يَبطُلُ التيمُّمُ بوجودِ الماءِ قبل الشُّروعِ في الصَّلاة، باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((المبسوط)) للسرخسي (1/199)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/57). ، والمالكيَّة ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (1/158)، وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (1/195)، ((الذخيرة)) للقرافي (1/365). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/301)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (1/304). ، والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/215) وينظر: ((الكافي)) لابن قدامة (1/128)، ((الشرح الكبير)) لابن قدامة (1/273). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك قال ابن المُنذِر: (أجمعوا على أنَّ مَن تيمَّم كما أُمِرَ، ثمَّ وجد الماءَ قبل دخولِه في الصَّلاة، أنَّ طهارَته تنتقِضُ، وعليه أن يعيدَ الطَّهارةَ، ويُصلِّي) ((الإجماع)) (ص: 36). وقال ابن عبدِ البَرِّ: (أجمَعَ العُلَماءُ أنَّ مَن تيمَّم بعد أن طلب الماءَ فلم يجدْه، ثمَّ وجد الماءَ قبل دخولِه في الصَّلاة، أنَّ تيمُّمه باطل لا يَجزيه أن يُصلِّي به، وأنَّه قد عاد بحاله قبل التيمُّم). ((الاستذكار)) (1/314)، وينظر: ((التمهيد)) (19/291). وقال القرطبيُّ: (أجمعوا على أنَّ مَن تيمَّم، ثمَّ وجد الماءَ قبل الدُّخولِ في الصَّلاة، بطَل تيمُّمُه، وعليه استعمالُ الماء). ((الجامع لأحكام القرآن)) (5/234). لكن نُقلَ عن أبي سلمةَ ابن عبد الرحمن، والشَّعبي خلافُ ذلك، قال النووي: (ونقل أصحابُنا عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن التابعي والشعبي أنَّهما قالا: إن رأى الماءَ بعد الفراغ من التيمُّم لا يبطُل) ((المجموع)) (2/302)، وينظر: ((المبسوط)) للسرخسي (1/199)، (البيان في مذهب الشافعي)) للعمراني (1/320). الأدلَّة: أوَّلًا: من الكتاب قول الله تعالى: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا [النساء: 43].وجه الدَّلالة: أنَّ الآيةَ تدلُّ على أنَّ مشروعيَّةَ التيمُّمِ معلَّقةٌ بعَدَمِ الماءِ، فإذا وُجِدَ الماءُ فلا محلَّ للتيمُّمِ. ثانيًا: لأنَّ التيمُّمَ لا يرفَعُ الحدَثَ، ولكنَّه طهارةٌ شُرِعت إلى غايةٍ، وهو وجودُ الماءِ، فعندَ وجودِ الماءِ يصيرُ مُحدِثًا بالحَدَث السَّابِق ((المبسوط)) للسرخسي (1/199). انظر أيضا: المطلب الثَّاني: وجود الماء أثناء الصَّلاة . المطلب الثَّالث: وجود الماء بعد أداء الصَّلاة وقبل خروج الوقت . المطلب الرَّابع: وجودُ الماء بعد أداء الصَّلاة وخروجِ الوقت. المطلب الخامس: هل يَبطُل التيمُّم بخروج وقت الصَّلاة؟ .

