يُستحَبُّ أن يكونَ المؤذِّنُ على طهارةٍ، وهذا باتِّفاقِ المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفيَّة ((البناية)) للعيني (2/109)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/151). ، والمالكيَّة ((التاج والإكليل)) للمواق (1/436)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/90). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (3/104)، ((تحفة المحتاج)) للهيتمي (1/472). ، والحنابلة ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/54)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/88). ، وبه قال عامَّةُ أهلِ العِلمِ قال العينيُّ: (م: "ويَنبغي أن يُؤذِّن ويُقيمَ على طُهْر" ش: لأنَّ الأذانَ والإقامة ذِكرٌ شريفٌ؛ فيُستحبُّ الطهارة. م: "فإنْ أذَّن على غير وضوءٍ جازَ" ش: وبه قال الشافعيُّ، وأحمدُ، وعامَّة أهل العلم). ((البناية)) (2/109). . الأَدِلَّةُ:أوَّلًا: من السُّنَّةعن المهاجِرِ بن قُنْفُذٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال له: ((إنَّه لم يَمنعْني أن أردَّ عليك إلَّا أنِّي كرهتُ أنْ أَذكُرَ اللهَ إلَّا على طهارةٍ)) أخرجه أبو داود (17)، والنسائي (38)، وابن ماجه (350) بألفاظ متقاربة، وأحمد (19056) واللفظ له. صحَّحه النووي في ((المجموع)) (3/105)، وجود إسناده ابن مفلح في ((الآداب الشرعية)) (1/355)، وقال ابنُ حجر في ((نتائج الأفكار)) (1/205): حسنٌ صحيحٌ. وصحَّحه الألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود)) (17)، والوادعيُّ في ((الصحيح المسند)) (1161). .وَجْهُ الدَّلالَةِ:أنَّ الأذانَ ذِكرٌ، والنبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كَرِهَ أن يَذكُرَ اللهَ عزَّ وجلَّ وهو على غيرِ طهارةٍ. ثانيًا: أنَّ الأذانَ ذِكرٌ شريف؛ فيُستحبُّ له الطهارةُ ((البناية)) للعيني (2/109). .ثالثًا: أنه ذِكرٌ معظَّمٌ؛ فإتيانُه مع الطهارةِ أقربُ إلى التَّعظيم ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/151). .رابعًا: أنَّه داعٍ إلى فِعل الصَّلاة، فاقتضى أن يكونَ على صِفات المصلِّين ((الحاوي الكبير)) للماوردي (2/46). . انظر أيضا: المطلب الثاني: حُسْنُ الصَّوتِ. المَطلَبُ الثَّالِث: الحريَّة. المَطلَبُ الرَّابِع: البُلوغُ . المَطلَبُ الخامِس: العَدْلُ .

يُستحَبُّ في المؤذِّنِ أن يكونَ حَسَنَ الصَّوتِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعةِ: الحنفيَّة ((حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح)) (ص: 129)، وينظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/248). ، والمالكيَّة ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (1/232)، وينظر: ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/89). ، والشافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (1/203)، ((تحفة المحتاج)) للهيتمي (1/473). ، والحنابلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/235)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/301). .الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّةحديثُ عبدِ اللهِ بنِ زيدٍ في الأذان، وفيه قولُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((فقُمْ مع بلالٍ، فألْقِ عليه ما رأيتَ فليؤذِّن به؛ فإنَّه أنْدَى صوتًا منك)) [353] رواه أبو داود (499)، وابن ماجه (706)، وابن خزيمة (370)، والبيهقي (1/390) (1909) صحَّحه البخاريُّ كما في ((السنن الكبرى)) للبيهقي (1/390)، وصحَّح إسنادَه الخطابيُّ في ((معالم السنن)) (1/130)، وصحَّحه النوويُّ في ((الخلاصة)) (3/76)، وقال ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/101): له طرقٌ جيِّدةٌ وشاهدٌ. وقال الألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود)) (499): حسنٌ صحيحٌ. وحسَّنه الوادعي في ((الصحيح المسند)) (567). .وَجْهُ الدَّلالَةِ:في قوله: ((أنْدَى صوتًا منك)) قيل: مَعناها أحسنُ وأعذبُ ((النهاية)) لابن الأثير (5/90). .ثانيًا: ليكونَ أرقَّ لسامِعيه ((فتح العزيز)) للرافعي (3/191). .ثالثًا: أنَّه أبعثُ على الإجابةِ ((تحفة المحتاج)) للهيتمي (1/473). . انظر أيضا: المَطلَبُ الأوَّل: الطَّهارَة. المَطلَبُ الثَّالِث: الحريَّة. المَطلَبُ الرَّابِع: البُلوغُ . المَطلَبُ الخامِس: العَدْلُ .

