إذا أرضَعَت امرأةٌ طِفلًا، يكونُ ابَنَها مِنَ الرَّضاعِ.الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقال تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ النساء: 23.وَجهُ الدَّلالةِ: الآيةُ نصٌّ على التَّحريمِ بلَبَنِ الأمِّ [520]     ((تفسير السعدي)) (ص: 173). .ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِعن عُروةَ عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّها أخبَرَته أنَّ عَمَّها مِنَ الرَّضاعةِ -يُسَمَّى أفلَحَ- استأذَنَ عليها فحجَبَتْه، فأخبَرَت رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال لها: لا تحتَجِبي منه؛ فإنَّه يَحرُمُ مِنَ الرَّضاعةِ ما يَحرُمُ مِنَ النَّسَبِ)) [521]     أخرجه مسلم (1445). .وَجهُ الدَّلالةِ:في قَولِه: ((يَحرُمُ مِنَ الرَّضاعةِ)) دَليلٌ على أنَّ حُرمةَ الرَّضاعِ كحُرمةِ النَّسَبِ في المناكِحِ، وأنَّ المرأةَ التي أرضَعَت طِفلًا: يَحرُمُ عليه كُلُّ ما يَحرُمُ على ولَدِها مِنَ النَّسَبِ؛ فدَلَّ على التَّحريمِ بلَبَنِها [522]     ((شرح المشكاة)) للطِّيبي (7/2294). . ثالثًا: مِنَ الإجماعِنَقَل الإجماعَ على ذلك: الماوَرديُّ [523]     قال الماوردي: (إذا تقَرَّر ما وصَفْنا من هذا الأصلِ الذي عليه مَدارُ الرَّضاعِ وبه يُعتَبَرُ حُكْماه في التَّحريمِ والمُحَرَّم، فانتِشارُهما من جهةِ المُرضِعةِ مُتَّفَقٌ عليه). ((الحاوي الكبير)) (11/358). ، وابنُ حَزمٍ [524]     قال ابنُ حزم: (كلُّ مَن أرضعت الرَّجُلَ حَرُمت عليه؛ لأنَّها أمُّه مِنَ الرَّضاعةِ، وحَرُمَ عليه بناتُها؛ لأنَّهنَّ أخواتُه، سواءٌ في ذلك مَن وُلِدَت قَبلَه، أو مَن وُلِدَت بَعدَه مِنَ الرَّضاعةِ، وحُرِّمَت عليه أخواتُها؛ لأنَّهنَّ خالاتُه مِنَ الرَّضاعةِ، وكُلُّ هذا فلا خلافَ فيه). ((المحلى بالآثار)) (10/177). ، وابنُ عبدِ البَرِّ [525]     قال ابنُ عبدِ البَرِّ: (المرأةُ تُرضِعُ الطِّفلَ فيكونُ ابنَها؛ ابنَ رَضاعةٍ بإجماعِ العُلَماءِ). ((التمهيد)) (8/237). ، والسَّمرقَنديُّ [526]     قال السمرقندي: (التَّحريمُ في جانبِ المُرضِعةِ مُجمَعٌ عليه). ((تحفة الفقهاء)) (2/235). ، وابنُ رُشدٍ [527]     قال ابنُ رشد: (اتَّفقوا على أنَّ الرَّضاعَ بالجُملةِ يَحرُمُ منه ما يَحرُمُ مِنَ النَّسَبِ، أعني: أنَّ المُرضِعةَ تُنَزَّلُ مَنزِلةَ الأمِّ، فتَحرُمُ على المُرضَعِ هي وكُلُّ مَن يَحرُمُ على الابنِ مِن قِبَلِ أمِّ النَّسَبِ). ((بداية المجتهد ونهاية المقتصد)) (3/59). ، وابنُ قُدامةَ [528]     قال ابنُ قدامة: (جملةُ ذلك: أنَّ المرأةَ إذا حَمَلت من رجلٍ وَثابَ لها لَبَنٌ، فأرضعت به طِفلًا رَضاعًا مُحَرِّمًا؛ صار الطِّفلُ المُرتَضِعُ ابنًا للمُرضِعةِ بغيرِ خلافٍ). ((المغني)) (8/176). ، والنَّوويُّ [529]     قال النووي: (قال: ((إنَّه عَمُّكِ؛ فَلْيَلِجْ عليكِ)) هذه الأحاديثُ مُتَّفِقةٌ على ثُبوتِ حُرمةِ الرَّضاعِ، وأجمَعَت الأمَّةُ على ثُبوتِها بينَ الرَّضيعِ والمُرضِعةِ، وأنَّه يصيرُ ابنَها، يَحرُمُ عليه نِكاحُها أبدًا، ويحِلُّ له النَّظَرُ إليها والخَلوةُ بها والمُسافَرةُ). ((شرح النووي على مسلم)) (10/19). ، وابنُ تَيميَّةَ [530]     قال ابنُ تَيميَّةَ: (إذا ارتضع الرَّضيعُ مِنَ المرأةِ خَمسَ رَضَعاتٍ في الحولَينِ، صارت المرأةُ أمَّه، وصار زَوجُها -الذي جاء اللَّبَنُ بوَطئِه- أباه؛ فصار ابنًا لكُلٍّ منهما مِنَ الرَّضاعةِ، وحينئذٍ فيكونُ جميعُ أولادِ المرأةِ مِن هذا الرَّجُلِ ومِن غَيرِه، وجميعُ أولادِ الرَّجُلِ منها ومِن غَيرِها: إخوةً له، سواءٌ وُلِدوا قبلَ الرَّضاعِ أو بَعْدَه؛ باتِّفاقِ الأئمَّةِ). ((مجموع الفتاوى)) (34/37). ، والزَّركشيُّ [531]     قال الزركشي: (لا نزاعَ بينَ أهلِ العِلمِ في أنَّ حُرمةَ الرَّضاعِ تنتَشِرُ مِن جِهةِ المرأةِ). ((شرح الزركشي على مختصر الخرقي)) (5/156). ، وابنُ حَجَرٍ [532]     قال ابنُ حجر: (قَولُه: «الرَّضاعةُ تُحَرِّمُ ما تُحَرِّمُ الوِلادةُ»، أي: وتُبيحُ ما تُبيحُ، وهو بالإجماعِ فيما يتعَلَّقُ بتحريمِ النِّكاحِ وتوابِعِه، وانتشارِ الحُرمةِ بينَ الرَّضيعِ وأولادِ المُرضِعةِ، وتَنزيلِهم مَنزلةَ الأقارِبِ؛ في جوازِ النَّظَرِ، والخَلوةِ، والمُسافَرةِ). ((فتح الباري)) (9/141). . انظر أيضا: المَطلَبُ الثَّاني: من ما تَثبُتُ به الحُرمةُ مِنَ الرَّضاعِ: التَّحريمُ بلَبَنِ زَوجِ المُرضِعةِ. المَطلَبُ الثَّالِثُ: الرَّضاعُ عن طَريقِ الأنفِ أو الحَلقِ. المَطلَبُ الرَّابِعُ: خَلطُ لَبَنِ المَرأةِ بِغَيرِه . المَطلَبُ الخامِسُ: إذا حُلِبَ اللَّبَنُ دَفعةً واحِدةً وسُقِيَ في خَمسةِ أوقاتٍ.

