تَنعقِدُ اليَمينُ بالحَلِفِ بالقُرآنِ أو بالمُصحَفِ [178] وأمَّا وَضعُ اليَدِ على المُصحَفِ عند الحَلِفِ فتركُه أَولى، وقد وصَفَه بعضُ العُلَماءِ بالبِدعةِ؛ لأنَّه لم يكُنْ يُعمَلُ به في عَهدِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. قال ابن المنذر: (ليس للحاكم أن يستحلف المدعى عليه بالطلاق والعتاق والحج والسبيل وما أشبه ذَلِكَ، وَلا يستحلف عَلَى المصحف). ((الإقناع)) (2/517). قال ابنُ العربي: (هو بدعةٌ؛ لم يَرِدْ عن أحدٍ مِن الصَّحابةِ، وقد أجازه الشَّافعيَّةُ). يُنظر: ((مواهب الجليل)) للحَطَّاب (8/268). وقال ابنُ عُثَيمين: (الحَلِفُ على المُصحَفِ مِن الأمورِ البِدعيَّةِ التي لم تكُنْ مَعروفةً في عهدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولكنَّها أُحدِثَت فيما بعدُ). ((فتاوى نور على الدرب)) (11/450).  وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: (الحَلِفُ على المُصحَفِ أو على «صحيحِ البُخاريِّ»: لا أصلَ له في الشَّرعِ، وإنَّما هو مِن عَمَلِ بَعضِ الجُهَّالِ؛ فيَجِبُ تَركُ هذه العادةِ، وتَعظيمُ اليمينِ باللهِ عزَّ وجَلَّ مِن غيرِ أن يكونَ ذلك على المُصحَفِ أو «صحيحِ البخاريِّ»، أو غيرِهما). ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (23/49). ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ [179] قال ابنُ قُدامةَ: (وإنْ حَلَف بالمصحَفِ انعقَدَت يمينُه... لأنَّ الحالِفَ بالمصحَفِ إنَّما قَصَد بالمكتوبِ فيه، وهو القرآنُ؛ فإنَّه بينَ دَفَّتَيِ المُصحَفِ بإجماعِ المُسلِمينَ). ((المغني)) (9/505). وقال ابنُ عُثَيمين: (ويحلِفُ بالمُصحَفِ؛ لأنَّه كلامُ الله، لأنَّه لا يريدُ الحَلِفَ بالوَرَقِ والجلودِ، وإنَّما يريدُ الحَلِفَ بما تضمَّنَتْه هذه الأوراقُ). ((مجموع فتاوى ورسائل العُثَيمين)) (2/219). : الحَنفيَّةِ في المُعتَمَدِ عند مُتأخِّريهم [180] ((الدر المختار للحَصْكَفي مع حاشية ابن عابدين)) (3/712، 713). ، والمالِكيَّةِ [181] ((التاج والإكليل)) للموَّاق (3/262)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (3 /5، 6). ، والشَّافِعيَّةِ [182] ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/322)، ((نهاية المحتاج)) للرَّمْلي (8/177). ، والحَنابِلةِ [183] ((الفروع)) لابن مفلح (10/437)، ((الإقناع)) للحَجَّاوي (4/331)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (6/231). ، وبه قال قَتَادة، واختاره إسحاق [184] قال ابنُ قُدامةَ: (وإنْ حَلَف بالمُصحَفِ انعَقَدت يمينُه، وكان قتادةُ يَحلِفُ بالمُصحَفِ، ولم يَكرَهْ ذلك إمامُنا، وإسحاقُ). ((المغني)) (9/505). .وذلك للآتي:أوَّلًا: أنَّ القُرآنَ كَلامُ اللهِ تعالى، وصِفةٌ مِن صِفاتِ ذاتِه؛ فتَنعقِدُ اليَمينُ به [185] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (9/225). .ثانيًا: أنَّ الحالِفَ بالمُصحَفِ إنَّما قَصَد المكتوبَ بين دَفَّتَيِ المُصحَف، وهو القرآنُ؛ بالإجماعِ [186] ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (6/231). . انظر أيضا: المَطلَبُ الأوَّلُ: الحَلِفُ باللهِ تعالى. المَطلَبُ الثَّالِثُ: الحَلِفُ بالتَّوراةِ أو الإنجيلِ. المَطلَبُ الرَّابِعُ: الحَلِفُ بأمانةِ اللهِ. المَطلَبُ الخامِسُ: الحَلِفُ بعَهدِ اللهِ .

