تفسير مقاتل للتوزي ج ص ط العلمية 004

عدد الزوار 255 التاريخ 15/08/2020

 
صفحة رقم 464
منازلهم ، فرفع الله عز وجل سحابه فيها عذاب بعد ما أصابهم الحر سبعة أيام ، فانقلبوا
ليستظلوا تحتها ، فأهلكهم الله عز وجل حراً وغماً تحت السحابة ، فذلك قوله عز وجل :
( إنه كان عذاب يوم عظيم ) [ آية : 189 ] لشدته .
تفسير سورة الشعراء من الآية : [ 190 - 207 ] .
الشعراء : ( 190 ) إن في ذلك . . . . .
) إن في ذلك لآية ( إن في هلاكهم بالحر والغم لعبرة لمن بعدهم ، يحذر كفار مكة
أمة محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ، ثم قال عز وجل : ( وما كان أكثرهم مؤمنين ) [ آية : 190 ] يعنى لو كان أكثرهم مؤمنين ما عذبوا في الدنيا
الشعراء : ( 191 ) وإن ربك لهو . . . . .
) وإن ربك لهو العزيز ( في نقمته من أعدائه
) الرحيم ) [ آية : 191 ] بالمؤمنين .
الشعراء : ( 192 ) وإنه لتنزيل رب . . . . .
) وإنه لتنزيل رب العالمين ) [ آية : 192 ] وذلك أنه لما قال كفار مكة : إن محمداً ( صلى الله عليه وسلم )
يتعلم القرآن من أبي فكيهة ، ويجيء به الري ، وهو شيطان ، فيلقيه على لسان محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ،
فأكذبهم الله تعالى ، فقال عز وجل : ( وإنه لتنزيل رب العالمين ( يعنى القرآن
الشعراء : ( 193 ) نزل به الروح . . . . .
) نزل به الروح الأمين ) [ آية : 193 ] يعنى جبريل ، عليه السلام ، أمين فيما استودعه الله عز وجل
من الرسالة إلى الأنبياء ، عليهم السلام ، نزله ) على قلبك ( ليثبت به قلبك يا محمد ،
الشعراء : ( 194 ) على قلبك لتكون . . . . .
) لتكون من المنذرين ) [ آية : 194 ] .
الشعراء : ( 195 ) بلسان عربي مبين
أنزله ) بلسان عربي مبين ) [ آية : 195 ] ليفقهوا ما فيه لقوله ، إنما يعلمه أبو فكيهة ،
وكان أبو فكيهة أعجمياً ،
الشعراء : ( 196 ) وإنه لفي زبر . . . . .
ثم قال سبحانه : ( وإنه لفي زبر الأولين ) [ آية : 196 ] يقول
أمر محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ونعته في كتب الأولين .
الشعراء : ( 197 ) أو لم يكن . . . . .
ثم قال : ( أو لم يكن ( محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ) لهم ءايةً ( يعنى لكفار مكة ) أن يعلمه علماء بني إسرائيل ) [ آية : 197 ] يعنى ابن سلام وأصحابه ،
الشعراء : ( 198 ) ولو نزلناه على . . . . .
) ولو نزلنهُ ( يعنى القرآن ) على
(2/464)
1
صفحة رقم 465
بعض الأعجمينَ ) [ آية : 198 ] يعنى أبا فكيهة ، يقول : لو أنزلناه على رجل ليس
بعربي اللسان
الشعراء : ( 199 ) فقرأه عليهم ما . . . . .
) فقرأهُ عليهم ( على كفار مكة ، لقالوا : ما نفقه قوله ، ) ما كانوا به
مؤمنينَ ) [ آية : 199 ] يعنى بالقرآن مصدقين بأنه من الله عز وجل ،
الشعراء : ( 200 ) كذلك سلكناه في . . . . .
) كذلكَ
سلكناهُ ( يعنى هكذا جعلنا الكفر بالقرآن ) في قلوب المُجرمين ) [ آية : 200 ] .
الشعراء : ( 201 ) لا يؤمنون به . . . . .
) لا يؤمنون به ( يعنى بالقرآن ) حتى يروا العذاب الأليم ) [ آية : 201 ] يعنى
الوجيع ،
الشعراء : ( 202 ) فيأتيهم بغتة وهم . . . . .
) فيأتيهم ) ) العذاب ( ( بغته ( يعنى فجأة ) وهم لا يشعرون ) [ آية :
202 ] فيتمنون الرجعة والنظرة ،
الشعراء : ( 203 ) فيقولوا هل نحن . . . . .
فذلك قوله سبحانه : ( فيقولوا ( يعنى كفار مكة ) هل
نحن منظرون ) [ آية : 203 ] فنعتب ونراجع ، فلما أوعدهم النبي ( صلى الله عليه وسلم ) العذاب ، قالوا : فمتى
هذا العذاب ؟ تكذيباً به .
الشعراء : ( 204 ) أفبعذابنا يستعجلون
يقول الله عز وجل : ( أَفبعذابنا يستعجلونَ ) [ آية : 204 ]
الشعراء : ( 205 ) أفرأيت إن متعناهم . . . . .
) أَفرءيت إِن متعنهم
سنين ) [ آية : 205 ] في الدنيا
الشعراء : ( 206 ) ثم جاءهم ما . . . . .
) ثُم جاءهم ( بعد ذلك العذاب ) ما كانوا يوعدونَ (
[ آية : 206 ]
الشعراء : ( 207 ) ما أغنى عنهم . . . . .
) ما أغنى عنهم ) ) من العذاب ( ( ما كانوا يمتعونَ ) [ آية : 207 ] في الدنيا .
تفسير سورة الشعراء من الآية : [ 208 - 220 ] .
الشعراء : ( 208 ) وما أهلكنا من . . . . .
ثم خوفهم ، فقال سبحانه : ( وَمَا أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ ( فيما خلا بالعذاب في الدنيا
) إلا لها منذرونَ ) [ آية : 208 ] يعنى رسلاً تنذرهم العذاب بأنه نازل بهم في الدنيا
الشعراء : ( 209 ) ذكرى وما كنا . . . . .
) ذكرى ( يقول : العذاب يذكر ويفكر ، ) وما كنا ظالمينَ ) [ آية : 209 ] فنعذب
على غير ذنب كان منهم ظلماً ، قالت قريش : إنه يجيء بالقرآن الري ، يعنون الشيطان ،
فيلقيه على لسان محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ، فكذبوه بما جاء به .
(2/465)
1
صفحة رقم 466
الشعراء : ( 210 ) وما تنزلت به . . . . .
فأنزل الله عز وجل : ( وما تنزلت به الشياطين ) [ آية : 210 ]
الشعراء : ( 211 ) وما ينبغي لهم . . . . .
) وما ينبغي لهم ( إن
ينزلوا بالقرآن ) وما يستطيعون ) [ آية : 211 ] لأنه حيل بينهم وبين السمع بالملائكة
والشهب ، وذلك أنهم كانوا يستمعون إلى السماء قبل أن يبعث النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فلما بعث
رمتهم الملائكة بالشهب
الشعراء : ( 212 ) إنهم عن السمع . . . . .
فذلك قوله سبحانه : ( إنهم عن السمع لمعزولون ) [ آية : 212 ] بالملائكة والكواكب
الشعراء : ( 213 ) فلا تدع مع . . . . .
) فلا تدع ( يعني ) مع الله إلهاً ءاخر ( وذلك حين دعى إلى دين آبائه ، فقال : لا تدع
يعني فلا تعبد مع الله إلهاً آخر ) فتكون من المعذبين ) [ آية : 213 ]
الشعراء : ( 214 ) وأنذر عشيرتك الأقربين
) وأنذر عشيرتك الأقربين ) [ آية : 214 ] لما نزلت هذه الآية قال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : ' إني أرسلت إلى الناس
عامة ، وأرسلت إليكم يا بني هاشم ، وبني المطلب خاصة ، ' وهم الأقربون ، وهما أخوان
ابنا عبد مناف .
الشعراء : ( 215 ) واخفض جناحك لمن . . . . .
) واخفض جناحك ( يعني لين لهم جناحك ) لمن اتبعك من المؤمنين ) [ آية : 215 ]
الشعراء : ( 216 ) فإن عصوك فقل . . . . .
) فإن عصوك ( يعني بني هاشم ، وبني عبد المطلب ، فلم يجيبوك إلى الإيمان ) فقل إِني
برئ مما تعملونَ ) [ آية : 216 ] من الشرك والكفر .
الشعراء : ( 217 ) وتوكل على العزيز . . . . .
) وتوكل ( يعنى وثق بالله عز وجل ) على العزيز ( في نقمته ) الرحيم ) [ آية :
217 ] بهم حين لا يعجل عليهم بالعقوبة ، وذلك حين دعى إلى ملة آبائه ،
الشعراء : ( 218 ) الذي يراك حين . . . . .
ثم قال
سبحانه : ( الذي يراك حين تقوم ) [ آية : 218 ] وحدك إلى الصلاة .
الشعراء : ( 219 ) وتقلبك في الساجدين
) وتقلبك ( يعنى ويرى ركوعك وسجودك وقيامك فهذا التقلب ) في الساجدين (
[ آية : 219 ] يعني ويراك مع المصلين في جماعة
الشعراء : ( 220 ) إنه هو السميع . . . . .
) إنه هو السميع ( لما قالوا حين دعى إلى
دين آبائه ) العليم ) [ آية : 220 ] بما قال كفار مكة .
تفسير سورة الشعراء من الآية : [ 221 - 227 ] .
(2/466)
1
صفحة رقم 467
الشعراء : ( 221 ) هل أنبئكم على . . . . .
) هل أنبئكم على من تنزل الشياطين ) [ آية : 221 ] لقولهم : إنما نجيء به الري فيلقيه على
لسان محمد ( صلى الله عليه وسلم )
الشعراء : ( 222 ) تنزل على كل . . . . .
) تنزل على كل أفاك ( يعنى كذاب ) أثيم ) [ آية : 222 ] بربه منهم
مسيلمة الكذاب ، وكعب بن الأشرف ، ) يلقون السمع ( يقول : تلقى الشياطين بآذنهم
إلى السمع في السماء لكلام الملائكة ، وذلك أن الله عز وجل إذا أراد أمراً في أهل
الأرض أعلم به أهل السماوات من الملائكة ، فتكلموا به ، فتسمع الشياطين لكلام
الملائكة ، وترميهم بالشهب فيخطفون الخطفة ،
الشعراء : ( 223 ) يلقون السمع وأكثرهم . . . . .
ثم قال عز وجل : ( وأكثرهم كاذبون ) [ آية : 223 ] يعنى الشياطين حين يخبرون الكهنة أنه يكون في الأرض كذا
وكذا .
الشعراء : ( 224 ) والشعراء يتبعهم الغاوون
ثم قال سبحانه : ( والشعراء يتبعهم الغاوون ) [ آية : 224 ] منهم عبد الله بن
الزبعري السهمي ، وأبو سفيان بن عبد المطلب ، وهميرة بن أبي وهب المخزومي ،
ومشافع بن عبد مناف عمير الجمحي ، وأبو عزة اسمه عمرو بن عبد الله ، كلهم من
قريش ، وأمية بن أبي الصلت الثقفي ، تكلموا بالكذب والباطل ، وقالوا : نحن نقول مثل
قول محمد ( صلى الله عليه وسلم ) قالوا الشعر ، واجتمع إليهم غواة من قومهم يستمعون من أشعارهم ،
ويروون عنهم ، حتى يهجون .
الشعراء : ( 225 ) ألم تر أنهم . . . . .
فذلك قوله عز وجل : ( ألم تر أنهم في كل واد يهيمون ) [ آية : 225 ] يعنى في كل
طريق ، يعنى في كل فن من الكلام يأخذون ،
الشعراء : ( 226 ) وأنهم يقولون ما . . . . .
) وأنهم يقولون ما لا يفعلون ) [ آية :
226 ] . فعلنا وفعلنا وهم كذبة ، فاستأذن شعراء المسلمين أن يقتصوا من المشركين منهم
عبد الله بن رواحة ، وحسان بن ثابت ، وكعب بن مالك ، من بني سلمة بن خثم ، كلهم
من الأنصار ، فأذن لهم النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فهجوا المشركين ، ومدحوا النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : فأنزل الله تعالى :
( والشعراء يتبعهم الغاوون ( إلى آخر آيتين .
ث
الشعراء : ( 227 ) إلا الذين آمنوا . . . . .
م استثنى عز وجل شعراء المسلمين ، فقال : ( إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وذكروا
الله كثيراً ونتصروا ( على المشركين ) من بعده ما ظلموا ( يقول : انتصر شعراء المسلمين
من شعراء المشركين ، فقال : ( وسيعلم الذين ظلموا ( يعنى أشركوا ) أي منقلب ينقلبون (
[ آية : 227 ] يقول : ينقلبون في الآخرة إلى الخسران .
حدثنا عبيد الله بن ثابت ، قال : حدثني أبي ، عن الهذيل ، عن رجل ، عن الفضيل بن
عيسى الرقاشي ، قال : ( بلسان عربي مبين ( ، قال : فضله على الألسن .
(2/467)
1
صفحة رقم 468
قال الهذيل : سمعت المسيب يحدث عن أبي روق ، قال : كانت ناقة صالح عليه
السلام ، يوضع لها الإناء فتدر فيه اللبن .
