ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَغَرَبَتْ , أُولَاهُنَّ: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبُ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [النساء: 26] وَالثَّانِيَةُ: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} [النساء: 27] وَالثَّالِثَةُ: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: 28] ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ سَوَاءً , وَزَادَ فِيهِ: ثُمَّ أَقْبَلَ يُفَسِّرْهَا فِي آخِرِ الْآيَةِ: {وَكَانَ اللَّهُ} [النساء: 96] لِلَّذِينَ عَمِلُوا الذُّنُوبَ {غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 23] وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} [النساء: 31] فَإِنَّ الْقُرَّاءَ اخْتَلَفَتْ فِي قِرَاءَتِهِ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَبَعْضُ الْكُوفِيِّينَ: (وَنُدْخِلْكُمْ مَدْخَلًا كَرِيمًا) بِفَتْحِ الْمِيمِ , وَكَذَلِكَ الَّذِي فِي الْحَجِّ: (لَيُدْخِلَنَّهُمْ مَدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ) فَمَعْنَى: (وَنُدْخِلْكُمْ مَدْخَلًا) فَيَدْخُلُونَ دُخُولًا كَرِيمًا. وَقَدْ يُحْتَمَلُ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ قَرَأَ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى فِي الْمَدْخَلِ: الْمَكَانُ وَالْمَوْضِعُ , لِأَنَّ الْعَرَبَ رُبَّمَا فَتَحَتِ الْمِيمَ مِنْ ذَلِكَ بِهَذَا الْمَعْنَى , كَمَا قَالَ الرَّاجِزُ:
[البحر الرجز]
بِمَصْبَحِ الْحَمْدِ وَحَيْثُ يُمْسِ
وَقَدْ أَنْشَدَنِي بَعْضُهُمْ سَمَاعًا مِنَ الْعَرَبِ:
[البحر البسيط]
الْحَمْدُ لِلَّهِ مَمْسَانَا وَمَصْبَحَنَا ... بِالْخَيْرِ صَبَّحْنَا رَبِّي وَمَسَّانَا
وَأَنْشَدَنِي آخَرُ غَيْرُهُ:
[ص:662] الْحَمْدُ لِلَّهِ مُمْسَانَا وَمُصْبَحَنَا
لِأَنَّهُ مِنْ أَصْبَحَ وَأَمْسَى. وَكَذَلِكَ تَفْعَلُ الْعَرَبُ فِيمَا كَانَ مِنَ الْفِعْلِ بِنَاؤُهُ عَلَى أَرْبَعَةٍ تَضُمُّ مِيمَهُ فِي مِثْلِ هَذَا , فَتَقُولُ: دَحْرَجْتُهُ مُدَحْرَجًا فَهُوَ مُدَحَرَجٌ , ثُمَّ تَحْمِلُ مَا جَاءَ عَلَى أَفْعَلَ يُفْعِلُ عَلَى ذَلِكَ , لِأَنَّ يُفْعِلُ مِنْ يُدْخِلُ , وَإِنْ كَانَ عَلَى أَرْبَعَةٍ , فَإِنَّ أَصْلَهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى يُؤَفْعَلُ: يُؤَدْخَلُ , وَيُؤَخْرَجُ , فَهُوَ نَظِيرُ يُدَحْرِجُ. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفِيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ: {مُدْخَلًا} [النساء: 31] بِضَمِّ الْمِيمِ , يَعْنِي: وَنُدْخِلْكُمْ إِدْخَالًا كَرِيمًا. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ: {وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} [النساء: 31] بِضَمِّ الْمِيمِ لِمَا وَصَفْنَا مِنْ أَنَّ مَا كَانَ مِنَ الْفِعْلِ بِنَاؤُهُ عَلَى أَرْبَعَةٍ فِي فَعَلَ فَالْمَصْدَرُ مِنْهُ مُفْعَلٌ , وَأَنَّ أَدْخَلَ وَدَحْرَجَ فَعَلَ مِنْهُ عَلَى أَرْبَعَةٍ , فَالْمُدْخَلُ مَصْدَرُهُ أَوْلَى مِنْ مُفْعَلِ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ أَفْصَحُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فِي مَصَادِرَ مَا جَاءَ عَلَى أَفْعَلَ , كَمَا يُقَالَ: أَقَامَ بِمَكَانٍ فَطَابَ لَهُ الْمَقَامُ , إِذَا أُرِيدَ بِهِ الْإِقَامَةُ , [ص:663] وَقَامَ فِي مَوْضِعِهِ فَهُوَ فِي مَقَامٍ وَاسِعٍ , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ} [الدخان: 51] مِنْ قَامَ يَقُومُ , وَلَوْ أُرِيدَ بِهِ الْإِقَامَةُ لَقُرِئَ: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مُقَامٍ أَمِينٍ كَمَا قُرِئَ: {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ} [الإسراء: 80] بِمَعْنَى الْإِدْخَالِ وَالْإِخْرَاجِ , وَلَمْ يَبْلُغْنَا عَنْ أَحَدٍ , أَنَّهُ قَرَأَ: مَدْخَلَ صِدْقٍ , وَلَا مَخْرَجَ صِدْقٍ , بِفَتْحِ الْمِيمِ. وَأَمَّا الْمُدْخَلُ الْكَرِيمُ: فَهُوَ الطَّيِّبُ الْحَسَنُ , الْمُكَرَّمُ بِنَفْيِ الْآفَاتِ وَالْعَاهَاتِ عَنْهُ , وَبِارْتِفَاعِ الْهُمُومِ وَالْأَحْزَانِ وَدُخُولِ الْكَدَرِ فِي عَيْشِ مَنْ دَخَلَهُ , فَلِذَلِكَ سَمَّاهُ اللَّهُ كَرِيمًا. كَمَا:
(6/660)
 
