يُندَبُ لِمَن أراد قضاءَ الحاجةِ إذا كان في الفضاءِ أن يُبعِدَ عن أعيُنِ النَّاسِ؛ نصَّ على هذا الجمهورُ: المالكيَّة ((الذخيرة)) للقرافي (1/201)، ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (1/397). ، والشَّافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (1/66)، ((المجموع)) للنووي (2/77). ، والحنابلة شريطةَ أنْ لا يجِدَ ما يسترُه عن النَّاس، فإن وجد ما يستُرُه عن النَّاسِ كفى الاستتارُ عن البُعدِ. ((شرح العمدة)) لابن تيميَّة (1/143)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/60). .الأدلَّة مِن السُّنَّةِ:1- عن المُغيرةِ بنِ شُعبةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((كنتُ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في سَفَرٍ، فقال: يا مغيرةُ، خُذِ الإداوةَ، فأخذتُها، فانطلَقَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتى توارى عنِّي، فقضى حاجتَه)) رواه البخاري (363) واللفظ له، ومسلم (274). .2- عن عبدِ اللهِ بنِ جَعفرٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((أردَفَني رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذاتَ يومٍ خلْفَه، فأسرَّ إليَّ حديثًا لا أحدِّثُ به أحدًا مِن النَّاسِ، وكان أحبَّ ما استَتَرَ به رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لحاجَتِه هَدَفٌ الهدف: كلُّ بناءٍ مُرتفِعٍ مُشرِفٍ. ((النهاية)) لابن الأثير (5/251). أو حائشُ نَخلٍ الحائش: النَّخلُ الملتفُّ المجتَمِعُ، كأنَّه لالتفافِه يَحوشُ بَعضَه إلى بعضٍ. ((النهاية)) لابن الأثير (1/468). )) رواه مسلم (342). . انظر أيضا: المطلب الثَّاني: الاستتار عن أعين الناس . المطلب الثَّالث: طلب المكان الرِّخو لقضاء الحاجة. المطلب الرابع: ما يُمنَع من استقباله أو استدباره عند قضاء الحاجة. المطلب الخامس: الأماكنُ التي يُمنَع قضاء الحاجة فيها.

يجب الاستتارُ عند قضاءِ الحاجةِ؛ سَترًا للعَورةِ عن أعيُنِ النَّاس. الأدلَّة:أوَّلًا: من الكتابعمومُ قَولِه تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ [النور: 30]. وجه الدَّلالة:أنَّ ممَّا يدخُلُ في حِفظِ الفَرجِ، حِفظَه من النَّظَرِ إليه ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (6/42). .ثانيًا: مِن السُّنَّةِ1- عن معاويةَ بنِ حَيدةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((قلتُ: يا رسولَ الله، عَوْراتُنا؛ ما نأتي منها وما نذَرُ؟ قال: احفظْ عَورتَك إلَّا مِن زَوجَتِك أو ما ملكَتْ يمينُك. قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، إذا كان القومُ بعضُهم في بعضٍ؟ قال: إنِ استطعتَ ألَّا يَرَيَنَّها أحدٌ فلا يَرَينَّها. قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، إذا كان أحدُنا خاليًا؟ قال: اللهُ أحقُّ أن يُستحيَا منه مِن النَّاسِ)) روى البخاريُّ آخِره مُعلَّقًا بصيغة الجزم قبل حديث (278)، ورواه موصولًا أبو داود (4016) واللفظ له، والترمذي (2769)، وابن ماجه (1920)، وأحمد (20046)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (8972). حسَّنه الترمذي، وصحَّحه ابن القطان في ((أحكام النظر)) (94)، )، وابن دقيق في ((الإلمام)) (1/145)، وقال ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (21/337): ثابت، وقال محمد ابن عبدالهادي في ((المحرر)) (99): إسناده ثابت إلى بهز، وهو ثقة عند الجمهور، وصححه ابن القيِّم في ((تهذيب السنن)) (11/56)، وحسَّنه ابن حجر في ((هدي الساري)) (20)، وقال السخاوي في ((فتح المغيث)) (1/54): حسن مشهور عن بهز، وحسنه ابن باز كما في ((الفوائد العلمية)) (6/104)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4016) .2- عن أبي سَعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا يَنظُرُ الرَّجُلُ إلى عورة الرَّجُلِ، ولا المرأةُ إلى عورةِ المرأة، ولا يُفضي الرَّجُلُ إلى الرَّجُلِ في ثوبٍ واحدٍ، ولا تُفضي المرأةُ إلى المرأةِ في الثَّوبِ الواحِدِ)) رواه مسلم (338). .