اختلف أهلُ العِلمِ في حُكمِ مَن وجد الماءَ أثناء الصَّلاةِ على قولينِ: القول الأوّل: مَن وَجد الماءَ أثناء الصَّلاة، فإنَّ عليه الخروجَ منها، وعليه أن يتوضَّأ إن كان محدِثًا حدثًا أصغَرَ، أو يغتسِلَ إن كان قد أحدَث حدثًا أكبرَ، وهو مذهَبُ الحنفيَّة ((المبسوط)) للسرخسي (1/103)، وينظر: ((تبيين الحقائق للزيلعي وحاشية الشلبي)) (1/41). ، والحنابلة ((الفروع)) لابن مفلح (1/312)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/197). ، وبه قال طائفةٌ مِن السَّلف منهم: ابن عُليَّة، والأوزاعيُّ، وسفيان الثوريُّ. ((المحلى)) لابن حزم (1/351)، ((التمهيد)) لابن عبد البر (19/292)، ((المغني)) لابن قدامة (1/197). ، واختاره المزنيُّ وابنُ سُرَيج من الشَّافعيَّة ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/252)، ((التمهيد)) لابن عبدالبر (19/292). ، وابنُ حزم الظاهريُّ قال ابن حزم: (ينقُض التيمُّمَ أيضًا وجودُ الماء، سواءٌ وجَدَه في صلاةٍ، أو بعد أن صلَّى، أو قبل أن يُصلِّي؛ فإنَّ صلاتَه التي هو فيها تنتقِضُ؛ لانتقاضِ طَهارتِه، ويتوضَّأ أو يغتسِل، ثمَّ يبتدئ الصَّلاة) ((المحلى)) (1/351)، ((المغني)) لابن قدامة (1/197). ، وابنُ رشد الحفيد مِن المالكيَّة ((بداية المجتهد)) (1/73). ، وابنُ عثيمين قال ابن عثيمين: (الذي يظهَرُ- واللهُ أعلم- أنَّ المذهَبَ أقربُ للصَّوابِ؛ لأنَّه وجَدَ الماءَ) ((الشرح الممتع)) (1/406). . الأدلَّة: أوَّلًا: من الكتاب قول الله تعالى: فَلَمْ تَجِدُوا مَاء فَتَيَمَّمُوا [النساء: 43].وجه الدَّلالة: أنَّ هذا وجد ماءً، فبطَل حُكمُ التيمُّم، وإذا بطَل حُكمُ التيمُّمِ بطَلت الصَّلاةُ؛ لأنَّه يعودُ إليه حدَثُه ((تبيين الحقائق للزيلعي وحاشية الشلبي)) (1/41)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/404). .ثانيًا: أنَّ الصَّلاةَ إذا جاز أداؤُها بالعُذرِ على صفةٍ، كان زوالُ ذلك العُذرِ مانعًا من إجزائِها على تلك الصِّفة، كالمريضِ إذا صحَّ، والأُمِّيِّ إذا تعلَّم الفاتحةَ، والعُريان إذا وجد ثوبًا ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/252، 253). .ثالثًا: أنَّ التيمُّمَ في الطَّهارة بدلٌ من الماءِ عند فقْدِه، فإذا وُجِدَ الأصلُ ارتفَعَ البَدلُ ((تبيين الحقائق للزيلعي وحاشية الشلبي)) (1/41)، ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/252، 253)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/404). .رابعًا: أنَّ كلَّ ما أبطلَ التيمُّمَ قبل الصَّلاةِ، أبطَلَه في الصَّلاةِ كالحَدَثِ ((المحلى)) لابن حزم (1/354)، وينظر: ((التمهيد)) لابن عبدالبر (19/292)، ((المغني)) لابن قدامة (1/198). .القول الثاني: مَن وجدَ الماءَ أثناء الصَّلاةِ، فإنَّه يُتمُّ صلاتَه، وهو مذهَبُ المالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/523)، وينظر: ((التمهيد)) لابن عبدِ البَرِّ (19/291)، ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/73). ، والشَّافعيَّة استثنى الشافعيَّةُ ما إذا كان تيمُّمُه يجب معه إعادةُ الصَّلاة، كما لو تيمَّم في الحضر، فإنَّه يجِبُ عليه قطعُ الصَّلاة؛ لأنَّه لو لم يقطَعْها أعادها لِأصلِهم في هذا النَّوعِ مِن التيمُّم. ((نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج)) للرملي (1/306)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/252). ، وروايةٌ عن أحمد ((المغني)) لابن قدامة (1/197). ، وبه قال أبو ثورٍ قال ابن حزم: (من رأى الماءَ وهو في الصَّلاة، فإنَّ مالكًا والشافعيَّ وأحمد بن حنبل وأبا ثور وداود قالوا: إنْ رأى الماءَ وهو في الصَّلاة، فليتمادَ على صلاتِه ولا يُعيدُها، ولا تنتقِض طهارتُه بذلك) ((المحلى)) (1/353). ، وداود الظاهريُّ ((المحلى)) لابن حزم (1/353). واختاره ابنُ المُنذِر قال ابن المُنذِر: (ذكر المتيمِّمُ يجد الماءَ بعد أن يدخُلَ في الصَّلاة... واختلفوا فيمَن تيمَّمَ فدخل الصلَّاةَ ثمَّ وجد الماء... قال أبو بكر- هو ابن المُنذِر-: ولا يجوزُ نَقضُ طهارةٍ قد مضى وقتُها، وإبطالُ ما صلَّى من الصَّلاةِ كما فُرض عليه وأُمِرَ به، إلَّا بحجَّةٍ مِن كتاب أو سُنَّة أو إجماعٍ) ((الأوسط)) (2/184-185). وقال ابن قدامة: (مسألة وجد المتيمِّمُ الماء وهو في الصَّلاة... وقال مالك، والشافعيُّ، وأبو ثور، وابن المُنذِر: إنْ كان في الصَّلاة، مضَى فيها. وقد رُوي ذلك عن أحمد، إلَّا أنَّه رُوي عنه ما يدلُّ على رجوعِه عنه) ((المغني)) (1/197). ، والطبريُّ قال ابن عبدِ البَرِّ: (اختلفوا إذا رأى الماءَ بعد دخولِه في الصَّلاة؛ فقال مالك والشافعيُّ وأصحابُهما وداود والطبريُّ: يتمادَى في صلاتِه ويُجزيه) ((التمهيد)) (19/291). .الأدلَّة: أوَّلًا: من الكتاب 1- قولُ الله تعالى: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا [النساء: 43].وجه الدَّلالة: أنُّه أمِرَ باستعمالِ الماء في الحالِ التي لو لم يجِد فيها الماءَ لتيمَّم، فلمَّا كان وقتُ الأمرِ بالتيمُّم قبل الصَّلاة، وجب أن يكونَ وقتُ الأمرِ باستعمالِ الماءِ قبل الصَّلاة ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/253). .2- قولُ الله عزَّ وجلَّ: وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ [محمد: 33].وجه الدَّلالة: أنَّه غيرُ قادرٍ على استعمالِ الماء؛ لأنَّ قُدرتَه تتوقَّفُ على إبطالِ الصَّلاةِ، وهو منهيٌّ عن إبطالِها ((المغني)) لابن قدامة (1/198). .ثانيًا: أنَّه وجد المُبدَلَ بعد التلبُّسِ بمقصودِ البَدلِ، وهي الصَّلاةُ؛ فلم يلزمْه الخروجُ، كما لو وجَد رقبةَ الكفَّارةِ بعد التلبُّس بالصِّيامِ ((المغني)) لابن قدامة (1/197). .ثالثًا: أنَّ كلَّ حالٍ لا يلزَمُه فيها طلَبُ الماء، لا يلزَمُه فيها استعمالُ الماء، وهو- ما لم يدخُل في الصَّلاة- مخاطَبٌ بذلك، فإذا دخلَ في الصَّلاةِ سقَط عنه الطَّلَبُ؛ لاشتغالِه بما هو مأمورٌ به ((التمهيد)) لابن عبدالبر (19/291، 292)، ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/253). .رابعًا: أنَّهم قد أجمعوا أنَّه يدخُل في صلاته بالتيمُّمِ عند عدمِ الماء، واختلفوا في قَطعِ تلك الصَّلاةِ إذا رأى الماءَ ولم تثبُت سُنَّةٌ بقَطعِها ولا إجماعٌ ((التمهيد)) لابن عبدالبر (19/291، 292)، ((المحلى)) لابن حزم (1/353). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: وجودُ الماءِ قبل الصَّلاة . المطلب الثَّالث: وجود الماء بعد أداء الصَّلاة وقبل خروج الوقت . المطلب الرَّابع: وجودُ الماء بعد أداء الصَّلاة وخروجِ الوقت. المطلب الخامس: هل يَبطُل التيمُّم بخروج وقت الصَّلاة؟ .

