تفسير الثعالبي الجواهر الحسان في تفسير القرآن 001

عدد الزوار 255 التاريخ 15/08/2020

 [مقدمة المؤلف]
الجزء الأول من تفسير الثعالبي بسم الله الرّحمن الرّحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً يَقُولُ العبدُ الفقيرُ إِلى الله تعالى المعترف بذنبه، الراجي رحمة ربّه، عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي، لطف الله به في الدّارين وبسائر المؤمنين.
الحمد لله ربّ العالمين، وصلوات ربّنا وسلامه على سَيِّدِنَا محمَّد خاتَمِ النبيِّينَ، وَعَلى آله وصحبه السادة المكرمين، والحمد لله الذي منّ علينا بالإيمان، وشرّفنا بتلاوة القرآن، فأشرقت علينا بحمد الله أنواره، وبدت لذوي المعارف عند التلاوة أسراره، وفاضت على العارفين عند التدبّر والتأمّل بحاره، فسبحان من أنزل على عبده الكتاب، وجعله لأهل الفهم المتمسكين به من أعظم الأسباب كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ [ص: 29] .
أمّا بعد، أيّها الأخ، أشرق الله قلبي وقلبك بأنوار اليقين، وجعلني وإيّاك من أوليائه المتّقين، الذين شرّفهم بنزل قدسه، وأوحشهم من الخليقة بأنسه، وخصّهم من معرفته، ومشاهدة عجائب ملكوته، وآثار قدرته، بما ملأ قلوبهم حبره، وولّه عقولهم في عظمته حيره، فجعلوا همّهم به واحدا، ولم يروا في الدارين غيره، فهم بمشاهدة كماله وجلاله يتنعّمون وبين آثار قدرته وعجائب عظمته يتردّدون، وبالانقطاع إليه والتوكّل عليه يتعزّزون، لهجين بصادق قوله: قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ [الأنعام: 91] فإنّي جمعت لنفسي ولك في هذا المختصر ما أرجو أن يقر الله به عيني وعينك في الدارين فقد ضمّنته بحمد الله المهمّ مما اشتمل عليه تفسير ابن عطيّة «1» ، وزدتّه فوائد جمّه، من غيره من كتب الأئمّة، وثقات أعلام هذه الأمّة، حسبما رأيته أو روّيته عن الأثبات، وذلك قريب من مائة تأليف، وما منها تأليف إلا وهو منسوب لإمام مشهور بالدين، ومعدود في
__________
(1) عبد الحق بن غالب بن عطية الغرناطي، كان فقيها جليلا، عارفا بالأحكام، والحديث، والتفسير، نحويا، لغويا، أديبا، روى عنه ابن مضاء وغيره، له «تفسير القرآن العظيم» مات سنة 541 هـ.
ينظر: «طبقات المفسرين» - للسيوطي- ص 60، 61 «بغية الوعاة» (2/ 73، 74) ، «طبقات المفسرين» للداوودي (1/ 265) .
(1/117)
1
المحقّقين، وكلّ من نقلت عنه من المفسّرين شيئا فمن تأليفه نقلت، وعلى لفظ صاحبه عوّلت، ولم أنقل شيئا من ذلك بالمعنى خوف الوقوع في الزّلل، وإنما هي عبارات وألفاظ لمن أغزوها إليه، وما انفردت بنقله عن الطبريّ «1» ، فمن اختصار الشيخ أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد اللّخميّ النحويّ لتفسير الطبريّ- نقلت لأنه اعتنى بتهذيبه، وقد أطنب أبو بكر بن الخطيب في حسن الثناء على الطبري ومدح تفسيره، وأثنى عليه غاية نسأل الله تعالى أن يعاملنا وإياهم برحمته، وكلّ ما في آخره انتهى، فليس هو من كلام ابن عطيّة، بل ذلك مما انفردت بنقله عن غيره، ومن أشكل عليه لفظ في هذا المختصر، فليراجع الأمّهات المنقول منها، فليصلحه منها، ولا يصلحه برأيه وبديهة عقله فيقع في الزّلل من حيث لا يشعر، وجعلت علامة التاء لنفسي بدلا من «قلت» ومن شاء كتبها «قلت» ، وأمّا العين، فلابن عطيّة، وما نقلته من الإعراب عن غير ابن عطية فمن الصّفاقسيّ «2» مختصر أبي حيّان «3» غالبا، وجعلت الصّاد علامة عليه، وربّما نقلت عن غيره معزّوا لمن عنه نقلت، وكلّ ما نقلته عن أبي حيّان، فإنما نقلي له بواسطة الصّفاقسيّ غالبا، قال الصّفاقسيّ: وجعلت علامة ما زدتّه على أبي حيّان م.
وما يتّفق لي إن أمكن، فعلامته «قلت» ، وبالجملة فحيث أطلق فالكلام لأبي
__________
(1) أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الطبري، الإمام العلم صاحب التفسير المشهور، مولده سنة 224، أخذ الفقه عن الزعفراني والربيع المرادي، وذكر الفرغاني عند عد مصنفاته كتاب:
لطيف القول في أحكام شرائع الإسلام، وهو مذهبه الذي اختاره وجوّده واحتج له، وهو ثلاثة وثمانون كتابا. مات سنة 310.
انظر: «طبقات ابن قاضي شهبة» (1/ 100) ، «تاريخ بغداد» (2/ 162) ، «تذكرة الحفاظ» (2/ 610) .
(2) هكذا بصاد ثم فاء كما ذكره المؤلف وفي الكتب بالسين ثم فاء، وهو إبراهيم بن محمد بن إبراهيم، القيسي، السفاقسي، أبو إسحاق، برهان الدين: فقيه مالكي. تفقه في «بجاية» ، وحج فأخذ عن علماء «مصر» و «الشام» . وأفتى ودرّس سنين. له مصنفات منها «المجيد في إعراب القرآن المجيد» ويسمى «إعراب القرآن» ، و «شرح ابن الحاجب» في أصول الفقه.
ينظر: «الأعلام» (1/ 63) ، و «الدرر الكامنة» (1/ 55) ، و «النجوم الزاهرة» (10/ 98) .
(3) محمد بن يوسف بن علي بن حيان بن يوسف، الشيخ الإمام العلامة، الحافظ، المفسر النحوي، اللغوي، أثير الدين، أبو حيان الأندلسي، الجياني، الغرناطي، ثم المصري. ولد في 652 هـ. قرأ العربية على رضي الدين القسنطيني، وبهاء الدين بن النحاس، وغيرهم، سمع نحوا من أربعمائة شيخ، وكان ظاهريا، فانتمى إلى الشافعية، له مصنفات منها: «البحر المحيط في التفسير» و «النهر في البحر» ، و «شرح التسهيل» ، و «ارتشاف الضرب» . سمع منه الأئمة العلماء، وأضر قبل موته بقليل، توفي بالقاهرة في صفر سنة خمس وأربعين وسبعمائة.
ينظر: «طبقات ابن قاضي شهبة» (3/ 67) ، «الأعلام» (8/ 26) ، «طبقات السبكي» (6/ 31) «الدرر الكامنة» (4/ 302) .
(1/118)
1
حيّان، وما نقلته من الأحاديث الصّحاح والحسان عن غير البخاريّ ومسلم وأبي داود والتّرمذيّ في باب الأذكار والدّعوات- فأكثره من «النّوويّ» «1» و «سلاح المؤمن» ، وفي الترغيب والترهيب وأحوال الآخرة فمعظمه من «التذكرة» للقرطبي «2» ، و «العاقبة» لعبد الحقّ، وربّما زدتّ زيادات كثيرة من «مصابيح البغويّ» «3» وغيره كما ستقف عليه- إن شاء الله تعالى- كلّ ذلك معزوّ لمحالّه، وبالجملة فكتابي هذا محشوّ بنفائس الحكم، وجواهر السّنن الصحيحة والحسان المأثورة عن سيّدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وقد قال أبو عمر بن عبد البر «4» في كتاب «التّقصّي» «5» : وأولى الأمور بمن نصح نفسه، وألهم رشده- معرفة
__________
(1) يحيى بن شرف بن مري بن حسن بن حسين بن محمد بن جمعة بن حزام، شيخ الإسلام محيي الدين، أبو زكريا الحزامي النووي، ولد سنة 631، قرأ القرآن ببلده، وختم وقد ناهز الاحتلام، وكان محققا في علمه وفنونه، مدققا في علمه وشؤونه، حافظا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، عارفا بأنواعه من صحيحه وسقيمه وغريب ألفاظه، واستنباط فقهه.. في كثير من المناقب يطول ذكرها صنف «المنهاج في شرح مسلم» ، و «المجموع» و «الأذكار» وغيرها. مات سنة 677.
انظر: «طبقات ابن قاضي شهبة» (2/ 153) ، «طبقات السبكي» (5/ 165) ، «النجوم الزاهرة» (7/ 278) .
(2) محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح، الأنصاري، الخزرجي، الأندلسي، أبو عبد الله، القرطبي: من كبار المفسرين، صالح متعبد من أهل «قرطبة» . رحل إلى الشرق واستقر بمنية ابن خصيب (في شمالي أسيوط، بمصر) وتوفي فيها. من كتبه «الجامع لأحكام القرآن» يعرف بتفسير القرطبي، و «التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة» . وكان ورعا متعبدا، طارحا للتكلف، يمشي بثوب واحد وعلى رأسه طاقية.
ينظر: «الأعلام» (5/ 322) ، «الديباج» (317) .
(3) الحسين بن مسعود بن محمد، العلامة محيي السنة، أبو محمد البغوي، يعرف بالفراء أحد الأئمة، تفقه على القاضي الحسين، وكان دينا، عالما، عاملا على طريقة السلف، قال الذهبي: كان إماما في التفسير، إماما في الحديث، إماما في الفقه. بورك له في تصانيفه ورزق القبول لحسن قصده وصدق نيته. ومن تصانيفه: «التهذيب» ، و «شرح المختصر» ، وتفسيره «معالم التنزيل» . وغيرها. مات سنة 516.
انظر: «طبقات ابن قاضي شهبة» (1/ 281) ، «وفيات الأعيان» (1/ 402) ، «تذكرة الحفاظ» (4/ 1258) ، و «الأعلام» (2/ 284) ، «شذرات الذهب» (4/ 48) ، «النجوم الزاهرة» (5/ 224) .
(4) يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري، القرطبي، المالكي، أبو عمر: من كبار حفّاظ الحديث، مؤرخ أديب، بحاثة، يقال له: حافظ المغرب، ولد بقرطبة سنة 368 هـ، وتوفي بشاطبة سنة 463 هـ، من تصانيفه: «الدرر في اختصار المغازي والسير» و «الاستيعاب» و «جامع بيان العلم وفضله» و «المدخل» من القراءات، و «بهجة المجالس وأنس المجالس» و «الاستذكار من شرح مذاهب علماء الأمصار» و «الإنباه على قبائل الرواة» و «الإنصاف فيما بين العلماء من الاختلاف» .
ينظر: «الأعلام» (8/ 240) ، «وفيات الأعيان» (2/ 348) ، «بغية الملتمس» (474) .
(5) «تجريد التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد» ، أو «التقصي لحديث الموطأ وشيوخ الإمام مالك» ، ص 9.
(1/119)
1
السنن التي هي البيان لمجمل القرآن بها يوصل إلى مراد الله تعالى من عباده فيما تعبّدهم به من شرائع دينه الذي به الابتلاء، وعليه الجزاء، في دار الخلود والبقاء، التي لها يسعى الألبّاء العقلاء، والعلماء الحكماء، فمن منّ الله عليه بحفظ السّنن والقرآن، فقد جعل بيده لواء الإيمان، فإن فقه وفهم، واستعمل ما علم- دعي في ملكوت السموات عظيما، ونال فضلا جسيما- انتهى، والله أسأل أن يجعل هذا السعي خالصاً لوَجْهِهِ، وعملاً صالحاً يقرِّبنا إلى مرضاته، وحسبنا الله ونعم الوكيل، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ باللَّهِ العَلِيِّ العظيم.
 
وسمّيته ب «الجواهر الحسان في تفسير القرآن»
أسأل الله أن ينفع به كلّ من حصّله، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليما كثيرا عدد ما ذكره الذاكرون، وغفل عن ذكره الغافلون، وآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الحَمْدُ للَّهِ رَبِّ العالمين.
وها أنا- إن شاء الله- أشرع في المقصود وألتقط من كلام ابن عطيّة- رحمه الله- ما ستقف عليه من النّبذ الحسنة المختارة ما تقرّ به العين، وإذا نقلت شيئا من غيره، عزوته لصاحبه كما تقدّم.
