يجوزُ إخراجُ الكفَّارةِ عن الغَيرِ إذا كان بإذنِ الموكِّلِ، وكان المالُ له، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنفيَّةِ [810] ((مختصر اختلاف العلماء)) للطحاوي (3/248). ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (6/132). ، والمالِكيَّةِ [811] ((الكافي)) لابن عبد البر (1/454)، ((التمهيد)) لابن عبد البر (21/247). ، والشَّافِعيَّةِ [812] ((الأم)) للشافعي (7/68)، ((روضة الطالبين)) للنووي (4/291)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/219). ، والحَنابِلةِ [813] ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (3/465)، ((مطالب أولي النهى)) للرُّحَيْباني (2/202)، و(3/440). ، وحُكِيَ فيه الاتِّفاقُ [814] قال الماوَرْديُّ: (أنْ يكونَ مالُ التَّكفيرِ للآمِرِ، فيكونَ المأمورُ هاهنا وكيلًا للآمِرِ في إخراجِ الكفَّارةِ، وهذا مُتَّفَقٌ على جوازِه). ((الحاوي الكبير)) (15/308). .الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِعن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لِمُعاذِ بنِ جَبَلٍ حينَ بَعَثَه إلى اليَمَنِ: إنَّك ستأتي قَومًا أهلَ كتابٍ، فإذا جِئتَهم فادْعُهم إلى أن يَشهَدوا أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنَّ مُحمَّدًا رَسولُ اللهِ، فإنْ هم أطاعوا لك بذلك فأخبِرْهم أنَّ اللهَ قد فرَضَ عليهم خَمسَ صَلواتٍ في كُلِّ يَومٍ ولَيلةٍ، فإنْ هم أطاعوا لك بذلك فأخبِرْهم أنَّ اللهَ قد فَرَض عليهم صَدَقةً تُؤخَذُ مِن أغنيائِهم فتُرَدُّ على فُقَرائِهم، فإنْ هم أطاعوا لك بذلك فإيَّاك وكرائِمَ أموالِهم، واتَّقِ دَعوةَ المظلومِ؛ فإنَّه ليس بيْنه وبيْنَ اللهِ حِجابٌ)) [815] أخرجه البخاري (1496) واللَّفظُ له، ومسلم (19). .وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ كان يَبعَثُ عُمَّالَه لِقَبضِ الصَّدَقاتِ وتَفريقِها، وتفريقُ الكفَّارةِ كتَفريقِ الزَّكاةِ [816] ((مطالب أولي النهى)) للرُّحَيْباني (3/440). .ثانيًا: لأنَّ المقصودَ هو إخراجُ المال، والتَّوكيلُ تَبَعٌ؛ لأنَّ التعَلُّقَ هنا بالحَقِّ الماليِّ، فصَحَّت حِينَها [817] ((الحاوي الكبير)) للماوَرْدي (15/308). . انظر أيضا: المَطلَبُ الثَّاني: إنْ كَانَت الكفَّارةُ بإذنِه والمالُ ليْسَ لَه.

تُجزئُ الكفَّارةُ عن الغَيرِ إذا كان التَّكفيرُ بإذنِ الموكِّلِ، والمالُ ليْسَ لَه، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ [818] قال الماوَرْديُّ: (أن يكون مالُ التَّكفيرِ مِلكًا للمأمورِ؛ فقد اختلف الفُقَهاءُ في إجزائِه على ثلاثةِ مَذاهِبَ: أحدُها -وهو مَذهَبُ الشَّافعيِّ: أنَّه يُجزئُ، سواءٌ كان بجُعْلٍ أو بغيرِ جُعْلٍ. والثاني -وهو مذهَبُ مالكٍ: لا يُجزِئُ، سواءٌ كان بجُعْلٍ أو بغيرِ جُعْلٍ. والثَّالِثُ -وهو مَذهَبُ أبي حنيفةَ: أنَّه يُجزِئُ إنْ كان بجُعلٍ، ولا يُجزِئُ إن كان بغيرِ جُعلٍ). ((الحاوي الكبير)) (15/310). : الحَنفيَّةِ [819] اشترط الحَنَفيَّةُ أن يكونَ بجُعْلٍ. ((مختصر اختلاف العلماء)) للطحاوي (3/248)، ((حاشية ابن عابدين)) (3/480). ، والشَّافِعيَّةِ [820] ((الأم)) للشافعي (7/68). ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوَرْدي (15/308). ، والحَنابِلةِ [821] ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (2/328)، ((مطالب أولي النهى)) للرُّحَيْباني (2/202). ؛ وذلك لأنَّ إخراجَ الكَفَّارةِ عن الغَيرِ إذا لم يكُن من ماله فإنَّه يأخُذُ حُكمَ البَيعِ والشِّراءِ إذا كان بمقابل، وحُكْمَ الهِبَاتِ إنْ كان بغَيرِ مُقابِلٍ [822] ((الحاوي الكبير)) للماوَرْدي (15/310). . انظر أيضا: المَطلَبُ الأوَّلُ: إن كانت الكفَّارةُ بإذنِ المُوَكِّلِ والمالُ له.