لا يُشترَطُ أن يتولَّى الصَّلاةَ مَن يتولَّى الخُطبةَ، وهو مذهبُ الحَنَفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/156)، ويُنظر: ((المحيط البرهاني)) لابن مازة (2/78). ، والحَنابِلَة ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (1/774)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/228). ، واختاره ابنُ باز قال ابنُ باز: (ذهَب جمهورُ أهل العِلم إلى عدم اشتراط أنْ يكون خطيبُ الجمعة هو إمامَ صلاتها؛ لعدم الدليل على ذلك، وخالَف في ذلك بعضُ أهل العلم؛ فذهبوا إلى اشتراط أن يكونَ خطيب الجمعة هو الإمامَ في صلاتها، والصواب: أنَّه لا حرج في ذلك إذا دعَتِ الحاجة إليه) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (12/382). , وابنُ عُثيمين قال ابن عثيمين: (لا يشترط أن يتولى الخطبتين من يتولى الصلاة، فلو خطب رجل وصلى آخر فهما صحيحتان، والصلاة صحيحة) ((الشرح الممتع)) (5/58). .وذلك للآتي:أولًا: أنَّه لا يُشترَطُ اتصالُ الصَّلاةِ بالخُطبةِ؛ فلمْ يُشترَطْ أن يتولَّاهما واحدٌ، كصَلاتين ((الكافي)) لابن قدامة (1/328). . ثانيًا: لأنَّه لا يُوجَدُ دليلٌ على الاشتراطِ ((مجموع فتاوى ابن باز)) (12/382). .ثالثًا: لأنَّ المقصودَ يحصُل، سواءٌ صلَّى الخطيبُ أو غيرُه ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/58). . انظر أيضا: المَطلَبُ الثاني: عددُ ركعاتِ صلاةِ الجُمُعةِ. المَطلَبُ الثالث: ما يُستحَبُّ قِراءتُه في صلاة الجمعة. المطلب الرابع: الجَهرُ بالقِراءةِ. المَطلَبُ الخامس: إذا زُوحِمَ المأمومُ عن السُّجودِ.

صَلاة الجُمُعةِ رَكعتانِ.الدليل: مِنَ الِإِجْماعنقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المنذرِ قال ابنُ المنذر: (أجمَعوا على أنَّ صلاة الجمعة رَكعتان) ((الإجماع)) (ص: 40). ، وابنُ حَزمٍ قال ابنُ حزم: (أجمَعوا على أنَّ الجمعة إذا جُمِّعت على شروطها رَكعتانِ، يجهر فيهما) ((مراتب الإجماع)) (ص: 33). ، والكاسانيُّ قال الكاسانيُّ: (وأمَّا بيان مقدارها، فمقدارها ركعتان؛ عرَفْنَا ذلك بفِعل رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابِه رضي الله عنهم مِن بعده، وعليه إجماعُ الأمَّة) ((بدائع الصنائع)) (1/269). ، وابنُ رُشدٍ قال ابنُ رشد: (اتَّفق المسلمون على أنها خُطبة، ورَكعتان بعد الخطبة) ((بداية المجتهد)) (1/160). ، وابنُ قُدامةَ قال ابنُ قُدامَة: (صلاة الجمعة ركعتان عقيبَ الخطبة، يقرأ في كل ركعة (الحمد لله) وسورة، ويجهر بالقراءة فيهما. لا خِلافَ في ذلك كلِّه) ((المغني)) (2/230). ، والنوويُّ قال النوويُّ: (أمَّا الأحكام؛ فأجمعتِ الأمَّة على أنَّ الجمعة ركعتان، وعلى أنَّه يُسنُّ الجهرُ فيهما) ((المجموع)) (4/530). ، وابنُ جُزي قال ابنُ جُزي: (للجمعة ركنان: الصلاة، والخطبة؛ فأمَّا الصلاة فركعتان جهرًا، إجماعًا) ((القوانين الفقهية)) (ص: 56). . انظر أيضا: المَطلَبُ الأوَّل: هل يُشتَرَط أن يكون الإمامُ هو الخَطيبَ . المَطلَبُ الثالث: ما يُستحَبُّ قِراءتُه في صلاة الجمعة. المطلب الرابع: الجَهرُ بالقِراءةِ. المَطلَبُ الخامس: إذا زُوحِمَ المأمومُ عن السُّجودِ.