يُستحَبُّ أن يكونَ المؤذِّنُ بالغًا، وهذا مذهبُ الجمهورِ: الحنفيَّة ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (1/244)، وينظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/247). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (3/101)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (2/124). ، والحنابلة ((الإقناع)) للحجاوي (1/76)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/300). . وذلك للآتي:أوَّلًا: خروجًا من خلافِ العُلماءِ الَّذين اشترَطوا كونَ المؤذِّنِ بالغًا ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/235). .ثانيًا: ولأنَّ البالِغَ أكملُ ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/235). .فرعٌ: التَّمييزُيصحُّ الأذانُ من الصبيِّ المميِّز، ولا يُشترَطُ البلوغُ في المؤذِّن، وهذا مذهبُ الحنفيَّة ((حاشية الشلبي على تبيين الحقائق)) (1/94)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/279)، وينظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/247). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (3/100)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/137). ، والحنابلة ((الإقناع)) للحجاوي (1/80)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/236)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/300). ، وقولٌ للمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/88)، ((الشرح الكبير)) للدردير (1/195)، وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (1/231). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك قال ابنُ قدامة: (عن عبد الله بن أبي بكر بن أنس، قال: كان عُمومتي يأمرونني أن أؤذِّن لهم وأنا غلامٌ ولم أحتلمْ، وأنسُ بن مالك شاهدٌ لم يُنكِر ذلك. وهذا ممَّا يَظهَر ولا يَخفَى، ولم يُنكَر، فيكون إجماعًا). ((المغني)) (1/300). . أوَّلًا: من الآثارِعن عبد اللهِ بن أبي بَكرِ بن أنسٍ، قال: كان عُمومَتي يأمرونَني أن أُؤذِّنَ لهم وأنا غلامٌ ولم أحتلمْ، وأنسُ بنُ مالكٍ شاهدٌ لم يُنكِرْ ذلك رواه ابن المنذر في ((الأوسط)) (3/176). .ثانيًا: لأنَّه يُقبَلُ خبرُه فيما طريقُه المشاهدةُ، كما لو دلَّ أعْمَى على محرابٍ، فيجوز أن يُصلِّي، ويُقبَل قولُه في الإذنِ في دخولِ الدارِ وحمْلِ الهديَّة ((المجموع)) النووي (3/100). .ثالثًا: أنَّ الأذانَ ذِكرٌ، والذِّكر لا يُشترَطُ فيه البلوغُ؛ فإنَّ الصبيَّ يُكتَبُ له ولا يُكتَبُ عليه؛ فإنْ ذكَرَ اللهَ، كتَبَ اللهُ له الأجْرَ، وصحَّ منه الذِّكرُ، فإذا أذَّن المميَّزُ فإنَّه يُكتفَى بأذانِه ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (2/72). .رابعًا: ولأنَّه ذَكَرٌ تصحُّ صلاتُه، فاعتُدَّ بأذانِه، كالعدلِ البالغِ ((المغني)) لابن قدامة (1/300). . انظر أيضا: المَطلَبُ الأوَّل: الطَّهارَة. المطلب الثاني: حُسْنُ الصَّوتِ. المَطلَبُ الثَّالِث: الحريَّة. المَطلَبُ الخامِس: العَدْلُ .