قال ع «1» - رحمه الله- بعد كلام في أثناء خطبته: ولما أردتّ أن أختار لنفسي وأنظر في علم أعدّ أنواره لظلم رمسي، سبرت العلوم بالتنويع والتقسيم، وعلمت أنّ شرف العلم على قدر شرف المعلوم فوجدتّ أمتنها حبالا، وأرسخها جبالا، وأجملها آثارا وأسطّعها أنوارا- علم كتاب الله جلّت قدرته، وتقدّست أسماؤه، الذي لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت: 42] الذي استقلّ بالسّنّة والفرض، ونزل به أمين السماء إلى أمين الأرض، وأيقنت أنه أعظم العلوم تقريبا إلى الله تعالى، وتخليصا للنّيّات، ونهيا عن الباطل، وحضّا على الصالحات إذ ليس من علوم الدنيا فيختلّ حامله من منازلها صيدا، ويمشي في التلطّف لها رويدا، ورجوت أنّ الله تعالى يحرّم على النّار فكرا عمّرته أكثر عمره معانيه، ونفسا ميّزت براعة رصفه ومبانيه، ثم قال:
قال اللَّه تعالى: إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا [المزمل: 5] قال المفسّرون: أي: علم معانيه، والعمل بها، وقد قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «قيّدوا العلم بالكتب» «2» ففزعت إلى تعليق ما
__________
(1) ينظر: «المحرر الوجيز» (1/ 34- 36) .
(2) ورد هذا الحديث عن جماعة من الصحابة، وهم: أنس بن مالك، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن عباس.
(1/120)
1
يتنخّل لي في المناظرة من علم التفسير، قال: ولنقدّم بين يدي القول في التفسير أشياء قد قدّم
__________
حديث أنس بن مالك:
أخرجه ابن شاهين في «الناسخ والمنسوخ» (ص 274- بتحقيقنا) والخطيب في «تاريخ بغداد» (10/ 46) ، وفي «تقييد العلم» (ص- 70) وفي «الجامع لأخلاق الراوي» (1/ 228) ، رقم (440) ، وابن الجوزي في «العلل المتناهية» (1/ 86) ، رقم (94) ، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (1/ 306) ، كلهم من طريق عبد الحميد بن سليمان، عن ابن المثنى، عن عمه ثمامة بن أنس، عن أنس بن مالك مرفوعا.
وقال الخطيب في «التقييد» : تفرد برواية هذا الحديث عبد الحميد بن سليمان الخزاعي المدني أخو فليح عن عبد الله بن المثنى مرفوعا، وغيره يرويه موقوفا على أنس، وقال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح تفرد بروايته مرفوعا عبد الحميد، قال يحيى بن معين وأبو داود: ليس بثقة. وقال الدارقطني:
ضعيف الحديث. قال: ووهم ابن المثنى في رفعه، والصواب: عن ثمامة، عن أنس أنه كان يقول ذلك لبنيه، ولا يرفعه. اه.
وعبد الحميد بن سليمان قال الحافظ في «التقريب» (1/ 468) : ضعيف.
وقال العسكري كما في «المقاصد» (ص 55) : ما أحسبه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وأحسب عبد الحميد وهم فيه، وإنه من قول أنس فقد روى عبد الله بن المثنى عن ثمامة قال: كان أنس يقول لبنيه: يا بني قيدوا العلم بالكتاب. اه.
وللحديث طريق آخر مرفوع.
أخرجه أبو نعيم في «أخبار أصبهان» (2/ 228) والقضاعي في «مسند الشهاب» (637) كلاهما من طريق إسماعيل بن أبي أويس، عن إسماعيل بن إبراهيم ابن أخي موسى بن عقبة، عن الزهري، عن أنس مرفوعا به. وإسماعيل بن أبي أويس، قال الحافظ في «التقريب» (1/ 71) : صدوق، أخطأ في أحاديث من حفظه.
وقد ورد هذا الحديث موقوفا على أنس كما أشار إليه بعضهم كما تقدم.
والموقوف أخرجه الدارمي (1/ 126- 127) ، باب: من رخص في كتابه العلم، وأبو خيثمة في «العلم» رقم (120) ، والطبراني في «الكبير» (1/ 246) ، رقم (700) ، والحاكم (1/ 106) ، والخطيب في «تقييد العلم» ص (96) ، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (7/ 16) ، والرامهرمزي في «المحدث الفاصل» (ص- 368) ، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (1/ 316) ، كلهم من طريق عبد الله بن المثنى الأنصاري، عن ثمامة، عن أنس موقوفا.
والحديث ذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (1/ 155) وقال: رواه الطبراني في «الكبير» ، ورجاله رجال الصحيح، وعبد الله بن المثنى قال الحافظ في «هدي الساري» (ص- 436) : وثقه العجلي والترمذي، واختلف فيه قول الدارقطني، وقال ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم صالح، وقال النسائي: ليس بالقوي وقال الساجي: فيه ضعف، ولم يكن من أهل الحديث، وروى مناكير، وقال العقيلي: لا يتابع على أكثر حديثه. قلت: لم أر البخاري احتج به إلا في روايته عن عمه ثمامة، فعنده عنه أحاديث، وأخرج له من روايته عن ثابت عن أنس حديثا توبع فيه عنده، وهو في فضائل القرآن، وأخرج له أيضا في اللباس عن مسلم بن إبراهيم عنه عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر في النهي عن القزع بمتابعة نافع وغيره عن ابن عمر، وروى له الترمذي وابن ماجه.
وقال في «التقريب» (1/ 445) : صدوق كثير الغلط. [.....]
(1/121)
1
أكثرها المفسّرون، وأشياء ينبغي أن تكون راسخة في حفظ الناظر في هذا العلم مجتمعة لذهنه.
__________
حديث عبد الله بن عمرو:
أخرجه الحاكم (1/ 106) ، والخطيب في «تقييد العلم» (ص 69) ، والطبراني في «الأوسط» (1/ 469) رقم (852) ، وابن الجوزي في «العلل المتناهية» (1/ 87) ، رقم (96) كلهم من طريق عبد الله بن المؤمل، عن ابن جريج، عن عطاء، عن عبد الله بن عمرو قال: قلت يا رسول الله: أقيد العلم؟ قال:
نعم، قلت: وما تقييده؟ قال: الكتابة.
وضعفه الحاكم، وقال الذهبي: ابن المؤمل ضعيف.
تنبيه: وقع في «المعجم الأوسط» عبد الله بن المؤمل، عن عطاء، ولم يذكر ابن جريج.
وقد اضطرب عبد الله بن المؤمل في إسناد هذا الحديث، فرواه كما تقدم، ورواه مرة، عن ابن أبي مليكة، عن عبد الله بن عمرو، أخرجه الخطيب في «تقييد العلم» (ص- 68) ، والرامهرمزي في «المحدث الفاصل» (ص 364) ، وأخرجه الخطيب أيضا في «الجامع لأخلاق الراوي» (1/ 228) ، رقم (439) ، وابن الجوزي في «العلل المتناهية» (1/ 86) رقم (95) كلهم من طريق سريج بن النعمان عنه به.
وقد ضعف ابن الجوزي هذا الطريق والذي قبله، فقال: هذه الطرق كلها لا تصح، أما الطريقان الأولان ففيهما عبد الله بن المؤمل قال أحمد: أحاديثه مناكير. وقال يحيى بن معين: ضعيف، وقال أبو حاتم بن حبان: لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد. اه.
واضطرب فيه ابن المؤمل مرة ثالثة، فرواه عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده.
أخرجه الخطيب البغدادي في «تقييد العلم» (ص- 69) ، وقد توبع ابن المؤمل على هذا، تابعه ابن أبي ذئب: أخرجه الرامهرمزي في «المحدث الفاصل» (ص 364) ، والخطيب في «تقييد العلم» (ص- 69) ، وابن الجوزي في «العلل المتناهية» (1/ 87) ، رقم (97) ، كلهم من طريق إسماعيل بن يحيى، عن ابن أبي ذئب، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده به.
ونقل ابن الجوزي، عن الدارقطني قوله: تفرد به إسماعيل بن يحيى، عن ابن أبي ذئب.
وقال ابن الجوزي: فيه إسماعيل بن يحيى، قال ابن عدي: يحدث عن الثقات بالبواطيل، وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات وما لا أصل له عن الأثبات، لا يحل الرواية عنه بحال، وقال الدارقطني: كذاب متروك.
حديث ابن عباس:
أخرجه ابن عدي في «الكامل» (2/ 792) من طريق حفص بن عمر بن أبي العطاف، عن أبي الزناد، عن الأعرج. عن ابن عباس مرفوعا.
وقال ابن عدي: وحفص بن عمر حديثه منكر.
والحديث من هذه الطرق يحتمل التحسين، وله شواهد موقوفة عن عمر بن الخطاب، وابن عباس.
أثر عمر:
أخرجه ابن أبي شيبة (9/ 49) ، والدارمي (1/ 127) ، والخطيب في «تقييد العلم» (ص 88) ، والحاكم (1/ 106) من طريق ابن جريج، عن عبد الله بن عبد الملك بن أبي سفيان، عن عمه عمرو بن أبي سفيان، عن عمر، فذكره. وصححه الحاكم.
أثر ابن عباس:
أخرجه الخطيب في «تقييد العلم» ص (92) من طريق عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير. قال:
(1/122)
1
باب في فضل القرآن «1»
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّها ستكون فتن كقطع اللّيل المظلم، قيل: فما النّجاة منها، يا رسول الله؟ قال: كتاب الله تبارك وتعالى فيه نبأ من قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، وهو فصل ليس بالهزل، من تركه تجبّرا، قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضلّه الله، وهو حبل الله المتين، ونوره المبين، والذّكر الحكيم، والصّراط المستقيم، هو الّذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تتشعّب معه الآراء، ولا يشبع منه العلماء، ولا يملّه الأتقياء، من علم علمه سبق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن اعتصم به، فقد هدي إلى صراط مستقيم» «2» ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أراد علم الأوّلين والآخرين، فليثوّر القرآن» «3» ، وقال صلى الله عليه وسلم: «إنّ الّذي يتعاهد القرآن، ويشتدّ عليه له أجران، والّذي يقرؤه وهو خفيف عليه مع السّفرة الكرام البررة» «4» ، وقال صلى الله عليه وسلم: «اتلوا هذا القرآن،
__________
قال ابن عباس: قيدوا العلم بالكتاب.
وسنده ضعيف فرواية عكرمة بن عمار عن يحيى مضطربة.
(1) هذا الباب يوجد في «المحرر الوجيز» (1/ 36) هكذا: باب: ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن الصحابة، وعن نبهة العلماء، في فضل القرآن المجيد، وصورة الاعتصام به.
(2) أخرجه الترمذي (5/ 172) ، كتاب فضائل القرآن، باب ما جاء في فضائل القرآن، حديث (2906) ، والدارمي (2/ 435) ، كتاب فضائل القرآن، باب فضل من قرأ القرآن، كلاهما من طريق الحسين بن علي الجعفي، عن حمزة الزيات، عن أبي المختار الطائي، عن ابن أخي الحارث الأعور، عن الحارث، عن علي به.
وقال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وإسناده مجهول، وفي الحارث مقال.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (6/ 337) ، وعزاه إلى ابن أبي شيبة، والدارمي، والترمذي، ومحمد بن نصر، وابن الأنباري في «المصاحف» .
(3) ذكره المتقي الهندي في «كنز العمال» (1/ 548) رقم (2454) ، وعزاه إلى الديلمي، عن أنس مرفوعا، وقد ورد هذا الحديث عن ابن مسعود لكن موقوفا، فأخرجه الطبراني في «الكبير» (9/ 146) ، رقم (8665) من طريق زهير، عن أبي إسحاق، عن مرة، عن ابن مسعود، وذكره الهيثمي في «المجمع» (7/ 168) ، وقال: رواه الطبراني بأسانيد، ورجال أحدها رجال الصحيح.
وأخرجه الطبراني أيضا (9/ 146) ، رقم (8666) من طريق شعبة، عن أبي إسحاق، عن مرة، عن عبد الله قال: «من أراد العلم فليثور القرآن، فإن فيه علم الأولين والآخرين» وأخرجه ابن المبارك في «الزهد» (ص 280) ، رقم (814) ، والفريابي في «فضائل القرآن» (ص- 197) ، رقم (78) ، وأبو عبيد في «فضائل القرآن» (ص 36) رقم (80) . وابن أبي شيبة (10/ 485) ، رقم (10067) كلهم من طريق سفيان، عن أبي إسحاق، عن مرة، عن ابن مسعود قال: «إذا أردتم العلم فأثيروا القرآن، فإن فيه علم الأولين والآخرين» .