يَنعَقِدُ الحَلِفُ بعَهدِ الله، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنفيَّةِ [207] سواءٌ قال: وعَهدِ اللهِ، أو قال: عليَّ عَهدُ الله. ((شرح مختصر الطحاوي)) للجَصَّاص (7/385)، ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (3/109)، ((الفتاوى الهندية)) (2/53). ، والمالِكيَّةِ [208] اشترط المالِكيَّةُ ألَّا يريدَ بالعَهدِ المعنى المخلوقَ، سواءٌ قال: وعَهدِ اللهِ، أو قال: عليَّ عَهدُ اللهِ. ((الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي)) (2/127)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (3/7). ، والشَّافِعيَّةِ [209] اشترط الشَّافعيَّةُ أن ينويَ بها اليمينَ، وأن يَسبِقَها بـ (علَيَّ)، سواءٌ قال: علَيَّ عَهدُه، أو قال: عليَّ عَهدُ الله. ((روضة الطالبين)) للنووي (11/16)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (10/10)، ((نهاية المحتاج)) للرَّمْلي (8/178). ، والحَنابِلةِ [210] اشترط الحنابلةُ أن يُضيفَها إلى اسمِه تعالى، أو ينويَ الإضافةَ، وسواءٌ قال: وعَهدِ اللهِ، أو قال: علَيَّ عَهدُ الله. ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (9/223)، ((الإنصاف)) للمَرْداوي (11/7)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (3/438). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [211] قال الطحاوي: (لا يختَلِفونَ في قَولِه: وعَهدِ اللهِ وميثاقِه: أنَّه يمينٌ). ((مختصر اختلاف العلماء)) (2/332). .الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ الكتابِقَولُ الله تعالى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا [النحل: 91].وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ اللهَ تعالى أثبت العَهدَ يَمينًا، فقال: وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا [212] ((شرح مختصر الطحاوي)) للجَصَّاص (7/385). .ثانيًا: أنَّ عَهدَ اللهِ يَحتَمِلُ كلامَه الذي أمَرَنا به ونهانا عنه، وكلامُه صِفةٌ له، وقد ثبت له عُرفُ الاستِعمالِ؛ فيَجِبُ أن يكونَ يمينًا بإطلاقِه، كقَولِه: وكَلامِ اللهِ [213] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (9/223). . انظر أيضا: المَطلَبُ الأوَّلُ: الحَلِفُ باللهِ تعالى. المَطلَبُ الثَّاني: الحَلِفُ بالقُرآنِ أو بالمُصحَفِ . المَطلَبُ الثَّالِثُ: الحَلِفُ بالتَّوراةِ أو الإنجيلِ. المَطلَبُ الرَّابِعُ: الحَلِفُ بأمانةِ اللهِ.

يَنعَقِدُ الحَلِفُ بميثاقِ اللهِ، باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنفيَّةِ [214] سواءٌ قال: وميثاقِه، أو قال: علَيَّ ميثاقُ الله. ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (3/109)، ((الفتاوى الهندية)) (2/53)، ((حاشية ابن عابدين)) (3/714). ، والمالِكيَّةِ [215] قيَّده المالِكيَّةُ بألَّا يُريدَ بالميثاقِ المعنى الحادِثَ في الخَلْقِ؛ بأن يريدَ الذي واثَقَنا اللهُ به من التكاليفِ؛ كالإيمانِ والصَّلاةِ. ((الرسالة)) لابن أبي زيد (ص: 87)، ((التاج والإكليل)) للموَّاق (3/262)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (3/5). ، والشَّافِعيَّةِ [216] اشترط الشَّافعيَّةُ أن ينويَ بها اليمينَ، ويَسبِقَها بـ (علَيَّ)، سواءٌ قال: علَيَّ ميثاقُه، أو قال: عليَّ ميثاقُ الله، وإنْ أطلَقَ فوَجهانِ: الأصَحُّ أنَّه لا يَنعَقِدُ. ((روضة الطالبين)) للنووي (11/16)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (10/10)، ((نهاية المحتاج)) للرَّمْلي (8/178). ، والحَنابِلةِ [217] اشترط الحنابلةُ أن يُضافَ إلى اسمِه تعالى، أو ينويَ الإضافةَ، وسواءٌ قال: وميثاقِ اللهِ، أو قال: علَيَّ ميثاقُ الله. ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (9/223)، ((الإنصاف)) للمَرْداوي (11/7)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (3/438). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [218] قال الطحاوي: (لا يختَلِفونَ في قَولِه: وعَهدِ اللهِ ومِيثاقِه: أنَّه يمينٌ). ((مختصر اختلاف العلماء)) (2/332). ؛ وذلك لأنَّ الميثاقَ هو العَهدُ المؤكَّدُ بالحَلِفِ، فيَرجِعُ لكَلامِه تعالى [219] ((حاشية البَنَّاني على شرح الزُّرقاني)) (3/90). . انظر أيضا: المَطلَبُ الأوَّلُ: الحَلِفُ باللهِ تعالى. المَطلَبُ الثَّاني: الحَلِفُ بالقُرآنِ أو بالمُصحَفِ . المَطلَبُ الثَّالِثُ: الحَلِفُ بالتَّوراةِ أو الإنجيلِ. المَطلَبُ الرَّابِعُ: الحَلِفُ بأمانةِ اللهِ.

