عِدَّةُ المُطَلَّقةِ ذاتِ الحَيضِ ثَلاثةُ قُروءٍ.الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقَولُه تعالى: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ البقرة: 228.وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ الآيةَ نَصٌّ في أنَّ عِدَّةَ المُطَلَّقةِ غَيرِ الحامِلِ: ثلاثةُ قُروءٍ [127]     ((بداية المجتهد)) لابن رشد (3/634)، ((مجموع الفتاوى)) لابن تَيميَّةَ (32/290). .ثانيًا: مِنَ الإجماعِنَقَل الإجماعَ على ذلك: المَروزيُّ [128]     قال المروزي: (الأمَّةُ قد اجتَمَعت على أنَّ كُلَّ مُفارَقةٍ سِوَى المختَلِعةِ، مُطَلَّقةً كانت أو غيرَ مُطَلَّقةٍ: أنَّ عِدَّتَها ثلاثةُ قُروءٍ). ((اختلاف الفقهاء)) (ص: 300). ، وابنُ حَزمٍ [129]     قال ابنُ حزم: (أجمعوا أنَّ أجَلَ الحُرَّةِ المُسلِمةِ المُطَلَّقةِ التي ليست حامِلًا ولا مُستَريبةً ولا مُستحاضةً ولا مُلاعَنةً ولا مُختَلِعةً أيَّامَ الحَيضِ وأيَّامِ الأطهارِ، وكان بين حَيضَتَيها عددٌ لا يبلُغُ أن يكونَ شَهرًا: فإنَّ عِدَّتَها ثلاثةُ قُروءٍ). ((مراتب الإجماع)) (ص: 76). ، وابنُ رُشدٍ [130]     قال ابنُ رشد: (فأمَّا ذواتُ الحَيضِ الأحرارُ الجارياتُ في حَيضِهنَّ على المعتادِ: فعِدَّتُهنَّ ثلاثةُ قُروءٍ، والحوامِلُ منهن عِدَّتُهنَّ وَضعُ حَملِهنَّ، واليائساتُ منهنَّ عِدَّتُهنَّ ثلاثةُ أشهُرٍ، ولا خلافَ في هذا؛ لأنَّه مَنصوصٌ عليه). ((بداية المجتهد)) (3/634). ، وابنُ قُدامةَ [131]     قال ابنُ قدامة: (إنَّ عِدَّةَ المُطَلَّقةِ إذا كانت حُرَّةً وهي مِن ذواتِ القُروءِ: ثلاثةُ قُروءٍ، بلا خِلافٍ بينَ أهلِ العِلمِ). ((المغني)) (8/100). ، والقُرطبيُّ [132]     قال القُرطبي: (قَولُه تعالى: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ عامٌّ في المطَلَّقاتِ ثلاثًا وفيما دونَها، لا خلافَ فيه). ((تفسير القرطبي)) (3/120). ، وابنُ تَيميَّةَ [133]     قال ابنُ تَيميَّةَ: (الطَّلاقُ بعد الدُّخولِ يوجِبُ الاعتدادَ بثلاثةِ قُروءٍ، بنَصِّ القرآنِ واتِّفاقِ المُسلِمينَ). ((مجموع الفتاوى)) (32/290). . انظر أيضا: المَطلَبُ الثَّاني: مَعنى القُروءِ في عِدَّةِ المُطَلَّقةِ ذاتِ الحَيضِ. المَطلَبُ الثَّالِثُ: عِدَّةُ المُطَلَّقةِ ذاتِ الحَيضِ إذا انقطَعَ حَيضُها للرَّضاعِ. المَطلَبُ الرَّابِعُ: عِدَّةُ المُستَحاضةِ . المَطلَبُ الخامِسُ: عِدَّةُ المُطَلَّقةِ ذاتِ الحَيضِ إذا انقَطَع حَيضُها لِغَيرِ عارِضٍ يُعرَفُ (المُرتابةِ).

 اختلَفَ العُلَماءُ في معنى القُروءِ [134]     القُرءُ -بفتحِ القافِ وضَمِّها-: مِن الأضدادِ، ويَصلُحُ للحَيضِ والطُّهرِ، وجمعُه: أقراءٌ، وقُروءٌ، وأقرُؤٌ. ينظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (1/130)، ((المصباح المنير)) للفيومي (2/501). ، على قَولَينِ: القول الأول: معنى القُروءِ في عِدَّةِ المُطَلَّقةِ ذاتِ الحَيضِ: الحَيضاتُ، وهو مَذهَبُ الحَنَفيَّة [135]     ((المبسوط)) للسرخسي (6/12)، ((العناية)) للبابرتي (4/209). ، والحَنابِلةِ -في أصَحِّ الرِّوايتَينِ عن أحمد- [136]     ((الإنصاف)) للمرداوي (9/204، 