أحكام القرآن للطحاوي ر معتمد

عدد الزوار 255 التاريخ 15/08/2020

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ
 
مُقَدِّمَةُ الْمُؤَلِّفِ
قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ سَلَامَةَ الْأَزْدِيُّ الطَّحَاوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَوْضحَ لَنَا مِنْ بُرْهَانِهِ، وَبَيَّنَ لَنَا مِنْ فُرْقَانِهِ، وَهَدَانَا إِلَيْهِ مِنْ نُورِ كِتَابِهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ الْمُبِينِ، وَأَنْهَجَ بِهِ الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، وَجَعَلَهُ مُهَيْمِنًا عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنَ الْكُتُبِ الَّتِي أَنْزَلَهَا عَلَى النَّبِيَّينَ صَلَّى الله عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنْزَلَ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيمَا أَنْزَلَ عَلَيْهِ فِي كِتَابِهِ {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} فَأَعْلَمَنَا عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ أَنَّ مِنْ كِتَابِهِ آيَاتٍ مُحْكَمَاتٍ، قَدْ أَحْكَمَهَا بِالتَّأْوِيلِ مَعَ حِكْمَةِ التَّنْزِيلِ، وَأَنَّهَا أُمُّ الْكِتَابِ، وَأَنَّ مِنْ كِتَابِهِ آيَاتٍ مُتَشَابِهَةً، ثُمَّ ذَمَّ مُبْتَغِي الْمُتَشَابِهَاتِ، فَقَالَ: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} لِأَنَّ حُكْمَ الْمُتَشَابِهَاتِ إِنَّمَا يُلْتَمَسُ مِنَ الْآيَاتِ الْمُحْكَمَاتِ الَّتِي جَعَلَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، لِلْكِتَابِ أُمًّا، ثُمَّ مِنْ أَحْكَامِهِ الَّتِي أَجْرَاهَا عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِبْيَانًا لِمَا أُنْزِلَ فِي كِتَابِهِ مُتَشَابِهًا، وَأَمَرَ عَزَّ وَجَلِّ بِقَبُولِ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلًا، كَمَا أَمَرَ بِقَبُولِ كِتَابِهِ مِنْهُ قُرْآنًا، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ، {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ} وَقَالَ:
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ}
(1/59)
1
فَأَوْجَبَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْنَا بِذَلِكَ قَبُولَ مَا أَتَانَا بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلًا، كَمَا أَوْجَبَ قَبُولَ مَا تَلَاهُ عَلَيْنَا قُرْآنًا وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا
حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْغَافِقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَأَبِي النَّضْرِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ أَوْ غَيْرِهِ، يَذْكُرُهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: " لَأَلْفَيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ الْأَمْرُ مِنْ أَمْرِي مَمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ، فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، مَا وَجَدْنَاهُ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ اتَّبَعْنَاهُ "
وَحَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَأَعْرِفَنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ يَأْتِيهِ الْأَمْرُ مِنْ أَمْرِي، إِمَّا أَمَرْتُ بِهِ، وَإِمَّا نَهَيْتُ عَنْهُ، وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى أَرِيكَتِهِ، فَيَقُولُ: مَا نَدْرِي مَا هَذَا؟ عِنْدَنَا كِتَابُ اللهِ، وَلَيْسَ هَذَا فِيهِ " حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَحَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَأَعْرِفَنَّ أَحَدَكُمْ يَأْتِيهِ الْأَمْرُ مِنْ أَمْرِي، قَدْ أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ، وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى أَرِيكَتِهِ، فَيَقُولُ: مَا وَجَدْنَاهُ فِي كِتَابِ اللهِ عَمِلْنَاهُ، وَإِلَّا فَلَا "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ جَابِرٍ، عِنِ الْمِقْدَامِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَأُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ الْأَمْرُ مِنْ أَمْرِي، فَيَقُولُ: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، مَا وَجَدْنَاهُ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ، أَلَا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللهُ "
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ مُسْهِرٍ الْغَسَّانِيُّ،
(1/60)
1
قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّبَيْدِيُّ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ رُوَيْهٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَوْفٍ الْجَرْشِيِّ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ الْكِنْدِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمَا يَعْدِلُهُ، يُوشِكُ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ، يَقُولُ: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ هَذَا الْكِتَابُ، فَمَا كَانَ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ أَحْلَلْنَاهُ، وَمَا كَانَ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ، أَلَا وَإِنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، لَا يَحِلُّ ذُو نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَلَا الْحِمَارُ الْأَهْلِيُّ " وَأَعْلَمَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي عَنْهُ قَبِلْنَا كِتَابَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ عَلَيْنَا قَبُولَ مَا قَالَهُ لَنَا، وَمَا أَمَرَنَا بِهِ وَمَا نَهَانَا عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قُرْآنًا، كَمَا عَلَيْنَا قَبُولُ مَا تَلَاهُ عَلَيْنَا قُرْآنًا، ثُمَّ وَجَدْنَا أَشْيَاءَ قَدْ كَانَتْ مُسْتَعْمَلَةً فِي الْإِسْلَامِ فَرْضًا غَيْرَ مَذْكُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ مِنْهَا: التَّوَارُثُ بِالْهِجْرَةِ فِي الْإِسْلَامِ، ثُمَّ نَسَخَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ بِمَا أَنْزَلَ فِي كِتَابِهِ مِنْ قَوْلِهِ: {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ} وَرُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مَا سَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا بِإِسْنَادِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ وَمِنْهَا: الصَّلَاةُ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ نَسَخَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ بِمَا أَنْزَلَ فِي كِتَابِهِ: قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ
فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ سُورَة الْبَقَرَة آيَة وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى وَمِنْهَا: بَيْعُ الْأَحْرَارِ فِي الدُّيُونِ الَّتِي عَلَيْهِمْ، ثُمَّ نَسَخَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ بِمَا أَنْزَلَ فِي كِتَابِهِ مِنْ قَوْلِهِ: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ سُورَة الْبَقَرَة آيَة وَكَانَ الْقُرْآنُ قَدْ نَسَخَ مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ غَيْرَ قُرْآنٍ، وَكَانَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَرْضًا، وَأَوْجَبَ لَهُ حُكْمًا مُسْتَأْنَفًا، وَلَمْ يَنْقُضْ بِذَلِكَ مَا قَدْ مَضَى قَبْلَ نُزُولِ الْآيَاتِ النَّاسِخَاتِ عَلَى مَا كَانَ مَضَى عَلَيْهِ مِنْ بَيْعِ الْأَحْرَارِ فِي الدُّيُونِ، وَمِنَ التَّوَارُثِ بِالْهِجْرَةِ دُونَ الْأَرْحَامِ، وَلَوْ كَانَ نُزُولُ
(1/61)
1
هَذِهِ الْآيَاتِ أَوْجَبَ حُكْمًا مُتَقَدِّمًا فِيمَا مَضَى قَبْلَ نُزُولِهَا، إِذًا لَرَدَّ مَا مَضَى قَبْلَهَا إِلَى الَّذِي أُنْزِلَ فَيهَا، وَلِأَنَّ لِمَا ثَبَتَ إِمْضَاءُ الْأُمُورِ فِيما كَانَ قَبْلَ نُزُولِهَا عَلَى مَا مَضَتْ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ مَا نَزَلَ بَعْدَهُ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَا كَانَتِ الْأُمُورُ مَضَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ نُزُولِ مَا قَدْ خَالَفَهُ، قَدْ مَضَى عَلَى فَرْضٍ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَمَا كَانَ مَا تَقَدَّمَ نُزُولَ الْقُرْآنِ فِي الْإِسْلَامِ مِنَ الْأَحْكَامِ يَجْرِي عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ، وَلَا يَنْقُضُهُ نُزُولُ الْقُرْآنِ بِخِلَافِهِ وَكَانَ نُزُولُ الْقُرْآنِ يَنْسَخُهُ، لِأَنَّهُ مِنْ شَكْلِهِ، كَانَ مِثْلُ ذَلِكَ إِذَا كَانَ مِنَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ نُزُولِ الْقُرْآنِ نَاسِخًا لِمَا أُنْزِلَ قَبْلَ ذَلِكَ مِنَ الْقُرْآنِ إِذَا كَانَ يُخَالِفُ حُكْمَهُ وَإِنْ كَانَ مِنَ النَّاسِ مَنْ قَدْ خَالَفَنَا فِي ذَلِكَ، وَذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ لَا يَنْسَخُ الْقُرْآنَ إِلَّا قُرْآنٌ