الفَرعُ الأَوَّل: قِراءةُ سورةِ (الجُمُعةِ) في الأُولى، و(المُنافِقون) في الثَّانيةيُستحبُّ في صلاةِ الجُمُعة قِراءةُ سُورتَي: (الجُمُعة) قال الأوزاعيُّ: (ما نعلم أحدًا من أئمَّة المسلمين ترَك سورة الجُمعة يومَ الجمعة). انظر: ((الاستذكار)) لابن عبد البَرِّ (2/53). و(المنافقون) قال ابنُ القيِّم: (ولا يُستحب أنْ يقرأ مِن كلِّ سورة بعضها، أو يقرأ إحداهما في الركعتين؛ فإنَّه خلافُ السُّنَّة، وجهَّال الأئمَّة يداومون على ذلك) ((زاد المعاد)) (1/369). ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ من الحَنَفيَّة ((البناية)) للعيني (3/92)، ((حاشية ابن عابدين)) (2/161). ، المالِكيَّة ((الكافي)) لابن عبد البر (1/251)، ويُنظر: ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/629). عند المالكيَّة: يُستحبُّ في الأولى قِراءة سورة الجمعة، وفي الركعة الثانية مُخيَّر بين قراءة الأعلى، أو الغاشية، أو المنافقون. ، الشافعيَّة ((فتح العزيز)) للرافعي (4/622)، ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (2/434). ، والحَنابِلَة ((المغني)) لابن قدامة (2/230)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (2/189)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 38). .الدَّليلُ من السُّنة:عن ابنِ أبي رافعٍ، قال: ((استخلَفَ مَروانُ أبا هريرةَ على المدينةِ، وخرج إلى مكَّةَ، فصلَّى لنا أبو هريرةَ الجُمُعةَ، فقرأ بعد سورةِ الجُمُعةِ، في الركعةِ الآخرةِ: إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ، قال: فأدركتُ أبا هُريرةَ حين انصرَفَ، فقلتُ له: إنَّك قرأتَ بسُورتَينِ كان عليُّ بنُ أبي طالبٍ يَقرأُ بهما بالكوفةِ، فقال أبو هريرة: إني سَمِعتُ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقرأُ بهما يومَ الجُمُعةِ)) رواه مسلم (877). . الفَرعُ الثَّاني: استحبابُ القِراءةِ بسُورةِ الأَعْلى والغاشيةيُستحَبُّ في صَلاةِ الجُمُعةِ القراءةُ بسُورتَي: (سبِّح)، و(الغاشية)، وهذا مذهبُ الجمهورِ: الحَنَفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/169) ويُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (2/65). ، والمالِكيَّة المالكية يرون استحباب الجمعه في الأولى ومخير في الثانية بين بسبح اسم ربك الأعلى و هل أتاك حديث الغاشية أو إذا جاءك المنافقون، قال ابن عبد البر: (والقراءة في صلاة الجمعة بعد فاتحة الكتاب بسورة الجمعة في الركعة الأولى وفي الثانية بسبح اسم ربك الأعلى أو هل أتاك حديث الغاشية أو إذا جاءك المنافقون كل ذلك حسن مستحب أو بما شاء ولا ينبغي أن تترك سورة الجمعة إلا من ضرورة ولو قرأ غيرها من غير ضرورة لم تفسد صلاته وقد أساء) ((الكافي)) (1/ 251)، وينظر: ((الفواكه الدواني)) (2/629)، ((كفاية الطالب الرباني)) لأبي الحسن المالكي (1/474). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 38)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (2/189)، ((العدة شرح العمدة)) لبهاء الدين المقدسي (ص: 117). ، وهو قول الشافعيِّ في القديم قال النوويُّ: (ونصَّ الشافعيُّ في القديم على أنَّه يُستحب أن يقرأ في الأولى سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ وفي الثانية هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الغَاشِيَةِ، وقال الربيع- وهو راوي كتُب الشافعي الجديدة-: سألتُ الشافعيَّ عن ذلك، فذكر أنه يختار الجمعة والمنافقين، ولو قرأ سبِّح وهَلْ أَتَاكَ كان حسنًا) ((المجموع)) (4/531). .الأَدِلَّةُ مِنَ السُّنَّة:1- عن النُّعمانِ بنِ بَشيرٍ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ يقرأُ في العِيدينِ وفي الجُمُعة بـسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى، وهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الغَاشِيَةِ)) رواه مسلم (878). .2- عن سَمُرةَ بنِ جُندُبٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال‏:‏ ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقرأُ في الجُمُعة بـسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى، وهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الغَاشِيَةِ)) رواه أبو داود (1125)، والنسائي (1422)، وأحمد (5/13) (20162)، صحَّحه ابن عبد البر في ((الاستذكار)) (2/53) وقال: ورُوي من وجوهٍ وطرق أخرى، وابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (1/480)، والألباني في ((صحيح النسائي)) (1421)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (457). ‏.‏ انظر أيضا: المَطلَبُ الأوَّل: هل يُشتَرَط أن يكون الإمامُ هو الخَطيبَ . المَطلَبُ الثاني: عددُ ركعاتِ صلاةِ الجُمُعةِ. المطلب الرابع: الجَهرُ بالقِراءةِ. المَطلَبُ الخامس: إذا زُوحِمَ المأمومُ عن السُّجودِ.

يُسَنُّ أنْ يجهَرَ في صلاةِ الجُمُعةِ بالقراءةِ قال ابنُ عثيمين: (تُسنُّ القراءة فيها جهرًا من بين سائر الصلوات النهاريَّة، ونحن إذا تأمَّلنا الصلوات الجهرية وجدْنا أنها الصلوات الليليَّة المكتوبة: المغرب، والعشاء، والفجر، وأنها أيضًا الصلاة ذات الاجتماع العام، ولو نهارًا، مِثل: الجمعة، والعيد، والكسوف، والاستسقاء؛ لأنَّ هذه يجتمع فيها الناس اجتماعًا عامًّا، فالسُّنَّة في الكسوف مثلًا أن يُصلِّيها أهلُ البلد كلهم في مسجد واحد في الجامع، وكذلك صلاة الاستسقاء، وصلاة العيد، وصلاة الجُمُعة؛ والحِكمة من ذلك- أي: مِن أنه يُجهر في هذه الصلوات ذواتِ الاجتماعِ العامِّ- هي إظهارُ الموافقة والائتلاف التام؛ لأنه إذا كان الإمامُ يجهر صارتْ قراءته قراءةً للجميع، فكأنَّه عنوانٌ على ائتلاف أهل البلد كلِّهم) ((الشرح الممتع)) (5/67). .الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة1- عن ابنِ أبي رافعٍ، قال: استخلَفَ مَرْوانُ أبا هُرَيرَة على المدينةِ، وخرَج إلى مكَّةَ فصلَّى لنا أبو هُرَيرَة الجُمُعة، فقرأَ بعدَ سورةِ الجُمُعة في الرَّكعةِ الآخِرَة إِذَا جَاءَكَ المُنَافِقُونَ، قال: فأدركتُ أبا هُرَيرَة حين انصرَفَ فقُلت له: إنَّك قرأتَ بسُورتينِ كان عليُّ بن أبي طالبٍ يقرأ بهما بالكوفة. فقال أبو هريرة: ((إنِّي سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقرأُ بهما يوم الجُمُعةِ)) رواه مسلم (877). .2- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يقرأُ في الركعةِ الأُولى بالجُمُعةِ، وفي الثانية بـإِذَا جَاءَكَ المُنَافِقُونَ رواه مسلم (877). .3- عن الضَّحَّاكِ بنِ قَيسٍ، أنه سألَ النعمانَ بنَ بَشيرٍ: ماذا كان يقرأ به رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومَ الجُمُعةِ على أَثرِ سورةِ الجُمُعة؟ قال: كان يَقرأُ بـهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الغَاشِيَةِ رواه أبو داود (1123)، والنسائي (3/112). قال ابنُ عبد البر في ((التمهيد)) (126/321): متَّصل صحيح. وصحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (1123). .وَجْهُ الدَّلالَةِ: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لو لم يجهرْ بالقراءةِ لَمَا سمِعَ منه قراءةَ هذه السُّوِر ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/269). . ثانيًا: مِنَ الِإِجْماعنقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ حزم قال ابنُ حزم: (أجمَعوا على أنَّ الجمعة إذا جُمِّعت على شروطها، رَكعتانِ يجهر فيهما) ((مراتب الإجماع)) (ص: 33). وقال أيضًا: (وقد ثبَت عن رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنه كان يجهرُ فيها, وهو عَملُ أهلِ الإسلام؛ نَقْلَ كَوافَّ من عَهدِه عليه السلام إلى اليومِ في شرق الأرض وغربها) ((المحلى)) (3/248). ، والكاسانيُّ قال الكاسانيُّ: (ولو لم يجهر لَمَا سمع وكذا الأمَّة توارثت ذلك) ((بدائع الصنائع)) (1/269). ، وابنُ قُدامةَ قال ابنُ قُدامَة: (صلاة الجُمعة ركعتان عقيبَ الخُطبة، يقرأ في كلِّ ركعة (الحمد لله) وسورة، ويجهر بالقِراءة فيهما. لا خلافَ في ذلك كلِّه) ((المغني)) (2/230). ، والنوويُّ قال النوويُّ: (أمَّا الأحكام، فأجمعتِ الأمَّة على أنَّ الجمعة ركعتان، وعلى أنَّه يُسنُّ الجهرُ فيهما) ((المجموع)) (4/530). ، وابنُ جُزي قال ابن جزي: (للجمعة ركنانِ: الصلاة، والخطبة؛ فأمَّا الصلاة فركعتان جهرًا، إجماعًا) ((القوانين الفقهية)) (ص: 56). . انظر أيضا: المَطلَبُ الأوَّل: هل يُشتَرَط أن يكون الإمامُ هو الخَطيبَ . المَطلَبُ الثاني: عددُ ركعاتِ صلاةِ الجُمُعةِ. المَطلَبُ الثالث: ما يُستحَبُّ قِراءتُه في صلاة الجمعة. المَطلَبُ الخامس: إذا زُوحِمَ المأمومُ عن السُّجودِ.

إذا زُوحِمَ المأمومُ عن السجودِ، سجد على ظهرِ أخيه، إنْ أَمكَنَه ذلك وهذا يشملُ صلاةَ الجمعة وغيرها، ولكن الغالب أنه يكونُ فيها. ، وهو مذهبُ الجمهور: الحَنَفيَّة ((الفتاوى الهندية)) (1/149)، ويُنظر: ((المحيط البرهاني)) لابن مازة (1/364). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (4/563)، ويُنظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/254). ، والحَنابِلَة ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (2/141)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/232). ، وقولُ أشهبَ من المالِكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/479)، ((منح الجليل)) لابن عليش (2/197) ، وهو قولُ الظاهريَّة قال النوويُّ: (الصَّحيح في مذهبنا: أنَّه