(4) أخرجه البخاري (8/ 560) ، كتاب التفسير، باب سورة «عبس» ، حديث (4937) ، ومسلم (1/ 550) ،
(1/123)
1
فإنّ الله يأجركم بالحرف منه عشر حسنات أما إنّي لا أقول «آلم» حرف، ولكن الألف حرف، واللّام حرف، والميم حرف» «1» ، وقال صلى الله عليه وسلم: «ما من شفيع أفضل عند الله من القرآن، لا نبيّ ولا ملك» «2» ، وقال صلى الله عليه وسلم: «أفضل عبادة أمّتي القرآن» «3» ، وحدّث أنس بن
__________
كتاب «صلاة المسافرين» ، باب فضل الماهر بالقرآن، حديث (798/ 244) ، وأبو داود (1/ 460) ، كتاب الصلاة، باب في ثواب قراءة القرآن، حديث (1454) ، والترمذي (5/ 171) ، كتاب «فضائل القرآن» ، باب ما جاء في فضل قارئ القرآن، حديث (2904) ، والنسائي في «التفسير» (2/ 492) ، رقم (666) ، وابن ماجة (2/ 1242) ، كتاب «الأدب» ، باب ثواب القرآن، حديث (3779) ، وأحمد (6/ 48، 110، 192، 239) ، وعبد الرزاق (2/ 491) ، رقم (4194) ، وابن أبي شيبة (10/ 490) ، رقم (10085) ، والدارمي (2/ 444) ، كتاب «فضائل القرآن» ، باب فضل من يقرأ القرآن ويشتد عليه، والطيالسي (2/ 2- منحة) ، رقم (1184) ، والبيهقي (2/ 395) ، كتاب «الصلاة» ، وفي «شعب الإيمان» (4/ 537) ، رقم (1822) ، وأبو عبيد في «فضائل القرآن» (ص- 5) ، رقم (6) ، والفريابي في «الفضائل» (ص- 114) ، وابن الضريس في «فضائل القرآن» (ص 39) ، رقم (29) ، وابن حبان (3/ 44) ، رقم (767) ، من طرق، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن سعد بن هشام الأنصاري، عن عائشة مرفوعا.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(1) أخرجه الترمذي (5/ 175) ، كتاب «فضائل القرآن» ، باب ما جاء فيمن قرأ حرفا من القرآن ما له من الأجر، حديث (2910) ، والبخاري في «التاريخ الكبير» (1/ 216) ، والبيهقي في «شعب الإيمان» (4/ 548) ، رقم (1831) كلهم من طريق الضحاك بن عثمان، عن أيوب بن موسى قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يقول: سمعت عبد الله بن مسعود يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: (الم) حرف، ولكن ألف حرف، وميم حرف» .
وقال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، سمعت قتيبة يقول: بلغني أن محمد بن كعب القرظي ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ... » اه. قلت: الذي ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم كعب والد محمد، وينظر «الإصابة» (6/ 346) .
(2) ذكره الغزالي في «الإحياء» (1/ 273) .
وقال الحافظ العراقي في «تخريجه» : رواه عبد الملك بن حبيب من رواية سعيد بن سليم مرسلا. اه.
وينظر: «كشف الخفاء» (1/ 20) .
(3) أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (2/ 354) ، رقم (2022) من طريق سلمة بن كهيل، عن حجية بن عدي، عن النعمان بن بشير مرفوعا.
وقد ورد بلفظ: «أفضل العبادة قراءة القرآن» .
ذكره المتقي الهندي في «كنز العمال» (1/ 511) ، رقم (2263) ، وعزاه إلى ابن قانع، عن أسير بن جابر، وإلى السجزي في «الإبانة» ، عن أنس.
وأسير بن جابر في صحبته نظر، قاله ابن الأثير كما في «فيض القدير» (2/ 44) .
والحديث ذكره الغزالي في «الإحياء» (1/ 273) ، وقال الحافظ العراقي: أخرجه أبو نعيم في «فضائل القرآن» من حديث النعمان بن بشير، وأنس، وإسنادهما ضعيف.
(1/124)
1
مالك «1» عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «من قرأ مائة آية، كتب من القانتين، ومن قرأ مائتي آية، لم يكتب من الغافلين، ومن قرأ ثلاثمائة آية، لم يحاجّه القرآن» «2» ، قال الشيخ يحيى بن شرف النوويّ «3» : اعلم أنّ قراءة القرآن آكد الأذكار، وأفضلها فينبغي المداومة عليها فلا يخلو عنها يوما وليلة، ويحصل له أصل القراءة بقراءة الآيات القليلة، والمطلوب القراءة بالتدبّر والخشوع والخضوع، وقد روّينا في كتاب ابْنِ السُّنِّيِّ عن أنسٍ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «من قرأ خمسين آية، لم يكتب من الغافلين، ومن قرأ مائة آية، كتب من القانتين، ومن قرأ مائتي آية، لم يحاجّه القرآن يوم القيامة، ومن قرأ خمسمائة آية، كتب له قنطار من الأجر» ، وفي رواية: «من قرأ أربعين آية بدل: «خمسين» ، وفي رواية:
«عشرين «4» آية» وفي رواية عن أبي هريرة «5» عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من قرأ عشر آيات لم يكتب
__________
(1) أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار- واسمه تيم الله- بن ثعلبة بن عمرو بن خزرج بن حارثة.
أبو حمزة. الأنصاري. الخزرجي. النجاري من بني عدي بن النجار. خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم. توفي سنة 90 وقيل غير ذلك.
ينظر ترجمته في: «أسد الغابة» (258/ 1/ 151) ، «الإصابة» (1/ 71) ، «تجريد أسماء الصحابة» (1/ 31) ، «الاستيعاب» (1/ 109) ، «الثقات» (3/ 4) ، «سير أعلام النبلاء» (3/ 395) ، «الجرح والتعديل» (2/ 1036) ، «الأعلام» (2/ 24) ، «العبر» (1/ 107) ، «تهذيب الكمال» (1/ 122) ، «تقريب التهذيب» (1/ 14) ، «الوافي بالوفيات» (9/ 411) ، «تاريخ الثقات» (73) .
(2) أخرجه ابن السني في «عمل اليوم والليلة» رقم (679) .
(3) ينظر: «الأذكار» ص 133، بتصرف.
(4) أخرجه ابن السني في «عمل اليوم والليلة» رقم (679) . [.....]
(5) أبو هريرة بن عامر بن عبد ذي الشّرى بن طريف بن عتاب بن أبي صعب بن منبه بن سعد بن ثعلبة بن سليم بن فهم بن غنم بن دوس بن عدنان بن عبد الله بن زهران بن كعب. الدوسي. وقيل في نسبه غير ذلك. واختلف في اسمه اختلافا كثيرا. ذكره ابن حجر في «الإصابة» وقد عدد من أقوالهم في اسمه الشيء الكثير.
قال ابن الأثير:
أبو هريرة- الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثرهم حديثا عنه، وهو دوسي. وقد اختلف في اسمه اختلافا كثيرا لم يختلف في اسم آخر مثله ولا ما يقاربه.. وقيل: رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي كمه هرة فقال:
«يا أبا هريرة» .
وفاته: قيل توفي سنة (57) ، وله (78 سنة) ، قيل: مات ب «العقيق» ، وحمل إلى المدينة.
ينظر ترجمته في: «أسد الغابة» (6/ 318) ، «الإصابة» (7/ 199) ، «الاستيعاب» (1768) ، «تجريد أسماء الصحابة» (2/ 209) ، «تهذيب الكمال» (3/ 1655) ، «تهذيب التهذيب» (12/ 262) ، «الكنى والأسماء» (1/ 60) ، «المغني» (298) ، «الكاشف» (3/ 385) ، «الأنساب» (5/ 402) ، «تنقيح المقال» (3/ 38) ، «معرفة الثقات» (22756) ، «تاريخ الثقات» (2061) .
(1/125)
1
من الغافلين» «1» ، وجاء في الباب أحاديث كثيرة بنحو هذا. انتهى من «الحلية» .
وروى ابن عبّاس «2» عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أشراف أمّتي حملة القرآن» «3» ، وروى أنَسُ بنُ مالكٍ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: «القرآن شافع مشفّع وما حل مصدّق، ومن شفع له القرآن نجا، ومن محل به القرآن يوم القيامة، كبّه الله لوجهه في النّار» «4» ، وأحقّ من شفع
__________
(1) أخرجه ابن السني في «عمل اليوم والليلة» (ص 188) ، رقم (702) ، و «الحاكم» (1/ 555) ، كلاهما من طريق محمد بن إبراهيم الصوري، عن مؤمل بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة به وقال الحاكم: صحيحٌ على شرط مسلمٍ، ولم يخرِّجاه.
ووافقه الذهبي.
قلت: ومؤمل بن إسماعيل. وثقه ابن معين وإسحاق بن راهويه.
وقال ابن سعد: ثقة كثير الغلط.
وقال الدارقطني: كثير الخطأ.
وقال الساجي: صدوق كثير الخطأ، وله أوهام يطول ذكرها.
وقال أبو حاتم: صدوق شديد السنة، كثير الخطأ.
وقال البخاري: منكر الحديث.
وقد لخص الحافظ هذه الأقوال في «التقريب» فقال: صدوق إلا أنه سىء الحفظ.
ينظر: «الجرح والتعديل» (8/ 374) ، و «التقريب» (2/ 555) و «التهذيب» (10/ 380- 381) .
(2) هو: عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف أبو العباس. القرشي. الهاشمي. ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم. أمه: أم الفضل لبابة بنت الحارث. الهلالية.
ولد وبنو هاشم بالشّعب قبل الهجرة بثلاث، وقيل: بخمس. كان يسمى «البحر» لسعة علمه، ويسمى «حبر الأمة» ، ويسمى «ترجمان القرآن» ، وهو من صغار الصحابة توفي النبي صلى الله عليه وسلم وله على أرجح الأقوال ثلاث عشرة سنة. توفي ب «الطائف» سنة 68 وله (71 أو 72 أو 74) .
ينظر ترجمته في: «الإصابة» (4/ 90) ، «أسد الغابة» (3/ 290) ، «الاستيعاب» (3/ 933) ، «تجريد أسماء الصحابة (1/ 320) ، «التاريخ الكبير» (3/ 3، 5) «الجرح والتعديل» (5/ 116) ، «العبر» (1/ 41) ، «الأعلام» (4/ 95) ، «شذرات الذهب» (1/ 75) «صفوة الصفوة» (1/ 746) .
(3) أخرجه السهمي في «تاريخ جرجان» (ص- 494) ، والطبراني في «الكبير» (12/ 125) ، رقم (12612) ، والبيهقي في «شعب الإيمان» (2/ 556) ، رقم (2703) ، والخطيب في «تاريخ بغداد» (4/ 124) ، كلهم من طريق سعد بن سعيد الجرجاني: ثنا نهشل بن عبد الله، عن الضحاك، عن ابن عباس مرفوعا.
والحديث ذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (7/ 164) ، وقال: وفيه سعد بن سعيد الجرجاني، وهو ضعيف.
والحديث ضعفه المنذري في «الترغيب» (919) .
(4) أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب «فضائل القرآن» كما في «تخريج الكشاف» للزيلعي (2/ 187، 188) من طريق حجاج عن ابن جريج قال: حدثت عن أنس، فذكره وقال الزيلعي: وفيه انقطاع، وحجاج ضعيف.
(1/126)
1
له القرآن أهله وحملته، وأولى من محل به من عدل عنه، وضيّعه، وقال قوم من الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم: «ألم تر يا رسول الله ثابت بن قيس «1» لم تزل داره البارحة يزهر فيها وحولها أمثال المصابيح؟! فقال لهم: فلعلّه قرأ سورة البقرة، فسئل ثابت بن قيس فقال: نعم، قرأت سورة البقرة» «2» ، وفي هذا المعنى حديث صحيح عن أسيد بن حضير «3» في تنزّل
__________
وللحديث شواهد من حديث جابر وابن مسعود.
حديث جابر:
أخرجه ابن حبان (1793- موارد) ، والبزار (1/ 78- كشف) ، رقم (122) ، كلاهما من طريق أبي كريب محمد بن العلاء: ثنا عبد الله بن الأجلح، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «القرآن شافع مشفع، وما حل مصدّق، من جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلف ظهره ساقه إلى النار» .
وصححه ابن حبان.
وقال البزار: لا نعلم أحدا يرويه عن جابر إلّا من هذا الوجه وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (1/ 174) ، وقال: ورجال حديث جابر المرفوع ثقات.
حديث ابن مسعود:
أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (4/ 108) ، والطبراني في «الكبير» (10/ 244) ، رقم (10450) ، كلاهما من طريق هشام بن عمار: ثنا الربيع بن بدر، عن الأعمش، عن شقيق أبي وائل، عن ابن مسعود مرفوعا.
وقال أبو نعيم: غريب من حديث الأعمش، تفرد به عنه الربيع.
