تَصِحُّ الهِبةُ للصَّبيِّ، ويَقبِضُها عنه وَلِيُّه، وذلك باتِّفاقِ المَذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّةِ [165] ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (4/23)، ((البناية)) للعَيْني (10/177). ، والمالِكيَّةِ [166] ((التاج والإكليل)) للمَوَّاق (5/69)، ((منح الجليل)) لعُلَيش (8/126). ، والشَّافعيَّةِ [167] ((روضة الطالبين)) للنووي (5/367)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/397). ، والحَنابِلةِ [168] ((الإنصاف)) للمَرْداوي (7/95)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (2/432). .الأدِلَّةُ:أولًا: مِن السُّنةِعن النُّعمانِ بنِ بَشيرٍ رضِيَ اللهُ عنهُما، قال: ((إنَّ أباهُ أتَى به رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: إنِّي نَحَلْتُ ابنِي هذا غُلامًا كانَ لي، فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أكُلَّ وَلَدِك نَحَلْتَه مِثلَ هذا؟ فقالَ: لا، فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فَارْجِعْهُ)) [169] أخرجه البخاري (2586)، ومسلم (1623) واللفظُ له. .وَجْهُ الدَّلالةِ:أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يَأمُرْ برَدِّ العَطيَّةِ، بل أمَرَه بالعدْلِ بيْنَ أولادِه، وقد كان النُّعمانُ رضِيَ اللهُ عنه وقْتَما نَحَلَه أبوه صَغيرًا [170] ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (7/99)، ((الاستذكار)) لابن عبد البر (7/225). .ثانيًا: قياسًا على قبْضِ وَليِّه سائرَ حُقوقِه، وتَصرُّفِه عليه في سائرِ العُقودِ التي يَستحِقُّ التَّصرُّفَ فيها [171] ((شرح مختصر الطحاوي)) للجَصَّاص (4/23). . انظر أيضا: المطلَبُ الثَّاني: الهِبةُ للمَجنونِ. المطلَبُ الثَّالثُ: الهِبةُ للسَّفيهِ. المطلبُ الرَّابعُ: الهِبةُ للحَملِ (الجَنينِ في البطنِ) . المطلَبُ الخامِسُ: مَوتُ المَوهوبِ له بعْدَ القَبولِ وقبْلَ القَبضِ .

تصِحُّ الهِبةُ للمَجنونِ، ويَقبِضُها عنه وَلِيُّه، وهذا باتِّفاقِ المَذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّةِ [172] ((الفتاوى الهندية)) (4/392). ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (6/126). ، والمالِكيَّةِ [173] ((التاج والإكليل)) للمَوَّاق (6/59)، ((الشرح الكبير)) للدَّرْدِير (4/107). ، والشَّافعيَّةِ [174] ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/401)، ((حاشيتا قليوبي وعَمِيرة)) (3/113). ، والحَنابِلةِ [175] ((تصحيح الفروع)) لابن مُفلِح (1/21)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (2/432). ؛ وذلك لأنَّ قَبولَ الهِبةِ للمَجنونِ فيه حظٌّ له، فتَصِحُّ، وكانَ للوليِّ قَبولُه، كالبَيعِ والشِّراءِ [176] ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (2/432)، ((نيل المآرب بشرح دليل الطالب)) للشَّيْباني (2/31). . انظر أيضا: المطلَبُ الأوَّلُ: الهِبةُ للصَّبيِّ . المطلَبُ الثَّالثُ: الهِبةُ للسَّفيهِ. المطلبُ الرَّابعُ: الهِبةُ للحَملِ (الجَنينِ في البطنِ) . المطلَبُ الخامِسُ: مَوتُ المَوهوبِ له بعْدَ القَبولِ وقبْلَ القَبضِ .

