تنوير المقباس من تفسير ابن عباس 006

عدد الزوار 255 التاريخ 15/08/2020

 
وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (38)
{وَفِي مُوسَى} أَيْضا عِبْرَة {إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ} بِحجَّة بَيِّنَة الْيَد والعصا
(1/442)
1
فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (39)
{فَتَوَلّى بِرُكْنِهِ} فَأَعْرض فِرْعَوْن عَن الْإِيمَان بِالْآيَةِ وبموسى بركنه بجُنُوده {وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} يختنق
(1/442)
1
فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (40)
{فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ} جموعه {فَنَبَذْنَاهُمْ} فأغرقناهم {فِي اليم} فِي الْبَحْر {وَهُوَ مُلِيمٌ} مَذْمُوم عِنْد الله يلوم نَفسه
(1/442)
1
وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (41)
{وَفِي عَادٍ} فِي قوم هود أَيْضا عِبْرَة {إِذْ أَرْسَلْنَا} سلطنا {عَلَيْهِمُ الرّيح الْعَقِيم} الشَّدِيدَة الَّتِي لَا فرج لَهُم فِيهَا وَهِي الرّيح الدبور
(1/442)
1
مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (42)
{مَا تَذَرُ} مَا تتْرك {مِن شَيْءٍ} مِنْهُم وَلَهُم {أَتَتْ عَلَيْهِ} مرت عَلَيْهِ الرّيح {إِلاَّ جَعَلَتْهُ كالرميم} كالتراب
(1/442)
1
وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ (43)
{وَفِي ثَمُودَ} أَي فِي قوم صَالح أَيْضا عِبْرَة {إِذْ قِيلَ لَهُمْ} قَالَ لَهُم صَالح بعد عقرهم النَّاقة {تَمَتَّعُواْ} عيشوا {حَتَّى حِينٍ} إِلَى حِين الْعَذَاب
(1/442)
1
فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (44)
{فَعَتَوْاْ} فَأَبَوا {عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ} عَن قبُول أَمر رَبهم {فَأَخَذَتْهُمُ الصاعقة} الصَّيْحَة بِالْعَذَابِ {وَهُمْ يَنظُرُونَ} إِلَى الْعَذَاب نازلاً عَلَيْهِم
(1/442)
1
فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ (45)
{فَمَا اسْتَطَاعُوا مِن قِيَامٍ} لم يقدروا أَن يقومُوا من عَذَاب الله {وَمَا كَانُواْ مُنتَصِرِينَ} ممتنعين بأبدانهم من الْعَذَاب
(1/442)
1
وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (46)
{وَقَوْمَ نُوحٍ} أهلكناهم {مِّن قَبْلُ} من قبل قوم صَالح {إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ} كَافِرين
(1/442)
1
وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (47)
{وَالسَّمَاء بنيناها} خلقناها {بأيد} بِقُوَّة {وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} لَهَا مَا نشَاء وَيُقَال إِنَّا لموسعون بالرزق
(1/442)
1
وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ (48)
{وَالْأَرْض فَرَشْنَاهَا} على المَاء {فَنِعْمَ الماهدون} الفارشون
(1/442)
1
وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (49)
{وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} لونين فِي الأَرْض {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} لكَي تتعظوا فيمَ خلق الله
(1/442)
1
فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (50)
{فَفرُّوا إِلَى الله} فَفرُّوا من الله إِلَى الله وَيُقَال من مَعْصِيّة الله إِلَى طَاعَة الله وَيُقَال من طَاعَة الشَّيْطَان إِلَى طَاعَة الرَّحْمَن {إِنِّي لَكُمْ مِّنْهُ} من الله {نَذِيرٌ مُّبِينٌ} رَسُول مخوف مُبين بلغَة تعلمونها
(1/442)
1
وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (51)
{وَلاَ تَجْعَلُواْ مَعَ الله إِلَهًا آخَرَ} لَا تَقولُوا لله ولد وَلَا شريك {إِنِّي لَكُمْ مِّنْهُ} من الله {نَذِيرٌ مُّبِينٌ} مخوف بلغَة تعلمونها
(1/442)
1
كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (52)
{كَذَلِك} كَمَا قَالَ لَك قَوْمك سَاحر
(1/442)
1
أَو مَجْنُون {مَآ أَتَى الَّذين مِن قَبْلِهِمْ} من قبل قَوْمك {مِّن رَّسُولٍ} دعاهم إِلَى الله {إِلاَّ قَالُواْ} لذَلِك الرَّسُول {سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ}
(1/443)
1
أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (53)
{أَتَوَاصَوْاْ بِهِ} أتوافق كل قوم على أَن قَالُوا لرسولهم سَاحر أَو مَجْنُون {بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} كافرون
(1/443)
1
فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ (54)
{فَتَوَلَّ عَنْهُمْ} فَأَعْرض عَنْهُم يَا مُحَمَّد {فَمَآ أَنتَ بِمَلُومٍ} بمذموم عندنَا قد أعذرت وأبلغت ثمَّ أَمر بعد ذَلِك بِالْقِتَالِ
(1/443)
1
وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55)
{وَذَكِّرْ} عظ بِالْقُرْآنِ {فَإِنَّ الذكرى} العظة بِالْقُرْآنِ {تَنفَعُ الْمُؤمنِينَ} تزيد الْمُؤمنِينَ صلاحاً
(1/443)
1
وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)
{وَمَا خلقت الْجِنّ وَالْإِنْس إِلَّا ليعبدون} ليطيعون وَهَذَا أَمر خَاص لأهل طَاعَته وَيُقَال لَو خلقهمْ لِلْعِبَادَةِ مَا عصوا رَبهم طرفَة عين وَقَالَ عَليّ بن أبي طَالب مَا خلقتهمْ إِلَّا أَن آمُرهُم وأكلفهم وَيُقَال وَمَا خلقت الْجِنّ وَالْإِنْس إِلَّا ليعبدون إِلَّا أَمرتهم أَن يوحدونى ويعبدونى
(1/443)
1
مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57)
{مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ} لم أكلفهم أَن يرزقو أنفسهم {وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ} وَلم أكلفهم أَن يعينوني على أَرْزَاقهم
(1/443)
1
إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)
{إِنَّ الله هُوَ الرَّزَّاق} لِعِبَادِهِ {ذُو الْقُوَّة} على أعدائه {المتين} الشَّديد الْعقُوبَة لَهُم
(1/443)
1
فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ (59)
{فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ} كفار مَكَّة {ذَنُوباً} عذَابا بعضه على أثر بعض {مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ} مثل عَذَاب الَّذين كَانُوا من قبلهم {فَلاَ يَسْتَعْجِلُونِ} بِالْعَذَابِ والهلاك
(1/443)
1
فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (60)
{فويل} شدَّة عَذَاب {للَّذين كفرُوا} بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن {مِن يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ} يخوفون فِيهِ من الْعَذَاب الَّذِي بَين فِي سُورَة الطّور
وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا الطّور وهى كلهَا مَكِّيَّة آياتها ثَمَان وَأَرْبَعُونَ وكلماتها ثَمَانمِائَة وثنتا عشرَة كلمة وحروفها ألف وَخَمْسمِائة
{بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم}
(1/443)
1
وَالطُّورِ (1)
وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {وَالطور} يَقُول أقسم الله بجبل زبير وكل جبل فَهُوَ طور بِلِسَان السريانية والقبط وَلَكِن عَنى الله بِهِ الْجَبَل الَّذِي كلم الله عَلَيْهِ مُوسَى وَهُوَ جبل مَدين واسْمه زبير أقسم الله بِهِ
(1/443)
1
وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2)
{وَكِتَابٍ مُّسْطُورٍ} وَأقسم باللوح الْمَحْفُوظ مَكْتُوب فِيهِ أَعمال بني آدم
(1/443)
1
فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3)
{فِي رَقٍّ} يَعْنِي أديماً {مَّنْشُورٍ} مَكْتُوب فِي صحف مَفْتُوحَة يَقْرَأها بَنو آدم يَوْم الْقِيَامَة وَهُوَ ديوَان الْحفظَة
(1/443)
1
وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (4)
{وَالْبَيْت الْمَعْمُور} وَأقسم بِالْبَيْتِ الْمَعْمُور بِالْمَلَائِكَةِ وَهُوَ فِي السَّمَاء السَّادِسَة بحيال الْكَعْبَة مَا بَينه وَبَين الْكَعْبَة إِلَى تخوم الْأَرْضين السَّابِعَة حرم يدْخل فِيهِ كل يَوْم سَبْعُونَ ألف ملك لَا يعودون إِلَيْهِ أبدا وَهُوَ الْبَيْت الَّذِي بناه آدم وَرفع إِلَى السَّمَاء السَّادِسَة من الطوفان وَهُوَ يُسمى الضراح وَهُوَ مُقَابل الْكَعْبَة
(1/443)
1
وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (5)
{والسقف الْمَرْفُوع} وَأقسم بالسماء المرفوعة فَوق كل شىء
(1/443)
1
وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (6)
{وَالْبَحْر الْمَسْجُور} وَأقسم بالبحر الممتلىء وَهُوَ بَحر فَوق السَّمَاء السَّابِعَة تَحت عرش الرَّحْمَن يُسمى الْحَيَوَان يحيي الله بِهِ الْخَلَائق يَوْم الْقِيَامَة وَيُقَال وَالْبَحْر الْمَسْجُور هُوَ بَحر حَار يصير نَارا وَيفتح فِي جَهَنَّم يَوْم الْقِيَامَة أقسم الله بِهَذِهِ الْأَشْيَاء
(1/443)
1
إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (7)
{إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ} يَوْم الْقِيَامَة {لَوَاقِعٌ} لكائن نَازل على قُرَيْش
(1/443)
1
مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ (8)
{مَاله} للعذاب {مِن دَافِعٍ} من مَانع
(1/443)
1
يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (9)
{يَوْمَ تَمُورُ السمآء} تَدور السَّمَاء {مَوْراً} بِأَهْلِهَا دوراناً كدوران الرحا وتموج الْخَلَائق بَعضهم فِي بعض من الهول
(1/443)
1
وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا (10)
{وَتَسِيرُ الْجبَال} على وَجه الأَرْض {سَيْراً} كسير السَّحَاب فِي الْهَوَاء
(1/443)
1
فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (11)
{فَوَيْلٌ} شدَّة الْعَذَاب {يَوْمَئِذٍ} وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة {للمكذبين} بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن وَهُوَ أَبُو جهل وَأَصْحَابه
(1/443)
1
الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ (12)
{الَّذين هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ} فِي بَاطِل يَخُوضُونَ
(1/443)
1
يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (13)
{يَوْمَ يُدَعُّونَ} يدْفَعُونَ {إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا} دفعا تدفعهم الْمَلَائِكَة وتجرهم على وُجُوههم إِلَى جَهَنَّم وَتقول لَهُم الزَّبَانِيَة
(1/443)
1
هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (14)
{هَذِه النَّار الَّتِي كُنتُم بِهَا} فِي الدُّنْيَا {تُكَذِّبُونَ} أَنَّهَا لَا تكون
(1/443)
1
أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ (15)
{أَفَسِحْرٌ هَذَا} هَذَا الْيَوْم
(1/443)
1
وَهَذَا الْعَذَاب لأنكم قُلْتُمْ فِي الدُّنْيَا للأنبياء هم سحرة {أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ} لَا تعقلون يَقُول الله
(1/444)
1
اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (16)
{اصلوها} ادخلوها يَعْنِي النَّار {فَاصْبِرُوا} على عَذَابهَا {أَوْ لاَ تَصْبِرُواْ} على عَذَابهَا {سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ} الْجزع وَالصَّبْر {إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} وتقولون فِي الدُّنْيَا