(1) ثابت بن قيس بن الشماس بن زهير بن مالك. أبو عبد الرحمن وأبو محمد. الأنصاريّ الخزرجي.
خطيب الأنصار. قال ابن الأثير: كان ثابت خطيب الأنصار، وخطيب النبي صلى الله عليه وسلم كما كان حسان شاعره.. شهد أحدا وما بعدها، وقتل يوم اليمامة في خلافة أبي بكر شهيدا. روى عنه أنس بن مالك وأولاده.
ينظر ترجمته في: «تجريد أسماء الصحابة» (1/ 64) ، «الاستيعاب» (1/ 200) ، «الاستبصار» (1/ 117) ، «الإصابة» (1/ 203) ، «أسد الغابة» (1/ 275) ، «الثقات» (3/ 43) ، «تقريب التهذيب» (1/ 116) ، «تهذيب التهذيب» (2/ 12) ، «تهذيب الكمال» (1/ 368) ، «الكاشف» (1/ 171) ، «التاريخ الكبير» (5/ 167) ، «الجرح والتعديل» (2/ 456) ، «سير أعلام النبلاء» (1/ 308) .
(2) أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب: «فضائل القرآن» كما في «تفسير ابن كثير» (1/ 33) ، قال حدثنا عباد بن عباد، عن جرير بن حازم، عن عمه جرير بن يزيد أن أشياخ أهل المدينة حدثوه، فذكروا الحديث.
وقال ابن كثير: وهذا إسناد جيد إلا أن فيه إبهاما، ثم هو مرسل.
(3) هو: أسيد بن الحضير بن سماك بن عتيك بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل.. قيل كنيته: أبو حضير، أبو عمرو، أبو عيسى، أبو يحيى، أبو عتيك. الأنصاري. الأشهلي الأوسي، شهد العقبة الثانية، وكان نقيبا لبني عبد الأشهل. اختلف في شهوده بدرا، وشهد أحدا وكان ممن ثبت يومها، وجرح حينئذ سبع جراحات، قال ابن إسحاق: حدثنا يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن
(1/127)
1
الملائكة في الظّلّة لصوته بقراءة سورة البقرة «1» .
قلت: وفي رواية سورة الكهف.
وهذا الحديث خرّجه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنّسائيّ. انتهى.
وقال عقبة بن عامر «2» : «عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجّة الوداع، فقال: عليكم بالقرآن» «3» ، وقال عبد اللَّه بن عمرو بن العَاصِي «4» : أنَّ من أشراط السّاعة أن يبسط
__________
عائشة قالت: «ثلاثة من الأنصار لم يكن أحد منهم يلحق في الفضل كلهم من بني عبد الأشهل:
سعد بن معاذ وأسيد بن حضير، وعباد بن بشير. توفي سنة (20) ، وقيل 21، وقيل: في إمارة عمر.
ينظر ترجمته في: «تجريد أسماء الصحابة» (1/ 21) ، «الثقات» (3/ 6) ، «أسد الغابة» (1/ 111) ، «الإصابة» (1/ 48) ، «الإكمال» (2/ 482) ، «الاستيعاب» (1/ 92) ، «تهذيب الكمال» (1/ 113) .
(1) أخرجه البخاري (8/ 680) ، كتاب «فضائل القرآن» ، باب: نزول السكينة والملائكة عند قراءة القرآن، حديث (5018) .
(2) هو: عقبة بن عامر بن عبس بن عمرو بن عدي بن عمرو بن رفاعة بن مودعة بن عدي بن غنم بن الربعة بن رشدان بن قيس بن جهينة ... الجهني، أبو حماد. وقيل: أبو لبيد. وأبو عمرو.
قال ابن الأثير في «الأسد» :
روى عنه من الصحابة: ابن عباس، وأبو عباس، وأبو أيوب، وأبو أمامة، وغيرهم. ومن التابعين: أبو الخير، وعلي بن رباح أبو قبيل، وسعيد بن المسيب وغيرهم.
شهد «صفين» مع معاوية، وشهد فتوح الشام، وهو كان البريد إلى عمر بفتح «دمشق» ، وكان من أحسن الناس صوتا بالقرآن. توفي بمصر، وكان واليا عليها سنة (58 هـ.)
ينظر ترجمته في: «أسد الغابة» (4/ 53) ، «الإصابة» (4/ 250) ، «الثقات» (3/ 280) ، «الطبقات الكبرى» (2/ 376) ، «التاريخ الكبير» (6/ 340) ، «التاريخ الصغير» (2/ 123) ، «الرياض المستطابة» (220) ، «الأعلام» (2/ 240) ، «العبر» (1/ 62) ، «الإكمال» (6/ 88) ، «سير أعلام النبلاء» (2/ 467) ، «طبقات الحفاظ» (10) «تذكرة الحفاظ» (1/ 42) ، «روضات الجنات» (8/ 38) ، «الجرح والتعديل» (6/ 313) ، «تهذيب الكمال» (2/ 945) ، «تقريب التهذيب» (2/ 27) .
(3) أخرجه الطبراني في «الكبير» (19/ 296) ، رقم (658) .
(4) هو: عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي.. أبو محمد. وقيل: أبو عبد الرحمن. القرشي. السهمي. أسلم قبل أبيه، وكان من فضلاء الصحابة عالما بالقرآن، وقرأ الكتب المتقدمة، وكان من أشهر حفاظهم، وأخباره كثيرة لا يتسع المقام للحديث عنه.
وفاته: قيل: توفي سنة (63) وقيل غير ذلك.
ينظر ترجمته في: «أسد الغابة» (3/ 349) ، «الإصابة» (4/ 111) ، «الثقات» (3/ 211) ، «الاستيعاب» (3/ 256) ، «تجريد أسماء الصحابة» (1/ 326) ، «الجرح والتعديل» (5/ 116) ، «تقريب التهذيب» (1/ 436) ، «تهذيب التهذيب» (5/ 337) ، «تهذيب الكمال» (2/ 716) ، «شذرات الذهب» (1/ 62) ، «النجوم الزاهرة» (20) ، «الوافي بالوفيات» (17/ 380) . [.....]
(1/128)
1
القول، ويخزن الفعل، ويرفع الأشرار، ويوضع الأخيار، وأن تقرأ المثناة على رءوس النّاس، لا تغيّر، قيل: وما المثناة «1» ؟ قال: ما استكتب من غير كتاب الله، قيل له: فكيف بما جاء من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ما أخذتموه عمّن تأمنونه على نفسه ودينه فاعقلوه، وعليكم بالقرآن فتعلّموه، وعلّموه أبناءكم فإنّكم عنه تسألون، وبه تجزون، وكفى به واعظا لمن عقل «2» وقال رجل لعبد الله بن مسعود «3» : أوصني، فقال: إذا سمعت الله تعالى يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فأرعها سمعك فإنّه خير يأمر به، أو شرّ ينهى عنه «4» ، وروى أبو هريرة أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن أحسن النّاس قراءة أو صوتا بالقرآن فقال: «الّذي إذا سمعته رأيته يخشى الله تعالى» «5» ، وقال صلى الله عليه وسلم: «اقرءوا بالقرآن قبل أن يجيء قوم يقيمونه كما يقام القدح «6» ، ويضيّعون معانيه، يتعجّلون أجره، ولا
__________
(1) قال العلامة ابن الأثير: وقيل: إن المثناة هي أن أحبار بني إسرائيل بعد موسى- عليه السلام- وضعوا كتابا فيما بينهم على ما أرادوا من غير كتاب الله، فهو المثناة، فكأن ابن عمرو كره الأخذ عن أهل الكتاب، وقد كانت عنده كتب وقعت إليه يوم اليرموك منهم، فقال هذا لمعرفته بما فيها.
قال الجوهري: «المثناة» هي التي تسمى بالفارسية دوبتي، وهو الغناء. ينظر: «النهاية في غريب الحديث والأثر» (1/ 225- 226) .
(2) أخرجه الدارمي (1/ 123) ، باب: من لم ير كتابة الحديث.
(3) هو: عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن سمع بن فار بن مخزوم بن صاهلة بن الحرث بن تيم بن سعد بن هذيل أبو عبد الرحمن الهذلي. حليف بني زهرة.
قال له النبي صلى الله عليه وسلم في أول الإسلام «إنك غلام معلم» وقال هو: لقد رأيتني سادس ستة، وما على الأرض مسلم غيرنا، وكان يقول أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة، وهو أول من جهر بالقرآن بمكة.
توفي سنة: 32، وقيل: 33، وقيل: توفي بالمدينة، وقيل: بالكوفة، والأول أرجح.
ينظر ترجمته في: «أسد الغابة» (3/ 484) ، «الإصابة» (4/ 129) ، «الثقات» (3/ 208) ، «الاستبصار» (65، 139) ، «تجريد أسماء الصحابة» (1/ 334) ، «الأعلام» (4/ 137) ، «التاريخ الصغير» (1/ 60) ، «الجرح والتعديل» (5/ 149) ، «العبر» (1/ 25) ، «حلية الأولياء» (1/ 375) ، «سير أعلام النبلاء» (1/ 461) .
(4) أخرجه أحمد في «الزهد» (ص 231) رقم (864) وابن المبارك في «الزهد» (ص 12) رقم (36) وسعيد بن منصور رقم (50) وابن أبي حاتم في «تفسيره» كما في «تفسير ابن كثير» (2/ 2) وأبو نعيم في «الحلية» (1/ 130) .
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (1/ 195) ولكن عن ابن عباس وأظنه خطأ من الطابع أو الناسخ وزاد نسبته إلى أبي عبيد في «فضائله» والبيهقي في «شعب الإيمان» .
(5) أخرجه عبد الرزاق (2/ 488) رقم (4185) عن طاوس مرسلا.
وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (7/ 173) من حديث ابن عمر وعزاه للطبراني في الأوسط وقال:
وفيه حميد بن حماد بن حوار وثقه ابن حبان وقال: ربما أخطأ وبقية رجاله رجال الصحيح.
(6) القدح: السهم قبل أن ينصّل ويراش. ينظر: «لسان العرب» (3542) .
(1/129)
1
يتأجّلونه» «1» ، وروي أنّ أهل اليمن، لمّا قدموا أيام أبي بكر الصديق «2» رضي الله عنه سمعوا القرآن فجعلوا يبكون، فقال أبو بكر: «هكذا كنّا، ثمّ قست القلوب» «3» ، وروي أن عمر بن الخطاب «4» رضي الله عنه قرأ مرة إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ ما لَهُ مِنْ دافِعٍ [الطور: 7، 8] فأنّ أنّة عيد منها عشرين يوما «5» ، قال القرطبي في «التّذكرة» «6» : وما تقرّب
__________
(1) أخرجه أبو داود (1/ 280) ، كتاب: «الصلاة» ، باب: ما يجزىء الأمي والأعجمي من القراءة، حديث (830) ، وأحمد (3/ 397) ، والفريابي في «فضائل القرآن» (ص 244) ، رقم (174) ، والآجري في «أخلاق أهل القرآن» (ص 92) ، رقم (28) ، والبيهقي في «شعب الإيمان» (5/ 575- 576) ، رقم (2399) ، كلهم من طريق حميد الأعرج، عن محمد بن المنكدر، عن جابر مرفوعا.
وأخرجه أحمد (3/ 357) ، وأبو يعلى (4/ 140) ، رقم (2197) ، والبيهقي في «شعب الإيمان» ، (5/ 576- 577) ، رقم (2400) من طريق أسامة بن زيد الليثي، عن محمد بن المنكدر، عن جابر به.
وقد روي هذا الحديث عن ابن المنكدر مرسلا.
أخرجه عبد الرزاق (3/ 382) رقم (6034) ، وابن أبي شيبة (10/ 480) ، رقم (10053) ، والبيهقي في «شعب الإيمان» (5/ 575) ، رقم (2398) ، عن ابن المنكدر، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا.
(2) هو: عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي..
القرشي. التيمي أبو بكر الصديق بن أبي قحافة، خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولد بعد الفيل بسنتين وستة أشهر. هو صحابي شهير غني عن التعريف، وقد جاءت ترجمته في مصادر يصعب حصرها في مثل هذا الموضع. توفي يوم الاثنين في جمادى الأولى سنة (13) وله (63 سنة) .
ينظر ترجمته في: «الاستيعاب» (293) ، «أسد الغابة» (6/ 37) ، «الإصابة» (4/ 101) ، «المغني» (286) ، «تجريد أسماء الصحابة» (2/ 152) ، «الكنى والأسماء» (1/ 6) ، «بقي بن مخلد» (30) ، «الزهد لوكيع» (99) ، «تاريخ الثقات» (1906) ، «معرفة الثقات» (2092) ، «الأعلام» (4/ 102) ، «تهذيب الكمال» (3/ 1589) ، «تهذيب التهذيب» (12/ 43) ، «تقريب التهذيب» (2/ 401) ، «تذكرة الحفاظ» (1/ 2) ، «شرف أصحاب الحديث» (35، 90) ، «أصحاب بدر» (41) ، «التحفة اللطيفة» (2/ 358) ، «تاريخ الإسلام» (2/ 97) «الرياض المستطابة» (140) ، «صفة الصفوة» (1/ 235) .