اختلفَ العُلَماءُ في الحَلِف بحقِّ الله تعالى، على قولين:القولُ الأوَّل: تَنعقِدُ اليَمينُ بحَقِّ اللهِ تعالى، إنْ لم يَقصِدْ حَقَّه على عبادِه مِن القُرُباتِ والطَّاعاتِ [220] على تفصيلٍ عند بعضِهم. ؛ وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنفيَّةِ [221] ((البحر الرائق)) لابن نُجَيْم (4/311)، ((الفتاوى الهندية)) (2/52)، ((حاشية ابن عابدين)) (3/720). ، والمالِكيَّةِ [222] ((شرح الزُّرقاني على مختصر خليل)) (3/88)، ((الشرح الكبير)) للدردير (2/127)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (3/5). ، والشَّافِعيَّةِ [223] ((روضة الطالبين)) للنووي (11/12)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/322). ، والحَنابِلةِ [224] ((الإنصاف)) للمَرْداوي (11/7)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (6/231). ؛ وذلك لأنَّ لله حُقوقًا يَستَحِقُّها لِنَفْسِه؛ من البَقاءِ، والعَظَمةِ، والجَلالِ، والعِزَّةِ، وقد اقتَرَن عُرفُ الاستعمالِ بالحَلِفِ بهذه الصِّفةِ؛ فتَنصَرِفُ إلى صفةِ اللهِ تعالى، كقَولِه: وقُدرةِ اللهِ [225] ((المغني)) لابن قدامة (9/500). ويُنظر: ((روضة الطالبين)) للنووي (11/12)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (4/322). .القَولُ الثَّاني: لا يَنعَقِدُ الحَلِفُ بحَقِّ اللهِ تعالى، وهو اختيارُ ابنِ باز [226] قال ابنُ باز: (لا يُحلَفْ بحَقِّ اللهِ، يُحلَفُ باللهِ، واللهِ، وبعِزَّةِ اللهِ، والرَّحمنِ الرَّحيمِ، والقادِرِ على كُلِّ شيءٍ، ورَبِّ العالَمينَ، والَّذي نفسي بيَدِه، ولا يُحلَف بحَقِّ اللهِ؛ لأنَّ حَقَّ الله علينا تعظيمُه وطاعتُه، وتعظيمُه وطاعتُه مِن أفعالنا؛ مِن أفعالِ المخلوقينَ، حَقُّه علينا توحيدُه وطاعتُه وتعظيمُه، وتوحيدُنا له وتعظيمُنا له وطاعتُه: مِن أفعالِنا، وأفعالُنا مخلوقةٌ، ومعناه الحَلِفُ بمخلوقاتِه؛ فلا يَصِحُّ؛ الحَلِفُ لا يكونُ إلَّا بالله وَحدَه، أو بأسمائِه وصِفاتِه جَلَّ وعلا). ((الموقع الرسمي للشيخ ابن باز)). ، واللَّجنةِ الدَّائمةِ [227] جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: (لا يجوزُ الحَلِفُ إلَّا بالله، أو صفةٍ مِن صفاتِه، وحَقُّ اللهِ هو عبادتُه وَحدَه لا شريكَ له، وذلك من أفعالِ العبادِ؛ فلا يجوزُ الحَلِفُ به). ((فتاوى اللجنة الدائمة)) (23/54). ؛ وذلك لأنَّه يُرادُ به طاعةُ اللهِ؛ إذِ الطَّاعاتُ حُقوقُه، وهو من أفعالِ العبادِ، فيَكونُ حَلِفًا بغيرِ اللهِ تعالى [228] ((البحر الرائق)) لابن نُجَيْم (4/311)، ((فتاوى اللجنة الدائمة)) (23/54). . انظر أيضا: المَطلَبُ الأوَّلُ: الحَلِفُ باللهِ تعالى. المَطلَبُ الثَّاني: الحَلِفُ بالقُرآنِ أو بالمُصحَفِ . المَطلَبُ الثَّالِثُ: الحَلِفُ بالتَّوراةِ أو الإنجيلِ. المَطلَبُ الرَّابِعُ: الحَلِفُ بأمانةِ اللهِ.