 
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ , قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ , قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ , عَنِ السُّدِّيِّ: {وَنُدْخِلُكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} [النساء: 31] قَالَ: " الْكَرِيمُ: هُوَ الْحَسَنُ فِي الْجَنَّةِ "
(6/663)
 
 
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهََ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [النساء: 32] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَلَا تَشْتَهُوا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ. وذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ نَزَلَ فِي نِسَاءٍ تَمَنَّيْنَ مَنَازِلَ الرِّجَالِ , وَأَنْ يَكُونَ لَهُمْ مَا لَهُمْ , فَنَهَى اللَّهُ عِبَادَهُ عَنِ الْأَمَانِيِّ الْبَاطِلَةِ , وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْأَلُوهُ مِنْ فَضْلِهِ , إِذْ كَانَتِ الْأَمَانِيُّ تُورِثُ أَهْلَهَا الْحَسَدَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذِكْرُ الْأَخْبَارِ بِمَا ذَكَرْنَا:
(6/663)
 
 
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ , قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ , قَالَ: ثنا سُفْيَانُ , عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ , قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا نُعْطَى الْمِيرَاثَ , وَلَا نَغْزُو فِي [ص:664] سَبِيلِ اللَّهِ فَنُقْتَلَ؟ فَنَزَلَتْ: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: 32] "
(6/663)
 
 
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ , عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: تَغْزُو الرِّجَالُ وَلَا نَغْزُو , وَإِنَّمَا لَنَا نِصْفُ الْمِيرَاثِ؟ فَنَزَلَتْ: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ} [النساء: 32] وَنَزَلَتْ: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} [الأحزاب: 35] "
(6/664)
 
 
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَوْلُهُ: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: 32] يَقُولُ: " لَا يَتَمَنَّى الرَّجُلُ يَقُولُ: لَيْتَ أَنَّ لِيَ مَالَ فُلَانٍ وَأَهْلَهُ , فَنَهَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَنْ ذَلِكَ , وَلَكِنْ لِيَسْأَلِ اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ "
(6/664)
 
 
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو , قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ , عَنْ عِيسَى , عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ , فِي قَوْلِهِ: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: 32] قَالَ: " قَوْلُ النِّسَاءِ: لَيْتَنَا رِجَالٌ فَنَغْزُوَ , وَنَبْلُغَ مَا يَبْلُغُ الرِّجَالُ "
(6/664)
 
 
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ , عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: 32] قَوْلُ النِّسَاءِ يَتَمَنَّيْنَ: لَيْتَنَا رِجَالٌ فَنْغَزُوَ؛ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو "
(6/665)
 
 
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ , عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ , أَتَغْزُو الرِّجَالُ وَلَا نَغْزُو , وَإِنَّمَا لَنَا نِصْفُ الْمِيرَاثِ؟ فَنَزَلَتْ {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ} [النساء: 32] "
(6/665)
 
 
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى , قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ , عَنْ شَيْخٍ , مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ , قَوْلُهُ: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: 32] قَالَ: " كَانَ النِّسَاءُ يَقُلْنَ: لَيْتَنَا رِجَالٌ فَنُجَاهِدَ كَمَا يُجَاهِدُ الرِّجَالُ , وَنَغْزُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. فَقَالَ اللَّهُ: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: 32]
(6/665)
 
 
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ , قَالَ: ثنا يَزِيدُ , قَالَ: ثنا سَعِيدٌ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنِ الْحَسَنِ , قَالَ: «تَتَمَنَّى مَالَ فُلَانٍ وَمَالَ فُلَانٍ , وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ هَلَاكَهُ فِي ذَلِكَ الْمَالِ»
(6/665)
 
 
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ , قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ , قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ , عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ , عَنْ عِكْرِمَةَ , وَمُجَاهِدٍ , أَنَّهُمَا قَالَا: «نَزَلَتْ فِي أُمِّ سَلَمَةَ ابْنَةِ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ»
(6/665)
 
 
وَبِهِ قَالَ: ثني حَجَّاجٌ , عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ , عَنْ عَطَاءٍ , قَالَ: هُوَ الْإِنْسَانُ يَقُولُ: وَدِدْتُ أَنَّ لِيَ مَالَ فُلَانٍ. قَالَ: " وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ , وَقَوْلُ النِّسَاءِ: لَيْتَنَا رِجَالٌ فَنَغْزُوَ , وَنَبْلُغَ مَا يَبْلُغُ الرِّجَالُ " وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: لَا يَتَمَنَّ بَعْضُكُمْ مَا خَصَّ اللَّهُ بَعْضًا مِنْ مَنَازِلِ الْفَضْلِ
(6/666)
 