تَثبُتُ الحُرمةُ بلَبَنِ زَوجِ المُرضِعةِ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [534]     ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (5/256)، ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (3/449). ، والمالِكيَّةِ [535]     ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبد البر (2/540)، ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (2/504). ، والشَّافِعيَّةِ [536]     ((روضة الطالبين)) للنووي (7/109)، و (9/15)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/176)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (7/177). ، والحَنابِلةِ [537]     ((المبدع شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مفلح (8/142)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/443)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (5/597). ، وهو قَولُ بَعضِ السَّلَفِ [538]     قال ابنُ المُنذِرِ: (اختلفوا في تحريمِ الرَّضاعِ بلَبَنِ الفَحلِ؛ فحَرَّمَت ذلك طائِفةٌ ونَهَت عنه. ورُوِيَ معنى ذلك عن عليٍّ، وبه قال ابنُ عبَّاسٍ، وعَطاءٌ، وطاوسٌ. وكَرِه ذلك مُجاهِدٌ، والحَسَنُ البَصريُّ، والشَّعبيُّ، والقاسِمُ بنُ مُحمَّدٍ، وعروةُ بنُ الزُّبَيرِ. وحَرَّمَ ذلك مالِكٌ، والثَّوريُّ، والأوزاعيُّ، والشَّافعيُّ، وأحمَدُ، وإسحاقُ، وأبو عُبيدٍ، وأبو ثَورٍ، وأصحابُ الرَّأيِ). ((الإشراف على مذاهب العلماء)) (5/120). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [539]     قال الشافعي: (يَحرُمُ من الرَّضاعِ ما يَحرُمُ مِن الولادةِ، وأنَّ لَبَنَ الفَحلِ يُحَرِّمُ، كما يُحَرِّمُ ولادةُ الأبِ يُحَرِّمُ لَبَنُ الأبِ، لا اختلافَ في ذلك). ((الأم )) (5/26). وقال ابنُ رشد الجَدُّ: (لَبَنُ الفَحلِ يُحَرِّمُ عند مالكٍ -رحمه الله- وجميعِ أصحابِه، ولا اختلافَ فيه بين أحَدٍ مِن فُقَهاءِ الأمصارِ). ((البيان والتحصيل)) (4/352). وقال ابنُ العربي: (استقَرَّ الأمرُ على التَّحريمِ بلَبَنِ الفَحلِ في الأخبارِ والأمصارِ؛ فليس أحدٌ يَقضي بغيرِه، وانعقدَ الإجماعُ على التَّحريمِ به، وهو الحَقُّ الذي لا إشكالَ فيه). ((عارضة الأحوذي)) (5/35). وقال النووي: (أجمعوا أيضًا على انتشارِ الحُرمةِ بينَ المُرضِعةِ وأولادِ الرَّضيعِ، وبينَ الرَّضيعِ وأولادِ المُرضِعةِ، وأنَّه في ذلك كوَلَدِها مِنَ النَّسَبِ؛ لهذه الأحاديثِ، وأمَّا الرجُلُ المنسوبُ ذلك اللَّبنُ إليه؛ لِكَونِه زَوجَ المرأةِ، أو وَطِئَها بمِلكٍ أو شُبهةٍ: فمَذهَبنا ومَذهَبُ العُلَماءِ كافَّةً ثبوتُ حُرمةِ الرَّضاعِ بينه وبين الرَّضيعِ، ويصيرُ ولَدًا له، وأولادُ الرَّجُلِ إخوةَ الرَّضيعِ وأخواتِه، وتكونُ إخوةُ الرَّجُلِ أعمامَ الرَّضيعِ، وأخواتُه عَمَّاتِه، وتكونُ أولادُ الرَّضيعِ أولادَ الرَّجُلِ). ((شرح النووي على مسلم)) (10/19). وقال