(3) أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (1/ 33- 34) من طريق الأعمش عن أبي صالح به وذكره الهندي في «كنز العمال» (4097) وعزاه لأبي نعيم.
(4) عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي.. أبو حفص. القرشي. العدوي. أمير المؤمنين. الفاروق.
ولد بعد «الفجار الأعظم» بأربع سنين قبل المبعث النبوي بثلاثين سنة، وقيل: يرون ذلك. طعن يوم الأربعاء لأربع ليال بقين من ذي الحجة سنة (23) ، ودفن يوم الأحد صباح هلال المحرم سنة (24) على أرجح الأقوال.
ينظر ترجمته في: «أسد الغابة» (4/ 145) ، «الإصابة» (4/ 275) ، «تجريد أسماء الصحابة» (1/ 397) ، «الاستيعاب» (3/ 1144) ، «الجرح والتعديل» (6/ 105) ، «تقريب التهذيب» (2/ 540) ، «تهذيب التهذيب» (7/ 438) ، «الكاشف» (309) ، «تاريخ جرجان» (730) .
(5) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (6/ 146) وعزاه إلى أبي عبيد في «فضائله» .
(6) ينظر: «التذكرة» (1/ 126) .
(1/130)
1
المتقرّبون إلى الله تعالى بشيء مثل القرآن قال صلى الله عليه وسلم: «يقول الرّبّ تبارك وتعالى: من شغله قراءة القرآن عَنْ مَسْأَلتي، أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائلين» رواه الترمذي. انتهى.
قلت: ولفظ الترمذيّ عن أبي سعيد «1» قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقول الرّبّ عزّ وجلّ: «من شغله القرآن وذكري عَنْ مَسْأَلتي، أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائلين» ، و «فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه» ، قال أبو عيسى: هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ «2» .
__________
(1) هو: سعد بن مالك بن سنان بن ثعلبة بن عبيد بن الأبجر بن عوف بن الحارث بن الخزرج.. أبو سعيد الخدري، الأنصاري.
قال ابن الأثير:
كان من الحفاظ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم المكثرين ومن العلماء الفضلاء العقلاء. روى عن أبي سعيد قال:
عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق وأنا ابن ثلاث عشرة، فجعل أبي يأخذ بيدي ويقول: يا رسول الله، إنه عبل العظام. فردني. توفي سنة «74 هـ.» .
ينظر ترجمته في: «أسد الغابة» (6/ 143) ، «الإصابة» (7/ 84) ، «الاستيعاب» (2/ 1671) ، «تجريد أسماء الصحابة» (2/ 172) ، «الأنساب» (5/ 6) ، «الإكمال» (3/ 296) ، «تهذيب الكمال» (3/ 1609) ، «تقريب التهذيب» (2/ 428) .
(2) أخرجه الترمذي (5/ 184) ، كتاب «فضائل القرآن» ، باب (25) ، حديث (2926) ، والدارمي (2/ 441) ، كتاب «فضائل القرآن» ، باب فضل كلام الله على سائر الكلام، وابن نصر في «قيام الليل» (ص 71) ، والعقيلي في «الضعفاء» (4/ 49) ، وأبو نعيم في «الحلية» (5/ 106) ، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (ص 238) ، كلهم من طريق محمد بن الحسن بن أبي يزيد الهمداني، عن عمرو بن قيس، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري به مرفوعا. وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
والحديث أعله العقيلي في «الضعفاء» بمحمد بن الحسن وقال: لا يتابع عليه.
وقال ابن أبي حاتم في «العلل» (2/ 82) ، رقم (1738) : سألت أبي عن حديث رواه محمد بن الحسن بن أبي يزيد الهمداني، عن عمرو بن قيس، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل: «من شغله القرآن عن دعائي ومسألتي أعطيته أفضل ثواب السائلين» قال أبي: هذا حديث منكر، ومحمد بن الحسن ليس بالقوي اه. فأعل العقيلي وأبو حاتم هذا الحديث بمحمد بن الحسن. قلت: قال البيهقي: تابعه الحكم بن بشير، ومحمد بن مروان، عن عمرو بن قيس لتنحصر علة الحديث في ضعف وتدليس عطية العوفي.
وللحديث شاهد من حديث عمر بن الخطاب: أخرجه البخاري في «خلق أفعال العباد» (ص 93) ، والبيهقي في «شعب الإيمان» (1/ 413) ، رقم (572) ، كلاهما من طريق صفوان بن أبي الصهباء، عن بكير بن عتيق، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن جده مرفوعا به، ومن طريق صفوان أورده ابن الجوزي في «الموضوعات» (3/ 166) ، وقال: قال ابن حبان: هذا موضوع ما رواه إلا صفوان بهذا الإسناد، فأما صفوان، فيروي عن الأثبات ما لا أصل له من حديث الثقات، ولا يجوز الاحتجاج بما انفرد به. [.....]
(1/131)
1
وعن عبد الله بن عمرو أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «لم يَفْقَهُ مَنْ قَرَأَ القُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلاَثٍ» ، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح «1» . انتهى.
وعماد الأمر التدبّر والتفهّم، فقلّة القراءة مع التفهّم أفضل من كثرتها من غير تفهّم، وهذا الذي عليه المحقّقون، وهو الذي يدلّ عليه القرآن، وصحيح الآثار، ولولا الإطالة، لأتينا من ذلك بما يثلج له الصدر، وقد ذكر بعض شراح «الرسالة» «2» في الذي يقرأ القرآن من غير تأمّل ولا تفهّم، هل له أجر أم لا؟ قولان، وهذا الخلاف، والله أعلم، في غير المتعلّم، والقول بعدم الأجر على ضعفه هو ظاهر ما حكاه عياض «3» في «المدارك» عن
__________
وللحديث شاهد آخر من حديث حذيفة: أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (7/ 313) ، عن أبي مسلم عبد الرحمن بن واقد، ثنا سفيان بن عيينة، عن منصور، عن ربعي، عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله تعالى: من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته قبل أن يسألني» .
وقال أبو نعيم: غريب، تفرد به أبو مسلم.
وأخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (1/ 413- 414) ، رقم (573) ، من طريق يزيد بن خمير، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه تبارك وتعالى قال: «مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلتي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ ما أعطي السائلين» .
(1) أخرجه الترمذي (5/ 198) ، كتاب «القراءات» ، باب (13) ، حديث (2949) ، وأبو داود (1/ 443) ، كتاب «الصلاة» ، باب تحزيب القرآن، حديث (1394) ، وابن ماجة (1/ 428) ، كتاب «الصلاة» ، باب في كم يستحب يختم القرآن، حديث (1347) ، والدارمي (1/ 350) ، كتاب «الصلاة» ، باب في كم يختم القرآن، وأحمد (2/ 195) ، وابن حبان (3/ 35) ، رقم (758) ، كلهم من طريق قتادة، عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله، عن عبد الله بن عمرو مرفوعا.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وصححه ابن حبان.
(2) هي «الرسالة القشيرية» في التصوف، للإمام أبي القاسم عبد الكريم ابن هوازن القشيري، الأستاذ الشافعي، المتوفى سنة 465 هـ، عن تسعة وثمانين عاما، وهي على أربعة وخمسين بابا، وثلاثة فصول، وقد شرحها القاضي زكريا بن محمد الأنصاري ت 910، في مجلد مع المتن، سماه «إحكام الدلالة على تحرير الرسالة» .
ومن شروحها «الدلالة على فوائد الرسالة» للشيخ الفقيه سديد الدين أبي محمد عبد المعطي بن محمود بن عبد العلي اللخمي.
وشرحها- أيضا- المولى علي القاري في مجلدين. ينظر: «كشف الظنون» (883) .
(3) هو أبو الفضل عياض- بكسر العين- بن موسى بن عياض بن عمرو بن موسى اليحصبي- بضم الصاد- المالكي، سبتي الدار والميلاد، أندلسي الأصل، ولد سنة 476 هـ، ورحل إلى «الأندلس» ، وأخذ عن علمائها كأبي الوليد بن رشد، وأبي علي الغساني، وغيرهما، ثم عاد إلى «سبتة» وتولى بها التدريس والقضاء، وصار إمام وقته في الحديث، والتفسير، والفقه، والأصول، كما كان عالما بالنحو واللغة ومن أشهر مؤلفاته: كتاب «التنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة» ، وكتاب «ترتيب المدارك في طبقات أصحاب مالك» . توفي سنة 544 هـ.
ينظر: «ترتيب المدارك» (1/ 18) ، «الفكر السامي» (3/ 58) وما بعدها، «شجرة النور» ص 140.
(1/132)
1
الشّبليّ في قصّته مع الإمام المقرئ.
وبالجملة فالتدبّر والتفهّم هو الذي يحصل معه الإنابة والخشوع، وكل خير، ونقل الباجيّ «1» في «سنن الصّالحين» عن محمد بن كعب القرظيّ «2» قال: لأن أقرأ في ليلي حتّى أصبح ب «إذا زلزلت» ، وبالقارعة لا أزيد عليهما وأتردّد فيهما وأتفكّر أحبّ إليّ من أن أهذّ القرآن ليلي هذّا، أو قال: أنثره نثرا «3» ، ونحوه عن مجاهد «4» وغيره، وعن ابن عبّاس قال:
«ركعتان مقتصدتان في تفكّر خير من قيام ليلة والقلب ساه «5» . انتهى.
قال ابن أبي جمرة «6» : والمرغّب فيه التدبّر في القراءة، وإن قلّت، وهو خير من كثرة
__________
(1) القاضي أبو الوليد: هو سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب بن وارث الباجي، أصلهم من «بطليوس» ، ثم انتقلوا إلى باجة أعني «باجة» الأندلس، أخذ بالأندلس عن ابن الأصبغ، وابن محمد المكي، وابن شاكر، وغيرهم، ورحل سنة 426، فأقام بالحجاز مع أبي ذر الهروي ثلاثة أعوام، ثم ارتحل إلى «بغداد» ، فدرس الفقه، وسمع الحديث ثم دخل «الشام» ثم «الموصل» . له مؤلفات عديدة منها: كتاب «السراج في علم الحجاج» ، وكتاب «مسائل الخلاف» ، وكتاب «شرح المدونة» ، وكتاب «المقتبس» من علم مالك، وكتاب «المهذب في اختصار المدونة» ، وكتاب «اختلاف الموطأ» ، وكتاب «إحكام الفصول في أحكام الوصول» ، وكتاب «المنتقى في شرح الموطأ» ، وهو اختصار لكتاب «الاستيفاء» ، وتوفي سنة 494 هـ، وقيل سنة 474.
ينظر: «الديباج» ص 120 وما بعدها، و «شجرة النور» ص 121.
(2) محمد بن كعب القرظي المدني، ثم الكوفي أحد العلماء. قال ابن عون: ما رأيت أحدا أعلم بتأويل القرآن من القرظي. وقال ابن سعد: كان ثقة ورعا كثير الحديث. قيل: مات سنة تسع عشرة ومائة.
وقيل: سنة عشرين.
ينظر: «خلاصة تهذيب الكمال» (2/ 452) «تهذيب التهذيب» (9/ 420) ، «تقريب التهذيب» (2/ 203) ، «الكاشف» (3/ 92) ، «الثقات» (5/ 351) ، «طبقات ابن سعد» (5/ 370، 371) .
(3) أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (3/ 214- 215) .
(4) مجاهد بن جبر، مولى السائب بن أبي السائب، أبو الحجّاج المكي، المقرئ، الإمام، المفسّر، روى عن ابن عباس وقرأ عليه. قال مجاهد: عرضت على ابن عباس ثلاثين مرة. روى عن الصحابة. وثقه ابن معين وأبو زرعة. ولد سنة 21 هـ، وتوفي ب «مكة» وهو ساجد سنة 102 هـ، وقيل: غير ذلك.
ينظر: «الخلاصة» (3/ 10) (6854) ، «صفة الصفوة» (2/ 208- 211) ، و «ميزان الاعتدال» (3/ 439- 440) .
(5) ذكره المتقي الهندي في «كنز العمال» (8/ 201) رقم (22544) وعزاه لابن أبي الدنيا في «التفكر» .
(6) عبد الله بن سعد بن سعيد بن أبي جمرة، الأزدي، الأندلسي، أبو محمد: من العلماء بالحديث، مالكي. أصله من «الأندلس» ، ووفاته ب «مصر» ، من كتبه «جمع النهاية» اختصر به صحيح البخاري، ويعرف بمختصر ابن أبي جمرة، و «بهجة النفوس» في شرح جمع النهاية، و «المرائي الحسان» في الحديث، و «الرؤيا» .