تصِحُّ الهِبةُ للسَّفيهِ، ويَقبِضُها عنه وَليُّه، وهذا باتِّفاقِ المَذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّةِ [177] نصَّ الحنفيَّةُ على أنَّ السَّفيهَ كالصغيرِ في جميعِ أحكامِه إلَّا في بعضِ المسائل نصُّوا عليها، وتصِحُّ عندَهم الهِبةُ للصبيِّ إجماعًا. ((درر الحكام شرح غرر الأحكام)) لمُلَّا خُسْرُو (2/274)، ((مجمع الضمانات)) للبغدادي (ص: 437). ، والمالِكيَّةِ [178] ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (8/11)، ((الشرح الكبير)) للدَّرْدِير (4/107). ، والشَّافعيَّةِ [179] ((روضة الطالبين)) للنووي (5/367)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/397). ، والحَنابِلةِ [180] ((الإقناع)) للحَجَّاوي (2/58)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (2/432). . وذلك للآتي:أوَّلًا: لأنَّه أشبَهُ بالصَّغيرِ، وهي صَحيحةٌ له [181] ((مجمع الضمانات)) للبغدادي (ص: 437). .ثانيًا: لِمَا في الهِبةِ مِن مَنفعةٍ للسَّفيهِ؛ فتَصِحُّ له [182] ((مطالب أولي النُّهى)) للرُّحَيْباني (4/388). . انظر أيضا: المطلَبُ الأوَّلُ: الهِبةُ للصَّبيِّ . المطلَبُ الثَّاني: الهِبةُ للمَجنونِ. المطلبُ الرَّابعُ: الهِبةُ للحَملِ (الجَنينِ في البطنِ) . المطلَبُ الخامِسُ: مَوتُ المَوهوبِ له بعْدَ القَبولِ وقبْلَ القَبضِ .

اختلَفَ العُلماءُ في صحَّةِ الهِبةِ للحمْلِ (الجَنينِ في البطنِ)؛ على قَولَينِ:القولُ الأوَّلُ: تصِحُّ الهِبةُ للحَملِ (الجَنينِ في البطنِ)، وهو مذهبُ المالِكيَّةِ [183] ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (7/226)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدَّرْدِير)) (2/296). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخَرَشي (6/90). ، وقَولُ ابنِ عَقيلٍ مِنَ الحَنابِلةِ [184] ((القواعد)) لابن رجب (ص: 183)، ((الفروع)) لابن مُفلِح (7/330). ؛ وذلك قياسًا على صحَّةِ الوَقفِ عليه [185] ((الفروع)) لابن مُفلِح (7/330). .القولُ الثَّاني: لا تصِحُّ الهِبةُ للحَملِ، وهو مَذهبُ الجُمهورِ: الحَنفيَّةِ [186] ((تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق)) للزَّيْلَعي (6/186)، ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (2/693). ، والشَّافعيَّةِ [187] ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/397). ويُنظر: ((حاشية الشَّرواني على تحفة المحتاج للهيتمي)) (6/298)، ((حاشية الشَّبرامَلِّسيِّ على نهاية المحتاج للرملي)) (5/406). ، والحَنابِلةِ [188] ((منتهى الإرادات)) لابن النجار (3/396)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (2/432، 460). ؛ وذلك لأنَّ الهِبةَ مِن شَرطِها القَبولُ، ولا يُتصوَّرُ ذلك مِنَ الحَملِ [189] ((تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق)) للزَّيْلَعي (6/186). . انظر أيضا: المطلَبُ الأوَّلُ: الهِبةُ للصَّبيِّ . المطلَبُ الثَّاني: الهِبةُ للمَجنونِ. المطلَبُ الثَّالثُ: الهِبةُ للسَّفيهِ. المطلَبُ الخامِسُ: مَوتُ المَوهوبِ له بعْدَ القَبولِ وقبْلَ القَبضِ .