يلزمه ذلك، وبه قال عُمرُ بن الخطَّاب، ومجاهد، والثوريُّ، وأبو حنيفة، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وداود، وابن المنذر) ((المجموع)) (4/575). وقال ابنُ حزم: (ومَن لم يجد للزحامِ أن يضَعَ جَبهتَه وأنفه للسجودِ، فليسجدْ على رِجْل مَن أمامه، أو على ظَهرِ مَن أمامه، وبه يقول أبو حنيفة، وسفيانُ الثوريُّ، والشافعيُّ) ((المحلى)) (2/297). ، وحُكي الإجماعُ على ذلك قال ابنُ قُدامَة: (ولنا: ما رُوي عن عُمر رضي الله عنه، أنَّه قال: إذا اشتدَّ الزحام فليسجدْ على ظهر أخيه. رواه سعيد في "سننه"، وهذا قاله بمحضَر من الصحابة وغيرهم في يوم جمعة، ولم يظهر له مخالف؛ فكان إجماعًا) ((المغني)) (2/233). . الأدلَّة:أولًا: من الكِتابقال تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة: 286].ثانيًا: من السُّنَّةعن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا أَمرتُكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتُم، وإنْ نَهيتُكم عن شيءٍ، فاجتنبوه)) [6108] رواه البخاريُّ (7288) واللفظ له، ومسلم (1337). .ثالثًا: من الآثارعن عُمر رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّه قال: (إذا اشتدَّ الزحام فليسجدْ على ظهر أخيه) [6109] أخرجه أبو داود الطيالسي في ((المسند)) (70)، وعبد الرزاق في ((المصنف)) (1556)، وأحمد في ((المسند)) (217). صحح إسناده ابن الملقن في ((البدر المنير)) (4/687)، والنووي في ((المجموع)) ( 4/558)، وأحمد شاكر في تحقيقه على ((المسند)) (1/117). .رابعًا: أنَّه أتى بما يُمكِنُه حالَ العجزِ؛ فصحَّ ((المغني)) لابن قدامة (2/232). .خامسًا: أنَّ الله لا يُكلِّف نفسًا إلَّا وُسعَها، ولا يأمُر العاجزَ عن الشيءِ بفِعلِه ((المغني)) لابن قدامة (2/232). . انظر أيضا: المَطلَبُ الأوَّل: هل يُشتَرَط أن يكون الإمامُ هو الخَطيبَ . المَطلَبُ الثاني: عددُ ركعاتِ صلاةِ الجُمُعةِ. المَطلَبُ الثالث: ما يُستحَبُّ قِراءتُه في صلاة الجمعة. المطلب الرابع: الجَهرُ بالقِراءةِ.

تُدرَكُ الجُمُعةُ بإدراكِ رُكوعِ الركعةِ الثَّانية، وهذا مذهبُ الجمهور: المالِكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/397)، ويُنظر: ((الاستذكار)) لابن عبد البر (2/32)، ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (1/50). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (4/558). ، والحَنابِلَة ((الإنصاف)) للمرداوي (2/266)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/29). ، وبه قال أكثرُ العلماءِ قال ابنُ قُدامَة: (أكثرُ أهل العلم يرَوْن أنَّ مَن أدرك ركعةً من الجمعة مع الإمام، فهو مدركٌ لها، يُضيف إليها أخرى، ويُجزئه) ((المغني)) (2/231). وقال النوويُّ: (في مذاهب العلماء فيما يُدرِك به المسبوقُ الجمعةَ: قد ذكرنا: أنَّ مذهبنا أنَّه إنْ أدرك ركوعَ الركعة الثانية أدركها، وإلَّا فلا، وبه قال أكثرُ العلماء) ((المجموع)) (4/558). ، وهو قولُ طائفةٍ من السَّلفِ قال ابنُ قُدامَة: (وهذا قولُ ابنِ مسعود، وابنِ عُمَر، وأنس، وسعيد بن