فَإِنَّ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيهِ لِمَا اعْتَلَلْنَا بِهِ فِيهِ، وَلِمَا قَدْ وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِمَّا قَدْ دَلَّ عَلَيْهِ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الزَّانِيَاتِ: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلا} ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خُذُوا عَنِّي قِدْ جَعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلًا، الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ " وَسَنَذْكُرُ هَذَا الْحَدِيثَ بِإِسْنَادِهِ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا، إِنْ شَاءَ اللهُ وَكَانَ السَّبِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقُرْآنِ غَيْرَ مَذْكُورٍ مَا هُوَ فِيمَا أُنْزِلَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الْقُرْآنِ، مَذْكُورًا عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَيْرِ الْقُرْآنِ، وَنَاسِخًا لِمَا تَقَدَّمَ فِي حُكْمِ الزَّانِيَاتِ وَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: السَّبِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ النُّورِ: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} قَيلَ لَهُ: فِي قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي حَكَيْنَاهُ مَا يُوجِبُ خِلَافَ هَذَا، لِأَنَّهُ قَالَ: " خُذُوا عَنِّي، قَدْ جَعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلًا "، فَأَخْبَرَ السَّبِيلَ مَا هُوَ؟ وَلَمْ يَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ سَبِيلٌ أَنْزَلَهَا فِي ذَلِكَ قُرْآنًا وَلَمْ يَخْلُ ذَلِكَ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ: إِمَّا أَنْ يِكُونَ قَبْلَ نُزُولِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ النُّورِ: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}
أَوْ بَعْدَ نُزُولِهِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِهِ فَقَدْ نَزَلَ، وَقَدْ تَقَدَّمَهُ جَعْلُ
(1/62)
1
اللهِ عَزَّ وَجَلَّ السَّبِيلَ فِي الزَّانِيَاتِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عِنْهُ، ثُمَّ نَزَلَ قَوْلُهُ فِي سُورَةِ النُّورِ فِي الْأَبْكَارِ مِنَ الزَّوَانِي وَالزُّنَاةِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ نَزَلَ بِحُكْمِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَرَادَ بِهِ الْأَبْكَارَ مِنَ الزَّوَانِي وَالزُّنَاةِ دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ مِنَ الثَّيِّبِ، أَوْ يَكُونُ أَرَادَ بِهِ كُلَّ الزَّوَانِي وَالزُّنَاةِ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِي تَفْصِيلِهِ بَيْنَ حُكْمِ الْأَبْكَارِ مِنَ الثَّيِّبِ مِنَ الزَّوَانِي وَالزُّنَاةِ، فَأَحَطْنَا بِذَلِكَ عِلْمًا أَنَّ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ حُكْمًا حَادًّا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الزَّوَانِي وَالزُّنَاةِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نُسِخَ بِهِ مَا كَانَ قَدْ تَقَدَّمَهُ مِمَّا يُخَالِفُهُ فِي الْقُرْآنِ وَفَرَضَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْوَصِيَّةَ فِي كِتَابِهِ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ سُورَة الْبَقَرَة آيَة ثُمَّ نَسَخَ ذَلِكَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: " لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ " فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّمَا نَسَخَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ بِآيَةِ الْمَوَارِيثِ؟ قِيلَ لَهُ: مَا عَلَى نَسْخِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِآيَةِ الْمَوَارِيثِ كَمَا ذَكَرْتُ، لِأَنَّ آيَةَ الْمَوَارِيثِ أَوْجَبَتِ الْمَوَارِيثَ بَعْدَ الْوَصَايَا وَالدُّيُونِ إِنْ كَانَتْ وَالْوَصَايَا فَقَدْ كَانَتْ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ، فَلَمْ يَكُنْ فِي آيَةِ الْمَوَارِيثِ دَلِيلٌ عَلَى نَسْخِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَالِدَينِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ
أَنْ يَكُونَ قَدْ جَمَعَ لِلْوَالِدَيْنِ بِالْآيَتَيْنِ الْمِيرَاثَ وَالْوَصِيَّةَ، وَلِأَنَّ الَّذِي بِهِ عِلْمُنَا نَسْخَ الْوَصِيَّةِ لِلْوَالِدَيْنِ، وَوَقَفْنَا بِهِ عَلَى ذَلِكَ هُوَ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ " فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ السُّنَّةَ قَدْ تَنْسَخُ الْقُرْآنَ، كَمَا يَنْسَخُ الْقُرْآنُ السُّنَّةَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي} ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ التَّبْدِيلَ إِنَّمَا يَكُونُ عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْقُرْآنِ قِيلَ لَهُ: وَمَنْ قَالَ لَكَ أَنَّ الْحُكْمَ الَّذِي نَسَخَ مَا نَسَخَ مِنَ الْقُرْآنِ لَيْسَ مِنْ قِبَلِ اللهِ عَزَّ
(1/63)
1
وَجَلَّ، أَوْ أَنَّ السُّنَّةَ لَيْسَتْ عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ بَلْ هُمَا عَنْهُ، يَنْسَخُ بِهِمَا مَا شَاءَ مِنَ الْقُرْآنِ، كَمَا يَنْسَخُ مِنْهُمَا مَا شَاءَ بِالْقُرْآنِ وَكَانَ مِنَ الْقُرْآنِ مَا قَدْ يَخْرُجُ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي يَكُونُ ظَاهِرًا لِمَعْنَى، وَيَكُونُ بَاطِنُهُ مَعْنًى آخَرَ وَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْنَا فِي ذَلِكَ اسْتِعْمَالَ ظَاهِرِهِ، وَإِنْ كَانَ بَاطِنُهُ قَدْ يَحْتَمِلُ خِلَافَ ذَلِكَ، لِأَنَّا إِنَّمَا خُوطِبْنَا لِيُبَيِّنَ لَنَا، وَلَمْ نُخَاطَبْ بِهِ لِغَيْرِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ النَّاسِ قَدْ خَالَفَنَا فِي هَذَا، وَذَهَبَ إِلَى أَنَّ الظَّاهِرَ فِي ذَلِكَ لَيْسَ بِأَوْلَى بِهِ مِنَ الْبَاطِنِ فَإِنَّ الْقَوْلَ عَنْدَنَا فِي ذَلِكَ مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ لِلَّدَلائِلِ الَّتِي قَدْ رَأَيْنَاهَا تَدُلُّ عَلَيْهِ وَتُوجِبُ الْعَمَلَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ: أَنَّا رَأَيْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَنْزَلَ اللهُ عَلَيْهِ: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ سُورَة الْبَقَرَة
آيَة قَرَأَهَا عَلَى النَّاسِ، فَعَمَدَ غَيْرُ وَاحِدٍ، مِنْهُمْ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ الطَّائِيُّ، إِلَى خَيْطَيْنِ أَحَدُهُمَا أَسْوَدُ، وَالْآخَرُ أَبْيَضُ فَاعْتَبَرَ بِهِمَا مَا فِي الْآيَةِ ثُمَّ ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُعَنِّفْهُمْ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُمْ، وَلَمْ يَقُلْ لَهُمْ: قَدْ كَانَ الْأَبْيَضُ وَالْأَسْوَدُ اللَّذَانِ عُنِيَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ غَيْرَ مَا ذَهَبْتُمْ إِلَيْهِ، بَلْ قَالَ: " إِنَّكَ لَعَرِيضُ الْوِسَادِ، إِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى سَوَادِ اللَّيْلِ وَبَيَاضِ النَّهَارِ " وَلَمْ يَعِبْ عَلَيْهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتِعْمَالَ الظَّاهِرِ فِي ذَلِكَ، وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ وَفِي اسْتِعْمَالِهِمْ مَا اسْتَعْمَلُوا مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ تَوْقِيفِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُمْ عَلَى الْمُرَادِ بِذَلِكَ دَلِيلٌ أَنَّ لَهُمُ اسْتِعْمَالَ الْقُرْآنِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَإِنْ لَمْ يُوَفَّقُوا عَلَى تَأْوِيلِهِ نَصًّا كَمَا وُفِّقُوا عَلَى تَنْزِيلِهِ نَصًّا وَفِي ثُبُوتِ ذَلِكَ ثُبُوتُ اسْتِعْمَالِ الظَّاهِرِ، وَأَنَّهُ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيِ مِنَ الْبَاطِنِ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ عَلِمُوهُ مِنْ تَحْرِيمِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الْخَمْرَ، وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ فِي الْآيَةِ مَا تِلْكَ الْخَمْرُ وَمَا جِنْسُهَا؟ فَكَسَرَ بَعْضُهُمْ آنِيَتَهُ وَهَرَاقَ خَمْرَهُ، وَهُمْ: أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَأَبُو طَلْحَةَ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَسُهَيْلُ بْنُ الْبَيْضَاءِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَمْثَالِهِمْ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ وَكَانَ الَّذِي هَرَاقُوهُ يَوْمَئِذٍ فَضِيحَ الْبُسْرِ وَالتَّمْرِ، وَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْخَمْرُ الَّتِي