 
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ , قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ , قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ , عَنِ السُّدِّيِّ , قَوْلُهُ: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: 32] فَإِنَّ الرِّجَالَ قَالُوا: نُرِيدُ أَنْ يَكُونَ لَنَا مِنَ الْأَجْرِ الضِّعْفُ عَلَى أَجْرِ النِّسَاءِ , كَمَا لَنَا فِي السِّهَامِ سَهْمَانِ , فَنُرِيدُ أَنْ يَكُونَ لَنَا فِي الْأَجْرِ أَجْرَانِ , وَقَالَتِ النِّسَاءُ: نُرِيدُ أَنْ يَكُونَ لَنَا أَجْرٌ مِثْلُ الرِّجَالِ , فَإِنَّا لَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نُقَاتِلَ , وَلَوْ كُتِبَ عَلَيْنَا الْقِتَالُ لَقَاتَلْنَا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْآيَةَ , وَقَالَ لَهُمْ: سَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ , يَرْزُقْكُمُ الْأَعْمَالَ , وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ "
(6/666)
 
 
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ , عَنْ أَيُّوبَ , عَنْ مُحَمَّدٍ , قَالَ: «نُهِيتُمْ عَنِ الْأَمَانِيِّ , وَدُلِلْتُمْ , عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ , وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ»
(6/666)
 
 
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ: ثنا عَارِمٌ , قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , عَنْ أَيُّوبَ , قَالَ: كَانَ مُحَمَّدٌ إِذَا سَمِعَ الرَّجُلَ , يَتَمَنَّى فِي الدُّنْيَا قَالَ: " قَدْ نَهَاكُمُ اللَّهُ عَنْ هَذَا {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: 32] وَدَلَّكُمْ عَلَى خَيْرٍ مِنْهُ , وَاسْأَلُوا [ص:667] اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ: وَلَا تَتَمَنَّوْا أَيُّهَا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الَّذِي فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْ مَنَازِلِ الْفَضْلِ , وَدَرَجَاتِ الْخَيْرِ وَلْيَرْضَ أَحَدُكُمْ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَهُ مِنْ نَصِيبٍ , وَلَكِنْ سَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ
(6/666)
 
 
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ} [النساء: 32] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا مِنَ الثَّوَابِ عَلَى الطَّاعَةَ وَالْعِقَابِ عَلَى الْمَعْصِيَةَ , وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِنْ ذَلِكَ مِثْلُ ذَلِكَ
(6/667)
 
 
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ , قَالَ: ثنا يَزِيدُ , قَالَ: ثنا سَعِيدٌ , عَنْ قَتَادَةَ , قَوْلُهُ: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ} [النساء: 32] كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يُوَرِّثُونَ الْمَرْأَةَ شَيْئًا وَلَا الصَّبِيَّ شَيْئًا , وَإِنَّمَا يَجْعَلُونَ الْمِيرَاثَ لِمَنْ يَحْتَرِفُ وَيَنْفَعُ وَيَدْفَعُ , فَلَمَّا لَحِقَ لِلْمَرْأَةِ نَصِيبُهَا وِلِلصَّبِيِّ نَصِيبَهُ , وَجُعِلَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ قَالَ النِّسَاءُ: لَوْ كَانَ جَعَلَ أَنْصِبَاءَنَا فِي الْمِيرَاثِ كَأَنْصِبَاءِ الرِّجَالِ. وَقَالَ الرِّجَالُ: إِنَّا لَنَرْجُو أَنْ نُفَضَّلَ عَلَى النِّسَاءِ بِحَسَنَاتِنَا فِي الْآخِرَةِ , كَمَا فُضِّلْنَا عَلَيْهِنَّ فِي الْمِيرَاثِ , فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا
(6/667)
 
 
اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ} [النساء: 32] يَقُولُ: " الْمَرْأَةُ تُجْزَى بِحَسَنَتِهَا عَشْرَ أَمْثَالِهَا كَمَا يُجْزَى الرَّجُلُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: 32] "
(6/668)
 
 
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَمَّادٍ , قَالَ: ثني أَبُو لَيْلَى قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَرِيرٍ , يَقُولُ: لَمَّا نَزَلَ: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] قَالَتِ النِّسَاءُ: كَذَلِكَ عَلَيْهِمْ نَصِيبَانِ مِنَ الذُّنُوبِ , كَمَا لَهُمْ نَصِيبَانِ مِنَ الْمِيرَاثِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ} [النساء: 32] يَعْنِي الذُّنُوبَ , وَاسْأَلُوا اللَّهَ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ مِنْ فَضْلِهِ " وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا مِنْ مِيرَاثِ مَوْتَاهُمْ , وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِنْهُمْ
(6/668)
 
 
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَوْلُهُ: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ} [النساء: 32] يَعْنِي: " مَا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ , يَقُولُ: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] "
(6/668)
 
 
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ , قَالَ: ثنا جَرِيرٌ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ عِكْرِمَةَ , أَوْ غَيْرِهِ , فِي
(6/668)
 
 
قَوْلِهِ: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ} [النساء: 32] قَالَ: «فِي الْمِيرَاثِ كَانُوا لَا يُوَرِّثُونَ النِّسَاءَ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ قَوْلُ مَنْ قَالَ مَعْنَاهُ: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِنْ ثَوَابِ اللَّهِ وَعِقَابِهِ مِمَّا اكْتَسَبُوا , فَعَمِلُوهُ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ , وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ مِنْ ذَلِكَ كَمَا لِلرِّجَالِ وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ ذَلِكَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ تَأْوِيلُهُ: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِنَ الْمِيرَاثِ , وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِنْهُ , لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَخْبَرَ أَنَّ لِكُلَّ فَرِيقٍ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ نَصِيبًا مِمَّا اكْتَسَبَ , وَلَيْسَ الْمِيرَاثُ مِمَّا اكْتَسَبَهُ الْوَارِثُ , وَإِنَّمَا هُوَ مَالٌ أَوْرَثَهُ اللَّهُ عَنْ مَيِّتِهِ بِغَيْرِ اكْتِسَابٍ , وَإِنَّمَا الْكَسْبُ الْعَمَلُ , وَالْمُكْتَسِبُ: الْمُحْتَرِفُ , فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْآيَةِ , وَقَدْ قَالَ اللَّهُ: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ} [النساء: 32] لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا وَرِثُوا , وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا وَرَثْنَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَقِيلَ: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا لَمْ يَكْتَسِبُوا , وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا لَمْ يَكْتَسِبْنَ
(6/669)
 
