صحيفة علي بن أبي طلحة الوالبي عن ابن عباس رضي الله عنهما

عدد الزوار 255 التاريخ 15/08/2020

 
 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
( سورة البقرة )
 
** الَمَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس هو قسم أقسم الله به وهو من أسماء الله تعالى
** الّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصّلاةَ وَممّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ
قال علي بن أبي طلحة وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما يؤمنون يصدّقون
قال علي بن أبي طلحة وغيره عن ابن عباس {ومما رزقناهم ينفقون} قال زكاة أموالهم
** إِنّ الّذِينَ كَفَرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون} قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرص أن يؤمن جميع الناس ويتابعوه على الهدى فأخبره الله تعالى أنه لا يؤمن إلا من سبق له من الله السعادة في الذكر الأول ولا يضل إلا من سبق له من الله الشقاوة في الذكر الأول
** مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمّآ أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاّ يُبْصِرُونَ * صُمّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ
وأما قول ابن جرير فيشبه ما رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً} قال: هذا مثل ضربه الله للمنافقين أنهم كانوا يعتزون بالإسلام فيناكحهم المسلمون ويوارثونهم ويقاسمونهم الفيء, فلما ماتوا سلبهم الله ذلك العز كما سلب صاحب النار ضوءه
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: {وتركهم في ظلمات لا يبصرون} يقول في عذاب إذا ماتوا
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {صم بكم عمي} يقول لا يسمعون الهدى ولا يبصرونه, ولا يعقلونه
(1/1)
1
** يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلّمَا أَضَآءَ لَهُمْ مّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَآ أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَآءَ اللّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنّ اللّهَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {يكاد البرق يخطف أبصارهم} يقول يكاد محكم القرآن يدل على عورات المنافقين
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس كلما أضاء لهم مشوا فيه يقول كلما أصاب المنافقين من عز الإسلام اطمأنوا إليه وإذا أصاب الإسلام نكبة قاموا ليرجعوا إلى الكفر كقوله تعالى {ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به}
** وَبَشّرِ الّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ أَنّ لَهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ كُلّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رّزْقاً قَالُواْ هََذَا الّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَاجٌ مّطَهّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
قوله تعالى: {ولهم فيها أزواج مطهرة} قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس: مطهرة من القذر والأذى
** هُوَ الّذِي خَلَقَ لَكُمْ مّا فِي الأرْضِ جَمِيعاً ثُمّ اسْتَوَىَ إِلَى السّمَآءِ فَسَوّاهُنّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
فأما قوله تعالى {أأنتم أشد خلقاً أم السماء بناها * رفع سمكها فسواها * وأغطش ليلها وأخرج ضحاها * والأرض بعد ذلك دحاها * أخرج منها ماءها ومرعاها * والجبال أرساها * متاعاً لكم ولأنعامكم} فقد قيل إن ثم ههنا إنما هي لعطف الخبر على الخبر لا لعطف الفعل على الفعل, كما قال الشاعر:
قل لمن ساد ثم ساد أبوهثم قد ساد قبل ذلك جده
قيل إنّ الدحي كان بعد خلق السموات, رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس
** وَأَقِيمُواْ الصّلاَةَ وَآتُواْ الزّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرّاكِعِينَ
قال علي بن طلحة عن ابن عباس: يعني بالزكاة طاعة الله والإخلاص
(1/2)
1
** وَاسْتَعِينُواْ بِالصّبْرِ وَالصّلاَةِ وَإِنّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاّ عَلَى الْخَاشِعِينَ *
قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس: يعني المصدقين بما أنزل الله
** وَإِذْ نَجّيْنَاكُم مّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلآءٌ مّن رّبّكُمْ عَظِيمٌ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: قوله تعالى: {بلاء من ربكم عظيم} قال: نعمة
** وَظَلّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنّ وَالسّلْوَىَ كُلُواْ مِن طَيّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلََكِن كَانُوَاْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
قوله تعالى: {وأنزلنا عليكم المن} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: كان المن ينزل عليهم على الأشجار, فيغدون إليه, فيأكلون منه ما شاؤوا.
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: السلوى طائر شبه بالسماني, كانوا يأكلون منه.
** وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَىَ لَن نّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمّا تُنْبِتُ الأرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الّذِي هُوَ أَدْنَىَ بِالّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنّ لَكُمْ مّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذّلّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآءُوا بِغَضَبٍ مّنَ اللّهِ ذَلِكَ بِأَنّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النّبِيّينَ بِغَيْرِ الْحَقّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وّكَانُواْ يَعْتَدُونَ
قال ابن جرير: حدثنا علي بن الحسن, حدثنا مسلم الجهني, حدثنا عيسى بن يونس, عن رشيد بن كريب, عن أبيه, عن ابن عباس, في قوله تعالى: {وفومها} قال: الفوم الحنطة بلسان بني هاشم, وكذا قال علي بن أبي طلحة والضحاك وعكرمة عن ابن عباس: أن الفوم الحنطة
(1/3)
1
** إِنّ الّذِينَ آمَنُواْ وَالّذِينَ هَادُواْ وَالنّصَارَىَ وَالصّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ
روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الاَخر} الاَية ـ قال ـ فأنزل الله بعد ذلك {ومن يتبع غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الاَخرة من الخاسرين}
** وَمِنْهُمْ أُمّيّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاّ أَمَانِيّ وَإِنْ هُمْ إِلاّ يَظُنّونَ *
قوله تعالى: {إلا أماني} قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس: إلا أماني الأحاديث
** وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مّا يُؤْمِنُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: {وقالوا قلوبنا غلف} أي لا تفقه
** مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنّ اللّهَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * أَلَمْ تَعْلَمْ أَنّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا لَكُمْ مّن دُونِ اللّهِ مِن وَلِيّ وَلاَ نَصِيرٍ
قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما {ما ننسخ من آية} ما نبدل من آية
قال علي ابن أبي طلحة: عن ابن عباس, {ما ننسخ من آية أو ننسأها}, يقول ما نبدل من آية أو نتركها لا نبدلها
قوله: {نأت بخير منها أو مثلها} قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس {نأت بخير منها} ويقول خير لكم في المنفعة وأرفق بكم.
** وَدّ كَثِيرٌ مّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدّونَكُم مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفّاراً حَسَداً مّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مّن بَعْدِ مَا تَبَيّنَ لَهُمُ الْحَقّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتّىَ يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنّ اللّهَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ *
(1/4)
1
قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس في قوله, {فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره}, نسخ ذلك قوله: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}, وقوله: {وقاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاَخر}, إلى قوله {وهم صاغرون}, فنسخ هذا عفوه عن المشركين
** وَللّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلّواْ فَثَمّ وَجْهُ اللّهِ إِنّ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: كان أول ما نسخ من القرآن القبلة, وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة, وكان أهلها اليهود, أمره الله أن يستقبل بيت المقدس, ففرحت اليهود, فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعة عشر شهراً, وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب قبلة إبراهيم, وكان يدعو وينظر إلى السماء, فأنزل الله {قد نرى تقلب وجهك في السماء} إلى قوله {فولوا وجوهكم شطره} فارتاب من ذلك اليهود, وقالوا: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها, فأنزل الله {قل لله المشرق والمغرب}, وقال: {فأينما تولوا فثم وجه الله}
(1/5)
1
** وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لّلنّاسِ وَأَمْناً وَاتّخِذُواْ مِن مّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّى وَعَهِدْنَآ إِلَىَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهّرَا بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرّكّعِ السّجُودِ * وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبّ اجْعَلْ هََذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتّعُهُ قَلِيلاً ثُمّ أَضْطَرّهُ إِلَىَ عَذَابِ النّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ * وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبّنَا تَقَبّلْ مِنّآ إِنّكَ أَنتَ السّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرّيّتِنَآ أُمّةً مّسْلِمَةً لّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنّكَ أَنتَ التّوّابُ الرّحِيمُ
قال العوفي: عن ابن عباس قوله تعالى: {وإِذ جعلنا البيت مثابة للناس} يقول: لا يقضون فيه وطراً, يأتونه ثم يرجعون إِلى أهليهم ثم يعودون إِليه, وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: مثابة للناس يقول يثوبون, رواهما ابن جرير.
