يُشرَعُ التطوُّعُ المطلَقُ في السَّفرِ.الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة1- عن عامرِ بنِ رَبيعةَ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّه رأى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي السُّبحةَ باللَّيلِ في السَّفرِ على ظهرِ راحلتِه)) رواه البخاري (1104)، ومسلم (701). .2- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي التطوُّعَ وهو راكبٌ في غيرِ القِبلةِ)) رواه البخاري (1094) واللفظ له، ومسلم (540). .وَجْهُ الدَّلالَةِ: أنَّ (أل) في (التطوُّع) للاستغراقِ، والأصل بقاءُ التطوُّعِ بالنوافلِ على مشروعيَّته، حتى يَرِدَ دليلٌ على تَرْكِه، ولم يَرِدِ الدليلُ على التركِ إلَّا في راتبةِ الظهرِ والمغربِ والعشاءِ ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (24/419). .ثانيًا: مِن الآثارعن مجاهدٍ، قال: (صحبتُ ابنَ عمرَ من المدينةِ إلى مكَّةَ، وكان يُصلِّي تطوعًا على دابَّتِه حيثُما توجَّهتْ به، فإذا كانتِ الفريضةُ نزَلَ فصلَّى) أخرجه ابن أبي شيبة (3845)، وابن خسرو في ((مسند أبي حنيفة)) (141). وصحَّح إسنادَه ابن حجر في ((فتح الباري)) (2/674). .ثالثا: مِنَ الِإِجْماعنقَل الإجماعَ على ذلك: النوويُّ قال النوويُّ: (وقد اتَّفق العلماءُ على استحباب النوافل المطلَقة في السفر واختلفوا في استحبابِ النوافل الرَّاتبة فكرهها ابنُ عمر وآخَرون، واستحبَّها الشافعيُّ وأصحابُه والجمهور). ((شرح النووي على مسلم)) (5/198)، وينظر: ((شرح أبي داود)) للعيني (5/90). ، وابنُ مفلحٍ قال ابنُ مفلح: (وأطلق أبو المعالي التخييرَ في النوافل والسُّنن، ونقَل ابن هانئ: يتطوَّع أفضل، وجزَم به في الفصول، والمستوعب، وغيرهما، واختاره شيخُنا في غيرِ الرواتب، ونقله بعضهم "ع" – أي: إجماعًا) ((الفروع)) (3/87). وينظر: ((الإنصاف)) للمرداوي (2/226). .رابعًا: أنَّ الأصلَ بقاءُ التطوُّعِ بالنوافلِ على مشروعيَّته حتى يرِدَ دليلٌ على تركِه، ولم يَرِدِ الدليلُ على التركِ إلَّا في راتبةِ الظُّهرِ والمغربِ والعِشاءِ ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (24/419). . انظر أيضا: المطلب الثاني: ركعتَا الفجرِ والوترُ في السَّفرِ. المطلب الثَّالث: السُّننُ الرَّواتبُ في السَّفرِ غيرُ ركعتَي الفجرِ، والوترِ. المطلب الرَّابع: صلاةُ الوترِ على الراحلةِ في السَّفرِ. المطلب الخامسُ: استقبالُ القِبلةِ في التطوُّعِ في السَّفرِ على الرَّاحلةِ .

تُصلَّى ركعتَا الفجرِ والوترُ في السَّفرِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة ((المبسوط)) للسرخسي (1/458،457)، ((البناية)) للعيني (2/546)، ويُنظر: ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (1/161). ، والمالِكيَّة ((الاستذكار)) لابن عبد البر (2/254)، ((المدخل)) لابن الحاج (4/51). ، والشافعيَّة ((البيان)) للعمراني (2/285)، ((المجموع)) للنووي (4/400، 401). ، والحَنابِلَة ((الفروع)) لابن مفلح (3/87)، ((الإنصاف)) للمرداوي (2/225). .الأَدِلَّةُ مِنَ السُّنَّة:1- عن أبي قَتادةَ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّهم كانوا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في سفرٍ فناموا عن صلاةِ الصُّبحِ حتى طلعتِ الشمسُ، فساروا حتى ارتفعتِ الشمسُ ثم نزَلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فتوضَّأ، ثم أذَّن بلالٌ بالصلاةِ فصَلَّى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ركعتينِ، ثم صلَّى الغداةَ فصنَعَ كما كان يَصنَعُ كلَّ يومٍ)) رواه مسلم (681). .2- وعن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه في هذه القِصَّة أيضًا: ((ثمَّ دعا بماءٍ فتوضَّأ، ثم صلَّى سجدتينِ، أي: ركعتين، ثم أُقيمتِ الصلاةُ فصلَّى صلاةَ الغداة....)) رواه مسلم (680). .وَجْهُ الدَّلالَةِ: أنَّ هاتينِ الركعتينِ اللَّتين قضاهما هما سُنَّةُ الصبحِ ((المجموع)) للنووي (4/401). .3- عن سعيدِ بنِ يَسارٍ، قال: ((كنتُ أسيرُ مع عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ بطريق مكَّة، فلمَّا خشيتُ الصبحَ نزلتُ فأوترتُ ثم لحقتُه، فقال: أينَ كُنتَ؟ فأخبرتُه، فقال: أليس لك في رسولِ اللهِ أُسوةٌ حسنةٌ؟! قلتُ: بلَى واللهِ! قال: إنَّ رسولَ اللهِ كان يُوتِرُ على البَعيرِ)) رواه البخاري (999)، ومسلم (700). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: التطوُّعُ المُطلَقُ في السَّفرِ . المطلب الثَّالث: السُّننُ الرَّواتبُ في السَّفرِ غيرُ ركعتَي الفجرِ، والوترِ. المطلب الرَّابع: صلاةُ الوترِ على الراحلةِ في السَّفرِ. المطلب الخامسُ: استقبالُ القِبلةِ في التطوُّعِ في السَّفرِ على الرَّاحلةِ .