 
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: 32] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ عَوْنِهِ وَتَوْفِيقِهِ لِلْعَمَلِ بِمَا يُرْضِيهِ عَنْكُمْ مِنْ طَاعَتِهِ , فَفَضْلُهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: تَوْفِيقُهُ وَمَعُونَتُهُ. كَمَا:
(6/669)
 
 
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الرَّازِيُّ , قَالَ: ثنا أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ , قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ , عَنْ أَشْعَثَ , عَنْ سَعِيدٍ: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: 32] قَالَ: «الْعِبَادَةُ لَيْسَتْ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا»
(6/669)
 
 
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ , قَالَ: ثني أَبُو جَعْفَرٍ قَالَ: ثنا مُوسَى , عَنْ لَيْثٍ , قَالَ: «فَضْلُهُ الْعِبَادَةُ لَيْسَ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا»
(6/670)
 
 
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ , قَالَ: ثنا هِشَامٌ , عَنْ لَيْثٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ , فِي قَوْلِهِ: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: 32] قَالَ: «لَيْسَ بِعَرَضِ الدُّنْيَا»
(6/670)
 
 
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ , قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ , قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ , عَنِ السُّدِّيِّ: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: 32] يَرْزُقُكُمُ الْأَعْمَالَ , وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ "
(6/670)
 
 
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ , قَالَ: ثنا أَبِي قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ , عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنْ رَجُلٍ , لَمْ يُسَمِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنَّهُ يُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ , وَإِنَّ مِنْ أَفْضَلِ الْعِبَادَةِ انْتِظَارَ الْفَرَجِ»
(6/670)
 
 
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [النساء: 32] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا يُصْلِحُ عِبَادَهُ فِيمَا قَسَمَ لَهُمْ مِنْ خَيْرٍ , وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا , وَبِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ قَضَائِهِ وَأَحْكَامِهِ فِيهِمْ عَلِيمًا يَقُولُ: " ذَا عِلْمٍ , وَلَا تَتَمَنَّوْا غَيْرَ الَّذِي قَضَى لَكُمْ , وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِطَاعَتِهِ وَالتَّسْلِيمِ لِأَمْرِهِ , وَالرِّضَا بِقَضَائِهِ وَمَسْأَلَتِهِ مِنْ فَضْلِهِ
(6/670)
 
 
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا} [النساء: 33][ص:671] يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} [النساء: 33] وَلِكُلِّكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ جَعَلْنَا مَوَالِيَ , يَقُولُ: وَرَثَةً مِنْ بَنِي عَمِّهِ وَإِخْوَتِهِ وَسَائِرِ عَصَبَتِهِ غَيْرِهِمْ. وَالْعَرَبُ تُسَمِّي ابْنَ الْعَمِّ الْمَوْلَى , وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الطويل]
وَمَوْلًى رَمَيْنَا حَوْلَهُ وَهُوَ مُدْغِلٌ ... بِأَعْرَاضِنَا وَالْمُنْدِيَاتُ سُرُوعُ
يَعْنِي بِذَلِكَ: وَابْنُ عَمٍّ رَمَيْنَا حَوْلَهُ. وَمِنْهُ قَوْلُ الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ:
[البحر البسيط]
مَهْلًا بَنِي عَمِّنَا مَهْلًا مَوَالِينَا ... لَا تُظْهِرُنَّ لَنَا مَا كَانَ مَدْفُونَا
وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
(6/670)
 
 
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ , قَالَ: ثنا إِدْرِيسُ , قَالَ: ثنا طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , فِي قَوْلِهِ: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} [النساء: 33] قَالَ: «وَرَثَةً»
(6/671)
 
 
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ. عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ} [النساء: 33] قَالَ: " الْمَوَالِي: الْعَصَبَةُ , يَعْنِي: الْوَرَثَةَ "
(6/671)
 
 
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ , قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ , قَالَ: ثنا سُفْيَانُ , عَنْ مَنْصُورٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ , فِي قَوْلِهِ: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} [النساء: 33] قَالَ: " الْمَوَالِي: الْعَصَبَةُ "
(6/672)
 
 
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ , عَنْ مَنْصُورٍ. عنْ مُجَاهِدٍ قَوْلُهُ: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} [النساء: 33] قَالَ: «هُمُ الْأَوْلِيَاءُ»
(6/672)
 
 
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ , قَالَ: ثنا يَزِيدُ , قَالَ: ثنا سَعِيدٌ , عَنْ قَتَادَةَ: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} [النساء: 33] يَقُولُ: «عَصَبَةٌ»
(6/672)
 