 
** رَبّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكّيهِمْ إِنّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ
{ويزكيهم} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس يعني طاعة الله
** وَقَالُواْ كُونُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَىَ تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
قوله {قل بل ملة إبراهيم حنيفا} روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس حاجاً
(1/6)
1
** سَيَقُولُ السّفَهَآءُ مِنَ النّاسِ مَا وَلاّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل للّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَىَ صِرَاطٍ مّسْتَقِيمٍ * وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمّةً وَسَطاً لّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى النّاسِ وَيَكُونَ الرّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الّتِي كُنتَ عَلَيْهَآ إِلاّ لِنَعْلَمَ مَن يَتّبِعُ الرّسُولَ مِمّن يَنقَلِبُ عَلَىَ عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاّ عَلَى الّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنّ اللّهَ بِالنّاسِ لَرَءُوفٌ رّحِيمٌ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة أمره الله أن يستقبل بيت المقدس, ففرحت اليهود, فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعة عشر شهراً وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب قبلة إبراهيم, فكان يدعو الله وينظر إلى السماء, فأنزل الله عز وجل: {فولوا وجوهكم شطره} أي نحوه, فارتاب من ذلك اليهود وقالوا: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ؟ فأنزل الله {قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم}
** قَدْ نَرَىَ تَقَلّبَ وَجْهِكَ فِي السّمَآءِ فَلَنُوَلّيَنّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنّ الّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنّهُ الْحَقّ مِن رّبّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمّا يَعْمَلُونَ
(1/7)
1
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: كان أول ما نسخ من القرآن القبلة, وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم, لما هاجر إلى المدينة وكان أكثر أهلها اليهود فأمره الله أن يستقبل بيت المقدس, ففرحت اليهود فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعة عشر شهراً, وكان يحب قبلة إبراهيم فكان يدعو إلى الله وينظر إلى السماء فأنزل الله {قد نرى تقلب وجهك في السماء} إلى قوله: {فولوا وجوهكم شطره} فارتابت من ذلك اليهود وقالوا: {ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب} وقال: {فأينما تولوا فثم وجه الله} وقال الله تعالى: {وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه}
** لّيْسَ الْبِرّ أَن تُوَلّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلََكِنّ الْبِرّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنّبِيّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىَ حُبّهِ ذَوِي الْقُرْبَىَ وَالْيَتَامَىَ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السّبِيلِ وَالسّآئِلِينَ وَفِي الرّقَابِ وَأَقَامَ الصّلاةَ وَآتَى الزّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصّابِرِينَ فِي الْبَأْسَآءِ والضّرّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولََئِكَ الّذِينَ صَدَقُوآ وَأُولََئِكَ هُمُ الْمُتّقُونَ
{وابن السبيل} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أنه قال: ابن السبيل هو الضيف الذي ينزل بالمسلمين
** يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرّ بِالْحُرّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالاُنثَىَ بِالاُنْثَىَ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَآءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مّن رّبّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَىَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ *
(1/8)
1
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: {والأنثى بالأنثى} وذلك أنهم كانوا لا يقتلون الرجل بالمرأة, ولكن يقتلون الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة, فأنزل الله: النفس بالنفس والعين بالعين, فجعل الأحرار في القصاص سواء فيما بينهم من العمد رجالهم ونساؤهم في النفس وفيما دون النفس, وجعل العبيد مستويين فيما بينهم من العمد في النفس وفيما دون النفس رجالهم ونساؤهم
** كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتّقِينَ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله {الوصية للوالدين والأقربين} قال: كان لا يرث مع الوالدين غيرهما إلا وصية للأقربين, فأنزل الله آية الميراث, فبين ميراث الوالدين وأقر وصية الأقربين في ثلث مال الميت
** أُحِلّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصّيَامِ الرّفَثُ إِلَىَ نِسَآئِكُمْ هُنّ لِبَاسٌ لّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لّهُنّ عَلِمَ اللّهُ أَنّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالاَنَ بَاشِرُوهُنّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتّىَ يَتَبَيّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمّ أَتِمّواْ الصّيَامَ إِلَى الّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنّاسِ لَعَلّهُمْ يَتّقُونَ
(1/9)
1
قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس, قال: كان المسلمون في شهر رمضان إذا صلوا العشاء, حرم عليهم النساء والطعام إلى مثلها من القابلة, ثم إن أناساً من المسلمين أصابوا من النساء والطعام في شهر رمضان بعد العشاء, منهم عمر بن الخطاب فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فأنزل الله تعالى: {علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالاَن باشروهن} الاَية
قوله تعالى: {ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: هذا في الرجل يعتكف في المسجد في رمضان أو في غير رمضان, فحرم الله عليه أن ينكح النساء ليلاً أو نهاراً حتى يقضي اعتكافه
** وَلاَ تَأْكُلُوَاْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مّنْ أَمْوَالِ النّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ
قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: هذا في الرجل يكون عليه مال وليس عليه فيه بينة, فيجحد المال ويخاصم إلى الحكام وهو يعرف أن الحق عليه, وهو يعلم أنه آثم آكل الحرام
** الشّهْرُ الْحَرَامُ بِالشّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَىَ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىَ عَلَيْكُمْ وَاتّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنّ اللّهَ مَعَ الْمُتّقِينَ
روى علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس أن قوله: {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم}, نزلت بمكة حيث لا شوكة ولا جهاد, ثم نسخ بآية القتال بالمدينة, وقد رد هذا القول ابن جرير, وقال: بل الاَية مدنية بعد عمرة القضية وعزا ذلك إلى مجاهد رحمه الله
وقوله: {واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين} أمر لهم بطاعة الله وتقواه, وإخباره بأنه تعالى مع الذين اتقوا بالنصر والتأييد في الدنيا والاَخرة.
(1/10)
1
** وَأَنْفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنّ اللّهَ يُحِبّ الْمُحْسِنِينَ
روى علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: التهلكة عذاب الله
** وَأَتِمّواْ الْحَجّ وَالْعُمْرَةَ للّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتّىَ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مّن رّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {وأتموا الحج والعمرة لله}, يقول: من أحرم بحج أو بعمرة فليس له أن يحل, حتى يتمهما تمام الحج, يوم النحر إذا رمى جمرة العقبة, وطاف بالبيت وبالصفا والمروة فقد حل.
** الْحَجّ أَشْهُرٌ مّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنّ الْحَجّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوّدُواْ فَإِنّ خَيْرَ الزّادِ التّقْوَىَ وَاتّقُونِ يَأُوْلِي الألْبَابِ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {فمن فرض فيهنّ الحج} يقول: من أحرم بحج أو عمرة
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: الرفث غشيان النساء والقبلة والغمز, وأن يعرض لها بالفحش من الكلام ونحو ذلك
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ولا جدال في الحج, المراء والملاحاة حتى تغضب أخاك وصاحبك فنهى الله عن ذلك
(1/11)
1
** لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مّن رّبّكُمْ فَإِذَآ أَفَضْتُم مّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنْتُمْ مّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضّآلّينَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في هذه الاَية: لا حرج عليكم في الشراء والبيع قبل الإحرام وبعده
** يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيّنُ اللّهُ لَكُمُ الاَيَاتِ لَعَلّكُمْ تَتَفَكّرُونَ * فِي الدّنْيَا وَالاَخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَىَ قُلْ إِصْلاَحٌ لّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَآءَ اللّهُ لأعْنَتَكُمْ إِنّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
قوله {ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو} قيل إنها منسوخة بآية الزكاة, كما رواه علي بن أبي طلحة
قوله {كذلك يبين الله لكم الاَيات لعلكم تتفكرون في الدنيا والاَخرة} قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: يعني في زوال الدنيا وفنائها, وإقبال الاَخرة وبقائها.