205)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/195). ، واختاره ابنُ تَيميَّةَ [137]     قال ابنُ تَيميَّةَ: (القُرءُ: هو الدَّمُ؛ لِظُهوره وخروجِه، وكذلك الوَقتُ؛ فإنَّ التوقيتَ إنما يكونُ بالأمرِ الظَّاهِرِ، ثمَّ الطُّهرُ يدخُلُ في اسمِ القُرءِ تَبَعًا، كما يدخُلُ اللَّيلُ في اسمِ اليَومِ؛ قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للمُستحاضةِ: «دَعِي الصَّلاةَ أيَّامَ أقرائِكِ»، والطُّهرُ الذي يتعَقَّبُه حيضٌ هو قُرءٌ، فالقُرءُ اسمٌ للجميعِ، وأمَّا الطُّهرُ المجَرَّدُ فلا يُسمَّى قُرءًا؛ ولهذا إذا طُلِّقَت في أثناءِ حَيضةٍ لم تَعتَدَّ بذلك قُرءًا؛ لأنَّ عليها أن تعتَدَّ بثلاثةِ قُروءٍ، وإذا طُلِّقَت في أثناءِ طُهرٍ كان القُرءُ الحَيضةَ مع ما تقَدَّمَها مِنَ الطُّهرِ). ((مجموع الفتاوى)) (20/479). ، وابنُ القيِّمِ [138]     قال ابنُ القيم: (...هذا مَوضِعٌ لا يمكِنُ فيه التوسُّطُ بين الفريقَينِ؛ إذ لا توسُّطَ بين القولَينِ، فلا بُدَّ مِنَ التحَيُّزِ إلى إحَدى الفِئَتينِ، ونحن متحَيِّزون في هذه المسألةِ إلى أكابِرِ الصَّحابةِ وقائِلونَ فيها بقَولِهم: إنَّ القُرءَ الحَيضُ، وقد تقدَّم الاستِدلالُ على صِحَّةِ هذا القَولِ). ((زاد المعاد)) (5/558، 559). ، وابنُ عُثيمين [139]     قال ابنُ عثيمين: (اختلف فيها أهلُ العِلمِ اختِلافًا كثيرًا، ولكِنَّ القَولَ الصَّوابَ في ذلك أنَّها الحَيضُ - كما قال المؤلِّفُ- وهذا قَولُ عَشَرةٍ مِن الصحابةِ، منهم الخلفاءُ الأربعةُ -وإذا جاء قَولٌ للخلفاءِ الأربعة رَضِيَ اللهُ عنهم، فلا قَولَ لأحدٍ سِواهم، إلَّا إذا كان الكِتابُ والسُّنَّةُ معه- وابنُ مسعود، ومعاذُ بن جبل، وابنُ عباسٍ رَضِيَ اللهُ عنهم، وجماعةٌ كثيرون، وهو ظاهِرُ القرآنِ والسُّنَّةِ؛ لِقَولِه تعالى: يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة: 228]، وقال تعالى: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [الطلاق: 1]، وابنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما طلَّق في الحَيضِ، فغَضِبَ الرَّسولُ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، وأمَرَ بأن تُطَلَّقَ طاهِرًا، وهذا دليلٌ على أنَّ القُرءَ هو الحَيضُ؛ لأنَّ الرَّسولَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ جعل طلاقَ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما طلاقًا لغيرِ العِدَّةِ، ولو كانت الأقراءُ هي الأطهارَ لكان طلاقُه طلاقًا للعِدَّةِ؛ لأنَّه يُستَقبَلُ الطُّهرُ إذا طَلَّقَها في حالِ الحَيضِ، ولكِنْ إذا جعَلْنا الأقراءَ هي الحيضَ فما يُستقبَلُ الطُّهرُ، ثمَّ إنَّ الرَّسولَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ ورد عنه في المُستحاضةِ أنَّها تجلِسُ أيَّامَ أقرائِها، ومعلومٌ أنَّه لا يريدُ أيَّامَ طُهرِها، وإنَّما يريدُ أيَّامَ حَيضِها، والنبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ لا شَكَّ أنَّ تَفسيرَه هو الحُجَّةُ؛ لأنَّه يُفَسِّرُ كلامَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، وهو أيضًا إمامُ أهلِ اللُّغةِ، أفصَحُ العَرَبِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، فهو إنْ فَسَّرَ ذلك بمُقتَضى التفسيرِ الشَّرعيِّ للقُرآنِ فهو تفسيرٌ شَرعيٌّ، وتفسيرُه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ أعلى أنواعِ تفاسيرِ المخلوقينَ، وإنْ فَسَّرَه بمُقتضى اللُّغةِ العَربيَّةِ فهو أفصَحُ مَن نطَقَ بالعَربيَّةِ، وعلى هذا فنقولُ: الصَّوابُ أنَّ الأقراءَ هي الحِيَضُ، فيكونُ معنى قَولِه تعالى: ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ أي: ثلاثَ حِيَضٍ). ((الشرح الممتع)) (13/358، 359). ،  وهو قَولُ جُمهورِ السَّلَفِ [140]     قال ابنُ قُدامةَ: (رُوِيَ ذلك [أي: كَونُ المرادِ بالقُروءِ الحَيْضاتِ] عن عُمَرَ، وعليٍّ، وابنِ عبَّاسٍ، وسَعيدِ بنِ المُسَيِّبِ، والثَّوريِّ، والأوزاعيِّ، والعنبريِّ، وإسحاقَ، وأبي عُبيدٍ، وأصحابِ الرَّأيِ. ورُوِيَ ذلك عن أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ، وعُثمانَ بنِ عفَّان -رَضِيَ اللهُ عنهما- وأبي موسى، وعُبادةَ بنِ الصَّامِتِ، وأبي الدَّرداءِ. قال القاضي: الصَّحيحُ عن أحمَدَ: أنَّ الأقراءَ الحِيَضُ). ((المغني)) (8/101). ويُنظر: ((زاد المعاد)) لابن القيم (5/533). . الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ1- قَولُه تعالى: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ الطلاق: 4.وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ اللهَ تعالى نقَلَهنَّ عندَ عَدَمِ الحَيضِ إلى الاعتدادِ بالأشهُرِ؛ فدَلَّ ذلك على أنَّ الأصلَ الحَيضُ [141]     ((المغني)) لابن قدامة (8/101). .2- قَولُه تعالى: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ البقرة: 228.وَجهُ الدَّلالةِ:ظاهِرُ الآيةِ يَدُلُّ على وجوبِ الترَبُّصِ ثلاثةً كامِلةً، ومَن جَعَل القُروءَ الأطهارَ لم يوجِبْ ثلاثةً؛ لأنَّه يُكتفَى بطُهرَينِ وبَعضِ الثَّالِثِ، فيُخالِفُ ظاهِرَ النَّصِّ، ومن جَعَلَه الحَيضَ أوجَبَ ثلاثةً كامِلةً، فيُوافِقُ ظاهِرَ النَّصِّ، فيكونُ أَولى مِن مُخالفتِه [142]     ((المغني)) لابن قدامة (8/102). .ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِعن زينبَ بنتِ جحشٍ رضي الله عنها قالتْ: ((قلتُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلَّمَ: إنَّها مُستحاضَةٌ، فقال: تجلِسُ أيامَ أقرائِها، ثمَّ تغتَسِلُ وتُؤخِّرُ الظُّهرَ ...)) [143]     أخرجه النسائي (361) واللفظ له، والطبراني (24/56) (145)، والبيهقي (1724). وثَّق رجالَه ابنُ دقيق في ((الإمام)) (3/324)، والشوكاني في ((نيل الأوطار)) (1/341)، وصَحَّحه الألباني في ((صحيح سنن النسائي)) (361). . وَجهُ الدَّلالةِ:قَولُه: ((تَجلِسُ أيامَ أقرائِها)) ومعلومٌ أنَّه لا يُريدُ أيَّامَ طُهرِها، وإنَّما يُريدُ أيَّامَ حَيضِها، والنبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ لا شَكَّ أنَّ تَفسيرَه هو الحُجَّةُ؛ لأنَّه يُفَسِّرُ كلامَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، وهو أفصَحُ مَن نطَقَ بالعَربيَّةِ [144]     ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (13/359). ويُنظر: ((زاد المعاد)) لابن القيم (5/541). . ثالثًا: أنَّه لم يُعهَدْ في لِسانِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم استِعمالُه بمعنى الطُّهرِ في مَوضِعٍ، فوجَبَ أن يُحمَلَ كَلامُه على المعهودِ في لِسانِه [145]     ((المغني)) لابن قدامة (8/101). .