يُستحَبُّ أن يكونَ المؤذِّنُ عدلًا، وهذا مذهبُ الجمهور: الحنفيَّة ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (1/244)، ((حاشية الطحطاوي)) (ص 131)، ((حاشية ابن عابدين)) (1/393). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (3/101)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (2/56). ، والحنابلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/235)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/300). ، وحُكيَ الإجماعَ على ذلك قال ابنُ حَزم: (ولا خِلافَ في اختيار العَدْل «أي: في الأذان»). ((المحلى)) (2/179). ؛ وذلك لأنَّه مؤتمَنٌ يُرجَع إليه في الصَّلاةِ والصِّيامِ؛ فلا يُؤمَن أن يغرَّهم بأذانِه إذا لم يكُن كذلك ((المغني)) لابن قدامة (1/300). .فرعٌ: حُكمُ أذانِ الفاسقِيُجزِئُ أذانُ الفاسقِ ويُعتَدُّ به، ولا يُعاد، وهذا مذهبُ الجمهورِ: الحنفيَّة ((الدر المختار وحاشية ابن عابدين)) (1/392)، وينظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/253)، ((المحيط البرهاني)) لابن مازة (1/345). ، والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/89). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (3/101)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (1/416). ، وروايةٌ عند الحنابلة ((الفروع)) لابن مفلح (2/19)، ((الإنصاف)) للمرداوي (1/300). . وذلك للآتي:أوَّلًا: أنَّ الأذانَ ذِكْرٌ؛ والذِّكْرُ مقبولٌ من الفاسِقِ ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (2/69). .ثانيًا: لأنَّه ذَكَرٌ تصحُّ صلاتُه؛ فاعتدَّ بأذانِه، كالعدلِ ((المغني)) لابن قدامة (1/300). .ثالثًا: لأنَّ الأذانَ مشروعٌ لصلاته، وهو من أهلِ العبادةِ ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (1/278). . انظر أيضا: المَطلَبُ الأوَّل: الطَّهارَة. المطلب الثاني: حُسْنُ الصَّوتِ. المَطلَبُ الثَّالِث: الحريَّة. المَطلَبُ الرَّابِع: البُلوغُ .

يُستحَبُّ أن يكونَ المؤذِّنُ بَصِيرًا لكِنْ إذا كان أعْمى وله مَن يُعرِّفه بالوقتِ استوى أذانُه بأذانِ البصير، ولم يتمايزْ أحدهما عن الآخَر، والنبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان له مؤذِّن أعمى، هو ابنُ أمِّ مكتوم، لكن كان يَعرِفُ الوقتَ بأذان بلال؛ لأنَّه كان إذا نزَل بلالٌ صعِدَ ابنُ أمِّ مكتومٍ. يُنظر: ((الأم)) للشافعي (1/103)، ((الإنصاف)) للمرداوي (1/290)، ((الإقناع)) للحجاوي (1/76)، ((البناية)) للعيني (2/98)، ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (1/234). ، وهذا مذهبُ الجمهور: الحنفيَّة ((البناية)) للعيني (2/98)، ((حاشية ابن عابدين)) (1/392). ، والشافعيَّة ((تحفة المحتاج)) للهيتمي (1/473)، وينظر: ((الأم)) للشافعي (1/103). ، والحنابلة ((الإقناع)) للحجاوي (1/76) ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/235)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/301). .وذلك للآتي:أوَّلًا: لأنَّ الأعْمَى لا يَعرِف الوقتَ، فربَّما غلِط ((المغني)) لابن قدامة (1/301)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/138). .ثانيًا: أنه يُفوِّتُ على الناس فضيلةَ أوَّلِ الوقتِ ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/138). .ثالثًا: لأنَّ البَصيرَ يُؤذِّن عن يقينٍ ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/173). . انظر أيضا: المَطلَبُ الأوَّل: الطَّهارَة. المطلب الثاني: حُسْنُ الصَّوتِ. المَطلَبُ الثَّالِث: الحريَّة. المَطلَبُ الرَّابِع: البُلوغُ .

