اختلَفَ العلماءُ في تقديمِ اليدينِ أو الرُّكبتينِ عند الهُوِيِّ إلى السُّجودِ، على قولينِ:القولُ الأوَّلُ: يُسَنُّ وضعُ الرُّكبتينِ قبْلَ اليدينِ عند الهُوِيِّ إلى السُّجودِ، وهو مذهبُ الجمهور: الحنفيَّةِ ((تبيين الحقائق للزيلعي مع حاشية الشلبي)) (1/116)، ((شرح معاني الآثار)) للطحاوي (1/256). ، والشافعيَّةِ ((المجموع)) للنووي (3/421)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (2/125). ، والحنابلةِ ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/350)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/370). ، والعملُ عليه عند أكثرِ أهلِ العلمِ [2256] قال الترمذيُّ: (والعمل عليه عند أكثر أهل العلم: يرَوْن أن يضعَ الرجل ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه) ((سنن الترمذي)) (2/56). ، واختارَه ابنُ المُنذِرِ قال ابنُ المنذِر: (كان عمرُ بن الخطاب يضع ركبتيه قبل يديه، وبه قال النَّخَعي، ومسلم بن يَسار، وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأصحاب الرأي، وقالت طائفةٌ: يضَعُ يديه على الأرض إذا سجَد قبل ركبتيه، كذلك قال مالك، والأوزاعيُّ: أدركتُ الناس يضعون أيديَهم قبل رُكبهم، قال أبو بكر: وبالقول الأول أقولُ) ((الإشراف)) (2/30). وينظر: ((المجموع)) للنووي (3/421). ، وابنُ القيِّمِ قال ابنُ القيِّم: (كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يضَع ركبتيه قبل يديه، ثم يديه بعدهما، ثم جبهته وأنفه، هذا هو الصحيح الذي رواه شريك، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حُجْرٍ: رأيت رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه، ولم يروَ في فعله ما يخالف ذلك، وأما حديث أبي هريرة يرفعه: "إذا سجد أحدكم، فلا يبرُكْ كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه"، فالحديث - والله أعلم - قد وقع فيه وهم من بعض الرواة؛ فإن أوله يخالف آخره؛ فإنه إذا وضع يديه قبل ركبتيه، فقد برك كما يبرك البعير؛ فإن البعير إنما يضع يديه أولًا... وهذا هو الذي نهى عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وفعَل خلافه، وكان أول ما يقع منه على الأرض الأقرب منها فالأقرب، وأول ما يرتفع عن الأرض منها الأعلى فالأعلى، وكان يضع ركبتيه أولًا، ثم يديه، ثم جبهته، وإذا رفَع، رفع رأسه أولًا، ثم يديه، ثم ركبتيه، وهذا عكس فعل البعير، وهو صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهى في الصلاة عن التشبُّه بالحيوانات؛ فنهى عن بُروكٍ كبروك البعير، والتفاتٍ كالتفات الثعلب، وافتراش كافتراش السبع، وإقعاء كإقعاء الكلب). ((زاد المعاد)) (1/224). ، وابنُ بازٍ قال ابن باز: (الأفضل: هو أن يقدم ركبتيه قبل يديه عند انحطاطه للسجود، وهذا هو الأفضل، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يقدم يديه، ولكن الأرجح أنه يقدم ركبتيه قبل يديه؛ لأنه ثبت من حديث وائل بن حُجْر عن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «أنه كان إذا سجد وضَع ركبتيه قبل يديه»، وجاء في حديث آخرَ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنه قال: «لا يبرُكْ أحدُكم كما يبرك البعير، ولْيضَعْ يديه قبل ركبتيه»، فاحتجَّ به بعض أهل العلم وقال: يضع يديه قبل ركبتيه، وقال آخرون: بل يضَعُ ركبتيه قبل يديه، وهذا هو الذي يخالف به بروك البعير؛ لأن بروكَ البعير يبدأ باليدين، فإذا برك المؤمن على ركبتيه خالف البعير، وهذا هو الموافق لحديث وائل، وهذا هو الصواب: أن يسجد على ركبتيه أولًا، ثم يضع يديه على الأرض، ثم يضع جبهته وأنفه على الأرض، هذا هو المشروع، فإذا رفع رفع جبهته أولًا، ثم يديه، ثم ركبتيه، هذا هو المشروع الذي جاءت به السنَّة عن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهو الجامع بين الحديثين، وأما قوله في حديث أبي هريرة: «وليضع يديه قبل ركبتيه»، فالظاهر - والله أعلم - أنه وهمٌ من بعض الرواة، كما ذكر ذلك ابن القيم رحمه الله، وإنما الصواب: وليضع ركبتيه قبل يديه حتى يوافق آخرُ الحديث أولَه، وحتى يتفق مع حديث وائل بن حُجْرٍ وما جاء في معناه). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (11/61، 62). ، وابنُ عُثَيمين قال ابن عُثَيمين: (يكون السجودُ على الرُّكَبِ أولًا، ثم على الكفَّيْنِ؛ لأنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهى أن يسجد على كَفَّيه، حيث قال: "إذا سجد أحدُكم فلا يبرُكْ كما يبرك البعير، وليضَعْ يديه قبل ركبتيه"، هذا لفظ الحديث، لكن سنتكلم عليه، فالجملةُ الأولى: "فلا يبرك كما يبرك البعيرُ" والنهي عن صفة السجودِ؛ لأنه أتى بالكاف الدالة على التشبيه، وليس نهيًا عن العضو الذي يسجُدُ عليه، فلو كان النهي هنا عن العضوِ الذي يسجد عليه لقال: (فلا يبرُك على ما يبرك عليه البعير)، وحينئذ نقول: لا تبرُكْ على الركبتين؛ لأن البعيرَ يبرك على ركبتيه، لكنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يقل: "لا يبرك على ما يبرك عليه"، لكن قال: "لا يبرك كما يبرك"؛ فالنهي عن الكيفيةِ والصفة، لا عن العضو الذي يسجد عليه؛ ولهذا جزَم ابن القيم رحمه الله في ((زاد المعاد)) بأن آخر الحديث منقلبٌ على الراوي، وآخر الحديث: (وليضع يديه قبل ركبتيه)، وقال: إن الصواب: "وليضَعْ ركبتيه قبل يديه"؛ لأنه لو وضع يديه قبل ركبتيه لبرَك كما يبرك البعير؛ فإن البعيرَ إذا برك يقدِّم يديه، ومن شهِد البعير عند البروك تبيَّن له هذا، فحينئذ يكون الصواب - إذا أردنا أن يتطابق آخر الحديث وأوله -: "وليضَعْ ركبتيه قبل يديه"؛ لأنه لو وضع اليدين قبل الركبتين - كما قلت - لبرَك كما يبرُك البعير، وحينئذ يكون أول الحديث وآخره متناقضين. وقد ألَّف بعض الإخوة رسالة سماها: (فتح المعبود في وضع الركبتين قبل اليدين في السجود)، وأجاد فيه وأفاد، وعلى هذا، فإن السنَّة التي أمر بها الرسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في السجود أن يضع الإنسان ركبتيه قبل يديه). ((مجموع فتاوى ورسائل العُثَيمين)) (13/173، 174). . الدَّليل مِن الآثار:عن إبراهيمَ، عن أصحابِ عبدِ اللهِ علقمةَ والأسودِ قالا: (حفِظْنا عن عمرَ في صلاتِه أنَّه خرَّ بعد ركوعِه على رُكبتَيْهِ كما يخِرُّ البعيرُ، ووضَع رُكبتَيْهِ قبْلَ يديه) رواه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (1/256) (1419). صحح إسناده الألباني في ((أصل صفة الصلاة)) (2/717). . القول الثاني: السنَّةُ وضعُ اليدينِ قبْلَ الرُّكبتينِ عند الهُويِّ إلى السُّجودِ، وهو مذهبُ المالكيَّةِ ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/ 268)، وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (2/195)، ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص: 46). ، وروايةٌ عن أحمدَ ((الإنصاف)) للمرداوي (2/48)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (1/554). ، وقولُ الأوزاعيِّ ((فتح الباري)) لابن حجر (2/291). ، وأصحابِ الحديثِ قال الشَّوكانيُّ: (وروى الحازمي عن الأوزاعي أنه قال: أدركتُ الناس يضعون أيديهم قبل ركبهم، قال ابن أبي داود: وهو قول أصحاب الحديث) ((نيل الأوطار)) (2/293)، وينظر: ((سبل السلام)) للصنعاني (1/187). ، والألبانيِّ قال الألبانيُّ: (وقد اختلَف أهل العلم في هذا الباب؛ فذهب بعضهم إلى أن وضع اليدين قبل الركبتين أولى، وبه قال مالك والأوزاعي، وقال: أدركتُ الناس يضعون أيديهم قبل رُكَبهم، وخالفهم في ذلك آخرون، ورأوا وضع الركبتين قبل اليدين أولى، ومنهم: عمر بن الخطاب، وبه قال سفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو حنيفة وأصحابه). قلت: وحجةُ هؤلاء ما سلف من الأحاديث، ولو صحت، لقلنا بجواز الأمرين؛ كما هو رواية عن مالك وأحمد - كما في "الفتح" -. وإذ لم تصحَّ، فالعمدةُ على ما ذهب إليه الأولون، وهو قول أصحاب الحديث - كما قال ابن أبي داود، ونقله في "الزاد") ((صفة صلاة النبي)) (2/719). وذهب ابن حزم إلى الوجوب فقال: (وفرضٌ على كل مصلٍّ أن يضعَ - إذا سجد - يديه على الأرض قبل ركبتيه ولا بد) ((المحلى)) (3/44). .الأدلَّة:أوَّلًا: من الآثار قال نافعٌ: كان ابنُ عُمَرَ يضَعُ يدَيْهِ قبْلَ رُكبتَيْهِ أخرجه البخاري معلقًا بصيغة الجزم قبل حديث (803)، وأخرجه موصولًا ابن خزيمة (627)، والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (1513)، والحاكم (821). صححه الألباني على شرط مسلم في ((إرواء الغليل)) (2/77). .ثانيًا: لأنَّ هذه الصِّفةَ أحسَنُ في الخشوعِ ((فتح الباري)) لابن حجر (2/291). .ثالثًا: لأنَّه بتقديمِهما يتجنَّبُ إيلامَ رُكبتَيْه إذا جثَا عليهما ((فتح الباري)) لابن حجر (2/291). . انظر أيضا: المطلب الثاني: صِفةُ النُّهوضِ مِن السُّجودِ للقيامِ. المطلب الثالث: التَّفريجُ بين الفخِذَينِ ورفعُ البطنِ عنهما في السُّجودِ. . المطلب الرابع: مكانُ وضعِ اليدينِ في السُّجودِ  . المطلب الخامس: رفعُ الذِّراعَيْنِ عنِ الأرضِ حينَ السُّجودِ.