العيني: (ثم أجمعوا بعد ذلك إلَّا القليلَ منهم: أنَّ لبَنَ الفَحلِ يُحَرِّمُ). ((عمدة القاري)) (13/204). وورد خلافٌ في ذلك، قال ابنُ المنذر: (اختلفوا في تحريمِ الرَّضاعِ بلَبَنِ الفَحلِ، فحَرَّمَت ذلك طائِفةٌ ونَهَت عنه. ورُوِيَ معنى ذلك عن علي، وبه قال ابنُ عباس، وعطاء، وطاوس. وكَرِه ذلك مجاهد، والحسن البصري، والشعبي، والقاسم بن محمَّد، وعروة بن الزبير. وحَرَّمَ ذلك مالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. ورخَّصت فيه طائفةٌ، وممَّن رخَّص فيه: سعيدُ بن المسيب، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وسليمان بن يسار، وعطاء بن يسار، والنخَعي، والقاسم، وأبو قِلابةَ). ((الإشراف على مذاهب العلماء)) (5/120). .الأدِلَّةُ مِنَ السُّنَّةِ:1- أنَّ عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((استأذَنَ عليَّ أفلَحُ أخو أبي القُعَيسِ بعد ما أُنزِلَ الحِجابُ، فقُلتُ: لا آذَنُ له حتى أستأذِنَ فيه النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فإنَّ أخاه أبا القُعَيسِ ليس هو أرضَعَني، ولكِنْ أرضعَتْني امرأةُ أبي القُعَيسِ! فدخَلَ عليَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقُلتُ له: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ أفلَحَ أخا أبي القُعَيسِ استأذن فأبَيتُ أنْ آذَنَ حتى أستأذِنَك، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: وما مَنَعَكِ أن تأذَنِينَ عَمَّك؟! قلتُ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ الرَّجُلَ ليس هو أرضَعَني، ولكِنْ أرضعَتْني امرأةُ أبي القُعَيسِ! فقال: ائذَني له؛ فإنَّه عَمُّكِ، تَرِبَت يَمينُكِ!)). قال عروةُ: فلذلك كانت عائِشةُ تقولُ: حَرِّموا مِنَ الرَّضاعةِ ما تُحَرِّمونَ مِنَ النَّسَبِ [540]     أخرجه البخاري (4796) واللفظ له، ومسلم (1445). .2- عن عَمْرةَ: ((أنَّ عائِشةَ أخبَرَتْها أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى الله عليه وسلَّم كان عندها، وأنَّها سَمِعَت صَوتَ رَجُلٍ يستأذِنُ في بيتِ حَفصةَ. قالت عائِشةُ: فقُلتُ: يا رَسولَ الله، هذا رجُلٌ يستأذِنُ في بَيتِك. فقال: أُراه فُلانًا -لِعَمِّ حَفصةَ مِن الرَّضاعةِ- فقالت عائِشةُ: يا رَسولَ الله، لو كان فلانٌ حَيًّا -لِعَمِّها مِنَ الرَّضاعةِ- دَخَل عليَّ؟ قال رَسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: نَعَم؛ إنَّ الرَّضاعةَ تُحَرِّمُ ما تُحَرِّمُ الوِلادةُ)) [541]     أخرجه البخاري (2646) واللفظ له، ومسلم (1444). . انظر أيضا: المَطلَبُ الأوَّلُ: من ما تَثبُتُ به الحُرمةُ مِنَ الرَّضاعِ: التَّحريمُ بلَبَنِ المَرأةِ. المَطلَبُ الثَّالِثُ: الرَّضاعُ عن طَريقِ الأنفِ أو الحَلقِ. المَطلَبُ الرَّابِعُ: خَلطُ لَبَنِ المَرأةِ بِغَيرِه . المَطلَبُ الخامِسُ: إذا حُلِبَ اللَّبَنُ دَفعةً واحِدةً وسُقِيَ في خَمسةِ أوقاتٍ.

