لا كفَّارةَ [670] المقصودُ بالكفَّارةِ المنفيَّةِ هنا: كفَّارةُ اليَمينِ المعروفةُ في الشَّرعِ، ويجِبُ على من حَلَف بغيرِ اللهِ أن يقولَ: لا إلهَ إلَّا اللهُ، كما سيأتي في الأدِلَّةِ. والحَلِفُ بغَيرِ اللهِ حَرامٌ لا يَجوزُ. يُنظَرُ: مسألةُ حُكمِ الحَلِفِ بغَيرِ اللهِ تعالى في الفصلِ الثَّاني مِنَ البابِ الأوَّلِ. على مَن حَلَف بغيرِ الله تعالى، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنفيَّةِ [671] ((شرح مختصر الطَّحاوي)) للجَصَّاص (7/395)، ((حاشية ابن عابدين)) (3/715). ويُنظر: ((الاختيار لتعليل المختار)) للمَوْصِلي (4/51). ، والمالِكيَّةِ [672] لا كفَّارةَ عليه عندَهم في الحَلِفِ بالأيمانِ الممنوعةِ. ((الرسالة)) لابن أبي زيد القَيْرَواني (ص: 85)، ((الكافي)) لابن عبد البر (1/448). ، والشَّافِعيَّةِ [673] لا تَنعقِدُ اليَمينُ بغير اللهِ عِندَهم ولا كفَّارةَ فيها. ((روضة الطالبين)) للنووي (11/6). ويُنظر: ((المهذب)) للشيرازي (3/95). ، والحَنابِلةِ [674] ((الفروع)) لابن مفلح (10/437)، ((الإقناع)) للحَجَّاوي (4/333)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (6/234). ، وهو قَولُ أكثَرِ الفُقَهاءِ [675] قال ابنُ قُدامةَ: (ولا تنعقِدُ اليَمينُ بالحَلِفِ بمَخلوقٍ؛ كالكعبةِ، والأنبياءِ، وسائرِ المخلوقاتِ، ولا تجِبُ الكفَّارةُ بالحِنْثِ فيها. هذا ظاهِرُ كلامِ الخِرَقي، وهو قَولُ أكثَرِ الفُقَهاءِ). ((المغني)) (9/513). ، وحُكِيَ فيه الإجماعُ [676] قال ابنُ تيميَّةَ: (اتَّفَق المُسلِمونَ على أنَّه مَن حَلَف بالمخلوقاتِ المُحتَرمةِ أو بما يَعتَقِدُ هو حُرمتَه، كالعَرشِ، والكُرسيِّ، والكعبةِ، والمسجِدِ الحرامِ، والمسجِدِ... وغيرِ ذلك: لا تنعَقِدُ يمينُه، ولا كفَّارةَ في الحَلِفِ بذلك). ((مجموع الفتاوى)) (1/204). .الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِعن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن حَلَف منكم فقال في حَلِفِه: بالَّلاتِ والعُزَّى، فلْيَقُلْ: لا إلهَ إلَّا اللهُ، ومَن قال لصاحِبِه: تَعالَ أقامِرْكَ، فلْيَتصَدَّقْ)) [677] أخرجه البخاري (6107) واللَّفظُ له، ومسلم (1647). . وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يَذكُرْ كفَّارةً، بل ذكَرَ أنَّه يقولُ كَلِمةَ التَّوحيدِ لا غيرُ [678] ((سُبُل السلام)) للصَّنْعاني (4/102). .ثانيًا: أنَّ الكفَّارةَ وَجَبَت في الحَلِفِ باللهِ وصِفاتِه؛ للاسمِ الأعظَمِ، وغَيرُه لا يُساويه [679] ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (6/234). .ثالثًا: أنَّ الكَفَّاراتِ إنَّما تُشرَعُ فيما كان مُباحًا في الأصلِ ثمَّ حُرِّمَ لعارِضٍ، لا فيما كان مُحَرَّمًا في الأصلِ [680] ((إعلام الموقعين)) لابن القيم (2/76). . انظر أيضا: المَطلَبُ الأوَّلُ: اليَمينُ الغَموسُ. المَطلَبُ الثَّاني: اليَمينُ اللَّغوُ.