(1/444)
1
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (17)
ثمَّ بَين مُسْتَقر الْمُؤمنِينَ أبي بكر وَأَصْحَابه فَقَالَ {إِنَّ الْمُتَّقِينَ} الْكفْر والشرك وَالْفَوَاحِش {فِي جَنَّاتٍ} فِي بساتين {وَنَعِيمٍ} دَائِم
(1/444)
1
فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (18)
{فَاكِهِينَ} معجبين {بِمَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ} بِمَا أَعْطَاهُم رَبهم فِي الْجنَّة {وَوَقَاهُمْ} دفع عَنْهُم {رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيم} عَذَاب النَّار فَيَقُول الله لَهُم
(1/444)
1
كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (19)
{كُلُواْ} من ثمار الْجنَّة {وَاشْرَبُوا} من أنهارها {هَنِيئَاً} بِلَا دَاء وَلَا إِثْم وَلَا موت {بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} وتقولون فِي الدُّنْيَا
(1/444)
1
مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (20)
{مُتَّكِئِينَ} جالسين {على سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ} قد صف بَعْضهَا إِلَى بعض {وَزَوَّجْنَاهُم} قرناهم فِي الْجنَّة {بِحُورٍ} بجوار بيض {عِينٍ} عِظَام الْأَعْين حسان الْوُجُوه
(1/444)
1
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21)
{وَالَّذين آمنُوا} بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن وَصَدقُوا بإيمَانهمْ {وَاتَّبَعتهمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ} بِإِيمَان الذُّرِّيَّة فِي الدُّنْيَا {أَلْحَقْنَا بِهِمْ} بِالْآبَاءِ {ذُرِّيَّتَهُمْ} فِي الْآخِرَة فِي دَرَجَة آبَائِهِم وَيُقَال وَالَّذين آمنُوا بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن يدخلهم الْجنَّة وأتبعتهم ذُرِّيتهمْ الصغار فِي درجاتهم بِإِيمَان الذُّرِّيَّة يَوْم الْمِيثَاق ألحقنا بهم بِالْآبَاءِ يَقُول ألحقنا بدرجات الْآبَاء ذُرِّيتهمْ المدركين إِذا كَانَت دَرَجَة آبَائِهِم أرفع {وَمَآ أَلَتْنَاهُمْ مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ} يَقُول لم ننقص من دَرَجَة الْآبَاء وثوابهم لأجل إِلْحَاق الذُّرِّيَّة بهم {كل امْرِئ بِمَا كَسَبَ} من الذُّنُوب {رَهَينٌ} مُرْتَهن فيفعل الله بهم مَا يَشَاء
(1/444)
1
وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (22)
{وَأَمْدَدْنَاهُم} أعطيناهم يَعْنِي أهل الْجنَّة فِي الْجنَّة {بِفَاكِهَةٍ} بألوان الْفَاكِهَة {وَلَحْمٍ} أَي لحم طير {مِّمَّا يَشْتَهُونَ} يتمنون
(1/444)
1
يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ (23)
{يَتَنَازَعُونَ فِيهَا} يتعاطون فِي الْجنَّة {كَأْساً} خمرًا {لاَّ لَغْوٌ فِيهَا} لَا وجع للبطن من شربهَا {وَلاَ تَأْثِيمٌ} لَا إِثْم عَلَيْهِم فِي شربهَا وَيُقَال لَا لَغْو فِيهَا لَا بَاطِل فِيهَا وَلَا حلف فِي الْجنَّة وَلَا تأثيم لَا يشْتم وَلَا يكذب بَعضهم بَعْضًا
(1/444)
1
وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (24)
{وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ} فِي الْخدمَة {غِلْمَانٌ} وصفاء {لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ} فِي الصفاء {لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ} قد كن من الْحر وَالْبرد والقر
(1/444)
1
وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (25)
{وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ} فِي الزِّيَارَة {يَتَسَآءَلُونَ} يتحدثون من أَمر الدُّنْيَا
(1/444)
1
قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26)
{قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ} قبل دُخُول الْجنَّة {فِي أَهْلِنَا} مَعَ أهلنا فِي الدُّنْيَا {مُشْفِقِينَ} خَائِفين من عَذَاب الله
(1/444)
1
فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (27)
{فَمَنَّ الله عَلَيْنَا} بالمغفرة وَالرَّحْمَة وَدخُول الْجنَّة {وَوَقَانَا} دفع عَنَّا {عَذَابَ السمُوم} عَذَاب النَّار
(1/444)
1
إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28)
{إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ} من قبل الْمَغْفِرَة وَالرَّحْمَة {نَدْعُوهُ} نعبده ونوحده {إِنَّهُ هُوَ الْبر} الصَّادِق فِي قَوْله فِيمَا وعد لنا {الرَّحِيم} بعباده الْمُؤمنِينَ إِذْ رحمنا
(1/444)
1
فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ (29)
{فَذَكِّرْ} فعظ يَا مُحَمَّد {فَمَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ} بِالنُّبُوَّةِ وَالْإِسْلَام {بِكَاهِنٍ} تخبر بِمَا فِي الْغَد {وَلاَ مَجْنُونٍ} لَا تختنق
(1/444)
1
أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (30)
{أَمْ يَقُولُونَ} بل يَقُولُونَ كفار مَكَّة أَبُو جهل والوليد بن الْمُغيرَة وَأَصْحَابه {شَاعِرٌ} يتقوله من تِلْقَاء نَفسه {نَّتَرَبَّصُ بِهِ} نَنْتَظِر بِهِ {رَيْبَ الْمنون} أوجاع الْمَوْت
(1/444)
1
قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ (31)
{قل} يَا مُحَمَّد لأبى جهل والوليد بن الْمُغيرَة وَأَصْحَابه {تَرَبَّصُواْ} انتظروا موتِي {فَإِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ المتربصين} من المنتظرين بكم الْعَذَاب فعذبوا يَوْم بدر
(1/444)
1
أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (32)
{أم تَأْمُرهُمْ} أتأمرهم {أحلامهم} أى عُقُولهمْ {بِهَذَا} التَّكْذِيب والشتم والأذى بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهَذِه طعنة لَهُم من الله {أَمْ هُمْ} بل هم {قَوْمٌ طَاغُونَ} كافرون عالون فِي مَعْصِيّة الله
(1/444)
1
أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ (33)
{أَمْ يَقُولُونَ} بل يَقُولُونَ كفار مَكَّة {تَقَوَّلَهُ} تخلق وَكذب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن من تِلْقَاء نَفسه {بَل لاَّ يُؤْمِنُونَ} بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي علم الله
(1/444)
1
فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (34)
{فَلْيَأْتُواْ بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ} فليجيئوا بقرآن مثل قُرْآن مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من تِلْقَاء أنفسهم {إِن كَانُواْ صَادِقِينَ} أَن مُحَمَّدًا تَقوله من تِلْقَاء
(1/444)
1
نَفسه
(1/445)
1
أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35)
{أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ} من غير أَب وَيُقَال من غير رب {أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} غير المخلوقين
(1/445)
1
أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ (36)
{أَمْ خَلَقُواْ السَّمَاوَات وَالْأَرْض} بل الله خلقهما {بل لَا يوقنون} بل لَا يصدقون بمحمدا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن
(1/445)
1
أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (37)
{أَمْ عِندَهُمْ} أعندهم {خَزَآئِنُ رَبِّكَ} مَفَاتِيح خَزَائِن رَبك بالمطر والرزق والنبات والنبوة {أَمْ هُمُ المصيطرون} المسلطون على ذَلِك
(1/445)
1
أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (38)
{أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ} يصعدون فِيهِ إِلَى السَّمَاء {فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ} بِحجَّة بَيِّنَة على مَا يَقُولُونَ
(1/445)
1
أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ (39)
{أَمْ لَهُ الْبَنَات} ترْضونَ لَهُ وَأَنْتُم تكرهونهن {وَلَكُمُ البنون} تختارونهم
(1/445)
1
أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (40)
{أَمْ تَسْأَلُهُمْ} يَا مُحَمَّد {أَجْراً} جعلا على الْإِيمَان {فهم من مغرم} من الْغرم {مثقلون} بالإجابة
(1/445)
1
أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (41)
{أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْب} بِأَنَّهُم لَا يبعثون {فَهُمْ يَكْتُبُونَ} أَي أم مَعَهم كتاب يَكْتُبُونَ مَا يشاءون من اللَّوْح الْمَحْفُوظ فهم يَكْتُبُونَ مِنْهُ مَا يَقُولُونَ ويعملون
(1/445)
1
أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ (42)
{أَمْ يُرِيدُونَ} بل يُرِيدُونَ {كَيْداً} قَتلك يَا مُحَمَّد {فَالَّذِينَ كَفَرُواْ} كفار مَكَّة أَبُو جهل وَأَصْحَابه الَّذين أَرَادوا قتل مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {هُمُ المكيدون} المقتولون يَوْم بدر
(1/445)
1
أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (43)
{أَمْ لَهُمْ إِلَه غَيْرُ الله} يمنعهُم من عَذَاب الله {سُبْحَانَ الله} نزه نَفسه {عَمَّا يُشْرِكُونَ} بِهِ من الْأَوْثَان
(1/445)
1
وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ (44)
{وَإِن يَرَوْاْ} كفار مَكَّة {كِسْفاً} قطعا {مِّنَ السمآء سَاقِطاً} نازلاً {يَقُولُواْ سَحَابٌ مَّرْكُومٌ} هَذَا سَحَاب مركوم بعضه على بعض من تكذيبهم
(1/445)
1
فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (45)
{فَذَرْهُمْ} اتركهم يَا مُحَمَّد {حَتَّى يُلاَقُواْ} يعاينوا {يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ} يموتون
(1/445)
1
يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (46)
{يَوْمَ} وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة {لاَ يُغْنِي عَنْهُمْ} عَن أبي جهل وَأَصْحَابه {كَيْدُهُمْ} لَا يَنْفَعهُمْ صنيعهم من عَذَاب الله {شَيْئاً وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ} يمْنَعُونَ عَمَّا يُرَاد بهم
(1/445)
1
وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (47)
{وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ} أشركوا كفار مَكَّة {عَذَاباً} فِي الْقَبْر {دُونَ ذَلِك} دون عَذَاب جَهَنَّم {وَلَكِن أَكْثَرَهُمْ} كلهم {لاَ يَعْلَمُونَ} ذَلِك وَلَا يصدقون
(1/445)
1
وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48)
{واصبر لِحُكْمِ رَبِّكَ} على تَبْلِيغ رِسَالَة رَبك وَيُقَال ارْض بِقَضَاء رَبك فِيمَا يصيبك فِي طَاعَة الله {فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} بمنظر منا {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} صل بِأَمْر رَبك {حِينَ تَقُومُ} من فراشك صَلَاة الْفجْر
(1/445)
1
وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (49)
{وَمِنَ اللَّيْل} وَإِلَى اللَّيْل وَبعد دُخُول اللَّيْل {فَسَبِّحْهُ} فصل لَهُ صَلَاة الظّهْر وَالْعصر وَالْمغْرب وَالْعشَاء {وَإِدْبَارَ النُّجُوم} رَكْعَتَيْنِ بعد الْفجْر وإدبار النَّجْم إِذا هوى
وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا النَّجْم وهى كلهَا مَكِّيَّة إِلَّا الْآيَة الَّتِى نزلت فى عُثْمَان وَعبد الله ابْن سعد بن أَبى سرح فانها مَدَنِيَّة آياتها سِتُّونَ وكلماتها ثلثمِائة وحروفها ألف وَأَرْبَعمِائَة وَخَمْسَة أحرف
{بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم}
(1/445)
1
وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1)
وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله جلّ ذكره {والنجم إِذَا هوى} يَقُول أقسم الله بِالْقُرْآنِ إِذا نزل بِهِ جِبْرِيل على مُحَمَّد نجوماً آيَة وآيتين وَثَلَاثًا وأربعاً وَكَانَ من أَوله إِلَى آخِره عشرُون سنة فَلَمَّا نزلت هَذِه الْآيَة سمع عتبَة بن أبي لَهب أَن مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقسم بنجوم الْقُرْآن فَقَالَ أبلغوا مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنِّي كَافِر بنجوم الْقُرْآن فَلَمَّا بلغُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اللَّهُمَّ سلط عَلَيْهِ سبعا من سباعك فَسلط الله عَلَيْهِ أسداً قَرِيبا من حران فَأخْرجهُ من بَين أَصْحَابه غير بعيد ومزقه من رَأسه إِلَى قدمه وَلم يذقه لنجاسته وَلَكِن تَركه كَمَا كَانَ لدَعْوَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ أقسم الله بالنجوم إِذا غَابَتْ
(1/445)
1
مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2)
{مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ} وَلِهَذَا كَانَ الْقسم مَا كذب نَبِيكُم مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا قَالَ لكم {وَمَا غوى} لم يخطىء وَلم يضل فِي قَوْله
(1/445)
1
وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3)
{وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهوى} لم يتَكَلَّم بِالْقُرْآنِ بهوى نَفسه
(1/445)
1
إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)
{إِنْ هُوَ} مَا هُوَ يَعْنِي الْقُرْآن
(1/445)
1
{إِلاَّ وَحْيٌ} من الله {يُوحى} إِلَيْهِ جِبْرِيل حَتَّى جَاءَ إِلَيْهِ وقرأه عَلَيْهِ
(1/446)
1
عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5)
{عَلَّمَهُ} أَي أعلمهُ جِبْرِيل {شَدِيدُ القوى} وَهُوَ شَدِيد الْقُوَّة بِالْبدنِ
(1/446)
1
ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6)
{ذُو مِرَّةٍ} ذُو شدَّة وَيُقَال ذُو قُوَّة وَكَانَت قوته حَيْثُ أَدخل يَده تَحت قريات لوط فقلعها من المَاء الْأسود ورفعها إِلَى السَّمَاء وقلبها فَأَقْبَلت تهوي من السَّمَاء إِلَى الأَرْض وَكَانَت شدته حَيْثُ أَخذ بِعضَادَتَيْ بَاب أنطاكية فصاح فِيهَا صَيْحَة فَمَاتَ من فِيهَا من الْخَلَائق وَيُقَال كَانَت شدته حَيْثُ نفح إِبْلِيس نفحة بريشة من جنَاحه على عقبَة من أعقاب بَيت الْمُقَدّس فمضربه على أقْصَى حجر بِالْهِنْدِ {فَاسْتَوَى} جِبْرِيل فِي صورته الَّتِي خلقه الله عَلَيْهَا وَيُقَال فَاسْتَوَى فِي صُورَة خلق حسن
(1/446)
1
وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7)
{وَهُوَ بالأفق الْأَعْلَى} بمطلع الشَّمْس وَيُقَال فِي السَّمَاء السَّابِعَة
(1/446)
1
ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8)
{ثمَّ دنا} جِبْرِيل إِلَى مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيُقَال مُحَمَّد إِلَى ربه {فَتَدَلَّى} فتقرب
(1/446)
1
فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9)
{فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ} من قسي الْعَرَب {أَوْ أدنى} بل أدنى بِنصْف قَوس
(1/446)
1
فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10)
{فَأوحى إِلَى عَبْدِهِ} جِبْرِيل {مَآ أوحى} إِلَى عَبده مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيُقَال فَأوحى جِبْرِيل إِلَى عَبده مُحَمَّد عَلَيْهِ السَّلَام مَا أوحى الَّذِي أوحى وَيُقَال فَأوحى إِلَى عَبده مُحَمَّد الَّذِي أوحى
(1/446)
1
مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11)
{مَا كذب الْفُؤَاد} فؤاد مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {مَا أرى} الذى رأى بِهِ بِقَلْبِه وَيُقَال رأى ربه بفؤاده وَيُقَال ببصره وَهَذَا جَوَاب الْقسم
(1/446)
1
أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12)
فَلَمَّا أخْبرهُم النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كذبوه فَنزل {أَفَتُمَارُونَهُ} أفتكذبونه {على مَا يرى} على مَا قدر أَي مُحَمَّد عَلَيْهِ السَّلَام وَإِن قَرَأت بِالْألف يَقُول أفتجادلونه على مَا قد رأى
(1/446)
1
وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13)
{وَلَقَد رَآهُ} يَعْنِي رأى مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جِبْرِيل وَيُقَال ربه بفؤاده وَيُقَال ببصره {نَزْلَةً أُخْرَى} مرّة أُخْرَى غير الَّتِي أخْبركُم بهَا
(1/446)
1
عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14)
{عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى} الَّتِي يَنْتَهِي إِلَيْهَا كل ملك مقرب وَنَبِي مُرْسل وَيُقَال يَنْتَهِي إِلَيْهَا علم كل ملك مقرب وَنَبِي مُرْسل وعالم راسخ
(1/446)
1
عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15)
{عِندَهَا} عِنْد السِّدْرَة {جَنَّةُ المأوى} تأوي إِلَيْهَا أَرْوَاح الشُّهَدَاء
(1/446)
1
إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16)
{إِذْ يغشى السِّدْرَة} يَعْلُو السِّدْرَة {مَا يغشى} مَا يَعْلُو فرَاش من ذهب وَيُقَال نور وَيُقَال مَلَائِكَة
(1/446)
1
مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17)
{مَا زَاغَ الْبَصَر} مَا مَال الْبَصَر بصر مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَمِينا وَلَا شمالاً بِمَا رأى {وَمَا طَغى} مَا تجَاوز عَمَّا رأى جِبْرِيل لَهُ سِتّمائَة جنَاح
(1/446)
1
لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18)
{لقد رأى} مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} من عجائب ربه الْكُبْرَى أَي الْعُظْمَى
(1/446)
1
أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19)
{أَفَرَأَيْتُمُ} أفتظنون يَا أهل مَكَّة أَن {اللات والعزى} الْأُخْرَى
(1/446)
1
وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20)
{وَمَنَاةَ الثَّالِثَة الْأُخْرَى} تنفعكم فِي الْآخِرَة بل لَا تنفعكم وَيُقَال أفتظنون أَن عبادتكم اللات والعزى الْأُخْرَى وَمَنَاة الثَّالِثَة فِي الدُّنْيَا تنفعكم فى الْآخِرَة لَا تنفعكم أما اللات فَكَانَت صنماً بِالطَّائِف لثقيف يعبدونها وَأما الْعُزَّى فَكَانَت شَجَرَة بِبَطن نَخْلَة لغطفان يعبدونها وَمَا مَنَاة الثَّلَاثَة فَكَانَت صنماً بِمَكَّة لهذيل وخزاعة يعبدونها من دون الله
(1/446)
1
أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (21)
{أَلَكُمُ الذّكر} يَا أهل مَكَّة ترضونه لأنفسكم {وَلَهُ الْأُنْثَى} وَأَنْتُم تكرهونها وَلَا ترضونها لأنفسكم
(1/446)
1
تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (22)
{تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضيزى} جائرة
(1/446)
1
إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى (23)
{إِنْ هِيَ} مَا هِيَ اللات والعزى وَمَنَاة الثَّالِثَة {إِلاَّ أَسْمَآءٌ} أصنام {سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم} الْآلهَة وَيُقَال صنعتموها أَنْتُم وآباؤكم لأنفسكم {مَّآ أَنَزَلَ الله بِهَا} بعبادتكم لَهَا وتسميتكم لَهَا {مِن سُلْطَانٍ} من كتاب فِيهِ حجتكم {إِن يَتَّبِعُونَ} مَا يعْبدُونَ اللات والعزى وَمَنَاة الثَّالِثَة وَمَا يسمونها الْآلهَة {إِلاَّ الظَّن} إِلَّا بِالظَّنِّ بِغَيْر يَقِين {وَمَا تَهْوَى الْأَنْفس} وبهوى الْأَنْفس {وَلَقَدْ جَآءَهُم} يَعْنِي أهل مَكَّة {مِّن رَّبِّهِمُ الْهدى} الْبَيَان فِي الْقُرْآن بِأَن لَيْسَ لله ولد وَلَا شريك
(1/446)
1
أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى (24)
{أَمْ لِلإِنسَانِ} لأهل مَكَّة {مَا تمنى} مَا يشتهون أَن الْمَلَائِكَة والأصنام يشفعون لَهُم
(1/446)
1
فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى (25)
{فَلِلَّهِ الْآخِرَة} بِإِعْطَاء الثَّوَاب والكرامة والشفاعة وَالْأولَى بِإِعْطَاء الْمعرفَة والتوفيق
(1/446)
1
وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى (26)
{وَكَمْ مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَات} مِمَّن زعمتم أَنهم بَنَات الله {لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً} لَا يشفعون لأحد {إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ الله} يَأْمر الله بالشفاعة {لِمَن يَشَآءُ} لمن كَانَ أَهلا لذَلِك من الْمُؤمنِينَ {ويرضى} عَنْهُم بِالتَّوْحِيدِ
(1/446)
1
إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى (27)
{إِنَّ الَّذين لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَة} بِالْبَعْثِ بعد الْمَوْت يَعْنِي كفار مَكَّة
(1/446)
1
{لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَة تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى} يجعلونهم بَنَات الله
(1/447)
1
وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا (28)
{وَمَا لَهُم بِهِ} بِمَا يَقُولُونَ {مِنْ عِلْمٍ} من حجَّة وَلَا بَيَان {إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّن} مَا يَقُولُونَ إِلَّا الظَّن يَعْنِي بِغَيْر يَقِين يفترون {وَإِنَّ الظَّن} وَإِن عبَادَة الظَّن وَقَول الظَّن {لاَ يُغْنِي مِنَ الْحق} من عَذَاب الله {شَيْئاً}
(1/447)
1
فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29)
{فَأَعْرِضْ} وَجهك يَا مُحَمَّد {عَن مَّن تولى} أعرض {عَن ذِكْرِنَا} عَن توحيدنا وَكِتَابنَا {وَلَمْ يُرِدْ} بِعَمَلِهِ {إِلاَّ الْحَيَاة الدُّنْيَا} مَا فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا يَعْنِي أَبَا جهل وَأَصْحَابه
(1/447)
1
ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى (30)
{ذَلِك مَبْلَغُهُم مِّنَ الْعلم} هَذَا غَايَة علمهمْ وعقلهم ورأيهم إِذْ قَالُوا إِن الْمَلَائِكَة والأصنام بَنَات الله وَإِن الْآخِرَة لَا تكون {إِنَّ رَبَّكَ} يَا مُحَمَّد {هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ} عَن دينه يَعْنِي أَبَا جهل وَأَصْحَابه {وَهُوَ أعلم بِمن اهْتَدَى} لدينِهِ يعْنى أَبَا بكر
(1/447)
1
وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (31)
{وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَات} من الْخلق {وَمَا فِي الأَرْض} من الْخلق كلهم عبيد الله {ليجزي الَّذين أساؤوا} أشركوا {بِمَا عَمِلُواْ} فِي شركهم {وَيِجْزِيَ الَّذين أَحْسَنُواْ} وحدوا {بِالْحُسْنَى} بِالتَّوْحِيدِ الْجنَّة
(1/447)
1
الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32)
ثمَّ بَين عَمَلهم فِي الدُّنْيَا فَقَالَ {الَّذين يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْم} يَعْنِي الشّرك بِاللَّه والعظائم من الذُّنُوب {وَالْفَوَاحِش} الزِّنَا والمعاصي {إِلاَّ اللمم} إِلَّا النّظر والغمزة واللمزة يلوم بهَا نَفسه وَيَتُوب عَنْهَا وَيُقَال إِلَّا التَّزْوِيج {إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَة} لمن تَابَ من الْكَبَائِر والصغائر {هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ} مِنْكُم من أَنفسكُم {إِذْ أَنشَأَكُمْ} خَلقكُم {مِّنَ الأَرْض} من آدم وآدَم من تُرَاب وَالتُّرَاب من الأَرْض {وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ} صغَار {فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ} قد علم الله فِي هَذِه الْأَحْوَال مَا يكون مِنْكُم {فَلاَ تزكوا أَنفُسَكُمْ} فَلَا تبرئوا أَنفسكُم من الذُّنُوب {هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى} من الْمعْصِيَة وَأصْلح
(1/447)
1
أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (33)
{أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تولى} أعرض عَن نَفَقَته وصدقته على فُقَرَاء أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(1/447)
1
وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى (34)
{وَأعْطى قَلِيلاً} يَسِيرا فِي الله {وأكدى} قطع نَفَقَته وصدقته فِي سَبِيل الله
(1/447)
1
أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى (35)
{أَعِندَهُ عِلْمُ الْغَيْب} اللَّوْح الْمَحْفُوظ {فَهُوَ يرى} صَنِيعه فِيهِ إِنَّه كَمَا صنع نزلت هَذِه الْآيَة فِي عُثْمَان بن عَفَّان وَكَانَ كثير النَّفَقَة وَالصَّدَََقَة على أَصْحَاب النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَقِيَهُ عبد الله بن سعد بن أبي سرح فَقَالَ لَهُ أَرَاك تنْفق على هَؤُلَاءِ مَالا كثيرا فَأَخَاف أَن تبقى بِلَا شَيْء فَقَالَ لَهُ عُثْمَان لي خَطَايَا وذنوب كَثِيرَة أُرِيد تكفيرها ورضا الرب فَقَالَ لَهُ عبد الله أَعْطِنِي زِمَام نَاقَتك وأحمل عَنْك مَا يكون عَلَيْك من الذُّنُوب والخطايا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَأعْطَاهُ زِمَام نَاقَته وَاقْتصر عَن نَفَقَته وصدقته فَنزلت فِيهِ هَذِه الْآيَة
(1/447)
1
أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36)
{أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ} يخبر فِي الْقُرْآن {بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى}
(1/447)
1
وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37)
{وَإِبْرَاهِيمَ} فِي التَّوْرَاة وصحف إِبْرَاهِيم يَقُول {الَّذِي وفى} يَعْنِي إِبْرَاهِيم الَّذِي بلغ رسالات ربه وَعمل بِمَا أَمر بِهِ وَيُقَال وَفِي رُؤْيَاهُ
(1/447)
1
أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38)
{أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} يَقُول لَا تحمل حاملة حمل أُخْرَى مَا عَلَيْهَا من الذَّنب وَيُقَال لَا تعذب نفس بذنب نفس أُخْرَى
(1/447)
1
وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39)
{وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ} يَوْم الْقِيَامَة {إِلاَّ مَا سعى} إِلَّا مَا عمل من الْخَيْر وَالشَّر فى الدُّنْيَا
(1/447)
1
وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40)
{وَأَنَّ سَعْيَهُ} عمله {سَوْفَ يرى} فِي ديوانه وميزانه
(1/447)
1
ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (41)
{ثُمَّ يُجْزَاهُ الجزآء الأوفى} الأوفر بالْحسنِ حسنا وبالسيىء سَيِّئًا
(1/447)
1
وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى (42)
{وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهى} مرجع الْخَلَائق بعد الْمَوْت ومصيرهم فِي الْآخِرَة
(1/447)
1
وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى (43)
{وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ} أهل الْجنَّة بِمَا يسرهم من الْكَرَامَة {وأبكى} أهل النَّار بِمَا يحزنهم من الهوان
(1/447)
1
وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا (44)
{وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ} فِي الدُّنْيَا {وَأَحْيَا} للبعث وَيُقَال أمات الْآبَاء وَأَحْيَا الْأَبْنَاء
(1/447)
1
وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (45)
{وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ} الصِّنْفَيْنِ {الذّكر وَالْأُنْثَى}
(1/447)
1
مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى (46)
{مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تمنى} تهراق فِي رحم الْمرْآة وَيُقَال تخلق
(1/447)
1
وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى (47)
{وَأَنَّ عَلَيْهِ النشأة الْأُخْرَى} الْخلق الآخر بِالْبَعْثِ
(1/447)
1
وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى (48)
{وَأَنَّهُ هُوَ أغْنى} نَفسه عَن خلقه {وأقنى} أفقر خلقه إِلَى نَفسه وَيُقَال إِنَّه هُوَ أغْنى أرْضى خلقه وأقنى أقنع وَيُقَال
(1/447)
1
إِنَّه أغْنى بِالْمَالِ وأقنى أرْضى بِمَا أعْطى وَيُقَال إِنَّه أغْنى بِالذَّهَب وَالْفِضَّة وأقنى أقنع بِالْإِبِلِ وَالْبَقر وَالْغنم
(1/448)
1
وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى (49)
{وَأَنه هُوَ رب الشعرى} الْكَوْكَب الْفَتى يتبع الجوزاء كَانَ يعبده خُزَاعَة
(1/448)
1
وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى (50)
{وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الأولى} قوم هود
(1/448)
1
وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى (51)
{وَثَمُودَ} قوم صَالح {فَمَآ أبقى} فَلم يتْرك مِنْهُم أحدا
(1/448)
1
وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى (52)
{وَقَوْمَ نُوحٍ} وَأهْلك قوم نوح {مِّن قَبْلُ} من قبل قوم صَالح {إِنَّهُمْ} يَعْنِي قوم نوح {كَانُواْ هُمْ أَظْلَمَ} أَشد فِي كفرهم {وأطغى} أَشد فِي طغيانهم ومعصيتهم
(1/448)
1
وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى (53)
{والمؤتفكة أَهْوى} وَأهْلك قريات لوط سدوم وصادوم وعمورا وصوائم والمؤتفكات المنخنفات وائتفكها خسفها أَهْوى هوت من السَّمَاء إِلَى الأَرْض
(1/448)
1
فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى (54)
{فَغَشَّاهَا مَا غشى} يَعْنِي الْحِجَارَة
(1/448)
1
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى (55)
{فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكَ} فَبِأَي نعماء رَبك أَيهَا الْإِنْسَان غير مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {تتمارى} تتجاحد أَنَّهَا لَيست من الله
(1/448)
1
هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى (56)
{هَذَا نَذِير} يعْنى مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَسُول مخوف {مِّنَ النّذر الأولى} كالرسل الأولى الَّذين أرسلناهم إِلَى قَومهمْ وَيُقَال هَذَا نَذِير من النّذر رَسُول من الرُّسُل الأولى الَّذين هم مكتوبون فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ أَن أرسلهم إِلَى قَومهمْ
(1/448)
1
أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (57)
{أَزِفَتِ الآزفة} دنا قيام السَّاعَة
(1/448)
1
لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ (58)
{لَيْسَ لَهَا} لقيامها {مِن دُونِ الله} غير الله {كَاشِفَةٌ} مُبين يبين قِيَامهَا ووقتها
(1/448)
1
أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59)
{أَفَمِنْ هَذَا الحَدِيث} يَقُول أَمن هَذَا الْقُرْآن الذى يقْرَأ عَلَيْكُم مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا أهل مَكَّة {تَعْجَبُونَ} تسخرون وَيُقَال تكذبون
(1/448)
1
وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (60)
{وَتَضْحَكُونَ} تهزءون وَيُقَال تسخرون {وَلاَ تَبْكُونَ} مِمَّا فِيهِ من الزّجر والوعيد والتخويف
(1/448)
1
وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (61)
{وَأَنْتُم سامدون} لَا هون عَنهُ لَا تؤمنون بِهِ
(1/448)
1
فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (62)
{فاسجدوا لله} فاخضعوا لله وبالتوحيد وَالتَّوْبَة {واعبدوا} وحدوا الله لله فقد اقْتَرَبت السَّاعَة
وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا الْقَمَر وهى كلهَا مَكِّيَّة آياتها خمس وَخَمْسُونَ وكلماتها ثَلَاثمِائَة وَاثْنَتَانِ وَأَرْبَعُونَ وحروفها ألف وَأَرْبَعمِائَة وَثَلَاثَة أحرف
{بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم}
(1/448)
1
اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1)
وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {اقْتَرَبت السَّاعَة} يَقُول دنا قيام السَّاعَة بِخُرُوج مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ونزول الدُّخان {وَانْشَقَّ الْقَمَر} نِصْفَيْنِ وَهُوَ من عَلَامَات الْقِيَامَة
(1/448)
1
وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (2)
{وَإِن يَرَوْاْ آيَةً} مثل انْشِقَاق الْقَمَر {يُعْرِضُواْ} يكذبوا بِالْآيَةِ {وَيَقُولُواْ} الْآيَة {سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ} قوي شَدِيد مَصْنُوع سيذهب
(1/448)
1
وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (3)
{وَكَذَّبُواْ} بِالْآيَةِ وَقيام السَّاعَة {وَاتبعُوا أَهْوَآءَهُمْ} بتكذيب الْآيَة وَقيام السَّاعَة وبعبادة الْأَوْثَان {وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ} وَلكُل قَول من الله أَو من رَسُوله فِي الْوَعْد والوعيد والبشرى بِالْجنَّةِ وَالنَّار أَو بِالرَّحْمَةِ أَو بِالْعَذَابِ فعل وَحَقِيقَة سنة مَا يكون فِي الدُّنْيَا فسيظهر وَمِنْه مَا يكون فِي الْآخِرَة فيتبين وَيُقَال وَلكُل فعل وَقَول من الْعباد حَقِيقَة وحقيقتهم فِي الْقلب
(1/448)
1
وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ (4)
{وَلَقَدْ جَآءَهُم} أهل مَكَّة فِي الْقُرْآن {مِّنَ الأنبآء} من أَخْبَار الْأُمَم الْمَاضِيَة كَيفَ هَلَكُوا عِنْد التَّكْذِيب {مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ} نهي وازدجار
(1/448)
1
حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ (5)
{حِكْمَةٌ} الْقُرْآن {بَالِغَةٌ} حِكْمَة من الله أبلغهم عَن الله {فَمَا تُغْنِ النّذر} يَعْنِي الرُّسُل عَن قوم لَا يُؤمنُونَ بِاللَّه فِي علم الله