مَن وجدَ الماءَ بعد أداءِ الصَّلاةِ وقبل خروجِ الوَقتِ قال ابن عبدِ البَرِّ: (أجمع الجمهورُ من الفقهاءِ أنَّ مَن طلب الماءَ فلم يجِدْه، وتيمَّم وصلَّى، ثمَّ وجد الماءَ في الوقت- وقد كان اجتهَد في الطَّلَب فلم يجِد الماء، ولا نَسِيَه في رَحْله- أنَّ صلاتَه ماضيةٌ إلَّا أنَّ منهم مَن يستحبُّ له أن يُعيدَ صَلاتَه بعد وضوئِه أو بعد غُسلِه، ما دام في الوقتِ). ((الاستذكار)) (1/314)، ((التمهيد)) (19/291). وقال الكاسانيُّ: (أمَّا إذا وجده بعد الفراغِ من الصَّلاة؛ فإن كان بعد خروجِ الوَقتِ، فليس عليه إعادةُ ما صلَّى بالتيمُّم بلا خلافٍ، وإنْ كان في الوقتِ، فكذلك عند عامَّة العلماء). ((بدائع الصنائع)) (1/58، 59). وقال النوويُّ: (مذهبنا أنَّه لا إعادةَ، سواءٌ وجد الماءَ في الوقت أو بعده، حتى لو وجَده عقِبَ السَّلامِ، فلا إعادةَ، وبه قال الشَّعبيُّ، والنَّخَعيُّ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، ومالك، وأبو حنيفة، والثوريُّ، والأوزاعيُّ، وأحمد، وإسحاق، والمزنيُّ، وابن المُنذِر، وجمهور السَّلف والخلف). ((المجموع)) (2/306). ، فإنَّها تُجزِئه ولا يُعيدها، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((حاشية ابن عابدين)) (1/255)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/58، 59). والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/522)، وينظر: ((المدونة الكبرى)) (1/147). ، والشَّافعيَّة استَثنى الشافعية ما لو تيمَّم في الحَضرِ. ((المجموع)) للنووي (2/306)، ((روضة الطالبين)) للنووي (1/115). ، والحنابلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/177)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/179). ، وهو اختيارُ ابنِ حَزمٍ الظاهريِّ قال ابن حزم: (لا قضاءَ عليه فيما قد صلَّى بالتيمُّم، ولو وجد الماء إثرَ سلامِه منها). ((المحلى)) (1/351). .الأدلَّة: أوَّلًا: من الآثار عن نافعٍ عن ابنِ عُمرَ: (أنَّه أقبلَ مِن الجُرْفِ، حتَّى إذا كان بالمِربدِ تيمَّم، فمسحَ وجهه ويديه، وصلَّى العصرَ، ثمَّ دخل المدينةَ والشمسُ مرتفعةٌ، فلم يُعدِ الصَّلاةَ) رواه البخاريُّ معلَّقًا بصيغة الجزم قبل حديث (337)، وأخرجه موصولاً الشافعي في ((الأم)) (2/97)، والبيهقي (1103). قال الخطيب البغداديُّ في ((تاريخ بغداد)) (2/406): محفوظ، وقال البيهقيُّ في ((الخلافيات)) (2/522): ثابت وصحَّح إسناده النوويُّ في ((الخلاصة)) (1/220). وصحَّحه ابن الملقِّن في ((البدر المنير)) (2/266)، والألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود- الكتاب الأم)) (2/168) .ثانيًا: أنَّه أدَّى فَرضَه كما أُمِرَ؛ فلم يلزَمْه الإعادةُ، كما لو وَجَده بعد الوقتِ ((المغني)) لابن قدامة (1/179). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: وجودُ الماءِ قبل الصَّلاة . المطلب الثَّاني: وجود الماء أثناء الصَّلاة . المطلب الرَّابع: وجودُ الماء بعد أداء الصَّلاة وخروجِ الوقت. المطلب الخامس: هل يَبطُل التيمُّم بخروج وقت الصَّلاة؟ .