 
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى , قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ , عَنْ قَتَادَةَ , فِي قَوْلِهِ: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} [النساء: 33] قَالَ: " الْمَوَالِي: أَوْلِيَاءُ الْأَبِ أَوِ الْأَخِ أَوِ ابْنِ الْأَخِ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنَ الْعَصَبَةِ "
(6/672)
 
 
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ , قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ , قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ , عَنِ السُّدِّيِّ: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} [النساء: 33] أَمَّا مَوَالِي: فَهُمْ أَهْلُ الْمِيرَاثِ "
(6/672)
 
 
حَدَّثَنِي يُونُسُ , قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ , قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} [النساء: 33] قَالَ: " الْمَوَالِي: الْعَصَبَةُ هُمْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْمَوَالِي , فَلَمَّا دَخَلَتِ الْعَجَمُ عَلَى الْعَرَبِ لَمْ يَجِدُوا لَهُمُ اسْمًا , فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب: 5] فَسُمُّوا [ص:673] الْمَوَالِيَ. قَالَ: وَالْمَوْلَى الْيَوْمَ مَوْلَيَانِ: مَوْلًى يَرِثُ وَيُوَرِّثُ فَهَؤُلَاءِ ذَوُو الْأَرْحَامِ , وَمَوْلًى يُوَرِّثُ وَلَا يَرِثُ فَهَؤُلَاءِ الْعَتَاقَةُ؛ وَقَالَ: أَلَا تَرَوْنَ قَوْلَ زَكَرِيَّاءَ: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي} [مريم: 5] فَالْمَوَالِي هَهُنَا: الْوَرَثَةُ وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: {مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ} [النساء: 7] مِمَّا تَرَكَهُ وَالِدُهُ وَأَقْرِبَاؤُهُ مِنَ الْمِيرَاثِ فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ: وَلِكُلِّكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ جَعَلْنَا عَصَبَةً يَرِثُونَ بِهِ مِمَّا تَرَكَ وَالِدُهُ وَأَقْرِبَاؤُهُ مِنْ مِيرَاثِهِمْ "
(6/672)
 
 
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} [النساء: 33] اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ , فَقَرَأَهُ بَعْضُهُمْ: {وَالَّذِينَ عَقَدْتُ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 33] بِمَعْنَى: وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمُ الْحَلِفَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ , وَهِيَ قِرَاءَةُ عَامَّةِ قُرَّاءِ الْكُوفِيِّينَ. وَقَرَأَ ذَلِكَ آخَرُونَ: (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ) , بِمَعْنَى: وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ وَأَيْمَانُهُمُ الْحَلِفَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالَّذِي نَقُولُ بِهِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ مسْتَفِيضَتَانِ فِي
(6/673)
 
 
قِرَاءَةِ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَفِي دَلَالَةِ قَوْلِهِ: {أَيْمَانُكُمْ} [البقرة: 225] عَلَى أَنَّهَا أَيْمَانُ الْعَاقِدِينَ وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِمُ الْحَلِفُ , مُسْتَغْنًى عَنِ الدَّلَالَةِ عَلَى ذَلِكَ بِقِرَاءَةِ قَوْلِهِ {عَقَدَتْ} [النساء: 33] , عَاقَدَتْ , وَذَلِكَ أَنَّ الَّذِينَ قَرَءُوا ذَلِكَ: عَاقَدَتْ , قَالُوا: لَا يَكُونُ عَقْدُ الْحَلِفِ إِلَّا مِنْ فَرِيقَيْنِ , وَلَا بُدَّ لَنَا مِنْ دَلَالَةٍ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَأَغْفَلُوا مَوْضِعَ دَلَالَةِ قَوْلِهِ: {أَيْمَانُكُمْ} [البقرة: 225] عَلَى أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ: أَيْمَانُكُمْ وَأَيْمَانُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِمْ , وَأَنَّ الْعَقْدَ إِنَّمَا هُوَ صِفَةٌ لِلْإِيمَانِ دُونَ الْعَاقِدِينَ الْحَلِفَ , حَتَّى زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ ذَلِكَ إِذَا قُرِئَ: {عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 33] فَالْكَلَامُ مُحْتَاجٌ إِلَى ضَمِيرِ صِلَةٍ فِي الْكَلَامِ حَتَّى يَكُونَ الْكَلَامُ مَعْنَاهُ: وَالَّذِينَ عَقَدَتْ لَهُمْ أَيْمَانُكُمْ ذَهَابًا مِنْهُ عَنِ الْوَجْهِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ مِنْ أَنَّ الْأَيمَانَ مَعْنِيُّ بِهَا أَيْمَانَ الْفَرِيقَيْنِ وَأَمَّا عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ , فَإِنَّهُ فِي تَأْوِيلِ: عَاقَدَتْ أَيْمَانُ هَؤُلَاءِ أَيْمَانَ هَؤُلَاءِ الْحَلِفَ , فَهُمَا مُتَقَارِبَانِ فِي الْمَعْنَى , وَإِنْ كَانَتْ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ: {عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 33] بِغَيْرِ أَلْفٍ , أَصَحَّ مَعْنًى مِنْ قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَهُ: عَاقَدَتْ؛ لِلَّذِي ذَكَرْنَا مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى الْمَعْنِيِّ فِي صِفَةِ الْأَيمَانِ بِالْعَقْدِ عَلَى أَنَّهَا أَيْمَانُ الْفَرِيقَيْنِ مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى ذَلِكَ بِغَيْرِهِ
(6/674)
 