رابعًا: أنَّ الحَيضَ مُعَرِّفٌ لبراءةِ الرَّحِمِ؛ لأنَّ بَراءتَها إنَّما تَظهَرُ بالحَيضِ لا بالطُّهرِ، والحَملُ طُهرٌ ممتَدٌّ، فيَجتَمِعُ الطُّهرُ الممتَدُّ مع الطُّهرِ المحدودِ؛ فلا يَحصُلُ التعَرُّفُ بأنَّها حامِلٌ أو حائِلٌ، والتعَرُّفُ هو المقصودُ، ولا يكونُ إلَّا بالحَيضِ [146]     ((العناية)) للبابرتي (4/209). .القول الثاني: مَعنى القُروءِ في عِدَّةِ المُطَلَّقةِ ذاتِ الحَيضِ: الأطهارُ، وهو مَذهَبُ المالِكيَّةِ [147]     ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير)) (2/469)، ((منح الجليل)) لعليش (4/38). ، والشَّافِعيَّةِ [148]     ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (8/232). ، وروايةٌ عن أحمد [149]     ((الإنصاف)) للمرداوي (9/205). ، وهو اختيارُ ابنِ حَزمٍ [150]     قال ابنُ حزم: (عِدَّةُ المُطَلَّقةِ الموطوءةِ التي تحيضُ: ثلاثةُ قُروءٍ -وهي بقيَّةُ الطُّهرِ الذي طَلَّقَها فيه- ولو أنَّها ساعةٌ أو أقَلُّ أو أكثَرُ، ثمَّ الحَيضةُ التي تلي بقيَّةَ ذلك الطُّهرِ، ثمَّ طُهرٌ ثانٍ كامِلٌ، ثمَّ الحَيضةُ التي تليه، ثمَّ طُهرٌ ثالِثٌ كامِلٌ، فإذا رأت أثَرَه أوَّلَ شَيءٍ مِنَ الحَيضِ فقد تمَّت عِدَّتُها، ولها أن تنكِحَ حينئذٍ إن شاءت). ((المحلى)) (10/28، 29). ، والشِّنقيطيِّ [151]     قال الشنقيطي: (أمَّا الذين قالوا: القُروءُ: الأطهارُ، فاحتجُّوا بقَولِه تعالى: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [الطلاق: 1]، قالوا: عِدَّتُهنَّ المأمورُ بطلاقِهنَّ لها: الطُّهرُ لا الحيضُ، كما هو صريحُ الآيةِ، ويزيدُه إيضاحًا قَولُه صلَّى الله عليه وسلَّم في حديثِ ابنِ عُمَرَ المتَّفَقِ عليه: «فإنْ بدا له أن يُطلِّقَها فلْيُطلِّقْها طاهرًا قبل أن يمَسَّها؛ فتلك العِدَّةُ كما أمرَ الله» قالوا: إنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم صرَّح في هذا الحديثِ المتَّفَقِ عليه بأنَّ الطُّهرَ هو العِدَّةُ التي أمَرَ الله أن يُطلَّقَ لها النِّساءُ، مُبَيِّنًا أنَّ ذلك هو معنى قَولِه تعالى: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [الطلاق: 1]، وهو نصٌّ مِن كتابِ اللهِ وسُنَّةِ نبيِّه في محلِّ النِّزاعِ. قال مُقَيِّدُه عفا الله عنه: الذي يظهَرُ لي أنَّ دليلَ هؤلاء هذا: فَصلٌ في محَلِّ النِّزاعِ؛ لأنَّ مدارَ الخلافِ: هل القروءُ الحيضاتُ أو الأطهارُ؟ وهذه الآيةُ وهذا الحديثُ دلَّا على أنَّها الأطهارُ، ولا يوجَدُ في كتابِ اللهِ ولا سُنَّةِ نبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم شيءٌ يقاوِمُ هذا الدَّليلَ، لا مِن جِهةِ الصِّحَّةِ، ولا مِن جِهةِ الصَّراحةِ في محَلِّ النزاعِ؛ لأنَّه حديثٌ مُتَّفَقٌ عليه مذكورٌ في مَعرِضِ بيانِ معنى آيةٍ مِن كتابِ اللهِ تعالى). ((أضواء البيان)) (1/97). ، وهو قَولُ بَعضِ السَّلَفِ [152]     قال ابنُ قدامة: (وهو [أي: أنَّ القُروءَ الأطهارُ] قولُ زيدٍ، وابنِ عُمَرَ، وعائِشةَ، وسُلَيمانَ بنِ يَسارٍ، والقاسِمِ بنِ مُحمَّدٍ، وسالمِ بنِ عبدِ اللهِ، وأبانِ بنِ عُثمانَ، وعُمَرَ بنِ عبدِ العزيزِ، والزُّهريِّ، ومالكٍ، والشَّافعيِّ، وأبي ثَورٍ). ((المغني)) (8/101). ويُنظر: ((المحلى)) لابن حزم (10/30). . الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقَولُه تعالى: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ الطلاق: 1.وَجهُ الدَّلالةِ:قَولُه تعالى: لِعِدَّتِهِنَّ أي: في عِدَّتِهنَّ، وإنَّما أمَرَ بالطَّلاقِ في الطُّهرِ لا في الحَيضِ [153]     ((المغني)) لابن قدامة (8/101). .ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِعن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رضي اللهُ عنه: ((أنَّه طَلَّقَ امرأتَه وهي حائِضٌ، في عَهدِ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فسأل عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن ذلك، فقال له رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: مُرْه فلْيُراجِعْها، ثمَّ لِيَترُكْها حتى تَطهُرَ، ثمَّ تحيضَ، ثمَّ تَطهُرَ، ثمَّ إن شاء أمسَكَ بَعدُ، وإن شاء طَلَّقَ قَبلَ أن يمَسَّ؛ فتلك العِدَّةُ التي أمَرَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ أن يُطَلَّقَ لها النِّساءُ)) [154]     أخرجه البخاري (5251) واللفظ له، ومسلم (1471). .وَجهُ الدَّلالةِ:قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((فتلك العِدَّةُ التي أمَرَ اللهُ أن يُطَلَّقَ لها النِّساءُ)) دلَّ على أنَّ المرادَ بالأقراءِ الأطهارُ [155]     ((فتح الباري)) لابن حجر (9/476). .ثالثًا: لأنَّها عِدَّةٌ عن طَلاقٍ مُجَرَّدٍ مُباحٍ، فوجَبَ أن يُعتبَرَ عَقيبَ الطَّلاقِ، والطَّلاقُ السُّنِّيُّ يكونُ في طُهرٍ لم يُجامِعْها فيه، وكعِدَّةِ الآيِسةِ والصَّغيرةِ [156]     ((المغني)) لابن قدامة (8/101). .رابِعًا: أنَّ القُرءَ الجَمعُ، وهو في زَمَنِ الطُّهرِ أظهَرُ [157]     ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (8/233). . انظر أيضا: المَطلَبُ الأوَّلُ: مُدَّةُ عِدَّةِ المُطَلَّقةِ ذاتِ الحَيضِ. المَطلَبُ الثَّالِثُ: عِدَّةُ المُطَلَّقةِ ذاتِ الحَيضِ إذا انقطَعَ حَيضُها للرَّضاعِ. المَطلَبُ الرَّابِعُ: عِدَّةُ المُستَحاضةِ . المَطلَبُ الخامِسُ: عِدَّةُ المُطَلَّقةِ ذاتِ الحَيضِ إذا انقَطَع حَيضُها لِغَيرِ عارِضٍ يُعرَفُ (المُرتابةِ).

تعتَدُّ المرأةُ بالأقراءِ إذا ارتفَعَ حَيضُها بسَبَبِ الرَّضاعِ، ولو طالت المُدَّةُ.الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقَولُه تعالى: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ الطَّلاق: 4.وَجهُ الدَّلالةِ:نَصَّت الآيةُ على أنَّ التي تعتَدُّ ثلاثةَ أشهُرٍ هي التي لم تَحِضْ أو يَئِسَت؛ فدَلَّ هذا على أنَّ غَيرَهنَّ يَعتَدِدْنَ بالأقراءِ، ومِنهنَّ التي انقطَعَ حَيضُها بسبَبِ الرَّضاعِ [158]     يُنظر: ((شرح مسند الشافعي)) للقزويني (4/18)، ((الوسيط في المَذهَب)) للغزالي (6/122)، ((منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين)) للسعدي (ص: 219). .