من تيمَّم وصلَّى، ثمَّ وجدَ الماء بعد خروجِ الوقت، فإنَّه لا يُعيدُ الصَّلاة.الدَّليل من الإجماعنقل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنذِر قال ابن المُنذِر: (أجمع أهلُ العِلم على أنَّ من تيمَّم صعيدًا طيِّبًا كما أَمر الله، وصلَّى، ثمَّ وجد الماءَ بعد خروج وقت الصَّلاة، لا إعادةَ عليه). ((الأوسط)) (2/63). ، والبغوي قال البَغويُّ: (لو صلَّى بالتيمُّم، ثم وجَد الماء، لا تجبُ عليه الإعادةُ بالاتِّفاق) ((شرح السنة)) (2/96). ، والكاسانيُّ قال الكاساني: (أمَّا إذا وجده بعد الفراغِ من الصَّلاة، فإنْ كان بعد خروجِ الوقتِ، فليس عليه إعادةُ ما صلَّى بالتيمُّم بلا خلاف). ((بدائع الصنائع)) (1/58، 59). ، وابنُ قدامة قال ابنُ قُدامَة: (العادمُ للماء في السَّفر إذا صلَّى بالتيمُّم، ثم وجَد الماء، إنْ وجَدَه بعد خروجِ الوقت، فلا إعادةَ عليه إجماعًا). ((المغني)) (1/179). ، وابنُ رجب قال ابن رجب: (لو وجده بعد الوقتِ، فأجمعوا على أنْ لا إعادةَ عليه، حكاه ابن المُنذِر وغيره). ((فتح الباري)) (2/37). ، وابنُ تيمية قال ابنُ تيميَّة: (وكذلك لا إعادةَ إذا صلَّى بالتيمُّمِ، باتِّفاقِهم). ((مجموع الفتاوى)) (21/428). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: وجودُ الماءِ قبل الصَّلاة . المطلب الثَّاني: وجود الماء أثناء الصَّلاة . المطلب الثَّالث: وجود الماء بعد أداء الصَّلاة وقبل خروج الوقت . المطلب الخامس: هل يَبطُل التيمُّم بخروج وقت الصَّلاة؟ .