ينظر: «الأعلام» (4/ 89) ، «البداية والنهاية» (13/ 346) .
(1/133)
1
القراءة بلا تدبّر وفائدة التدبّر هو أن تعرف معنى ما تتلوه من الآي «1» . انتهى.
وقال الحسن بن أبي الحسن «2» : إنّكم اتخذتم قراءة القرآن مراحل، وجعلتم الليل جملا تركبونه، فتقطعون به المراحل، وإن من كان قبلكم رأوه رسائل إليهم من ربّهم، فكانوا يتدبّرونه بالليل، وينفذونه بالنهار، وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول: أنزل عليهم القرآن ليعملوا به فاتّخذوا درسه عملا، إنّ أحدهم ليتلو القرآن من فاتحته إلى خاتمته، ما يسقط منه حرفا، وقد أسقط العمل به.
قال ع «3» : قال الله تعالى: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ [القمر: 22] وقال تعالى:
إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا [المزمل: 5] ، أي: علم معانيه، والعمل به، والقيام بحقوقه ثقيل، فمال الناس إلى الميسّر، وتركوا الثقيل، وهو المطلوب منهم، وقيل ليوسف بن أسباط «4» : بأي شيء تدعو، إذا ختمت القرآن؟ فقال: أستغفر الله من تلاوتي لأنّي إذا ختمته، ثم تركت ما فيه من الأعمال، خشيت المقت، فأعدل إلى الاستغفار والتسبيح، وقرأ رجل القرآن على بعض العلماء، قال: فلما ختمته، أردت الرجوع من أوّله، فقال لي:
اتخذت القراءة عليّ عملا، اذهب فاقرأه على الله تعالى في ليلك، وانظر ماذا يفهمك منه، قال الغزّاليّ في كتاب «التفكّر» : وأما طريق الفكر الذي تطلب به العلوم التي تثمر اجتلاب أحوال محمودة، أو التنزّه عن صفات مذمومة، فلا يوجد فيه أنفع من تلاوة القرآن بالفكر فإنه جامع لجميع المقامات والأحوال، وفيه شفاء للعالمين، وفيه ما يورث الخوف، والرجاء، والصبر، والشكر، والمحبة، والشوق، وسائر الأحوال المحمودة، وفيه ما يزجر
__________
(1) «بهجة النفوس» لابن أبي جمرة (4/ 76) .
(2) الحسن بن أبي الحسن البصري، مولى أم سلمة، والربيع بنت النضر، أو زيد بن ثابت، أبو سعيد الإمام، أحد أئمة الهدى والسنة. قال ابن سعد: كان عالما جامعا رفيعا ثقة مأمونا عابدا، ناسكا، كثير العلم فصيحا جميلا، وسيما، ما أرسله فليس بحجة، وكان الحسن شجاعا من أشجع أهل زمانه. قال ابن علية: مات سنة عشر ومائة. قيل: ولد سنة إحدى وعشرين لسنتين بقيتا من خلافة عمر. قال أبو زرعة: كل شيء قال الحسن: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وجدت له أصلا ثابتا خلا أربعة أحاديث.
ينظر: «خلاصة تهذيب الكمال» (1/ 210) ، «تهذيب الكمال» (1/ 255) ، «تهذيب التهذيب» (2/ 263) و «تقريب التهذيب» (1/ 165) ، «خلاصة تهذيب الكمال» (1/ 210) ، «الكاشف» (1/ 220) .
(3) ينظر: «المحرر الوجيز» (1/ 39) .
(4) أحد الزهاد والعباد، وكان له اليد الطولى في المواعظ والحكم. روى عن الثوري وزائدة بن قدامة وغيرهما. وروى عنه المسيب بن واضح، وعبد الله بن خبيق. نزل الثغور مرابطا. قال شعيب بن حرب: ما أقدم على يوسف بن أسباط أحدا. وقد وثقه ابن معين. ينظر ترجمته في: «حلية الأولياء» (8/ 237) ، «سير أعلام النبلاء» (9/ 169) . [.....]
(1/134)
1
عن سائر الصفات المذمومة، فينبغي أن يقرأه العبد، ويردّد الآية الّتي هو محتاج إلى التفكّر فيها مرة بعد أخرى، ولو ليلة كاملة، فقراءة آية بتفكّر وفهم خير من ختمة من غير تدبّر وفهم فإن تحت كل كلمة منه أسرارا لا تنحصر، ولا يوقف عليها إلا بدقيق الفكر عن صفاء القلب بعد صدق المعاملة وكذلك حكم مطالعة أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أوتي عليه السلام جوامع الكلم، فكل كلمة من كلماته بحر من بحور الحكمة، لو تأمله العالم حقّ تأمله، لم ينقطع فيه نظره طول عمره، وشرح آحاد الآيات والأخبار يطول، وانظر قوله صلى الله عليه وسلم: «إنّ روح القدس نفث في روعي «1» أحبب من أحببت، فإنّك مفارقه، وعش ما شئت فإنّك ميّت، واعمل ما شئت، فإنّك مجزيّ به» فإن هذه الكلمات جامعة لحكم الأولين والآخرين وهي كافية للمتأملين، ولو وقفوا على معانيها، وغلبت على قلوبهم غلبة يقين، لاستغرقتهم، ولحالت بينهم، وبين التلفّت إلى الدنيا بالكلية. انتهى من «الإحياء» .
 
باب في فضل تفسير القرآن وإعرابه
قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه «2» ، فإنّ الله تعالى يحبّ أن يعرب» .
قال أبو العالية «3» في تفسير قوله عز وجلّ: وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً
__________
(1) الرّوع: القلب والعقل، ووقع ذلك في روعي، أي نفسي وخلدي وبالي.
ينظر: «لسان العرب» 1778.
(2) أخرجه أبو يعلى (11/ 436) ، رقم (6560) ، والحاكم (2/ 439) ، وابن أبي شيبة (10/ 456) ، رقم (9961) ، والخطيب في «تاريخ بغداد» (8/ 77- 78) كلهم من طريق عبد الله بن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعا.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد على مذهب جماعة من أئمتنا. وتعقبه الذهبي بقوله: بل أجمع على ضعفه.
والحديث ذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (7/ 167) وقال: رواه أبو يعلى، وفيه عبد الله بن سعيد المقبري، وهو متروك.
والحديث ذكره السيوطي في «الجامع الصغير» (1/ 558- فيض) ، وعزاه إلى ابن أبي شيبة، والحاكم، والبيهقي في «شعب الإيمان» ورمز له بالضعف، ووافقه المناوي.
وذكره أيضا الألباني في «السلسلة الضعيفة» .. رقم (1345) وقال: ضعيف جدا.
(3) رفيع- بضم أوله مصغرا- ابن مهران الرياحي- بكسر المهملة- مولاهم، أبو العالية البصري، مخضرم، إمام من الأئمة، صلى خلف عمر، دخل على أبي بكر، روى عن أبي، وعلي، وحذيفة، وعلى خلق.
وعنه قتادة، وثابت، وداود بن أبي هند بصريون وخلق. قال عاصم الأحول: كان إذا اجتمع عليه أكثر من أربعة قام وتركهم. قال مغيرة: أول من أذّن بما وراء النهر أبو العالية. قال أبو خلدة: مات سنة
(1/135)
1
[البقرة: 269] قال: الحكمة: الفهم في القرآن «1» ، وقال قتادة «2» : الحكمة: القرآن، والفقه فيه «3» .
وقال غيره: الحكمة: تفسير القرآن «4» .
وقال الشعبي «5» : رحل مسروق «6» إلى البصرة في تفسير آية، فقيل له: إن الذي يفسّرها رحل إلى الشام، فتجهز، ورحل إليه حتى علم تفسيرها، وذكر علي بن أبي طالب «7» رضي الله عنه ...
__________
تسعين، وهو الصحيح.
ينظر: «خلاصة تهذيب الكمال» (1/ 330) ، «تهذيب التهذيب» (3/ 284) ، «تقريب التهذيب» (1/ 252) و «الكاشف» (1/ 312) .
(1) أخرجه الطبري في «تفسيره» (3/ 90) (6179) ، وذكره ابن عطية الأندلسي في «تفسيره» (1/ 40) .
(2) قتادة بن دعامة السّدوسي، أبو الخطّاب البصري الأكمه، أحد الأئمة الأعلام، حافظ مدلس. قال ابن المسيّب: ما أتاني عراقي أحفظ من قتادة. وقال ابن سيرين: قتادة أحفظ الناس. وقال ابن مهدي: قتادة أحفظ من خمسين مثل حميد. قال حماد بن زيد: توفي سنة سبع عشرة ومائة، وقد احتج به أرباب الصحاح.
ينظر: «طبقات ابن سعد» (9/ 156) ، «معرفة الثقات» (1513) ، «سير الأعلام» (5/ 269) ، «الثقات» (5/ 322) ، «تراجم الأحبار» (3/ 264) ، «الحلية» (2/ 333) ، «لسان الميزان» (7/ 341) ، «ميزان الاعتدال» (3/ 385) ، «تهذيب الكمال» (2/ 1121) ، «خلاصة تهذيب الكمال» (2/ 350) .
(3) الطبري (3/ 89) (6177) ، وذكره السيوطي في «الدر» (1/ 616) ، وعزاه لعبد بن حميد، وذكره ابن عطية الأندلسي في تفسيره (1/ 40) .
(4) ذكره ابن عطية الأندلسي في «تفسيره» (1/ 40) .
(5) عامر بن شراحيل الحميري، الشعبي، أبو عمرو الكوفي، الإمام العلم، روى عن كثير من الصحابة، وروى عنه ابن سيرين والأعمش، وكان فقيها. قال الشعبي: «ما كتبت سوداء في بيضاء» .
توفي سنة 103 هـ.
ينظر: «الخلاصة» (2/ 22) (3263) ابن سعد (6/ 171- 178) ، و «المعارف» (ص 449- 451) ، و «الحلية» (4/ 310- 338) .
(6) مسروق بن الأجدع الهمداني، أبو عائشة الكوفي، الإمام القدوة. عن أبي بكر وعمر وعلي ومعاذ وطائفة. وعنه: زوجته قمير، وأبو وائل، والشعبي، وخلق. قال أبو إسحاق: حج مسروق فما نام إلا ساجدا على وجهه، وقال ابن المديني: صلى خلف أبي بكر، وقال ابن معين: ثقة لا يسأل عن مثله.
قال ابن سعد: توفي سنة ثلاث وستين.
ينظر: «طبقات ابن سعد» (4/ 113) ، «سير الأعلام» (4/ 63) ، «تاريخ بغداد» (13/ 232) ، «معرفة الثقات» (1709) ، «تراجم الأحبار» (3/ 330) ، «تهذيب الكمال» (3/ 1320) ، «تهذيب التهذيب» (10/ 110) (205) ، «خلاصة تهذيب الكمال» (3/ 21) .
(7) علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف.. أبو الحسن. القرشي. الهاشمي. ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم.
(1/136)
1
جابر بن عبد الله «1» ، فوصفه بالعلم، فقال له رجل: جعلت فداك، تصف جابرا بالعلم، وأنت أنت، فقال: إنه كان يعرف تفسير قوله تعالى: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ «2» [القصص: 85] ، وقال إياس بن معاوية «3» : مثل الذين يقرءون القرآن وهم لا يعلمون تفسيره كمثل قوم جاءهم كتاب من ملكهم ليلا، وليس عندهم مصباح، فتداخلتهم روعة «4» لا يدرون ما في الكتاب، ومثل الذي يعلم التفسير كرجل جاءهم بمصباح فيقرءوا ما في الكتاب «5» ، وقال ابن عبّاس: الذي يقرأ، ولا يفسر كالأعرابيّ الذي يهذّ «6» الشّعر «7» ، وقال مجاهد: أحبّ الخلق إلى الله أعلمهم بما أنزل الله «8» ، وقال الحسن:
__________
ولد قبل البعثة بعشر سنين على الصحيح، رابع الخلفاء الراشدين، وزوج فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ووالد الحسن والحسين، وهو غني عن التعريف، فاضت بذكره كتب التواريخ والسير، قتل في ليلة السابع عشر من شهر رمضان سنة (40) .
ينظر ترجمته في: «أسد الغابة» (4/ 91) ، «الإصابة» (4/ 269) ، «تجريد أسماء الصحابة» (1/ 392) ، «الاستبصار» (390) ، «تاريخ الخلفاء» (166) ، «الطبقات الكبرى» (9/ 137) ، «التاريخ الصغير» (1/ 435) ، «الجرح والتعديل» (6/ 191) ، «حلية الأولياء» (2/ 87) ، «تهذيب الكمال» (2/ 971) ، «تهذيب التهذيب» (7/ 334) .