لا يَبطُلُ العقدُ بمَوتِ المَوهوبِ له بعْدَ القَبولِ وقبْلَ القَبضِ، وهو مذهبُ المالِكيَّةِ [190] ((الكافي)) لابن عبد البر (2/1000)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدَّرْدِير)) (4/102). ، والشَّافعيَّةِ [191] ((روضة الطالبين)) للنووي (5/375)، ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص 171)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (6/306). ، واختارَهُ ابنُ حزمٍ [192] يَرى ابنُ حزمٍ أنَّ الهِبةَ تَتِمُّ بمُجرَّدِ اللَّفظِ، قال ابنُ حزمٍ: (مَن وهَبَ هِبةً سالمةً مِن شرْطِ الثَّوابِ أو غَيرِه، أو أعْطى عطيَّةً كذلك، أو تَصدَّقَ بصدَقةٍ كذلك؛ فقد تمَّت باللَّفظِ، ولا معْنَى لحِيازتِها ولا لقَبْضِها). ((المحلى)) (8/62). وقال: (ومَن وَهَبَ لأجنبيٍّ، أو لمولًى، أو لذي رحِمٍ غيرِ مُحرَّمةٍ هِبةً وأقْبَضَه إيَّاها؛ فلِلْواهبِ أنْ يَرجِعَ فيما وهَبَ مِن ذلك متى شاء -وإن طالتِ المدَّةُ- ما لم تَزِدِ الهِبةُ في بَدَنِها، أو ما لم يُخرِجْها المَوهوبُ له عن مِلْكِه، أو ما لم يَمُتِ الواهبُ أو المَوهوبُ له، أو ما لم يُعوِّضِ المَوهوبُ له أو غيرُه عنه الواهبَ عِوَضًا يَقبَلُه الواهبُ، فأيُّ هذه الأسبابِ كان فلا رُجوعَ للواهبِ فيما وَهَبَ). ((المحلى)) (8/72). ؛ وذلك لأنَّه عقدٌ مآلُه إلى اللُّزومِ، فلم يَنفسِخْ بالمَوتِ، كالبَيعِ في مُدَّةِ الخِيارِ [193] ((المبدع)) لبرهان الدِّين ابن مُفلِح (5/279). . انظر أيضا: المطلَبُ الأوَّلُ: الهِبةُ للصَّبيِّ . المطلَبُ الثَّاني: الهِبةُ للمَجنونِ. المطلَبُ الثَّالثُ: الهِبةُ للسَّفيهِ. المطلبُ الرَّابعُ: الهِبةُ للحَملِ (الجَنينِ في البطنِ) .

تجوزُ الهِبةُ للذِّمِّيِّ [196] وكذلك تجوزُ للكافرُ المعاهَدِ والمتسأمَنِ. يُنظر: ((الإشراف على نكت مسائل الخلاف)) للقاضي عبد الوهاب (2/1015)، ((حاشية ابن عابدين)) (6/655). وأمَّا الحربيُّ فوقَعَ فيه خلافٌ بيْن الفقهاءِ؛ بين مُجيزٍ له، وغيرِ مُجيزٍ. يُنظر: ((حاشية ابن عابدين)) (6/655)، ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (4/140)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/43)، ((كشَّاف القِناع)) للبُهُوتي (4/353). .الأدِلَّةُ:أولًا: مِنَ الكتابِقال تَعالى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ [الممتحنة: 8].ثانيًا: مِنَ الإجماعِنَقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنذرِ [197] قال ابنُ المُنذرِ: (أجْمَعوا على أنَّه إذا وهَبَ المُسلمُ للذِّمِّيِّ، أو وهَبَ الذِّمِّيُّ للمُسلمِ، وقُبِضَ ذلك الموهوبُ، وكان الشَّيءُ مِقدارًا معلومًا؛ أنَّ ذلك جائزٌ). ((الإجماع)) (ص: 155). .ثالثًا: لأنَّهم بعقْدِ الذِّمَّةِ ساوَوُا المُسلِمين في المُعامَلاتِ، فجازَ التَّبرُّعُ مِنَ الجانِبَينِ [198] ((الهداية)) للمَرْغِيناني (4/233). . انظر أيضا: المطلَبُ الأوَّلُ: الهِبةُ للصَّبيِّ . المطلَبُ الثَّاني: الهِبةُ للمَجنونِ. المطلَبُ الثَّالثُ: الهِبةُ للسَّفيهِ. المطلبُ الرَّابعُ: الهِبةُ للحَملِ (الجَنينِ في البطنِ) .