تَصِحُّ الوَصيَّةُ بالمَنافعِ، وذلك باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّةِ [441] استَثْنى أبو حَنيفةَ الوصيَّةَ بسُكنى الدارِ، وخِدمةِ العبدِ، وركوبِ الدَّابَّةِ لغيرِ معيَّنٍ، كالفقراءِ والمساكينِ؛ فلا تَجوزُ عندَه، وأجازها أبو يُوسفَ ومحمدُ بنُ الحسَنِ. ((شرح مختصر الطَّحاوي)) للجصَّاص (4/197، 198)، ((المبسوط)) للسَّرَخْسي (27/164). ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (7/355). ، والمالِكيَّةِ [442] ((التاج والإكليل)) للمَوَّاق (6/384)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (8/546، 547). ، والشَّافعيَّةِ [443] ((روضة الطالبين)) للنووي (6/186)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/45). ، والحَنابِلةِ [444] ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (2/476). ، وحُكيَ الإجماعُ على ذلك [445] قال ابنُ المُنذِرِ: (أجْمعوا على أنَّ الرجُلَ إذا أوصى بغَلَّةِ بُستانِه، أو بسُكنى دارِه، أو خِدمةِ عبْدِه؛ تكونُ مِن الثُّلثِ). ((الإجماع)) (ص: 77). .وذلك للآتي:أوَّلًا: لأنَّه يَصِحُّ تَمليكُها بعقْدِ المُعاوَضةِ؛ فتَصِحُّ الوَصيَّةُ بها كالأعيانِ [446] ((المبدع)) لبرهان الدِّين ابن مفلِح (6/53)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/45). .ثانيًا: لأنَّها هِبةٌ للمَنفعةِ بعدَ الموتِ؛ فصحَّتْ كما تَصِحُّ هِبَتُها في الحياةِ، كالعاريةِ [447] ((الممتع شرح المقنع)) للتَّنوخي (3/258). ويُنظر: ((المبدع)) لبرهان الدِّين ابن مفلِح (6/53). . انظر أيضا: المَطلبُ الثَّاني: مِلكيَّةُ الموصَى له بالمَنافعِ للمَنفعةِ إذا كانتِ الوَصيَّةُ مُطلَقةً. المَطلبُ الثَّالثُ: إرثُ الوَصيَّةِ بالمَنفعةِ . المَطلبُ الرَّابعُ: تَأجيرُ العَينِ المُوصَى بمَنفعتِها.

يَملِكُ المُوصَى له بالمَنافعِ المَنفعةَ إذا كانتِ الوَصيَّةُ بها مُطلَقةً [448] يعني: إذا كانتِ الوَصيَّةُ بالمنفعةِ مُطلَقةً غيرَ محدَّدةٍ بزمَنٍ، فيَملِكُ الموصَى له المنفعةَ. ، وهو مَذهبُ الجُمهورِ: المالِكيَّةِ [449] دلَّ كلامُ المالكيَّةِ على أنَّه يَملِكُها؛ حيث نصُّوا على أنَّها تُورَثُ بعدَ مَوتِه؛ لأنها حقٌّ له. ((التاج والإكليل)) للمَوَّاق (6/385، 386)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (9/568). ، والشَّافعيَّةِ [450] ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص 193)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (6/83). ، والحَنابِلةِ [451] دلَّ كلامُ الحنابلةِ على أنَّه يَملِكُها؛ حيث نصُّوا على أنَّها تُورَثُ بعدَ موتِه؛ لأنها حقٌّ له. ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (4/376)، ((مطالب أولي النهى)) للرُّحَيْباني (4/498، 499). .وذلك للآتي:أوَّلًا: أنَّ الوَصيَّةَ بالمَنافعِ تَلزَمُ بالقَبولِ، وهذا يدُلُّ على أنَّ الوَصيَّةَ بالمَنفعةِ تَمليكٌ وليستْ إباحةً، بخِلافِ العارِيَّةِ [452] ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (7/62)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (6/83). .ثانيًا: أنَّ المنافعَ المُوصَى بها تَنتقِلُ إلى الوارِثِ بعدَ موتِ المُوصَى له، وهذا يدُلُّ على أنَّ المُوصَى له مالكًا لها [453] ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (7/62)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (6/83). .ثالثًا: لأنَّ المُوصِي لَمَّا أطلَقَ الوَصيَّةَ ولم يُحدِّدْها بوقتٍ، عُلِمَ أنَّه أرادَ تَمليكَ المُوصَى له للمَنفعةِ [454] ((الشرح الكبير للدَّرْدِير وحاشية الدسوقي)) (4/448). . انظر أيضا: المَطلبُ الأوَّلُ: حكمُ الوَصيَّةِ بالمَنافعِ. المَطلبُ الثَّالثُ: إرثُ الوَصيَّةِ بالمَنفعةِ . المَطلبُ الرَّابعُ: تَأجيرُ العَينِ المُوصَى بمَنفعتِها.

يَجوزُ للمُوصَى له بمَنفَعةِ العَينِ أنْ يَستغِلَّها بالإجارةِ، وهو مَذهبُ الجُمهورِ: المالِكيَّةِ [468] ((منح الجليل)) لعُلَيْش (9/568)، ((التاج والإكليل)) للمَوَّاق (5/268). ، والشَّافعيَّةِ [469] ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص 193)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (6/83). ، والحَنابِلةِ [470] ((المبدع)) لبرهان الدِّين ابن مفلِح (6/54)، ((الإقناع)) للحَجَّاوي (3/68). ويُنظر: ((المغني)) لابن قُدامة (6/183). .وذلك للآتي:أوَّلًا: لأنَّها مَنفَعةٌ يَملِكُها مِلكًا تامًّا، فمَلَكَ أخْذَ العِوَضِ عنها بالأعيانِ، كما لو مَلَكَها بالإجارةِ [471] ((المغني)) لابن قُدامة (6/183). .ثانيًا: لأنَّ هذه مَنافِعُ يَصِحُّ بَدَلُها؛ فجازَ لِمَن مَلَكَها أخْذُ عِوَضٍ عنها كالمُستأجِرِ [472] ((المنتقى)) للباجي (6/160). . انظر أيضا: المَطلبُ الأوَّلُ: حكمُ الوَصيَّةِ بالمَنافعِ. المَطلبُ الثَّاني: مِلكيَّةُ الموصَى له بالمَنافعِ للمَنفعةِ إذا كانتِ الوَصيَّةُ مُطلَقةً. المَطلبُ الثَّالثُ: إرثُ الوَصيَّةِ بالمَنفعةِ .