ثالثًا: من الإجماعِنقل الإجماعَ على وُجوبِ سَترِ العَورةِ: الجصَّاص قال الجصَّاص: (قد اتَّفقت الأمَّةُ على معنى ما دلَّت عليه الآيةُ من لُزوم فَرضِ سَترِ العورةِ) ((أحكام القرآن)) (4/203) ، وابنُ عبدِ البَرِّ قال ابن عبدِ البَرِّ: (أجمَعَ العُلَماءُ على أنَّ سَترَ العورةِ فَرضٌ واجبٌ بالجملةِ على الآدميِّين) ((الاستذكار)) (2/196). ، وابنُ رُشد الحفيدُ قال ابن رشد: (اتَّفَقَ العُلَماءُ على أنَّ سَترَ العورةِ فرضٌ بإطلاقٍ) ((بداية المجتهد)) (1/114). ، وابنُ رجبٍ الحنبليُّ قال ابنُ رجب: (أجمَعَ العُلَماءُ على وُجوبِ سَترِ العَورة بين النَّاس عن أبصارِ النَّاظرين) ((فتح الباري)) (2/171). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: الإبعادُ إن كان في الصَّحراء. المطلب الثَّالث: طلب المكان الرِّخو لقضاء الحاجة. المطلب الرابع: ما يُمنَع من استقباله أو استدباره عند قضاء الحاجة. المطلب الخامس: الأماكنُ التي يُمنَع قضاء الحاجة فيها.

يُستحبُّ لِمَن أراد قضاءَ حاجَتِه أن يَطلُب مكانًا رِخوًا رخو: بتثليثِ الراء أي: ليِّن ٌكتُرابٍ ورَملٍ. ((منح الجليل)) لعليش (1/97). وقال ابن عثيمين: (معناه: المكانُ الليِّن الذي لا يُخشى منه رَشاشُ البَولِ) ((الشرح الممتع)) (1/110). ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((الفتاوى الهندية)) (1/50). ، والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/386)، وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (1/145). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/84)، وينظر: ((المهذب)) للشيرازي، (1/55). ، والحنابلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/62)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/121). .وذلك للآتي:أولًا: أنَّه أسلمُ مِن رَشاشِ البَولِ؛ فإنَّ البولَ في المكانِ الصُّلب قد ينتُجُ عنه عَودُ شَيءٍ منه إلى البائِلِ يُنظر: ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/110). .ثانيًا: أنَّ البولَ في المكانِ الصُّلبِ ربَّما يفتَحُ بابَ الوَسواسِ على المَرءِ ((شرح السنة)) للبغوي (1/385)، ((حاشية ابن عابدين)) (1/344). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: الإبعادُ إن كان في الصَّحراء. المطلب الثَّاني: الاستتار عن أعين الناس . المطلب الرابع: ما يُمنَع من استقباله أو استدباره عند قضاء الحاجة. المطلب الخامس: الأماكنُ التي يُمنَع قضاء الحاجة فيها.

الفرع الأوَّل: استقبالُ القِبلةِ واستدبارُها عند قضاءِ الحاجةِيحرُمُ استقبالُ القِبلةِ واستدبارُها حالَ قَضاءِ الحاجةِ في الفَضاءِ، ويجوزُ في البُنيانِ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: المالكيَّة ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (1/143)، وينظر: ((المدونة الكبرى)) لسحنون (1/117)، ((الذخيرة)) للقرافي (1/204). ، والشَّافعيَّة ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/40). ، والحنابلةِ ((الإنصاف)) للمرداوي (1/82). . الأدلَّة مِن السُّنَّةِ:1- عن أبي أيُّوبَ الأنصاريِّ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا أتيتُم الغائِطَ فلا تستقبِلوا القِبلةَ، ولا تَستَدبِروها ببولٍ ولا غائِطٍ، ولكِن شرِّقوا أو غَرِّبوا [604] فيه دليلٌ على جوازِ استقبالِ الشَّمسِ واستدبارها أثناءَ قضاء الحاجة. ) رواه البخاري (394) واللفظ له، ومسلم (264). .