(1/448)
1
فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ (6)
{فَتَوَلَّ عَنْهُمْ} أعرض عَنْهُم يَا مُحَمَّد ثمَّ أَمرهم بِالْقِتَالِ {يَوْمَ يَدْعُ الداع} وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة {إِلَى شَيْءٍ نُّكُرٍ} مُنكر عَظِيم شَدِيد أهل الْجنَّة إِلَى الْجنَّة وَأهل النَّار إِلَى النَّار
(1/448)
1
خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ (7)
{خُشَّعاً} ذليلة {أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الأجداث} من الْقُبُور فِي النفخة الْأُخْرَى {كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ} يَقُول يجول بَعضهم فِي بعض مثل الْجَرَاد
(1/448)
1
مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (8)
{مُّهْطِعِينَ} مُسْرِعين مقصدين ناظرين {إِلَى الداع} مَاذَا يَأْمُرهُم {يَقُولُ الْكَافِرُونَ} يَوْم الْقِيَامَة {هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ} شَدِيد شدد ذَلِك الْيَوْم
(1/448)
1
عَلَيْهِم
(1/449)
1
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (9)
{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ} قبل قَوْمك يَا مُحَمَّد {قَوْمُ نُوحٍ} نوحًا {فَكَذَّبُواْ عَبْدَنَا} نوحًا {وَقَالُواْ مَجْنُونٌ} يختنق {وازدجر} زجروه عَن مقَالَته وصاحوا بِهِ وَقَالُوا أَنْت مستطير الْفُؤَاد ذَاهِب الْعقل
(1/449)
1
فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (10)
{فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ} مقهور {فانتصر} فأعني بِالْعَذَابِ
(1/449)
1
فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (11)
{فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ السمآء} طرق السَّمَاء أَرْبَعِينَ يَوْمًا {بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ} مطر منصب من السَّمَاء على الأَرْض
(1/449)
1
وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12)
{وَفَجَّرْنَا} شققنا {الأَرْض عُيُوناً} بِالْمَاءِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا {فَالْتَقَى المآء} مَاء السَّمَاء وَمَاء الأَرْض {على أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} على مِقْدَار قَدرنَا مَاء السَّمَاء وَمَاء الأَرْض وَيُقَال على قَضَاء قد قضى بِهَلَاك قوم نوح
(1/449)
1
وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13)
{وَحَمَلْنَاهُ} يَعْنِي نوحًا وَمن آمن بِهِ {على ذَاتِ أَلْوَاحٍ} عوارض {وَدُسُرٍ} مسامير وَشرط وكل شَيْء يشد بِهِ السَّفِينَة فَهُوَ دسر
(1/449)
1
تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ (14)
{تَجْرِي} تسير السَّفِينَة {بِأَعْيُنِنَا} بمنظر منا {جَزَآءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ} يَقُول جَزَاء قوم نوح بِمَا كفرُوا بِهِ
(1/449)
1
وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (15)
{وَلَقَدْ تَّرَكْنَاهَا آيَةً} عَلامَة للنَّاس يَعْنِي سفينة نوح بعد نوح وَيُقَال مثل سفينة نوح {فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} فَهَل من متعظ يتعظ بِمَا صنع بِقوم نوح فَيتْرك الْمعْصِيَة
(1/449)
1
فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (16)
{فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ} فَانْظُر يَا مُحَمَّد كَيفَ كَانَ عَذَابي عَلَيْهِم وَكَيف كَانَ حَال منذري لمن أَنْذرهُمْ نوح فَلم يُؤمنُوا
(1/449)
1
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (17)
{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآن} هونا الْقُرْآن {لِلذِّكْرِ} للْحِفْظ وَالْقِرَاءَة وَالْكِتَابَة وَيُقَال هونا قِرَاءَة الْقُرْآن {فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} فَهَل من طَالب علم فيعان عَلَيْهِ
(1/449)
1
كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (18)
{كَذَّبَتْ عَادٌ} قوم هود هوداً {فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ} انْظُر يَا مُحَمَّد كَيفَ كَانَ عَذَابي عَلَيْهِم وَنذر كَيفَ كَانَ حَال منذري لمن أَنْذرهُمْ الرَّسُول هود فَلم يُؤمنُوا
(1/449)
1
إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (19)
{إِنَّآ أَرْسَلْنَا} سلطنا {عَلَيْهِمْ} على قوم هود {رِيحاً صَرْصَراً} بَارِدًا شَدِيدا وَهُوَ ريح الدبور {فِي يَوْم نحس مُسْتَمر} مشئوم عَلَيْهِم مُسْتَمر ذَاهِب على الصَّغِير وَالْكَبِير
(1/449)
1
تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (20)
{تَنزِعُ النَّاس} تقلع قوم هود من أماكنهم {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ} كَأَنَّهُمْ أوراك نخل وَيُقَال أسافل نخل {مُّنقَعِرٍ} منقلع من أُصُولهَا
(1/449)
1
فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (21)
{فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي} انْظُر يَا مُحَمَّد كَيفَ كَانَ عَذَابي عَلَيْهِم {وَنُذُرِ} فَكيف كَانَ حَال منذري لمن أَنْذرهُمْ هود فَلم يُؤمنُوا
(1/449)
1
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (22)
{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآن} هونا الْقُرْآن {لِلذِّكْرِ} للْحِفْظ وَالْقِرَاءَة {فَهَل من مدكر} من متعظ يتعظ بِمَا صنع بِقوم هود فَيتْرك الْمعْصِيَة
(1/449)
1
كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (23)
{كَذَّبَتْ ثَمُودُ} قوم صَالح {بِالنذرِ} صَالحا وَجُمْلَة الرُّسُل
(1/449)
1
فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (24)
{فَقَالُوا أَبَشَراً مِّنَّا} آدَمِيًّا مثلنَا {وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ} فِي دينه وَأمره {إِنَّآ إِذاً} إِن فعلنَا {لَّفِي ضَلاَلٍ} فِي خطأ بَين {وَسُعُرٍ} تَعب وعناء
(1/449)
1
أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (25)
{أؤلقي الذِّكْرُ} أخص بِالنُّبُوَّةِ {عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا} وَنحن أشرف مِنْهُ {بَلْ هُوَ كَذَّابٌ} يكذب على الله {أَشِرٌ} بطر مرح يعنون صَالحا فَقَالَ لَهُم صَالح
(1/449)
1
سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ (26)
{سَيَعْلَمُونَ غَداً} يَوْم الْقِيَامَة {مَّنِ الْكذَّاب} على الله {الأشر} البطر المرح فَقَالَ الله لصالح
(1/449)
1
إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ (27)
{إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقة} مخرجو النَّاقة من الصَّخْرَة {فِتْنَةً لَّهُمْ} بلية لقَوْمك {فارتقبهم} فانتظرهم إِلَى خُرُوج النَّاقة {واصطبر} اصبر على أذاهم وعَلى قَتلهمْ النَّاقة
(1/449)
1
وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ (28)
{وَنَبِّئْهُمْ} أخْبرهُم {أَنَّ المآء} مَاء الْبِئْر {قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ} وَبَين النَّاقة يَوْم لَهَا وَيَوْم لَهُم {كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ} كل شَارِب لحضور صَاحبه فَأخْبرهُم صَالح فرضوا بذلك ومكثوا على ذَلِك زَمَانا فغلب عَلَيْهِم الشَّقَاء
(1/449)
1
فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ (29)
{فَنَادَوْاْ صَاحِبَهُمْ} نَادَى مصدع وقدار بن سالف بعد مَا رَمَاهَا مصدع بن دهر بِسَهْم {فتعاطى} فَتَنَاول قدار بِسَهْم آخر {فَعَقَرَ} فَقتلُوا النَّاقة وقسموا لَحمهَا
(1/449)
1
فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (30)
{فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ} فَانْظُر يَا مُحَمَّد كَيفَ كَانَ عَذَابي عَلَيْهِم وَكَيف كَانَ حَال منذري لمن أَنْذرهُمْ صَالح فَلم يُؤمنُوا
(1/449)
1
إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (31)
{إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً} أَي صَيْحَة جِبْرِيل بِالْعَذَابِ بعد ثَلَاثَة أَيَّام من قتل النَّاقة {فَكَانُواْ كَهَشِيمِ المحتظر} فصاروا كالشيء الَّذِي داسته الْغنم فِي الحظيرة
(1/449)
1
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (32)
{وَلَقَد يَسَّرْنَا الْقُرْآن} هونا الْقُرْآن {لِلذِّكْرِ} للعظة وَالْحِفْظ وَالْقِرَاءَة {فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} فَهَل من متعظ فيتعظ بِمَا صنع بِقوم صَالح فَيتْرك الْمعْصِيَة وَيُقَال فَهَل من طَالب علم فيعان عَلَيْهِ
(1/449)
1
كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (33)
{كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنذرِ}
(1/449)
1
لوطاً وَجُمْلَة الرُّسُل
(1/450)
1
إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ (34)
{إِنَّآ أَرْسَلْنَا} أنزلنَا {عَلَيْهِمْ حَاصِباً} حِجَارَة {إِلاَّ آلَ لُوطٍ} إِلَّا على لوط وابنتيه زاعورا وريثا {نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ} عِنْد السحر
(1/450)
1
نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ (35)
{نِّعْمَةً} رَحْمَة {مِّنْ عِندِنَا كَذَلِك} هَكَذَا {نَجْزِي مَن شَكَرَ} من وحد وشكر نعْمَة الله بالنجاة
(1/450)
1
وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ (36)
{وَلَقَدْ أَنذَرَهُمْ} خوفهم لوط {بَطْشَتَنَا} عذابنا {فَتَمَارَوْاْ بِالنذرِ} فتجاحدوا بالرسل أَي كذبُوا لوطاً بِمَا قَالَ لَهُم
(1/450)
1
وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ (37)
{وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ} أَرَادوا أضيافه جِبْرِيل وَمن مَعَه من الْمَلَائِكَة بعملهم الْخَبيث {فَطَمَسْنَآ} ففقأنا {أَعْيُنَهُمْ} أعمى جِبْرِيل أَعينهم {فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ} فَقلت لَهُم ذوقوا عَذَابي وَنذر منذري
(1/450)
1
وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ (38)
{وَلَقَدْ صَبَّحَهُم} أَخذهم {بُكْرَةً} وَهِي طُلُوع الْفجْر {عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ} دَائِم مَوْصُول بِعَذَاب الْآخِرَة
(1/450)
1
فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ (39)
{فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ} فَقلت لَهُم ذوقوا عَذَابي وَنذر منذري من أَنْذرهُمْ لوط فَلم يُؤمنُوا
(1/450)
1
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (40)
{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآن} هونا الْقُرْآن {لِلذِّكْرِ} للْحِفْظ وَالْقِرَاءَة وَالْكِتَابَة {فَهَلْ مِن مُدَّكِرٍ} متعظ يتعظ بِمَا صنع بِقوم لوط فَيتْرك الْمعْصِيَة
(1/450)
1
وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (41)
{وَلَقَدْ جَآءَ آلَ فِرْعَوْنَ النّذر} إِلَى فِرْعَوْن وَقَومه مُوسَى وَهَارُون