(1/64)
1
حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ، أَوْ مِنَ الْخَمْرِ الَّتِي حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ، وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، فَقَالَ: لقَدْ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ، وَمَا بِالْمَدِينَةِ مِنْهَا شَيْءٌ، وَهُوَ يُعْرَفُ بِالْفَضِيحِ الَّذِي قَدْ
ذَكَرْنَاهُ، وَإِنَّ الْمَدِينَةَ مَا كَانَتْ تَخْلُو مِنْهُ وَخَالَفَهُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا ابْنُ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: حُرِّمَتِ الْخَمْرُ، وَهِيَ الْفَضِيحُ، وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ جَمِيعًا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَقَالَ: حُرِّمَتْ وَهِيَ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ: مِنَ الْعِنَبِ، وَالتَّمْرِ، وَالْعَسَلِ، وَالْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى اسْتِعْمَالِهِمْ تِلْكَ الْآيَةَ عَلَى مَا كَانَ وَقَعَ فِي قُلُوبِهِمْ أَنَّهُ الْمُرَادُ بِهَا عَلَى مَا ظَهَرَ لَهُمْ مِنْ حُكْمِهَا، وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ إِلَّا ذَلِكَ ثُمَّ لَمْ يُعَنِّفْهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا قَالَ لَهُمْ: قَدْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَعْجَلُوا بِإِتْلَافِ أَمْوَالِكُمْ حَتَّى تَعْلَمُوا تَحْرِيمَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إِيَّاهَا عَلَيْكُمْ بِمَا لَا تَحْتَمِلُ غَيْرَ مَا تَعْلَمُونَه مِنْ ذَلِكَ، وَسَنَذْكُرُ أَسَانِيدَ هَذِهِ الْأَقَاوِيلِ فِي مَوْضِعِهَا مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ وَفِي وُجُوبِ حَمْلِ هَذِهِ الْآيَاتِ عَلَى ظَاهِرِهَا وُجُوبُ حَمْلِهَا عَلَى عُمُومِهَا، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ النَّاسِ قَدْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْعَامَّ لَيْسَ بِأَوْلَى بِهَا مِنَ الْخَاصِّ، إِلَّا بِدَلِيلٍ آخَرَ يَدُلُّ عَلَيْهِ إِمَّا مِنْ كِتَابٍ، وَإِمَّا مِنْ سُنَّةٍ، وَإِمَّا مِنْ إِجْمَاعٍ فَإِنَّا لَا نَقُولُ فِي ذَلِكَ كَمَا قَالَ، وَلَكِنَّا نَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الْعَامَّ فِي ذَلِكَ أَوْلَى بِهَا مِنَ الْخَاصِّ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتِ الْآيَاتُ فِيهَا مَا يُرَادُ بِهِ الْعَامُّ، وَفِيهَا مَا يُرَادُ بِهِ الْخَاصُّ وَكَانُوا قَدِ اسْتَعْمَلُوا قَبْلَ التَّوْقِيفِ عَلَى مَا ظَهَرَ لَهُمْ مِنَ الْمُرَادِ بِهَا مِنْ عُمُومٍ أَوْ خُصُوصٍ، وَكَانَ الْخُصُوصُ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ بِظَاهِرِ التَّنْزِيلِ، إِنَّمَا يُوقَفُ عَلَيْهِ بِتَوْقَيفٍ ثَانٍ مِنَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مِنْ آيَةٍ أُخْرَى مِنَ التَّنْزِيلِ تَدُلُّ
عَلَيْهِ ثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ اسْتِعْمَالُهَا عَلَى عُمُومِهَا، وَأَنَّهُ أَوْلَى بِهَا مِنَ اسْتِعْمَالِهَا عَلَى خُصُوصِهَا، حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَرَادَ بِهَا سِوَى ذَلِكَ وَقَدْ أَلَّفْنَا كِتَابَنَا هَذَا نَلْتَمِسُ فِيهِ كَشْفَ مَا قَدَرْنَا عَلَى كَشْفِهِ مِنْ أَحْكَامِ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَاسْتِعْمَالَ مَا حَكَيْنَا فِي رِسَالَتِنَا هَذِهِ فِي ذَلِكَ، وَإِيضَاحَ مَا قَدَرْنَا عَلَى إِيضَاحِهِ مِنْهُ، وَمَا يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ فِيهِ بِمَا أَمْكَنَنَا مِنْ بَيَانِ مُتَشَابِهِهِ بِمُحْكَمِهِ، وَمَا أَوْضَحَتْهُ السُّنَّةُ مِنْهُ، وَمَا بَيَّنَتْهُ اللُّغَةُ الْعَرَبِيَّةُ مِنْهُ، وَمَا دَلَّ عَلَيْهِ مِمَّا رُوِيَ عَنِ السَّلَفِ الصَّالِحِ مِنَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، وَمَنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانٍ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ
(1/65)
1
وَاللهَ نَسْأَلُهُ الْمَعُونَةَ عَلَى ذَلِكَ، وَالتَّوْفِيقَ لَهُ، فَإِنَّهُ لَا حَوْلَ لَنَا وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِهِ، وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَأَوَّلُ مَا نَذْكُرُ مِنْ ذَلِكَ، مَا وَقَفْنَا عَلَيْهِ مِنْ أَحْكَامٍ الطَّهَارَاتِ الْمَذْكُورَاتِ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَل َّ
(1/66)
1
كِتَابُ الطَّهَارَاتِ
(1/67)
1
تَأْوِيلُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ}
هَلْ هُوَ عَلَى الْقِيَامِ إِلَى كُلِّ صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ؟ قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَأْوِيلِ الْقِيَامِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كُلُّ قَائِمٍ إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ، يُرِيدُونَ بِذَلِكَ كُلَّ مُرِيدٍ لِلْقِيَامِ إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ قَبْلَ قِيَامِهِ إِلَيْهَا حَتَّى يَقُومَ إِلَيْهَا مُتَوَضِّئًا الْوُضُوءَ الَّذِي أَمَرَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ فِي بَقِيَّةِ هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: وَهَذَا كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْءَانَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} أَيْ: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَقْرَأَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ حَتَّى تَقْرَأَهُ عَلَى اسْتِعَاذَةٍ قَدْ كَانَتْ مِنْكَ وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مُنْقَطِعًا
1 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ التَّنُّورِيُّ، وَبِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَسْعُودِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَيَتْلُو: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} وَقَالَ آخَرُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: لَيْسَ عَلَى كُلِّ مُرِيدٍ الْقِيَامَ إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ أَنْ يَتَوَضَّأَ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى حَدَثٍ، فَيَتَوَضَّأُ لِحَدَثِهِ حَتَّى يَصِيرَ طَاهِرًا، فَيَكُونَ قِيَامُهُ إِلَى الصَّلَاةِ عَلَى الطَّهَارَةِ الَّتِي أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ نَقُومَ إِلَيْهَا فَأَمَّا مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ وَقْتُ الصَّلَاةِ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقِيَامُ إِلَى الصَّلَاةِ وَهُوَ عَلَى طَهَارَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ، فَهُوَ إِذَا قَامَ عَلَى حَالِهِ، فَهُوَ قَدْ قَامَ عَلَى مَا أَمَرَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالْقِيَامِ إِلَى الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، فَلَا مَعْنَى لِتَوَضُّئِهِ لِلصَّلَاةِ الَّذِي لَا يُخْرِجُهُ مِنْ حَدَثٍ إِلَى طَهَارَةٍ وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ: قَدْ كَانَ الْوُضُوءُ وَاجِبًا بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى الْمُرِيدِينَ لِلْقِيَامِ لِلصَّلَاةِ لِكُلِّ
(1/68)
1
صَلَاةٍ مَفْرُوضَةٍ يُرِيدُونَ الْقِيَامَ إِلَيْهَا، حَتَّى نَسَخَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا سَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ فَمِمِّنْ رُوِيَ عَنْهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَوَاتِ بِالْوُضُوءِ الْوَاحِدِ وَلَمْ نَعْلَمْ أَيَّ الْمَذْهَبَيْنِ كَانَ مَذْهَبَهُ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَاهَا هَلْ هُوَ لِلنَّسْخِ لَهَا؟ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِيَامِ الْمَذْكُورِ فِيهَا هُوَ الْقِيَامُ الْوَاجِبُ عَلَى الْمُحْدِثِينَ؟ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ
2 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، وَبِشْرُ بْنُ عُمَرَ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَسْعُودِ بْنِ عَلِيٍّ: أَنَّ سَعْدًا كَانَ يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ "
3 - حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِيسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ مَسْعُودِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، مِثْلَهُ