اختلَفَ أهلُ العِلمِ في صفةِ النُّهوضِ، على قولينِ:القولُ الأوَّلُ: يُسَنُّ رفعُ اليدينِ قبْلَ الرُّكبتينِ عند الرَّفعِ مِن السُّجودِ إلَّا إذا كان يشُقُّ عليه؛ فإنَّه يعتمِدُ على يدَيْهِ في النُّهوضِ، وهو مذهبُ الحنفيَّةِ ((تبيين الحقائق للزيلعي، مع حاشية الشلبي)) (1/116)، ((البناية)) للعيني (2/250)، ((مراقي الفلاح)) للشرنبلالي (ص: 100، 107). ، والحنابلةِ  ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (1/406)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/380). ، وقولُ داودَ الظَّاهريِّ ((المجموع)) للنووي (3/444). ، واختارَه ابنُ القيِّمِ قال ابنُ القيِّم: (البعير إذا برك، فإنه يضع يديه أولًا، وتبقى رِجلاه قائمتين، فإذا نهض، فإنه ينهض برجليه أولًا، وتبقى يداه على الأرض، وهذا هو الذي نهى عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وفعل خلافه، وكان أول ما يقع منه على الأرض الأقرب منها فالأقرب، وأول ما يرتفع عن الأرض منها الأعلى فالأعلى، وكان يضع ركبتيه أولًا، ثم يديه، ثم جبهته، وإذا رفع، رفع رأسه أولًا، ثم يديه، ثم ركبتيه، وهذا عكس ِفعل البعير، وهو صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهى في الصلاة عن التشبه بالحيوانات؛ فنهى عن بروكٍ كبروك البعير، والتفاتٍ كالتفات الثعلب، وافتراشٍ كافتراش السبع، وإقعاءٍ كإقعاء الكلب). ((زاد المعاد)) (1/224). ، وابنُ بازٍ قال ابن باز: (هذا هو الصَّوابُ: أن يسجُدَ على ركبتيه أولًا، ثم يضع يديه على الأرض، ثم يضع جَبْهَته وأنفه على الأرض، هذا هو المشروعُ، فإذا رفع، رَفَعَ جبْهَتَه أولًا، ثم يديه، ثم ركبتيه، هذا هو المشروع الذي جاءت به السنَّة عن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهو الجامِعُ بين الحديثين). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (11/62). وابنُ عُثَيمين قال ابن عُثَيمين: (هذا ينبني على صحة الحديث الوارد في ذلك، وقد أنكر النَّووي - رحمه لله - في المجموع صحة هذا الحديث، أي: إنه يقوم كالعاجِنِ، وبعض المتأخرين صحَّحه، وعلى كلِّ حال فالذي يظهر من حال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه كان يجلس لأنه كبِرَ وأخذه اللحمُ، فكان لا يستطيع النهوضَ من السجود إلى القيام مرة واحدة، فكان يجلس ثم إذا أراد أن ينهض ويقوم اعتمد على يديه؛ ليكون ذلك أسهل له، هذا هو الظاهِرُ من حال النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ ولهذا كان القولُ الراجِحُ في هذه الجِلسة - أعني الجِلسة التي يُسَمِّيها العلماء جِلسة الاستراحة - أنه إن احتاج إليها لكِبَرٍ، أو ثقل، أو مرض، أو ألم في ركبتيه أو ما أشبه ذلك، فليجلس، ثم إذا احتاج أن يعتمد عند القيام على يديه فليعتمد على أي صفة كانت، سواء اعتمد على ظهور الأصابِعِ، أي: جميع أصابعه، أو على راحته، أو غير ذلك، المهم أنه إذا احتاج إلى الاعتماد فليعتمد، وإن لم يحتَجْ فلا يعتمد). ((مجموع فتاوى ورسائل العُثَيمين)) (13/182). وقال أيضًا: (إذا كان الإنسان محتاجًا لهذه الجلسة «أي جلسة الاستراحة»، فالسنَّة أن يجلس، وإلا فلينهض معتمدًا على صدور قدميه بدون جلوس). ((مجموع فتاوى ورسائل العُثَيمين)) (13/219). . الأدلَّة:أوَّلًا: من الآثارعن عبدِ الرَّحمنِ بنِ يَزيدَ بنِ جابرٍ قال: رَمقْتُ ابنَ مَسعودٍ فرأيتُهُ يَنهَضُ علَى صدورِ قَدميهِ، ولا يَجلِسُ إذا صلَّى في أوَّلِ رَكْعةٍ حينَ يَقضي السُّجودَ رواه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (1/394)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (2/125) (2870) واللفظ له. صححه البيهقي (2/125)، وابن القيم في ((الصلاة وحكم تاركها)) (160)، والألباني في ((أصل صفة النبي)) (3/950). .وفي روايةٍ قال: رمَقْتُ عبدَ اللهِ بنَ مسعُودٍ في الصَّلاةِ، فرأيتُهُ ينهَضُ، ولا يجلِسُ، قال: ينهَضُ على صُدُورِ قَدَمَيْهِ في الرَّكْعَةِ الأولى، والثَّانيةِ أخرجه عبد الرزاق في ((المصنف)) (2966)، والطبراني (9/306) (9327)، والبيهقي (2875). صححه البيهقي، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (2/139): رجاله رجال الصحيح، وصححه الألباني في ((أصل صفة الصلاة)) (3/950). .وَجْهُ الدَّلالَةِ:في قولِه: (ينهَضُ على صدورِ قدَمَيْهِ) إشارةٌ إلى أنَّه لا يعتمِدُ على الأرضِ بيدِه عند قيامِه ((المحيط البرهاني)) لابن مازة (1/366). . ثانيًا: أنَّ رفعَ اليدينِ قبْلَ الرُّكبتينِ يوافِقُ قيامَ الإنسانِ، فإنَّه إذا قام مِن الأرضِ يرتفِعُ منه الأعلى فالأعلى ((زاد المعاد)) لابن القيم (1/224). . ثالثًا: أنَّ رفعَ اليدينِ قبْلَ الرُّكبتينِ يخالِفُ نهوضَ البعيرِ؛ فإنَّه إذا نهَض، فإنَّه ينهَضُ برِجْلَيْهِ أوَّلًا، وتبقى يداه على الأرضِ، وهذا هو الذي نهى عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وفعَل خِلافَه ((زاد المعاد)) لابن القيم (1/224). .القول الثاني: يستحبُّ أنْ يقومَ معتمِدًا على يديه، وهو مذهبُ المالكيَّةِ ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/ 272)، وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (2/196)، ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص: 46). ، والشافعيَّةِ ((المجموع)) للنووي (3/445)، وينظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/163). ، وقولُ طائفةٍ مِن السَّلفِ قال ابنُ المنذِر: (فروينا عن ابن عمر: أنه كان يعتمد على يديه إذا أراد القيام، حدثنا إسماعيل قال: ثنا أبو بكر قال: ثنا وكيع، عن حماد بن سلمة، عن الأزرق بن قيس قال: رأيت ابن عمر ينهض في الصلاة ويعتمد على يديه. وهكذا فعل مكحول، وعمر بن عبد العزير، وابن أبي زكريا، والقاسم أبو عبد الرحمن، وأبو مخرمة، وبه قال مالك والشافعي وأحمد بن حنبل) ((الأوسط)) (3/367). ، واختارَه الألبانيُّ قال الألبانيُّ: (الاعتماد على اليدين في النُّهوض إلى الركعة، ثم "كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ينهض - معتمدًا على الأرض - إلى الركعة الثانية") ((أصل صفة صلاة النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم)) (3/824). .الأدلَّة:أوَّلًا: مِن السنَّةِعن أبي قِلابةَ قال: جاءَنا مالكُ بنُ الحُوَيرثِ فصلَّى بنا في مسجدِنا هذا، فقال: إنِّي لَأُصلِّي بكم وما أُريدُ الصَّلاةَ، ولكن أُريدُ أنْ أُريَكم كيف رأَيْتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي، قال أيُّوبُ: فقُلتُ لأبي قِلابةَ: وكيف كانت صلاتُه؟ قال: مِثْلَ صلاةِ شيخِنا هذا، يعني عمرَو بنَ سلِمةَ، قال أيُّوبُ: وكان ذلك الشيخُ يُتمُّ التَّكبيرَ، وإذا رفَع رأسَه عنِ السَّجدةِ الثَّانيةِ جلَس واعتمَد على الأرضِ ثم قام) [2285] أخرجه البخاري (824). .ثانيًا: لأنَّ ذلك أبلَغُ في الخُشوعِ والتَّواضعِ، وأعونُ للمُصلِّي وأحرى ألَّا ينقلِبَ ((المجموع)) للنووي (3/445). . انظر أيضا: المطلب الأوَّلُ: كيفيَّةُ النُّزولِ على الأرضِ. المطلب الثالث: التَّفريجُ بين الفخِذَينِ ورفعُ البطنِ عنهما في السُّجودِ. . المطلب الرابع: مكانُ وضعِ اليدينِ في السُّجودِ  . المطلب الخامس: رفعُ الذِّراعَيْنِ عنِ الأرضِ حينَ السُّجودِ.

يُسَنُّ وضعُ اليدينِ حَذْوَ المَنْكِبَيْنِ وهذا مذهب الشافعيَّة والحنابلة. ينظر: ((تحفة المحتاج)) للهيتمي (2/76)، ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/162) ((الإنصاف)) للمرداوي (2/52)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/391). أو حَذْوَ الأُذُنينِ في السُّجودِ وهذا مذهب الحنفية. ينظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/116)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/335).  وروي عن بعض السَّلف، قال الزيلعي: (وروى الأثرم بإسناده عن وائل: أنه عليه الصلاة والسلام «سجد فجعل كفَّيه بحذاء أذنيه»، قال: ورُوي ذلك عن ابن عمر وسعيد بن جبير) ((تبيين الحقائق)) (1/116). ، وهذا مذهبُ المالكيَّةِ ((شرح الزرقاني على مختصر خليل) (1/377)، ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (1/249)، وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (1/285)، ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (1/328) واختارَه ابنُ قُدامةَ قال ابنُ قُدامة: (ويُستَحَبُّ أن يضع راحتيه على الأرض، مبسوطتينِ، مضمومتيِ الأصابِعِ بعضها إلى بعض، مستقبِلًا بهما القِبلة، ويضعهما حَذْوَ منكبيه، ذكره القاضي، وهو مذهب الشافعي؛ لقول أبي حميد: إنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وضَع كفيه حَذْوَ منكبيه، وروى الأثرم قال: رأيتُ أبا عبد الله سجد ويداه بحِذاء أذنيه، ورُوي ذلك عن ابن عمر، وسعيد بن جبير؛ لِمَا روَى وائل بن حُجْرٍ «أنَّ رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سجد فجعل كفَّيه بحذاءِ أُذُنَيه»؛ رواه الأثرم، وأبو داود، ولفظه: ثم سجد ووضع وجهه بين كفيه، والجميع حسن) ((المغني)) (1/374). ، وابنُ بازٍ قال ابن باز: (فالسنَّةُ للمرأة أن تُصلِّي كما يُصلِّي الرجلُ؛ في الركوع، والسجود، والقراءة، ووضْع اليدين على الصَّدر، وغير ذلك، هذا هو الأفضل، وهكذا وضْعُمها على الركبتين في الركوع، وهكذا وضْعُهما على الأرض في السجود حيالَ المَنْكِبين أو حيال الأذنين) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (11/80). وقال أيضًا: (ومعلومٌ أنَّ السنَّة للمصلي في حالِ الركوع أن يضع كفَّيه على ركبتيه، وفي حال السجودِ أن يضعَهما على الأرضِ حيال مَنْكِبيه أو حيالَ أذنيه، وفي حال الجلوس بين السَّجدتين، وفي التشهُّد أن يضعَهما على فَخِذيه وركبتيه، على التفصيل الذي أوضحَتْه السنَّة في ذلك) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (11/132). ، وابنُ عُثَيمين قال ابن عُثَيمين: (وعلى هذا، يكون موضع اليدين على حذاء المنكبين، وإن شاء قدَّمهما وجعَلهما على حذاءِ الجبهة، أو فُروع الأذنين؛ لأن كلَّ هذا مما جاءت به السنَّةُ) ((الشرح الممتع)) (3/122). . الأدلَّة مِن السُّنَّة:1- عن أبي حُمَيدٍ السَّاعديِّ رضيَ اللهُ عنه، وهو يَحكي صلاةَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ثم ركَع فوضَع يدَيْهِ على رُكبتَيْهِ كأنَّه قابضٌ عليهما، ووتَّرَ يدَيْهِ فتجافى عن جَنبَيْهِ، قال: ثم سجَدَ فأمكَنَ أنفَه وجبهتَه، ونحَّى يدَيْهِ عن جَنبَيْهِ ووضَع كفَّيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، ثم رفَع رأسَه حتَّى رجَع كلُّ عَظْمٍ في موضعِه، حتَّى فرَغَ، ثم جلَس فافتَرَش رِجْلَه اليُسرى، وأقبَل بصدرِ اليُمنى على قِبْلتِه، ووضَع كفَّه اليمنى على رُكبتِه اليُمنى، وكفَّه اليُسرى على رُكبتِه اليُسرى وأشار بأُصبُعِه)) أخرجه أبو داود (734) واللفظ له، والترمذي (293)، وابن خزيمة (640) قال الترمذيُّ: حسن صحيح، وصححه ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (1/331)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (734). .2- عن وائلِ بنِ حُجْرٍ رضيَ اللهُ عنه، قال: ((صلَّيْتُ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فكان إذا كبَّر رفَع يدَيْهِ ثم التحَفَ، ثم أخَذ شِمالَه بيمينِه، وأدخَل يدَيْهِ في ثوبِه، فإذا أراد أنْ يركَعَ أخرجَ يدَيْهِ ثم رفَعهما، وإذا أراد أنْ يرفَعَ رأسَه مِن الرُّكوعِ رفَع يدَيْهِ ثم سجَدَ، ووضَع وجهَه بين كفَّيْهِ وإذا رفَع رأسَه مِن السُّجودِ أيضًا رفَع يدَيْهِ حتَّى فرَغَ مِن صلاتِه)) رواه أبو داود (723)، وأحمد (4/317) (18886)، الطبراني (22/28) (61). احتج به ابن حزم في ((المحلى)) (4/92)، وذكر ثبوته ابن عبد البر في ((التمهيد)) (20/71)، وقال ابن حجر في ((التلخيص الحبير)) (1/367): أصله في مسلم، وصححه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (723). .عن وائلِ بنِ حُجرٍ: ((أنَّه رأى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رفَعَ يَدَيه حين دخَلَ في الصَّلاةِ كبَّرَ- وصَفَّ همَّامٌ حِيالَ أذُنَيه- ثم التحَفَ بِثَوبِه، ثم وضعَ يَدَه اليُمنى على اليُسرى، فلمَّا أراد أن يركَعَ أخرَجَ يَدَيه مِن الثَّوبِ، ثم رفَعَهما، ثم كبَّرَ فركَع، فلما قال: سَمِعَ اللهُ لمِنَ حَمِدَه رفَعَ يَدَيه، فلما سجَدَ سجَدَ بين كَفَّيه)) [2297] رواه مسلم (401) . انظر أيضا: المطلب الأوَّلُ: كيفيَّةُ النُّزولِ على الأرضِ. المطلب الثاني: صِفةُ النُّهوضِ مِن السُّجودِ للقيامِ. المطلب الثالث: التَّفريجُ بين الفخِذَينِ ورفعُ البطنِ عنهما في السُّجودِ. . المطلب الخامس: رفعُ الذِّراعَيْنِ عنِ الأرضِ حينَ السُّجودِ.

يُستحَبُّ رفعُ الذِّراعَيْنِ عن الأرضِ حينَ السُّجودِ، ويُكرَهُ افتراشُ الذِّراعينِ فيه، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحنفيَّةِ ((البناية)) للعيني (2/246)، ((الفتاوى الهندية)) (1/75). ، والمالكيَّةِ ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/ 270)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (1/468). ، والشافعيَّةِ ((المجموع)) للنووي (3/431)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (2/130). ، والحنابلةِ ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/371)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/373). .الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة1- عن أنسِ بنِ مالكٍ رضيَ اللهُ عنه، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((اعتدِلوا في السُّجودِ، ولا يبسُطْ أحدُكم ذراعَيْهِ انبساطَ الكلبِ)) رواه البخاري (822)، ومسلم (493). .2- عن البَرَاءِ بنِ عازبٍ رضيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا سجَدْتَ فضَعْ كفَّيْكَ وارفَعْ مِرْفَقَيْكَ)) رواه مسلم (494). . انظر أيضا: المطلب الأوَّلُ: كيفيَّةُ النُّزولِ على الأرضِ. المطلب الثاني: صِفةُ النُّهوضِ مِن السُّجودِ للقيامِ. المطلب الثالث: التَّفريجُ بين الفخِذَينِ ورفعُ البطنِ عنهما في السُّجودِ. . المطلب الرابع: مكانُ وضعِ اليدينِ في السُّجودِ  .

يُسَنُّ في السُّجودِ أنْ يستقبِلَ بأصابعِ قدمَيْهِ القِبلةَ، وذلك باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعة: الحنفيَّةِ ((حاشية ابن عابدين)) (1/504)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/210). ، والمالكيَّةِ ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/270)، وينظر: ((الثمر الداني)) للآبي الأزهري (ص: 112). ، والشافعيَّةِ ((المجموع)) للنووي (3/430)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (1/516). ، والحنابلةِ ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/198)، وينظر: ((حاشية الروض المربع)) لابن قاسم (2/56). .الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة1- عن محمَّدِ بنِ عمرِو بنِ عطاءٍ: ((أنَّه كان جالسًا مع نفَرٍ مِن أصحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فذكَرْنا صلاةَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال أبو حُمَيدٍ السَّاعديُّ: أنا كنتُ أحفَظَكم لصلاةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: رأَيْتُه إذا كبَّرَ جعَلَ يدَيْهِ حِذاءَ مَنْكِبَيْهِ، وإذا ركَعَ أمكَنَ يدَيْهِ مِن رُكبتَيْهِ، ثم هصَرَ ظهرَه، فإذا رفَع رأسَه استوى حتَّى يعودَ كلُّ فَقَارٍ مكانَه، فإذا سجَد وضَع يدَيْهِ غيرَ مفترشٍ ولا قابضِهما، واستقبَلَ بأطرافِ أصابعِ رِجْلَيْهِ القِبلةَ)) رواه البخاري (828). قال النَّوويُّ: (السنَّة أن ينصِب قدميه، وأن يكون أصابع رجليه موجَّهةً إلى القِبلة، وإنما يحصل توجيهها بالتحامل عليها، والاعتماد على بطونها). ((المجموع)) (3/431). .2- ((فقدتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وكان معي على فِراشي، فوجَدْتُه ساجدًا راصًّا عَقِبَيه مُستقبِلًا بأطرافِ أصابِعِه القِبلةَ، فسَمِعتُه يقول: أعوذُ برضاك من سَخَطِك، وبِعَفوِك مِن عُقوبَتِك، وبك منك، أُثني عليك لا أبلُغُ كلَّ ما فيك)) [2309] رواه ابن خزيمة (654)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (197)، والحاكم في ((المستدرك)) (832)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (2719) قال ابن عبد البر في ((التمهيد)) (23/348): صحيح ثابت، وصحح إسناده ابن الملقن في ((البدر المنير)) (3/669)، وابن باز في ((حاشية بلوغ المرام)) (223)، وقال الألباني في ((أصل صفة الصلاة)) (2/736): صحيح على شرط مسلم فقط .3- عن أبي حُمَيدٍ السَّاعديِّ رضيَ اللهُ عنه، قال: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا أهوى إلى الأرضِ ساجدًا جافَى عضُدَيْه عن إِبْطَيْهِ، وفتَخَ أصابعَ رِجْلَيْهِ)) رواه أبو داود (730)، والترمذي (304)، والنسائي (2/211) واللفظ له، وابن ماجه (1061). قال الترمذيُّ: حسن صحيح، وقال البزار في ((البحر الزخار)) (9/162): لا نعلمه يروى بأحسنَ من هذا الإسناد، واحتج به ابن حزم في ((المحلى)) (4/91)، وصححه ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (1/339)، وصحح إسناده موفق الدين ابن قدامة في ((المغني)) (2/122)، وصححه النَّووي في ((المجموع)) (3/406)، وابن القيم في ((تهذيب السنن)) (2/416) وقال: متلقًّى بالقَبول لا علة له، وقال أحمد شاكر في ((شرح سنن الترمذي)) (2/105): له طرق، وصححه الألباني في ((صحيح سنن النسائي)) (2/211). .وَجْهُ الدَّلالَةِ: أنَّه كان عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ يفتَخُ أصابعَ رِجلَيْهِ في السُّجودِ، أي: كان يكسِرُ أصابعَه فيَثْنِيها حتَّى تكونَ أطرافُها مواجهةً للقِبلةِ، ولو لم يفعَلْ ذلك كانت أطرافُها إلى غيرِ القِبلةِ ((فتح الباري)) لابن رجب (2/282). . انظر أيضا: المطلب الأوَّلُ: كيفيَّةُ النُّزولِ على الأرضِ. المطلب الثاني: صِفةُ النُّهوضِ مِن السُّجودِ للقيامِ. المطلب الثالث: التَّفريجُ بين الفخِذَينِ ورفعُ البطنِ عنهما في السُّجودِ. . المطلب الرابع: مكانُ وضعِ اليدينِ في السُّجودِ  .

الفَرْعُ الأول: ما يُسَنُّ قولُه مِن الأذكارِورَدَتْ عدَّةُ صِيَغٍ للذِّكرِ في السُّجودِ، منها:قولُ: سُبحانَ ربِّيَ الأعلىفعن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رضيَ اللهُ عنهما قال: ((بِتُّ عند خالتي ميمونةَ، قال: فانتبَهَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن اللَّيلِ، فذكَرَ الحديثَ، قال: ثم ركَعَ، قال: فرأَيْتُه قال في ركوعِه: سُبحانَ ربِّيَ العظيمِ، ثم رفَعَ رأسَه فحمِدَ اللهَ ما شاءَ اللهُ أن يحمَدَه، قال: ثم سجَدَ، قال: فكان يقولُ في سُجودِه: سُبحانَ ربِّيَ الأعلى، قال: ثم رفَعَ رأسَه، قال: فكان يقولُ فيما بين السَّجدتينِ: ربِّ اغفِرْ لي، وارحَمْني، واجبُرْني، وارفَعْني، وارزُقْني، واهدِني)) رواه أحمد (1/371) (3514)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (12/ 20) 12349)، صحح إسناده أحمد شاكر في تحقيق ((المسند)) (7/368)، وجوده الألباني في ((أصل صفة الصلاة)) (3/809). .قولُ: سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، ربُّ الملائكةِ والرُّوحِفعن عائشةَ رضيَ اللهُ عنه: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يقولُ في ركوعِه وسُجودِه، سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، ربُّ الملائكةِ والرُّوحِ)) رواه مسلم (487). .قولُ: سُبحانَك اللهمَّ ربَّنا وبحمدِك، اللهمَّ اغفِرْ ليفعن عائشةَ رضيَ اللهُ عنها قالت: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُكثِرُ أنْ يقولَ في ركوعِه وسجودِه: سُبحانَكَ اللهمَّ ربَّنا وبحمدِك، اللهمَّ اغفِرْ لي، يتأوَّلُ القُرآنَ)) رواه البخاري (817)، ومسلم (484). .قولُ: اللهمَّ لك سجَدْتُ، وبك آمَنْتُ، ولك أسلَمْتُ، سجَد وجهي للذي خَلَقَه وصوَّرَه، وشَقَّ سَمْعَه وبصَرَه، تبارَكَ اللهُ أحسَنُ الخالقينَ فعن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضيَ اللهُ عنه، عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه: ((إذا سجَد قال: اللهمَّ لك سجَدْتُ، وبك آمَنْتُ، ولك أسلَمْتُ، سجَد وجهي للذي خَلَقَه وصوَّرَه، وشقَّ سَمْعَه وبصَرَه، تبارَكَ اللهُ أحسَنُ الخالقينَ، ثم يكونُ مِن آخِرِ ما يقولُ بين التشهُّدِ والتَّسليمِ: اللهمَّ اغفِرْ لي ما قدَّمْتُ وما أخَّرْتُ، وما أسرَرْتُ وما أعلَنْتُ، وما أسرَفْتُ، وما أنتَ أعلَمُ به منِّي، أنتَ المُقدِّمُ وأنتَ المُؤخِّرُ، لا إلهَ إلَّا أنتُ)) رواه مسلم (771). .الفَرْعُ الثاني: استحبابُ الدُّعاءِ في السُّجودِ، وبعضُ الأدعيةِ المأثورةِأوَّلًا: يُستحَبُّ الدُّعاءُ في السُّجودِفعن أبي هُرَيرةَ رضيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أقرَبُ ما يكونُ العبدُ مِن ربِّه وهو ساجدٌ؛ فأكثِروا الدُّعاءَ)) أخرجه مسلم (482). .ثانيًا: مِن الأدعيةِ المأثورةِ في السُّجودِ1- اللهمَّ اغفِرْ لي ذَنْبي كلَّه؛ دِقَّه وجِلَّه، وأوَّلَه وآخِرَه، وعلانيَتَه وسِرَّه.فعن أبي هُرَيرةَ، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يقولُ في سجودِه: ((اللهمَّ اغفِرْ لي ذَنْبي كلَّه؛ دِقَّه وجِلَّه، وأوَّلَه وآخِرَه، وعلانيتَه وسِرَّه)) أخرجه مسلم (483). .2- اللهمَّ اغفِرْ لي ما أسرَرْتُ وما أعلَنْتُ.فعن عائشةَ رضِيَ اللهُ عنها قالت: فقَدْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن مضجَعِه فجعَلْتُ ألتمِسُه، وظنَنْتُ أنَّه أتى بعضَ جَوَارِيه، فوقَعَتْ يدي عليه وهو ساجدٌ وهو يقولُ: ((اللهمَّ اغفِرْ لي ما أسرَرْتُ وما أعلَنْتُ)) أخرجه النسائي (1124)، وأحمد (25183)، وابن أبي شيبة (29237). صحح إسناده ابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (2/99)، وصححه الألباني في ((صحيح النسائي)) (1124). .3- اللهمَّ اجعَلْ في قلبي نورًا، وفي سَمْعي نورًا، وفي بصَري نورًا، وعن يميني نورًا، وعن شِمالي نوًرا، وأمامي نورًا، وخَلْفي نورًا، وفَوْقي نورًا، وتحتي نورًا، واجعَلْ لي نورًا.فعنِ ابنِ عبَّاسٍ، قال: بِتُّ في بيتِ خالتي ميمونةَ، فبقِيتُ كيف يُصلِّي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم،... إلى أن قال ابنُ عبَّاسٍ:... فجعَلَ يقولُ في صلاتِه، أو في سجودِه: ((اللهمَّ اجعَلْ في قلبي نورًا، وفي سَمْعي نورًا، وفي بصَري نورًا، وعن يميني نورًا، وعن شِمالي نورًا، وأمامي نورًا، وخَلْفي نورًا، وفَوْقي نورًا، وتحتي نورًا، واجعَلْ لي نورًا))، أو قال: ((واجعَلْني نورًا)) أخرجه البخاري (6316)، ومسلم (763) واللفظ له. .4- اللهمَّ أعوذُ برضاكَ مِن سَخَطِكَ، وبمُعافاتِكَ مِن عقوبتِك، وأعوذُ بك منك، لا أُحصي ثَناءً عليك، أنتَ كما أثنَيْتَ على نفسِكَ.فعن عائشةَ، قالت: فقَدْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ليلةً مِن الفِراشِ، فالتمَسْتُه، فوقَعَتْ يدي على بطنِ قدمَيْهِ وهو في المسجدِ وهما منصوبتانِ، وهو يقولُ: ((اللهمَّ أعوذُ برضاكَ مِن سَخَطِكَ، وبمُعافاتِكَ مِن عقوبتِك، وأعوذُ بك منك لا أُحصي ثَناءً عليك، أنتَ كما أثنَيْتَ على نفسِكَ)) أخرجه مسلم (486). . انظر أيضا: المطلب الأوَّلُ: كيفيَّةُ النُّزولِ على الأرضِ. المطلب الثاني: صِفةُ النُّهوضِ مِن السُّجودِ للقيامِ. المطلب الثالث: التَّفريجُ بين الفخِذَينِ ورفعُ البطنِ عنهما في السُّجودِ. . المطلب الرابع: مكانُ وضعِ اليدينِ في السُّجودِ  .