يَنعَقِدُ الحَلِفُ بايْمِ اللهِ [245] ايمُنُ: اسمٌ استُعمِلَ في القَسَمِ، والتُزِمَ رَفعُه كما التُزِمَ رَفعُ لَعَمْرُ اللهِ، وهمزتُه عند البصريِّينَ وَصلٌ، واشتِقاقُه عندَهم مِن اليُمنِ، وهو البَرَكةُ، وعند الكوفيِّينَ قَطعٌ: (أَيمُن)؛ لأنَّه جَمعُ يَمينٍ عِندَهم، وقد يُختَصَرُ منه فيُقالُ: (وَايْمُ اللهِ). يُنظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (13/462)، ((المصباح المنير)) للفيومي (2/682)، ((القاموس المحيط)) للفيروزآبادي (1/1241). ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنفيَّةِ [246] ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (3/109)، ((الفتاوى الهندية)) (2/53). ، والمالِكيَّةِ [247] ((مختصر خليل)) (ص: 82)، ((مواهب الجليل)) للحَطَّاب (4/399)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (3/5). ، والشَّافِعيَّةِ [248] اشترط الشَّافعيَّةُ أن ينويَ اليَمينَ. ((روضة الطالبين)) للنووي (11/15)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (10/10). ، والحَنابِلةِ [249] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (9/223)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (3/438). .الأدِلَّةُ مِنَ السُّنَّةِ:1- عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((... وَايْمُ اللهِ، لو أنَّ فاطِمةَ بنتَ مُحمَّدٍ سَرَقَت لقَطَعْتُ يَدَها)) [250] أخرجه البخاري (6788)، ومسلم (1688) واللَّفظُ له. .2- عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((بَعَث رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَعثًا، وأمَّرَ عليهم أُسامةَ بنَ زيدٍ، فطَعَن النَّاسُ في إمْرَتِه، فقام رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: إن تَطعُنوا في إمرَتِه، فقد كنتُم تَطعُنونَ في إمرةِ أبيه مِن قَبلُ، وايْمُ اللهِ إنْ كان لَخَليقًا للإمْرةِ، وإنْ كان لَمِنْ أحَبِّ النَّاسِ إليَّ، وإنَّ هذا لَمِنْ أحَبِّ النَّاسِ إلَيَّ بَعْدَه)) [251] أخرجه البخاري (3730)، ومسلم (2426) واللَّفظُ له. . انظر أيضا: المَطلَبُ الأوَّلُ: الحَلِفُ باللهِ تعالى. المَطلَبُ الثَّاني: الحَلِفُ بالقُرآنِ أو بالمُصحَفِ . المَطلَبُ الثَّالِثُ: الحَلِفُ بالتَّوراةِ أو الإنجيلِ. المَطلَبُ الرَّابِعُ: الحَلِفُ بأمانةِ اللهِ.

يَنعَقِدُ الحَلِفُ بـ (لَعَمْرُ اللهِ)، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ [253] قال ابنُ عابدين: (قَولُ المُصنِّفِ: لَعَمْرُ اللهِ؛ للاحترازِ عن قَولِنا: لَعَمْرُ فُلانٍ؛ لأنَّه لا يجوزُ أن يُحلَفَ بغَيرِه تعالى، وإذا حَلَف ليس له أن يَبَرَّ، بل يجِبُ أن يَحنَثَ؛ فإنَّ البِرَّ فيه كُفرٌ عند بَعضِهم، كما في كفاية الشعبي). ((حاشية ابن عابدين)) (4/301). : الحَنفيَّةِ [254] ((الهداية)) للمَرْغِيناني (2/74)، ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (3/110). ، والمالِكيَّةِ [255] ((التاج الإكليل)) للموَّاق (3/261)، ((مواهب الجليل)) للحَطَّاب (4/399)، ((حاشية البَنَّاني على شرح الزُّرقاني لمختصر خليل)) (3/86). ، والشَّافِعيَّةِ [256] اشترط الشَّافعيَّةُ أن ينويَ اليَمينَ. ((تحفة المحتاج)) للهيتمي (10/10)، ((نهاية المحتاج)) للرَّمْلي (8/178). ، والحَنابِلةِ [257] ((الفروع)) لابن مفلح (10/435)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (6/231). ؛ وذلك لأنَّه أقسَمَ بصِفةٍ مِن صِفاتِ ذاتِ اللهِ [258] ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (3/110)، ((العناية)) للبابرْتي (5/75). ؛ فكان يمينًا مُوجِبةً للكَفَّارةِ، كالحَلِفِ ببقاءِ اللهِ تعالى، وحَياتِه [259] ((المغني)) لابن قدامة (9/500). . انظر أيضا: المَطلَبُ الأوَّلُ: الحَلِفُ باللهِ تعالى. المَطلَبُ الثَّاني: الحَلِفُ بالقُرآنِ أو بالمُصحَفِ . المَطلَبُ الثَّالِثُ: الحَلِفُ بالتَّوراةِ أو الإنجيلِ. المَطلَبُ الرَّابِعُ: الحَلِفُ بأمانةِ اللهِ.