ثانيًا: مِنَ الإجماعِنَقَل الإجماعَ على ذلك: القاضي عبدُ الوهَّابِ [159]     قال القاضي عبد الوهاب: (أجمعوا أنَّ التَّأخيرَ بالرَّضاعِ لا يُسَوِّغُ لها الاعتدادَ بغيرِ الحَيضِ). ((المعونة)) (ص: 921). ، والعمرانيُّ [160]     قال العمراني بعد أن ذكَرَ قِصَّةَ عُثمانَ وعليٍّ في توريثِ امرأةِ حِبَّان منه: لانقِطاعِ حَيضِها بسَبَبِ الرَّضاعةِ: (لا مخالِفَ لهما؛ فدَلَّ على أنَّه إجماعٌ). ((البيان في مذهب الإمام الشافعي)) (11/22). ، وابنُ تَيميَّةَ [161]     وزاد ابنُ تَيميَّةَ المرَضَ فقال: (إن كان قد ارتفَعَ حَيضُها بمرَضٍ أو رَضاعٍ، فإنَّها تترَبَّصُ حتى يزولَ العارِضُ وتحيضَ، باتِّفاقِ العُلَماءِ). ((مجموع الفتاوى)) (34/23). .ثالثًا: مِنَ الآثارِعن ابنِ جُرَيجٍ عن عبدِ اللهِ بنِ أبي بَكرٍ أخبَرَه: (أنَّ رَجُلًا مِن الأنصارِ -يُقالُ له: حِبَّانُ بنُ مُنقِذٍ- طلَّق امرأتَه وهو صحيحٌ، وهي تُرضِعُ ابنَتَه، فمَكَثَت سَبعةَ عَشَرَ شَهرًا لا تَحيضُ؛ يَمنَعُها الرَّضاعُ أن تحيضَ، ثمَّ مَرِضَ حِبَّانُ بعد أن طَلَّقَها بسَبعةِ أشهُرٍ أو ثمانيةٍ، فقُلتُ له: إنَّ امرأتَك تريدُ أن تَرِثَ، فقال لأهلِه: احمِلوني إلى عُثمانَ، فحَمَلوه إليه، فذَكَر له شأنَ امرأتِه، وعِندَه عليُّ بنُ أبي طالبٍ، وزيدُ بنُ ثابتٍ، فقال لهما عُثمانُ: ما تَرَيانِ؟ فقالا: نرى أنَّها تَرِثُه إن مات، ويَرِثُها إن ماتَت؛ فإنَّها ليسَت مِنَ القَواعِدِ اللاتي قد يَئِسنَ مِنَ المحيضِ، وليسَت مِنَ الأبكارِ اللاتي لم يبلُغْنَ المحيضَ، ثمَّ هي على عِدَّةِ حَيضِها ما كان مِن قَليلٍ أو كثيرٍ، فرجع حِبَّانُ إلى أهلِه فأخَذَ ابنَتَه، فلمَّا فَقَدت الرَّضاعَ حاضَت حَيضةً، ثمَّ حاضت حَيضةً أُخرى، ثمَّ توفِّيَ حِبَّانُ مِن قَبلِ أن تحيضَ الثَّالثةَ، فاعتَدَّت عِدَّةَ المُتوَفَّى عنها زَوجُها، ووَرِثَتْه) [162]     أخرجه الشافعي في ((الأم)) (6/537)، والبيهقي (15808). صَحَّحه ابن الملقن في ((البدر المنير)) (8/222). .رابعًا: جَرَت العادةُ بأنَّ الرَّضاعَ يُؤَثِّرُ في تأخيرِ الحَيضِ، فلا يكونُ ذلك رِيبةً، فإذا كان ذلك وَجَب انتظارُ زَوالِه [163]     ((المعونة على مَذهَب عالم المدينة)) للقاضي عبد الوهاب (ص: 921). . انظر أيضا: المَطلَبُ الأوَّلُ: مُدَّةُ عِدَّةِ المُطَلَّقةِ ذاتِ الحَيضِ. المَطلَبُ الثَّاني: مَعنى القُروءِ في عِدَّةِ المُطَلَّقةِ ذاتِ الحَيضِ. المَطلَبُ الرَّابِعُ: عِدَّةُ المُستَحاضةِ . المَطلَبُ الخامِسُ: عِدَّةُ المُطَلَّقةِ ذاتِ الحَيضِ إذا انقَطَع حَيضُها لِغَيرِ عارِضٍ يُعرَفُ (المُرتابةِ).

عِدَّةُ ذاتِ الحَيضِ إذا انقطَعَ حَيضُها لِغَيرِ عارِضٍ يُعرَفُ: أنْ تمكُثَ سَنةً مِن انقِطاعِ حَيضِها، وهو مَذهَبُ المالِكيَّةِ [175]     ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبد البر (2/620)، ((التاج والإكليل)) للمواق (4/143). ، والحَنابِلةِ [176]     ((الإنصاف)) للمرداوي (9/209)، ((الإقناع)) للحجاوي (4/112). ، وقَولُ الشَّافعيِّ في القَديمِ [177]     ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 