يُسَنُّ وضعُ اليُمنى على اليُسرى في القيامِ في جميعِ ركعاتِ الصَّلاةِ، وهو مذهبُ الجمهورِ: الحنفيَّةِ ((البناية)) للعيني (2/180)، وينظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/287). ، والشافعيَّةِ ((المجموع)) للنووي (3/311)، وينظر: ((البيان)) للعمراني (2/175). ، والحنابلةِ ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/333)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/341). ، وقولٌ للمالكيَّةِ ((البيان والتحصيل)) لابن رشد الجد (18/72)، ((الذخيرة)) للقرافي (2/228). ، وهو قولُ أكثرِ الفقهاءِ قال ابن عبد البرِّ: (لم تختلفِ الآثار عن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في هذا البابِ، ولا أعلَمُ عن أحد من الصحابة في ذلك خلافًا، إلَّا شيء رُوي عن ابن الزُّبير أنه كان يرسل يديه إذا صلَّى، وقد رُوي عنه خلافه مما قدَّمْنا ذكره عنه، وذلك قوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "وضع اليمين على الشِّمال من السنَّة"، وعلى هذا جمهور التابعين، وأكثر فقهاء المسلمين من أهل الرأي) ((التمهيد)) (20/74). وقال أيضًا: (قال سفيان الثوري وأبو حنيفة والشافعي وأصحابهم، والحسن بن صالح، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبو ثور، وأبو عبيد، وداود بن علي، والطبريُّ: يَضع المصلِّي يمينُه على شِماله في الفريضَةِ والنَّافلة، وقالوا كلُّهم: وذلك سُنَّة مسنونة، قال الشافعي: عند الصَّدْرِ، ورُوي عن علي بن أبي طالب أنَّه وَضَعَهما على صَدْرِه). ((التمهيد)) (20/75). وقال ابنُ قُدامة: (أمَّا وضع اليمنى على اليسرى في الصَّلاة، فمِن سنَّتِها في قول كثيرٍ من أهل العلم، يروى ذلك عن علي، وأبي هريرة، والنَّخَعي، وأبي مجلز، وسعيد بن جبير، والثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي، وحكاه ابن المنذر عن مالك، وظاهر مذهبه الذي عليه أصحابه إرسالُ اليدين، وروي ذلك عن ابن الزبير، والحسن) ((المغني)) (1/341). وقال النَّوويُّ: (في مذاهب العلماءِ في وضع اليُمنى على اليسرى: قد ذكرنا أنَّ مذهبنا: أنَّه سُنَّة، وبه قال علي بن أبي طالب، وأبو هريرة، وعائشة، وآخرون من الصَّحابة رضي الله عنهم، وسعيد بن جبير، والنخعي، وأبو مجلز، وآخرون من التابعين، وسفيان الثوري، وأبو حنيفة وأصحابه، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وداود، وجمهور العلماء، قال الترمذيُّ: والعملُ على هذا عند أهْلِ العِلْمِ من الصحابة والتابعينَ ومَن بَعْدَهم). ((المجموع)) (3/311). .الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة1- عن سهلِ بنِ سعدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: ((كان النَّاسُ يؤمَرونَ أنْ يضَعَ الرَّجلُ يدَه اليُمنى على ذراعِه اليُسرى في الصَّلاةِ، قال أبو حازمٍ: لا أعلَمُه إلَّا يُنمِي ذلك إلى رسولِ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم)) [1839] رواه البخاري (740). .2- عن وائلِ بنِ حُجرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، أنَّه وصَف صلاةَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقال في وصفِه: ((ثم وضَع يدَه اليُمنى على ظهرِ كفِّه اليُسرى والرُّسغِ والسَّاعدِ)) رواه أبو داود (727)، والنسائي (2/126). صحح إسناده النَّووي في ((المجموع)) (3/312)، وصححه ابن باز في ((مجموع فتاواه)) (11/133)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (727). .ثانيًا: عمَلُ أهلِ العِلمِنقَل التِّرمذيُّ عمَلَ أهلِ العِلمِ على ذلك قال الترمذيُّ: (عليه العمل عند أهل العلم من أصحاب النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والتابعين، ومَن بعدَهم) ((سنن الترمذي)) (2/33). . انظر أيضا: المطلب الثاني: موضعُ اليدينِ حالَ القيامِ.