يُستحبُّ أن يكونَ المؤذِّنُ عالِمًا بأوقاتِ الصَّلاة يجوز الاعتمادُ على السَّاعةِ في معرفة أوقاتِ الصلاة. قال ابن بدران: (ومنها الساعاتُ التي بأيدي النَّاسِ اليوم؛ فإنَّ معرفةَ الأوقاتِ بها قد شاعت بين الخاصَّة والعامَّة، وعَمِلَ بها الجاهِلُ والعالمُ من غيرِ نكيرٍ). ((العقود الياقوتية في جيد الأسئلة الكويتية)) (ص: 268). ، وهذا باتِّفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفيَّة ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (1/244)، ((حاشية ابن عابدين)) (1/393). ، والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/89)، وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (2/64)، وقد قالوا: إنَّه يجب عليه ذلِك ابتداءً، أو إذا كان يَقتدي به غيرُه. ، والشافعيَّة ((تحفة المحتاج)) للهيتمي (1/473)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/138). ، والحنابلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/235)، وينظر: ((العدة شرح العمدة)) لبهاء الدين المقدسي (ص: 62). .وذلك للآتي:أوَّلًا: ليتمكَّن من الأذانِ في أوائلِها ((العدة شرح العمدة)) لبهاء الدين المقدسي (ص: 62). .ثانيًا: وحتَّى لا يُفوِّت على الناسِ فَضيلةَ أوَّلِ الوقتِ ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/138). .ثالثًا: ولأنَّه إذا لم يكُن عارفًا بها لم يُؤمَنْ عليه الخَطأُ ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/235). . انظر أيضا: المَطلَبُ الأوَّل: الطَّهارَة. المطلب الثاني: حُسْنُ الصَّوتِ. المَطلَبُ الثَّالِث: الحريَّة. المَطلَبُ الرَّابِع: البُلوغُ .

الفَرْعُ الأول: أَخْذُ الأُجْرةاستحبَّ أهلُ العلم أن يكونَ المؤذِّنُ محتَسِبًا لا يأخُذُ على أذانِه أجرًا قال الترمذيُّ: (والعملُ على هذا عندَ أهلِ العلمِ: كرِهوا أن يأخذَ المؤذِّنُ على الأذانِ أجرًا، واستحبُّوا للمؤذِّن أن يحتسبَ في أذانِه). ((سنن الترمذي)) (1/410)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/152)، ((حاشية ابن عابدين)) (1/393)، ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (1/232)، ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (2/15)، ((فتح العزيز بشرح الوجيز)) للرافعي (3/196)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/139). ، واختلفوا في حكم أَخْذِ الأَجرِ على الأذانِ على أقوالٍ، أقواها قولان:القول الأوّل: يَحْرُمُ أَخْذُ الأُجرةِ على الأذانِ، وهذا مذهبُ الحنابلة ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/132)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/301). ، وقولُ أبي حنيفةَ ومتقدِّمي الحنفيَّة ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/247)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/152). ، وقولٌ للمالكية ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/116) ، ووجهٌ عند الشَّافعيَّة ((فتح العزيز)) للرافعي (3/198). ، واختاره ابنُ المنذرِ قال ابنُ المنذر: (لا يجوزُ للمؤذِّن أخْذُ الأجر على أذانه؛ لحديثِ عُثمان، فإنْ أخَذ مؤذِّن على أذانه أجرًا لم يَسَعْه ذلك؛ لأنَّ السُّنَّة منعَتْ منه، فإنْ صلَّوا بأذانِ مَن أخَذ على أذانه أجرًا، فصلاتهم مجزية؛ لأنَّ الصلاة غيرُ الأذان). ((الأوسط)) (3/64). ، وابنُ حزمٍ قال ابنُ حزم: (لا تجوزُ الأجرةُ على الأذان، فإن فعل