يَجوزُ للأبِ الرُّجوعُ في هِبَتِه لأولادِه، وهو مَذهبُ الجُمهورِ [420] ولهم شُروطٌ لرجوعِ الأبِ في هِبتِه لأولادِه، وتَختلِفُ مِن مَذهبٍ لآخَرَ. يُنظر: ((منح الجليل)) لعُليش (8/207)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/402)، ((كشَّاف القِناع)) للبُهُوتي (4/313). : المالِكيَّةِ [421] ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدَّرْدِير)) (4/110)، ((منح الجليل)) لعُلَيش (8/205، 206). ، والشَّافعيَّةِ [422] ((روضة الطالبين)) للنووي (5/379)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (6/309). ، والحَنابِلةِ [423] ((المبدع)) لبرهان الدِّين ابن مُفلِح (5/289)، ((الإنصاف)) للمَرْداوي (7/110)، ((كشَّاف القِناع)) للبُهُوتي (4/313). ، والظَّاهرِيَّةِ [424] قال ابنُ حزْمٍ: (ومَن وهَبَ هِبةً صحيحةً لم يَجُزْ له الرُّجوعُ فيها أصلًا مُذْ يَلفِظُ بها، إلَّا الوالدَ والأمَّ فيما أعْطيَا أو أحدُهما لوَلَدِهما؛ فلهما الرُّجوعُ فيه أبدًا، الصغيرُ والكبيرُ سواءٌ... وهو قولُ الشافعيِّ، وأبي سُليمانَ، وأصحابِهما). ((المحلى)) (8/71). ، وهو قولُ بَعضِ السَّلفِ [425] وهو قولُ الأوزاعيِّ، وإسحاقَ، وأبي ثَورٍ. يُنظر: ((المغني)) لابن قُدامة (6/55). .الأدِلَّةُ: أولًا: مِن السُّنةِ1- عنِ ابنِ عُمرَ وابنِ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهُما -يَرفعانِ الحديثَ- قالَا: ((لا يَحِلُّ للرَّجُلِ أنْ يُعطِيَ عَطيَّةً ثمَّ يَرجِعَ فيها، إلَّا الوالِدَ فيما يُعطِي وَلَدَه...)) [426] أخرجه أبو داود (3539)، والترمذي (2132) واللفظ له، والنسائي (3690)، وابن ماجه (2337)، وأحمد (2119). قال الترمذيُّ: حسَنٌ صحيحٌ. وصحَّح إسنادَه ابنُ عبدِ البَرِّ في ((الاستذكار)) (6/244)، وأحمد شاكر في ((تحقيق مسند أحمد)) (7/242)، وصحَّح الحديثَ الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2132)، وحسَّنه الوادعي في ((الصحيح المسند)) (641). .وَجْهُ الدَّلالةِ:أنَّ هذا الحديثَ يُخصِّصُ عُمومَ حديثِ: ((العائِدُ في هِبَتِه ...))، فيَخرُجُ الوالدُ فيما يُعطِي لوَلدِه مِن عُمومِه [427] ((المغني)) لابن قُدامة (6/55). .2- عن النُّعمانِ بنِ بَشيرٍ رضِيَ اللهُ عنهُما، قال: ((أَتَى بي أبي إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: إنِّي نَحَلتُ ابني هذا غُلامًا، فقال: أكُلَّ بَنِيكَ نَحَلْتَ؟ قال: لا. قال: فارْدُدْهُ)) [428] أخرجه مسلم (1623). .وَجْهُ الدَّلالةِ:قَولُه: ((فارْدُدْهُ)) أمَرَه بالرُّجوعِ في هِبَتِه، وأقلُّ أحوالِ الأمرِ الجوازُ، وقدِ امتَثَل بَشيرُ بنُ سعدٍ رضِيَ اللهُ عنهُ في ذلك، فرَجَع في هِبَتِه لوَلَدِه [429] ((المغني)) لابن قُدامة (6/55). .3- عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رضِيَ اللهُ عنهُما: ((أنَّ رَجُلًا قال: يا رسولَ اللهِ، إنَّ لي مالًا وولدًا، وإنَّ أبي يُريدُ أنْ يَجتاحَ مالي، فقال: أنتَ ومالُكَ لأَبِيكَ)) [430] أخرجه ابن ماجه (2291)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (6728) واللفظُ لهما، والطَّحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (6150). قال