 
وَأَمَّا مَعْنَى قَوْلِهِ: {عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 33] فَإِنَّهُ وَصَلَتْ وَشَدَّتْ وَوَكَّدَتْ أَيْمَانُكُمْ , يَعْنِي: مَوَاثِيقَكُمُ الَّتِي وَاثَقَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا , فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ. ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى النَّصِيبِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ أَهْلَ الْحَلِفِ أَنْ يُؤْتِيَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي الْإِسْلَامِ , فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ نَصِيبُهُ مِنَ الْمِيرَاثِ لِأَنَّهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَتَوَارَثُونَ , فَأَوْجَبَ اللَّهُ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ بِذَلِكَ الْحَلِفَ , وَبِمِثْلِهِ فِي الْإِسْلَامِ مِنَ الْمُوَارَثَةِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ لَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ , ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِمَا فَرَضَ مِنَ الْفَرَائِضِ لِذَوِي الْأَرْحَامِ وَالْقَرَابَاتِ
(6/675)
 
 
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ , قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ , عَنِ الْحَسَنِ بْنِ وَاقِدٍ , عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ , عَنْ عِكْرِمَةَ , وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ , فِي قَوْلِهِ: (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا) . قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ يُحَالِفُ الرَّجُلَ , لَيْسَ بَيْنَهُمَا نَسَبٌ , فَيَرِثُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ , فَنَسَخَ اللَّهُ ذَلِكَ فِي الْأَنْفَالِ , فَقَالَ: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأحزاب: 6] "
(6/675)
 
 
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ , قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ , قَالَ: ثنا شُعْبَةُ , عَنْ أَبِي بِشْرٍ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , فِي قَوْلِ اللَّهِ: (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ) . قَالَ: «كَانَ الرَّجُلُ يُعَاقِدُ الرَّجُلَ فَيَرِثُهُ , وَعَاقَدَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَوْلًى فَوَرَّثَهُ»
(6/675)
 
 
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَوْلُهُ: (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ) . فَكَانَ الرَّجُلُ يُعَاقِدُ الرَّجُلَ أَيُّهُمَا مَاتَ وَرِثَهُ الْآخَرُ , فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا} [الأحزاب: 6] يَقُولُ: «إِلَّا أَنْ يُوصُوا لِأَوْلِيَائِهِمُ الَّذِينَ عَاقَدُوا وَصِيَّةً فَهُوَ لَهُمْ جَائِزٌ مِنْ ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ , وَذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوفُ»
(6/676)
 
 
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ , قَالَ: ثنا يَزِيدُ , قَالَ: ثنا سَعِيدٌ , عَنْ قَتَادَةَ , قَوْلُهُ: (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا) . كانَ الرَّجُلُ يُعَاقِدُ الرَّجُلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ , فَيَقُولُ: دَمِي دَمُكَ , وَهَدْمِي هَدْمُكَ , وَتَرِثني وَأَرِثُكَ وَتَطْلُبُ بِي وَأَطْلُبُ بِكَ. فَجَعَلَ لَهُ السُّدُسَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ فِي الْإِسْلَامِ , ثُمَّ يَقْسِمُ أَهْلُ الْمِيرَاثِ مِيرَاثَهُمْ , فَنُسِخَ ذَلِكَ بَعْدُ فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ , فَقَالَ اللَّهُ: وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ "
(6/676)
 
 
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ , عَنْ قَتَادَةَ: (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ) . قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُعَاقِدُ الرَّجُلَ فَيَقُولُ: دَمِي دَمُكَ , وَتَرِثني وَأَرِثُكَ وَتَطْلُبُ بِي وَأَطْلُبُ بِكَ؛ فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ , بَقِيَ مِنْهُمْ [ص:677] نَاسٌ , فَأُمِرُوا أَنْ يُؤْتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ مِنَ الْمِيرَاثِ وَهُوَ السُّدُسُ , ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِالْمِيرَاثِ , فَقَالَ: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأحزاب: 6] "
(6/676)
 
 
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ قَالَ: ثنا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ , يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ) وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يُعَاقِدُ الرَّجُلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ , فَيَقُولُ: هَدْمِي هَدْمُكَ , وَدَمِي دَمُكَ , وَتَرِثني وأَرِثُكَ وَتَطْلُبُ بِي وَأَطْلُبُ بِكَ. فَجَعَلَ لَهُ السُّدُسَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ , ثُمَّ يَقْتَسِمُ أَهْلُ الْمِيرَاثِ مِيرَاثَهُمْ , فَنُسِخَ ذَلِكَ بَعْدُ فِي الْأَنْفَالِ , فَقَالَ: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأحزاب: 6] فَصَارَتِ الْمَوَارِيثُ لِذَوِي الْأَرْحَامِ "
(6/677)
 
 
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ , قَالَ: ثنا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيلَ , عَنْ جَابِرٍ , عَنْ عِكْرِمَةَ , قَالَ: هَذَا حَلِفٌ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ , كَانَ الرَّجُلُ يَقُولُ لِلرَّجُلِ: تَرِثني وَأَرِثُكَ وَتَنْصُرُنِي وَأَنْصُرُكَ , وَتَعْقِلُ عَنِّي وَأَعْقِلُ عَنْكَ "
(6/677)
 
 
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ , قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ , يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ , قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ , يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ) كَانَ الرَّجُلُ يَتْبَعُ الرَّجُلَ فَيُعَاقِدُهُ: إِنْ مُتُّ فَلَكَ مِثْلُ مَا يَرِثُ بَعْضُ وَلَدِي وَهَذَا مَنْسُوخٌ "
(6/677)
 