(1) هو: جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة أبو عبد الله. وقيل:
أبو عبد الرحمن الأنصاري السلمي شهد العقبة الثانية مع أبيه وهو صبي، ومن فضائله قال: استغفر لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة البعير خمسا وعشرين مرة. يعني بقوله: ليلة البعير أنه باع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيرا، واشترط ظهره إلى المدينة، وكان في غزوة لهم. توفي سنة 740 وقيل 77 وكان عمره: 94 سنة.
ينظر ترجمته في: «أسد الغابة» (1/ 307) ، «الإصابة» (1/ 222) ، «تجريد أسماء الصحابة» (1/ 73) ، «الاستيعاب» (1/ 219) ، «الطبقات الكبرى» (3/ 561) ، «الاستبصار» (151) ، «التاريخ الكبير» (2/ 207) ، «التاريخ الصغير» (1/ 21، 115) ، «الجرح والتعديل» (2/ 2019) ، «تهذيب الكمال» (1/ 179) .
(2) ذكره ابن عطية الأندلسي في «تفسيره» (1/ 40) . [.....]
(3) إياس بن معاوية بن قرة المزني، أبو وائلة البصري، القاضي. عن أبيه، وأنس، وابن المسيب. وعنه الأعمش، وأيوب، والحمادان. وثقه ابن سعد وابن معين. قال إياس: من عدم فضيلة الصدق فقد فجع بأكرم أخلاقه. وقال: كل ديانة أسست على غير ورع فهي هباء. قال خليفة: مات ب «واسط» سنة اثنتين وعشرين ومائة.
ينظر: «خلاصة تهذيب الكمال» (1/ 108) ، «تهذيب التهذيب» (1/ 390) ، «تقريب التهذيب» (1/ 87) ، و «الكاشف» (1/ 144) ، «طبقات ابن سعد» (7/ 234) .
(4) الرّوعة: الفزعة. ينظر: «لسان العرب» 1777.
(5) ابن عطية (1/ 40) .
(6) الهذّ: سرعة القراءة، ومنه: هذّ القرآن يهذّه هذّا. ينظر: «لسان العرب» 4643.
(7) ينظر: «المحرر الوجيز» لابن عطية الأندلسي (1/ 40) .
(8) ينظر: «المحرر الوجيز» (1/ 40) .
(1/137)
1
والله ما أنزل الله آية إلا أحبّ أن يعلم فيمن أنزلت، وما يعني بها «1» ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يفقه الرّجل كلّ الفقه حتّى يرى للقرآن وجوها كثيرة» «2» .
 
فصل فيما قيل في الكلام في تفسير القرآن والجرأة عليه ومراتب المفسّرين
روي عَن عائشَة «3» رضي الله عنها أنَّها قَالَتْ: «ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسّر من كتاب الله تعالى إلّا آيا بعدد علّمهنّ إيّاه جبريل عليه السّلام» .
قال ع «4» : ومعنى هذا الحديث في مغيّبات القرآن، وتفسير مجمله، ونحو هذا مما لا سبيل إليه إلا بتوقيف من الله تعالى، ومن جملة مغيّباته ما لم يعلم الله به عباده كوقت قيام الساعة ونحوها، ومنها ما يستقرأ من ألفاظه كعدد النفخات في الصور وكرتبة خلق السموات والأرض.
وروي أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من تكلّم في القرآن برأيه، فأصاب، فقد أخطأ» «5» ، ومعنى هذا أن يسأل الرجل عن معنى في كتاب الله، فيتسوّر عليه برأيه دون نظر فيما قال العلماء أو اقتضته قوانين العلوم كالنحو، والأصول، وليس يدخل في هذا الحديث أن يفسر اللغويّون لغته، والنحاة نحوه، والفقهاء معانيه، ويقول كلّ واحد باجتهاده المبنيّ على قوانين علم ونظر فإن هذا القائل على هذه الصفة ليس قائلا بمجرّد رأيه، وكان جلّة من السلف كسعيد بن المسيّب «6» ، وعامر الشّعبيّ، وغيرهما يعظّمون تفسير القرآن، ويتوقّفون
__________
(1) ينظر: «المحرر الوجيز» (1/ 40) .
(2) ينظر: «إتحاف السادة المتقين» (4/ 527) .
(3) عائشة بنت أبي بكر الصديق بن أبي قحافة: عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي. أم عبد الله. أم المؤمنين- رضي الله عنها- القرشية. التيمية.
أمها: أم رومان بنت عامر بن عويمر الكنانية. ولدت بعد البعثة بأربع سنين أو خمسة. توفيت سنة (58) في ليلة الثلاثاء لسبع عشرة خلت من رمضان عند الأكثر، وقيل: سنة (57) ودفنت بالبقيع.
ينظر ترجمتها في: «أسد الغابة» (7/ 188) ، «الإصابة» (8/ 139) ، «أعلام النساء» (3/ 9) ، «الاستيعاب» (4/ 1881) ، «تجريد أسماء الصحابة» (2/ 286) ، «التاريخ الصغير» (1/ 102) ، «طبقات ابن سعد» (8/ 39) ، «حلية الأولياء» (2/ 43) ، «تهذيب الكمال» (3/ 1689) ، «تهذيب التهذيب» (12/ 433) ، «تقريب التهذيب» (2/ 606) ، «الكاشف» (3/ 476) ، «خلاصة تهذيب الكمال» (3/ 387) ، «السمط الثمين» (33) ، «شذرات الذهب» (1/ 61) ، «طبقات الشيرازي» (47) ، «العبر» (1/ 62) ، «بقي بن مخلد» (4) ، «النجوم الزاهرة» (1/ 150) ، «معجم طبقات الحفاظ» (105) .
(4) ينظر: «المحرر الوجيز» (1/ 41) .
(5) سيأتي تخريجه.
(6) سعيد بن المسيّب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عابد بن مخزوم المخزومي، أبو محمد المدني،
(1/138)
1
عنه تورّعا واحتياطا لأنفسهم مع إدراكهم وتقدّمهم، وكان جلّة من السلف كثير عددهم يفسّرونه، وهم أبقوا على المسلمين في ذلك رضي الله عن جميعهم.
ت: وخرج أبو عيسى التّرمذيّ في «جامعه» عن ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما، قال: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال في القرآن بغير علم، فليتبوّأ مقعده من النَّارِ» ، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح «1» ، وخرّج أيضا عن ابن عباس عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «اتّقوا الحديث عنّي إلّا ما علمتم، فمن كذب عليّ متعمّدا فليتبوّأ مقعده من النّار، ومن قال في القرآن برأيه، فليتبوّأ مقعده من النَّارِ» ، قال/ أبو عيسى: هذا حديث حسن «2» ، وخرّج عن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال في القرآن برأيه، فأصاب، فقد أخطأ» «3» ، قال
__________
الأعور، رأس علماء التابعين، وفردهم، وفاضلهم وفقيههم. ولد سنة خمس عشرة. قال ابن عمر: هو والله أحد المقتدين به. قال قتادة: ما رأيت أعلم بالحلال والحرام منه. وقال أحمد: مرسلات سعيد صحاح. قال أبو نعيم: مات سنة ثلاث وتسعين. وقال الواقدي: سنة أربع.
ينظر: «الخلاصة» (1/ 390) ، «طبقات خليفة» ت (2096) ، «تاريخ البخاري» (3/ 510) ، «تاريخ الإسلام» (4/ 4) ، «العبر» (1/ 110) ، «سير أعلام النبلاء» (4/ 217) .
(1) أخرجه الترمذي (5/ 199) ، كتاب «التفسير» ، باب ما جاء في الذي يفسر القرآن برأيه، حديث (2950) ، وأحمد (1/ 233) ، والبغوي في «معالم التنزيل» (1/ 35) ، وفي «شرح السنة» (1/ 211- بتحقيقنا) ، كلهم من طريق سفيان، عن عبد الأعلى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
قلت: وعبد الأعلى هو ابن عامر الثعلبي.
قال أبو زرعة: ضعيف الحديث، ربما دفع الحديث وربما وقفه.
وقال أبو حاتم: ليس بقوي.
وقال النسائي: ليس بقوي، ويكتب حديثه.
وقال أحمد: ضعيف الحديث.
ينظر: «ميزان الاعتدال» (2/ 530) ، و «تهذيب التهذيب» (6/ 94) . [.....]
(2) أخرجه الترمذي (5/ 199) ، كتاب «التفسير» ، باب: ما جاء في الذي يفسر القرآن برأيه، حديث (2951) ، وأحمد (1/ 293) ، والبغوي في «شرح السنة» (1/ 210) من طريق عبد الأعلى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، وقال الترمذي: حديث حسن اه.
ومداره على عبد الأعلى بن عامر الثعلبي، وقد مرت ترجمته.
(3) أخرجه الترمذي (5/ 200) ، كتاب «تفسير القرآن» ، باب ما جاء في الذي يفسر القرآن برأيه، حديث (2952) ، وأبو داود (2/ 344) ، كتاب «العلم» ، باب الكلام في كتاب الله بغير علم، حديث (3652) ، وأبو يعلى (3/ 90) ، رقم (1520) ، والنسائي في «الكبرى» (5/ 31) ، كتاب «فضائل القرآن» ، باب من قال في القرآن بغير علم، حديث (8086) ، والبغوي في «معالم التنزيل» (1/ 35) ، وفي «شرح السنة» (1/ 211- بتحقيقنا) ، كلهم من طريق سهيل أخو حزم، عن أبي عمران الجوني، عن جندب بن عبد الله به.
وقال الترمذي: هذا حديث غريب، وقد تكلم بعض أهل الحديث في سهيل بن أبي حزم.
(1/139)
1
أبو عيسى: هكذا روي عن بعض أهل العلم من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم وغيرهم أنهم شدّدوا في هذا في أنّ يفسر القرآن بغير علم.
وأما الذي روي عن مجاهد وقتادة وغيرهما من أهل العلم أنهم فسروا القرآن، فليبس الظّنّ بهم أنهم قالوا في القرآن أو فسروه بغير علم، أو من قبل أنفسهم، وقد روي عنهم ما يدلّ على ما قلنا: إنهم لم يقولوا من قبل أنفسهم بغير علم حدثنا الحسين بن مهديّ البصريّ «1» ، حدثنا عبد الرّزّاق «2» عن معمر «3» عن قتادة قال: ما في القرآن آية، إلا وقد سمعت فيها بشيء وحدثنا ابن أبي عمر «4» ، حدثنا سفيان بن عيينة «5» عن
__________
(1) الحسين بن مهدي الأبلي- بالضم- أبو سعيد البصري. عن عبد الرزاق وعبيد الله بن موسى. وعنه الترمذي وابن ماجه قال أبو حاتم: صدوق. مات سنة سبع وأربعين ومائتين.
ينظر: «الخلاصة» (1/ 232) ، «تهذيب الكمال» (1/ 295) ، «تهذيب التهذيب» (2/ 372) ، «تقريب التهذيب» (1/ 180) .
(2) عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري، أبو بكر الصنعاني، أحد الأئمة الأعلام الحفاظ. قال أحمد:
من سمع منه بعد ما ذهب بصره فهو ضعيف السماع. وقال ابن عدي: رحل إليه أئمة المسلمين وثقاتهم، ولم نر بحديثه بأسا، إلا أنهم نسبوه إلى التشيع. وقال أحمد: لم أسمع منه شيئا، لكنه رجل يعجبه أخبار الناس. مات سنة (211) هـ. عن 85 سنة.
ينظر: «تاريخ البخاري الكبير» (6/ 130) ، «الجرح والتعديل» (6/ 204) ، «ميزان الاعتدال» (2/ 609) ، «لسان الميزان» (7/ 287) ، «سير الأعلام» (9/ 563) ، «الثقات» (8/ 412) ، «تهذيب الكمال» (2/ 829) ، «تهذيب التهذيب» (6/ 310) ، «خلاصة التهذيب» (2/ 161) ، «البداية والنهاية» (10/ 265) .
(3) معمر بن راشد الأزدي، مولى مولاهم، عبد السلام بن عبد القدوس، أبو عروة البصري ثم اليماني، أحد الأعلام. عن الزهري، وهمام بن منبه، وقتادة، وخلق. وعنه: أيوب، والثوري، وابن المبارك، وخلق. قال العجلي: ثقة صالح. قال النسائي: ثقة مأمون. وضعفه ابن معين في ثابت. توفي سنة (153) هـ.
ينظر: «نسيم الرياض» (1/ 74) ، «تراجم الأحبار» (3/ 255) ، «تذكرة الحفاظ» (1/ 178) ، «طبقات ابن سعد» (3/ 397) ، «تاريخ الإسلام» (6/ 394) ، «لسان الميزان» (7/ 394) ، «تهذيب الكمال» (3/ 1355) ، «تهذيب التهذيب» (10/ 243) ، «خلاصة تهذيب الكمال» (3/ 47) ، «الكاشف» (3/ 164) .