253)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (7/133). ، وهو قَولُ بَعضِ السَّلَفِ [178]     قال ابنُ المنذر: (قالت طائفةٌ: تنتظِرُ تِسعةَ أشهرٍ، ثمَّ ثلاثةَ أشهُرٍ، ثم قد حَلَّت. هذا قول عمر بن الخطاب، ورُوِيَ ذلك عن الحسن البصري، وبه قال مالك بن أنس). ((الأوسط)) لابن المنذر (9/535). وقال ابنُ عبدِ البَرِّ: (قال الأوزاعي في رجُلٍ طَلَّق امرأتَه وهي شابَّةٌ، فارتفع حَيضُها فلم يأتِها ثلاثةَ أشهُرٍ: فإنَّها تعتَدُّ سَنَةً، وهذا نحوُ قَولِ مالك، ومَذهَب عمر رَضِيَ اللهُ عنه... وعن ابن عباس في التي ارتفَعَ حَيضُها: سَنةً. وقال: تلك الرِّيبةُ... قال أبو عمر: صار مالكٌ في هذا البابِ إلى ما رواه عن عُمَرَ فيه، وعن ابن عباسٍ مثله). ((الاستذكار)) (6/175). ويُنظر: ((البيان في مذهب الإمام الشافعي)) للعمراني (11/23). ، وهو اختيارُ ابنِ تَيميَّةَ [179]     قال ابنُ تَيميَّةَ: (إن كانت تعلَمُ أنَّ الدَّمَ لا يأتي فيما بعدُ فعِدَّتُها ثلاثةُ أشهُرٍ، وإن كان يمكِنُ أن يعودَ الدَّمُ ويُمكِنُ ألَّا يعودَ فإنَّها تتربَّصُ بعدُ سَنةً، ثم تتزوَّجُ، كما قضى به عُمَرُ بن الخطَّابِ في المرأةِ يرتَفِعُ حَيضُها لا تدري ما رَفَعَه؛ فإنَّها تترَبَّصُ سَنةً، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: كمالك، والشافعي. ومن قال: إنَّها تدخُلُ في سِنِّ الآيساتِ: فهذا قَولٌ ضَعيفٌ جِدًّا). ((مجموع الفتاوى)) (34/24). وقال: (إن كان قد ارتفَعَ حَيضُها بمرَضٍ أو رَضاعٍ فإنَّها تترَبَّصُ حتى يزولَ العارِضُ وتَحيضَ، باتِّفاقِ العُلَماءِ، وإن كان ارتفَعَ حَيضُها لا تدري ما رَفَعَه، فهذه في أصَحِّ قَولَيِ العُلَماءِ على ما قال عُمَرُ: تمكُثُ سَنةً). ((الفتاوى الكبرى)) (3/350). ، وابنِ القَيِّمِ [180]     قال ابنُ القيم: (صَحَّ عن عُمَرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه في امرأةٍ طُلِّقَت فحاضَت حيضةً أو حَيضَتينِ، ثمَّ يرتَفِعُ حَيضُها لا تدري ما رَفَعَه: أنَّها تتربَّصُ تِسعةَ أشهُرٍ، فإن استبان بها حَملٌ، وإلَّا اعتَدَّت ثلاثةَ أشهُرٍ. وقد وافقه الأكثرون على هذا، منهم: مالك، وأحمد، والشافعي في القديم. قالوا: تتربَّصُ غالِبَ مُدَّةِ الحَملِ، ثم تعتَدُّ عِدَّةَ الآيسةِ، ثمَّ تَحِلُّ للأزواجِ... فلمَّا كانت لا تدري ما الذي رفَعَ الحَيضةَ كان موضِعَ الارتيابِ، فحُكِمَ فيها بهذا الحُكمِ، وكان اتِّباعُ ذلك ألزَمَ وأَولى مِن قَولِ مَن يَقولُ: إنَّ الرَّجُلَ يُطَلِّقُ امرأتَه تطليقةً أو تطليقَتَينِ فيرتَفِعُ حَيضُها وهي شابَّةٌ؛ إنَّها تبقى ثلاثين سنةً مُعتَدَّةً، وإن جاءت بولَدٍ لأكثَرَ مِن سَنَتينِ لم يلزَمْه! فخالف ما كان من إجماعِ المُسلِمينَ الذي مَضَوا). ((زاد المعاد)) (5/584). ، وابنِ باز [181]     قال ابنُ باز: (المرتابةُ هي التي تشُكُّ هل في بَطنِها حَملٌ أو ما فيه حَملٌ، فهذه تبقى العِدَّةَ حتى تزولَ الرِّيبةُ، فإذا زالت الرِّيبةُ وأتاها ثلاثُ حَيضاتٍ... بالعِدَّةِ؛ لأنَّ ثلاثَ حِيَض تُبرئُ الرَّحِمَ وتكفي في حُصولِ اليقين بزوالِ الريبة، وما دامت لم يأتِها الحَيضُ فهي ذاتُ رِيبةٍ، تنتَظِرُ حتى