 
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ , قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَوْلُهُ: (وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ) فَإِنَّ الرَّجُلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَدْ كَانَ [ص:678] يَلْحَقُ بِهِ الرَّجُلُ , فَيَكُونُ تَابِعَهُ , فَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ صَارَ لِأَهْلِهِ وَأَقَارِبِهِ الْمِيرَاثُ , وَبَقِيَ تَابِعُهُ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ , فَأَنْزَلَ اللَّهُ: (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ) فَكَانَ يُعْطَى مِنْ مِيرَاثِهِ , فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأحزاب: 6] " وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الَّذِينَ آخَى بَيْنَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ , فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَرِثُ بَعْضًا بِتِلْكَ الْمُؤَاخَاةِ ثُمَّ نَسَخَ اللَّهُ ذَلِكَ بِالْفَرَائِضِ , وَبِقَوْلِهِ: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ} [النساء: 33]
(6/677)
 
 
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ , قَالَ: ثنا إِدْرِيسُ بْنُ يَزِيدَ , قَالَ: ثنا طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , فِي قَوْلِهِ: (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ) قَالَ: كَانَ الْمُهَاجِرُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَرِثُ الْمُهَاجِرِيُّ الْأَنْصَارِيُّ دُونَ ذَوِي رَحِمِهِ , لِلْأُخُوَّةِ الَّتِي آخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ , فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} [النساء: 33] نُسِخَتْ "
(6/678)
 
 
حَدَّثَنِي يُونُسُ , قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ , قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: (وَالَّذِينَ [ص:679] عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ) الَّذِينَ عَقَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} [النساء: 33] إِذَا لَمْ يَأْتِ رَحِمٌ يَحُولُ بَيْنَهُمْ قَالَ: وَهُوَ لَا يَكُونُ الْيَوْمَ , إِنَّمَا كَانَ فِي نَفَرٍ آخَى بَيْنَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَانْقَطَعَ ذَلِكَ , وَلَا يَكُونُ هَذَا لِأَحَدٍ إِلَّا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , كَانَ آخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالْيَوْمَ لَا يُؤَاخَى بَيْنَ أَحَدٍ " وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَهْلِ الْعَقْدِ بِالْحَلِفِ , وَلَكِنَّهُمْ أُمِرُوا أَنْ يُؤْتِيَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا أَنْصِبَاءَهُمْ مِنَ النُّصْرَةِ وَالنَّصِيحَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ دُونَ الْمِيرَاثِ
(6/678)
 
 
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ , قَالَ: ثنا إِدْرِيسُ الْأَوْدِيُّ , قَالَ: ثنا طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} [النساء: 33] مِنَ النَّصْرِ وَالنَّصِيحَةِ وَالرِّفَادَةِ , وَيُوصِي لَهُمْ , وَقَدْ ذَهَبَ الْمِيرَاثُ "
(6/679)
 
 
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ , قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ , قَالَ: ثنا سُفْيَانُ , عَنْ مَنْصُورٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 33] قَالَ: «كَانَ حِلْفٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ , فَأُمِرُوا فِي الْإِسْلَامِ أَنْ يُعْطُوهُمُ نَصِيبَهُمْ مِنَ الْعَقْلِ وَالنُّصْرَةِ وَالْمَشُورَةِ , وَلَا مِيرَاثَ»
(6/679)
 
 
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ , عَنْ مَنْصُورٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ) مِنَ الْعَوْنِ وَالنَّصْرِ وَالْحِلْفِ "
(6/680)
 
 
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ , عَنْ مَنْصُورٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ: (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ) قَالَ: كَانَ هَذَا حِلْفًا فِي الْجَاهِلِيَّةَ , فَلَمَّا كَانَ الْإِسْلَامُ أُمِرُوا أَنْ يُؤْتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ مِنَ النَّصْرِ وَالْوَلَاءِ وَالْمَشُورَةِ , وَلَا مِيرَاثَ "
(6/680)
 
 
حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي زَائِدَةَ , قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ , قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ) أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ , أَنَّهُ سَمِعَ مُجَاهِدًا , يَقُولُ: هُوَ الْحِلْفُ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ قَالَ: وَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ قَالَ: النَّصْرُ "
(6/680)
 
 
حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى , قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ , قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ , قَالَ: «هُوَ الْحِلْفُ» قَالَ: {فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} [النساء: 33] قَالَ: «الْعَقْلُ وَالنَّصْرُ»
(6/680)
 
 
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ , عَنْ عِيسَى , عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ: (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ) قَالَ: لَهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ النَّصْرِ وَالرِّفَادَةِ وَالْعَقْلِ " [ص:681] حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ , عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ , نَحْوَهُ
(6/680)
 
 
حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ: ثنا الْحِمَّانِيُّ , قَالَ: ثنا شَرِيكٌ , عَنْ سَالِمٍ , عَنْ سَعِيدٍ: (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ) قَالَ: هُمُ الْحُلَفَاءُ " حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ: ثنا الْحِمَّانِيُّ , قَالَ: ثنا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ , عَنْ خُصَيْفٍ , عَنْ عِكْرِمَةَ , مِثْلَهُ
(6/681)
 