حدثنا عبد الله ، قال : حدثني أبي ، عن الهذيل ، عن علي بن عاصم ، عن الفضل بن
عيسى الرقاشي ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله ، عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، قال :
' لما كلم الله عز وجل موسى ، عليه السلام ، فوق الطور ، فسمع كلاماً فوق الكلام
الأول ، فقال : يا رب هذا كلامك الذي كلمتني به ، قال : لا يا موسى ، إنما كلمتك بقوة
عشرة آلاف لسان ، ولي قوة الألسن كلها ، وأنا أقوى من ذلك ، فلما رجع موسى ، عليه
السلام ، إلى قومه ، قالوا : يا موسى ، صف لنا كلام الرحمن ؟ قال : سبحان الله ، لا
أستطيع ، قالوا : فشبهه ، قال : ألم تروا إلى أصوات الصواعق التي تقتل بأحلى حلاوة إن
سمعتموه ، فإنه قريب منه ، وليس به ' .
(2/468)
1
صفحة رقم 469
( سورة النمل )
مقدمة
( سورة النمل مكية ، وهي ثلاث وتسعون آية كوفية )
( بسم الله الرحمن الرحيم )
تفسير سورة النمل من الآية : [ 1 - 6 ] .
النمل : ( 1 ) طس تلك آيات . . . . .
) طس تلك ءايت القرآن وكتاب مُبين ) [ آية : 1 ] يعنى بين ما فيه أمره ونهيه
النمل : ( 2 ) هدى وبشرى للمؤمنين
) هدى ( يعنى بيان من الضلالة لمن عمل به ، ) وبشرى ( لما فيه من الثواب
) للمؤمنين ) [ آية : 2 ] يعنى للمصدقين بالقرآن بأنه من الله عز وجل .
النمل : ( 3 ) الذين يقيمون الصلاة . . . . .
ثم نعتهم ، فقال سبحانه : ( الذين يقيمون الصلاة ( يعنى يتمون الصلاة المكتوبة
) ويؤتون الزكوة ( يعنى ويعطون الزكاة المفروضة ) وهم بالآخرة ( يعنى بالبعث الذي
فيه جزاء الأعمال ) هم يوقنون ) [ آية : 3 ] .
النمل : ( 4 ) إن الذين لا . . . . .
) أن الذين لا يؤمنون بالآخرة ( يعنى لا يصدقون بالبعث ) زينا لهم أعمالهم ( يعنى ضلالتهم ) فهم يعمهون ) [ آية : 4 ] يعنى يترددون فيها
النمل : ( 5 ) أولئك الذين لهم . . . . .
) أولئك الذين لهم سوء ( يعنى
شدة ) العذاب ( في الآخرة ) وهم في الآخرة الأخسرونَ ) [ آية : 5 ] .
النمل : ( 6 ) وإنك لتلقى القرآن . . . . .
) وإنك لتلقى ( يعني لتؤتى ) القرآن ( كقوله سبحانه : ( وما يلقاها (
[ فضلت : 35 ] يعنى وما يؤتاها ، ثم قال : ( من لدن حكيم ( في أمره ) عليم ) [ آية : 6 ]
بأعمال الخلق .
تفسير سورة النمل من الآية : [ 7 - 14 ] .
(2/469)
1
صفحة رقم 470
النمل : ( 7 ) إذ قال موسى . . . . .
) إذ قال موسى لأهله ( يعنى امرأته حين رأى النار ) إِني ءانست ناراً ( يقول : إني
رأيت ناراً ، وهو نور رب العزة جل ثناؤه ، رآه ليلة الجمعة عن يمين الجبل بالأرض
المقدسة ) سئاتيكم منها بخير ( أين الطريق ، وقد كان تحير وترك الطريق ، ثم قال : فإن لم
أجد من يخبرني الطريق ، ) أو ءاتيكم بشهاب قبس ( يقول : آتيكم بنار قبسة مضيئة
) لعلكم تصطلحون ) [ آية : 7 ] من البرد .
النمل : ( 8 ) فلما جاءها نودي . . . . .
) فلما جاءها ( يعني النار ، وهو نور رب العزة ، تبارك وتعالى ، ) نودى أن بروك من في
النار ومن حولها ( يعنى الملائكة ) وسبحان الله رب العالمين ) [ آية : 8 ] في التقديم ،
النمل : ( 9 ) يا موسى إنه . . . . .
ثم
قال : ( يا موسى إنه أنا الله ( يقول : إن النور الذي رأيت أنا ) العزيز الحكيم ) [ آية : 9 ]
النمل : ( 10 ) وألق عصاك فلما . . . . .
) وَأَلق عصاك فلما رءاها تهتز ( ينعى تحرك ) كأنها جان ( يعني كأنها كانت حية ) ولى مدبرا ( من الخوف من الحية ) ولم يعقب ( يعنى ولم يرجع ، يقول الله عز وجل
) يا موسى لا تخف ( من الحية ) إني لا يخاف لدي ( يعنى عندي ) المرسلون ) [ آية : 10 ]
النمل : ( 11 ) إلا من ظلم . . . . .
) إلا من ظلم ( نفسه من الرسل ، فإنه يخاف ، فكان منهم آدم ، ويونس
وسليمان ، وأخوة يوسف ، وموسى بقتله النفس ، عليهم السلام ، ) ثم بدل حسنا بعد سوء ( يعنى فمن بدل إحساناً بعد إساءته ) فإني غفور رحيم ) [ آية : 11 ] .
النمل : ( 12 ) وأدخل يدك في . . . . .
) وأدخل يدك ( اليمن ) في جيبك ( يعنى جيب المدرعة من قبل صدره ، وهي
مضربة ) تخرج ( اليد من المدرعة ) بيضاء ( لها شعاع كشعاع الشمس
) من غير سوء ( يعنى من غير برص ، ثم انقطع الكلام ، يقول الله تبارك وتعالى لمحمد ( صلى الله عليه وسلم ) : ( في
تسع ءايت ( يعنى أعطى تسع آيات اليد ، والعصا ، والطوفان ، والجراد ، والقمل
والضفادع ، والدم ، والسنين ، والطمس ، فآيتان منهما أعطى موسى ، عليه السلام ،
بالأرض المقدسة اليد والعصى ، حين أرسل إلى فرعون ، وأعطى سبع آيات بأرض مصر
(2/470)
1
صفحة رقم 471
حين كذبوه ، فكان أولها اليد ، وآخرها الطمس ، يقول : ( إلى فرعون ( واسمه فيطوس
) وقومه ( أهل مصر ) إنهم كانوا قوما فاسقين ) [ آية : 13 ] يعنى عاصين .
النمل : ( 13 ) فلما جاءتهم آياتنا . . . . .
) فلما جاءتهم ءايتنا مُبصرةً ( يعنى مبينة معانية يرونها ) قالوا ( : يا موسى
) هذا ( الذي جئت به ) سحر مبين ) [ آية : 13 ] يعنى بين ، يقول الله عز وجل :
النمل : ( 14 ) وجحدوا بها واستيقنتها . . . . .
) وجحدوا بها ( يعنى بالآيات ، يعني بعد المعرفة ، فيها تقديم ) واستيقنتها أنفسهم ( أنها
من الله عز وجل ، وأنها ليست بسحر ) ظلما ( شركاً ) وعلوا ( تكبراً ) فانظر كيف كان عاقبة المفسدين ) [ آية : 14 ] في الأرض بالمعاصي ، كان عاقبتهم الغرق ، وإنما
استيقنوا بالآيات أنها من الله ، لدعاء موسى ربه أن يكشف عنهم الرجز ، فكشفه عنهم ،
وقد علموا ذلك .
تفسير سورة النمل من الآية : [ 15 - 26 ] .
النمل : ( 15 ) ولقد آتينا داود . . . . .
) ولقد ءاتينا ( يعنى أعطينا ) داود وسليمان علما ( بالقضاء ، وبكلام الطير ، وبكلام
الدواب ، ) وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين ) [ آية : 15 ] يعنى
(2/471)
1
صفحة رقم 472
بالقضاء ، والنبوة ، والكتاب ، وكلام البهائم ، والملك الذي أعطاهما الله عز وجل ، وكان
سليمان أعظم ملكاً من داود ، وأفطن منه ، وكان داود أكثر تعبداً من سليمان .
النمل : ( 16 ) وورث سليمان داود . . . . .
) وورث سليمان داود ( يعنى ورث سليمان علم داود وملكه ، ) وقال ( سليمان لبني
إسرائيل : ( يأيها الناسُ علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيءٍ ( يعنى أعطينا الملك والنبوة
والكتاب والرياح ، وسخرت لنا الشياطين ، ومنطق الدواب ، ومحاريب وتماثيل ، وجفان
والكتاب والرياح ، وسخرت لنا الشياطين ، ومنطق الدواب ، ومخاريب ، وتماثيل ، وجفان
كالجوابي ، وقدرو راسيات وعن القطر يعنى عين الصفر .
) إن هذا ( الذي أعطينا ) لهو الفضل المبين ) [ آية : 16 ] يعنى البين
النمل : ( 17 ) وحشر لسليمان جنوده . . . . .
) وحشر لسليمان ( يعنى وجمع لسليمان ) جنوده من الجن ( طائفة ) و ( من ) الإنس و (
من ) الطير ( طائفة ) فهم يوزعون ) [ آية : 17 ] يعنى يساقون ، وكان سليمان
استعمل جنداً يرد الأول على الآخر حتى ينام الناس .
النمل : ( 18 ) حتى إذا أتوا . . . . .
وقال عز وجل ) حتى إذا أتوا على واد النمل ( من أرض الشام ) قالت نملة (
واسمها الجرمى ) يا أيها النمل ادخلوا ( وهن خارجات ، فقالت : ادخلوا
) مساكنكم ( يعنى بيوتكم ) لا يحطمنكم سليمان ( يعني لا يهلكنكم سليمان
) وجنوده وهم لا يشعرون ) [ آية : 18 ] بهلاككم ، فسمع سليمان قولها من ثلاثة أميال .
فانتهى إليها سليمان حين قالت : ( وهم لا يشعرون ( .
النمل : ( 19 ) فتبسم ضاحكا من . . . . .
) فتبسم ضاحكا من قولها ( ضحك من ثناءها على سليمان بعدله في ملكه ، أنه
لو يشعر بكم لم يحطمكم ، يعنى بالضحك الكشر ، وقال سليمان : لقد علمت النمل أنه
ملك لا بغي فيه ، ولا فخر ولئن علم بنا قبل يغشانا لم نوطأ ، ثم وقف سليمان بمن
معه من الجنود ليدخل النمل مساكنهم ، ثم حمد ربه عز وجل حين علمه منطق كل
شيء فسمع كلام النملة ) وقال رب أوزعني ( يعني ألهمني ) أَن أَن أشكر نعمتك التي
أَنعمت علي وعلى والدي ( من قبلي ، يعنى أبويه داود ، وأمه بتشايع بنت الياثن ، ) و (
ألهمني ) وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك ( يعني بنعمتك ) في ( يعني مع
(2/472)
1
صفحة رقم 473
) عبادك الصالحين ) [ آية : 19 ] الجنة .
النمل : ( 20 ) وتفقد الطير فقال . . . . .
) وتفقد الطير ( يعني الهدهد حين سار من بيت المقدس قبل اليمن ، فلما مر بالمدينة
وقف ، فقال إن الله عز وجل : سيبعث من هاهنا نبياً طوبى لمن تبعه ، فلما أراد أن ينزل
) فقال مالي لا أرى الهدهد أم ( والميم ها هنا صلة ، كقوله تعالى : ( أم عندهم ( يعنى
أعندهم ) الغيب فيهم يكتبون ) [ الطور : 41 ، والقلم : 47 ] أم ) كان من الغائبين ) [ آية : 20 ] .
النمل : ( 21 ) لأعذبنه عذابا شديدا . . . . .
) لأعذبنه عذابا شديدا ( يعنى لأنتفن ريشه ، فلا يطير مع الطير حولاً ) أَو
لأأذبحنهُ ( يعنى لأقتلنه ، ) أو ليأتيني بسلطان مبين ) [ آية : 21 ] يعنى حجة بينة أعذره
بها ،
النمل : ( 22 ) فمكث غير بعيد . . . . .
) فمكث غير بعيد ( يقول : لم يلبث إلا قليلاً ، حتى جاء الهدهد ، فوقع بين يدي
سليمان ، عليه السلام ، فجعل ينكث بمنقاره ويومئ برأسه إلى سليمان ، ) فقال (
لسليمان : ( أحطت بما لم تحط به ( يقول : علمت ما لم تعلم به ) وجئتك ( بأمر لم
تخبرك به الجن ، ولم تنصحك فيه ، ولم يعمل به الإنس ، وبلغت ما لم تبلغه أنت ولا
جنودك ، وجئتك ) من ( أرض ) سبا ( باليمن ) بنبإ يقين ) [ آية : 22 ] يقول :
بحديث لا شك فيه ، فقال سليمان : وما ذلك ؟
النمل : ( 23 ) إني وجدت امرأة . . . . .
قال الهدهد : ( إني وجدت امرأة تملكهم ( يعنى تملك أهل سبأ ) وأوتيت ( يعنى
وأعطيت ) من كل شيءٍ ( يكون باليمن ، يعنى العلم والمال والجنود والسلطان والزينة
وأنواع الخير ، فهذا كله من كلام الهدهد ، وقال الهدهد : ( ولها عرش عظيم ) [ آية :
23 ] يعنى ضخم ثمانون ذراعاً في ثمانين ذراعاً ، وارتفاع السرير من الأرض أيضاً ثمانون
ذراعاً في ثمانين ذراعاً ، مكلل بالجواهر ، والمرأة اسمها بلقيس بنت أبي سرح ، وهي من
الإنس وأمها من الجن ، اسمها فارمة بنت الصخر .
النمل : ( 24 ) وجدتها وقومها يسجدون . . . . .
ثم قال : ( وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم (
السيئة ، يعنى سجودهم للشمس ) فصدهم عن السبيل ( يعنى عن الهدى ) فهم لا يهتدون ) [ آية : 24 ] .
النمل : ( 25 ) ألا يسجدوا لله . . . . .
ثم قال الهدهد : ( ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء ( يعنى الغيث ) في السماوات
والأرض ويعلم ما يخفون ( في قلوبكم ) وما تعلنون ) [ آية : 25 ] بألسنتكم
النمل : ( 26 ) الله لا إله . . . . .
) الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم ) [ آية : 26 ] يعنى بالعظيم العرش .
(2/473)
1
صفحة رقم 474
تفسير سورة النمل من الآية : [ 27 - 37 ] .
النمل : ( 27 ) قال سننظر أصدقت . . . . .
) قال ( سليمان للهدهد : دلنا على الماء ) سننظر ( فيما تقول ، ) أصدقت (
في قولك ) أم كنت ( يعنى أم أنت ) من الكاذبين ) [ آية : 27 ] مثل قوله عز وجل :
( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) [ آل عمران : 110 ] .
النمل : ( 28 ) اذهب بكتابي هذا . . . . .
وكان الهدهد يدلهم على قرب الماء من الأرض إذا نزلوا ، فدلهم على ماء ، فنزلوا
واحتفروا الركايا ، وروى الناس والدواب ، وكانوا قد عطشوا ، فدعا سليمان الهدهد
وقال : ( اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ( يعنى إلى أهل سبأ ) ثم تول ( يقول : ثم
انصرف ) عنهم فانظر ماذا يرجعون ) [ آية : 28 ] الجواب ، فحمل الهدهد الكتاب بمنقاره ،
فطار حتى وقف على رأس المرأة ، فرفرف ساعة والناس ينظرون ، فرفعت المرأة رأسها ،
فألقى الهدهد الكتاب في حجرها ، فلما رأت الكتاب ورأت الخاتم رعدت وخضعت ،
وخضع من معها من الجنود ، لأن ملك سليمان ، عليه السلام ، كان في خاتمه فعرفوا أن
الذي أرسل هذا الطير أعظم من ملكها ، فقال : إن ملكاً رسله الطير ، إن ذلك
الملك عظيم ، فقرأت هي الكتاب ، وكانت عربية من قوم تبع بن أبي شراحيل الحميري ،
وقومها من قوم تبع ، وهم عرب ، فأخبرتهم بما في الكتاب ، ولم يكن فيه شيء غير : ' أنه
من سليمان ، وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا على ' ألا تعظموا على ' وأتوني
مسلمين ' . قال أبو صالح : ويقال : مختوم .
النمل : ( 29 ) قالت يا أيها . . . . .
ف ) قالت ( المرأة لهم : ( يأيها الملؤا ( يعنى الأشراف ، ) إني ألقي إلي كتاب كريم (
[ آية : 29 ] يعنى كتاب حسن
النمل : ( 30 ) إنه من سليمان . . . . .
) إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ) [ آية : 30 ] .
(2/474)
1
صفحة رقم 475
النمل : ( 31 ) ألا تعلوا علي . . . . .
) ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين ) [ آية : 31 ] . ثم قالت : إن يكن هذا الملك يقاتل على
الدنيا ، فإنا نمده بما أراد من الدنيا ، وإن كان يقاتل لربه . فإنه لا يطلب الدنيا ، ولا يريدها ،
ولا يقبل منا شيئاً غير الإسلام .
النمل : ( 32 ) قالت يا أيها . . . . .
ثم استشارتهم ف ) قالت يأيها الملؤا ( يعنى الأشراف ، وهم : ثلاث مائة ، وثلاثة عشر
قائداً ، مع كل مائة ألف ، وهم أهل مشورتها ، فقالت لهم ) أفتوني في أمري ( من هذا
) ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون ) [ آية : 32 ] تقول : ما كنت قاضية أمراً حتى
تحضرون .
النمل : ( 33 ) قالوا نحن أولوا . . . . .
) قالوا ( لها : ( نحن أولوا قوة ( يعنى عدة كثيرة في الرجال كقوله : ( فأعينوني بقوة ) [ الكهف : 95 ] ، يعنى بالرجال ) وَأَولوا بأس شديد ( في الحرب ، يعنى الشجاعة
) والأمر إليك ( يقول : قد أخبرناك بما عندنا وما نجاوز ما تقولين ، ) فانظري ماذا تأمرين (
[ آية : 33 ] يعنى ماذا تشيرين علينا ، كقول فرعون لقومه : ( فماذا تأمرون ) [ الشعراء :
35 ] يعنى ماذا تشيرون علي .
النمل : ( 34 ) قالت إن الملوك . . . . .
) قالت إِن المُلوك إذا ادخلوا قرية أَفسدوها ( يعن أهلكوها ، كقوله عز وجل :
( لفسدت السماوات والأرض ( يعنى لهلكتها ومن فيهن ، ثم قال : ( وجعلوا أعزة أهلها أذلة ( يعنى أهانوا أشرافها وكبراءها لكي يستقيم لهم الأمر ، يقول الله عز وجل :
( وكذلك يفعلون ) [ آية : 34 ] كما قالت .
النمل : ( 35 ) وإني مرسلة إليهم . . . . .
ثم قالت المرأة لأهل مشورتها : ( وإني مرسلة إليهم بهدية ( أصانعهم على ملكي إن
كانوا أهل دنيا ، ) فناظرة بم يرجع المرسلون ) [ آية : 35 ] من عنده بالجواب ، فأرسلت
بالهدية مع الوفد عليهم المنذر بن عمر ، والهدية مائة وصيف ، ومائة وصيفة ، وجعلت
للجارية قصة أمامها ، وقصة مؤخرها ، وجعلت للغلام قصة أمامه ، وذؤابة وسط رأسه ،
وألبستهم لباساً واحداً ، وبعثت بحقة فيها جوهرتان إحدهما مثقوبة والأخرى غير
مثقوبة . وقالت للوفد : إن كان نبياً ، فسيميز بين الجواري والغلمان ويخبر بما في الحقة ،
ويرد الهدية فلا يقبلها ، وإن كان ملكاً فسيقبل الهدية ولا يعلم ما في الحقة ، فلما انتهت
الهدية إلى سليمان ، عليه السلام ، ميز بين الوصفاء والوصائف من قبل الوضوء ، وذلك أنهُ
(2/475)
1
صفحة رقم 476
أمرهم بالوضوء فكانت الجارية تصب الماء على بطن ساعدها ، والغلام على ظهر ساعده ،
فيميز بين الوصفاء والوصائف وحرك الحقة ، وجاء جبريل ، عليه السلام ، فأخبره بما فيها
فقيل له : ادخل في المثقوبة خيطاً من غير حيلة إنس ولا جان ، وأثقب الأخرى من غير
حيلة إنس ولا جان ، وكانت الجوهرة المثقوبة معوجة ، فأتته دودة تكون في الفضفضة
وهي الرطبة ، فربط في مؤخرها خيطاً ، فدخلت الجوهرة حتى أنقذت الخيط إلى الجانب
الآخر ، فجعل رزقها في الفضة ، وجاءت الأرضة فقالت لسليمان : اجعل رزقي في
الخشب والسقوف والبيوت ، قال : نعم ، فثقبت الجوهرة فهذه حيلة من غير إنس ولا
جان .
وسألوه ماء لم ينزل من السماء ، ولم يخرج من الأرض ، فأمر بالخيل فأجريت حتى
عرقت فجمع العرق في شيء حتى صفا وجعله في قداح الزجاج ، فعجب الوفد من
علمه ، وجاء جبريل ، عليه السلام ، فأخبره بما في الحقة فأخبرهم سليمان بما فيها ، ثم رد
سليمان الهدية .
النمل : ( 36 ) فلما جاء سليمان . . . . .
) فلما جاء سليمان قال ( للوفد : ( أَتمدونن بمال فما ءاتنِيَ الله خيرٌ مما ءاتاكم ( يقول :
فما أعطاني الله تعالى من الإسلام والنبوة والجنود خير مما أعطاكم ) بل أنتم بهديتكم تفرحون ) [ آية : 36 ] يعنى إذا أهدى بعضكم إلى بعض ، فأما أنا فلا أفرح بها إنما أريد
منكم الإسلام .
النمل : ( 37 ) ارجع إليهم فلنأتينهم . . . . .
ثم قال سليمان لأمير الوفد . ) ارجع إليهم ( بالهدية ) فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها (
لا طاقة لهم بها من الجن والإنس ، ) ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون ) [ آية : 37 ] يعنى
مذلين بالإنس والجن .
تفسير سورة النمل من الآية : [ 38 - 44 ]
(2/476)
1
صفحة رقم 477
النمل : ( 38 ) قال يا أيها . . . . .
ثم ) قال يأيها الملؤا أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مُسلمينَ ) [ آية : 38 ] يعنى مخلصين
بالتوحيد ، وإنما علم سليمان أنها تسلم ، لأنه أوحى إليه بذلك ، فذلك قال : ( قبل أن يأتوني مسلمين ( فيحرم علي سريرها ، لأن الرجل إذا أسلم حرم ماله ودمعه ، وكان
سريرها من ذهب قوائمه اللؤلؤ والجوهر ، مستور بالحرير والديباج ، عليه الحجلة .
النمل : ( 39 ) قال عفريت من . . . . .
) قال عفريت من الجن ( يعنى مارد من الجن اسمه : الحقيق ، ) أَنا ءاتيك به ( يعنى
سريرها ) قبل أن تقوم من مقامك ( يعنى من مجلسك ، وكان سليمان ، عليه السلام ، يجلس
للناس غدوة فيقضي بينهم حتى يضحى الضحى الأكبر ، ثم يقوم ، فقال : أنا آتيك به قبل
أن تحضر مقامك ، وذلك أني أضع قدمي عند منتهى بصري فليس شيء أسرع مني ،
فآتيك بالعرش ، وأنت في مجلسك ، ) وإني عليه ( يعنى على حمل السرير ) لقوي ( على
حمله ) امين ) [ آية : 39 ] على ما في السرير من المال .
النمل : ( 40 ) قال الذي عنده . . . . .
قال سليمان أريد أسرع من ذلك : ( قال الذي عنده علم من الكتاب ( وهو رجل من
الإنس من بني إسرائيل كان يعلم اسم الله الأعظم ، وكان الرجل اسمه آصف بن برخيا
بن شمعيا بن دانيال ) أَنا ءاتيك به ( بالسرير ) قبل أن يرتد إليك طرفك ( الذي هو على
منتهى بصرك ، وهو جاءٍ إليك ، فقال سليمان : لقد أسرعت أن فعلت ذلك ، فدعا الرجل
باسم الله الأعظم ، ومنه ذو الجلال والإكرام ، فاحتمل السرير احتمالاً فوضع بين يدي
سليمان ، وكانت المرأة قد أقبلت إلى سليمان حين جاءها الوفد ، وخلفت السرير في
أرضها باليمن في سبعة أبيات بعضها في بعض أقفالها من حديد ، ومعها مفاتيح الأبيات
السبعة ، ) فلما رءاهُ ( فلما رأى سليمان العرش ) مستقرا عنده ( تعجب منه ف ) قال هذا ( السرير ) من فضل ربي ( أعطانيه ) ليبلوني ( يقول ليختبرني ) ءاشكرُ ( الله
عز وجل في نعمة حين أتيت العرش ) أم أكفر ( بنعم الله إذا رأيت من هو دوني أعلم
مني ، فعزم الله عز وجل له على الشكر .
فقال عز وجل : ( ومن شكر ( في نعمة ) فإنما يشكر لنفسه ( يقول : فإنما يعمل
(2/477)
1
صفحة رقم 478
لنفسه ) ومن كفر ( النعم ) فإن ربي غني ( عن عبادة خلقه ) كريم ) [ آية : 40 ]
مثلها في لقمان : ( فإن ربي غني حميد ) [ آية : 12 ] .
النمل : ( 41 ) قال نكروا لها . . . . .
) قال ( سليمان : ( نكروا لها عرشها ( زيدوا في السرير ، وانقصوا منه ، ) ننظر (
إذا جاءت ) أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون ) [ آية : 41 ] يقول : أتعرف العرش أم
تكون من الذين لا يعرفون ؟
النمل : ( 42 ) فلما جاءت قيل . . . . .
) فلما جاءت ( المرأة ) قيل ( لها ) أهكذا عرشك ( فأجابتهم ف ) قالت كأنه هو (
وقد عرفته ولكنها شبهت عليهم كما شبهوا عليها ، ولو قيل لها : هذا عرشك ؟ لقالت :
نعم ، قيل لها : فإنه عرشك فما أغنى عنه إغلاق الأبواب ؟ يقول سليمان : ( وأوتينا العلم ( من الله عز وجل ) من قبلها ( يعنى من قبل أن يجيء العرش والصرح وغيره ،
)( وكنا مسلمين ) [ آية : 42 ] يعنى وكنا مخلصين بالتوحيد من قبلها .
النمل : ( 43 ) وصدها ما كانت . . . . .
) وصدها ( عن الإسلام ) ما كانت تعبد من دون الله ( من عبادة الشمس ) إنها كانت من قوم كافرين ) [ آية : 43 ]
النمل : ( 44 ) قيل لها ادخلي . . . . .