لا يُسَنُّ أداءُ السُّننِ الرواتبِ في السَّفرِ غيرَ رَكعتَي الفجرِ والوترِ، وبه قال كثيرٌ من مشايخِ الحَنَفيَّة ((البناية)) للعيني (3/36)، ((درر الحكام)) لملا خسرو (1/123). ، واختاره ابنُ تيميَّة قال ابنُ تيميَّة: (ويوتر المسافر ويركع سنة الفجر، ويسن تركه غيرهما، والأفضل له التطوع في غير السنن الراتبة، ونقله بعضهم إجماعا) ((الفتاوى الكبرى)) (5/ 350)، ويُنظر: ((الفروع)) لابن مفلح (3/87). ، وابنُ القيِّم قال ابن القيِّم: (كان مِن هديه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في سفره الاقتصار على الفرض، ولم يُحفظ عنه أنه صلَّى سنة الصلاة قبلها ولا بعدها، إلَّا ما كان من الوتر وسُنَّة الفجر، فإنه لم يكن ليدعهما حضرًا، ولا سفرًا) ((زاد المعاد)) (1/473، 474). ، وابنُ عُثيمين قال ابن عثيمين: (دلَّ عليه الدليل أنه لا يتطوَّع براتبة الظهر والمغرب والعشاء، وما عدَا ذلك من النوافل فباقٍ على مشروعيَّته). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (24/421). ، وبه أفتت اللَّجنة الدَّائمة في فتاوى اللَّجنة الدَّائمة: (المشروع للمسافر سفرًا يقصر فيه الصلاة الاقتصارُ على صلاة الفرض وعدمُ التنفُّل؛ فقد ثبت أنَّ ابن عمر رضي الله عنهما قال: «صحبتُ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فلم أرَه يُسبِّح في السفر»، ومراده بقوله (يُسبِّح): أي: لا يُصلِّي السبحة وهي صلاة النافلة، وأمَّا ركعتي الفجر والوتر فإنَّ المشروع للمسلم أن يُصلِّيهما حضرًا، أو سفرًا لِمَا ثبَت عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: «صلَّى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم العِشاء، ثم صلَّى ثمان ركعات وركعتين جالسًا، وركعتين بين النِّداءين ولم يكُن يدعهما أبدًا»، ولِمَا ثبَت في حديث عبد الله بن عامر «أنَّ أباه أخبرَه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلَّى السُّبحة باللَّيل في السفر على ظهرِ راحلته حيث توجَّهت به». ((فتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الثانية)) (6/114). .الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة1- عن حفصِ بنِ عاصمٍ، قال: ((صحبتُ ابنَ عُمرَ في طريقِ مكَّةَ، فصَلَّى لنا الظهرَ ركعتينِ، ثم أقبل وأقبَلْنا معه، حتى جاء رَحلَه وجلَس وجلَسْنا معه، فحانتْ منه التفاتةٌ نحوَ حيثُ صلَّى فرأى ناسًا قيامًا، فقال: ما يَصنَعُ هؤلاءِ؟ قلنا: يُسبِّحون، فقال: لو كنتُ مسبِّحًا أتممتُ صلاتي! يا ابنَ أخي إنِّي صحبتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في السفرِ فلم يزِدْ على ركعتينِ حتَّى قبضَه اللهُ، وصحبتُ أبا بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه فلم يزِدْ على ركعتينِ حتى قبضَه اللهُ، وصحبتُ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنه فلم يزِدْ على ركعتين حتى قبضَه الله، وصحبتُ عُثمانَ رَضِيَ اللهُ عنه فلم يزِدْ على ركعتينِ حتى قبضَه الله، وقد قال الله تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب: 21])) رواه البخاري (1102)، ومسلم (689) واللفظ له. .2- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّه قال في حديثِه الطويلِ في صِفة حجَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((حتى أتى المزدلفةَ، فصلَّى بها المغربَ والعِشاءَ بأذانٍ واحدٍ وإقامتينِ، ولم يُسبِّح بينهما شيئًا)) رواه مسلم (1218). .3- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((جمَع النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بين المغربِ والعِشاءِ بجَمْعٍ [5150] بجَمع: أي: المزدلفة، وهي المشعَر الحرام؛ سُمِّيت جمعًا لاجتماع الناس بها، وقيل غير ذلك. يُنظر: ((النهاية)) لابن الأثير (1/296)، ((معجم البلدان)) لياقوت (2/163). كلَّ واحدةٍ منهما بإقامةٍ، ولم يُسبِّحْ قال النوويُّ: (النافلةُ تُسمَّى سُبحةً؛ لاشتمالها على التَّسبيح). ((شرح النووي على مسلم)) (8/188). بينهما، ولا على إثرِ كلِّ واحدةٍ منهما)) رواه البخاري (1673)، ومسلم (1288) باختلاف يسير. .