4 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ بْنِ رَاشِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ الْأَنْمَاطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، " أَنَّ أَصْحَابَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ تَوَضَّئُوا وَصَلَّوُا الظُّهْرَ، فَلَمَّا حَضَرَتِ الْعَصْرُ قَامُوا لِيَتَوَضَّئُوا، فَقَالَ لَهُمْ: مَالَكُمْ أَحْدَثْتُمْ؟ فَقَالُوا: لَا، فَقَالَ: " الْوُضُوءُ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ لَيُوشِكُ أَنْ يَقْتُلَ أَحَدُكُمْ أَبَاهُ أَوْ أَخَاهُ أَوْ عَمَّهُ، أَوِ ابْنَ عَمِّهِ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ "
5 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عِنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: " كُنَّا نُصَلِّي الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ مَا لَمْ نُحْدِثْ " وَاحْتَجَّ الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى نَسْخِ مَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنَ الْوُضُوءِ لِلْقِيَامِ إِلَى كُلِّ صَلَاةٍ بِمَا
6 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قُلْتُ: أَرَأَيْتَ يَتَوَضَّأُ ابْنُ عُمَرَ لِكُلِّ صَلَاةٍ طَاهِرًا كَانَ أَوْ غَيْرَ طَاهِرٍ، عَمَّ ذَاكَ؟ قَالَ: حَدَّثَتْهُ أَسْمَاءُ
(1/69)
1
بِنْتُ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي عَامِرٍ حَدَّثَهَا، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ طَاهِرًا كَانَ أَوْ غَيْرَ طَاهِرٍ، فَلَمَّا شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَمَرَ بِالسِّوَاكِ "، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَرَى أَنَّ بِهِ عَلَى ذَلِكَ قَوَّةً، فَكَانَ لَا يَدَعُ الْوُضُوءَ لِكُلِّ صَلَاةٍ قَالُوا: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ نَسْخُ وُجُوبِ الْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَفِيهِ أَيْضًا نَسْخُ أَنَّهُ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِسُنَّةٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، غَيْرِ مَذْكُورَةٍ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَاحْتَجَّ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الثَّانِيَةِ وَأَهْلُ الْمَقَالَةِ الثَّالِثَةِ لِجَمْعِهِمْ بَيْنَ الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ بِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ
7 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَابْنُ سَمْعَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: " ذَهَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى امْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ، فَقَرَّبَتْ لَهُمْ شَاةً مَصْلِيَّةً فَأَكَلَ وَأَكَلْنَا، ثُمَّ حَانَتِ الظُّهْرُ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى فَضْلِ طَعَامِهِ فَأَكَلَ، ثُمَّ حَانَتِ الْعَصْرُ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ " قَالُوا: فَهَذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ وَاحْتَجَّ مُحْتَجٌّ عَلَى الَّذِينَ احْتَجُّوا بِحَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَنْظَلَةَ فِي نَسْخِ الْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ، فَقَالُوا: إِنَّمَا ذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْوُضُوءَ لِكُلِّ صَلَاةٍ نُسِخَ إِلَى السِّوَاكِ، فَلِمَ لَا يُوجِبُونَ السِّوَاكَ لِكُلِّ صَلَاةٍ؟ فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لَهُمْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَدْفَعُ وُجُوبَ ذَلِكَ
8 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدِ بْنِ نُوحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ "
9 -
(1/70)
1
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ خَلَفٍ الطَّفَاوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ
10 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ سَعِيدِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ
11 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ
12 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدٌ الْمِصْرِيُّ، عَنْ عَطَاءٍ، مَوْلَى أُمِّ صَبِيَّةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ
13 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ أَبِي عُقَيْلٍ، وَيُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " لَوْلَا أَنْ يُشَقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ "
14 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ "
(1/71)
1
15 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُوَانَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَفَرَضْتُ عَلَيْهِمُ السِّوَاكَ مَعَ الْوُضُوءِ أَوْ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ " فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُوجِبِ السِّوَاكَ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ تَوَضُّأَهُ لِكُلِّ صَلَاةٍ لَمْ يَكُنْ لِلْمَعْنَى الَّذِي ذُكِرَ عَنْهُ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَلَكِنَّهُ كَانَ بِمَعْنًى آخَرَ وَهُوَ:
16 - أَنَّ يُونُسُ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ الْمُعَافِرِيُّ، عَنْ أَبِي غُطَيْفٍ الْهُذَلِيِّ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الظُّهْرَ، فَانْصَرَفَ إِلَى مَجْلِسٍ فِي دَارِهِ فَانْصَرَفْتُ مَعَهُ، حَتَّى إِذَا نُودِيَ بِالْعَصْرِ دَعَا بِوُضُوءٍ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ خَرَجَ وَخَرَجْتُ مَعَهُ، فَصَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَجْلِسِهِ وَرَجَعْتُ مَعَهُ، حَتَّى إِذَا نُودِيَ بِالْمَغْرِبِ دَعَا بِوُضُوءٍ فَتَوَضَّأَ، فَقُلْتُ لَهُ: أَيُّ شَيْءٍ هَذَا يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوُضُوءُ عَلَى كُلِّ صَلَاةٍ؟ فَقَالَ: أَوَ قَدْ فَطِنْتَ لِهَذَا مَنِّي لَيْسَتْ بِسُنَّةٍ؟ إِنْ كَانَ لَكَافٍ وُضُوئِي لِصَلَاةِ الصُّبْحِ صَلَوَاتِي كُلَّهَا مَا لَمْ أُحْدِثْ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " مَنْ تَوَضَّأَ عَلَى طُهْرٍ كَتَبَ اللهُ لَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ " فَفِي ذَلِكَ رَغِبْتُ يَا ابْنَ أَخِي، وَهَذَا أَوْلَى بِابْنِ عُمَرَ، إِذْ قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ " وَاحْتَجَّ الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى نَسْخِ الْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ بِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ
17 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ، وَأَبُو حُذُوفَةَ مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مِرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ، وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: صَنَعْتَ شَيْئًا يَا رَسُولَ اللهِ لَمْ تَكُنْ تَصْنَعُهُ؟ قَالَ: " عَمْدًا فَعَلْتُهُ يَا عُمَرُ " قَالُوا: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكَ الْوُضُوءَ لِكُلِّ
(1/72)
1
صَلَاةٍ بَعْدَ أَنْ كَانَ يَفْعَلُهُ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ فِي السَّفَرِ؟ قِيلَ لَهُ: وَهَلْ فِي الْآيَةِ فَرْقٌ بَيْنَ سَفَرٍ وَبَيْنَ حَضَرٍ؟ فَفِي تَرْكِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ مَا كَانَ يَفْعَلُهُ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ مِنَ التَّوَضُّؤ لِكُلِّ صَلَاةٍ تَرْكُ التَّوَضُّؤ لِكُلِّ صَلَاةٍ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ السُّنَّةِ الْقَائِمَةِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْوُضُوءَ لَا يَجِبُ لِلْقِيَامِ لِلصَّلَوَاتِ إِلَّا عَنِ الْأَحْدَاثِ الْمُوجِبَةِ لِلطَّهَارَاتِ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيِّ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَالشَّافِعِيِّ، وَعَامَّةِ أَهْلِ زَمَانِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَعَامَّةِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ بَعْدَهُمْ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا
(1/73)
1
تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}
قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} فَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَدَدًا مِنَ الْغَسْلِ، وَبَيَّنَهُ لَنَا عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
18 - فَحَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرِ الْمَعَارِكِ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلْقَمَةُ بْنُ خَالِدٍ، أَوْ خَالَدُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ " أَنَّهُ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: هَذَا طَهُورُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