) قيل لها ادخلي الصرح ( وهو قصر من قوارير على الماء تحته
السمك ، ) فلما رأته حسبته لجة ( يعنى غدير الماء ) وكشفت عن ساقها ( يعنى رجليها
لتخوض الماء إلى سليمان ، وهو على السرير في مقدم البيت ، وذلك أنها لما أقبلت قالت
الجن : لقد لقينا من سليمان ما لقينا من التعب ، فلو قد اجتمع سليمان وهذه المرأة وما
عندها من العلم لهلكنا ، وكانت أمها جنية ، فقالوا : تعالوا نبغضها إلى سليمان ، نقول : إن
قوارير فوق الماء ، وأرسل فيه السمك لتحسب أنه الماء فتكشف عن رجليها فينظر
سليمان أصدقته الجن أم كذبته ، وجعل سريره في مقدم البيت ، فلما رأت الصرح حسبته
لجة الماء وكشفت عن ساقيها ، فنظر إليها سليمان ، فإذا هي من أحسن الناس قدمين
ورأى على ساقها شعراً كثيراً فكره سليمان ذلك ، فقالت : إن الرمانة لا تدري ما هي
حتى تذوقها ، قال سليمان : ما لا يحلو في العين لا يحلو في الفم ، فلما رأت الجن أن
سليمان رأى ساقيها ، قالت الجن : لا تكشفي عن ساقيك ) قال إنه صرح ممرد ( يعنى
أملس ) من قوارير ( فلما رأت السرير والصرح علمت أن ملكها ليس بشيء عند ملك
سليمان ، وأن ملكه من ملك الله عز وجل .
ف ) قالت ( حين دخلت الصرح ) رب إني ظلمت نفسي ( يعنى بعبادتها الشمس
(2/478)
1
صفحة رقم 479
) وأسلمت ( يعنى أخلصت ) مع سليمان ( بالتوحيد ) لله رب العالمين ) [ آية : 44 ]
خرت لله عز وجل ساجدة ، وتابت إلى الله عز وجل من شركها .
واتخذها سليمان عليه السلام لنفسه ، فولدت له داود بن سليمان ، عليهم السلام ، وأمر لها بقرية من الشام يجئ لها خراجها ، وكانت عذراً فاتخذت الحمامات من
أجلها . وقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : ' كانت من أحسن نساء العالمين ساقين ، وهي من أزواج سليمان
في الجنة ' ، فقالت عائشة ، رضي الله عنها ، للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) : هي أحسن ساقين مني ، قال النبي
( صلى الله عليه وسلم ) : ' أنت أحسن ساقين في الجنة ' .
تفسير سورة النمل من الآية : [ 45 - 50 ] .
النمل : ( 45 ) ولقد أرسلنا إلى . . . . .
وكان سليمان عليه السلام يسير بها معه إذا سار ) ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا أن اعبدوا الله ( يعنى وحدوا الله ) فإذا هم فريقان يختصمون ) [ آية : 45 ] مؤمنين
وكافرين ، وكانت خصومتهم الآية التي في الأعراف : ( قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه قالوا إنا بما أرسل به مؤمنون قال الذين استكبروا إنا بالذي آمنتم به كافرون فعقروا الناقة (
[ الآيات : 75 - 77 ] ووعدهم صالح العذاب ، فقالوا : ( يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين ) [ الأعراف : 77 ] فرد عليهم صالح :
النمل : ( 46 ) قال يا قوم . . . . .
) قال ياقوم لم تستعجلون
بالسيئة قبل الحسنة ( يقول : لم تستعجلون بالعذاب قبل العافية ) لولا ( يعنى هلا
) تستغفرون الله ( من الشرك ) لعلكم ( يعنى لكي ) ترحمون ) [ آية : 46 ]
فلا تعذبوا في الدنيا
النمل : ( 47 ) قالوا اطيرنا بك . . . . .
ف ) قالوا ( يا صالح ) اطيرنا ( يعنى تشاءمنا ) بك وبمن معك ( على دينك ، وذلك
أنه قحط المطر عنهم وجاعوا ، فقال : أصابنا هذا الشر من شؤمك وشؤم أصحابك
(2/479)
1
صفحة رقم 480
ف ) قال ( لهم عليه السلام : إنما ) طئركم عند الله ( يقول : الذي أصابكم هو مكتوب
في أعناقكم ) بل أنتم قوم تفتنون ) [ آية : 47 ] يعنى تبتلون ، وإنما ابتليتم بذنوبكم .
النمل : ( 48 ) وكان في المدينة . . . . .
) وكان في المدينة ( قرية صالح : الجمر ) تسعة رهط يفسدون في الأرض ( يعنى
يعملون في الأرض بالمعاصي ) ولا يصلحون ) [ آية : 48 ] يعنى ولا يطيعون الله عز
وجل فيها منهم : قدار بن سالف بن جدع ، عاقر الناقة ، واسم أمه قديرة ، ومصدع ،
وداب ، ويباب إخوة بني مهرج ، وعائذ بن عبيد ، وهذيل ، وذو أعين وهما أخوان ابنا
عمرو ، وهديم ، وصواب ، فعقروا الناقة ليلة الأربعاء ، وأهلكهم الله عز وجل يوم السبت
بصيحة جبريل ، عليه السلام .
النمل : ( 49 ) قالوا تقاسموا بالله . . . . .
) قالوا تقاسموا بالله ( يعنى تحالفوا بالله عز وجل ) لنبيتنه وأهله ( ليلاً بالقتل
يعنى صالحاً وأهله ، ) ثم لنقولن لوليه ( يعنى ذا رحم صالح أن سألوا عنه ) ما شهدنا مهلك أهله ( قالوا : ما ندري من قتل صالحاً وأهله ، ما نعرف الذين قتلوه ) وإنا لصادقون ) [ آية : 49 ] فيما نقول .
النمل : ( 50 ) ومكروا مكرا ومكرنا . . . . .
يقول عز وجل : ( ومكروا مكرا ( حين أرادوا قتل صالح ، عليه السلام ، وأهله ،
يقول الله تعالى ) ومكرنا مكرا ( حين جثم الجبل عليهم ) وهم لا يشعرون (
[ آية : 50 ] .
تفسير سورة النمل من الآية : [ 51 - 58 ] .
النمل : ( 51 ) فانظر كيف كان . . . . .
) فانظر ( يا محمد ) كيف كان عاقبة مكرهم ( يعنى عاقبة عملهم ،
وصنيعهم ، ) أنا دمرناهم ( يعنى التسعة ، يعنى أهلكناهم بالجبل حين جثم عليهم ،
)( و ( دمرنا ) وقومهم أجمعين ) [ آية : 51 ] بصيحة جبريل ، عليه السلام ، فلم نبقى
منهم أحداً .
النمل : ( 52 ) فتلك بيوتهم خاوية . . . . .
) فتلك بيوتهم خاوية ( يعنى خربة ليس بها سكان ، ) بما ظلموا ( يعنى بما
(2/480)
1
صفحة رقم 481
أشركوا ) إن في ذلك لآية ( يعني أن في هلاكهم لعبرة ) لقوم يعلمون ) [ آية :
52 ] بتوحيد الله عز وجل ،
النمل : ( 53 ) وأنجينا الذين آمنوا . . . . .
) وأَنجينا الذين ءامنوا ( يعنى الذين صدقوا ، من العذاب
) وكانوا يتقون ) [ آية : 53 ] الشرك .
النمل : ( 54 - 55 ) ولوطا إذ قال . . . . .
) ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ( يعنى المعاصي ، يعنى بالمعصية إتيان
الرجال شهوة من دون النساء ) وأنتم تبصرون أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء ( ) بل أنتم ( يعنى ولكن أنتم ) قوم تجهلون ) [ آية : 55 ]
النمل : ( 56 ) فما كان جواب . . . . .
) فما كان جواب قومه ( قوم لوط حين نهاهم عن المعاصي ) إلا أن قالوا ( بعضهم لبعض
) أخرجوا ءال لوطٍ ( يعنى لوطاً وابنتيه ) من قريتكم إنهم أناس يتطهرون ) [ آية : 56 ]
يعنى لوطاً وحده ، يتطهرون مثلها في الأعراف : ( يتطهرون ) [ الآية : 82 ] يعنى
يتنزهون عن إتيان الرجال فإنا لا نحب أن يكون بين أظهرنا من ينهانا عن عملنا .
النمل : ( 57 ) فأنجيناه وأهله إلا . . . . .
يقول الله عز وجل : ( فأنجينهُ ( من العذاب ) وأهله ( يعنى وابنتيه ريثا وزعوثا ،
ثم استثنى ، فقال سبحانه : ( إلا امرأته ( لم ننجها ) قدرناها ( يقول : قدرنا تركها
) من الغابرين ) [ آية : 57 ] .
النمل : ( 58 ) وأمطرنا عليهم مطرا . . . . .
) وأمطرنا عليهم مطرا ( يعنى الحجارة ) فساء ( يعنى فبئس ) مطر المنذرين (
[ آية : 58 ] يعنى الذين أنذروا بالعذاب ، فذلك قوله عز وجل : ( ولقد أنذرهم بطشتنا ) [ القمر : 36 ] يعنى عذابنا .
تفسير سورة النمل من الآية : [ 59 - 64 ] .
(2/481)
1
صفحة رقم 482
النمل : ( 59 ) قل الحمد لله . . . . .
و ) قل ( يا محمد ) الحمد لله ( في هلاك الأمم الخالية ، يعنى ما ذكر في هذه
السورة من هلاك فرعون وقومه ، وثمود ، وقوم لوط ، وقل : الحمد لله الذي علمك هذا
الأمر الذي ذكر ، ثم قال : ( وسلم على عبادهِ الذين اصطفى ( يعنى الذين اختارهم الله
عز وجل لنفسه للرسالة ، فسلام الله على الأنبياء ، عليهم السلام ، ثم قال الله عز وجل :
( ءالله خيرُ أما يشركونَ ) [ آية : 59 ] له ، يقول : الله تبارك وتعالى أفضل أم الآلهة التي
تعبدونها ؟ يعنى كفار مكة كان النبي ( صلى الله عليه وسلم ) إذا قرأ هذه الآية ، قال : ' بل ، الله خير وأبقى
وأجل وأكرم ' .
النمل : ( 60 ) أم من خلق . . . . .
) أَمن خلق السموات والأرض وأَنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ( يعنى
حيطان النخل والشجر ) ذات بهجة ( يعنى ذات حسن ) ما كان لكم ( يعنى
ما ينبغي لكم ) أن تنبتوا شجرها ( فتجعلوا اللآلهة نصيباً مما أخرج الله عز وجل لكم
من الأرض بالمطر ، ثم قال سبحانه استفهام : ( أَءلهٌ مع الله ( يعينه على صنعه جل
جلاله ، ثم قال تعالى : ( بل هم قوم يعدلون ) [ آية : 60 ] يعنى يشركون ، يعنى كفار
مكة .
النمل : ( 61 ) أم من جعل . . . . .
ثم قال سبحانه : ( أَمن جعل الأرض قراراً ( يعنى مستقراً لا تميد بأهلها ) وجعل
خلاها ( يعنى فجر نواحي الأرض ) أَنهراً ( فهي تطرد ، ) وجعل لها رواسي ( يعنى
الجبال ، فتثبت بها الأرض لئلا تزول بمن على ظهرها ، ) وجعل بين البحرين ( الماء
المالح والماء العذب ) حاجزا ( حجز الله عز وجل بينهما بأمره ، فلا يختلطان ، ) أَءلهُ مَع
الله ( يعينه على صنعه عز وجل ، ) بل أكثرهم ( يعنى لكن أكثرهم ، يعنى أهل مكة
) لا يعلمون ) [ آية : 61 ] بتوحيد ربهم .
النمل : ( 62 ) أم من يجيب . . . . .
) أَمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشفُ السوء ( يعنى الضر ) ويجعلكم خُلفاء
الأرض أَءلهٌ مع الله ( يعينه على صنعه ) قليلا ما تذكرون ) [ آية : 62 ] يقول : ما
أقل ما تذكرون
النمل : ( 63 ) أم من يهديكم . . . . .
) أَمن يهديكم في ظُلمات ( يقول : أم من يرشدكم في أهوال ) البر والبحر ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته ( يقول : يبسط السحاب قدام المطر ،
كقوله في عسق : ( وينشر رحمته ( ، الشورى [ آية : 28 ] يعنى ويبسط رحمته بالمطر ،
)( أَءلهٌ مع الله ( يعينه على صنعه عز وجل ، ثم قال : ( تعالى الله ( يعنى ارتفع الله .
(2/482)
1
صفحة رقم 483
يعظم نفسه جل جلاله ) عما يشركون ) [ آية : 63 ] به من الآلهة .
النمل : ( 64 ) أم من يبدأ . . . . .
ثم قال تعالى : ( أَمن يبدؤا الخلق ثم يعيده ( يقول : من بدأ الخلق فخلقهم ، ولم يكونوا
شيئاً ، ثم يعيده في الآخرة ، ) ومن يرزقكم من السماء ( يعنى المطر ) والأرض ( يعنى
النبت ) أَءلهٌ مع الله ( يعنيه على صنعه عز وجل ، ) قل ( لكفار مكة : ( هاتوا برهانكم ( يعنى هلموا بحجتكم بأنه صنع شيئاً من هذا غير الله عز وجل من الآلة ،
فتكون لكم الحجة على الله تعالى ) إن كنتم صادقين ) [ آية : 64 ] بأن مع الله آلهة
كما زعمتم ، يعنى الملائكة .
تفسير سورة النمل من الآية : [ 65 - 75 ] .
النمل : ( 65 ) قل لا يعلم . . . . .