تَثبُتُ حُرمةُ الرَّضاعِ إذا كان عن طريقِ الأنفِ أو الحَلقِ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [544]     ((مختصر اختلاف العلماء)) للطحاوي (2/321)، ((الفتاوى الهندية)) (1/344). ، والمالِكيَّةِ [545]     ((الرسالة)) لابن أبي زيد القيرواني (ص: 98)، ((مختصر خليل)) (ص: 135). ، والشَّافِعيَّةِ [546]     ((الأم)) للشافعي (5/29). ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (11/842)، ((المهذب)) للشيرازي (3/143)، ((جواهر العقود)) لمحمد بن أحمد المنهاجي (2/163). ، والحَنابِلةِ [547]     ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (8/148)، ((الإنصاف)) للمرداوي (9/247). ، وحُكِيَ الاتِّفاقُ على ذلك [548]     قال ابنُ الهمام: (الوَجورُ والسَّعوطُ تَثبُتُ به الحُرمةُ اتِّفاقًا). ((فتح القدير)) (3/456). قال ابنُ نجيم: (الوَجورُ والسَّعوطُ تَثبُتُ به الحُرمةُ اتِّفاقًا). ((البحر الرائق)) (3/246). وورد خلافٌ في ذلك، قال المرداوي: (قوله: «والسَّعوطُ والوَجورُ كالرَّضاعِ في إحدى الرِّوايتَينِ». وهو المَذهَب وعليه أكثَرُ الأصحابِ، منهم: الخرقي، والقاضي، وأصحابه، والمصنِّف، وغيرهم... والرِّوايةُ الثانيةُ: لا يَثبُتُ التَّحريمُ بهما). ((الإنصاف)) (9/247). ويُنظر: ((المحلى)) لابن حزم (10/185)، ((التمهيد)) لابن عبد البر (8/257)، ((المغني)) لابن قدامة (8/173). .الأدِلَّةُ مِنَ السُّنَّةِ:1- عن عائِشةَ رَضِيَ الله عنها قالت: ((دخَلَ عليَّ رَسولُ اللَّه صلَّى الله عليه وسلَّم، وعندي رجلٌ قاعِدٌ، فاشتَدَّ ذلك عليه، ورأيتُ الغَضَبَ في وَجهِه، قالت: فقُلتُ: يا رَسولَ الله، إنَّه أخي مِنَ الرَّضاعةِ، قالت: فقال: انظُرْنَ إخوَتَكُنَّ مِن الرَّضاعةِ؛ فإنَّما الرَّضاعةُ مِنَ المجاعةِ)) [549]     أخرجه البخاري (2647)، ومسلم (1455) واللفظ له. . وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ الرَّضاعَ عن طَريقِ الأنفِ أو الحَلقِ يَحصُلُ به الغِذاءُ وسَدُّ الجُوعِ [550]     ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (5/273). .2- عن لَقيطِ بنِ صَبِرةَ قال: ((قال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: بالِغْ في الاستِنشاقِ إلَّا أن تكونَ صائِمًا)) [551]     أخرجه أبو داود (2366)، والترمذي (788)، والنسائي (87)، وابن ماجه (407)، وأحمد (16380). قال الترمذي: حسنٌ صحيحٌ. وصَحَّحه الحاكم في ((المستدرك)) (1/247)، وابن القطان في ((الوهم والإيهام)) (5/592)، والنووي في ((المجموع)) (1/351)، وابن حجر في ((الإصابة)) (3/329)، والصنعاني في ((العِدَّة على الإحكام)) (1/135)، وابن باز في ((فتاوى نور على الدرب)) (16/261)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2366). .وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّه نهاه عن المُبالَغةِ في الاستِنشاقِ حالَ الصَّومِ؛ لِئَلَّا يصل الماء إلى الجَوفِ، فكذلك الرَّضاعُ [552]     ((الحاوي الكبير)) للماوردي (11/843)، ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (25/244). . انظر أيضا: المَطلَبُ الأوَّلُ: من ما تَثبُتُ به الحُرمةُ مِنَ الرَّضاعِ: التَّحريمُ بلَبَنِ المَرأةِ. المَطلَبُ الثَّاني: من ما تَثبُتُ به الحُرمةُ مِنَ الرَّضاعِ: التَّحريمُ بلَبَنِ زَوجِ المُرضِعةِ. المَطلَبُ الرَّابِعُ: خَلطُ لَبَنِ المَرأةِ بِغَيرِه . المَطلَبُ الخامِسُ: إذا حُلِبَ اللَّبَنُ دَفعةً واحِدةً وسُقِيَ في خَمسةِ أوقاتٍ.