19 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي حَيَّةَ الْوَادِعِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ
20 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ ثَوْبَانَ، عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ، عَنْ شَقِيقٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا، وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا تَوَضَّئَا ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَقَالَا: هَكَذَا كَانَ يَتَوَضَّأُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
21 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِوُضُوءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّةً مَرَّةً؟ أَوْ قَالَ: تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً
22 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَا: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ،
(1/74)
1
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْر، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: " رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَرَأَيْتُهُ غَسَلَ مَرَّةً مَرَّةً "
23 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ أَبِي عُقَيْلٍ، وَيُونُسُ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالُوا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ جَدُّ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى: هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُرِيَنِي كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ؟ قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ زَيْدٍ: نَعَمْ، " فَدَعَا بِوُضُوءٍ فَأَفْرَغَ عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى فَغَسَلَ يَدَهُ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ، بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِمَا إِلَى قَفَاهُ، ثُمَّ رَدَّهُمَا حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي مِنْهُ بَدَأَ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ "، فَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْمَرْوِيَّةِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُضُوءُهُ لِلصَّلَاةِ مَرَّةً مَرَّةً، وَوُضُوءُهُ لِلصَّلَاةِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَوُضُوءُهُ لِلصَّلَاةِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُفْتَرَضِ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَاهَا الْوُضُوءُ، وَأَنَّ الْعَدَدَ الَّذِي فِي هَذِهِ الْآثَارِ عَلَى الْإِبَاحَةِ، فَمَنْ شَاءَ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً، وَمَنْ شَاءَ تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَمَنْ شَاءَ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ جَمِيعًا، لَا نَعْلَمُ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا وَفِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْآثَارِ مَا هُوَ أَكْثَرُ مِمَّا رَوَيْنَا، مِنْهَا مَا جَرَى بِهِ، مَنْهَا مَا قَدْ أَتَيْنَا بِهِ مِنْهَا فِي هَذَا الْبَابِ
(1/75)
1
تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}
هَلْ ذَلِكَ عَلَى عُمُومِ الرَّأْسِ أَوْ عَلَى بَعْضِهِ؟ قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} فَقَالَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: هُوَ عَلَى جَمِيعِ الرَّأْسِ، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِالْآثَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ الْمَذْكُورِ فِيهِ مَسْحُ الرَّأْسِ
24 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: " رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ حَتَّى بَلَغَ الْقَذَالَ مِنْ مُقَدَّمِ عُنُقِهِ "
25 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِي الْأَزْهَرِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ " أَنَّهُ أَرَى لَهُمْ وُضُوءَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا بَلَغَ مَسْحَ رَأْسِهِ وَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى مُقَدَّمِ رَأْسِهِ، ثُمَّ مَرَّ بِهِمَا حَتَّى بَلَغَ الْقَفَا، ثُمَّ رَدَّ بِهِمَا حَتَّى بَلَغَ الْمَكَانَ الَّذِي مِنْهُ بَدَأَ "
26 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَيْمُونَ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَرِيرُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَيْسَرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ الْمِقْدَامَ بْنَ مَعْدِي كَرِبَ، يَقُولُ: " رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَضِّئًا، فَلَمَّا بَلَغَ مَسْحَ رَأْسِهِ وَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى مُقَدَّمِ رَأْسِهِ، ثُمَّ مَرَّ بِهِمَا حَتَّى بَلَغَ الْقَفَا، ثُمَّ رَدَّهُمَا حَتَّى بَلَغَ الْمَكَانَ الَّذِي مِنْهُ بَدَأَ، وَمَسَحَ بِأُذُنَيْهِ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا مَرَّةً وَاحِدَةً "، قَالُوا: فَدَلَّ مَا فِي هَذِهِ الْآثَارِ عَلَى عُمُومِ الرَّأْسِ بِالْمَسْحِ، كَعُمُومِ مَا سِوَاهُ مِنَ الْأَعْضَاءِ بِالْغَسْلِ وَقَالَ غَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: بَلِ الْفَرْضُ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ مَسْحُ بَعْضِهِ، لَا يُمْسَحُ كُلُّهُ،
(1/77)
1
وَرَوَوْا فِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَدْ:
27 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ وَهْبٍ الثَّقَفِيِّ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " تَوَضَّأَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ فَمَسَحَ عَلَى عِمَامَتِهِ وَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ "
28 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنِ ابْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ، وَابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ رَفَعَهُ إِلَيْهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ " فَمَسَحَ عَلَى عِمَامَتِهِ، وَقَدْ ذَكَرَ النَّاصِيَةَ بِشَيْءٍ "، قَالُوا: فَلَمَّا كَانَ قَدْ مَسَحَ نَاصِيَتَهُ وَلَمْ يَمْسَحْ بَقِيَّةَ رَأْسِهِ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْفَرْضَ عَلَيْهِ هُوَ مَا فَعَلَهُ فِي النَّاصِيَةِ فَقَالَ مُخَالِفُهُمْ: فَقَدْ مَسَحَ عَلَى عِمَامَتِهِ، فَقِيلَ لَهُمْ: لَوْ كَانَ الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ فِي ذَلِكَ مُسْتَعْمَلًا إِذًا لَمَا اسْتُعْمِلَ حَتَّى يُغَطِّيَ جَمِيعَ الرَّأْسِ، كَمَا لَا يُسْتَعْمَلُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ حَتَّى يُغَطِّيَ جَمِيعَ الرِّجْلَيْنِ، فَلَمَّا اسْتُعْمِلَ الْمَسْحُ عَلَى النَّاصِيَةِ كَانَ هُوَ الْفَرْضُ، وَكَانَ مَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ فَضْلًا وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ
29 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ " كَانَ يَمْسَحُ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ إِذَا تَوَضَّأَ "، قَالُوا: وَهَذَا بَالنَّظَرِ أَوْلَى مِمَّا ذَهَبَ إِلَيْهِ مُخَالِفُنَا إِذْ كُنَّا نَحْنُ، وَهُوَ مِمَّنْ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَيُجْمِعُ عَلَى أَنَّ الْمَسْحَ عَلَيْهِمَا لَا يَعُمَّهُمَا، لِأَنَّ مَنْ كَانَ يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا خُطُوطًا بِالْأَصَابِعِ يَقُولُ: لَا يَمْسَحُ بِخَلْفِهِمَا وَلَا أَعْقَابِهِمَا وَلَا بُطُونِهِمَا، وَمَنْ كَانَ مِنَّا يَمْسَحُ عَلَى ظُهُورِهِمَا وَبُطُونِهِمَا لَا يَمْسَحُ جَوَانِبَهُمَا وَلَا أَعْقَابَهُمَا، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَا فَرْضُهُ الْمَسْحُ، لَا
(1/78)
1
يُرَادُ عُمُومُهُ بِهِ، وَإِنَّمَا يُرَادُ بَعْضُهُ، فَأَدْخَلَ عَلَيْهِمُ الْآخَرُونَ فِي ذَلِكَ، فَقَالُوا: وَجَدْنَا التَّيَمُّمَ يُعَمُّ الْمَسْحَ بِهِ الْوَجْهُ وَالْيَدَانِ، وَالمَسْحَ فِي الْوُضُوءِ كَذَلِكَ يُعَمُّ بِهِ الْعُضْوُ الْمَمْسُوحُ وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ لِلْآخَرِينَ: أَنَّ التَّيَمُّمَ شِبْهُ بَعْضِهِ بَعْضًا، فَمِنْهُ التَّيَمُّمُ عَلَى الْيَدَيْنِ يُعَمَّانِ بِهِ، وَمِنْهُ التَّيَمُّمُ عَلَى الْوَجْهِ يُعَمُّ بِهِ، وَالْوُضُوءُ لَيْسَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ مِنْهُ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ الَّذِي لَا تُعَمَّانِ بِهِ، وَالْمَسْحُ عَلَى الرَّأْسِ الَّذِي مِنْهُ أَشْبَهَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ الَّذِي مِنْهُ الْمَسْحُ بِالتَّيَمُّمِ الَّذِي لَيْسَ مِنْهُ، فَهَذَا هُوَ النَّظَرُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَزُفَرَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، وَعَامَّةِ أَهْلِ الْكُوفَةِ سِوَاهُمْ وَاللهَ تَعَالَى نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