) قل لا يعلم من في السماوات ( يعنى الملائكة ) والأرض ( الناس ) الغيب ( يعنى
البعث ، يعنى غيب الساعة ) إلا الله ( وحده ، عز وجل ، ثم قال عز وجل : ( وما يشعرون أيان يبعثون ) [ آية : 65 ] يقول لكفار مكة : وما يشعرون متى يبعثون بعد الموت
لأنهم يكفرون بالبعث .
النمل : ( 66 ) بل ادارك علمهم . . . . .
) بل ادارك علمهم في الآخرة ( يقول : علموا في الآخرة حين عاينوها ما شكوا
فيه ، وعموا عنه في الدنيا ، ) بل هم ( اليوم ) في شك منها ( يعنى من الساعة ) بل هم منها عمون ) [ آية : 66 ] في الدنيا
النمل : ( 67 ) وقال الذين كفروا . . . . .
) وقال الذين كفروا أَءذا كنا تُراباً وءاباؤنا أئنا
(2/483)
1
صفحة رقم 484
لمُخرجونَ ) [ آية : 67 ] من القبور أحياء نزلت في أبي طلحة ، وشيبة ، ومشافع
وشرحبيل ، والحارث وأبوه ، وأطأة بن شرحبيل ،
النمل : ( 68 ) لقد وعدنا هذا . . . . .
) لقد وعدنا هذا ( الذي يقول محمد
( صلى الله عليه وسلم ) يعنون البعث ) نحن وءاباؤنا من قبلُ ( يعنون من قبلنا ) إِن هذا ( الذي يقول محمد
( صلى الله عليه وسلم ) : ( إِلا أَساطير الأولين ) [ آية : 68 ] يعنى أحاديث الأولين وكذبهم .
النمل : ( 69 ) قل سيروا في . . . . .
) قُل ( لكفار مكة : ( سيروا في الأرض فأنظروا كيف كان عاقبة المُجرمين ) [ آية :
69 ] يعنى كفار الأمم الخالية كيف كان عاقبتهم في الدنيا الهلاك ، يخوف كفار مكة
مثل عذاب الأمم الخالية ، لئلا يكذبوا محمداً ( صلى الله عليه وسلم ) وقد رأوا هلاك قوم لوط ، وعاد ، وثمود .
النمل : ( 70 ) ولا تحزن عليهم . . . . .
ثم قال للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) : ( ولا تحزن عليهم ( يعنى على كفار مكة إن تولوا عنك ، ولم
يجيبوك ، ) وَلا تكن في ضيق مما يمكرونَ ) [ آية : 70 ] يقول : لا يضيق صدرك بما يقولون
هذا دأبنا ودأبك أيام الموسم ، وهم الخراصون وهم المستهزءون .
النمل : ( 71 ) ويقولون متى هذا . . . . .
) وَيقولونَ متى هذا الوعد ( يعنون العذاب ، ) إِن كنتم صادقين ) [ آية : 71 ] يعنى
النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وحده بأن العذاب نازل بنا ،
النمل : ( 72 ) قل عسى أن . . . . .
) قُل عسى أَن يكون ردف لكم ( يعنى قريب لكم
) بعض الذي تستعجلون ) [ آية : 72 ] فكان بعض العذاب القتل ببدر ، وسائر العذاب
لهم فيما بعد الموت .
النمل : ( 73 ) وإن ربك لذو . . . . .
ثم قال : ( وَإِن ربك لذو فضلٍ على الناس ( يعنى على كفار مكة حين لا يعجل عليهم
العذاب حين أرادوه ) ولكن أكثرهم ( يعنى أكثر أهل مكة ) لا يشكرونَ ) [ آية :
73 ] الرب عز وجل في تأخير العذب عنهم ،
النمل : ( 74 ) وإن ربك ليعلم . . . . .
) وَإِن ربك ليعلمُ ما تكن صدورهم (
يعنى ما تسر قلوبهم ) وَما يعلنون ) [ آية : 74 ] بألسنتهم .
النمل : ( 75 ) وما من غائبة . . . . .
) وما من غائبةٍ ( يعنى علم غيب ما يكون من العذاب ) في السماء والأرض ( وذلك
حين استعجلوه بالعذاب ) إِلا في كتابٍ مُبينٍ ) [ آية : 75 ] يقول : إلا هو بين في اللوح
المحفوظ .
تفسير سورة النمل من الآية : [ 76 - 82 ]
(2/484)
1
صفحة رقم 485
النمل : ( 76 ) إن هذا القرآن . . . . .
) إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه ( يعنى في القرآن
) يختلفون ) [ آية : 76 ] يقول : هذا القرآن مبين لأهل الكتاب اختلافهم ،
النمل : ( 77 ) وإنه لهدى ورحمة . . . . .
) وإنه لهدى ( من الضلالة ) ورحمة ( من العذاب لمن آمن به ، فذلك قوله عز وجل :
( للمؤمنين ) [ آية : 77 ] بالقرآن أنه من ربك
النمل : ( 78 ) إن ربك يقضي . . . . .
) إن ربك يقضي بينهم ( يعنى بين بني
إسرائيل ) بحكمه وهو العزيز العليم ) [ آية : 78 ]
النمل : ( 79 ) فتوكل على الله . . . . .
) فتوكل على الله ( يعنى فثق بالله عز وجل ، وذلك حين دعى إلى ملة آبائه فأمره أن
يثق بالله عز وجل ولا يهوله قول أهل مكة ، ) إنك على الحق المبين ) [ آية : 79 ] يعنى
على الدين البين وهو الإسلام ،
النمل : ( 80 ) إنك لا تسمع . . . . .
ثم ضرب لكفار مكة مثلاً ، فقال سبحانه : ( انك ( يا
محمد ) لا تسمع الموتى ( في النداء ، فشبه كفار مكة بالأموات كما لا يسمع الميت
النداء ، كذلك لا تسمع الكفار النداء ، ولا تفقهه ، ) ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين (
[ آية : 80 ] يقول : إن الأصم إذا ولى مدبراً ، ثم ناديته لم يسمع الدعاء ، وكذلك الكفار لا
يسمع الإيمان إذا دعى إليه .
النمل : ( 81 ) وما أنت بهادي . . . . .
ثم قال عز وجل للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) : ( وما أنت بهدي العمي ( إلى الإيمان ) عن ضلالتهم (
يعنى عن كفرهم ) إن تسمع ( يقول : ما تسمع الإيمان ) إِلا من يُؤمن بئايتنا ( إلا من
يصدق بالقرآن أنه من الله عز وجل ، ) فهم مسلمون ) [ آية : 81 ] يقول : فهم مخلصون
بتوحيد الله عز وجل .
النمل : ( 82 ) وإذا وقع القول . . . . .
) وإذا وقع القول عليهم ( يقول : إذا نزل العذاب بهم ، ) أخرجنا لهم دابة من الأرض ( تخرج من الصفا الذي بمكة ) تكلمهم ( بالعربية تقول : ( ان الناس (
يعنى كفار مكة ) كانوا بئايتنا ( يعنى بخروج الدابة ) لا يوقنون ) [ آية : 82 ] هذا قول
الدابة للناس : إن الناس بخروجي لا يوقنون ، لأن خروجها آية من آيات الله عز وجل ،
(2/485)
1
صفحة رقم 486
فإذا رآها الناس كلهم عادت إلى مكانها من حيث خرجت لها أربع قوائم ، وزغب ،
وريش ، ولها جناحان ، واسمها أفضى ، فإذا خرجت بلغ رأسها السحاب .
تفسير سورة النمل من الآية : [ 83 - 86 ] .
النمل : ( 83 ) ويوم نحشر من . . . . .
) ويوم نحشر من كل أمة فوجا ( يعنى زمراً ) ممن يكذب بئايتنا فهم يوزعون ) [ آية :
83 ] يعنى فهم يساقون إلى النار
النمل : ( 84 ) حتى إذا جاؤوا . . . . .
) حتى إذا جاءو قال أَكذبتم بئايتي ( يعنى بالساعة
) ولم يحيطوا بها علماً ( أنها باطل ) أَما ذا كنتم تعلمون ) [ آية : 84 ] .
النمل : ( 85 ) ووقع القول عليهم . . . . .
) ووقع القول عليهم ( يعنى ونزل العذاب بهم ) بما ظلموا ( يعنى بما أشركوا ) فهم لا ينطقون ) [ آية : 85 ] يعنى لا يتكلمون فيها ،
النمل : ( 86 ) ألم يروا أنا . . . . .
ثم وعظ كفار مكة ليعتبروا في صنعه
فيوحدوه عز وجل ، فقال تعالى : ( أَلم يروا أَنا جعلنا اليل ليسكنوا فيه والنهار مبصراً إِن
في ذلك لأيتٍ ( يقول : إن فيهما لعبرة ) لقوم يؤمنون ) [ آية : 86 ] يعنى لقوم يصدقون
بتوحيد الله عز وجل .
تفسير سورة النمل من الآية : [ 87 - 93 ] .
النمل : ( 87 ) ويوم ينفخ في . . . . .
) ويوم ينفخ في الصور ففزع ( يقول : فمات ) من في السماوات ومن في الأرض ( من
شدة الخوف والفزع ، ) إلا من شاء الله ( يعنى جبريل ، وميكائيل ، وإسرافيل ، وملك
الموت ، عليهم السلام ، ) وكل أتوهُ دخرينَ ) [ آية : 87 ] يعنى وكل البر والفاجر أتوه
في الآخرة صاغرين .
(2/486)
1
صفحة رقم 487
النمل : ( 88 ) وترى الجبال تحسبها . . . . .
) وترى الجبال تحسبها جامدة ( يعنى تحسبها مكانها ) وهي تمر مر السحاب ( فتستوي
في الأرض ) صنع الله الذي أتقن ( يعنى الذي أحكم ) كل شيءٍ إنهُ خبير بما
تفعلون ) [ آية : 88 ] يعنى إنه خبير بما فعلتم ، نظيرها في الروم .
النمل : ( 89 ) من جاء بالحسنة . . . . .
) من جاء بالحسنة ( في الآخرة يعنى بلا إله إلا الله ) فله خير منها ( فيما تقديم يقول
له : منها خير ) وهم من فزع يومئذ ءامنون ) [ آية : 89 ] .
حدثني الهذيل ، عن مقاتل ، عن ثابت البناني ، عن كعب بن عجرة ، عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في
قوله عز وجل : ( من جاء بالحسنة ( ،
النمل : ( 90 ) ومن جاء بالسيئة . . . . .
) ومن جاء بالسيئة ( قال : ' هذه تنجي ، وهذه
تردى ' .
) ومن جاء بالسيئة ( يعنى بالشرك ) فكبت وجوههم في النار ( ثم تقول لهم خزنة
جهنم : ( هل تجزون إلا ما كنتم تعملون ) [ آية : 90 ] من الشرك
النمل : ( 91 ) إنما أمرت أن . . . . .
) إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلد ( يعنى مكة ) الذي حرمها ( من القتل والسبي وحرم فيها الصيد
وغيره فلا يستحل فيها ما لا ينبغي ) وله ( ملك ) كل شيءٍ وأمرتُ أن أكونَ من
المسلمين ) [ آية : 91 ] يعنى من المخلصين بالتوحيد
النمل : ( 92 ) وأن أتلو القرآن . . . . .
) و ( أمرت ) أَن أتلوا القرآن (
عليكم يا أهل مكة ) فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل ( عن الإيمان بالقرآن مثلها
في الزمر ، ) فقل إنما أنا من المنذرين ) [ آية : 92 ] يعنى من المرسلين يعنى أنا كأحد
الرسل .
النمل : ( 93 ) وقل الحمد لله . . . . .
) وقل ( يا محمد ) لحمد لله سيريكم ءايته ( يعنى العذاب في الدنيا ) فتعرفونها (
أنها حق ، وذلك أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أخبرهم بالعذاب أنه نازل بهم فكذبوه ، فنزلت : ( سيريكم
ءايته ( يعنى القتل ببدر إذا نزل بكم فلا تستعجلون ، ثم قال سبحانه : ( وما ربك بغافل
عما تعملونَ ) [ آية : 93 ] هذا وعيد ، فعذبهم الله عز وجل بالقتل ، وضربت الملائكة
وجوههم وأدبارهم وعجل الله بأرواحهم إلى النار .
(2/487)
1
صفحة رقم 488
( سورة القصص )
مقدمة
( مكية ) 1 ( وفيها من المدني : ( الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون ( إلى قوله ) سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين ) [ الآيات : 52 - 55 ] . ) 1 ( وفيها آية ليست بمكية ولا مدنية قوله : ( إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد ) [ آية : 85 ] نزلت بالجحفة أثناء الهجرة )
1 ( وعداد آياتها ثمان ثمانون آية كوفية )
( بسم الله الرحمن الرحيم )
تفسير سورة القصص من الآية : [ 1 - 3 ] .
القصص : ( 1 ) طسم
) طسم ) [ آية : 1 ]
القصص : ( 2 ) تلك آيات الكتاب . . . . .
) تلك ءايت الكتاب ( يعنى القرآن ) المبين ) [ آية : 2 ] يعنى
بين ما فيه
القصص : ( 3 ) نتلوا عليك من . . . . .
) نتلوا عليك ( يعنى نقرأ عليك يا محمد ) من نبإ ( يعنى من حديث
) موسى وفرعون ( اسمه فيطوس ) بالحق لقوم يؤمنون ) [ آية : 3 ] يعنى يصدقون
بالقرآن .
تفسير سورة القصص من الآية : [ 4 - 6 ] .
القصص : ( 4 ) إن فرعون علا . . . . .