يَثبُتُ الرَّضاعُ إذا حُلِبَ اللَّبَنُ [573]     قال ابنُ عبدِ البَرِّ: (أجمع فُقَهاءُ الأمصارِ على التَّحريمِ بما يَشرَبُه الغلامُ الرَّضيعُ مِن «لَبَن» المرأةِ، وإنْ لم يَمَصَّه مِن ثَديِها). ((التمهيد)) (8/257). دَفْعةً واحِدةً، ثمَّ سُقِيَ لطِفلٍ في خمسةِ أوقاتٍ مُتفَرِّقةٍ، وهو مَذهَبُ الحَنابِلةِ [574]     ((الإقناع)) للحجاوي (4/126)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/446). ، وقَولٌ للشَّافعيَّةِ [575]     ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 259)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/417). ويُنظر: ((المهذب)) للشيرازي (3/143)، ((البيان في مذهب الإمام الشافعي)) للعمراني (11/152). ، وأفتت به اللَّجنةُ الدَّائِمةُ [576]     جاء في فتاوى اللَّجنةِ الدَّائمةِ: (إن حَلَبَت في إناءٍ وسَقَتْه الصَّبيَّ في وقتٍ واحدٍ، فرَضعةٌ واحدةٌ، وإنْ سقَتْه في خمسةِ أوقاتٍ مُتفَرِّقةٍ، فخَمسُ رَضَعاتٍ). ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (21/73). . وذلك للآتي:أوَّلًا: لأنَّ الرَّضاعَ وُجِدَ في خمسةِ أوقاتٍ، فثَبتَت به الحُرمةُ [577]     ((المغني)) لابن قدامة (8/174). .ثانيًا: لأنَّ الاعتبارَ بشُربِ الصَّبيِّ [578]     ((الكافي في فقه الإمام أحمد)) لابن قدامة (3/221)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/446). . انظر أيضا: المَطلَبُ الأوَّلُ: من ما تَثبُتُ به الحُرمةُ مِنَ الرَّضاعِ: التَّحريمُ بلَبَنِ المَرأةِ. المَطلَبُ الثَّاني: من ما تَثبُتُ به الحُرمةُ مِنَ الرَّضاعِ: التَّحريمُ بلَبَنِ زَوجِ المُرضِعةِ. المَطلَبُ الثَّالِثُ: الرَّضاعُ عن طَريقِ الأنفِ أو الحَلقِ. المَطلَبُ الرَّابِعُ: خَلطُ لَبَنِ المَرأةِ بِغَيرِه .

تَثبُتُ الحُرمةُ بالارتِضاعِ مِن لَبَنِ الزَّانيةِ [579]     على خِلافٍ بيَن الفُقَهاءِ في ثُبوتِ حُرمةِ الرَّضاعِ للزَّاني. ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [580]     ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (2/184)، ((الدر المختار وحاشية ابن عابدين)) (3/221). ، والمالِكيَّةِ [581]     ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (2/505)، ((منح الجليل)) لعليش (4/379). ، والشَّافِعيَّةِ [582]     ((الغرر البهية)) لزكريا الأنصاري (4/377)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (7/179)، ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (4/66). ، والحَنابِلةِ [583]     ((منتهى الإرادات)) لابن النجار (4/426)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/444). ؛ وذلك لِكَونِه رَضَع مِن لَبَنِها حقيقةً، فثَبَتَت به أحكامُ الرَّضاعِ [584]     ((المبدع شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مفلح (8/143). . انظر أيضا: المَطلَبُ الأوَّلُ: من ما تَثبُتُ به الحُرمةُ مِنَ الرَّضاعِ: التَّحريمُ بلَبَنِ المَرأةِ. المَطلَبُ الثَّاني: من ما تَثبُتُ به الحُرمةُ مِنَ الرَّضاعِ: التَّحريمُ بلَبَنِ زَوجِ المُرضِعةِ. المَطلَبُ الثَّالِثُ: الرَّضاعُ عن طَريقِ الأنفِ أو الحَلقِ. المَطلَبُ الرَّابِعُ: خَلطُ لَبَنِ المَرأةِ بِغَيرِه .