وَجْهُ الدَّلالَةِ: أنه ترَكَ التنفُّلَ عقبَ المغربِ وعقبَ العِشاءِ قال ابن حجر: (يُستفاد منه أنه ترك التنفُّل عقبَ المغرب وعقب العشاء، ولَمَّا لم يكن بين المغرب والعشاء مهلةٌ صرَّح بأنه لم يتنفَّل بينهما، بخِلاف العشاء، فإنه يحتمل أن يكون المرادُ أنه لم يتنفَّل عقبها، لكنَّه تنفَّل بعد ذلك في أثناء الليل، ومن ثم قال الفقهاء: تُؤخَّر سُنة العشاءين عنهما، ونقَل ابن المنذر الإجماع على ترْك التطوع بين الصلاتين بالمزدلفة؛ لأنَّهم اتفقوا على أنَّ السنة الجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة، ومَن تنفَّل بينهما لم يصحَّ أنه جمع بينهما انتهى. ويعكر على نقْل الاتفاق فعلُ ابن مسعود...). ((فتح الباري)) (3/523، 524)، وينظر: ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (24/420). .4- عنِ عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: رأيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا أَعجلَه السيرُ يُؤخِّرُ المغربَ فيُصلِّيها ثلاثًا ثم يُسلِّم، ثم قلَّما يَلبَثُ حتى يُقيمَ العِشاءَ، فيُصلِّيها ركعتينِ ثم يُسلِّم، ولا يُسبِّحُ بعدَ العِشاءِ (يعني لا يَتنفَّل) حتى يقومَ من جوفِ اللَّيلِ رواه البخاري (1092)، ومسلم (703). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: التطوُّعُ المُطلَقُ في السَّفرِ . المطلب الثاني: ركعتَا الفجرِ والوترُ في السَّفرِ. المطلب الرَّابع: صلاةُ الوترِ على الراحلةِ في السَّفرِ. المطلب الخامسُ: استقبالُ القِبلةِ في التطوُّعِ في السَّفرِ على الرَّاحلةِ .

تجوزُ صلاةُ الوترِ على الراحلةِ في السَّفرِ، وهذا مذهبُ الجمهورِ قال ابن رشد: (وأمَّا صلاة الوتر على الراحلة حيث توجَّهت به، فإنَّ الجمهور على جوازِ ذلك؛ لثبوت ذلك من فِعله عليه الصلاة والسلام، أعني: أنه كان يُوتِر على الراحلة) ((بداية المجتهد)) (1/204). وقال النوويُّ: (في مذاهبهم في فِعل الوتر على الراحلة في السَّفر مذهبنا: أنَّه جائز على الراحلة في السفر كسائر النوافل، سواء كان له عُذرٌ أم لا، وبهذا قال جمهورُ العلماء من الصحابة فمَن بعدهم) ((المجموع)) (4/21). : المالِكيَّة ((التاج والإكليل)) للمواق (1/509)، ويُنظر: ((كفاية الطالب)) لأبي الحسن المالكي (1/442). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (4/21)، ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (2/77). ، والحَنابِلَة، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/169)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/216). وهو قولُ داودَ، وقولُ جمهورِ العلماءِ من الصَّحابةِ ومَن بَعدَهم قال النوويُّ: (في مذاهبهم في فِعل الوتر على الراحلة في السفر. مذهبنا: أنَّه جائز على الراحلة في السَّفر كسائر النوافل، سواء كان له عذر أم لا، وبهذا قال جمهورُ العلماء من الصَّحابة فمَن بعدهم، فمنهم: عليُّ بن أبي طالب، وابن عمر، وابن عباس، وعطاء، والثوري، ومالك، وأحمد وإسحاق، وداود) ((المجموع)) (4/21). . الدَّليل من السُّنَّة:عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يُوتِرُ على بعيرِه)) [5160] رواه البخاري (999)، ومسلم (700). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: التطوُّعُ المُطلَقُ في السَّفرِ . المطلب الثاني: ركعتَا الفجرِ والوترُ في السَّفرِ. المطلب الثَّالث: السُّننُ الرَّواتبُ في السَّفرِ غيرُ ركعتَي الفجرِ، والوترِ. المطلب الخامسُ: استقبالُ القِبلةِ في التطوُّعِ في السَّفرِ على الرَّاحلةِ .