ابنُ الملقِّنِ في ((البدر المنير)) (7/665): (إسنادُه صحيحٌ جليلٌ). وصحَّح إسنادَه ووثَّق رِجالَه البوصيريُّ في ((مصباح الزجاجة)) (2/25) وقال: (له شاهد). ووثَّق رِجالَه ابنُ حجَرٍ في ((الدراية)) (2/102)، وقال الشوكانيُّ في ((السيل الجرار)) (4/367): (حديث تقوم به الحُجَّةُ). وجوَّده ابنُ باز في ((فتاوى نور على الدرب)) (20/483)، وقال: (لا بأسَ به). وصحَّحه الألبانيُّ في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (2291). .وَجْهُ الدَّلالةِ:دلَّ الحديثُ على أنَّ للأبِ أنْ يَتملَّكَ مِن مالِ ولَدِه ما شاءَ، فإذا كانَ له أنْ يَتمَلَّكَ ما شاءَ فرُجوعُه فيما وَهَبَه لابنِه مِن بابِ أَولى [431] ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (11/90). .ثانيًا: لأنَّه جادَ بكَسبِه -الذي هو مالُه- على كسْبِه -الذي هو وَلَدُه-، فيُمكِنُه الرُّجوعُ فيه، كما لو وَهَبَ لعَبدِه [432] ((المبسوط)) للسَّرَخْسي (12/49). . انظر أيضا: المطلبُ الثَّاني: رُجوعُ الأُمِّ في هِبَتِها لأَولادِها.

يَجوزُ للأُمِّ الرُّجوعُ في هِبَتِها لأولادِها، وهو مَذهبُ المالِكيَّةِ [433] المالكيَّةُ أجازوا رُجوعَ الأمِّ في الهِبةِ بشروطٍ. ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدَّرْدِير)) (4/110)، ((منح الجليل)) لعُلَيش (8/205، 206). ، والشَّافعيَّةِ [434] ((روضة الطالبين)) للنووي (5/379)، ((الغرر البهية)) لزكريا الأنصاري (3/391)، ((حاشيتا قليوبي وعَمِيرة)) (3/114). ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوَرْدي (7/547). ، والظَّاهرِيَّةِ [435] قال ابنُ حزمٍ: (ومَن وهَبَ هِبةً صحيحةً لم يَجُزْ له الرجوعُ فيها أصلًا مُذْ يَلفِظُ بها، إلَّا الوالدَ والأمَّ فيما أعْطيَا أو أحدُهما لوَلَدِهما؛ فلهما الرُّجوعُ فيه أبدًا، الصغيرُ والكبيرُ سواءٌ... وهو قولُ الشافعيِّ، وأبي سُليمانَ، وأصحابِهما). ((المحلى)) (8/71). ، وقولٌ للحَنابِلةِ [436] ((المغني)) لابن قُدامة (6/55)، ((شرح الزركشي)) (4/315)، ((المبدع)) لبرهان الدِّين ابن مُفلِح (5/290)، ((الإنصاف)) للمَرْداوي (7/113). .الأدِلَّةُ:أولًا: مِن السُّنةِعنِ ابنِ عُمرَ وابنِ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهُما -يَرفعانِ الحديثَ- قالَا: ((لا يَحِلُّ للرَّجُلِ أنْ يُعطِيَ عَطيَّةً ثمَّ يَرجِعَ فيها، إلَّا الوالِدَ فيما يُعطِي وَلَدَه ومثلُ الذي يعطِي العطيةَ ثم يرجعُ فيها كمثلِ الكلبِ ، أكل حتى إذا شبعَ قاءَ ، ثم عادَ في قيئهِ)) [437] تقدم تخريجه (ص: 411). .وَجْهُ الدَّلالةِ:أنَّ قَولَه: ((إلَّا الوالِدَ فيما يُعطِي وَلَدَه)) يَشمَلُ كلَّ والِدٍ؛ فتَدخلُ فيه الأُمُّ [438] ((المغني)) لابن قُدامة (6/55). .ثانيًا: لأنَّها لَمَّا ساوَتِ الأبَ في تَحريمِ تَفضيلِ بَعضِ وَلَدِها، فيَنبَغي أنْ تُساوِيَه في التَّمكُّنِ مِنَ الرُّجوعِ فيما فَضَّلَه به؛ تَخليصًا لها مِنَ الإثمِ، وإزالةً للتَّفضيلِ المُحرَّمِ، كالأبِ [439] ((المغني)) لابن قُدامة (6/55). . انظر أيضا: المطلَبُ الأوَّلُ: رُجوعُ الأبِ في هِبَتِه لأولادِه.