تأتيَها الحِيَضُ أو يمُرَّ عليها سنةٌ، فإذا مرَّ عليها سنةٌ ولم يظهَرْ شَيءٌ ولم يتبيَّنْ فيها حملٌ، اعتَدَّت ثلاثةَ أشهُرٍ، كما أفتى عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عنه وأرضاه). ((الموقع الرسمي لابن باز)). ، وابنِ عُثيمين [182]     قال ابنُ عثيمين: (أمَّا مَن ارتفع حَيضُها ولم تَدْرِ ما سَبَبُه، فيقول المؤلِّفُ: «فعِدَّتُها سَنةٌ: تِسعةُ أشهُرٍ للحَملِ، وثلاثةٌ للعِدَّةِ» يعني: امرأة مِن ذوات الحَيضِ، عُمُرُها ثلاثون سنة، ما بلَغَت سِنَّ اليأس، ارتفَعَ حَيضُها، فطَلَّقَها زوجُها وهي في هذه الحالِ؛ فتعتَدُّ سَنةً؛ لأن ذلك هو الذي رُوِيَ عن عمرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه... الأَولى اتِّباعُ السَّلَفِ في هذه المسألة وهو أحوَطُ: أن تعتَدَّ بسَنةٍ كاملةٍ). ((الشرح الممتع على زاد المستقنع)) (13/364). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [183]     قال ابنُ قدامة: (إن حاضت حَيضةً أو حيضَتَينِ، ثم ارتفَعَ حَيضُها لا تدري ما رَفَعَه، لم تنقَضِ عِدَّتُها إلَّا بعد سنةٍ بعد انقطاعِ الحَيضِ؛ وذلك لِما رُوِيَ عن عمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه: أنَّه قال في رجُلٍ طَلَّق امرأتَه فحاضت حيضةً أو حيضَتَينِ، فارتفَعَ حَيضُها لا تدري ما رَفَعَه: تجلِسُ تِسعةَ أشهُرٍ، فإذا لم يَستَبِنْ بها حَملٌ تعتَدُّ بثلاثةِ أشهُرٍ، فذلك سَنَةٌ. ولا نَعرِفُ له مُخالِفًا. قال ابنُ المنذِرِ: قضى به عُمَرُ بين المهاجِرينَ والأنصارِ، ولم يُنكِرْه مُنكِرٌ). ((المغني)) (8/111). . الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ الآثارِ عن عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّه قال: (أيُّما امرأةٍ طُلِّقَت فحاضَت حَيضةً أو حَيضَتَينِ، ثمَّ رفَعَتْها حَيضتُها؛ فإنَّها تنتَظِرُ تِسعةَ أشهُرٍ، فإنْ بان بها حَملٌ فذلك، وإلَّا اعتَدَّتْ بعد التِّسعةِ أشهُرٍ ثلاثةَ أشهُرٍ، ثمَّ حَلَّت) [184]     أخرجه مالك في ((الموطأ)) (2/582) واللفظ له، والبيهقي (15810). صَحَّحه ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (2/229)، وقال الألباني في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (3271): رجالُه ثقاتٌ، رجالُ الشَّيخَينِ. .ثانيًا: لأنَّ تِسعةَ أشهُرٍ غالِبُ مُدَّةِ الحَملِ؛ لِتعلَمَ بَراءتَها منه، وتمكُثُ ثلاثةَ أشهُرٍ للعِدَّةِ؛ لاحتِمالِ أنَّها آيِسةٌ [185]     ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/420)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (13/364). . ثالثًا: لأنَّ الغَرَضَ بالاعتِدادِ مَعرِفةُ بَراءةِ رَحِمِها، وهذا تَحصُلُ به براءةُ الرَّحِمِ؛ فاكتُفِيَ به [186]     ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/420). . انظر أيضا: المَطلَبُ الأوَّلُ: مُدَّةُ عِدَّةِ المُطَلَّقةِ ذاتِ الحَيضِ. المَطلَبُ الثَّاني: مَعنى القُروءِ في عِدَّةِ المُطَلَّقةِ ذاتِ الحَيضِ. المَطلَبُ الثَّالِثُ: عِدَّةُ المُطَلَّقةِ ذاتِ الحَيضِ إذا انقطَعَ حَيضُها للرَّضاعِ. المَطلَبُ الرَّابِعُ: عِدَّةُ المُستَحاضةِ .