وجه الدَّلالة:أنَّ حقيقةَ الغائِطِ، المكانُ المُنخفِض؛ ففي الحديثِ إشارةٌ أنَّ المرادَ النَّهيُ عن استقبالِ القِبلةِ واستدبارِها في الفَضاءِ ((إحكام الأحكام)) لابن دقيق العيد (ص: 38، 39). .2- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّه كان يقول: ((إنَّ ناسًا يقولون: إذا قعدْتَ على حاجَتِك فلا تستقبلِ القِبلةَ ولا بَيتَ المَقدِس، فقال عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ: لقد ارتقيتُ يومًا على ظَهرِ بيتٍ لنا، فرأيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على لَبِنَتينِ، مُستقبلًا بيتَ المقدِسِ لِحاجَتِه)) رواه البخاري (145) واللفظ له، ومسلم (266). .3- عن جابرِ بنِ عَبدِ الله رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((نَهى نبيُّ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن نستقبِلَ القِبلةَ ببولٍ، فرأيتُه قبلَ أن يُقبَضَ بعامٍ يَستقبِلُها)) رواه أبو داود (13)، والترمذي (9)، وابن ماجه (325). قال البخاري كما في ((شرح العمدة- الطهارة)) لابن تيمية (1/150): حسن صحيح، وقال الترمذيُّ: حسن غريب، وحسَّنه النوويُّ في ((المجموع)) (2/82)، وصحَّحه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (9). وقال ابنُ حَجرٍ: (ولولا أنَّ حديثَ ابنِ عُمَرَ دلَّ على تخصيصِ ذلك بالأبنيةِ، لقُلنا بالتَّعميم، لكنَّ العمَلَ بالدَّليلينِ أَولى من إلغاءِ أحَدِهما) ((فتح الباري)) (1/245-246). .4- عن مَرْوانَ بنِ الأصفَرِ قال: ((رأيتُ ابنَ عمرَ أناخ راحِلتَه مستقبِلَ القِبلة، ثمَّ جلسَ يبولُ إليها: فقلتُ: يا أبا عبدِ الرَّحمن، أليس قد نُهِيَ عن هذا؟ قال: بلى، إنَّما نُهِيَ عن ذلك في الفَضاءِ، فإذا كان بينَك وبين القِبلةِ شيءٌ يستُرُك فلا بأسَ)) رواه أبو داود (11)، وابن خزيمة (60)، والدارقطني (1/58) قال الدارقطني: صحيح كله ثقات، وصححه النوويُّ في ((شرح مسلم)) (3/155)، وقال الشوكاني في ((نيل الأوطار)) (1/101): صالح للاحتجاج، وحسَّنه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (11). .الفرع الثاني: استقبالُ الرِّيحِ بالبَولِ يُكرَه استقبالُ الرِّيحِ بالبَولِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/256)، ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 34). ، والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/399)، وينظر: ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص: 29). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/93)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/156). ، والحنابلة ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/34)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/120)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (1/87). ؛ وذلك خَشيةَ أن تردَّ عليه الرِّيحُ بَولَه عن حسَّان بن عطيَّة قال: (يُكره للرجُلِ أن يَبولَ في هواءٍ، وأن يتغوَّطَ على رأسِ جَبلٍ كأنَّه طيرٌ واقِعٌ) رواه البيهقي (1/98) (482). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: الإبعادُ إن كان في الصَّحراء. المطلب الثَّاني: الاستتار عن أعين الناس . المطلب الثَّالث: طلب المكان الرِّخو لقضاء الحاجة. المطلب الخامس: الأماكنُ التي يُمنَع قضاء الحاجة فيها.

