مَنِ اشترَطَ في الوقْفِ شُروطًا فيها الأمرُ بما نَهى اللهُ عنه، أو النَّهيُ عمَّا أمَرَ به، أو تَحليلُ ما حرَّمَه اللهُ، أو تَحريمُ ما حلَّله؛ فهي باطلةٌ.الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِن السُّنةعن عائشةَ رضِيَ اللهُ عنها، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((فما بالُ أقوامٍ يَشترِطون شُروطًا ليست في كتابِ اللهِ؟! ما كان مِن شرْطٍ ليس في كِتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ فهو باطلٌ، وإن كان مائةَ شرْطٍ، كِتابُ اللهِ أحقُّ، وشرْطُ اللهِ أوثَقُ)) [304] أخرجه البخاري (456)، ومسلم (1504) واللفظُ له. .ثانيًا: مِن الإجماعِنقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ تَيميَّةَ [305] قال ابن تيميَّةَ: (مَن اشترَط في الوقفِ، أو العِتقِ، أو الهِبةِ، أو البيعِ، أو النِّكاحِ، أو الإجارةِ، أو النَّذرِ، أو غيرِ ذلك شُروطًا تخالِفُ ما كتَبَه الله على عِبادِه، بحيث تَتضمَّنُ تلك الشُّروطُ الأمرَ بما نَهى الله عنه، أو النَّهيَ عمَّا أمَر به، أو تحليلَ ما حرَّمه، أو تحريمَ ما حلَّله؛ فهذه الشروطُ باطلةٌ باتِّفاقِ المسلمينَ في جميعِ العقودِ: الوقفِ وغيرِه). ((الفتاوى الكبرى)) (4/248). . انظر أيضا: المطلَبُ الأولُ: تَنفيذُ شرْطِ الواقفِ. المطلَبُ الثَّالثُ: شرطُ الواقِفِ أن يَرجِعَ في الوقْفِ إذا شاء (الخِيارُ في الوقْفِ) . المطلَبُ الرابعُ: اشتِراطُ الواقفِ الإدخالَ والإخراجَ، والزِّيادةَ والنقصَ. المطلبُ الخامسُ: اشتراطُ عِمارةِ الوقْفِ على الموقوفِ عليه.

إذا اشترَطَ الواقِفُ أن يَرجِعَ في الوقْفِ إذا شاء، لا يصِحُّ الوقْفُ ولا الشَّرطُ [306] عندَ المالكيَّةِ يبطُلُ الشَّرطُ ويصِحُّ الوقْفُ. يُنظر: ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (7/660)، ((شرح الزُّرْقاني على مختصر خليل)) (7/157). ، وهو مذهَبُ الشافعيَّةِ -في الصَّحيحِ عندَهم- [307] ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/385)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (6/255). ، والحنابلةِ [308] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (5/243)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (4/251). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (6/9). ، وقَولُ محمَّدِ بنِ الحسَنِ مِنَ الحنفيَّةِ [309] وأجازه أبو يوسفَ إذا كان الخيارُ مؤقَّتًا بوَقتٍ معلومٍ، أمَّا إذا كان مجهولًا فيبطُلُ الوقْفُ والشَّرطُ. ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (3/329)، ((العناية)) للبابَرْتي (6/225) و (6/228) ((الفتاوى الهندية)) (2/356). ، وحُكيَ الإجماعُ على ذلك [310] قال ابنُ قُدامةَ: (وإنْ شرَطَ أن يَبيعَه متى شاء، أو يَهَبَه، أو يَرجِعَ فيه؛ لم يصِحَّ الشَّرطُ، ولا الوقْفُ. لا نَعلَمُ فيه خِلافًا). ((المغني)) (6/9). ويُنظر: ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (5/243). . وذلك للآتي:أوَّلًا: لأنَّه شرطُ يُنافي مُقتضى الوقْفِ [311] ((المغني)) لابن قدامة (6/9). .ثانيًا: لأنَّ التقرُّبَ إلى اللهِ في الوقْفِ بإزالةِ الملْكِ، وهذا الشَّرطُ يَمنَعُه [312] ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (3/329) .ثالثًا: لأنَّه ليس بعَقدِ مُعاوَضةٍ؛ فلم يصِحَّ اشتِراطُ الخيارِ فيه، كالهِبَةِ [313] ((المغني)) لابن قدامة (6/9). .رابعًا: لأنَّه إزالةُ ملْكٍ؛ فلمْ يصِحَّ اشتِراطُ الخيارِ فيه، كالعِتقِ [314]((المغني)) لابن قدامة (6/9). . انظر أيضا: المطلَبُ الأولُ: تَنفيذُ شرْطِ الواقفِ. المطلَبُ الثاني: الشروطُ الباطلةُ في الوقْفِ . المطلَبُ الرابعُ: اشتِراطُ الواقفِ الإدخالَ والإخراجَ، والزِّيادةَ والنقصَ. المطلبُ الخامسُ: اشتراطُ عِمارةِ الوقْفِ على الموقوفِ عليه.