المسيَّب، والحسن، وعلقمة، والأسود، وعُروة، والزُّهري، والنَّخَعي، ومالك، والثوري، والشافعي، وإسحاق، وأبي ثور، وأصحاب الرأي) ((المغني)) (2/231). وقال ابنُ المنذر: (وقالت طائفة: إذا أدرك مِن الجُمُعة ركعةً صلَّى إليها أخرى، وإن أدركهم جلوسًا صلَّى أربعًا، كذلك قال عبدُ الله بن مسعود، وعبدُ الله بن عمر، وأنسُ بن مالك، وسعيدُ بن المسيَّب، والحسن، والشَّعبي، وعلقمة، والأسود، وعُروة بن الزُّبير، والنَّخَعي، والزهري... وبه قال مالك فيمَن تبِعه من أهل المدينة، قال: وعلى هذا أدركتُ أهل العلم ببلدنا، وكذلك قال سفيانُ الثوريُّ، والشافعيُّ، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبو ثور... قال أبو بكر: وقولنا موافقٌ للثابت، عن ابنِ مسعود، وابن عمر، وأنس، وسائرِ التابعين) ((الأوسط)) (4/109). ، وحكي الإجماعُ على ذلك قال ابنُ عبد البَرِّ: (وقد أجمعوا أنَّ إدراكها بإدراكِ الركوع مع الإمامِ دليلٌ على أنَّ مَن لم يدركْ من الصلاة ركعةً فلم يُدركها، هذا مفهومُ الخطاب، ومَن لم يُدركها لزِمَه أن يُصلِّي ظهرًا أربعًا) ((الاستذكار)) (2/32). وقال ابنُ تيميَّة: (الجمعة لا تُدرك إلَّا بركعة، كما أفتى به أصحابُ رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، منهم: ابنُ عمر، وابنُ مسعود، وأنسٌ، وغيرهم، ولا يُعلم لهم في الصحابة مخالفٌ، وقد حَكَى غيرُ واحدٍ أنَّ ذلك إجماعُ الصحابة) ((مجموع الفتاوى)) (23/332). وقال الكاسانيُّ: (حتى إنَّ المسبوق إذا أَدْرك الإمامَ في الجمعة؛ إنْ أدركه في الركعة الأولى، أو الثانية، أو كان في ركوعها يَصير مدركًا للجمعة بلا خِلاف) ((بدائع الصنائع)) (1/267). وقال ابنُ حزم: (عن ابن مسعود: مَن أدرك الركعةَ، فقد أدرك الجمعة، ومَن لم يُدرك الركعة فليصلِّ أربعًا. ولا يُعرَفُ لهما من الصحابة رضي الله عنهم مخالفٌ) ((المحلى)) (3/285). وقال المرداويُّ: ("ومَن أدرك مع الإمام منها ركعةً أتمَّها جمعة" بلا خلافٍ أعْلَمه) ((الإنصاف)) (2/266). . الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّةعن أبي هُرَيرةَ، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن أَدْرَك ركعةً من الصَّلاة، فقد أدركَ الصَّلاة)) رواه البخاري (580)، ومسلم (607). .وَجْهُ الدَّلالَةِ:أنَّه علَّق إدراكَ الصَّلاةِ بإدراكِ ركعةٍ منها، وهو عامٌّ يَشمَلُ كلَّ الصلواتِ، ومنها الجُمُعة، ومفهومُ التقييدِ بالركعةِ أنَّ مَن أدركَ دون الركعةِ لا يكونُ مدركًا للصَّلاةِ ((فتح الباري)) لابن حجر (2/57). . ثانيًا: أنَّه قولُ جماعةٍ من الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم، ولا مُخالِفَ لهم قال ابنُ قُدامَة: (أكثرُ أهلِ العِلم يرون أنَّ مَن أدرك ركعةً من الجمعة مع الإمام، فهو مدركٌ لها، يُضيف إليها أخرى، ويُجزئه. وهذا قولُ ابنِ مسعود، وابن عمر، وأنس...؛ لأنَّه قولُ مَن سمَّيْنَا من الصحابة، ولا مخالفَ لهم في عصرهم) ((المغني)) (2/231). . انظر أيضا: المَطلَبُ الأوَّل: هل يُشتَرَط أن يكون الإمامُ هو الخَطيبَ . المَطلَبُ الثاني: عددُ ركعاتِ صلاةِ الجُمُعةِ. المَطلَبُ الثالث: ما يُستحَبُّ قِراءتُه في صلاة الجمعة. المطلب الرابع: الجَهرُ بالقِراءةِ.