(4) محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني، أبو عبد الله الحافظ، نزيل مكة. عن فضيل بن عياض، وأبي معاوية وخلق. وعنه مسلم، والترمذي وابن ماجة وهلال بن العلاء. وثقه ابن حبان. وقال أبو حاتم:
صدوق، حدث بحديث موضوع. عن ابن عيينة. قال البخاري: مات سنة ثلاث وأربعين ومائتين.
ينظر: «الخلاصة» (2/ 468) ، «الكاشف» (3/ 107) ، «تهذيب التهذيب» (9/ 518) .
(5) سفيان بن عيينة بن أبي عمر بن الهلالي، مولاهم أبو محمد الأعور الكوفي، أحد أئمة الإسلام. روى عن عمرو بن دينار والزّهري، وزيد بن أسلم وغيرهم، كان حديثه نحو سبعة آلاف. قال ابن وهب: ما رأيت أعلم بكتاب الله من ابن عيينة. وقال الشافعي: لولا مالك وابن عيينة لذهب علم الحجاز، ولد سنة (107) هـ، وتوفي سنة (198) هـ.
(1/140)
1
الأعمش «1» ، قال: قال مجاهد: لو كنت قرأت قراءة ابن مسعود، لم أحتج إلى أن أسأل ابن عبّاس عن كثير من القرآن مما سألت. انتهى ما نقلته من الترمذي «2» .
ثم قال ع «3» : فأما صدر المفسّرين والمؤيّد فيهم، فعليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، ويتلوه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وهو تجرد للأمر وكمّله وتتبّعه العلماء عليه كمجاهد، وسعيد بن جبير «4» ، وغيرهما، والمحفوظ عنه في ذلك أكثر من المحفوظ عن عليّ بن أبي طالب، وقال ابن عبّاس: ما أخذت من تفسير القرآن، فعن علي بن أبي طالب، وكان علي بن أبي طالب يثني على تفسير ابن عبّاس، ويحضّ على الأخذ عنه، وكان عبد الله بن مسعود يقول: نعم ترجمان القرآن عبد الله بن عباس، وهو الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهمّ، فقّهه في الدّين، وعلّمه التّأويل» «5» ، وحسبك بهذه
__________
ينظر: «الخلاصة» (1/ 397) ، (2590) ، «الحلية» (7/ 270- 318) ، و «المعارف» ص (506- 507) ، «الوفيات» (2/ 391- 393) .
(1) سليمان بن مهران الكاهلي، مولاهم، أبو محمد الكوفي الأعمش، أحد الأعلام الحفاظ والقراء. قال ابن المديني: له نحو ألف وثلاثمائة حديث. وقال ابن عيينة: كان أقرأهم وأحفظهم وأعلمهم. وقال عمرو بن علي: كان يسمى «المصحف» لصدقه. وقال العجلي، ثقة ثبت، يقال: ظهر له أربعة آلاف حديث، ولم يكن له كتاب، وكان فصيحا وقال النسائي: ثقة ثبت. وعدّه من المدلّسين. قال أبو نعيم:
مات سنة ثمان وأربعين ومائة، عن أربع وثمانين سنة.
ينظر: «الثقات» (4/ 302) ، «تهذيب التهذيب» (4/ 222) ، «تقريب التهذيب» (1/ 331) ، «تاريخ البخاري الكبير» (4/ 37) ، «الجرح والتعديل» (4/ 63) ، «سير الأعلام» (5/ 226) .
(2) ينظر: «سنن الترمذي» (5/ 200) ، كتاب «التفسير» .
(3) ينظر: «المحرر الوجيز» (1/ 41) .
(4) سعيد بن جبير الوالبي، مولاهم الكوفي الفقيه، أحد الأعلام. قال اللالكائي: ثقة إمام حجة. قال عبد الملك بن أبي سليمان: كان يختم كل ليلتين. قال ميمون بن مهران: مات سعيد وما على ظهر الأرض أحد إلا وهو محتاج إلى علمه. قتل سنة خمس وتسعين كهلا قتله الحجاج فما أمهل بعده. قال خلف بن خليفة عن أبيه: شهدت مقتل ابن جبير فلما بان الرأس قال: لا إله إلا الله لا إله إلا الله، فلما قالها الثالثة لم يتمها- رضي الله عنه.
ينظر: «تهذيب الكمال» (1/ 479) ، «تهذيب التهذيب» (4/ 11) ، «خلاصة تهذيب الكمال» (1/ 374) ، «الكاشف» (1/ 356) ، «الثقات» (4/ 275) ، «تاريخ البخاري الكبير» (3/ 461) ، «الحلية» (4/ 272) .
(5) أخرجه البخاري (1/ 294) ، كتاب «الوضوء» ، باب وضع الماء عند الخلاء، حديث (143) ، ومسلم (4/ 1927) ، كتاب «فضائل الصحابة» ، باب فضائل عبد الله بن عباس، حديث (138/ 2477) ، وأحمد (1/ 327) ، والنسائي في «الكبرى» (5/ 51- 52) ، كتاب «المناقب» ، باب عبد الله بن العباس، حديث (8177) ، وأبو يعلى (4/ 427) ، رقم (2553) ، وابن حبان (15/ 529) ، رقم (7053) ، والطبراني في «الكبير» (11/ 104) ، رقم (11204) ، كلهم من طريق هاشم بن القاسم: ثنا
(1/141)
1
الدعوات، ويتلوه عبد الله بن مسعود، وأبيّ بن كعب «1» ، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن عمرو بن العاصي.
وكل ما أخذ عن الصحابة، فحسن متقدّم، ومن المبرّزين في التابعين الحسن بن أبي
__________
ورقاء بن عمر اليشكري، عن عبيد الله بن أبي يزيد، عن ابن عباس به.
وأخرجه البخاري (1/ 204) ، كتاب «العلم» ، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم علمه الكتاب» ، حديث (75) ، و (7/ 126) كتاب «فضائل الصحابة» ، باب ذكر ابن عباس (رضي الله عنهما) حديث (3756) ، و (13/ 259) ، كتاب «الاعتصام» ، حديث (7270) ، والترمذي (5/ 680) ، كتاب «المناقب» ، باب مناقب عبد الله بن عباس، حديث (3824) ، والنسائي في «الكبرى» (5/ 52) ، كتاب «المناقب» ، حديث (8179) ، وابن ماجة (1/ 58) ، المقدمة، باب فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، حديث (166) ، وأحمد (1/ 214، 359) ، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (1/ 518) ، وابن حبان (15/ 530) ، رقم (7054) ، والطبراني في «الكبير» (10/ 293) ، رقم (10588) ، كلهم من طريق خالد الحذاء، عن عكرمة، عن ابن عباس.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
وأخرجه أحمد (1/ 269) ، والطبراني في «الكبير» (11/ 213) ، رقم (11531) ، كلاهما من طريق سليمان بن بلال، عن حسين بن عبد الله، عن عكرمة، عن ابن عباس به. وأخرجه أحمد (1/ 266، 314، 328، 335) ، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (1/ 493- 494) ، وابن حبان (15/ 531) ، رقم (7055) ، والطبراني في الكبير (10587، 10614) ، كلهم من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس به. وأخرجه الترمذي (5/ 679- 680) ، كتاب «المناقب» ، باب مناقب عبد الله بن عباس (رضي الله عنه) ، حديث (3823) ، من طريق عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن ابن عباس قال: دعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤتيني الحكمة مرتين.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث عطاء، وقد رواه عكرمة، عن ابن عباس. [.....]
(1) هو: أبيّ بن كعب بن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار. أبو المنذر، أبو الطفيل سيد القراء، سيد المسلمين، الأنصاري، النجاري، الخزرجي، المعاوي.
كان من أصحاب العقبة الثانية، وشهد بدرا والمشاهد. قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «ليهنئك العلم يا أبا المنذر» وقال له: «إن الله أمرني أن أقرأ عليك» . وكان عمر (رضي الله عنه) يسميه: سيد المسلمين. وهو أول من كتب للنبي صلى الله عليه وسلم، وأول من كتب في آخر الكتاب: وكتبه فلان بن فلان.
روى عنه من الصحابة: عمر، وكان يسأله عن النوازل، ويتحاكم إليه في المعضلات- وأبو أيوب، وعبادة بن الصامت، وسهل بن سعد، وأبو موسى، وابن عباس، وأبو هريرة، وأنس، وسليمان بن صرد وغيرهم.
مات سنة: 22 في خلافة عمر، وقيل: بقي إلى خلافة عثمان.
تنظر ترجمته في: «أسد الغابة» (ت 33) ، «الإصابة» (1/ 16) ، «الثقات» (3/ 5) ، «تقريب التهذيب» (1/ 48) ، «تاريخ ابن معين» (1564) ، «سير أعلام النبلاء» (1/ 389) .
(1/142)
1
الحسن، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وعلقمة «1» ، وقد قرأ مجاهد على ابن عباس قراءة تفهّم ووقوف عند كل آية، ويتلوهم عكرمة «2» ، والضّحّاك بن مزاحم «3» ، وإن كان لم يلق ابن عباس، وإنما أخذ عن ابن جبير، وأما السّدّي «4» - رحمه الله تعالى- فكان عامر الشعبيّ يطعن عليه، وعلى أبي صالح «5» لأنه كان يراهما مقصّرين في النظر، ثم حمل تفسير كتاب الله عزّ وجلّ عدول كلّ خلف، وألّف الناس فيه كعبد الرّزّاق، والمفضّل، وعلي بن أبي طلحة، والبخاري، وغيرهم، ثم إنّ محمد بن جرير الطبريّ- رحمه الله-
__________
(1) علقمة بن قيس بن عبد الله بن علقمة بن سلامان بن كهيل بن بكر بن عوف بن النّخع النّخعي، أبو شبل الكوفي، أحد الأعلام، مخضرم عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وابن مسعود، وحذيفة، وطائفة. وعنه إبراهيم النّخعي، والشّعبي، وسلمة بن كهيل وخلق. قال إبراهيم: كان يقرأ في خمس.
وقال ابن المديني: أعلم الناس بابن مسعود علقمة والأسود. قال ابن سعد: مات سنة اثنتين وستين وقال أبو نعيم: سنة إحدى وستين. قيل: عن تسعين سنة.
ينظر: «الخلاصة» (2/ 241) ، «تهذيب التهذيب» (7/ 275) ، «تقريب التهذيب» (2/ 30) ، «الكاشف» (2/ 277) ، «طبقات ابن سعد» (7/ 34، 209) ،
(2) عكرمة البريري، مولى ابن العباس، أبو عبد الله، أحد الأئمة الأعلام. روى عن مولاه، وعائشة، وأبي هريرة، وغيرهم من الصحابة. قال الشعبي: ما بقي أحد أعلم بكتاب الله من عكرمة، رموه بغير نوع من البدعة. ثقة بريء مما يرميه الناس به. وثّقه أحمد والنسائي. توفي سنة 105 هـ.
ينظر: «الخلاصة» (2/ 240) (4928) ، «ابن سعد» (5/ 212- 216) ، «الوفيات» (3/ 265- 266) و «الدوادي» (1/ 380- 381) .
(3) الضحاك بن مزاحم الهلالي، مولاهم الخرساني، يكنى أبا القاسم. روى عن أبي هريرة، وابن عباس، وأبي سعيد، وغيرهم، وروى عنه عبد الرحمن بن عوسجة وغيره. قال ابن حبّان: في جميع ما روى نظر، إنما اشتهر بالتفسير. توفي سنة 105 هـ.
ينظر: «الخلاصة» (2/ 5) (3146) ، «ابن سعد» (6/ 210- 211) ، «صفة الصفوة» (4/ 150) ، «المعارف» ص (457- 458) .
(4) إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي مولى قريش، أبو محمد الكوفي، رمي بالتشيع. عن أنس، وابن عباس، وباذان. وعنه أسباط بن نصر، وإسرائيل، والحسن بن صالح. قال ابن عدي:
مستقيم الحديث صدوق. قال خليفة: توفي سنة سبع وعشرين ومائة.
ينظر: «الخلاصة» (1/ 90) ، «تهذيب التهذيب» (1/ 313) ، «تقريب التهذيب» (1/ 71، 72) ، «الكاشف» (1/ 125) ، «الثقات» (4/ 20) ، «ميزان الاعتدال» (1/ 236) .
(5) ذكوان المدني، أبو صالح السّمّان، روى عن سعد، وأبي الدّرداء، وعائشة، وأبي هريرة، وخلق. وروى عنه بنوه سهيل، وعبد الله، وصالح، وعطاء بن أبي رباح، وسمع