إذا اشتَرَطَ الواقفُ عِمارةَ الوقْفِ [319] يَقصدُ بعِمارةِ الوقف ما يَحفَظُ بقاءَ العَينِ الموقوفةِ ودَوامَها؛ كإصلاحِ ما هُدِم وترميمِه. على الموقوفِ عليه، صحَّ الوقْفُ والشرْطُ، وهذا مَذهبُ الجُمهورِ: الحنفيَّةِ [320] يَرى الحنفيَّةُ أنَّ العِمارةَ على مَن له السُّكْنى، ولو لم يَشترِطْها الواقفُ. ((الهداية)) للمَرْغِيناني (3/17)، ((البحر الرائق)) لابن نُجَيْم (5/234). ، والشافعيَّةِ [321] ((حاشية ابن قاسم على تحفة المحتاج للهيتمي)) (6/289)، ((حاشية الشَّبْرامَلِّسي على نهاية المحتاج للرملي)) (5/400). ، والحنابلةِ [322] ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (2/417)، ((كشاف القِناع)) للبُهُوتي (4/266). ؛ وذلك لوُجوبِ اتِّباعِ شرْطِ الواقفِ [323] ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (2/417). . انظر أيضا: المطلَبُ الأولُ: تَنفيذُ شرْطِ الواقفِ. المطلَبُ الثاني: الشروطُ الباطلةُ في الوقْفِ . المطلَبُ الثَّالثُ: شرطُ الواقِفِ أن يَرجِعَ في الوقْفِ إذا شاء (الخِيارُ في الوقْفِ) . المطلَبُ الرابعُ: اشتِراطُ الواقفِ الإدخالَ والإخراجَ، والزِّيادةَ والنقصَ.

يصِحُّ الوقْفُ ولو جُهِل شرْطُ الواقفِ، ويُعمَلُ فيه بالعُرفِ والعادةِ، وذلك باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحنفيَّةِ [324] ((حاشية ابن عابدين)) (2/624). ، والمالكيَّةِ [325] ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (7/673)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/265). ، والشافعيَّةِ [326]((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (6/259)، ويُنظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (2/473). ، والحنابلةِ [327] ((المبدِع)) لبرهان الدِّين ابن مُفلِح (5/255)، ((كشاف القِناع)) للبُهُوتي (2/412)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (2/412). . وذلك للآتي:أوَّلًا: لأنَّ الغالبَ وُقوعُ الشرْطِ على وَفقِ العادةِ [328] ((كشاف القِناع)) للبُهُوتي (4/261). .ثانيًا: أنَّ الأصلَ عدَمُ تقْييدِ الواقفِ، فيكونُ مُطلَقًا، والمطلَقُ منه يَثبُتُ له حكْمُ العُرفِ [329] ((كشاف القِناع)) للبُهُوتي (4/261). . انظر أيضا: المطلَبُ الأولُ: تَنفيذُ شرْطِ الواقفِ. المطلَبُ الثاني: الشروطُ الباطلةُ في الوقْفِ . المطلَبُ الثَّالثُ: شرطُ الواقِفِ أن يَرجِعَ في الوقْفِ إذا شاء (الخِيارُ في الوقْفِ) . المطلَبُ الرابعُ: اشتِراطُ الواقفِ الإدخالَ والإخراجَ، والزِّيادةَ والنقصَ.