المصلِّي مخيَّرٌ في الموضعِ الذي يضَعُ يدَيْه عليه حالَ القيامِ في الصَّلاةِ، فيضَعُهما على الصَّدرِ [1842] وهو قول بعض السَّلف، قال ابن عبد البرِّ: (رُوي عن علي بن أبي طالب أنه وضعهما على صدره، وعن طاوس قال: "كان رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يضع يده اليمنى على يده اليسرى، ثم يشُدُّهما على صدره وهو في الصلاة") ((التمهيد)) (20/75). وهذا اختيار ابن باز، وابن عثيمين، والألباني. يُنظر: ((فتاوى نور على الدرب)) لابن باز (8/148)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (13/392)، ((أصل صفة صلاة النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم)) للألباني (1/215). أو فوقَ السُّرَّةِ تحتَ الصَّدرِ [1843] وهو مذهب الشافعيَّة، وداود الظاهري، وقول بعض السَّلف. قال النَّوويُّ: (مذهبنا: أن المستحبَّ جعلُهما تحت صدره فوق سُرَّته، وبهذا قال سعيد بن جبير، وداود) ((المجموع)) (3/313). ، أو تحتَ السُّرَّةِ [1844] وهو مذهب الحنفية - يُنظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/287) - والحنابلة - يُنظر: ((كشاف القناع)) (1/333) - وقول طائفة من السَّلف، قال النَّووي: (وقال أبو حنيفة والثوري وإسحاق: يجعلها تحت سُرَّته، وبه قال أبو إسحاق المروزي من أصحابنا، كما سبق، وحكاه ابن المنذر عن أبي هريرة، والنخعي، وأبي مجلز، وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه روايتان، إحداهما: فوق السرة، والثانية: تحتها). ((المجموع)) (3/313). وقال ابن قدامة: (فروي عن أحمد: أنه يضعهما تحت سرته، روي ذلك عن علي، وأبي هريرة، وأبي مجلز، والنخعي، والثوري، وإسحاق). ((المغني)) (1/341). ، والأمرُ في ذلك واسعٌ، وهو روايةٌ عن الإمامِ أحمدَ [1845] قال ابن قدامة: (اختلفت الروايات في موضع وضعِهما؛ فرُوِيَ عن أحمد أنَّه يَضَعُهما تحت سُرَّتِه، وروي ذلك عن علي، وأبي هريرة، وأبي مجلز، والنخعي، والثوري، وإسحاق، وعن أحمد أنَّه يضعهما فوق السُّرَّة، وهو قول سعيد بن جبير، والشافعي، وعنه: أنه مخيَّر في ذلك؛ لأن الجميع مرويٌّ، والأمرُ في ذلك واسِعٌ). ((المغني)) (1/ 341). وقال الزركشي عن هذه الرواية: (اختارها ابن أبي موسى، وأبو البركات؛ لورود الأمرِ بهما، قال أبو البركات: وعلى الروايات فالأمر في الأمرين واسعٌ، لا كراهة لواحد منهما) ((شرح الزركشي على مختصر الخرقي)) (1/543). ، وبه قال الأوزاعيُّ [1846] قال الشَّوكاني: (وبالتخييرِ قال الأوزاعي وابنُ المنذر). ((نيل الأوطار)) (2/211). ، ونسَبه التِّرمذيُّ إلى أهلِ العِلمِ مِن الصَّحابةِ والتَّابعين ومَن بعدَهم [1847] قال الترمذي: (والعملُ على هذا عند أهل العلم من أصحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، والتابعين، ومَن بعدَهم: يرون أن يضعَ الرَّجُل يمينَه على شِماله في الصَّلاة، ورأى بعضُهم أن يَضَعَها تحت السرة، وكل ذلك واسعٌ عندهم). ((سنن الترمذي)) (1/338). ، وذهَب إلى ذلك ابنُ المُنذِرِ [1848] قال ابنُ المنذِر: (وقال قائل: ليس في المكان الذي يضع عليه اليدَ خبرٌ يثبُتُ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فإن شاء وَضَعَهما تحت السرة، وإن شاء فوقها) ((الأوسط)) (3/94). وقال النَّوويُّ: (قال ابن المنذر في غير الأشراف أظنه في الأوسط: لم يثبُتْ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في ذلك شيء، وهو مخيَّرٌ بينهما) ((المجموع)) (3/313). ؛ وذلك لعدمِ ثُبوتِ حديثٍ في موضعِ اليدينِ حالَ القيامِ في الصَّلاةِ. انظر أيضا: المطلب الأوَّلُ: وضْعُ اليُمنى على اليُسرى حالَ القيامِ.