تَجِبُ كفَّارةُ يَمينٍ بقَولِ: علَيَّ يَمينٌ إنْ فَعَلْتُ كذا، ثمَّ فَعَلَه، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنفيَّةِ [260] عند الحَنفيَّةِ تجِبُ كفَّارةُ اليَمينِ بقَولِ الحالِفِ: علَيَّ يَمينٌ، وإنْ لم يُضِفْه للاسمِ أو يُعلِّقْه بمَحلوفٍ، على المَذهَبِ؛ واشترَطَ بَعضُهم في حالةِ عَدَمِ ذِكرِ المحلوفِ عليه: أن يريدَ إنشاءَ الالتزامِ لا مُجَرَّدَ الإخبارِ؛ فيَكونُ كالنَّذرِ. ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (3/110)، ((البحر الرائق)) لابن نُجَيْم (4/308)، ((حاشية ابن عابدين)) (3/717). ، والمالِكيَّةِ [261] ((التاج والإكليل)) للموَّاق (3/271)، ((مواهب الجليل)) للحَطَّاب (4/413)، ((الشرح الكبير للدردير مع حاشية الدسوقي)) (2/131). ، والحَنابِلةِ [262] ((الإنصاف)) للمَرْداوي (11/31)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (3/447). ، وهو قَولٌ للشَّافِعيَّةِ [263] ((روضة الطالبين)) للنووي (3/296)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/355). .وذلك للآتي:أوَّلًا: لأنَّ مَعناه: عليَّ مُوجِبُ اليَمينِ [264] ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (3/110). .ثانيًا: أنَّه كِنايةٌ عن اليَمينِ بالله، وقد نوى بها اليَمينَ؛ فتَكونُ يَمينًا، كالصَّريحِ [265] ((المغني)) لابن قدامة (9/536). .ثالثًا: أنَّه قولٌ فيه التزامُ الكفَّارةِ، كقَولِه: علَيَّ نَذرٌ [266] ((البحر الرائق)) لابن نُجَيْم (4/308). . انظر أيضا: المَطلَبُ الأوَّلُ: الحَلِفُ باللهِ تعالى. المَطلَبُ الثَّاني: الحَلِفُ بالقُرآنِ أو بالمُصحَفِ . المَطلَبُ الثَّالِثُ: الحَلِفُ بالتَّوراةِ أو الإنجيلِ. المَطلَبُ الرَّابِعُ: الحَلِفُ بأمانةِ اللهِ.

اختلَفَ العلماءُ في الحَلِفِ بالطَّلاقِ إنْ كان يَقصِدُ به الحَثَّ أو المَنعَ؛ على قَولَينِ:القولُ الأوَّلُ: إذا حلَفَ بالطَّلاقِ وكان يَقصِدُ به الحَثَّ أو المَنعَ، كأنْ يَقولَ: إنْ لم أفعَلْ كذا فأنتِ طالِقٌ، ففَعَلَ؛ يَقَعُ الطَّلاقُ ولا يَدخُلُ في حُكمِ اليَمينِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّةِ [267] ((المبسوط)) للسَّرَخْسي (6/82)، ((حاشية ابن عابدين)) (3/724). ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (3/21). ، والمالكيَّةِ [268] ((مواهب الجليل)) للحَطَّاب (5/348)، ((شرح الزُّرْقاني على مختصر خليل)) (4/158)، ((الشرح الكبير للدردير مع حاشية الدسوقي)) (2/127). ، والشافعيَّةِ [269] ((روضة الطالبين)) للنَّوَوي (8/6، 176)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/319)، ((نهاية المحتاج)) للرَّمْلي (7/19، 40)، ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (3/325)، ((حاشية الشرواني على تحفة المحتاج)) (10/70). ، والحنابِلةِ [270] ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (5/284، 260)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (3/129، 130). ، وحُكيَ الإجماعُ على ذلك [271] يُنظر: ((الدرة المضية)) للسُّبْكي (ص: 12). .الأدلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِعُمومُ الأدلَّةِ الَّتي تَدُلُّ على وُقوعِ الطَّلاقِ؛ كقَولِه تعالى: الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ [البقرة: 229]، وقَولِه تعالى: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [الطلاق: 1].ثانيًا: مِنَ الآثارِعن نافِعٍ قال: (طَلَّقَ رجُلٌ امرأتَه البَتَّةَ إنْ خرَجَتْ، فقال ابنُ عُمرَ: إنْ خرَجَتْ فقد بُتَّتْ منه، وإنْ لم تَخرُجْ فليس بشَيءٍ) [272] أخرجه البخاري معلَّقًا بصيغة الجزم قبلَ حديث (5269). . ثالثًا: أنَّ هذا التَّعليقَ وإنْ قُصِد به المَنعُ فالطَّلاقُ مَقصودٌ فيه على ذلك التَّقديرِ؛ ولذلك نصَبَه الزَّوجُ مانِعًا له مِنَ ذلك الفِعلِ، ولولا ذلك لَمَا امتنَعَ [273] ((فتاوى السبكي)) (2/310). ويُنظر: ((أبحاث هيئة كبار العلماء)) (2/463). .