ثم أخبر عن فرعون ، فقال سبحانه : ( إن فرعون علا ( يعنى تعظم ) في الأرض (
يعنى أرض مصر ) وجعل أهلها ( يعنى من أهل مصر ) شيعا ( يعنى أحزاباً
) يستضعف طائفة منهم ( يعنى من أهل مصر يستضعف بني إسرائيل ) يذبح ( يعنى
يقتل ) أبناءهم ( يعنى أبناء بني إسرائيل ) ويستحي نساءهم ( يقول : ويترك بناتهم
(2/488)
1
صفحة رقم 489
فلا يقتلهن ، وكان جميع من قتل من بني إسرائيل ، ثمانية عشر طفلاً ) إنه ( يعنى
فرعون ) كان من المفسدين ) [ آية : 4 ] يعنى كان يعمل في الأرض بالمعاصي .
القصص : ( 5 ) ونريد أن نمن . . . . .
يقول الله عز وجل : ( ونريد أن نمن ( يقول : نريد أن ننعم ) على الذين استضعفوا ( يعنى بني إسرائيل حين أنجاهم من آل فرعون ) في الأرض ونجعلهم أئمة ( يعنى قادة في الخير ، يقتدي بهم في الخير ) ونجعلهم الوارثين ) [ آية : 5 ]
لأرض مصر بعد هلاك فرعون .
القصص : ( 6 ) ونمكن لهم في . . . . .
) ونمكن لهم في الأرض ( يعنى في أرض مصر ) ونرى فرعون وهمان وجنودهما (
القبط ) منهم ( يعنى من بني إسرائيل ) ما كانوا يحذرون ) [ آية : 6 ] من مولود
بني إسرائيل أن يكون هلاكهم في سببه ، وهو موسى ( صلى الله عليه وسلم ) ، وذلك أن الكهنة أخبروا
فرعون أنه يولد في هذه السنة مولود في بني إسرائيل يكون هلاكك في سببه ، فجعل
فرعون على نساء بني إسرائيل قوابل من نساء أهل مصر ، وأمرهن أن يقتلن كل مولود
ذكر يولد من بني إسرائيل مخافة ما بلغه ، فلم يزل الله عز وجل بلطفه يصنع لموسى ، عليه
السلام ، حتى نزل بآل فرعون من الهلاك ما كانوا يحذرون ، وملك فرعون أربع مائة
سنة ، وستة وأربعين سنة .
تفسير سورة القصص من الآية : [ 7 - 13 ] .
القصص : ( 7 ) وأوحينا إلى أم . . . . .
) وأوحينا إلى أم موسى ( واسمها يوكابد من ولد لاوى بن يعقوب ) أن أرضعيه ( فأمرها جبريل ، عليه السلام ، بذلك ) فإذا خفت عليه ( القتل وكانت
(2/489)
1
صفحة رقم 490
أرضعته ثلاثة أشهر ، وكان خوفها أنه كان يبكي من قلة اللبن ، فيسمع الجيران بكاء
الصبي ، فقال : ( فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ( يعنى في البحر ، وهو بحر النيل ،
فقالت : رب ، إني قد علمت أنك قادر على ما تشاء ، ولكن كيف لي أن ينجو صبي
صغير من عمق البحر ، وبطون الحيتان ، فأوحى الله عز وجل إليها أن تجعله في التابوت ،
ثم تقذفه في اليم ، فإني أوكل به ملك يحفظه في اليم ، فصنع لها التابوت حزقيل القبطي ،
ووضعت موسى في التابوت ، ثم ألقته في البحر يقول الله عز وجل : ( ولا تخافي ( عليه ،
الضيعة ) ولا تحزني ( عليه القتل ) إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين ) [ آية : 7 ]
إلى مصر فصدقت ، بذلك ففعل الله عز وجل ذلك به ، وبارك الله تعالى على موسى ، عليه
السلام ، وهو في بطن أمه ثلاث مائة وستين بركة .
القصص : ( 8 ) فالتقطه آل فرعون . . . . .
) فالتقطه ءال فرعون ( من البحر من بين الماء والشجر ، وهو في التابوت ، فمن
ثم سمي موسى ، بلغة القبط الماء : مو ، والشجر : سى ، فسموه موسى ، ثم قال تعالى
) ليكون لهم عدوا ( في الهلاك ) وحزنا ( يعنى وغيظاً في قتل الأبكار ، فذلك قوله
عز وجل : ( وإنهم لنا لغائظون ) [ الشعر : 55 ] لقتلهم أبكارنا ، ثم قال سبحانه :
( إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين ) [ آية : 8 ] .
القصص : ( 9 ) وقالت امرأة فرعون . . . . .
) وقالت امرأتُ فرعونَ ( واسمها آسية بنت مزاحم ، عليها السلام : ( قرت عين لي
ولك لا تقتلوهُ ( فإنا آتينا به من أرض أخرى ، وليس من بني إسرائيل ، ) عسى أن ينفعنا ( فنصيب منه خيراً ) أو نتخذه ولدا ( يقول الله عز وجل : ( وهم لا يشعرون ) [ آية : 9 ] أن هلاكهم في سببه .
القصص : ( 10 ) وأصبح فؤاد أم . . . . .
) وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدي به ( وذلك أنها رأت التابوت
يرفعه موج ويضعه آخر ، فخشيت عليه الغرق ، فكادت تصيح شفقة عليه ، فذلك قوله
عز وجل : ( إن كادت لتبدي به ( يقول : إن همت لتشعر أهل مصر بموسى ، عليه
السلام ، أنه ولدها ) لولا أن ربطنا على قلبها ( بالإيمان ) لتكون من المؤمنين (
[ آية : 10 ] يعنى من المصدقين بتوحيد الله عز وجل ، حين قال لها : ( إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين ( .
القصص : ( 11 ) وقالت لأخته قصيه . . . . .
) وقالت ( أم موسى ) لأخته ( يعنى أخت موسى لأبيه وأمه ، واسمها مريم :
( قصيه ( يعنى قصى أثره في البحر ، وهو في التابوت يجري في الماء ، حتى تعلمي
(2/490)
1
صفحة رقم 491
علمه من يأخذه ) فبصرت به عن جنب ( يعنى كأنها مجانبة له بعيداً من أن ترقبه
كقوله تعالى : ( والجار الجنب ) [ النساء : 36 ] يعنى بعيداً منهم من قوم آخرين ،
وعينها إلى التابوت معرضة بوجهها عنه إلى غيره ، ) وهم لا يشعرون ) [ آية : 11 ] أنها
ترقبه .
القصص : ( 12 ) وحرمنا عليه المراضع . . . . .
) وحرمنا عليه المراضع من قبل ( أن يصير إلى أمه ، وذلك أنه لم يقبل ثدي امرأة
) فقالت ( أخته مريم : ( هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم ( يعنى يضمنون لكم
رضاعة ، ) وهم له ( للولد ) ناصحون ) [ آية : 12 ] هن أشفق عليه وأنصح له من
غيره ، فأرسل إليها فجاءت ، فلما وجد الصبي ريح أمه قبل ثديها .
القصص : ( 13 ) فرددناه إلى أمه . . . . .
فذلك قوله عز وجل : ( فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ( لقوله : ( إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين ( ثم قال تعالى : ( ولكن أكثرهم ( يعنى أهل مصر ) لا يعلمون ) [ آية : 13 ] بأن وعد الله عز وجل حق .
تفسير سورة القصص من الآية : [ 14 - 15 ] .
القصص : ( 14 ) ولما بلغ أشده . . . . .
) ولما بلغ ( موسى ) أشده ( يعنى لثماني عشرة سنة ، ) واستوى ( يعنى أربعين
سنة ) ءاتيناهُ حكماً وعلماً ( يقول : أعطيناه علماً وفهماً ، ) وكذلك نجزي المحسنين (
[ آية : 14 ] يقول : هكذا نجزي من أحسن ، يعنى من آمن بالله عز وجل ، وكان بقرية
تدعى خانين على رأس فرسخين ، فأتى المدينة فدخلها نصف النهار .
القصص : ( 15 ) ودخل المدينة على . . . . .
فذلك قوله عز وجل : ( ودخل المدينة ( يعنى القرية ) على حين غفلة من أهلها (
يعنى نصف النهار ، وقت القائلة ، ) فوجد فيها رجلين ( كافرين ) يقتتلان هذا من شيعته ( يعنى هذا من جنس موسى ، من بني إسرائيل ) وهذا ( الآخر ) من عدوه (
من القبط ، ) فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى ( بكفه مرة واحدة ،
)( فقضى عليه ( الموت ، وكان موسى ، عليه السلام ، شديد البطش ، ثم ندم موسى ، عليه
السلام ، فقال : إني لم أومر بالقتل ، ) قال هذا من عمل الشيطان ( يعنى من تزيين الشيطان
) إنه عدو مضل مبين ) [ آية : 15 ] .
(2/491)
1
صفحة رقم 492
تفسير سورة القصص من الآية : [ 16 - 19 ] .
القصص : ( 16 ) قال رب إني . . . . .
) قال رب إني ظلمت نفسي ( يعني أضررت نفسي بقتل النفس ، ) فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم ) [ آية : 16 ] بخلقه
القصص : ( 17 ) قال رب بما . . . . .
) قال رب بما أنعمت علي ( يقول : إذ أنعمت
علي بالمغفرة ، فلم تعاقبني بالقتل ، ) فلن ( أعوذ أن ) أكون ظهيرا للمجرمين ) [ آية :
17 ] يعنى معيناً للكافرين ، فيما بعد اليوم ، لأن الذي نصره موسى كان كافراً .
القصص : ( 18 ) فأصبح في المدينة . . . . .
) فأصبح ( موسى من الغد ) في المدينة خائفا يترقب ( يعنى ينتظر الطلب ، ) فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه ( يعنى يستغيثهُ ثانية على رجل آخر كافر من القبط
) قال له موسى ( للذي نصره بالأمس ، الإسرائيلي : ( إنك لغوي مبين ) [ آية : 18 ]
يقول : إنك لمضل مبين قتلت أمس في سببك رجلاً .
القصص : ( 19 ) فلما أن أراد . . . . .
) فلما أن أراد أن يبطش ( الثانية بالقبطي ) بالذي هو عدو لهما ( يعنى عدواً لموسى
وعدواً للإسرائيلي ، ظن الإسرائيلي أن موسى يريد أن يبطش به لقول موسى له : ( إنك لغوي مبين ( ) قال ( الإسرائيلي : ( يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس إن تريد ( يعنى ما تريد ) إلا أن تكون جبارا ( يعنى قتالاً ) في الأرض ( مثل سيرة الجبابرة
القتل في غير حق ) وما تريد أن تكون من المصلحين ) [ آية : 19 ] يعنى من المطيعين لله عز
وجل في الأرض ، ولم يكن أهل مصر علموا بالقاتل ، حتى أفشى الإسرائيلي على
موسى ، فلما سمع القبطي بذلك انطلق ، فأخبرهم أن موسى هو القاتل ، فائتمروا بينهم
بقتل موسى .
تفسير سورة القصص من الآية : [ 20 - 28 ] .
(2/492)
1
صفحة رقم 493
القصص : ( 20 ) وجاء رجل من . . . . .
) وجاء رجل ( فجاء حزقيل بن صابون القبطي ، وهو المؤمن ) من أقصا المدينة (
يعنى أقصى القرية ) يسعى ( على رجليه ، ف ) قال يا موسى إن الملأ ( من أهل مصر
) يأتمرون بك ليقتلوك ( بقتلك القبطي ، ) فأخرج ( من القرية ) إني لك من الناصحين ) [ آية : 20 ] .
القصص : ( 21 ) فخرج منها خائفا . . . . .
) فخرج ( موسى ، عليه السلام ، ) منها ( من القرية ) خائفا ( أن يقتل ) يترقب (
يعنى ينتظر الطلب ، وهو هارب منهم ) قال رب نجني من القوم الظالمين ) [ آية : 21 ] يعنى
المشركين ، أهل مصر ، فاستجاب الله عز وجل له ، فأتاه جبريل ، عليه السلام ، فأمره أن
يسير تلقاء مدين ، وأعطاه العصا ، فسار من مصر إلى مدين في عشرة أيام بغير دليل .
القصص : ( 22 ) ولما توجه تلقاء . . . . .
فذلك قوله عز وجل : ( ولما توجه تلقاء مدين ( بغير دليل خشي أن يضل الطريق
) قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل ) [ آية : 22 ] يعنى يرشدني قصد الطريق إلى
مدين فبلغ مدين .
القصص : ( 23 ) ولما ورد ماء . . . . .
فذلك قوله تعالى : ( ولما ورد ماء مدين ( ابن إبراهيم خليل الرحمن
لصلبه عليهم السلام ، وكان الماء لمدين فنسب إليه ، ثم قال : ( وجد عليه أمة ( يقول :
وجد موسى على الماء جماعة ) من الناس يسقون ( أغنامهم ، ) ووجد من دونهم امرأتين تذودان ( يعنى حابستين الغنم لتسقي فضل ماء الرعاء ، وهما ابنتا شعيب النبي
( صلى الله عليه وسلم ) : واسم الكبرى صبورا ، واسم الصغرى عبرا ، وكانتا توأمتين ، فولدت الأولى قبل
الأخرى بنصف نهار ، ) قال ( لهما موسى : ( ما خطبكما ( يعنى ما أمركما ، ) قالتا لا نسقي ( الغنم ) حتى يصدر الرعاء ( بالغنم راجعة من الماء إلى الرعي ، فنسقي
فضلتهم ) وأبونا شيخ كبير ) [ آية : 23 ] لا يستطيع أن يسقى الغنم من الكبر ، فقال
لهما موسى ، عليه السلام : أين الماء ؟ فانطلقا به إلى الماء ، فإذا الحجر على رأس البئر لا
(2/493)
1
صفحة رقم 494
يزيله إلا عصابة من الناس ، فرفعه موسى ، عليه السلام ، وحده بيده ، ثم أخذ الدلو ، فأدلى
دلواً واحداً ، فأفرغه في الحوض ، ثم دعا بالبركة .