(1/450)
1
كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ (42)
{كذبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا} التسع {فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عِزِيزٍ} منيع قوي بالعقوبة {مُّقْتَدِرٍ} قَادر بِالْعَذَابِ
(1/450)
1
أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ (43)
{أَكُفَّارُكُمْ} يَا مُحَمَّد وَيُقَال يَا أهل مَكَّة {خَيْرٌ مِّنْ أولئكم} من الَّذين قَصَصنَا عَلَيْكُم {أَمْ لَكُم بَرَآءَةٌ فِي الزبر} نجاة فِي الْكتب من الْعَذَاب
(1/450)
1
أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ (44)
{أَمْ يَقُولُونَ} كفار مَكَّة {نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ} مُمْتَنع من الْعَذَاب
(1/450)
1
سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45)
{سَيُهْزَمُ الْجمع} جمع الْكفَّار يَوْم بدر {وَيُوَلُّونَ الدبر} منهزمين يَعْنِي أَبَا جهل وَأَصْحَابه فَمنهمْ من قتل يَوْم بدر وَمِنْهُم من هزم
(1/450)
1
بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ (46)
{بَلِ السَّاعَة} بل قيام السَّاعَة {مَوْعِدُهُمْ} بِالْعَذَابِ {والساعة} بِالْعَذَابِ {أدهى} أعظم {وَأَمَرُّ} أَشد من عَذَاب يَوْم بدر
(1/450)
1
إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (47)
{إِنَّ الْمُجْرمين} الْمُشْركين أَبَا جهل وَأَصْحَابه {فِي ضَلاَلٍ} فِي خطأ بَين فِي الدُّنْيَا {وَسُعُرٍ} تَعب وعناء فِي النَّار
(1/450)
1
يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48)
{يَوْمَ} وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة {يُسْحَبُونَ} يجرونَ {فِي النَّار} تجرهم الزَّبَانِيَة {على وُجُوهِهِمْ} إِلَى النَّار فَتَقول لَهُم الزَّبَانِيَة {ذوقوا مس سقر} عَابَ سقر
(1/450)
1
إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)
{إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ} من أَعمالكُم {خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} فجحدتم ذَلِك نزلت هَذِه الْآيَة فِي أهل الْقدر
(1/450)
1
وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (50)
{وَمَآ أَمْرُنَآ} بِقِيَام السَّاعَة {إِلاَّ وَاحِدَةٌ} كلمة وَاحِدَة لَا تثنى {كَلَمْحٍ بالبصر} فِي السرعة كطرف الْبَصَر وَيُقَال إِنَّا كل شَيْء خلقناه بِقدر يَقُول خلقنَا لكل شَيْء شكله وَمَا يُوَافقهُ من الثِّيَاب وَالْمَتَاع
(1/450)
1
وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (51)
{وَلَقَدْ أَهْلَكْنَآ أَشْيَاعَكُمْ} أهل دينكُمْ وأشباهكم يَا أهل مَكَّة {فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} متعظ يتعظ بِمَا صنع بهم فَيتْرك الْمعْصِيَة
(1/450)
1
وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (52)
{وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ} فِي الشّرك بِاللَّه من الْمعْصِيَة والجفاء بالأنبياء {فِي الزبر} فِي الْكتب مَكْتُوب وَيُقَال فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ نزلت هَذِه الْآيَة فِي أهل الْقدر أَيْضا
(1/450)
1
وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ (53)
{وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ} من الْخَيْر وَالشَّر {مُّسْتَطَرٌ} مكتتب فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ نزلت هَذِه الْآيَة أَيْضا فِي أهل الْقدر وجحدوا ذَلِك
(1/450)
1
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54)
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ} الْكفْر والشرك وَالْفَوَاحِش {فِي جَنَّاتٍ} بساتين {وَنَهَرٍ} أَنهَار كَثِيرَة وَيُقَال فِي رياض وسعة
(1/450)
1
فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55)
{فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ} فِي أَرض كَرِيمَة أَرض الْجنَّة {عِندَ مَلِيكٍ} ملك عَلَيْهِم {مُّقْتَدِرِ} قَادر بالثواب وَالْعِقَاب على عباده
وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا الرَّحْمَن وهى كلهَا مَكِّيَّة آياتها سِتّ وَسَبْعُونَ وكلماتها ثَلَاثمِائَة وَإِحْدَى وَخَمْسُونَ وحروفها ألف وسِتمِائَة وَسِتَّة وَثَلَاثُونَ حرفا
{بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم}
(1/450)
1
الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2)
وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما نزلت هَذِه الْآيَة قل ادعوا الله أَو ادعوا الرَّحْمَن قَالَ كفار مَكَّة أَبُو جهل والوليد وَعتبَة وَشَيْبَة وأصحابهم مَا نَعْرِف الرَّحْمَن إِلَّا مُسَيْلمَة الْكذَّاب الَّذِي يكون بِالْيَمَامَةِ فَمن الرَّحْمَن يَا مُحَمَّد فَأنْزل الله {الرَّحْمَن عَلَّمَ الْقُرْآن} جِبْرِيل وَجِبْرِيل مُحَمَّدًا وَمُحَمّد أمته مَعْنَاهُ بعث الله
(1/450)
1
جِبْرِيل بِالْقُرْآنِ إِلَى مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومحمداً إِلَى أمته
(1/451)
1
خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3)
{خَلَقَ الْإِنْسَان} يَعْنِي آدم من أَدِيم الأَرْض
(1/451)
1
عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4)
{عَلَّمَهُ الْبَيَان} ألهمه الله بَيَان كل شَيْء وَأَسْمَاء كل دَابَّة تكون على وَجه الأَرْض
(1/451)
1
الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (5)
{الشَّمْس وَالْقَمَر بِحُسْبَانٍ} منازلهما بِالْحِسَابِ وَيُقَال معلقان بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَيُقَال عَلَيْهِمَا حِسَاب وَلَهُمَا آجال كآجال النَّاس
(1/451)
1
وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (6)
{والنجم وَالشَّجر يَسْجُدَانِ} للرحمن والنجم مَا أنجمت الأَرْض وَهُوَ كل نبت لَا يقوم على السَّاق وَالشَّجر مَا يقوم على السَّاق
(1/451)
1
وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (7)
{والسمآء رَفَعَهَا} فَوق كل شَيْء لَا ينالها شَيْء {وَوَضَعَ الْمِيزَان} فِي الأَرْض بَين الْعدْل بالميزان
(1/451)
1
أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (8)
{أَلاَّ تَطْغَوْاْ} أَلا تَجُورُوا وَلَا تميلوا {فِي الْمِيزَان}
(1/451)
1
وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (9)
{وَأَقِيمُواْ الْوَزْن بِالْقِسْطِ} لِسَان الْمِيزَان بِالْعَدْلِ وَيُقَال لِسَان أَنفسكُم بِالصّدقِ {وَلاَ تُخْسِرُواْ الْمِيزَان} لَا تنقصوا الْمِيزَان فتذهبوا بِحُقُوق النَّاس
(1/451)
1
وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ (10)
{وَالْأَرْض وَضَعَهَا} بسطها على المَاء {لِلأَنَامِ} لِلْخلقِ كُله الْأَحْيَاء والأموات مِنْهُم
(1/451)
1
فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ (11)
{فِيهَا} فِي الأَرْض {فَاكِهَةٌ} ألوان الْفَاكِهَة {وَالنَّخْل} ألوان النّخل {ذَاتُ الأكمام} ذَات الغلف والكفرى مَا لم تَنْشَق فَهِيَ كم
(1/451)
1
وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ (12)
{وَالْحب} الْحُبُوب كلهَا {ذُو العصف} ذُو الْوَرق {وَالريحَان} السنبلة وَالثَّمَر
(1/451)
1
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (13)
{فَبِأَيِّ آلَاء} فَبِأَي نعماء {رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} أَيهَا الْجِنّ وَالْإِنْس غير مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تتجاحدان أَنَّهَا لَيست من الله وَهَكَذَا كل مَا فى هَذِه السُّورَة من قَول فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
(1/451)
1
خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (14)
{خَلَقَ الْإِنْسَان} يَعْنِي آدم {مِن صَلْصَالٍ} من طين صال قد أنتن يتصلصل {كالفخار} كَالَّذي يتَّخذ مِنْهُ الفخار
(1/451)
1
وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ (15)
{وَخَلَقَ الجآن} أَبَا الْجِنّ وَالشَّيَاطِين {مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ} لَا دُخان لَهَا
(1/451)
1
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (16)
{فَبِأَي آلَاء رَبكُمَا تُكَذِّبَانِ} فباي نعماء رَبكُمَا تتجاحدان
(1/451)
1
رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (17)
{رب المشرقين} مشرق الشتَاء مشرق الصَّيف {وَرَبُّ المغربين} مغرب الشتَاء ومغرب الصَّيف وهما مشرقان ومغربان مشرق الشتَاء ومشرق الصَّيف لَهما مائَة وَثَمَانُونَ منزلا وَكَذَلِكَ للمغربين كَذَلِك للقمر وَيُقَال الْمشرق الشتَاء والصيف مائَة وَسَبْعَة وَسَبْعُونَ منزلا وَكَذَلِكَ للمغربين تطلع الشَّمْس فِي سنة يَوْمَيْنِ فِي منزل وَاحِد وَكَذَلِكَ تغرب يَوْمَيْنِ فِي منزل وَاحِد
(1/451)
1
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (18) مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19)
{فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ مَرَجَ الْبَحْرين} أرسل الْبَحْرين العذب والمالح {يَلْتَقِيَانِ} لَا يختلطان
(1/451)
1
بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ (20)
{بَيْنَهُمَا} بَين العذب والمالح {بَرْزَخٌ} حاجز من الله {لاَّ يَبْغِيَانِ} لَا يختلطان وَلَا يُغير كل وَاحِد مِنْهُمَا طعم صَاحبه
(1/451)
1
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (21) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (22)
{فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تِكَذِّبَانِ يَخْرُجُ مِنْهُمَا} من المالح خَاصَّة {الُّلؤْلُؤُ} مَا كبر {وَالمَرْجَانُ} مَا صغر مِنْهُ
(1/451)
1
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (23) وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (24)
{فَبِأَي آلَاء رَبكُمَا تُكَذِّبَانِ وَله الْجوَار الْمُنْشَآت} السفن الْمُنْشَآت الْمَخْلُوقَات المرفوعات {فِي الْبَحْر كالأعلام} كالجبال إِذا رفع شراعهن
(1/451)
1
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (25) كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26)
{فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا} على وَجه الأَرْض {فَانٍ} يَمُوت وَيُقَال كل من عَلَيْهَا فان يفنى وَيُقَال كل من عمل لغير الله يفنى
(1/451)
1
وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27)
{وَيبقى وَجْهُ رَبِّكَ} حَيّ لَا يَمُوت وَيُقَال مَا ابْتغى بِهِ وَجه رَبك من الْأَعْمَال الصَّالِحَة {ذُو الْجلَال} ذُو العظمة وَالسُّلْطَان {وَالْإِكْرَام} التجاوز وَالْإِحْسَان
(1/451)
1
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (28) يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (29)
{فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَات} من الْمَلَائِكَة {وَالْأَرْض} من الْمُؤمنِينَ فَأهل الأَرْض يسألونه الْمَغْفِرَة والتوفيق والعصمة والكرامة والرزق {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} مِنْهُ شَأْن شَأْنه أَن يحيي وَيُمِيت ويعز ويذل ويولد مولوداً ويفك أَسِيرًا وشأنه أَكثر من أَن يُحْصى
(1/451)
1
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (30) سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ (31)
{فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ سَنَفْرُغُ لَكُمْ} سنحفظ عَلَيْكُم أَعمالكُم فِي الدُّنْيَا ونحاسبكم بهَا يَوْم الْقِيَامَة {أَيهَا الثَّقَلَان} الْجِنّ وَالْإِنْس
(1/451)
1
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (32) يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (33)
{فَبِأَي آلَاء رَبكُمَا تُكَذِّبَانِ} وَيَقُول لكم {يَا معشر الْجِنّ وَالْإِنْس إِنِ اسْتَطَعْتُم} قدرتم {أَن تَنفُذُواْ} تخْرجُوا {مِنْ أَقْطَارِ} أَطْرَاف {السَّمَاوَات وَالْأَرْض} وصفوف الْمَلَائِكَة {فانفذوا} فاخرجوا وفروا {لاَ تَنفُذُونَ}
(1/451)
1
لَا تقدروا أَن تخْرجُوا {إِلاَّ بِسُلْطَانٍ} بِعُذْر وَحجَّة
(1/452)
1
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (34) يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ (35)
{فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا} إِذا خَرجْتُمْ من الْقُبُور أَيهَا الْجِنّ وَالْإِنْس {شُوَاظٌ} لَهب {مِّن نَّارٍ} لَا دُخان لَهَا {وَنُحَاسٌ} دُخان يسوقانكما إِلَى الْمَحْشَر {فَلاَ تَنتَصِرَانِ} فَلَا تمتنعان من السُّوق
(1/452)
1
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (36) فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ (37)
{فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فَإِذَا انشقت السمآء} بنزول الْمَلَائِكَة وهيبة الرب {فَكَانَتْ وَرْدَةً} فَصَارَت ملونة {كالدهان} كألوان الدّهن وَيُقَال وردة كألوان الْورْد وَيُقَال كالأديم المغربي أَي حمرَة مَعَ السوَاد
(1/452)
1
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (38) فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ (39)
{فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فَيَوْمَئِذٍ} وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة بعد الْفَرَاغ من الْحساب {لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ} عَن عمله {إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ} الْمُؤمن يعرف ببياض وَجهه أغر محجل وَيُقَال لَا يسئل عَن ذَنْب الْإِنْس وَالْجِنّ وَعَن ذَنْب الْجِنّ وَالْإِنْس
(1/452)
1
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (40) يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ (41)
{فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ يُعْرَفُ المجرمون بِسِيمَاهُمْ} الْمُشْركُونَ بسواد وُجُوههم وزرقة أَعينهم {فَيُؤْخَذُ بالنواصي والأقدام} فَيجمع النواصي بالأقدام فيطرحون فِي النَّار
(1/452)
1
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (42) هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (43)
{فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} وَيَقُولُونَ لَهُم الزَّبَانِيَة {هَذِه جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا المجرمون} الْمُشْركُونَ فِي الدُّنْيَا أَنَّهَا لَا تكون
(1/452)
1
يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (44)
{يَطُوفُونَ بَيْنَهَا} بَين النَّار {وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} مَاء حَار قد انْتهى حره
(1/452)
1
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (45) وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46)
{فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ وَلِمَنْ خَافَ} عِنْد الْمعْصِيَة {مَقَامَ رَبِّهِ} بَين يَدي ربه مقَامه فَانْتهى عَن الْمعْصِيَة فَلهُ {جَنَّتَانِ} بستانان فِي بساتين جنَّة عدن وجنة الفردوس
(1/452)
1
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (47) ذَوَاتَا أَفْنَانٍ (48)
{فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ذَوَاتَآ أَفْنَانٍ} أَغْصَان وألوان
(1/452)
1
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (49) فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ (50)
{فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فِيهِمَا} فِي الْبَسَاتِين {عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ} على أهل الْجنَّة بِالْخَيرِ وَالرَّحْمَة والكرامة وَالْبركَة وَالزِّيَادَة من الله
(1/452)
1
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (51) فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ (52)
{فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فِيهِمَا} فِي الْبَسَاتِين {مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ} من ألوان كل فَاكِهَة {زَوْجَانِ} لونان فِي المنظر والمطعم
(1/452)
1
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (53) مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ (54)
{فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ مُتَّكِئِينَ} جالسين ناعمين {عَلَى فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا} ظواهرها {مِنْ إِسْتَبْرَقٍ} مَا ثخن من الديباج وبطائنها من سندس مَا لطف من الديباج {وَجَنَى الجنتين دَانٍ} اجتناء الْبَسَاتِين دَان قريب يَنَالهُ الْقَاعِد والقائم
(1/452)
1
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (55) فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (56)
{فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فِيهِنَّ} فِي الْجنان كلهَا {قَاصِرَاتُ الطّرف} جوَار غاضات الطّرف قانعات بأزواجهن لَا ينظرن إِلَى غير أَزوَاجهنَّ {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ} لم يجامعهن وَيُقَال لم يطمثهن لم يجنبهن {إِنسٌ} للإنس إنس {قَبْلَهُمْ} قبل أَزوَاجهنَّ {وَلاَ جَآنٌّ} وَلَا للجن جن قبل أَزوَاجهنَّ
(1/452)
1
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (57) كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (58)
{فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ كَأَنَّهُنَّ} فِي الصفاء {الْيَاقُوت} كالياقوت {والمرجان} كالمرجان فِي الْبيَاض
(1/452)
1
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (59) هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60)
{فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ هَلْ جَزَآءُ الْإِحْسَان إِلاَّ الْإِحْسَان} يَقُول هَل جَزَاء من أنعمنا عَلَيْهِ بِالتَّوْحِيدِ إِلَّا الْجنَّة
(1/452)
1
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (61) وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (62)
{فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ وَمِن دُونِهِمَا} من دون الْبَسَاتِين الْأَوَّلين {جَنَّتَانِ} أخريان فالأوليان أفضل مِنْهُمَا وَهَاتَانِ دونهمَا جنَّة النَّعيم وجنة المأوى
(1/452)
1
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (63) مُدْهَامَّتَانِ (64)
{فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ مُدْهَآمَّتَانِ} خضراوان يضْرب لونهما إِلَى السوَاد لِكَثْرَة ريهما
(1/452)
1
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (65) فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ (66)
{فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فِيهِمَا} فِي الجنتين {عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ} فوارتان وَيُقَال ممتلئتان بِالْخَيرِ وَالْبركَة وَالرَّحْمَة والكرامة وَالزِّيَادَة من الله
(1/452)
1
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (67) فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (68)
{فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فِيهِمَا} فِي الجنتين {فَاكِهَةٌ} ألوان الْفَاكِهَة {وَنَخْلٌ} ألوان النّخل {وَرُمَّانٌ} ألوان الرُّمَّان فِي الطّعْم والمنظر
(1/452)
1
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (69) فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ (70)
{فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فِيهِنَّ} فِي الْجنان الْأَرْبَع وَيُقَال فِي الْجنان كلهَا {خَيْرَاتٌ حِسَانٌ} جوَار خير لِأَزْوَاجِهِنَّ حسان الْوُجُوه وَيُقَال حسان الْأَعْين
(1/452)
1
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (71) حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72)
{فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ حُورٌ} بيض {مَّقْصُورَاتٌ} محبوسات على أَزوَاجهنَّ {فِي الْخيام} فِي خيام الدّرّ المجوف
(1/452)
1
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (73) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (74)
{فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ} لم يجامعهن وَيُقَال لم يجنبهن {إِنسٌ قَبْلَهُمْ} للإنس إنس قبل أَزوَاجهنَّ {وَلاَ جَآنٌّ} وَلَا للجن جن قبل أَزوَاجهنَّ
(1/452)
1
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (75) مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ (76)
{فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ مُتَّكِئِينَ}
(1/452)
1
جالسين ناعمين {على رَفْرَفٍ} مجَالِس وَيُقَال رياض {خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ} طنافس مخملة ملونة {حِسَانٍ} وَيُقَال زرابي حسان ملونة
(1/453)
1
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (77) تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (78)
{فَبِأَي آلَاء رَبكُمَا تُكَذِّبَانِ} فباي نعماء رَبكُمَا أَيهَا الْجِنّ وَالْإِنْس غير مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تُكَذِّبَانِ تتجاحدان أَنَّهَا لَيست من الله {تَبَارَكَ اسْم رَبِّكَ} ذُو بركَة وَرَحْمَة وَيُقَال تَعَالَى وتبرأ عَن الْوَلَد وَالشَّرِيك {ذِي الْجلَال} ذِي العظمة وَالسُّلْطَان {وَالْإِكْرَام} والتجاوز وَالْإِحْسَان إِذا قَامَت الْقِيَامَة
وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا الْوَاقِعَة وهى كلهَا مَكِّيَّة غير قَوْله {أفبهذا الحَدِيث أَنْتُم مدهنون وتجعلون رزقكم أَنكُمْ تكذبون} وَقَوله {ثلة من الْأَوَّلين وثلة من الآخرين} فَهَؤُلَاءِ الْآيَات نزلت على النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فى سَفَره إِلَى الْمَدِينَة آياتها تسع وَتسْعُونَ وكلماتها ثَمَانمِائَة وثمان وَسَبْعُونَ وحروفها ألف وَتِسْعمِائَة وَثَلَاثَة أحرف
{بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم}
(1/453)
1
إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1)
وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله جلّ ذكره {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَة} يَقُول إِذا قَامَت الْقِيَامَة
(1/453)
1
لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2)
{لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا} لقيامها {كَاذِبَةٌ} راد وَلَا خلف وَلَا مثنوية
(1/453)
1
خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (3)
{خافضة} تخْفض قوما بأعمالهم فتدخلهم النَّار {رَّافِعَةٌ} ترفع قوما بأعمالهم فتدخلهم الْجنَّة وَيُقَال إِنَّمَا سميت الْوَاقِعَة لشدَّة صَوتهَا يسمع الْقَرِيب والبعيد
(1/453)
1
إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (4)
{إِذَا رُجَّتِ الأَرْض رَجّاً} إِذا زلزلت الأَرْض زَلْزَلَة حَتَّى يطمس كل بُنيان وجبل عَلَيْهَا فَيَعُود فِيهَا
(1/453)
1
وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (5)
{وَبُسَّتِ الْجبَال بَسّاً} سيرت الْجبَال عَن وَجه الأَرْض كسير السَّحَاب وَيُقَال قلعت قلعاً وَيُقَال جثت جثا وَيُقَال فتت فتاً كَمَا يبس السويق أَو علف الْبَعِير
(1/453)
1
فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا (6)
{فَكَانَتْ} صَارَت {هَبَآءً} غباراً كالغبار الَّذِي يسطع من حوافر الدَّوَابّ أَو كشعاع الشَّمْس يدْخل فِي كوَّة تكون فِي الْبَيْت أَو خرق يكون فِي الْبَاب {مُّنبَثّاً} يحور بعضه فِي بعض
(1/453)
1
وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (7)
{وَكُنتُمْ} صرتم يَوْم الْقِيَامَة {أَزْوَاجاً} أصنافاً {ثَلاَثَةً}
(1/453)
1
فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8)
{فَأَصْحَابُ الميمنة} وهم أهل الْجنَّة الَّذين يُعْطون كِتَابهمْ بيمينهم وهم الَّذين قَالَ الله لَهُم هَؤُلَاءِ فِي الْجنَّة وَلَا أُبَالِي {مَآ أَصْحَابُ الميمنة} يعجب نبيه بذلك يَقُول وَمَا يدْريك يَا مُحَمَّد مَا لأهل الْجنَّة من النَّعيم وَالسُّرُور والكرامة
(1/453)
1
وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (9)
{وَأَصْحَابُ المشأمة} وهم أهل النَّار الَّذين يُعْطون كِتَابهمْ بشمالهم وهم الَّذين قَالَ الله لَهُم هَؤُلَاءِ فِي النَّار وَلَا أُبَالِي {مَآ أَصْحَابُ المشأمة} يعجب نبيه بذلك وَيَقُول وَمَا يدْريك يَا مُحَمَّد مَا لأهل النَّار فِي النَّار من الهوان والعقوبة وَالْعَذَاب
(1/453)
1
وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10)
{وَالسَّابِقُونَ} فِي الدُّنْيَا إِلَى الْإِيمَان وَالْهجْرَة وَالْجهَاد وَالتَّكْبِيرَة الأولى والخيرات كلهَا هم {السَّابِقُونَ} فِي الْآخِرَة إِلَى الْجنَّة
(1/453)
1
أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11)
{أُولَئِكَ المقربون} إِلَى الله
(1/453)
1
فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12)
{فِي جَنَّاتِ النَّعيم} نعيمها دَائِم
(1/453)
1
ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13)
{ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلين} جمَاعَة من أَوَائِل الْأُمَم كلهَا قبل أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(1/453)
1
وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (14)
{وَقَلِيلٌ مِّنَ الآخرين} من أَوَاخِر الْأُمَم كلهَا وهى أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيَقُول كلتاهما أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا نزلت هَذِه الْآيَة اغتم النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه بذلك حَتَّى نزل قَوْله تَعَالَى ثلة من الْأَوَّلين وثلة من الآخرين
(1/453)
1
عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15)
{على سُرُرٍ} جالسين على سرر {مَّوْضُونَةٍ} مَوْصُولَة بقضبان الذَّهَب وَالْفِضَّة منسوجة بالدر والياقوت
(1/453)
1
مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (16)
{مُّتَّكِئِينَ} ناعمين {عَلَيْهَا} على السرر {مُتَقَابِلِينَ} فِي الزِّيَارَة
(1/453)
1
يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17)
{يَطُوفُ عَلَيْهِمْ} فِي الْخدمَة {وِلْدَانٌ} وصفاء وَيُقَال هم أَوْلَاد الْكفَّار جعلُوا خدماً لأهل الْجنَّة {مُّخَلَّدُونَ} خلدوا لَا يموتون فِيهَا وَلَا يخرجُون مِنْهَا وَيُقَال يحلونَ فِي الْجنَّة يطوف عَلَيْهِم
(1/453)
1
بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (18)
{بِأَكْوَابٍ} بكيزان لَا آذان لَهَا وَلَا عراً {وأباريق} مَالهَا آذان وعراً وخراطيم {وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ} خمر طَاهِر تجرى
(1/453)
1
لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ (19)
{لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا} يَقُول لَا يصدع رؤوسهم من شربهَا وَيُقَال لَا يصدع الْخمر رؤوسهم كخمر الدُّنْيَا وَيُقَال لَا يمْنَعُونَ عَنْهَا {وَلاَ يُنزِفُونَ} لَا يسكرون بشربها وَيُقَال لَا تسكرهم الْخمر وَيُقَال لَا ينْفد شرابهم إِن قَرَأت بخفض الزاى
(1/454)
1
وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20)
{وَفَاكِهَةٍ} وألوان الْفَاكِهَة {مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ} مِمَّا يشتهون
(1/454)
1
وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (21)
{وَلَحْمِ طَيْرٍ} وألوان لحم طير {مِّمَّا يَشْتَهُونَ} مِمَّا يتمنون
(1/454)
1
وَحُورٌ عِينٌ (22)
{وَحُورٌ} وَيَطوف عَلَيْهِم جوَار بيض {عِينٌ} عِظَام الْأَعْين حسان الْوُجُوه
(1/454)
1
كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (23)
{كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤ الْمكنون} قد كن من الْحر وَالْبرد
(1/454)
1
جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24)
{جَزَآءً} هُوَ ثَوَاب لأهل الْجنَّة {بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} وَيَقُولُونَ من الْخيرَات فِي الدُّنْيَا
(1/454)
1
لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (25)
{لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا} فِي الْجنَّة {لَغْواً} بَاطِلا وَلَا حلفا كَاذِبًا {وَلاَ تَأْثِيماً} لَا شتماً وَيُقَال لَا إِثْم عَلَيْهِم فِيهِ
(1/454)
1
إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا (26)
{إِلَّا قَلِيلا} قولا {سَلاَماً سَلاَماً} يحيي بَعضهم بَعْضًا بِالسَّلَامِ والتحية من الله
(1/454)
1
وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27)
{وَأَصْحَابُ الْيَمين} أهل الْجنَّة {مَآ أَصْحَابُ الْيَمين} مَا يدْريك يَا مُحَمَّد مَا لأهل الْجنَّة من النعم وَالسُّرُور
(1/454)
1
فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28)
{فِي سِدْرٍ} فِي ظلال سمر ثمَّ بَين ذَلِك فَقَالَ {مَّخْضُودٍ} موقر بِلَا شوك
(1/454)
1
وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29)
{وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ} موز مُجْتَمع وَيُقَال دَائِم لَا يَنْقَطِع
(1/454)
1
وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30)
{وَظِلٍّ} ظلّ الشّجر وَيُقَال ظلّ الْعَرْش {مَّمْدُودٍ} دَائِم عَلَيْهِ بِلَا شمس
(1/454)
1
وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (31)
{وَمَآءٍ مَّسْكُوبٍ} مصبوب من سَاق الْعَرْش
(1/454)
1
وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32)
{وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ} ألوان الْفَاكِهَة الْكَثِيرَة
(1/454)
1
لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ (33)
{لاَّ مَقْطُوعَةٍ} لَا تَنْقَطِع عَنْهُم فِي حِين وتجيء فِي حِين {وَلاَ مَمْنُوعَةٍ} عَنْهُم إِذا نظرُوا إِلَيْهَا
(1/454)
1
وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (34)
{وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ} فِي الْهَوَاء لأَهْلهَا
(1/454)
1
إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35)
{إِنَّآ أَنشَأْنَاهُنَّ} خلقنَا نسَاء أهل الدُّنْيَا {إِنشَآءً} خلقا بعد الْعَجز والعمش وَالْمَرَض وَالْمَوْت
(1/454)
1
فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36)
{فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً} عذارى
(1/454)
1
عُرُبًا أَتْرَابًا (37)
{عُرُباً} شكلات غنجات عاشقات مُتَحَببَات إِلَى أَزوَاجهنَّ {أَتْرَاباً} مستويات فِي السن والميلاد على مِقْدَار ثَلَاثَة وَثَلَاثِينَ سنة
(1/454)
1
لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ (38)
{لأَصْحَاب الْيَمين} لأهل الْجنَّة وَكلهمْ أهل الْجنَّة
(1/454)
1
ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39)
{ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلين} جمَاعَة من أَوَائِل الْأُمَم كلهَا قبل أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(1/454)
1
وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (40)
{وَثُلَّةٌ مِّنَ الآخرين} جمَاعَة من أَوَاخِر الْأُمَم كلهَا وهى أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيُقَال كلتا الثلتين من أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(1/454)
1
وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (41)
{وَأَصْحَابُ الشمَال} أهل النَّار {مَآ أَصْحَابُ الشمَال} مَا يدْريك يَا مُحَمَّد مَا لأهل النَّار من الهوان وَالْعَذَاب
(1/454)
1
فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (42)
{فِي سَمُومٍ} فِي لَهب النَّار وَيُقَال لفيح النَّار وَيُقَال فِي ريح بَارِدَة وَيُقَال حارة {وَحَمِيمٍ} مَاء حَار
(1/454)
1
وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (43)
{وَظِلٍّ} عَلَيْهِم {مِّن يَحْمُومٍ} من دُخان جَهَنَّم أسود
(1/454)
1
لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ (44)
{لاَّ بَارِدٍ} مقيلهم {وَلاَ كَرِيمٍ} حسن وَيُقَال لَا بَارِد شرابهم وَلَا كريم عَذَاب
(1/454)
1
إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ (45)
{إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ} فِي الدُّنْيَا {مُتْرَفِينَ} مسرفين وَيُقَال متنعمين وَيُقَال متحيرين
(1/454)
1
وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (46)
{وَكَانُواْ يُصِرُّونَ} فِي الدُّنْيَا يُقِيمُونَ ويمكثون {عَلَى الْحِنْث ا