 
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ , قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ , قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ , عَنِ السُّدِّيِّ: (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ) أَمَّا عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَالْحِلْفُ كَانَ الرَّجُلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَنْزِلُ فِي الْقَوْمِ فَيُحَالِفُونَهُ عَلَى أَنَّهُ مِنْهُمْ يُوَاسُونَهُ بِأَنْفُسِهِمْ , فَإِذَا كَانَ لَهُمْ حَقٌّ أَوْ قِتَالٌ كَانَ مِثْلَهُمْ , وَإِذَا كَانَ لَهُ حَقٌّ أَوْ نُصْرَةٌ خَذَلُوهُ؛ فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ سَأَلُوا عَنْهُ , وَأَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُشَدِّدَهُ , وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَمْ يَزِدِ الْإِسْلَامُ الْحُلَفَاءَ إِلَّا شِدَّةً» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الَّذِينَ كَانُوا يَتَبَنُّونَ أَبْنَاءَ غَيْرِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةَ , فَأُمِرُوا فِي الْإِسْلَامِ أَنْ يُوصُوا لَهُمْ عِنْدَ الْمَوْتِ وَصِيَّةً
(6/681)
 
 
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , قَالَ: ثني اللَّيْثُ , عَنْ عَقِيلٍ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , قَالَ: ثني سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ اللَّهَ , قَالَ: (وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ) قَالَ [ص:682] سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: إِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الَّذِينَ كَانُوا يَتَبَنُّونَ رِجَالًا غَيْرَ أَبْنَائِهِمْ وَيُوَرِّثُونَهُمْ , فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ , فَجَعَلَ لَهُمْ نَصِيبًا فِي الْوَصِيَّةِ , وَرَدَّ الْمِيرَاثَ إِلَى الْمَوَالِي فِي ذَوِي الرَّحِمِ وَالْعَصَبَةِ , وَأَبَى اللَّهُ لِلْمُدَّعِينَ مِيرَاثًا مِمَّنِ ادَّعَاهُمْ وَتَبَنَّاهُمْ , وَلَكِنَّ اللَّهَ جَعَلَ لَهُمْ نَصِيبًا فِي الْوَصِيَّةِ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ عَقَدْتُ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 33] قَوْلُ مَنْ قَالَ: وَالَّذِينَ عَقَدْتُ أَيْمَانُكُمْ عَلَى الْمُحَالَفَةِ , وَهُمُ الْحُلَفَاءُ , وَذَلِكَ أَنَّهُ مَعْلُومٌ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِأَيَّامِ الْعَرَبِ وَأَخْبَارِهَا أَنَّ عَقْدَ الْحِلْفِ بَيْنَهَا كَانَ يَكُونُ بِالْأَيمَانِ وَالْعُهوُدِ وَالْمَوَاثِيقِ , عَلَى نَحْوِ مَا قَدْ ذَكَرْنَا مِنَ الرِّوَايَةِ فِي ذَلِكَ. فَإِذْ كَانَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِنَّمَا وَصَفَ الَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُهُمْ مَا عَقَدُوهُ بِهَا بَيْنَهُمْ دُونَ مَنْ لَمْ يَعْقِدْ عَقَدَ مَا بَيْنَهُمْ أَيْمَانُهُمْ , وَكَانَتْ مُؤَاخَاةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ مَنْ آخَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ , لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمْ بِأَيْمَانِهِمْ , وَكَذَلِكَ التَّبَنِّي كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الصَّوَابَ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: هُوَ الْحِلْفُ دُونَ غَيْرِهِ لِمَا وَصَفْنَا مِنَ الْعِلَّةِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: {فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} [النساء: 33] فَإِنَّ أَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِهِ , مَا عَلَيْهِ الْجَمِيعُ مُجْمِعُونَ مِنْ حُكْمِهِ الثَّابِتِ , وَذَلِكَ إِيتَاءُ أَهْلِ الْحِلْفِ الَّذِي كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ دُونَ الْإِسْلَامِ بَعْضَهُمْ بَعْضًا أَنْصِبَاءَهُمْ مِنَ النُّصْرَةِ وَالنَّصِيحَةِ وَالرَّأْيِ دُونَ الْمِيرَاثِ
(6/681)
 
 
وَذَلِكَ لِصِحَّةِ الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ قَالَ: «لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ , وَمَا كَانَ مِنْ حِلْفٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ إِلَّا شِدَّةً» [ص:683] حَدَّثَنَا بِذَلِكَ أَبُو كُرَيْبٍ , قَالَ: ثنا وَكِيعٌ , عَنْ شَرِيكٍ , عَنْ سِمَاكٍ , عَنْ عِكْرِمَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(6/682)
 
 
وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , قَالَ: ثنا مُصْعَبُ بْنُ الْمِقْدَامِ , عَنْ إِسْرَائِيلَ بْنِ يُونُسَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ , عَنْ عِكْرِمَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ , وَكُلُّ حِلْفٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ إِلَّا شِدَّةً , وَمَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِيَ حُمْرَ النَّعَمِ وَأَنَّى نَقَضْتُ الْحِلْفَ الَّذِي كَانَ فِي دَارِ النَّدْوَةِ»
(6/683)
 
 
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ , قَالَ: ثنا جَرِيرٌ , عَنْ مُغِيرَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ شُعْبَةَ بْنِ التَّوْأَمِ الضَّبِّيِّ: أَنَّ قَيْسَ بْنَ عَاصِمٍ , سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ ال