القصص : ( 24 ) فسقى لهما ثم . . . . .
) فسقى لهما ( الغنم ، فرويت ) ثم تولي ( يعنى انصرف ) إلى الظل ( ظل
شجرة ، فجلس تحتها من شدة الحر وهو جائع ، ) فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير ) [ آية : 24 ] يعنى إلى الطعام ، فرجعت الكبيرة إلى موسى لتدعوه .
القصص : ( 25 ) فجاءته إحداهما تمشي . . . . .
فذلك قوله عز وجل : ( فجاءته إحداهما ( يعنى الكبرى ) تمشي على استحياء (
يعنى على حياء ، وهي التي تزوجها موسى ، عليه السلام ، ف ) قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا ( وبين موسى وبين أبيها ثلاثة أميال ، فلولا الجوع الذي
أصابه ما اتبعها ، فقام يمشي معها ، ثم أمرها أن تمشي خلفه وتدله بصوتها على الطريق
كراهية أن ينظر إليها ، وهما على غير جادة ، يقول : ( فلما جاءه ( : فلما أتى موسى
شعيباً ، عليهما السلام ، ) وقص عليه ( يعنى على شعيب ) القصص ( الذي كان من
أمره أجمع ، أمر القوابل اللائى قتلن أولاد بني إسرائيل ، وحين ولد وحين قذف في
التابوت في اليم ، ثم المراضع بعد التابوت ، حتى أخبره بقتل الرجل من القبط ، ) قال (
له شعيب : ( لا تخف نجوت من القوم الظالمين ) [ آية : 25 ] يعنى المشركين .
القصص : ( 26 ) قالت إحداهما يا . . . . .
) قالت إحداهما ( وهي الكبرى ) ياأبت استئجره إن خير من استئجرت ( يقول :
إن الذي استأجرت هو ) القوي الأمين ) [ آية : 26 ] قال شعيب لابنته : من أين علمت
قوته ؟ وأمانته ؟ قالت : أزال الحجر وحده عن رأس البئر ، وكان لا يطيقه إلا رجال ،
وذكرت أنه أمرها أن تمشي خلفه كراهية أن ينظر إليها .
القصص : ( 27 ) قال إني أريد . . . . .
ف ) قال ( شعيب لموسى ، عليهما السلام : ( إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي ( يعنى
أن أزواجك إحدى ابنتي ) هاتين على أن تأجرني ( نفسك ) ثمنى حجج فإن اتممت
عشراً ( يعنى عشر سنين ، ) فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ( في العشر
) ستجدني إن شاء الله من الصالحين ) [ آية : 27 ] يعنى من الرافقين بك ، كقول
موسى لأخيه هارون : ( اخلفني في قومي وأصلح ) [ آية : الأعراف : 142 ] يعنى
وارفق بهم ، في سورة الأعراف
(2/494)
1
صفحة رقم 495
القصص : ( 28 ) قال ذلك بيني . . . . .
) قال ( موسى : ( ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت ( ثماني سنين ، أو
عشر سنين ، ) فلا عدوان ( يعنى فلا سبيل ) علي والله على ما نقول وكيل ) [ آية : ] 28 ] يعنى شهيد فيما بيننا ، كقوله عز وجل : ( وكفى بالله وكيلا ) [ النساء : 81 ]
يعنى شهيداً ، فأتم موسى ، عليه السلام ، عشر سنين على أن يزوج ابنته الكبرى
اسمها
صبورا بنت شعيب بن نويب بن مدين بن إبراهيم ،
تفسير سورة القصص من الآية : [ 29 - 32 ] .
القصص : ( 29 ) فلما قضى موسى . . . . .
) فلما قضى موسى الأجل ( السنين العشر ، ) وسار بأهله ( ليلة الجمعة
) ءانس ( يعنى رأى ) من جانب ( يعنى من ناحية ) الطور ( يعنى الجبل ) نارا (
وهو النور بأرض المقدسة ، ف ) قال لأهله امكثوا ( مكانكم ) إني ءانست ناراً ( يقول :
إن رأيت ناراً ) لعلىءاتيكم منها بخبر ( أين الطريق وكان قد تحير ليلاً ، فإن لم أجد من
يخبرني ، ) أو جذوة ( يعنى آتيكم بشعلة ، وهو عود قد احترق بعضه ) من النار لعلكم ( يعنى لكي ) تصطلون ) [ آية : 29 ] من البرد ، فترك موسى ، عليه السلام ،
امرأته وولده في البرية بين مصر ومدين ، ثم استقام فذهب بالرسالة ، فأقمت امرأته
مكانها ثلاثين سنة في البرية مع ولدها وغنمها ، فمر بها راع فعرفها ، وهي حزينة تبكي ،
فانطلق بها إلى أبيها .
القصص : ( 30 ) فلما أتاها نودي . . . . .
) فلما أتاها ( أتى النار ) نودي ( ليلاً ) من شاطىء يعنى من جانب ( ، يعنى
من الناحية ) الواد الأيمن ( يعنى يمين الجبل ) في البقعة المباركة ( والمباركة ، لأن
الله عز وجل كلم موسى ، عليه السلام ، في تلك البقعة نودى ) من الشجرة ( وهي
(2/495)
1
صفحة رقم 496
عوسجة ، وكان حول العوسجة شجر الزيتون ، فنودى ) أن ياموسى ( في اتقديم
) إني أنا الله ( الذي ناديتك ) رب العالمين ) [ آية : 30 ] هذا كلامه عز وجل
لموسى ، عليه السلام .
القصص : ( 31 ) وأن ألق عصاك . . . . .
) وأن ألق عصاك ( وهي ورق الآس أس الجنة من يدك ) فلما رءاها تهتز ( تحرك
) كأنها جان ( يقول : كأنها حية لم تزل . قال الهذيل ، عن غير مقاتل : ( كأنها جان (
يعنى شيطان ) ولى مدبرا ( من الرهب من الحية ، يعنى من الخوف ، فيها تقديم ) ولم يعقب ( يعنى ولم يرجع ، سبحانه : ( يا موسى أقبل ولا تخف ( من الحية ) إنك من الآمنين ) [ آية : 31 ] من الحية .
القصص : ( 32 ) اسلك يدك في . . . . .
) اسلك ( يعنى ادخل ) يدك ( اليمنى ) في جيبك ( فجعلها في جيبه من قبل
الصدر ، وهى مدرعة من صوف مضربة ) تخرج ( يدك من الجيب ) بيضاء من غير سوء ( يعنى من غير برص لها شعاع كشعاع الشمس ، يغشى البصر ) واضمم إليك جناحك ( يعنى عضدك من يدك ) من الرهب فذانك برهانان من ربك ( يعنى آيتين
من ربك يعنى اليد والعصا ) إلى فرعون وملإيه إنهم كانوا قوماً فاسقين ) [ آية : ] 32 ] يعنى عاصين .
تفسير سورة القصص من الآية : [ 33 - 37 ] .
القصص : ( 33 ) قال رب إني . . . . .
) قال رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون ) [ آية : 33 ]
القصص : ( 34 ) وأخي هارون هو . . . . .
) وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءا ( يعنى عوناً لكى ) يصدقني ( وهارون يومئذ بمصر
لكي يصدقني فرعون ) إني أخاف أن يكذبون ) [ آية : 34 ] .
القصص : ( 35 ) قال سنشد عضدك . . . . .
) قال سنشد عضدك بأخيك ( يعنى ظهرك بأخيك هارون ) ونجعل لكما سلطانا (
يعنى حجة بآياتنا ، يعنى اليد والعصا ، فيها تقديم ) فلا يصلون إليكما ( بقتل ، يعنى
فرعون وقومه لقولهما في طه : ( إننا نخاف أن يفرط علينا بالقاتل أو أن يطغى ( ،
(2/496)
1
صفحة رقم 497
فذلك قوله سبحانه : ( فلا يصلون إليكما ( ) بئاياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون ) [ آية : ] 35 ] .
القصص : ( 36 ) فلما جاءهم موسى . . . . .
) فلما جاءهم موسى بئاياتنا ( اليد والعصا ) بينات ( يعنى واضحات التي في طه
والشعراء ، ) قالوا ما هذا ( الذي جئت به يا موسى ، ) إلا سحر مفترى ( افتريته يا
موسى ، أنت تقولته وهارون ) و ( قالوا : ( وما سمعنا بهذا في ءابائنا الأولين (
[ آية : 36 ] يعنى اليد والعصا .
القصص : ( 37 ) وقال موسى ربي . . . . .
) و ( لما كذبوه بما جاء به ) وقال موسى ربي أعلم بمن جاء بالهدى من عنده (
فإني جئت بالهدى من عند الله عز وجل ، ) و ( هو أعلم ب ) ومن تكون له عاقبة الدار ( يعنى دار الجنة ألنا أو لكم ؟ ثم قال : ( إنه لا يفلح الظالمون ) [ آية : 37 ] في
الآخرة لا يفوز المشركون ، يعنى لا يسعدون .
تفسير سورة القصص من الآية : [ 38 - 42 ] .
القصص : ( 38 ) وقال فرعون يا . . . . .
) وقال فرعون يا أيها الملأ ( يعنى الأشراف من قومه ) ما علمت لكم من إله غيري ( هذا القول من فرعون كفر ) فأوقد لي ياهامان على الطين فأجعل لي صرحاً (
يقول : أوقد النار على الطين حتى يصير اللبن أجراً ، وكان فرعون أول من طبخ الأجر
وبناه ، ) فاجعل لي صرحا ( يعنى قصراً طويلاً ، ) لعلي أطلع إلى إله موسى ( فبنى ،
وكان ملاطة خبث القوارير ، فكان الرجل لا يستطيع القيام عليه مخافة أن تنسفه الريح ،
ثم قال فرعون : فاطلع إلى إله موسى ) وإني لأظنه ( يقول : إني لأحسب موسى
) من الكاذبين ) [ آية : 38 ] بما يقول : إن في السماء إلهاً .
القصص : ( 39 ) واستكبر هو وجنوده . . . . .
) واستكبر ( فرعون ) هو وجنوده ( عن الإيمان ) في الأرض بغير الحق (
يعنى بالمعاصي ) وظنوا ( يقول : وحسبوا ) أنهم إلينا لا يرجعون ) [ آية : 39 ] .
أحياء بعد الموت في الآخرة .
(2/497)
1
صفحة رقم 498
يقول الله عز وجل : ( فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم ( يعنى فقذفناهم في نهر
النيل الذي بمصر ) فانظر كيف كان عاقبة الظالمين ) [ آية : 40 ] يعنى
المشركين ، أهل مصر كان عاقبتهم الغرق ،
القصص : ( 41 ) وجعلناهم أئمة يدعون . . . . .
) وجعلنهم أئمةً ( يعنى قادة في الشرك
) يدعون إلى النار ( يعنى يدعون إلى الشرك ، وجعل فرعون والملأ قادة الشرك ،
وأتبعناهم أهل مصر ) ويوم القيامة لا ينصرون ) [ آية : 41 ] يعنى لا يمنعون من
العذاب
القصص : ( 42 ) وأتبعناهم في هذه . . . . .
) وأتبعنهم في هذه الدنيا لعنة ( يعنى الغرق ) ويوم القيمة ( في النار
) هم من المقبوحين ) [ آية : 42 ] .
تفسير سورة القصص من الآية : [ 43 - 48 ] .
القصص : ( 43 ) ولقد آتينا موسى . . . . .
) ولقد ءاتينا موسى الكتب من بعد ما أهلكنا ( بالعذاب في الدنيا ) القرون الأولى ( يعنى نوحاً ، وعاداً ، وقوم إبراهيم ، وقوم لوط ، وقوم شعيب ، وغيرهم كانوا قبل
موسى ، ثم قال عز وجل : ( بصائر للناس ( يقول : في هلاك الأمم الحالية بصيرة لبني
إسرائيل ، ) وهدى ( يعنى التوراة هدى من الضلالة لمن عمل بها ، ) ورحمة ( لم آمن
بها من العذاب ) لعلهم ( يعنى لكي ) يتذكرون ) [ آية : 43 ] فيؤمنوا بتوحيد الله ،
عز وجل .
القصص : ( 44 ) وما كنت بجانب . . . . .
) وما كنت ( يا محمد ) بجانب ( يعنى بناحية ، كقوله عز وجل : ( جانب البر (
[ الإسراء : 68 ] يعنى ناحية البر ) الغربي ( بالأرض المقدسة ، والغربي ، يعنى غربي
الجبل حيث تغرب الشمس ) إذ قضينا إلى موسى الأمر ( يقول : إذ عهدنا إلى موسى
الرسالة إلى فرعون وقومه ، ) وما كنت من الشاهدين ) [ آية : 44 ] لذلك الأمر .
(2/498)
1
صفحة رقم 499
القصص : ( 45 ) ولكنا أنشأنا قرونا . . . . .
) ولكنا أنشأنا قرونا ( يعنى خلفنا قروناً ، ) فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاويا ( يعنى شاهداً ) في أهل مدين تتلوا عليهم ءاياتنا ( يعنى تشهد مدين ، فتقرأ
على أهل مكة أمرهم ) ولكنا كنا مرسلين ) [ آية : 45 ] يعنى أرسلناك إلى أهل
مكة لتخبرهم بأمر مدين .