لا يَبطُل التيمُّمُ بخروج وقت الصَّلاة، وهو مذهَبُ الحنفيَّة ((تبيين الحقائق للزيلعي وحاشية الشلبي)) (1/42). ، والظاهريَّة قال ابن حزم: (المتيمِّم يُصلِّي بتيمُّمِه ما شاء من الصَّلوات الفرْض والنَّوافل، ما لم ينتقِض تيمُّمه بحدَثٍ، أو بوجودِ الماء، وأمَّا المريضُ فلا يَنقُض طهارتَه بالتيمُّم إلَّا ما ينقُض الطَّهارةَ من الأحداثِ فقط، وبهذا يقول أبو حنيفة، وسفيان الثوريُّ، والليث بن سعد، وداود). ((المحلى)) (1/355)، وينظر: ((جامع المسائل)) لابن تيميَّة (2/208). ، واختاره ابنُ تيميَّة قال ابن تيميَّة: (التيمُّمُ يقوم مقامَ الماءِ مُطلقًا؛ يَستبيح به كما يُستباحُ بالماء، ويتيمَّم قبل الوقت كما يتوضَّأ قبل الوقت، ويبقى بعد الوقت كما تبقى طهارةُ الماء بعدَه، وإذا تيمَّم لنافلةٍ صلَّى به الفريضةَ كما أنَّه إذا توضَّأ لنافلةٍ صلَّى به الفريضةَ، وهذا قولُ كثيرٍ من أهل العلم، وهو مذهبُ أبي حنيفة، وأحمد في الرِّواية الثانية، وقال أحمد: هذا هو القياسُ. وهذا القول هو الصَّحيح، وعليه يدلُّ الكتابُ والسُّنة والاعتبارُ...) ((مجموع الفتاوى)) (21/436)، ويُنظر: ((جامع المسائل)) لابن تيميَّة (2/208)، ((الإنصاف)) للمرداوي (1/214). ، والشوكانيُّ ((السيل الجرار)) (ص: 85). ، وابنُ باز قال ابن باز: (فالحاصل: أنَّ التيمُّمَ يقوم مقامَ الماء، وهو طَهورٌ، تُصلَّى به الصَّلواتُ الكثيرةُ، حتى يَهتديَ المرءُ إلى الماءِ، أو يجِد الماءَ إن كان مفقودًا، أو يستطيع استعمالَه إن كان عاجزًا قبل ذلك). ((فتاوى نور على الدرب)) (5/327). قال ابن باز: (يجوز للمُسلم إذا تيمَّم التيمُّمَ الشرعيَّ أن يصلِّيَ بذلك ما شاء من فرْضٍ أو نفلٍ، ما دام عادمًا للماء، أو عاجزًا عن استعماله، ما لم يُحدِث أو يجِدِ الماء، في أصحِّ أقوالِ العلماء). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (10/203). ، وابنُ عُثيمين قال ابن عثيمين: (الصَّحيحُ: أنَّه لا يَبطُلُ بخروجِ الوَقتِ، وأنَّك لو تيمَّمتَ لصلاةِ الفَجرِ، وبَقيتَ على طهارَتك إلى صلاةِ العِشاء فتيمُّمُك صحيحٌ). ((الشرح الممتع)) (1/4021). .الأدلَّة: أوَّلًا: من الكتاب 1- قول الله تعالى: فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَـكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ [المائدة: 6].وجه الدَّلالة: أنَّه نصَّ على أنَّ التيمُّمَ طهارةٌ من الله تعالى، وإذا كان التيمُّمُ طَهورًا فلا يُنقَضُ بخروجِ الوقتِ ((المحلى)) لابن حزم (1/356)، ((تبيين الحقائق للزيلعي وحاشية الشلبي)) (1/42)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/4021). .2- قول الله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا [المائدة: 6].وجه الدَّلالة: أنَّ اللهَ تعالى لم يأمر قطُّ بالتيمُّمِ في الآية إلَّا مَن كان مُحدِثًا فقط، لا كلَّ قائِمٍ إلى الصَّلاةِ أصلًا ((المحلى)) لابن حزم (1/359). .ثانيًا: مِن السُّنَّةِ عن جابرِ بن عبد الله رَضِيَ اللهُ عنهما قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((جُعِلَت لي الأرضُ مَسجدًا وطَهورًا)) رواه البخاري (335) واللفظ له، ومسلم (521). .وجه الدَّلالة: أنَّ الطَّهورَ هو المطهِّرُ لغيره، وهو المُثبِت للطَّهارةِ، فوجب القولُ بارتفاعِ الحدَث إلى وجودِ الماء ((تبيين الحقائق للزيلعي وحاشية الشلبي)) (1/42)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/4021). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: وجودُ الماءِ قبل الصَّلاة . المطلب الثَّاني: وجود الماء أثناء الصَّلاة . المطلب الثَّالث: وجود الماء بعد أداء الصَّلاة وقبل خروج الوقت . المطلب الرَّابع: وجودُ الماء بعد أداء الصَّلاة وخروجِ الوقت.