(1/12)
1
قوله {ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم} الاَية, قال ابن جرير: حدثنا سفيان بن وكيع, حدثنا جرير عن عطاء بن السائب, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس, قال: لما نزلت {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هى أحسن} و {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً} انطلق من كان عنده يتيم فعزل طعامه من طعامه وشرابه من شرابه, فجعل يفضل له الشيء من طعامه فيحبس له حتى يأكله أو يفسد, فاشتد ذلك عليهم, فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله: {ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم} فخلطوا طعامهم بطعامهم وشرابهم بشرابهم. وهكذا رواه أبو داود والنسائي وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم في مستدركه من طرق عن عطاء بن السائب به. وكذا رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس
** وَلاَ تَنْكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتّىَ يُؤْمِنّ وَلأمَةٌ مّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مّن مّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنْكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتّىَ يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مّؤْمِنٌ خَيْرٌ مّن مّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلََئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيّنُ آيَاتِهِ لِلنّاسِ لَعَلّهُمْ يَتَذَكّرُونَ
قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس في قوله {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن}: استثنى الله من ذلك نساء أهل الكتاب
** وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النّسَآءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنّ حَتّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهّرْنَ فَأْتُوهُنّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنّ اللّهَ يُحِبّ التّوّابِينَ وَيُحِبّ الْمُتَطَهّرِينَ *
(1/13)
1
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {فأتوهن من حيث أمركم الله} يقول: في الفرج ولا تعدوه إلى غيره, فمن فعل شيئاً من ذلك فقد اعتدى.
** وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لأيْمَانِكُمْ أَن تَبَرّواْ وَتَتّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النّاسِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ *
قال علي بن طلحة عن ابن عباس في قوله {ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم} قال: لا تجعلن عرضة ليمينك أن لا تصنع الخير, ولكن كفر عن يمينك واصنع الخير
** الطّلاَقُ مَرّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمّآ آتَيْتُمُوهُنّ شَيْئاً إِلاّ أَن يَخَافَآ أَلاّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلََئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ *
قال علي بن أبي طلحة. عن ابن عباس, قال: إذا طلق الرجل امرأته تطليقتين, فليتق الله في ذلك, أي في الثالثة, فإما أن يمسكها بمعروف فيحسن صحابتها, أو يسرحها بإحسان فلا يظلمها من حقها شيئاً.
** وَإِذَا طَلّقْتُمُ النّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَىَ لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ
قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: نزلت هذه الاَية في الرجل يطلق امرأته طلقة أو طلقتين, فتنقضي عدتها, ثم يبدو له أن يتزوجها وأن يراجعها, وتريد المرأة ذلك فيمنعها أولياؤها من ذلك, فنهى الله أن يمنعوها.
(1/14)
1
** وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النّسَآءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِيَ أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللّهُ أَنّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنّ وَلََكِن لاّ تُوَاعِدُوهُنّ سِرّاً إِلاّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مّعْرُوفاً وَلاَ تَعْزِمُوَاْ عُقْدَةَ النّكَاحِ حَتّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوَاْ أَنّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِيَ أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوَاْ أَنّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {ولكن لا تواعدوهن سراً} لا تقل لها: إني عاشق وعاهديني أن لا تتزوجي غيري, ونحو هذا
** لاّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلّقْتُمُ النّسَآءَ مَا لَمْ تَمَسّوهُنّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنّ فَرِيضَةً وَمَتّعُوهُنّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ
قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: إن كان موسراً متعها بخادم أو نحو ذلك, وإن كان معسراً أمتعها بثلاثة أثواب.
** وَإِن طَلّقْتُمُوهُنّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسّوهُنّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَاْ الّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النّكَاحِ وَأَن تَعْفُوَاْ أَقْرَبُ لِلتّقْوَىَ وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
قال الشافعي: أخبرنا مسلم بن خالد, أخبرنا ابن جريج عن ليث بن أبي سليم, عن طاوس, عن ابن عباس أنه قال في الرجل يتزوج المرأة فيخلو بها ولا يمسها ثم يطلقها: ليس لها إلا نصف الصداق, لأن الله يقول: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم} قال الشافعي: بهذا أقول, وهو ظاهر الكتاب. قال البيهقي وليث بن أبي سليم, وإن كان غير محتج به, فقد رويناه من حديث ابن أبي طلحة عن ابن عباس فهو مقوله.
(1/15)
1
** وَالّذِينَ يُتَوَفّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيّةً لأزْوَاجِهِمْ مّتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِيَ أَنْفُسِهِنّ مِن مّعْرُوفٍ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ *
روي من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس, قال: كان الرجل إذا مات وترك امرأته اعتدت سنة في بيته ينفق عليها من ماله, ثم أنزل الله بعد {والذي يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً} فهذه عدة المتوفى عنها زوجها, إلا أن تكون حاملاً, فعدتها أن تضع ما في بطنها, وقال {ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم} فبين ميراث المرأة وترك الوصية والنفقة
** يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوَاْ أَنْفِقُواْ مِن طَيّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمّآ أَخْرَجْنَا لَكُم مّنَ الأرْضِ وَلاَ تَيَمّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُوَاْ أَنّ اللّهَ غَنِيّ حَمِيدٌ *
قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس {ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه} يقول: لو كان لكم على أحد حق فجاءكم بحق دون حقكم, لم تأخذوه بحساب الجيد حتى تنقصوه, قال فذلك قوله: {إلا أن تغمضوا فيه} فكيف ترضون لي ما لاترضون لأنفسكم, وحقي عليكم من أطيب أموالكم وأنفسه ؟ رواه ابن أبي حاتم, وابن جرير, وزاد: وهو قوله: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}
* يُؤّتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَآءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذّكّرُ إِلاّ أُوْلُواْ الألْبَابِ
قوله: {يؤتي الحكمة من يشاء} قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: يعني المعرفة بالقرآن, ناسخه ومنسوخه, ومحكمه ومتشابهه, ومقدمه ومؤخره, وحلاله وحرامه, وأمثاله
(1/16)
1
** إِن تُبْدُواْ الصّدَقَاتِ فَنِعِمّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَآءَ فَهُوَ خَيْرٌ لّكُمْ وَيُكَفّرُ عَنكُم مّن سَيّئَاتِكُمْ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
روى ابن جرير من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في تفسيره هذه الاَية, قال: جعل الله صدقة السر في التطوع تفضل علانيتها فقال بسبعين ضعفاً, وجعل صدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها فقال بخمسة وعشرين ضعفاً.
** يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ اتّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرّبَا إِن كُنْتُمْ مّؤْمِنِينَ * فَإِن لّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ *
قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس {فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله و رسوله} فمن كان مقيما على الربا لا ينزع عنه, كان حقاً على إمام المسلمين أن يستتيبه, فإن نزع وإلا ضرب عنقه
** للّهِ ما فِي السّمَاواتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِيَ أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذّبُ مَن يَشَآءُ وَاللّهُ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله} فإنها لم تنسخ, ولكن الله إذا جمع الخلائق يوم القيامة يقول: إني أخبركم بما أخفيتم في أنفسكم مما لم يطلع عليه ملائكتي, فأما المؤمنون فيخبرهم ويغفر لهم ما حدثوا به أنفسهم, وهو قوله {يحاسبكم به الله} يقول: يخبركم, وأما أهل الشك والريب فيخبرهم بما أخفوا من التكذيب, وهو قوله {فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء} وهو قوله {ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم} أي من الشك والنفاق.
( سورة آل عمران )
(1/17)
1
** هُوَ الّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مّحْكَمَاتٌ هُنّ أُمّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمّا الّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاّ اللّهُ وَالرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنّا بِهِ كُلّ مّنْ عِندِ رَبّنَا وَمَا يَذّكّرُ إِلاّ أُوْلُواْ الألْبَابِ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما: المحكمات ناسخه وحلاله وحرامه وأحكامه وحدوده وفرائضه وما يؤمر به ويعمل به وقيل في المتشابهات: المنسوخة والمقدم والمؤخر والأمثال فيه والأقسام وما يؤمن به ولا يعمل به, رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.
** إِذْ قَالَ اللّهُ يَعِيسَىَ إِنّي مُتَوَفّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيّ وَمُطَهّرُكَ مِنَ الّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الّذِينَ اتّبَعُوكَ فَوْقَ الّذِينَ كَفَرُواْ إِلَىَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمّ إِلَيّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: إني متوفيك, أي مميتك.
** يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ اتّقُواْ اللّهَ حَقّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنّ إِلاّ وَأَنْتُمْ مّسْلِمُونَ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {اتقوا الله حق تقاته} قال: لم تنسخ, ولكن {حق تقاته} أن يجاهدوا في سبيله حق جهاده ولا تأخذهم في الله لومة لائم, ويقوموا بالقسط ولو على أنفسهم وآبائهم وأبنائهم.
( سورة النساء )
 
** وَآتُواْ النّسَآءَ صَدُقَاتِهِنّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مّرِيئاً
قوله تعالى: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة} قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: النحلة المهر
(1/18)
1
** وَلاَ تُؤْتُواْ السّفَهَآءَ أَمْوَالَكُمُ الّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مّعْرُوفاً * وَابْتَلُواْ الْيَتَامَىَ حَتّىَ إِذَا بَلَغُواْ النّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَآ إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَىَ بِاللّهِ حَسِيباً
قوله: {وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولاً معروفاً}. قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس, يقول: لا تعمد إلى مالك وما خولك الله وجعله لك معيشة فتعطيه امرأتك أو بنيك ثم تنظر إلى ما في أيديهم ولكن أمسك مالك وأصلحه وكن أنت الذي تنفق عليهم من كسوتهم ومؤونتهم ورزقهم
هكذا رواه ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس في قوله: {ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف} يعني القرض
* وَلْيَخْشَ الّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرّيّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتّقُواّ اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً *
قوله تعالى: {وليخش الذين لو تركوا من خلفهم} الاَية. قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: هذا في الرجل يحضره الموت, فيسمعه رجل يوصي بوصية تضر بورثته, فأمر الله تعالى الذي يسمعه أن يتقي الله ويوفقه ويسدده للصواب. فينظر لورثته كما كان يحب أن يصنع بورثته إذاخشي عليهم الضيعة
** إِنّمَا التّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلّذِينَ يَعْمَلُونَ السّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلََئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {ثم يتوبون من قريب} قال: ما بينه وبين أن ينظر إلى ملك الموت
(1/19)
1
** يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النّسَآءَ كَرْهاً وَلاَ تَعْضُلُوهُنّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَآ آتَيْتُمُوهُنّ إِلاّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مّبَيّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنّ فَعَسَىَ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً *
روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله {يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً} قال: كان الرجل إذا مات وترك جارية, ألقى عليها حميمه ثوبه فمنعها من الناس فإن كانت جميلة تزوجها, وإن كانت دميمة حبسها حتى تموت فيرثها
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله {ولا تعضلوهن} يقول: ولا تقهروهن {لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن} يعني الرجل, تكون له امرأة وهو كاره لصحبتها, ولها عليه مهر فيضرها لتفتدي
* وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النّسَآءِ إِلاّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلّ لَكُمْ مّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُمْ مّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنّ فَآتُوهُنّ أُجُورَهُنّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة} والتراضي أن يوفيها صداقها ثم يخيرها, يعني في المقام أو الفراق.
(1/20)
1
** وَمَن لّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنّ وَآتُوهُنّ أُجُورَهُنّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَآ أُحْصِنّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رّحِيمٌ
روى ليث بن أبي سليم عن مجاهد أنه قال: إحصان الأمة أن ينكحها الحر, وإحصان العبد أن ينكح الحرة, وكذا روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس, رواهما ابن جرير في تفسيره.
** يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُوَاْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مّنْكُمْ وَلاَ تَقْتُلُوَاْ أَنْفُسَكُمْ إِنّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: لما أنزل الله {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} قال المسلمون: إن الله قد نهانا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل, والطعام هو أفضل أموالنا, فلا يحل لأحد منا أن يأكل عند أحد, فكيف للناس ؟ فأنزل الله بعد ذلك {ليس على الأعمى حرج} الاَية
* إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفّرْ عَنْكُمْ سَيّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مّدْخَلاً كَرِيماً
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه} قال: الكبائر كل ذنب ختمه الله بنار أو غضب أو لعنة أو عذاب
(1/21)
1
** وَلاَ تَتَمَنّوْاْ مَا فَضّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىَ بَعْضٍ لّلرّجَالِ نَصِيبٌ مّمّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنّسَآءِ نَصِيبٌ مّمّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنّ اللّهَ كَانَ بِكُلّ شَيْءٍ عَلِيماً
قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس في الاَية, قال: ولا يتمنى الرجل فيقول: ليت لو أن لي مال فلان وأهله, فنهى الله عن ذلك, ولكن ليسأل الله من فضله
** وَلِكُلّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأقْرَبُونَ وَالّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنّ اللّهَ كَانَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ شَهِيداً
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: قوله {والذين عقدت أيمانكم} قال: كان الرجل يعاقد الرجل أيهما مات ورثه الاَخر, فأنزل الله تعالى {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفاً} يقول: إلا أن يوصوا لأوليائهم الذين عاقدوا وصية فهو لهم جائز من ثلث مال الميت, وهذا هو المعروف, وهكذا نص غير واحد من السلف أنها منسوخة بقوله {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفاً}
** الرّجَالُ قَوّامُونَ عَلَى النّسَآءِ بِمَا فَضّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىَ بَعْضٍ وَبِمَآ أَنْفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنّ فَعِظُوهُنّ وَاهْجُرُوهُنّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنّ سَبِيلاً إِنّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {الرجال قوامون على النساء} يعني أمراء, عليها أن تطيعه فيما أمرها به من طاعته, وطاعته أن تكون محسنة لأهله حافظة لماله
(1/22)
1
قوله {واهجروهن في المضاجع} قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: الهجر هو أن لا يجامعها, ويضاجعها على فراشها ويوليها ظهره
قال علي بن أبي طلحة أيضاً عن ابن عباس: يعظها فإن هي قبلت وإلا هجرها في المضجع, ولا يكلمها من غير أن يذر نكاحها, وذلك عليها شديد.
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يهجرها في المضجع, فإن أقبلت وإلا فقد أذن الله لك أن تضربها ضرباً غير مبرح, ولا تكسر لها عظماً, فإن أقبلت وإلا فقد أحل الله لك منها الفدية.
** وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مّنْ أَهْلِهَآ إِن يُرِيدَآ إِصْلاَحاً يُوَفّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَآ إِنّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: أمر الله عز وجل أن يبثعوا رجلاً صالحاً من أهل الرجل,. ورجلاً مثله من أهل المرأة, فينظران أيهما المسيء, فإن كان الرجل هو المسيء حجبوا عنه امرأته وقصروه على النفقة, وإن كانت المرأة هي المسيئة, قصروها على زوجها ومنعوها النفقة, فإن اجتمع رأيهما على أن يفرقا أو يجمعا, فأمرهما جائز, فإن رأيا أن يجمعا فرضي أحد الزوجين وكره الاَخر, ثم مات أحدهما, فإن الذي رضي يرث الذي لم يرض ولا يرث الكاره الراضي
** وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَىَ وَالْيَتَامَىَ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىَ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصّاحِبِ بِالجَنْبِ وَابْنِ السّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنّ اللّهَ لاَ يُحِبّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً
قوله {والجار ذي القربى والجار الجنب} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: {والجار ذي القربى}, يعني الذي بينك وبينه قرابة, {والجار الجنب} الذي ليس بينك وبينه قرابة
(1/23)
1
** إِنّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدّواْ الأمَانَاتِ إِلَىَ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنّ اللّهَ نِعِمّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها}, قال: قال يدخل فيه وعظ السلطان النساء يعني يوم العيد
 
** يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرّسُولَ وَأُوْلِي الأمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {وأولي الأمر منكم} يعني أهل الفقه والدين
 
** يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُواْ جَمِيعاً *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: قوله: {فانفروا ثبات} أي عصباً يعني, سرايا متفرقين {أو انفروا جميعاً} يعني كلكم
 
* أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مّشَيّدَةٍ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هََذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ يَقُولُواْ هََذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلّ مّنْ عِندِ اللّهِ فَمَا لِهََؤُلآءِ الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس, قل كل من عند الله, أي الحسنة والسيئة.
* وَإِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌ مّنَ الأمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدّوهُ إِلَى الرّسُولِ وَإِلَىَ أُوْلِي الأمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتّبَعْتُمُ الشّيْطَانَ إِلاّ قَلِيلاً
(1/24)
1
قوله: {لا تبعتم الشيطان إلا قليللاً}, قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يعني المؤمنين.
** وَمَن يَعْمَلْ سُوَءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رّحِيماً *
علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس أنه قال في هذه الاَية: أخبر الله عباده بعفوه وحلمه وكرمه, وسعة رحمته, ومغفرته فمن أذنب ذنباً صغيراً كان أو كبيراً {ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً} ولو كانت ذنوبه أعظم من السموات والأرض والجبال, رواه ابن جرير,
* إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاّ إِنَاثاً وَإِن يَدْعُونَ إِلاّ شَيْطَاناً مّرِيداً *
قال علي بن أبي طلحة والضحاك عن ابن عباس {إن يدعون من دونه إلا إناثاً} قال: يعني موتى.
** لّيْسَ بِأَمَانِيّكُمْ وَلآ أَمَانِيّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوَءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً *
قوله: {ولا يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً} قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: إلا أن يتوب فيتوب الله عليه, رواه ابن أبي حاتم
** وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النّسَآءِ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنّ وَمَا يُتْلَىَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النّسَآءِ الّلاتِي لاَ تُؤْتُونَهُنّ مَا كُتِبَ لَهُنّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَىَ بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنّ اللّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً
(1/25)
1
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في الاَية, وهي قوله: {في يتامى النساء} الاَية, كان الرجل في الجاهلية تكون عنده اليتيمة فيلقي عليها ثوبه, فإذا فعل ذلك لم يقدر أحد أن يتزوجها أبداً فإن كانت جميلة وهويها, تزوجها وأكل مالها, وإن كانت دميمة منعها الرجال أبداً حتى تموت, فإذا ماتت ورثها فحرم الله ذلك ونهى عنه.) وقال في قوله: {والمستضعفين من الولدان} كانوا في الجاهلية لا يورثون الصغار ولا البنات, وذلك قوله: {لا تؤتوهن ما كتب لهن} فنهى الله عن ذلك وبين لكل ذي سهم سهمه, فقال: {للذكر مثل حظ الأنثيين} صغيراً أو كبيراً
** وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَآ أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأنْفُسُ الشّحّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتّقُواْ فَإِنّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً *
قوله: {والصلح خير} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يعني التخيير أن يخير الزوج لها بين الإقامة والفراق خير من تمادي الزوج على أثرة غيرها عليها
* إِنّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدّرْكِ الأسْفَلِ مِنَ النّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً *
قال الوالبي عن ابن عباس {في الدرك الأسفل من النار} أي في أسفل النار
** لاّ يُحِبّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعاً عَلِيماً *
قال ابن أبي طلحة, عن ابن عباس في الاَية يقول: لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد إلا أن يكون مظلوماً فإنه قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه وذلك قوله: {إلا من ظلم} وإن صبر فهو خير له
* وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَىَ مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً *
{وبكفرهم وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يعني أنهم رموها بالزنا
(1/26)
1
* وَإِن مّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاّ لَيُؤْمِنَنّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس, في الاَية, قال: لا يموت يهودي حتى يؤمن بعيسى.
( سورة المائدة )
** يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأنْعَامِ إِلاّ مَا يُتْلَىَ عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلّي الصّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ * يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلآ آمّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مّن رّبّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرّ وَالتّقْوَىَ وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتّقُواْ اللّهَ إِنّ اللّهَ شَدِيدُ آلْعِقَابِ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} يعني العهود, يعني ما أحل الله وما حرم وما فرض وما حد في القرآن كله, ولا تغدروا ولا تنكثوا, ثم شدد في ذلك فقال تعالى: {والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل} إلى قوله {سوء الدار}
قوله {إلا ما يتلى عليكم} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يعني بذلك الميتة والدم ولحم الخنزير
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {ولا الشهر الحرام} يعني لا تستحلوا القتال فيه
(1/27)
1
قال ابن أبي طلحة: عن ابن عباس قوله {ولا آمّين البيت الحرام} يعني من توجه قبل البيت الحرام فكان المؤمنون والمشركون يحجون فنهى الله المؤمنين أن يمنعوا أحداً من مؤمن أو كافر ثم أنزل الله بعدها {إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا} الاَية, وقال تعالى: {ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله} وقال {إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الاَخر} فنفى المشركين من المسجد الحرام.
** حُرّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَآ أُهِلّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدّيَةُ وَالنّطِيحَةُ وَمَآ أَكَلَ السّبُعُ إِلاّ مَا ذَكّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُواْ بِالأزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنّ اللّهَ غَفُورٌ رّحِيمٌ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: المتردّية التي تسقط من جبل.
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله {إلا ما ذكيتم} يقول: إلا ما ذبحتم من هؤلاء وفيه روح فكلوه, فهو ذكي
قوله {اليوم يئس الذين كفروا من دينكم} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يعني يئسوا أن يراجعوا دينهم
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله {اليوم أكملت لكم دينكم} وهو الإسلام, أخبر الله نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين أنه قد أكمل لهم الإيمان, فلا يحتاجون إلى زيادة أبداً, وقد أتمه الله فلا ينقصه أبداً, وقد رضيه الله فلا يسخطه أبداً.
(1/28)
1
** يَسْأَلُونَكَ مَاذَآ أُحِلّ لَهُمْ قُلْ أُحِلّ لَكُمُ الطّيّبَاتُ وَمَا عَلّمْتُمْ مّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلّبِينَ تُعَلّمُونَهُنّ مِمّا عَلّمَكُمُ اللّهُ فَكُلُواْ مِمّآ أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهِ وَاتّقُواْ اللّهَ إِنّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {وما علمتم من الجوارح مكلبين} وهن الكلاب المعلمة, والبازي, وكل طير يعلم للصيد والجوارح, يعني الكلاب الضواري والفهود والصقور وأشباهها.
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله {واذكروا اسم الله عليه} يقول: إذا أرسلت جارحك فقل: باسم الله, وإن نسيت فلا حرج
** وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتّقُواْ اللّهَ إِنّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصّدُورِ *
وقيل: هذا تذكار لليهود بما أخذ عليهم من المواثيق والعهود في متابعة محمد صلى الله عليه وسلم والانقياد لشرعه, رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.
(1/29)
1
** وَإِذْ قَالَ مُوسَىَ لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَآءَ وَجَعَلَكُمْ مّلُوكاً وَآتَاكُمْ مّا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مّن الْعَالَمِينَ * يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الأرْضَ المُقَدّسَةَ الّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدّوا عَلَىَ أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ * قَالُوا يَامُوسَىَ إِنّ فِيهَا قَوْماً جَبّارِينَ وَإِنّا لَن نّدْخُلَهَا حَتّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنّا دَاخِلُونَ * قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكّلُوَاْ إِن كُنتُم مّؤْمِنِينَ * قَالُواْ يَامُوسَىَ إِنّا لَنْ نّدْخُلَهَآ أَبَداً مّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبّكَ فَقَاتِلآ إِنّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ * قَالَ رَبّ إِنّي لآ أَمْلِكُ إِلاّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ * قَالَ فَإِنّهَا مُحَرّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ
قال علي بن أبي طلحة: عن ابن عباس لما نزل موسى وقومه, بعث منهم اثني عشر رجلاً, وهم النقباء الذين ذكرهم الله, فبعثهم ليأتوه بخبرهم, فساروا فلقيهم رجل من الجبارين, فجعلهم في كسائه, فحملهم حتى أتى بهم المدينة, ونادى في قومه فاجتمعوا إليه, فقالوا من أنتم ؟ قالوا: نحن قوم موسى, بعثنا نأتيه بخبركم, فأعطوهم حبة من عنب تكفي الرجل, فقالوا لهم اذهبوا إلى موسى وقومه, فقولوا لهم هذا قدر فاكهتهم, فرجعوا إلى موسى فأخبروه, بما رأوا, فلما أمرهم موسى عليه السلام, بالدخول عليهم وقتالهم, قالوا: يا موسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون, رواه ابن أبي حاتم
(1/30)
1
وقوله: {فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين} قال العوفي عن ابن عباس: يعني اقض بيني وبينهم, وكذا قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس
* فَبَعَثَ اللّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هََذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النّادِمِينَ
قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس, قال: جاء غراب إلى غراب ميت, فحثى عليه من التراب حتى واراه, فقال الذي قتل أخاه {يا ويلتي أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي}.