(1/79)
1
تَأْوِيلُ قَوْلِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}
هَلْ هُوَ عَلَى الْغَسْلِ أَوْ عَلَى الْمَسْحِ؟ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِعَقِبِ مَا تَلَوْنَا فِي صَدْرِ الْبَابِ الْأَوَّلِ: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} ، وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي قِرَاءَةِ هَذَا الْحَرْفِ وَفِيمَا رَدُّوهُ إِلَيْهِ مِمَّا قَبْلَهُ، فَقِرَاءَةُ بَعْضِهِمْ: " وَأَرْجُلِكُمْ " بِالْكَسْرِ وَرَدُّوهُ إِلَى قَوْلِهِ: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} ، وَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ اللَّازِمَ فِي الرِّجْلَيْنِ هُوَ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا لَاغَسْلُهُمَا، فَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَمُجَاهِدٌ
30 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ قُرَّةَ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ قَرَأَ: " وَأَرْجُلِكُمْ "
31- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: " نَزَلَ الْقُرْآنُ بِالْمَسْحِ وَالسُّنَّةُ بِالْغَسْلِ "
32 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الْأَعْرَجُ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ قَرَأَ: " وَأَرْجُلِكُمْ " وَرَوَوْا فِي ذَلِكَ مِنَ الْآثَارِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا:
33 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ عَبْدِ خَيْرَ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمَيْنِ، وَقَالَ: " لَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ لَكَانَ بَاطِنُ الْقَدَمِ أَحَقَّ مِنْ ظَاهِرِهِ "
34 - حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ
(1/81)
1
مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ الْخَوْلَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: دَخَلَ عَلَيَّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَقَدْ أَرَاقَ الْمَاءَ، فَدَعَا بِوُضُوءٍ، فَجِئْنَاهُ بِإِنَاءٍ مِنْ مَاءٍ، فَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، " أَلَا أَتَوَضَّأُ لَكَ كَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ؟ قُلْتُ: بَلَى، فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا، قَالَ: ثُمَّ أَخَذَ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا حِفْنَةً مِمَّا فَضَلَ بِهِمَا عَلَى قَدَمِهِ، وَفِي الْيُسْرَى مِثْلُ ذَلِكَ "
35 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْهُمَامُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ يَحْيَى بْنِ خَلَّادٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمِّهِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ، أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ قَالَ: " إِنَّهُ لَا تَتِمُّ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يُسْبِغَ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَيَغْسِلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، وَيَمْسَحَ بِرَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ " وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ مِنَ النَّظَرِ بِالتَّيَمُّمِ، فَقَالُوا: لَمَّا كَانَ حُكْمُ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ فِي الْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ الْغَسْلَ، وَحُكْمُ الرَّأْسِ الْمَسْحَ بِإِجْمَاعٍ، وَكَانَ التَّيَمُّمُ عَلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ الْمَغْسُولَيْنِ، وَكَانَ مُرْتَفِعًا عَنِ الرَّأْسِ الْمَمْسُوحِ، كَانَ حُكْمُ الرِّجْلَيْنِ بِحُكْمِ الرَّأْسِ أَشْبَهَ، إِذْ كَانَ مَا يُفْعَلُ بِهِمَا فِي الْوُضُوءِ قَدْ سَقَطَ فِي التَّيَمُّمِ كَمَا سَقَطَ عَنِ الرَّأْسِ مَا كَانَ يُفْعَلُ بِهِ فِيهِ وَقَرَأَهُ آخَرُونَ: " وَأَرْجُلَكُمْ " بِالنَّصْبِ وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلِّمَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاس
36 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ زَرٍّ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَرَأَ: " وَأَرْجُلَكُمْ "
37 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: سَمِعْتُ هُشَيْمًا، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: " وَأَرْجُلَكُمْ " وَقَالَ: عَادَ إِلَى الْغَسْلِ " وَرَوَوْا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا اسْتَدَلُّوا بِهِ عَلَى مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِنْهُ
38 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ بِكَّارٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرَةُ بْنُ يُونُسَ بْنِ الْقَاسِمِ الْيَمَامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرَمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَالِمٍ
(1/82)
1
مَوْلَى الْمُهْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، تُنَادِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ: أَسْبِغِ الْوُضُوءَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ "
39 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَجْلَانَ، عَنِ الْمَقبَرِّيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ، تَقُولُ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ
40 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعْيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي كُرَيْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَدَمِ رَجُلٍ لُمْعَةً لَمْ يَغْسِلْهَا، فَقَالَ: " وَيْلٌ لِلْعَرَاقِيبِ مِنَ النَّارِ "
41 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: تَخَلَّفَ عَنَّا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقَتْنَا صَلَاةُ الْعَصْرِ وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ وَنَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: " وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ "، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا
42 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافَ، عَنْ أَبِي يَحْيَى الْأَعْرَجِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى قَوْمًا تَوَضَّئُوا وَكَانُوا تَرَكُوا مِنْ أَرْجُلِهِمْ شَيْئًا، فَقَالَ: " وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ "
43 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ الْفَدَّانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، عَنْ مَنْصُورِ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافَ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَأَتَى عَلَى مَاءٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَحَضَرَتِ الْعَصْرُ، فَتَقَدَّمَ نَاسٌ فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِمْ وَقَدْ تَوَضَّئُوا وَأَعْقَابُهُمْ تَلُوحُ لَمْ يَمَسَّهَا مَاءٌ، فَقَالَ
(1/83)
1
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ، أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ "
44 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ "
45 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جُزْءٍ الزُّبَيْدِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ وَبُطُونِ الْأَقْدَامِ مِنَ النَّارِ "
46 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْحِمْيَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ النَّصْرُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، وَابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَا: أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ جُزْءٍ الزُّبَيْدِيَّ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ قَالُوا: فَلَمَّا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ " وَالْأَعْقَابُ فَغَيْرُ مَمْسُوحَةٍ فِي قَوْلِ مَنْ يَذْهَبُ إِلَى الْمَسْحِ، كَمَا لَا يُمْسَحُ مِنَ الْخُفَّيْنِ، وَكَمَا رُوِي عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي حَدِيثِ عُبَيْدِ اللهِ الْخَوْلَانِيِّ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ فَرْضَ الرِّجْلَيْنِ فِي الْوُضُوءِ غَيْرُ الْمَسْحِ قَالُوا: وَلَمَّا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ لَهُمْ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ: " أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ
" لِمَا تَرَكُوا مِنْ أَرْجُلِهِمْ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الرِّجْلَ تُوَضَّأُ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا الْغَسْلَ، لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ: وَضَّأَ فُلَانٌ رَأْسَهُ، وَقَدْ يُقَالُ: وَضَّأَ وَجْهَهُ، وَوَضَّأَ يَدَيْهِ إِذَا غَسَلَهُمَا، وَقَدْ يُقَالُ لِغَاسِلِ يَدَيْهِ قَبْلَ الطَّعَامِ: تَوَضَّأَ، وَكَذَلِكَ يُقَالُ لَهُ بَعْدَ الطَّعَامِ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَوَضَّئُوا مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ "،
(1/84)
1
قَالُوا: وَلَمَّا أَرَادَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمُومَ الرِّجْلَيْنِ لِمَا يُفْضِلُونَهُ فِيهَا حَتَّى لَا تَبْقَى عَلَيْهِمْ مِنْهَا لُمْعَةٌ كَانَ ذَلِكَ عَلَى الْغَسْلِ، لَا عَلَى الْمَسْحِ قَالُوا: وَلَمَّا وَعَدَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى تَرْكِهِمْ مِقْدَارَ اللُّمْعَةِ مِنْهَا النَّارَ اسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْوَعِيدُ إِلَّا فِي تَرْكِ مَفْرُوضٍ عَلَيْهِمْ
47 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ شَرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ، أَنَّهُ قَالَ: مَنْ يُحَدِّثُنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ عَبْسَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " إِذَا دَعَا الرَّجُلُ بِطَهُورِهِ فَغَسَلَ وَجْهَهُ سَقَطَتْ خَطَايَاهُ مِنْ وَجْهِهِ وَأَطْرَافِ لِحْيَتِهِ، فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ سَقَطَتْ خَطَايَاهُ مِنْ أَطْرَافِ أَنَامِلِهِ، فَإِذَا مَسَحَ رَأْسَهُ سَقَطَتْ خَطَايَا رَأْسِهِ مِنْ أَطْرَافِ شَعْرِهِ، فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتْ خَطَايَا رِجْلَيْهِ مِنْ بُطُونِ قَدَمَيْهِ "
48 - حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ نَصْرٍ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانُ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيَغْسِلُ شَيْئًا مِنْ رِجْلَيْهِ إِلَّا خَرَجَ مَعَ قَطْرَةِ الْمَاءِ كُلُّ سَيِّئَةٍ مَشَى بِهِمَا إِلَيْهَا "
49 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحُمَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ الْأَسْدِيُّ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَبَّادٍ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: مَا أَدْرِي كَمْ حَدَّثَنِيهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَزْوَاجًا أَوْ أَفْرَادًا: " مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ فَيَغْسِلُ وَجْهَهُ حَتَّى يَسِيلَ الْمَاءُ عَلَى ذَقْنِهِ، ثُمَّ يَغْسِلُ ذِرَاعَيْهِ حَتَّى يَسِيلَ الْمَاءُ عَلَى مِرْفَقَيْهِ، وَيَغْسِلُ رِجْلَيْهِ حَتَّى يَسِيلَ الْمَاءُ مِنْ قِبَلِ كَعْبَيْهِ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي إِلَّا غَفَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ مَا سَلَفَ مِنْ ذَنْبِهِ "
قَالُوا: فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ ذُكِرَ الثَّوَابُ عَلَى غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، وَلَوْ كَانَ فَرْضُهُمَا غَيْرَ
(1/85)
1
الْغَسْلِ، إِذًا لَمَا كَانَ فِي غَسْلِهِمَا ثَوَابٌ، أَلَا تَرَى مَنْ غَسَلَ رَأْسَهُ فِي وُضُوئِهِ لَمْ يَكُنْ مُثَابًا عَلَى ذَلِكَ، إِذْ كَانَ فَرْضُهُ فِيهِ غَيْرَ الْغَسْلِ، فَلَوْ كَانَتِ الْقَدَمَانِ فِي الْمَسْحِ مِثْلَ الرَّأْسِ، إِذًا لَمَا كَانَ غَاسِلُهُمَا مُثَابًا عَلَى ذَلِكَ، وَلَكَانَ كَغَاسِلِ الرَّأْسِ فِي الْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ وَعَارَضُوا أَهْلَ الْمَقَالَةِ الْأُولَى فِيمَا احْتَجُّوا بِهِ مِنَ النَّظَرِ الَّذِي احْتَجُّوا بِهِ عَلَيْهِمْ
، فَقَالُوا: قَدْ رَأَيْنَا الْجُنُبَ الْوَاجِدَ لِلْمَاءِ، عَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَ بَدَنَهُ كُلَّهُ، فَإِذَا فَقَدَ الْمَاءَ تَيَمَّمَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، وَكَانَ ذَلِكَ قَدْ قَامَ مَقَامَ الْغَسْلِ، وَلَمْ يَكُنْ سُقُوطُ التَّيَمُّمِ عَنْ سَائِرِ الْبَدَنِ سِوَى الرَّجْلَيْنِ، دَلِيلًا عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْجُنُبِ فِي حَالِ وُجُودِ الْمَاءِ أَنْ يَمْسَحَ مَا سَقَطَ عَنْهُ التَّيَمُّمُ فِي حَالِ عَدَمِ الْمَاءِ، فَكَانَتْ هَذِهِ مُعَارَضَةً صَحِيحَةً، وَالْقَوْلُ عِنْدَنَا فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ الْقَوْلُ الْأَخِيرُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانَ، وَزُفَرَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، وَالشَّافَعِيِّ، وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ سِوَاهُمْ وَاللهُ الْمُوَفِّق ُ
(1/86)
1
تَأْوِيلُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} الْآيَةَ
قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَا ذَلِكَ الطُّهُورُ الَّذِي أَمَرَنَا بِهِ؟ وَبَيَّنَهُ لَنَا فِي آيَةٍ أُخْرَى وَهِيَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} وَبَيَّنَ لَنَا أَيْضًا عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي أَفْعَالِهِ كَيْفِيَّةَ ذَلِكَ الْغُسْلِ
50 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمِّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، قَالَ: ذَكَرُوا الْغُسْلَ مِنَ الْجَنَابَةِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " أَمَّا أَنَا فَآخُذُ بِيَدِيَّ ثَلَاثًا فَأُفْرِغُهُ عَلَى رَأْسِي مِنَ الْجَنَابَةِ "
51 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ الْخُزَاعِيِّ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، قَالَ: تَذَاكَرْنَا غُسْلَ الْجَنَابَةِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَّا: كَيْفَ نَفْعَلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَمَّا أَنَا فَآخُذُ مِلْءَ كَفَّيَّ فَأَصُبُّ عَلَى رَأْسِي، ثُمَّ أُفِيضُ بَعْدُ عَلَى سَائِرِ جَسَدِي " وَكَانَ هَذَا الْمَرْوِيَّ فِي السُّنَّةِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَّا الْمَرْوِيُّ فِيهَا مِنْ أَفْعَالِهِ فِيمَا رُوِيَ فِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، وَمَيْمُونَةَ زَوْجَتَيْهِ
52 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي الْمَاءِ فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعْرِهِ، ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ غَرْفَاتٍ بِيَدَيْهِ، ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلٍّ "
(1/87)
1
53 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ الْأَنْمَاطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كَانَ يَتَوَضَّأُ مِنَ الْجَنَابَةِ، ثُمَّ يُدْخِلُ يَدَهُ الْيُمْنَى فِي الْمَاءِ، ثُمَّ يُخَلِّلُ بِهَا شِقَّ رَأْسِهِ الْأَيْمَنَ وَيَتْبَعُ بِهَا أُصُولَ الشَّعْرِ، ثُمَّ يَفْعَلُ بِشِقِّ رَأْسِهِ الْأَيْسَرِ بِيَدِهِ الْيُسْرَى كَذَلِكَ حَتَّى يَسْتَبْرِئَ الْبَشْرَةَ، ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ " فَزَادَ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى حَدِيثِ مَالِكٍ التَّبْدِيَةَ بِالشِّقِّ الْأَيْمَنِ مِنَ الرَّأْسِ عَلَى الشِّقِّ الْأَيْسَرِ فِي الْوُضُوءِ لِلْجَنَابَةِ
54 - حِدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَغْتَسِلَ مِنَ الْجَنَابَةِ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ يَأْخُذُ بِيَمِينِهِ فَيَصُبُّ عَلَى يَسَارِهِ، فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ حَتَّى يُنَقِّيَهُ، ثُمَّ يَغْسِلُ يَدَيْهِ غَسْلًا حَسَنًا، ثُمَّ يُمَضْمِضُ ثَلَاثًا وَيَسْتَنْشِقُ ثَلَاثًا، وَيَغْسِلُ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، وَيَغْسِلُ ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ يَغْسِلُ جَسَدَهُ غُسْلًا، فَإِذَا خَرَجَ مِنْ مُغْتَسَلِهِ غَسَلَ رِجْلَيْهِ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ زِيَادَةٌ عَلَى الْحَدِيثِ تَفْرِيقُ الْوُضُوءِ