تَثبُتُ الحُرمةُ بالارتِضاعِ مِن لَبَنِ غَيرِ الموطوءةِ البِكرِ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّةِ [585]     ((مختصر القدوري)) (ص: 153)، ((البناية شرح الهداية)) للعيني (5/272). ، والمالِكيَّةِ [586]     ((مواهب الجليل)) للحطاب (5/536)، ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (2/502)، ((منح الجليل)) لعليش (4/372). ، والشَّافِعيَّةِ [587]     اشترط الشَّافِعيَّةُ أن تكونَ البِكرُ قد بلَغَت تِسعَ سِنينَ. ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (8/285)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (7/173)، ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (3/242). ، وروايةٌ عن أحمدَ اختارها ابنُ قُدامةَ [588]     ((الإنصاف)) للمرداوي (9/244)، ((المنح الشافيات بشرح مفردات الإمام أحمد)) للبهوتي (2/669). ، وحُكِيَ فيه الإجماعُ [589]     قال ابنُ المنذر: (أجمَعَ كُلُّ مَن نحفَظُ عنه مِن أهلِ العِلمِ على أنَّ البِكرَ التي لم تُنكَحْ لو نزل بها لَبَنٌ، فأرضَعَت به مَولودًا: أنَّه ابنُها، ولا أبَ له مِن الرَّضاعةِ). ((الإشراف على مذاهب العلماء)) (5/123). وقال ابنُ رشد: (أمَّا صِفةُ المرضِعةِ فإنَّهم اتَّفقوا على أنَّه يُحَرِّمُ لَبَنُ كُلِّ امرأةٍ بالغٍ وغَيرِ بالغٍ، واليائِسةِ مِن المحيضِ كان لها زَوجٌ أم لم يكُنْ، حامِلًا كانت أو غيرَ حاملٍ). ((بداية المجتهد)) (3/63). .الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقال تعالى: وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ النساء: 23. وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ الآيةَ عامَّةٌ، فيَدخُلُ فيها إرضاعُ البِكرِ [590]     ((البناية شرح الهداية)) للعيني (5/272)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (12/117). .ثانيًا: أنَّ التَّحريمَ يَثبُتُ بتغَذِّي الطِّفلِ، وقد وُجِدَ [591]     ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (12/117). .ثالثًا: أنَّ التَّحريمَ إنَّما يكونُ بلبن المرأة، فمتى وُجِدَ وَجَب أن يُحَرَّمَ به [592]     ((الأوسط)) لابن المنذر (8/570). .رابعًا: أنَّ لَبَنَ البِكرِ وإن كان نادِرًا، إلَّا أنَّ جِنسَه مُعتادٌ [593]     ((المغني)) لابن قدامة (8/180). . انظر أيضا: المَطلَبُ الأوَّلُ: من ما تَثبُتُ به الحُرمةُ مِنَ الرَّضاعِ: التَّحريمُ بلَبَنِ المَرأةِ. المَطلَبُ الثَّاني: من ما تَثبُتُ به الحُرمةُ مِنَ الرَّضاعِ: التَّحريمُ بلَبَنِ زَوجِ المُرضِعةِ. المَطلَبُ الثَّالِثُ: الرَّضاعُ عن طَريقِ الأنفِ أو الحَلقِ. المَطلَبُ الرَّابِعُ: خَلطُ لَبَنِ المَرأةِ بِغَيرِه .