 
** مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَىَ بَنِيَ إِسْرَائِيلَ أَنّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرْضِ فَكَأَنّمَا قَتَلَ النّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنّمَا أَحْيَا النّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالّبَيّنَاتِ ثُمّ إِنّ كَثِيراً مّنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأرْضِ لَمُسْرِفُونَ
قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: هو كما قال الله تعالى: {من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً} وإحياؤها ألا يقتل نفسا حرمها الله, فذلك الذي أحيا الناس جميعاً يعني أنه من حرم قتلها إلا بحق حيي الناس منه
** إِنّمَا جَزَآءُ الّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتّلُوَاْ أَوْ يُصَلّبُوَاْ أَوْ تُقَطّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدّنْيَا وَلَهُمْ فِي الاَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ *
(1/31)
1
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً} الاَية, قال: كان قوم من أهل الكتاب بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم عهد وميثاق, فنقضوا العهد وأفسدوا في الأرض, فخير الله رسوله إن شاء أن يقتل وإن شاء أن يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف, رواه ابن جرير.
قوله تعالى {أن يقتلوا أويصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض} قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس في الاَية: من شهر السلاح في فئة الإسلام, وأخاف السبيل ثم ظفر به وقدر عليه فإمام المسلمين فيه بالخيار إن شاء قتله وإن شاء صلبه, وإن شاء قطع يده ورجله
(1/32)
1
** يَأَيّهَا الرّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الّذِينَ قَالُوَاْ آمَنّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الّذِينَ هِادُواْ سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هََذَا فَخُذُوهُ وَإِن لّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً أُوْلََئِكَ الّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الاَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكّالُونَ لِلسّحْتِ فَإِن جَآءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنّ اللّهَ يُحِبّ الْمُقْسِطِينَ * وَكَيْفَ يُحَكّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللّهِ ثُمّ يَتَوَلّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَآ أُوْلََئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ * إِنّآ أَنزَلْنَا التّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النّبِيّونَ الّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلّذِينَ هَادُواْ وَالرّبّانِيّونَ وَالأحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَآءَ فَلاَ تَخْشَوُاْ النّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلََئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ
روى العوفي وعلي بن أبي طلحة الوالبي عن ابن عباس أن هذه الاَيات نزلت في اليهوديين اللذين زنيا
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} قال: من جحد ما أنزل الله فقد كفر, ومن أقرّ به ولم يحكم به فهو ظالم فاسق, رواه ابن جرير
(1/33)
1
** وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ أَنّ النّفْسَ بِالنّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأنْفَ بِالأنْفِ وَالاُذُنَ بِالاُذُنِ وَالسّنّ بِالسّنّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدّقَ بِهِ فَهُوَ كَفّارَةٌ لّهُ وَمَن لّمْ يَحْكُم بِمَآ أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلََئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ
قوله تعالى: {والجروح قصاص} قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قال: تقتل النفس بالنفس, وتفقأ العين بالعين, ويقطع الأنف بالأنف, وتنزع السن بالسن, وتقتص الجراح بالجراح, فهذا يستوي فيه أحرار المسلمين فيما بينهم رجالهم ونساؤهم, إذا كان عمداً في النفس وما دون النفس, ويستوي فيه العبيد رجالهم ونساؤهم فيما بينهم, إذا كان عمداً في النفس وما دون النفس, رواه ابن جرير وابن أبي حاتم.
قوله تعالى: {فمن تصدق به فهو كفارة له} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: {فمن تصدق به} يقول: فمن عفا وتصدق عليه فهو كفارة للمطلوب وأجر للطالب.
** وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقّ مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ عَمّا جَآءَكَ مِنَ الْحَقّ لِكُلّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَآءَ اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمّةً وَاحِدَةً وَلََكِن لّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَىَ الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ *
عن الوالبي عن ابن عباس {ومهيمناً} أي شهيداً
قوله تعالى: {ومهيمناً عليه} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: المهيمن الأمين, قال: القرآن أمين على كل كتاب قبله.
** وَمَن يَتَوَلّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالّذِينَ آمَنُواْ فَإِنّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ
(1/34)
1
قال علي بن أبي طلحة الوالبي, عن ابن عباس: من أسلم فقد تولى الله ورسوله والذين آمنوا, رواه ابن جرير
* لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرّبّانِيّونَ وَالأحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ
قوله تعالى: {لو لا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون} يعني هلا كان ينهاهم الربانيون والأحبار عن تعاطي ذلك, والربانيون هم العلماء العمال أرباب الولايات عليهم, والأحبار هم العلماء فقط {لبئس ما كانوا يصنعون} يعني من تركهم ذلك, قاله علي بن أبي طلحة عن ابن عباس
** وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَآءُ وَلَيَزِيدَنّ كَثِيراً مّنْهُم مّآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رّبّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَآءَ إِلَىَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلّمَآ أَوْقَدُواْ نَاراً لّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأرْضِ فَسَاداً وَاللّهُ لاَ يُحِبّ الْمُفْسِدِينَ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله {وقالت اليهود يد الله مغلولة} قال: لا يعنون بذلك أن يد الله موثقة, ولكن يقولون: بخيل يعني أمسك ما عنده تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً
* وَلَوْ أَنّهُمْ أَقَامُواْ التّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيهِمْ مّن رّبّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مّنْهُمْ أُمّةٌ مّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مّنْهُمْ سَآءَ مَا يَعْمَلُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {لأكلوا من فوقهم} يعني لأرسل السماء عليهم مدراراً, {ومن تحت أرجلهم} يعني يخرج من الأرض بركاتها
(1/35)
1
** يََأَيّهَا الرّسُولُ بَلّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رّبّكَ وَإِن لّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ إِنّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} يعني إن كتمت آية مما أنزل إليك من ربك لم تبلغ رسالته
** لَتَجِدَنّ أَشَدّ النّاسِ عَدَاوَةً لّلّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنّ أَقْرَبَهُمْ مّوَدّةً لّلّذِينَ آمَنُواْ الّذِينَ قَالُوَاْ إِنّا نَصَارَىَ ذَلِكَ بِأَنّ مِنْهُمْ قِسّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: نزلت هذه الاَيات في النجاشي وأصحابه الذين حين تلا عليهم جعفر بن أبي طالب بالحبشة القرآن, بكوا حتى أخضلوا لحاهم, وهذا القول فيه نظر, لأن هذه الاَية مدنية, وقصة جعفر مع النجاشي قبل الهجرة.
** يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرّمُواْ طَيّبَاتِ مَآ أَحَلّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوَاْ إِنّ اللّهَ لاَ يُحِبّ الْمُعْتَدِينَ * وَكُلُواْ مِمّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلاَلاً طَيّباً وَاتّقُواْ اللّهَ الّذِيَ أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: نزلت هذه الاَية في رهط من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم, قالوا: نقطع مذاكيرنا, ونترك شهوات الدنيا, ونسيح في الأرض كما يفعل الرهبان, فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم, فأرسل إليهم فذكر لهم ذلك, فقالوا: نعم, فقال النبي صلى الله عليه وسلم «لكني أصوم وأفطر, وأصلي, وأنام, وأنكح النساء, فمن أخذ بسنتي فهو مني, ومن لم يأخذ بسنتي فليس مني» رواه ابن أبي حاتم
** يََأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ إِنّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأنصَابُ وَالأزْلاَمُ رِجْسٌ مّنْ عَمَلِ الشّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ *
(1/36)
1
قوله تعالى: {رجس من عمل الشيطان} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: أي سخط من عمل الشيطان.
** يََأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لَيَبْلُوَنّكُمُ اللّهُ بِشَيْءٍ مّنَ الصّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَىَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ
قال الوالبي عن ابن عباس قوله {ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم} قال: هو الضعيف من الصيد وصغيره, يبتلي الله به عباده في إحرامهم, حتى لو شاءوا لتناولوه بأيديهم, فنهاهم الله أن يقربوه.
** يََأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مّتَعَمّداً فَجَزَآءٌ مّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مّنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً لّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللّهُ عَمّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {هدياً بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياماً}, فإذا قتل المحرم شيئاً من الصيد حكم عليه فيه, فإن قتل ظبياً أو نحوه فعليه شاة تذبح بمكة, فإن لم يجد فإطعام ستة مساكين, فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام, فإن قتل أيلاً أو نحوه, فعليه بقرة, فإن لم يجد أطعم عشرين مسكيناً, فإن لم يجد صام عشرين يوماً, وإن قتل نعامة أو حمار وحش أو نحوه, فعليه بدنة من الإبل, فإن لم يجد أطعم ثلاثين مسكيناً, فإن لم يجد صام ثلاثين يوماً» رواه ابن أبي حاتم وابن جرير, وزاد: الطعام مدّ مدّيشبعهم
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس, قال: من قتل شيئاً من الصيد خطأ وهو محرم, يحكم عليه فيه كلما قتله, فإن قتله عمداً يحكم عليه فيه مرة واحدة, فإن عاد يقال له: ينتقم الله منك, كما قال الله عز وجل.
(1/37)
1
** أُحِلّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لّكُمْ وَلِلسّيّارَةِ وَحُرّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً وَاتّقُواْ اللّهَ الّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ *
قال ابن أبي طلحة, عن ابن عباس في رواية عنه, وسعيد بن المسيب, وسعيد بن جبير وغيرهم, في قوله تعالى: {أحل لكم صيد البحر} يعني ما يصطاد منه طرياً {وطعامه} ما يتزود منه مليحاً يابساً
** يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَآءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللّهُ عَنْهَا وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ * قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مّن قَبْلِكُمْ ثُمّ أَصْبَحُواْ بِهَا كَافِرِينَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم} قال: لما نزلت آية الحج, نادى النبي صلى الله عليه وسلم في الناس فقال «يا أيها الناس إن الله قد كتب عليكم الحج فحجوا» فقالوا: يا رسول الله, أعاماً واحداً, أم كل عام ؟ فقال «لا بل عاماً واحداً, ولو قلت: كل عام لوجبت, ولو وجبت لكفرتم». ثم قال الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء} إلى قوله {ثم أصبحوا بها كافرين} رواه ابن جرير.
** مَا جَعَلَ اللّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ وَلََكِنّ الّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَىَ اللّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ *
فأما البحيرة, فقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما: هي الناقة إذا نتجت خمسة أبطن, نظروا إلى الخامس, فإن كان ذكراً ذبحوه, فأكله الرجال دون النساء, وإن كان أنثى جدعوا آذانها, فقالوا: هذه بحيرة.
(1/38)
1
وأما الوصيلة, فقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: هي الشاة إذا نتجت سبعة أبطن, نظروا إلى السابع, فإن كان ذكراً أو أنثىَ وهو ميت اشترك فيه الرجال دون النساء, وإن كان أنثى استحيوها, وإن كان ذكراً وأنثى في بطن واحد استحيوهما وقالوا: وصلته أخته فحرمته علينا, رواه ابن أبي حاتم.
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: وأما الحام فالفحل من الإبل إذا ولد لولده قالوا: حمى هذا ظهره, فلا يحملون عليه شيئاً ولا يجزون له وبراً, ولا يمنعونه من حمى رعي, ومن حوض يشرب منه, وإن كان الحوض لغير صاحبه.
** يِا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مّنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأرْضِ فَأَصَابَتْكُم مّصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصّلاَةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىَ وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللّهِ إِنّآ إِذَاً لّمِنَ الاََثِمِينَ * فَإِنْ عُثِرَ عَلَىَ أَنّهُمَا اسْتَحَقّآ إِثْماً فَآخَرَانِ يِقُومَانُ مَقَامَهُمَا مِنَ الّذِينَ اسْتَحَقّ عَلَيْهِمُ الأوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقّ مِن شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَآ إِنّا إِذاً لّمِنَ الظّالِمِينَ *
قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله {ذوا عدل منكم} قال: من المسلمين, رواه ابن أبي حاتم
(1/39)
1
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في تفسير هذه الاَية: فإن ارتيب في شهادتهما استحلفا بعد العصر: بالله ما اشترينا بشهادتنا ثمناً قليلاً, فإن اطلع الأولياء على أن الكافرين كذبا في شهادتهما قام رجلان من الأولياء فحلفا: بالله أن شهادة الكافرين باطلة وأنا لم نعتد, فذلك قوله تعالى: {فإن عثر على أنهما استحقا إثماً} يقول: إن اطلع على أن الكافرين كذبا {فآخران يقومان مقامهما} يقول: من الأولياء فحلفا بالله أن شهادة الكافرين باطلة, وأنا لم نعتد, فترد شهادة الكافرين وتجوز شهادة الأولياء
** يَوْمَ يَجْمَعُ اللّهُ الرّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَآ إِنّكَ أَنتَ عَلاّمُ الْغُيُوبِ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب} يقولون للرب عز وجل: لا علم لنا إلا علم أنت أعلم به منا, رواه ابن جرير
( سورة الأنعام )
* وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {وهم ينهون عنه} يردون الناس عن محمد صلى الله عليه وسلم, أن يؤمنوا به.
* وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِن اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الأرْضِ أَوْ سُلّماً فِي السّمَآءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَآءَ اللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَىَ فَلاَ تَكُونَنّ مِنَ الْجَاهِلِينَ *
{فإن استطعت أن تبتغي نفقاً في الأرض أو سلماً في السماء} قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: النفق السرب, فتذهب فيه فتأتيهم بآية, أو تجعل لك سلماً في السماء, فتصعد فيه فتأتيهم بآية, أفضل مما آتيتهم به فافعل
(1/40)
1
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله {ولو شاء الله لجمعهم على الهدى} قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحرص أن يؤمن جميعم الناس, ويتابعوه على الهدى, فأخبره الله أنه لا يؤمن إلا من قد سبق له من الله السعادة في الذكر الأول, وقوله تعالى {إنما يستجيب الذين يسمعون} أي إنما يستجيب لدعائك يا محمد من يسمع الكلام ويعيه ويفهمه, كقوله {لينذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين}. وقوله {والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون} يعني بذلك الكفار, لأنهم موتى القلوب, فشبههم الله بأموات الأجساد, فقال {والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون} وهذا من باب التهكم بهم والازدراء عليهم.
* قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَىَ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرّفُ الاَيَاتِ لَعَلّهُمْ يَفْقَهُونَ
قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس {عذاباً من فوقكم} يعني أمرءاكم {أو من تحت أرجلكم} يعني عبيدكم وسفلتكم
** قُلْ أَنَدْعُواْ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرّنَا وَنُرَدّ عَلَىَ أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللّهُ كَالّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشّيَاطِينُ فِي الأرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَىَ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبّ الْعَالَمِينَ *
(1/41)
1
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس, في قوله {قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا} الاَية, هذا مثل ضربه الله للاَلهة ومن يدعو إليها, والدعاة الذين يدعون إلى هدى الله عز وجل, كمثل رجل ضل عن طريق تائهاً, إذ ناداه مناد: يا فلان بن فلان هلم إلى الطريق, وله أصحاب يدعونه يا فلان هلم إلى الطريق, فإن اتبع الداعي الأول انطلق به حتى يلقيه إلى الهلكة, وإن أجاب من يدعوه إلى الهدى, اهتدى إلى الطريق, وهذه الداعية التي تدعو في البرية من الغيلان, يقول: مثل من يعبد هذه الاَلهة من دون الله, فإنه يرى أنه في شيء, حتى يأتيه الموت فيستقبل الندامة والهلكة, وقوله {كالذي استهوته الشياطين في الأرض} هم الغيلان {يدعونه} باسمه واسم أبيه وجده, فيتبعها وهو يرى أنه في شيء فيصبح وقد رمته في هلكة, وربما أكلته, أو تلقيه في مضلة من الأرض يهلك فيها عطشاً, فهذا مثل من أجاب الاَلهة التي تعبد من دون الله عز وجل, رواه ابن جرير
** وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأبِيهِ آزَرَ أَتَتّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنّيَ أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مّبِينٍ * وَكَذَلِكَ نُرِيَ إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ * فَلَمّا جَنّ عَلَيْهِ الْلّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هََذَا رَبّي فَلَمّآ أَفَلَ قَالَ لآ أُحِبّ الاَفِلِينَ * فَلَمّآ رَأَى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هََذَا رَبّي فَلَمّآ أَفَلَ قَالَ لَئِن لّمْ يَهْدِنِي رَبّي لأكُونَنّ مِنَ الْقَوْمِ الضّالّينَ * فَلَماّ رَأَى الشّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هََذَا رَبّي هََذَآ أَكْبَرُ فَلَمّآ أَفَلَتْ قَالَ يَقَوْمِ إِنّي بَرِيَءٌ مّمّا تُشْرِكُونَ * إِنّي وَجّهْتُ وَجْهِيَ لِلّذِي فَطَرَ السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ حَنِيفاً وَمَآ أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
{
(1/42)
1
حنيفاً} أي في حال كوني حنيفاً, أي مائلاً عن الشرك إلى التوحيد, ولهذا قال {وما أنا من المشركين} وقد اختلف المفسرون في هذا المقام: هل هو مقام نظر أو مناظرة ؟ فروى ابن جرير: من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس, ما يقتضي أنه مقام نظر, واختاره ابن جرير مستدلاً بقوله {لئن لم يهدني ربي} الاَية
** وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَآ أَنزَلَ اللّهُ عَلَىَ بَشَرٍ مّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الّذِي جَآءَ بِهِ مُوسَىَ نُوراً وَهُدًى لّلنّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلّمْتُمْ مّا لَمْ تَعْلَمُوَاْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللّهُ ثُمّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ *
قوله تعالى: {قل الله} قال علي بن أبي طلحة: عن ابن عباس, أي قل الله أنزله
* وَهُوَ الّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نّخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مّتَرَاكِباً وَمِنَ النّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنّاتٍ مّنْ أَعْنَابٍ وَالزّيْتُونَ وَالرّمّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوَاْ إِلِىَ ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنّ فِي ذَلِكُمْ لاَيَاتٍ لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
قال علي بن أبي طلحة الوالبي عن ابن عباس {قنوان دانية} يعني بالقنوان الدانية قصار النخل اللاصقة عذوقها بالأرض, رواه ابن جرير.
** وَجَعَلُواْ للّهِ شُرَكَآءَ الْجِنّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىَ عَمّا يَصِفُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: وخرقوا يعني تخرصوا
(1/43)
1
** وَلاَ تَسُبّواْ الّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيّنّا لِكُلّ أُمّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمّ إِلَىَ رَبّهِمْ مّرْجِعُهُمْ فَيُنَبّئُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في هذه الاَية: قالوا: يا محمد لتنتهين عن سبك آلهتنا, أو لنهجون ربك, فنهاهم الله أن يسبوا أوثانهم {فيسبوا الله عدواً بغير علم}
** وَنُقَلّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوّلَ مَرّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ
قال ابن أبي طلحة, عن ابن عباس رضي الله عنه, أنه قال: أخبر الله ما العباد قائلون قبل أن يقولوه, وعملهم قبل أن يعملوه, وقال {ولا ينبئك مثل خبير} جل وعلا وقال {أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله} إلى قوله {لو أن لي كرة فأكون من المحسنين} فأخبر الله سبحانه, أنهم لو ردوا لم يكونوا على الهدى, وقال: {ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون} وقال تعالى: {ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة} وقال: ولو ردوا إلى الدنيا, لحيل بينهم وبين الهدى, كما حلنا بينهم وبينه أول مرة وهم في الدنيا, وقوله {ونذرهم} أي نتركهم {في طغيانهم} قال ابن عباس والسدي: في كفرهم
** وَلَوْ أَنّنَا نَزّلْنَآ إِلَيْهِمُ الْمَلآئِكَةَ وَكَلّمَهُمُ الْمَوْتَىَ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلّ شَيْءٍ قُبُلاً مّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُوَاْ إِلاّ أَن يَشَآءَ اللّهُ وَلََكِنّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ
{وحشرنا عليهم كل شيء قبلاً} قرأ بعضهم, قَبلاً بكسر القاف وفتح الباء, من المقابلة والمعاينة, وقرأ آخرون بضمهما, قيل معناه من المقابلة والمعاينة أيضاً, كما رواه علي بن أبي طلحة, والعوفي عن ابن عباس
(1/44)
1
** وَلِتَصْغَىَ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاَخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مّقْتَرِفُونَ
قوله {وليقترفوا ما هم مقترفون} قال علي بن أبي طلحة: عن ابن عباس, وليكتسبوا ما هم مكتسبون
** أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النّاسِ كَمَن مّثَلُهُ فِي الظّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مّنْهَا كَذَلِكَ زُيّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
هذا مثل ضربه الله تعالى للمؤمن الذي كان ميتاً, أي في الضلالة هالكاً حائراً, فأحياه الله أي أحيا قلبه بالإيمان, وهداه له ووفقه لاتباع رسله, {وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس} أي يهتدي كيف يسلك وكيف يتصرف به, والنور هو القرآن كما رواه العوفي, وابن أبي طلحة, عن ابن عباس
** وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاّ بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ
قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس {أكابر مجرميها ليمكروا فيها} قال: سلطنا شرارهم فعصوا فيها, فإذا فعلوا ذلك أهلكناهم بالعذاب.
** فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيّقاً حَرَجاً كَأَنّمَا يَصّعّدُ فِي السّمَآءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرّجْسَ عَلَى الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ
قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس: الرجس الشيطان
** وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَامَعْشَرَ الْجِنّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مّنَ الإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مّنَ الإِنْسِ رَبّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَآ أَجَلَنَا الّذِيَ أَجّلْتَ لَنَا قَالَ النّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَآ إِلاّ مَا شَآءَ اللّهُ إِنّ رَبّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ
(1/45)
1
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس} يعني أضللتم منهم كثيراً
روى ابن جرير وابن أبي حاتم في تفسيره هذه الاَية, من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث, حدثني معاوية بن صالح, عن علي بن أبي حاتم بن أبي طلحة, عن ابن عباس, قال {النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم} قال: إن هذه الاَية آية لا ينبغي لأحد أن يحكم على الله في خلقه ولا ينزلهم جنة ولا ناراً.
* قُلْ يَاقَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَىَ مَكَانَتِكُمْ إِنّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدّارِ إِنّهُ لاَ يُفْلِحُ الظّالِمُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {على مكانتكم} ناحيتكم {فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون} أي أتكون لي أو لكم وقد أنجز الله موعده لرسوله صلوات الله عليه أي فإنه تعالى مكنه في البلاد وحكمه في نواصي مخالفيه من العباد وفتح له مكة وأظهره على من كذبه من قومه وعاداه وناوأه واستقر أمره على سائر جزيرة العرب وكذلك اليمن والبحرين وكل ذلك في حياته ثم فتحت الأمصار والأقاليم والرساتيق بعد وفاته في أيام خلفائه رضي الله عنهم أجمعين, كما قال الله تعالى: {كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز} وقال {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار} وقال تعالى: {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون}.
** وَجَعَلُواْ للّهِ مِمّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأنْعَامِ نَصِيباً فَقَالُواْ هََذَا للّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهََذَا لِشُرَكَآئِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَىَ اللّهِ وَمَا كَانَ للّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَىَ شُرَكَآئِهِمْ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ
(1/46)
1
قال علي بن أبي طلحة والعوفي,