55 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنْ خَالَتِهِ مَيْمُونَةَ، قَالَتْ: " وَضَعْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُسْلًا فَاغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ، فَأَكْفَأَ الْإِنَاءَ بِشِمَالِهِ عَلَى يَمِينِهِ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى فَرْجِهِ فَغَسَلَهُ، ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ عَلَى الْأَرْضِ أَوِ الْحَائِطِ، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ، وَذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ، قَالَتْ: فَأَتَيْتُهُ بِثَوْبٍ، فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا يَنْفُضُ الْمَاءَ، نَفَضَ الْمَاءَ وَرَدَّ الثَّوْبَ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ اكْتِفَاءُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ مَسْحِ رَأْسِهِ، إِذْ كَانَتِ الْإِفَاضَةُ عَلَى الرَّأْسِ يُرِيدُ عَلَى
(1/88)
1
مَسْحِهِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ سَائِرَ الْأَعْضَاءِ الْمَأْمُورِ بِغَسْلِهَا فِي الْجَنَابَةِ، وَفِي الْوُضُوءِ كَذَلِكَ أَيْضًا، وَأَنَّهُ إِذَا أَوْصَلَ الْمَاءَ إِلَيْهَا فَقَدْ سَقَطَ بِذَلِكَ الْفَرْضُ عَنْهَا وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَا الَّذِي تُؤَدَّى بِهِ هَذِهِ الطَّهَارَةُ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ؟ وَبَيَّنَ لَنَا فِي غَيْرِهَا مِنْ كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ فِي كِتَابِهِ: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} ، فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى مَاءِ السَّمَاءِ وَهُوَ الْمَطَرُ، ثُمَّ الْتَمَسْنَا حُكْمَ مَاءِ الْأَرْضِ، فَوَجَدْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ تَنَازَعُوا فِيهِ، فَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ كَمَاءِ
السَّمَاءِ تُؤَدَّى بِهِ الْفَرَائِضُ فِي الطَّهَارَاتِ كَمَا تُؤَدَّى بِمَاءِ السَّمَاءِ، وَلَمْ يَجْعَلْهُ بَعْضُهُمْ كَذَلِكَ، وَمَنَعَ أَدَاءَ الْفَرَائِضِ بِهِ، فَمِنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِيهِ
56 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ صَهْبَانَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " الصَّعِيدُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ، يَعْنِي: مَاءَ الْبَحْرِ " وَمِنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِيهِ:
57 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ، قَالَ: قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّهُ قَالَ: " سَبْعَةُ أَبْحُرٍ وَسَبْعَةُ أَنْهُرٍ لَا يُجْزِينَ مِنْ جَنَابَةٍ وَلَا مِنْ طُهُورٍ " وَخَالَفَهُمَا فِي ذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
58 - فَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ شِنَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ، وَكُرَيْبٍ، وَعِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " هُمَا الْبَحْرَانِ لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِمَا تَوَضَّأْتَ " وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ طَلَبْنَا الْوَجْهَ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَوَجَدْنَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَالَ فِي كِتَابِهِ بِعَقِبِ مَا ذَكَرَهُ مِنَ الطَّهَارَاتِ بِالْمَاءِ: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} ، فَعَمَّ بِذَلِكَ الْمِيَاهَ كُلَّهَا {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} ، وَلَمْ يُبِحِ التَّيَمُّمَ إِلَّا عِنْدَ عَدَمِ الْمِيَاهِ،
(1/89)
1
فَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عِنْدَ وَجَودِهَا مُبَاحٌ لَهُ التَّطَهُّرُ بِهَا وَالْتَمَسْنَا ذَلِكَ مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدْنَا فِيهَا مَا
59 - حَدَّثَنَا نَصَّارُ بْنُ حَرْبٍ الْمَسْمَعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ فِي مَاءِ الْبَحْرِ: " هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ "
60 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ مِنْ آلِ ابْنِ الْأَزْرَقِ، أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ أَبِي بُرْدَةَ وَهُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنَ الْمَاءِ، فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا، أَفَنَتَوَضَّأُ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ "
61 - حَدَّثَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحَلَالُ مَيْتُهُ "
62 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ رُشْدِينَ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ الْمُدْلِجِيِّ، قَالَ: كُنَّا نَرْكَبُ أَرْمَاثًا فِي الْبَحْرِ، فَنَحْمِلُ مَعَنَا الْمَاءَ الْقَلِيلَ، فَإِذَا تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا، وَإِذَا تَوَضَّأْنَا بِمَاءِ الْبَحْرِ كَفَانَا، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتهُ "
63 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ
(1/90)
1
بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي كَثِيرٍ جِلَاحٍ، أَنَّ سَعِيدَ بِنَ أَبِي سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيَّ أَخْبَرَهُ، أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ أَبِي بُرْدَةَ أَخْبَرَهُ، أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَجَاءَهُ صَيَّادٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا نَنْطَلِقُ فِي الْبَحْرَيْنِ نُرِيدُ الصَّيْدَ، فَيَحْمِلُ أَحَدُنَا مَعَهُ الْإِدَاوَةَ أَوِ الِاثْنَيْنِ وَهُوَ يَرْجُو أَنْ يَجِدَ الصَّيْدَ قَرِيبًا، فَرُبَّمَا وَجَدَهُ كَذَلِكَ، وَرُبَّمَا لَمْ يَجِدِ الصَّيْدَ حَتَّى يَبْلُغَ مِنَ الْبَحْرَيْنِ مَكَانًا لَمْ يَظُنَّ أَنْ يَبْلُغَهُ، فَلَعَلَّهُ يَحْتَلِمُ أَوْ يَتَوَضَّأُ، فَإِنِ اغْتَسَلَ أَوْ تَوَضَّأَ بِهِ فِي كُلِّ صَلَاةٍ فَقَدَ الْمَاءَ، فَلَعَلَّ أَحَدَنَا أَنْ يُهْلِكَهُ الْعَطَشُ فَمَا تَرَى يَا رَسُولَ اللهِ فِي مَاءِ الْبَحْرِ، أَنَغْتَسِلُ بِهِ أَوْ نَتَوَضَّأُ إِذَا خِفْنَا ذَلِكَ؟ فَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " نَعَمْ، فَاغْتَسِلُوا مِنْهُ وَتَوَضَّئُوا فَإِنَّهُ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ "
64 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُكَيْرٍ، قَالَا: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ بَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ مَخْشِيٍّ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ الْفَرَاشِيَّ، قَالَ: كُنْتُ أَصِيدُ فِي الْبَحْرِ الْأَخْضَرِ عَلَى أَرْمَاثٍ، وَكُنْتُ أَحْمِلُ قِرْبَةً فِيهَا مَاءٌ، فَإِذَا لَمْ أَتَوَضَّأْ مِنَ الْقِرْبَةِ رَفَقَ ذَلِكَ بِي وَبَقِيَتْ لِي، فَجِئْتُ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَقَالَ: " هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ "
65 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ صَخْرٍ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبَّاسٍ الْمِصْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رُزَيَّةَ، عَنِ الْعَرْكِيِّ الَّذِي سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا نَرْكَبُ الْأَرْمَاثَ فَنَبْعُدُ فِي الْبَحْرِ وَمَعَنَا مَاءٌ لِشِفَاهِنَا، فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ مُتْنَا عَطَشًا، وَتَزْعُمُونَ فِي مَاءِ الْبَحْرِ أَنَّهُ لَيْسَ بِطَهُورٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَاؤُهُ طَهُورٌ وَمَيْتَتُهُ حَلالٌ " فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى طُهُورِ مَاءِ الْبَحْرِ، وَأَنَّهُ كَمَاءِ الْمَطَرِ، وَلَمَّا عَقَلْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتِوَاءَ الْحُكْمِ فِي مِسَابِ الْبِحَارِ كُلِّهَا مِنَ الْعَذْبِ وَالْمِلْحِ ثَبَتَ اسْتِوَاءُ الْحُكْمِ فِي مِيَاهِهَا كُلِّهَا، وَأَمَّا مِيَاهُ الْآبَارِ وَالْغُدْرَانِ وَالْمَاءُ الرَّاكِدُ فِي الْآجَامِ وَنَحْوِهَا فَقَدْ جَاءَتِ السُّنَّةُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَشْرُوحَةً بِطَهَارَةِ ذَلِكَ
(1/91)
1
66 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الرَّكِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ الْقَسْمَلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي نَوْفٍ، عَنْ سَلِيطٍ، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَهُوَ ابْنُ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَتَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتَتَوَضَّأُ مِنْهَا وَهِيَ يُلْقَى فِيهَا مَا يُلْقَى مِنَ النَّتَنِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ "
67 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَا