اختلَفَ العلماءُ في حُكمِ قولِ: (سَمِعَ اللهُ لِمَن حمِده، ربَّنا ولك الحمدُ) في الاعتدالِ مِن الرُّكوعِ قال ابنُ عبد البَرِّ: (رفْعُ الرأس من الرُّكوع ليس فيه تكبيرٌ، إنَّما هو التحميدُ بإجماع). ((التمهيد)) (7/80). وقال ابنُ تَيميَّة: (الاعتدالُ مشروعٌ فيه التحميدُ بالسُّنة المتواتِرة، وإجماع المسلمين). ((مجموع الفتاوى)) (22/380). ، على قولينِ:القولُ الأوَّلُ: أنَّ التَّسميعَ والتَّحميدَ واجبانِ، وهذا مذهبُ الحنابلةِ ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (1/445)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/362)، ((شرح الزركشي على مختصر الخرقي)) (1/558) ، وإسحاقَ وداودَ قال ابنُ قُدامة: (والمشهور عن أحمد: أن تكبير الخفضِ والرفع، وتسبيح الركوع والسجود، وقول: سمع الله لمن حمده، وربنا ولك الحمد، وقول: ربي اغفر لي - بين السجدتين -، والتشهد الأول - واجبٌ، وهو قول إسحاق، وداود) ((المغني)) (1/362). ، واختارَه ابنُ بازٍ قال ابن باز: (بل الواجب على المصلي أن يصلِّيَ كما صلى النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فيأتي بالتكبير في محلِّه، والتسميع في محله، وقول: ربنا ولك الحمد في محله، ومَن خالف ذلك سهوًا فلا إثم عليه، وعليه أن يسجد للسهو إن كان إمامًا أو منفردًا) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (29/287). ، والألبانيُّ قال الألبانيُّ: (بل إنني أقول: إن التسميع في الاعتدال واجبٌ على كلِّ مصلٍّ؛ لثبوت ذلك في حديث المسيء صلاتَه؛ فقد قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيه: «إنها لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله... ثم يكبر... يركع حتى تطمئن مفاصله وتسترخي ثم يقول: سمع الله لمن حمده، ثم يستوي قائمًا حتى يقيم صُلبَه... ») ((تمام المنة)) (ص: 191). وقال أيضًا: (ويقول في هذا القيام: "ربنا ولك الحمد"، وهذا واجب على كل مصلٍّ ولو كان مؤتمًّا؛ فإنه وِردُ القيامِ، أما التسميع فوِرْدُ الاعتدالِ) ((تلخيص صفة صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم)) (ص: 23). ، وابنُ عُثَيمين قال ابن عُثَيمين: (وقوله: «سمع الله لمن حمده» لا بُدَّ أن يكون بهذا اللفظ، فلو قال: استجاب الله لمن أثنى عليه فلا يصحُّ؛ لأن هذا ذِكْرٌ واجبٌ، فيُقتصرُ فيه على الوارد، ولا بُدَّ أن يكون على هذا الترتيب: «سَمِعَ اللهُ لمَن حَمِدَه» فلو قال: اللهُ سَمِعَ لمن حَمِدَه، لم يصحَّ، ولو قال: لمَن حَمِدَه سَمِعَ اللهُ، لم يصحَّ أيضًا؛ لأن السُّنَّة وردت هكذا، وقد قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «صَلُّوا كما رأيتموني أُصلِّي»، ولأنه ذِكْرٌ واجبٌ، فوجب الاقتصارُ فيه على الوارد) ((الشرح الممتع)) (3/97). وقال أيضًا: (إن ترَكَ قول: «سمع الله لمن حمده» فقد ترك واجبًا، وترك الواجب - كما هو معلوم - يوجب سجود السَّهو). ((مجموع فتاوى ورسائل العُثَيمين)) (16/313). .الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة1- عن أبي هُرَيرةَ رضيَ اللهُ عنه، إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا قال الإمامُ: سَمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَه، فقولوا: ربَّنا لك الحمدُ)) رواه البخاري (796)، ومسلم (409). .وَجْهُ الدَّلالَةِ: أنَّ قولَه: ((فقولوا)) أمرٌ، والأصلُ في الأمرِ: الوجوبُ ((المغني)) لابن قدامة (1/362). .2- عن رِفاعةَ بنِ رافعٍ في حديثِ المُسيءِ صلاتَه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّها لا تتمُّ صلاةُ أحدِكم حتَّى يُسبِغَ الوضوءَ كما أمَره اللهُ... ثم يُكبِّرُ ويركَعُ حتَّى تطمئِنَّ مفاصِلُه وتسترخيَ ثم يقولُ: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه)) أخرجه أبو داود (857)، والنسائي (1136)، والدارمي (1368)، وابن الجارود في ((المنتقى)) (194)، والدارقطني (319). حسن إسناده البزارُ (9/178)، واحتج به ابن حزم في ((المحلى)) (3/257)، وصحح الحديثَ الألبانيُّ في ((صحيح أبي داود)) (857). .وَجْهُ الدَّلالَةِ: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم علَّمه المسيءَ صلاتَه، وحديثُه أصلٌ في معرفةِ واجباتِ الصَّلاةِ؛ فكلُّ ما هو مذكورٌ فيه واجبٌ ((نيل الأوطار)) للشوكاني (2/202)، ويُنظر: ((إحكام الأحكام)) لابن دقيق العيد (1/166). .3- عن أبي هُرَيرةَ رضيَ اللهُ عنه: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا قامَ إلى الصَّلاةِ يُكبِّرُ حينَ يقومُ، ثم يُكبِّرُ حينَ يركَعُ، ثم يقولُ: سمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَه، حين يرفَعُ صُلْبَه مِن الرُّكوعِ، ثم يقولُ وهو قائمٌ: ربَّنا ولك الحمدُ)) أخرجه البخاري (789) ومسلم (392). .وَجْهُ الدَّلالَةِ:أنَّ هذا فِعلُه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، وقد قال: ((صلُّوا كما رأيتموني أُصلِّي)) رواه البخاري (631). .ثانيًا: أنَّ الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم واظَبَ على ذلك، فلم يدَعْ قولَ: ((سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه)) بأيِّ حالٍ مِن الأحوالِ ((الشرح الممتع)) لابن عُثَيمين (3/317). . ثالثًا: أنَّه شِعارُ الانتقالِ مِن الرُّكوعِ إلى القيامِ ((الشرح الممتع)) لابن عُثَيمين (3/317). .رابعًا: لأنَّ مواضعَ هذه الأذكارِ أركانُ الصَّلاةِ، فكان فيها ذِكرٌ واجبٌ كالقيامِ ((المغني)) لابن قدامة (1/362). .القول الثاني: أنَّ قولَ سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه، ربَّنا ولك الحمدُ: سُنَّةٌ، وهذا مذهبُ الجمهورِ قال النَّوويُّ: (في التسبيح، وسائر الأذكار في الركوع والسجود، وقول: سمِع الله لمن حمِده، وربنا لك الحمد، والتكبيرات غير تكبيرة الإحرام - كلُّ ذلك سنَّة ليس بواجب، فلو تركه لم يأثَمْ، وصلاته صحيحة، سواء تركه عمدًا أو سهوًا، لكن يكره تركه عمدًا، هذا مذهبنا، وبه قال مالك، وأبو حنيفة، وجمهور العلماء، قال الشيخ أبو حامد: وهو قول عامَّةِ الفقهاء، قال صاحب الحاوي: وهو مذهبُ الفقهاء كافَّة) ((المجموع)) (3/414). : الحنفيَّةِ ((الفتاوى الهندية)) (1/74)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/209). ، والمالكيَّةِ ((الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي)) (1/ 242-243)، وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (1/275)، ((الذخيرة)) للقرافي (2/217). ، والشافعيَّةِ ((المجموع)) للنووي (3/414)، ((روضة الطالبين)) للنووي (1/252). .الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة1- عن أبي هُرَيرةَ رضيَ اللهُ عنه، قال: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا قال: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه، قال: اللهمَّ ربَّنا ولك الحمدُ، وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا ركَع، وإذا رفَع رأسَه يكبِّرُ، وإذا قام مِن السَّجدتينِ قال: اللهُ أكبَرُ)) رواه البخاري (795)، ومسلم (392). .2- عن أبي هُرَيرةَ رضيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا قال الإمامُ: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه، فقولوا: ربَّنا لك الحمدُ؛ فإنَّه مَن وافَق قولُه قولَ الملائكةِ، غُفِرَ له ما تقدَّمَ مِن ذَنْبِه)) رواه البخاري (796)، ومسلم (409). .والحديثانِ يُحملانِ على الاستحبابِ؛ جمعًا بين الأدلَّةِ ((المجموع)) للنووي (3/415). .ثالثًا: لأنَّه لو كان واجبًا لم يسقُطْ بالسَّهوِ؛ كالأركانِ ((المغني)) لابن قدامة (1/362). . انظر أيضا: المطلب الثاني: من يكونُ منه التَّسميعُ والتَّحميدُ. المطلب الثالثُ: صِيَغُ التَّحميدِ الواردةِ وما يُزادُ عليها.

الفَرْعُ الأولى: التَّسميعُ والتَّحميدُ للمنفردِإذا كان المُصلِّي منفرِدًا، فإنَّه يجمَعُ بين التَّسميعِ والتَّحميدِ.الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّةعن أبي هُرَيرةَ رضيَ اللهُ عنه، قال: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا قال: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه، قال: اللهمَّ ربَّنا ولك الحمدُ، وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا ركَعَ، وإذا رفَعَ رأسَه يُكبِّرُ، وإذا قام مِن السَّجدتينِ قال: اللهُ أكبَرُ)) رواه البخاري (795)، ومسلم (392). .وَجْهُ الدَّلالَةِ:أنَّ الرِّوايةَ لم تفرِّقْ بين كونِه إمامًا ومنفرِدًا، ولأنَّ ما شُرِعَ مِن القراءةِ والذِّكرِ في حقِّ الإمامِ شُرِعَ في حقِّ المنفرِدِ، كسائرِ الأذكارِ ((المغني)) لابن قدامة (1/366). .ثانيًا: من الإجماعنقَل الإجماعَ على أنَّ المنفردَ يجمَعُ بينهما: الطَّحاويُّ قال ابنُ حجر: (وأمَّا المنفردُ فحكى الطحاويُّ وابنُ عبد البرِّ الإجماعَ على أنه يجمَع بينهما) ((فتح الباري)) (2/284). ، وابنُ عبدِ البرِّ قال ابن عبد البرِّ: (ولا أعلَم خلافًا أن المنفردَ يقول: سمِع اللهُ لِمن حمِده، ربنا لك الحمد، أو: ولك الحمد) ((الاستذكار)) (2/178)، وابنُ رُشدٍ قال ابنُ رشد: (ولا خلافَ في المنفرد: أعني أنه يقولهما جميعًا) ((بداية المجتهد)) (1/151). .الفَرْعُ الثاني: التَّسميعُ والتَّحميدُ للإمامِ  يجمَعُ الإمامُ بين التَّسميعِ والتَّحميدِ، وهذا مذهبُ الشافعيَّةِ ((المجموع)) للنووي (3/419). ، والحنابلةِ ((الإنصاف)) للمرداوي (2/48)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/348). ، وروايةٌ عن أبي حنيفةَ قال الكمالُ ابنُ الهُمام: (وفي شرح الأقطع عن أبي حنيفة رضي الله عنه: يجمَعُ بينهما الإمام والمأموم) ((فتح القدير)) (1/298). وقال ابنُ رشد: (وقد رُوي عن أبي حنيفة: أنَّ المنفردَ والإمام يقولانهما جميعًا) ((بداية المجتهد)) (1/151). ، وقولُ محمَّدٍ وأبي يوسفَ مِن الحنفيَّةِ قال ابن نجيم: (قوله: "واكتفى الإمامُ بالتَّسميع، والمؤتمُّ والمنفرد بالتحميد"؛ لحديث الصحيحين: إذا قال الإمام: سمِع الله لمن حمِده، فقولوا: ربَّنا لك الحمد، فقسَم بينهما، والقسمة تنافي الشركة، فكان حجةً على أبي يوسف ومحمد، القائلينِ بأن الإمامَ يجمع بينهما، استدلالًا بأنَّه عليه السلام كان يجمع بينهما) ((البحر الرائق)) (1/343). ، وقولُ داودَ ((المجموع)) للنووي (3/419). ، وقال به بعضُ السَّلَفِ قال النَّوويُّ: (قد ذكَرْنا أنَّ مذهبنا: أنه يقول في حال ارتفاعه: سمع الله لمن حمِده، فإذا استوى قائمًا، قال: ربنا لك الحمد، إلى آخره، وأنه يستحبُّ الجمعُ بين هذين الذِّكرين للإمام والمأموم والمنفرد، وبهذا قال عطاء، وأبو بردة، ومحمد بن سيرين، وإسحاق، وداود) ((المجموع)) (3/419). وقال ابن رجب: (تقدم... أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يقول في حال رفعِه من الركوع: ((سمِع الله لمن حمده))، ثم يقول بعد انتصابِه منه: ((ربنا ولك الحمد))، فدلَّ على أن الإمام يجمَع بين التسميع والتحميد، وهو قول الثوريِّ، والأوزعي، والشافعي، وأحمد، وأبي يوسف، ومحمد، ورُوي عن علي وأبي هريرة) ((فتح الباري)) (7/192). ، واختارَه ابنُ بازٍ قال ابن باز: (يرفع رأسه من الركوع رافعًا يديه إلى حَذو مَنْكبيه أو أذنيه قائلًا: سمع الله لمن حِمده إن كان إمامًا أو منفردًا، ويقول حال قيامه: «ربنا ولك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، مِلْءَ السموات، وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئتَ من شيء بعدُ»، أما إن كان مأمومًا فإنه يقول عند الرفع: ربنا ولك الحمد، إلى آخر ما تقدم) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (11/10). ، وابنُ عُثَيمين قال ابن عُثَيمين: (الإمام والمنفرد يقولان: سمِع الله لمن حمِده، ربنا ولك الحمد، والمأموم يقول: ربنا ولك الحمد) ((لقاء الباب المفتوح)) (رقم اللقاء: 64). .الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة1- عن أبي هُرَيرةَ رضيَ اللهُ عنه، قال: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا قال: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه، قال: اللهمَّ ربَّنا ولك الحمدُ، وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا ركَع، وإذا رفَع رأسَه يُكبِّرُ، وإذا قام مِن السَّجدتينِ قال: اللهُ أكبَرُ)) رواه البخاري (795)، ومسلم (392). .2- عن أبي هُرَيرةَ رضيَ اللهُ عنه: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا قام إلى الصَّلاةِ يُكبِّرُ حين يقومُ، ثم يُكبِّرُ حين يركَعُ، ثم يقولُ: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه حين يرفَعُ صُلبَه مِن الرُّكوعِ، ثم يقولُ وهو قائمٌ: ربَّنا ولك الحمدُ، ثم يُكبِّرُ حين يَهْوِي ساجدًا)) رواه البخاري (789)، ومسلم (392). .ثانيًا: ولأن الإمامَ حرَّضَ غيرَه فلا ينسَى نفسَه ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/115). .الفَرْعُ الثالثُ: التَّسميعُ والتَّحميدُ للمأمومِيَكتفي المأمومُ بالتَّحميدِ فقط، وهذا مذهبُ الجمهورِ: الحنفيَّةِ ((الفتاوى الهندية)) (1/74)، وينظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/298). ، والمالكيَّةِ ((الرسالة)) للقيرواني (ص: 27)، وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (1/281)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (1/465). ، والحنابلةِ ((الإنصاف)) للمرداوي (2/47)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/349). .الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّةعن أبي هُرَيرةَ رضيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليُؤتَمَّ به، فإذا كبَّرَ فكبِّروا... وإذا قال الإمامُ: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِده، فقولوا: ربَّنا لك الحمدُ)) رواه البخاري (796)، ومسلم (409). .وَجْهُ الدَّلالَةِ:أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فرَّقَ بين التَّكبيرِ وبين التَّسميعِ؛ فالتَّكبيرُ نقولُ كما يقولُ، والتَّسميعُ لا نقولُ كما يقولُ؛ فمعنى الحديثِ: إذا قال: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه، فلا تقولوا: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه، ولكن قولوا: ربَّنا ولك الحمدُ، بدليلِ سياقِ الحديثِ الذي فيه: إذا كبَّرَ فكبِّروا ((لقاء الباب المفتوح)) لابن عُثَيمين (رقم اللقاء: 11). . انظر أيضا: المطلب الأوَّلُ: حُكمُ التَّسميعِ والتَّحميدِ. المطلب الثالثُ: صِيَغُ التَّحميدِ الواردةِ وما يُزادُ عليها.

الفَرْعُ الأولى: صِيَغُ التَّحميدِ المأثورةِ قال ابن عُثَيمين: (وكلُّ واحدة من هذه الصِّفات مجزئة، ولكن الأفضل أن يقول هذا أحيانًا، وهذا أحيانًا، على القاعدة التي قرَّرناها فيما سبق، مِن أنَّ العبادات الواردةَ على وجوهٍ متنوِّعة الأفضلُ فيها فِعْلُها على هذه الوجوه، وذكرنا أن في ذلك ثلاث فوائد، وهي: 1 - المحافظة على السُّنَّة. 2 - اتِّباع السُّنَّة. 3 - حضور القلب) ((الشرح الممتع)) (3/98). أوَّلًا: ربَّنا ولك الحمدُالدَّليلُ مِن السنَّةِ:عن أبي هُرَيرةَ رضيَ اللهُ عنه، قال: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا قام إلى الصَّلاةِ، يكبِّرُ حين يقومُ، ثم يكبِّرُ حين يركَعُ، ثم يقولُ: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه، حين يرفَعُ صُلبَه مِن الرَّكعةِ، ثم يقولُ وهو قائمٌ: ربَّنا لك الحمدُ - قال عبدُ اللهِ: ولك الحمدُ - ثم يُكبِّرُ حين يَهْوِي، ثم يكبِّرُ حين يرفَعُ رأسَه، ثم يكبِّرُ حين يسجُدُ، ثم يكبِّرُ حين يرفَعُ رأسَه، ثم يفعَلُ ذلك في الصَّلاةِ كلِّها حتَّى يقضيَها، ويُكبِّرُ حين يقومُ مِن الثِّنتَيْنِ بعد الجلوسِ)) رواه البخاري (789)، ومسلم (392). .ثانيًا: ربَّنا لك الحمدُالدَّليلُ مِن السنَّةِ:عن أبي هُرَيرةَ رضيَ اللهُ عنه، قال: ((إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: إذا قال الإمامُ: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه، فقولوا: ربَّنا لك الحمدُ؛ فإنَّه مَن وافَقَ قولُه قولَ الملائكةِ، غُفِرَ له ما تقدَّمَ مِن ذَنبِه)) رواه البخاري (796)، ومسلم (409). .ثالثًا: اللهمَّ ربَّنا لك الحمدُالدَّليلُ مِن السنَّةِ:عن أبي هُرَيرةَ رضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا قال الإمامُ: سمِع اللهُ لمَن حمِدَه، فقولوا: اللهمَّ ربَّنا لك الحمدُ؛ فإنَّه مَن وافَق قولُه قولَ الملائكةِ، غُفِرَ له ما تقدَّمَ مِن ذَنبِه)) رواه البخاري (796)، ومسلم (409). .رابعًا: اللهمَّ ربَّنا ولك الحمدُالدَّليلُ مِن السنَّةِ:عن أبي هُرَيرةَ رضيَ اللهُ عنه، قال: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا قال: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه، قال: اللهمَّ ربَّنا ولك الحمدُ، وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا ركَع، وإذا رفَع رأسَه يُكبِّرُ، وإذا قام مِن السَّجدتينِ قال: اللهُ أكبَرُ)) رواه البخاري (795)، ومسلم (392). .الفَرْعُ الثاني: ما يُزادُ على التَّحميدِ- يُسَنُّ للمُصلِّي أن يَزيدَ مع التَّحميدِ، فيقولَ: ربَّنا ولك الحمدُ حمدًا كثيرًا طيِّبًا مُبارَكًا فيه. الدليل:عن رِفاعةَ بنِ رافعٍ رضيَ اللهُ عنه، قال: ((كنَّا يومًا نُصلِّي وراءَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلمَّا رفَع رأسَه من الرَّكعةِ، قال: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه، قال رجلٌ وراءَه: ربَّنا ولك الحمدُ حمدًا كثيرًا طيِّبًا مبارَكًا فيه، فلمَّا انصرَف، قال: مَنِ المتكلِّمُ؟ قال: أنا، قال: رأيتُ بِضعَةً وثلاثينَ مَلَكًا يبتَدِرونها، أيُّهم يكتبُها أولُ)) رواه البخاري (799). .- ويُسَنُّ له أنْ يقولَ: اللهمَّ ربَّنا لك الحمدُ، مِلْءَ السَّمواتِ ومِلْءَ الأرضِ، ومِلْءَ ما شِئْتَ مِن شيءٍ بعدُ.الدليل:عن عبدِ اللهِ بنِ أبي أوفى رضيَ اللهُ عنه، قال: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، إذا رفَعَ ظهرَه مِن الرُّكوعِ، قال: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه، اللهمَّ ربَّنا لك الحمدُ، مِلْءَ السَّمواتِ، ومِلْءَ الأرضِ، ومِلْءَ ما شِئتَ مِن شيءٍ بعدُ)) رواه مسلم (476). .- ويُسَنُّ له أنْ يقولَ: ربَّنا لك الحمدُ مِلْءَ السَّمواتِ والأرضِ، ومِلْءَ ما شِئتَ مِن شيءٍ بعدُ، أهلَ الثناءِ والمجدِ، أحقُّ ما قال العبد،ُ وكلُّنا لك عبدٌ، اللهمَّ لا مانعَ لِما أعطَيتَ، ولا مُعطيَ لِمَا منَعتَ، ولا ينفَعُ ذا الجَدِّ منك الجَدُّ.الدليل:عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رضيَ اللهُ عنه، قال: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا رفَع رأسَه مِن الرُّكوعِ قال: ربَّنا لك الحمدُ، مِلْءَ السَّمواتِ والأرضِ، ومِلْءَ ما شِئتَ مِن شيءٍ بعدُ، أهلَ الثَّناءِ والمجدِ، أحقُّ ما قال العبدُ، وكلُّنا لك عبدٌ، اللهمَّ لا مانعَ لِما أعطَيتَ، ولا مُعطيَ لِما منَعتَ، ولا ينفَعُ ذا الجَدِّ منك الجَدُّ)) رواه مسلم (477). . انظر أيضا: المطلب الأوَّلُ: حُكمُ التَّسميعِ والتَّحميدِ. المطلب الثاني: من يكونُ منه التَّسميعُ والتَّحميدُ.