مِن حُقوقِ الوالِدَينِ: طاعتُهما بالمَعروفِ. الأدِلَّةُ مِنَ السُّنَّةِ:1- عن عليٍّ رضي الله عنه قال: ((بعَث رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سَرِيةً، واستعمَلَ عليهم رجلًا مِنَ الأنصارِ، قال: فلمَّا خَرَجوا قال: وجَدَ عليهم في شَيءٍ، قال: فقال لهم: أليس قد أمَركم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن تُطيعوني؟ قال: قالوا: بلى، قال: فقال: اجمَعوا حَطَبًا، ثم دعا بنارٍ فأضرَمَها فيه، ثمَّ قال: عَزَمْتُ عليكم لَتَدْخُلُنَّها! قال: فهمَّ القَومُ أن يدخُلوها. قال: فقال لهم شابٌّ منهم: إنَّما فررتُم إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِنَ النَّارِ؛ فلا تَعجَلوا حتى تَلْقَوُا النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فإنْ أمَرَكم أن تدخُلوها فادخُلوها، قال: فرجَعوا إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأخبَروه، فقال: لهم: لو دخَلْتُموها ما خرجتُم منها أبدًا، إنَّما الطَّاعةُ في المعروفِ)) [1296]   أخرجه البخاري (7145)، ومسلم (1840). .وَجهُ الدَّلالةِ:قَولُه: ((إنَّما الطَّاعةُ في المعروفِ)) عامٌّ في كُلِّ مَن أُمِرَ الإنسانُ بطاعتِه، كالوالِدَينِ؛ فلا طاعةَ لهما إلَّا في المعروفِ [1297]   ((التنوير شرح الجامع الصغير)) للصنعاني (4/169)، ((بهجة قلوب الأبرار)) للسعدي (ص: 132)، ((مجموع فتاوى ابن باز)) (6/310). .2- عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عنهما قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((الكبائرُ: الإشراكُ باللهِ، وعُقوقُ الوالِدَينِ، وقَتلُ النَّفْسِ، واليَمينُ الغَموسُ)) [1298]   أخرجه البخاري (6675). . وَجهُ الدَّلالةِ:قَولُه: ((وعقوقُ الوالِدَينِ)) تنبيهٌ على أنَّ عِصيانَهما كبيرةٌ مِنَ الكبائِرِ، وهو إيماءٌ إلى طاعتِهما في المعروفِ بغيرِ مَعصيةِ الله تعالى [1299]   ((المفاتيح في شرح المصابيح)) للمظهري (1/137). . انظر أيضا: المَطلَبُ الثَّاني: طاعةُ الوالِدَينِ في الطَّلاقِ.

حقٌّ على الوَلَدِ طاعةُ الوالِدَينِ في طلاقِ امرأتِه إذا كانا مِن أهلِ الدِّيانةِ، ولم يأمُراه بطلاقِها لِمَصلحتِهما.الأدِلَّةُ مِنَ السُّنَّةِ:1- عن ابنِ عُمَرَ رضي الله عنه قال: ((كانت تحتي امرأةٌ أحِبُّها، وكان أبي يَكرَهُها، فأمَرَني أبي أن أطَلِّقَها، فأَبيتُ، فذكَرْتُ ذلك للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: يا عبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ، طَلِّقِ امرأتَك)) [1300]   أخرجه أبو داود (5138)، والترمذي (1189)، وابن حبان (427)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (14893). قال الترمذي: حسنٌ صحيحٌ. وحَسَّنه الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (2/589)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (778)، وصحَّح إسناده أحمد شاكر في ((تحقيق المسند)) (6/322)، وشعيب الأرناؤوط في ((تخريج ابن حبان)) (427). .وَجهُ الدَّلالةِ:الحديثُ دَليلٌ على طاعةِ الوالِدَينِ في طَلاقِ امرأتِه، إن كانا من أهلِ الدِّيانةِ والصَّلاحِ، ولم يكونا ذَوَي هَوًى [1301]   ((فيض القدير)) للمناوي (4/262). .2- عن أبي عبدِ الرَّحمنِ السُّلَميِّ، قال: ((كان فينا رجلٌ لم تَزَلْ به أمُّه أن يتزوَّجَ حتى تزوَّجَ، ثمَّ أمرَتْه أن يُفارِقَها، فرحلَ إلى أبي الدَّرداءِ بالشَّامِ، فقال: إنَّ أمِّي لم تزَلْ بي حتى تزوَّجتُ، ثم أمرَتْني أن أفارِقَ، قال: ما أنا بالذي آمُرُك أن تفارِقَ، وما أنا بالذي آمُرُك أن تُمسِكَ، سَمِعتُ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: الوالِدُ أوسَطُ أبوابِ الجنَّةِ؛ فأضِعْ ذلك البابَ أو احفَظْه، قال: فرجَعَ وقد فارَقَها)) [1302]   أخرجه الترمذي (1900)، وابن ماجه (2089)، وأحمد في ((المسند)) (27511)، وابن حبان (425). صححه الترمذي، والألباني في ((صحيح الترغيب)) (2486)، وشعيب الأرناؤوط في ((تخريج ابن حبان)) (425). . انظر أيضا: المَطلَبُ الأوَّلُ: طاعةُ الوالِدَينِ بالمَعروفِ.