القولُ الثَّاني: إذا حلَفَ بالطَّلاقِ وكان يَقصِدُ به الحَثَّ أو المَنعَ فهو في حُكمِ اليَمينِ، وهذا قولُ بعضِ السَّلَفِ [274] قال ابنُ القَيِّمِ: (قال أميرُ المؤمنينَ عليٌّ كرَّمَ اللهُ وجْهَه وشُرَيحٌ وطاوسٌ: لا يَلزَمُ مِن ذلك شَيءٌ، ولا يُقضى بالطَّلاقِ على مَن حلَفَ به بحِنثٍ، ولا يُعرَفُ لعليٍّ في ذلك مُخالِفٌ من الصَّحابةِ، هذا لَفظُه بعَيْنِه؛ فهذه فَتوى أصحابِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الحَلِفِ بالعِتقِ والطَّلاقِ، وقد قَدَّمْنا فتاويَهم في وُقوعِ الطَّلاقِ المُعلَّقِ بالشَّرطِ، ولا تَعارُضَ بيْن ذلك؛ فإنَّ الحالِفَ لم يَقصِدْ وُقوعَ الطَّلاقِ، وإنَّما قصَدَ مَنْعَ نفْسِه بالحَلِفِ ممَّا لا يُريدُ وُقوعَه). ((إعلام الموقعين عن رب العالمين)) (3/52). ، واختيارُ ابنِ تيميَّةَ [275] قال ابنُ تيميَّةَ: (النوع الثالث مِنَ الصِّيَغِ: أنْ يُعلِّقَ الطَّلاقَ أو العِتاقَ أو النَّذرَ بشَرطٍ؛ فيَقولَ: إنْ كان كذا فعلَيَّ الطَّلاقُ، أو الحجُّ، أو فعَبِيدي أحرارٌ، ونحوَ ذلك: فهذا يُنظَرُ إلى مقصودِه؛ فإنْ كان مقصودُه أنْ يَحلِفَ بذلك ليس غَرَضُه وُقوعَ هذه الأمورِ -كمَن ليس غَرَضُه وُقوعَ الطَّلاقِ إذا وقَعَ الشَّرطُ- فحُكمُه حُكمُ الحالِفِ، وهو مِن بابِ اليمينِ). ((مجموع الفتاوى)) (33/60). ، وابنِ القَيِّمِ [276] ((إعلام الموقعين)) لابن القيم (1/53، 71). ، وابنِ بازٍ [277] قال ابنُ باز: (هذا الكلامُ فيه تفصيلٌ: فإذا كنتَ أرَدْتَ مَنْعَ نفْسِك مِن هذا الشَّيءِ، قلْتَ: علَيَّ الطَّلاقُ لا أفعَلُ كذا، علَيَّ الطَّلاقُ لا أُكلِّمُ فُلانًا، علَيَّ الطَّلاقُ لا أَزورُ فُلانًا...، فإذا كان المقصودُ حَثَّ نفْسِك على الفعلِ أو التَّركِ، وليس المقصودُ فِراقَ أهْلِك إنْ لم تَفعَلْ أو إنْ فَعَلْتَ؛ فهذا له حُكمُ اليمينِ، وفيه الكفَّارةُ). ((فتاوى نور على الدرب)) (22/193). ، وابنِ عُثيمينَ [278] قال ابنُ عُثيمينَ: (تعليقُ الطَّلاقِ بالشُّروطِ يَنقسِمُ إلى ثلاثةِ أقسامٍ: الأوَّلُ: أنْ يَكونَ شَرطًا مَحْضًا؛ فيقَعُ به الطَّلاقُ بكلِّ حالٍ. الثاني: أنْ يَكونَ يمينًا مَحضًا؛ فلا يقَعُ به الطَّلاقُ، وفيه كفَّارةُ يمينٍ. الثالثُ: أنْ يَكونَ مُحتمِلًا الشَّرطَ المَحضَ واليمينَ المَحضَ؛ فهذا يُرجَعُ فيه إلى نيَّةِ المُعلِّقِ. وهذا هو الصَّحيحُ في هذه المسألةِ، وهو الَّذي تَقتضيهِ الأدلَّةُ). ((الشرح الممتع)) (13/125). .الأدلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقال اللهُ تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ [التحريم: 1، 2].وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ اللهَ جعَلَ التَّحريمَ يَمينًا [279] يُنظر: ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (2/220). .ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِعن عُمرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: ((إنَّما الأَعْمالُ بالنِّيَّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى)) [280] الحديث أخرجه البخاريُّ (1) واللفظ له، ومسلمٌ (1907). .وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ الذي يَنوي اليمينَ أو معنَى اليمينِ إذا حَنِثَ فإنَّه يُجزئُه كفَّارةُ يمينٍ [281] يُنظر: ((فتاوى نور على الدرب)) لابن عثيمين (10/392). . ثالثًا: لعَدَمِ قَصدِ وُقوعِ الطَّلاقِ ولا خُطورِه على قلبِه، وإنَّما يَقصِدُ الزَّجرَ والمَنعَ؛ فهو مِن بابِ اليمينِ [282] ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (33/60)، ((إعلام الموقعين)) لابن القيم (5/519). .رابعًا: قياسًا على ما لو قصَدَ مَنْعَ نفْسِه بالْتِزامِ ما يَكرَهُه مِنَ الكُفرِ؛ فإنَّ كَراهتَه لذلك وإخراجَه مَخرَجَ اليمينِ بما لا يُريدُ وُقوعَه مَنَعَ مِن ثبوتِ حُكمِه [283] ((إعلام الموقعين)) لابن القيم (3/52). . انظر أيضا: المَطلَبُ الأوَّلُ: الحَلِفُ باللهِ تعالى. المَطلَبُ الثَّاني: الحَلِفُ بالقُرآنِ أو بالمُصحَفِ . المَطلَبُ الثَّالِثُ: الحَلِفُ بالتَّوراةِ أو الإنجيلِ. المَطلَبُ الرَّابِعُ: الحَلِفُ بأمانةِ اللهِ.