القصص : ( 46 ) وما كنت بجانب . . . . .
) وما كنت بجانب الطور ( يعنى بناحية من الجبل الذي كلم الله عز وجل عليه
موسى ، عليه السلام ، ) إذ نادينا ( يعنى إذ كلمنا موسى ، وآتيناه التوراة ) ولكن رحمة من ربك ( يقول : ولكن القرآن رحمة ، يعنى نعمة من ربك النبوة اختصصت
بها ، إذ أوحينا إليك أمرهم لتعرف كفار نبوتك ، فذلك قوله : ( لتنذر قوما ( يعنى
أهل مكة بالقرآن ) ما أتاهم من نذير ( يعنى رسولاً ) من قبلك لعلهم ( يعنى لكي
) يتذكرون ) [ آية : 46 ] فيؤمنوا .
القصص : ( 47 ) ولولا أن تصيبهم . . . . .
) ولولا أن تصيبهم مصيبة ( يعنى العذاب في الدنيا ) بما قدمت أيديهم ( من
المعاصي ، يعنى كفار مكة ) فيقولوا ربنا لولآ أرسلت إلينا رسولاً فنتبع ءاياتك ( يعنى
القرآن ) ونكون من المؤمنين ) [ آية : 47 ] يعنى المصدقين ، فيها تقديم ، يقول : لولا
أن يقولوا : ربنا لولا أرسلت إلينا رسولاً فنتبع آياتك ، ونكون من المؤمنين لأصابتهم
مصيبة بما قدمت أيديهم .
القصص : ( 48 ) فلما جاءهم الحق . . . . .
) فلما جاءهم الحق ( يعنى القرآن ) من عندنا قالوا لولا ( يعنى هلا ) أوتي مثل ما أوتي موسى ( يعنى أعطى محمد ( صلى الله عليه وسلم ) القرآن جملة مكتوبة كما أعطى موسى التوراة
) أولم يكفروا بما أوتى موسى من قبل ( قرآن محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ) قالوا سحران تظاهرا ( يعنون
التوراة والقرآن ، ومن قرأ ' ساحران ' يعنى موسى ومحمداً ، صلى الله عليهما ، ' تظاهرا ' ،
يعنى تعاونا على الضلالة ، يقول : صدق كل واحد منهما الآخر ، ) وقالوا إنا بكل كافرون ) [ آية : 48 ] يعني بالتوراة وبالقرآن لا نؤمن بهما .
تفسير سورة القصص من الآية : [ 49 - 55 ] .
(2/499)
1
صفحة رقم 500
القصص : ( 49 ) قل فأتوا بكتاب . . . . .
يقول الله عز وجل لمحمد ( صلى الله عليه وسلم ) : ( قل ( لكفار مكة ) فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى ( لأهله ) منهما أتبعه إن كنتم صادقين ) [ آية : 49 ] بأنهما ساحران تظاهرا
القصص : ( 50 ) فإن لم يستجيبوا . . . . .
) فإن لم يستجيبوا لك ( فإن لم يفعلوا : أن يأتوا بمثل التوراة والقرآن ) فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ( بغير علم ) ومن أضل ( يقول : فلا أحد أضل ) ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) [ آية : 50 ] إلى دينه عز وجل .
القصص : ( 51 ) ولقد وصلنا لهم . . . . .
) ولقد وصلنا لهم القول ( يقول : ولقد بينا لكفار مكة ما في القرآن من الأمم
الخالية ، كيف عذبوا بتكذيبهم رسلهم ، ) لعلهم ( يعنى لكي ) يتذكرون ) [ آية :
51 ] فيخافوا فيؤمنوا .
القصص : ( 52 ) الذين آتيناهم الكتاب . . . . .
) الذين ءاتيناهم الكتاب ( يعنى أعطيناهم الإنجيل ) من قبله ( يعنى القرآن ) هم به يؤمنون ) [ آية : 52 ] يعنى هم بالقرآن مصدقون بأنه من الله عز وجل نزلت في مسلمى
أهل الإنجيل ، وهم أربعون رجلاً من أهل الإنجيل ، أقبلوا من الشام بحيري ، وأبرهة ،
والأشراف ، ودريد ، وتمام ، وأيمن ، وإدريس ، ونافع .
القصص : ( 53 ) وإذا يتلى عليهم . . . . .
فنعتهم الله عز وجل ، فقال سبحانه : ( وإذا يتلى عليهم ( آياتنا ، يقول : وإذا قرئ عليهم
القرآن ) قالوا ءامنا به ( يعني صدقنا بالقرآن ) إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين ) [ آية : 53 ] يقول : إنا كنا من قبل هذا القرآن مخلصين لله عز وجل بالتوحيد .
القصص : ( 54 ) أولئك يؤتون أجرهم . . . . .
يقول الله عز وجل : ( أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ( أجراً بتمسكهم بالإسلام
حين أدركوا محمداً ( صلى الله عليه وسلم ) ، فآمنوا به ، وأجرهم بالإيمان بالنبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فلما اتبعوا النبي ( صلى الله عليه وسلم )
شتمهم كفار قومهم في متابعة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فصفحوا عنهم وردوا معروفاً ، فأنزل الله عز
وجل : ( ويدرءون بالحسنة السيئة ( ما سمعوا من قومهم من الأذى ) ومما رزقنهم (
من الأموال ) ينفقون ) [ آية : 54 ] في طاعة الله عز وجل .
القصص : ( 55 ) وإذا سمعوا اللغو . . . . .
) وإذا سمعوا اللغو ( من قومهم ، من الشر والشتم والأذى ، ) أعرضوا عنه (
يعنى عن اللغو ، فلم يردوا عليهم مثل ما قيل لهم ، ) وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم ( يعنى
لنا ديننا ولكم دينكم ، وذلك حين عيروهم بترك دينهم ، وقالوا لكفار قومهم : ( سلام
(2/500)
1
صفحة رقم 501
عليكم ( يقول : ردوا عليهم معروفاً ) لا نبتغي الجاهلين ) [ آية : 55 ] يعنى لا نريد أن
تكون مع أهل الجهل والسفة .
تفسير سورة القصص من الآية : [ 56 - 59 ] .
القصص : ( 56 ) إنك لا تهدي . . . . .
) إنك لا تهدى من أحببت ( وذلك أن أبا طالب بن عبد المطلب ، قال : يا معشر بني
هاشم ، أطيعوا محمداً ( صلى الله عليه وسلم ) ، وصدقوه تفلحوا وترشدوا ، قال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : ' يا عم ، تأمرهم
بالنصيحة لأنفسهم وتدعها لنفسك ' ، قال : فما تريد يا ابن أخي ؟ قال : ' أريد منك كلمة
واحدة ، فإنك في آخر يوم من الدنيا ، أن تقول : لا إله إلا الله ، أشهد لك بها عند الله '
عز وجل ، قال : يا ابن أخي ، قد عملت أنك صادق ، ولكنى أكره أن يقال : جزع عند
الموت ، ولولا أن يكون عليك ، وعلى بني أبيك غضاضة وسبة لقلتها ، ولأقررت بعينك
عند الفراق لما أرى من شدة وجدك ونصيحتك ، ولكن سوف أموت على ملة أشياخ
عبد المطلب ، وهاشم وعبد مناف ، فأنزل الله عز وجل : ( إنك ( يا محمد ) لا تهدي من
أَحببت ) ) إلى الإسلام ( ( ولكن الله يهدي من يشاء وهو أَعلم بالمهتدين ) [ آية : 56 ]
يقول : وهو أعلم بمن قدر له الهدى .
القصص : ( 57 ) وقالوا إن نتبع . . . . .
) وقالوا إِن نتبع الهُدى معك نتخطف من أرضنا ( نزلت في الحارث بن نوفل بن عبد
مناف القرشي ، وذلك أنه قال للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) : إنا لنعلم أن الذي تقول حق ، ولكنا يمنعنا أن
نتبع الهدى معك مخافة أن يتخطفنا العرب من أرضنا ، يعنى مكة ، فإنما نحن أكلة رأس
العرب ، ولا طاقة لنا بهم ، يقول الله تعالى : ( أَوَلم نمكن لهم حرماً ءامناً يجبى إليه (
يحمل إلى الحرم ) ثمراتُ كل شيء ( يعنى بكل شيء من ألوان الثمار ) رزقاً من لدنا (
يعنى من عندنا ) ولكن أكثرهم ( يعنى أهل مكة ) لا يعلمون ) [ آية : 57 ]
يقول : هم يأكلون رزقي ويعبدون غيري وهم آمنون في الحرم من القتل والسبى ،
(2/501)
1
صفحة رقم 502
فكيف يخافون لو أسلموا أن لا يكون ذلك لهم ، نجعل لهم الحرم آمناً من الشرك ونخوفهم
في الإسلام ؟ فإنا لا نفعل ذلك بهم لو أسلموا .
القصص : ( 58 ) وكم أهلكنا من . . . . .
ثم خوفهم عز وجل ، فقال سبحانه : ( وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها (
يقول : بطروا وأشروا يتقلبون في رزق الله عز وجل ، فلم يشكروا الله تعالى في نعمه
فأهلكهم بالعذاب ) فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم ( يعنى من بعد هلاك أهلها
) إلا قليلا ( من المساكن فقد يسكن في بعضها ) وكنا نحن الوارثين ) [ آية : 58 ]
لما خلفوا من بعد هلاكهم يخوف كفار مكة بمثل عذاب الأمم الخالية حين قالوا : نتخوف
أن نتخطف من مكة .
القصص : ( 59 ) وما كان ربك . . . . .
ثم قال الله عز وجل : ( وما كان ربك مهلك القرى ( يعنى معذب أهل القرى الخالية
) حتى يبعث في أمها رسولا ( يعنى في أكبر تلك القرى رسولاً ، وهي مكة ) يتلوا عليهم
ءاياتنا ( يقول : يخبرهم الرسول بالعذاب بأنه نازل بهم في الدنيا إن لم يؤمنوا ) وما كنا مهلكي القرى ( يعنى معذبي أهل القرى في الدنيا ) إلا وأهلها ظالمون (
[ آية : 59 ] يقول : إلا وهم مذنبون ، يقول : لم نعذب على غير ذنب .
تفسير سورة القصص من الآية : [ 60 - 70 ] .
القصص : ( 60 ) وما أوتيتم من . . . . .
) وما أوتيتم من شيءٍ ( يقول : وما أعطيتم من خير ، يعنى به كفار مكة ) فمتاع
الحيوة الدنيا وزينتها ( يقول : تمتعون في أيام حياتكم ، فمتاع الحياة الدنيا وزينتها إلى فناء
(2/502)
1
صفحة رقم 503
) وما عند الله ( من الثواب ) خير وأبقى ( يعنى أفضل وأدوم لأهله مما أعطيتم في
الدنيا ) أفلا تعقلون ) [ آية : 60 ] أن الباقي خير من الفاني الذاهب .
القصص : ( 61 ) أفمن وعدناه وعدا . . . . .
) أفمن وعدناه ( يعنى أفمن وعده الله عز وجل ، يعنى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في الدنيا ) وعدا حسنا ( يعنى الجنة ) فهو لاقيه ( فهو معاينة يقول : مصيبة ) كمن متعناه متاع الحيوة
الدنيا ( بالمال ) ثم هو يوم القيامة من المحضرين ) [ آية : 61 ] النار ، يعنى أبا جهل بن
هشام ، لعنه الله ، ليسا بسواء ، نظيرها في الأنعام .
القصص : ( 62 ) ويوم يناديهم فيقول . . . . .
) ويوم يناديهم ( يعنى كفار مكة ) فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون ) [ آية :
62 ] في الدنيا أن معي شريكاً
القصص : ( 63 ) قال الذين حق . . . . .
) قال الذين حق عليهم القول ( يعنى وجب عليهم كلمة
العذاب وهم الشياطين ، حق عليهم القول يوم قال الله تعالى وذكره ، لإبليس : ( لأملأن جهنم منكم أجمعين ) [ الأعراف : 18 ] ، فقالت الشياطين في الآخرة : ( ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا ( يعنون كفار بني آدم ، يعنى هؤلاء الذين أضللناهم كما ضللنا
) تبرأنا إليك ( منهم يا رب ) ما كانوا إيانا يعبدون ) [ آية : 63 ] فتبرأت الشياطين
ممن كان يعبدها .
القصص : ( 64 ) وقيل ادعوا شركاءكم . . . . .
) وقيل ( لكفار بني آدم ) ادعوا شركاءكم ( يقول سلوا الآلهة : أهم الآلهة ؟ ) فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ( يقول : سألوهم فلم تجبهم الآلهة ، نظيرها في الكهف . يقول الله تعالى :
( ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون ) [ آية : 64 ] من الضلالة يقول : لو أنهم كانوا
مهتدين في الدنيا ما رأوا العذاب في الآخرة .
القصص : ( 65 ) ويوم يناديهم فيقول . . . . .
) ويوم يناديهم ( يقول : ويوم يسألهم ، يعنى كفار مكة يسألهم الله عز وجل ، ) فيقول ماذا أجبتم المرسلين ) [ آية : 65 ] في التوحيد
القصص : ( 66 - 67 ) فعميت عليهم الأنباء . . . . .
) فعميت عليهم الأنباء ( يعنى الحجج
) يومئذ فهم لا يتساءلون ) [ آية : 66 ] يعنى لا يسأل بعضهم بعضاً عن الحجج ، لأن
الله تعالى ادحض حجتهم ، وأكل ألسنتهم ، فذلك قوله تعالى : ( فعميت عليهم