ولم يؤذِّن إلَّا للأجرة لم يُجْز أذانُه، ولا أجزأتِ الصلاة به - وجائزٌ أن يُعطى على سبيل البِر، وأن يَرزقَه الإمامُ كذلك). ((المحلى)) (2/182). ، وابنُ عُثَيمين قال ابنُ عثيمين: (لا يجوزُ أخْذ الأجرة على الأذان؛ لأنَّه قُربة من القُرَب، وعِبادة من العبادات، والعبادات لا يجوزُ أخْذُ الأجرة عليها؛ لقوله تعالى: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ ** أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ **هود: 15، 16**، ولأنَّه إذا أراد بالأذان الدُّنيا بطَل عملُه؛ فلم يكن أذانُه صحيحًا). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (12/163). .الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة عن عُثمانَ بنِ أبي العاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: ((قلتُ: يا رسولَ اللهِ، اجعْلَني إمامَ قومي، قال: أنتَ إمامُهم، واقتدِ بضَعيفِهم، واتِّخذْ مؤذِّنًا لا يأخُذُ على الأذانِ أَجرًا)) رواه أبو داود (531)، والنسائي (2/23)، وأحمد (4/21) (16314) بلفظ: ((أضعفهم)) بدلًا من ((ضعيفهم)) احتجَّ به ابنُ حزم في ((المحلى)) (4/99)، وصحَّحه ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/106)، وقال أحمدُ شاكر في تحقيق ((المسند)) (3/145): إسنادُه في غاية الصحَّة. وصحَّح إسنادَه ابن باز في ((مجموع فتاواه)) (7/232)، وصحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (531)، والوادعيُّ على شَرْط مسلم في ((الصحيح المسند)) (928). .ثانيًا: لأنَّه استئجارٌ على الطاعةِ، وهذا لا يجوزُ؛ لأنَّ الإنسانَ في تحصيلِ الطاعةِ عاملٌ لنَفْسِه؛ فلا يجوزُ له أَخْذُ الأُجرَةِ عليه ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/152). .ثالثًا: لأنَّها قُرَبٌ يعودُ نَفعُها على آخِذِ الأُجرةِ، والعِوض والمعوَّض لا يَجتمعانِ لشخصٍ ((الذخيرة)) للقرافي (5/401). .القول الثاني: يجوزُ أخْذُ الأُجرةِ على الأذانِ، وهذا مذهبُ المالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/115)، وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (1/236). ، والشَّافعيَّة ((فتح العزيز)) للرافعي (3/198)، ((المجموع)) للنووي (3/127). ، وروايةٌ عن أحمدَ ((المغني)) لابن قدامة (1/301)، ، وهو قولُ داودَ الظاهري قال النوويُّ: (في جواز الاستئجار على الأذان ثلاثةُ أوجه، أصحُّها: يجوزُ للإمام مِن مال بيت المال، ومِن مال نفسِه، ولآحادِ الناس من أهلِ المحلَّة ومِن غيرهم من مالِ نفْسِه، ونقله القاضي أبو الطيِّب عن أبي عليٍّ الطبريِّ وعامَّةِ أصحابنا، وكذا نقلَه المتولي وصاحبُ الذخائر والعبدريُّ عن عامَّة أصحابنا، وصحَّحه القاضي أبو الطيِّب، والفوراني، وإمام الحرمين، وابن الصباغ، والمتولي، والغزالي في البسيط، وإلكيا الهراسي في كتابه الزوايا في الخلاف، والشاشي في المعتمَد، والرافعيُّ وآخرون، وقطَع به الغزالي في الخلاصة، والرُّوياني في الحلية، وهو مذهبُ مالكٍ وداودَ). ((المجموع)) (3/127). .الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّةعن أبي مَحذورةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: ((خرجتُ في نفرٍ فكنَّا ببعضِ الطريق، فأذَّن مؤذِّنُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالصَّلاةِ عندَ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فسَمِعْنا صوتَ المؤذِّن ونحن عنه متنكِّبون فصَرَخْنا نَحكيه نهزأُ به، فسمِعَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فأرسل إلينا قومًا فأقْعَدونا بين يديه، فقال: أيُّكم الذي سمعتُ صوتَه قد ارتَفع؟ فأشار إليَّ القومُ كلُّهم وصَدَقوا، فأرسل كلَّهم وحبَسني، وقال لي: قمْ فأذِّن. فقمتُ ولا شيء أكره إليَّ من أمْر رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ولا ممَّا يأمرُني به، فقمتُ بين يدَي رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأَلْقى عليَّ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم التأذينَ هو بنفسِه، فقال: قل: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا الله، أشهد أنْ لا إلهَ إلَّا الله، أشهد أنَّ محمدًا رسولُ الله، أشهدُ أنَّ محمدًا رسول الله، ثم قال لي: ارفعْ فمُدَّ صوتَك: أشهد أنْ لا إلهَ إلا الله، أشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا الله، أشهدُ أنَّ محمدًا رسولُ الله، أشهدُ أنَّ محمدًا رسولُ الله، حيَّ على الصلاة، حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح، حيَّ على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إلهَ إلَّا الله، ثم دَعاني حين قضيتُ التأذينَ فأعطاني صُرَّةً فيها شيء من فِضَّةٍ..)) [417] رواه النسائي (2/5)، وابن حبان (4/574) (1680). وصحَّح إسنادَه أحمد شاكر في ((عمدة التفسير)) (1/703)، وقال الألباني في ((صحيح سنن النسائي)) (2/5): حسنٌ صحيحٌ. .وَجْهُ الدَّلالَةِ:أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أَعطاه صُرَّةَ الفِضَّةِ أُجرةً على أذانِه ((تحفة الأحوذي)) (1/527). . ثانيًا: لأنَّه عملٌ معلومٌ يجوزُ أَخْذُ الرِّزقِ عليه؛ فيجوز أَخْذُ الأجرةِ عليه، كالأُجرَةِ على كِتابةِ المصاحِفِ ((فتح العزيز)) للرافعي (3/198). .الفَرْعُ الثاني: أخذُ الرِّزق من بيتِ المالِيجوزُ أخذُ الرزق الرِّزقُ عند الفقهاءِ هو ما يُفرَض في بيتِ المالِ بِقَدْرِ الحاجة والكفايَةِ. يُنظر: ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (22/201). على الأذان من بيت المال مقابلَ الأذانِ، وهو مذهبُ الجمهورِ: المالكية ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/118)، وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (2/66). ، والشَّافعية ((المجموع)) للنووي (3/126) ((روضة الطالبين)) للنووي (1/205) ، والحنابلةِ ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (1/276)، ((الإنصاف)) للمرداوي (1/290). ، وهو قولُ ابنِ حزمٍ الظاهريِّ ((المحلى)) لابن حزم (2/182). ، وحُكي الإجماعُ على ذلك قال القرافيُّ: (اتَّفق الجميعُ على جواز الرَّزْقة، وقد أَرْزق عمرُ بن الخطاب المؤذِّنين). ((الذخيرة)) (2/66). وقال ابن قدامة: (لا نعلم خِلافًا في جوازِ أخْذ الرِّزق عليه) ((المغني)) (1/301). .وذلك للآتي:أوَّلًا: لأنَّ ما يُؤخَذ من بيتِ المالِ ليس عِوَضًا وأُجرة، بل رِزقٌ للإعانةِ على الطاعة ((الفتاوى الكبرى)) لابن تيمية (5/409). . ثانيًا: لأنَّ بالمسلمين حاجةً إلى الأذان، وقدْ لا يوجد متطوِّع به، وإذا لم يُدفعِ الرِّزق فيه يُعطَّل ((المغني)) لابن قدامة (1/301). .ثالثًا: لأنَّ بيتَ المالِ مُعَدٌّ لمصالح المسلمينَ، ومنها الأذانُ ((فتاوى نور على الدرب)) لابن باز (6/349) . انظر أيضا: المَطلَبُ الأوَّل: الطَّهارَة. المطلب الثاني: حُسْنُ الصَّوتِ. المَطلَبُ الثَّالِث: الحريَّة. المَطلَبُ الرَّابِع: البُلوغُ .