الفرع الأوَّل: قضاءُ الحاجةِ في المسجِدِيحرُمُ قَضاءُ الحاجةِ في المسجِدِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ قال ابن حزم: (جاء النصُّ والإجماعُ بأنَّ البولَ والغائِطَ جائزٌ فيما عدا المسجِدَ) ((المحلى)) (3/428). : الحنفيَّة ((حاشية ابن عابدين)) (2/445)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/115). ، والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/408)، ((التاج والإكليل)) للمواق (1/317). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/92)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/42). ، والحنابلة ((الفروع)) لابن مفلح (5/163)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/107). . الأدلَّة مِن السُّنَّةِ: 1- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((بينما نحن في المسجِدِ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذ جاء أعرابيٌّ، فقام يبولُ في المسجِدِ، فقال أصحابُ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: مَهْ مَه! قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لا تُزْرِمُوه لا تُزْرِمُوه: أي: لا تَقطعوا عليه بَولَه. ((كشف المشكل من حديث الصحيحين)) لابن الجوزي (3/209). ، دَعُوه، فتَرَكوه حتى بال، ثم إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دعاه، فقال له: إنَّ هذه المساجِدَ لا تصلُح لشيءٍ مِن هذا البَولِ ولا القَذَر، إنَّما هي لذِكرِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، والصَّلاةِ، وقراءةِ القُرآنِ، أو كما قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: فأمر رجلًا مِن القَومِ، فجاء بدَلوٍ من ماءٍ، فشنَّه الشَّن: الصبُّ المُنقَطِع. ((النهاية)) لابن الأثير (2/507). عليه)) رواه البخاري (6025)، ومسلم (284) واللفظ له. .2- عن أنسِ بن مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((البُزاقُ البُزاق: لغةٌ في البُصاقَ، وهو مَعْروفٌ. ((تاج العروس)) للزبيدي (25/77). في المسجِدِ خطيئةٌ، وكفَّارَتُها دَفنُها)) رواه البخاري (415)، مسلم (552). .وجه الدَّلالة:أنَّه إذا وجَبَ تنزيهُ المسجِدِ مِن البُصاقِ وهو طاهِرٌ؛ فتنزيهُه مِن النَّجاساتِ أَولى؛ وذلك صيانةً للمساجِدِ، وتكريمًا لمكانِ العبادة ((الموسوعة الكويتية)) (34/15). .الفرع الثَّاني: قضاءُ الحاجةِ على القَبرِيحرُمُ قَضاءُ الحاجةِ على القَبرِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((حاشية ابن عابدين)) (2/245)، ((مراقي الفلاح)) للشرنبلالي (ص: 229). ، والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/75)، ((التاج والإكليل)) للمواق (2/252). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/92)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (3/35). ، والحنابلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/140). .الدَّليل مِن السُّنَّةِ:عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لأنْ يجلِسَ أحدُكم على جَمرة فتَحرِقَ ثِيابَه، فتخلُصَ إلى جِلدِه؛ خَيرٌ له من أن يجلِسَ على قبرٍ)) رواه مسلم (552). .وجه الدَّلالة:أنَّ البولَ والغائِطَ أشدُّ من مجرَّد الجُلوسِ؛ فإنَّ في ذلك انتهاكًا لحرمةِ القُبورِ وأصحابِها وحمل بعضُهم الجُلوسَ الوارد في الحديثِ على الجلوسِ لقضاءِ الحاجة، فقال أبو الوليد الباجي: (فتأوَّل مالكٌ رَحِمَه الله هذا على أنَّ النهيَ عن الجلوسِ على القبور إنَّما تناوَلَ الجلوسَ عليها لقضاءِ الحاجة، وقد قال مِثلَ قول مالك زيد بن ثابت، وهو الأظهَرُ) ((المنتقى شرح الموطأ)) (2/24). .الفرع الثَّالث: قَضاءُ الحاجةِ في أماكِنِ تجمُّعِ النَّاسِ ومواطِنِ انتفاعِهم لا يجوزُ قَضاءُ الحاجةِ في الطِّريقِ، وظلِّ النَّاسِ النَّافِعِ المرادُ من الظلِّ: الموضِعُ الذي يستظلُّه النَّاس، واتَّخَذوه محلَّ نُزولِهم، وليس كلُّ ظلٍّ يحرُمُ القعودُ للحاجة فيه، فقد قعَد النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لحاجَتِه تحت حائشٍ من النَّخلِ. ((شرح السنة)) للبغوي (1/384). ، وتحت الشَّجَرِ المُثمِر، وغيرِ ذلك من أماكِنِ تجمُّعِ النَّاسِ، أو مواطِنِ انتفاعِهم؛ وهو قولٌ لبعض المالكيَّة ((حاشية العدوي على شرح مختصر خليل للخرشي)) (1/145). ، وروايةٌ عند أحمد ((المغني)) لابن قدامة (1/122)، ((الفروع)) لابن مفلح (1/132). ، واختاره النوويُّ قال النووي: (ظاهِرُ كلام المصنِّف والأصحابِ أنَّ فِعلَ هذه المَلاعِنِ أو بعضِها مكروهٌ كراهةَ تنزيهٍ لا تحريمٍ، وينبغي أن يكون مُحرَّمًا؛ لهذه الأحاديث، ولِمَا فيه من إيذاءِ المُسلمين، وفي كلام الخطَّابي وغيرِه إشارةٌ إلى تحريمِه). ((المجموع)) (2/87). ، وابنُ عثيمين قال ابن عثيمين: (يحرُم البول والتغوُّط تحت شجرةٍ عليها ثمرة... وهناك أشياءُ لا يجوزُ البولُ فيها ولا التغوُّطُ غير ما ذكره المؤلِّفُ كالمساجد... وكذلك المدارس، فكلُّ مجتَمَعاتِ النَّاس لأمرٍ دِيني أو دُنيوي لا يجوزُ للإنسانِ أن يتبوَّلَ فيها أو يتغوَّطَ. والعلَّة: القياسُ على نهي النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن البَولِ في الطُّرقاتِ وظلِّ الناس) ((الشرح الممتع)) (1/128،129). .الأدلَّة: أوَّلًا: من الكتابعمومُ قَولِه تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا [الأحزاب: 58].وجه الدَّلالة: أنَّ قضاءَ الحاجةِ في مواطِنِ انتفاعِ النَّاسِ وتجمُّعِهم أذيَّةٌ للمُسلمين، وقد جاء في أذِيَّتِهم الوعيدُ المذكورُ في الآية ((المجموع)) للنووي (2/87). .ثانيًا: مِن السُّنَّةِ1- عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((اتَّقوا اللَّعَّانَينِ، قالوا: وما اللَّعَّانانِ يا رسولَ الله؟ قال: الذي يَتخلَّى في طريقِ النَّاسِ أو في ظلِّهم)) رواه مسلم (269). .2- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه: عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ((أنَّه نهى أن يُبالَ في الماءِ الرَّاكِدِ)) رواه مسلم (281). .3- عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه عَنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا يَبولَنَّ أحدُكم في الماءِ الدائِم ثم يغتَسِل منه)) رواه مسلم (282). . الفرع الرَّابع: البولُ في الثُّقبِ والشَّقِّ والسَّرَبِ والجُحرِيُكرَه البَولُ في الشَّقِّ والجُحرِ والسَّرَبِ قال الفيومي: (السَّرَبُ- بفتحتين-: بيتٌ في الأرض لا منفذَ له وهو الوَكرُ) ((المصباح المنير)) (1/272). وقال النووي: (فالثُّقب: ما استدار وهو الجُحر ... والسَّرَبُ: ما كان مستطيلًا) ((المجموع)) (2/86). ونحو ذلك، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/256)، ((الفتاوى الهندية)) (1/50). ، والمالكيَّة ((التاج والإكليل)) للمواق (1/275)، وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (1/203). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/85)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/156). ، والحنابلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/ 62)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/122)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (1/85). .وذلك للآتي:أولًا: أنَّه قد يلحَقُه الأذى من خروجِ الهوامِّ من جُحورها ((المغني)) لابن قدامة (1/122). .ثانيًا: لِمَا فيه من أذًى لهذه الهوامِّ بإفسادِ مَساكِنِها ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/157). . الفرع الخامس: المُستحَمُّيُكره التغوُّطُ والتبوُّلُ في المستَحَمِّ قال البغوي: (المرادُ مِن المُستحَمِّ: المُغتسَل، سمِّي مستحمًّا مشتقًّا من الحَميم، وهو الماءُ الحارُّ الذي يُغتسَل به) ((شرح السنة)) (1/384). ، الذي ليس له منفذٌ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 35)، ((حاشية ابن عابدين)) (1/344). ، والمالكيَّة عبَّر المالكيَّة عن ذلك تارةً بالاجتناب، وتارةً بأنَّ تَركَ ذلك من الخِصالِ المطلوبة. ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/398-399)، وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (1/203). ، والشافعيَّة ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/42)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (1/169). ، والحنابلة ((الفروع)) لابن مفلح (1/131)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/35). ؛ وذلك لأنَّ المكانَ إذا كان صُلبًا أو لم يكُن له مسلَكٌ ينفُذُ فيه البَولُ ويسيلُ فيه الماء؛ فإنَّه قد يُصيبُ المُغتسِلَ فيه برَشاشٍ من الغائِطِ أو البَولِ، أو يتوهَّم أنَّه قد أصابه مِن قَطْرِه ورَشاشِه، فيُورِثُه الوَسواسَ ((المجموع)) للنووي (2/92)، ((معالم السنن)) للخطابي (1/22)، ((حاشية الطحطاوي)) (1/35). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: الإبعادُ إن كان في الصَّحراء. المطلب الثَّاني: الاستتار عن أعين الناس . المطلب الثَّالث: طلب المكان الرِّخو لقضاء الحاجة. المطلب الرابع: ما يُمنَع من استقباله أو استدباره عند قضاء الحاجة.