يَحرُمُ الحَلِفُ بغيرِ اللهِ تعالى [284] ويدخُلُ في هذا: الحَلِفُ بحياةِ النَّبيِّ أو بحياةِ فُلان أو بالشَّرف، وكذلك الحَلِفُ بالأنبياءِ والصَّالحينَ وكُلِّ ما سِوى الله تعالى؛ كالكَعبةِ، والمَسجِدِ الحرامِ، وغيرِ ذلك. وما وردَ في بعضِ الأحاديثِ مِن الحَلِفِ بالآباءِ فهو قبْلَ النَّهيِ عن ذلك؛ جَريًا على ما كان مُعتادًا في العَرَبِ في الجاهليَّةِ. يُنظر: ((التمهيد)) لابن عبد البر (14/367)، ((فتح الباري)) لابن حجر (11/533)، ((فتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الأولى)) (1/345)، ((الشرح الممتع)) لابن عُثَيمين (15/123). ، ولا تَنعقِدُ به اليَمينُ، وهو مَذهَبُ الحَنفيَّةِ [285] ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (3/107)، ((الفتاوى الهندية)) (2/51)، ((حاشية ابن عابدين)) (1/224). ، والحَنابِلةِ [286] ((الفروع)) لابن مفلح (10/437)، ((الإقناع)) للحَجَّاوي (4/333)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (6/234). ، وقَولُ أكثَرِ المالِكيَّةِ [287] ((التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب)) لخليل بن إسحاق (3/287)، ((مواهب الجليل)) للحَطَّاب (4/403، 404)، ((شرح الزُّرقاني على مختصر خليل)) (3/92). ، وبَعضِ الشافعيَّةِ [288] ((تحفة المحتاج)) للهيتمي (10/4). ويُنظر: ((إعانة الطالبين)) لأبي بكر الدِّمياطي (4/356). ، وهو مَذهَبُ الظاهريَّةِ [289] قال ابنُ حزم: (الحَلِفُ بغيرِ اللهِ تعالى مَعصيةٌ). ((المحلى)) (4/453). وقال: (ولا يَجوزُ الحَلِفُ إلَّا باللهِ). ((المحلى)) (6/284). وقال ابنُ حَجَرٍ: (والخِلافُ أيضًا عند الحنابلةِ، لكِنَّ المشَهورَ عندَهم التَّحريمُ، وبه جزَمَ الظَّاهِريَّةُ). ((فتح الباري)) (11/531). ، واختيارُ ابنِ تيميَّةَ [290] قال ابنُ تيميَّةَ: (والحَلِفُ بالمخلوقاتِ حرامٌ عند الجُمهورِ، وهو مَذهَبُ أبي حنيفةَ، وأحدُ القَولَينِ في مَذهَبِ الشَّافعيِّ وأحمدَ، وقد حُكِيَ إجماعُ الصَّحابةِ على ذلك. وقيل: هي مَكروهةٌ كراهةَ تنزيهٍ، والأوَّلُ أصَحُّ). ((مجموع الفتاوى)) (1/204). ، وابنِ القَيِّمِ [291] قال ابنُ القيِّمِ: (ومِن أنواعِه «أي: الشِّركِ»: النَّذرُ لغيرِ الله؛ فإنَّه شِركٌ، وهو أعظَمُ مِن الحَلِفِ بغيرِ الله، فإذا كان مَن حَلَف بغيرِ اللهِ فقد أشرك، فكيف بمَن نذَرَ لغيرِ الله؟!). ((مدارج السالكين)) (1/353). ، والشَّوكانيِّ [292] قال الشَّوْكانيُّ: (لا يجوزُ التَّحليفُ به -يعني: الطلاقَ- ولا بغيرِه، والحَلِفُ إنما هو باللهِ عزَّ وجَلَّ، وقد نهى صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الحَلِفِ بغيرِ الله، وأمَرَ بالحَلِفِ به، والأحاديثُ في هذا البابِ كثيرةٌ). ((السيل الجرار)) (ص: 412). ، والصَّنعانيِّ [293] قال الصَّنْعانيُّ: (الحديثانِ دَليلٌ على النَّهيِ عن الحَلِفِ بغير اللهِ تعالى، وهو للتَّحريمِ، كما هو أصلُه). ((سبل السلام)) (4/101، 102). ، والشِّنقيطيِّ [294] قال الشِّنْقيطيُّ: (اعلَمْ أنَّ اليمينَ لا تَنعقِدُ إلَّا بأسماء الله وصفاتِه، فلا يجوزُ القسَمُ بمَخلوقٍ؛ لِقَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «من كان حالِفًا فلْيَحلِفْ بالله، أو لِيَصمُتْ»، ولا تنعقِدُ يمينٌ بمخلوقٍ كائِنًا مَن كان، كما أنَّها لا تجوزُ بإجماعِ مَن يُعتَدُّ به من أهلِ العِلمِ، وبالنَّصِّ الصَّحيحِ الصَّريحِ في مَنعِ الحَلِفِ بغيرِ اللهِ). ((أضواء البيان)) (1/423). ، وابنِ باز [295] قال ابنُ باز: (الحَلِفُ بغيرِ اللهِ مِن المحرَّماتِ الكُفريَّةِ، ولكِنَّه مِن الشِّركِ الأصغَرِ، إلَّا إذا قَصَد أنَّ مَحلوفَه عَظيمٌ كعَظَمةِ اللهِ، أو أنَّه يتصَرَّفُ في الكونِ، أو أنَّه يَستَحِقُّ أن يُدعَى مِن دونِ الله؛ صار كُفرًا أكبَرَ، والعياذُ بالله). ((فتاوى نور على الدرب)) (ص: 236). ، وابنِ عُثَيمين [296] قال ابنُ عُثَيمين: (الحَلِفُ بغيرِ اللهِ شِركٌ، والشِّركُ أعظَمُ مِن الكبيرةِ). ((الشرح الممتع)) (15/121، 122). ، وحُكِيَ إجماعُ الصَّحابةِ على ذلك [297] قال ابنُ تيميَّةَ: (والحَلِفُ بالمخلوقاتِ حرامٌ عند الجُمهورِ ... وقد حُكِيَ إجماعُ الصَّحابةِ على ذلك). ((مجموع الفتاوى)) (1/204). وقال الشِّنقيطيُّ: (لا تجوزُ -أي: اليَمينُ بغيرِ اللهِ- بإجماعِ مَن يُعتَدُّ به من أهلِ العِلمِ). ((أضواء البيان)) (1/423). .الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ1- عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، عن رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أنَّه أدرَكَ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ في رَكْبٍ، وعُمَرُ يَحلِفُ بأبيه، فناداهم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ألَا إنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ يَنهاكُم أنْ تَحلِفوا بآبائِكم؛ فمَن كان حالِفًا فلْيَحلِفْ باللهِ أو لِيَصْمُتْ)) [298] أخرجه البخاري (6646)، ومسلم (1646) واللَّفظُ له. .وَجهُ الدَّلالةِ:نهيه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الحَلِفِ بغيرِ اللهِ، والأصلُ في النَّهيِ التَّحريمُ [299] ((فتاوى اللجنة الدائمة)) (1/344). .2- عن عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن حَلَف بشَيٍء دونَ اللهِ فقد أشرَكَ)) [300] أخرجه أحمد (329)، والطحاوي في ((شرح مُشْكِل الآثار)) (826)، والضياء في ((الأحاديث المختارة)) (205). قال الذهبي في ((ميزان الاعتدال)) (1/209): غريبٌ. وصَحَّحه ابن باز في ((مجموع الفتاوى)) (5/307)، وصَحَّح إسنادَه على شرط الشيخين الألبانيُّ في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (5/70)، وصحَّح إسنادَه على شرط البخاريِّ ووثَّق رجالَه شعيبٌ الأرناؤوط في تحقيق ((مسند أحمد)) (1/414). .3- عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن حَلَف منكم فقال في حَلِفِه: باللَّاتِ والعُزَّى، فلْيَقُلْ: لا إلهَ إلَّا اللهُ)) [301] أخرجه البخاري (6107) واللَّفظُ له، ومسلم (1647). .وَجهُ الدَّلالةِ: أمَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَن حَلَف مِن المُسلِمينَ باللَّاتِ والعُزَّى أن يقولَ بعد ذلك: لا إلهَ إلَّا اللهُ؛ كفَّارةً عن مَعصيَتِه في الحَلِفِ بغَيرِ اللهِ تعالى؛ لِمَا في ذلك مِن إعظامِ غَيرِ اللهِ بما هو مختَصٌّ باللهِ، وهو الحَلِفُ به [302] ((فتاوى اللجنة الدائمة)) (1/345). .ثانيًا: أنَّ اليَمينَ إنَّما يُقصَدُ بها تَعظيمُ المُقسَمِ به، والمُستحِقُّ للتَّعظيمِ بهذا النَّوعِ هو اللهُ تعالى؛ لأنَّ التَّعظيمَ بهذا النَّوعِ عِبادةٌ، ولا تجوزُ العِبادةُ إلَّا لله تعالى [303] ((بدائع الصنائع)) للكاساني (3/2). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (9/489). . انظر أيضا: المَطلَبُ الأوَّلُ: الحَلِفُ باللهِ تعالى. المَطلَبُ الثَّاني: الحَلِفُ بالقُرآنِ أو بالمُصحَفِ . المَطلَبُ الثَّالِثُ: الحَلِفُ بالتَّوراةِ أو الإنجيلِ. المَطلَبُ الرَّابِعُ: الحَلِفُ بأمانةِ اللهِ.