تجِبُ العِدَّةُ على المُطَلَّقةِ بعدَ الدُّخولِ.الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقَولُه تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا الأحزاب: 49.وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ لم يوجبِ العِدَّةَ على المُطَلَّقةِ قبلَ الدُّخولِ، فبَقِيَ أن تعتَدَّ مَن طُلِّقَت بعدَ الدُّخولِ، وهي المَعنيَّةُ بِقَولِه تعالى: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ البقرة: 228.ثانيًا: مِنَ الإجماعِنَقَل الإجماعَ على ذلك: الماوَرديُّ [104]     قال الماوردي: (القِسمُ الثاني: يُطَلِّقُها بعد الدُّخولِ بها، فلا خِلافَ أنَّ عليها العِدَّةَ). ((الحاوي الكبير)) (11/217). ، وابنُ حَزمٍ [105]     قال ابنُ حزم: (اتَّفَقوا أنَّ مَن طَلَّق امرأتَه التي نكَحَها نِكاحًا صَحيحًا طَلاقًا صَحيحًا، وقد وَطِئَها في ذلك النِّكاحِ في فَرجِها مَرَّةً فما فَوقَها: أنَّ العِدَّةَ لها لازِمةٌ، وسواءٌ كانت الطَّلقةُ أُولى أو ثانيةً أو ثالثةً). ((مراتب الإجماع)) (ص: 76). ، وابنُ العَربيِّ [106]     قال ابنُ العربي: (إذا دخل بها فعليها العِدَّةُ إجماعًا). ((أحكام القرآن)) (3/587). ، وابنُ قُدامةَ [107]     قال ابنُ قدامة: (لا خِلافَ بين أهلِ العِلمِ في وجوبِها على المُطَلَّقةِ بعدَ المَسيسِ). ((المغني)) (8/99). ، والقُرطبيُّ [108]     قال القرطبي: (فإن دخل بها فعليها العِدَّةُ إجماعًا). ((تفسير القرطبي)) (14/202). ، وابنُ تَيميَّةَ [109]     قال ابنُ تَيميَّةَ: (الطَّلاقُ بعد الدُّخولِ يُوجِبُ الاعتِدادَ بثلاثةِ قُروءٍ، بنَصِّ القرآنِ واتِّفاقِ المُسلِمينَ). ((مجموع الفتاوى)) (32/290). . انظر أيضا: المَطلَبُ الثَّاني: حُكمُ عِدَّةِ المُطَلَّقةِ قَبلَ الوَطءِ وبَعدَ الخَلوةِ. المَطلَبُ الثَّالِثُ: حُكمُ عِدَّة المُطَلَّقةِ قبلَ الدُّخولِ بها.

تجِبُ العِدَّةُ إذا حَصَلت خَلوةٌ صَحيحةٌ بينَ الزَّوجينِ ولو بدونِ وَطءٍ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّةِ [110]     ((المبسوط)) للسرخسي (5/133)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (2/144). ، والمالِكيَّةِ [111]     عند المالِكيَّة: لا تجِبُ العِدَّةُ بخَلوةِ صَبيٍّ، ولو قَوِيَ على الوَطءِ. ((مختصر خليل)) (ص: 130)، ((منح الجليل)) لعليش (4/296). ، والحَنابِلةِ [112]     ((الفروع)) لابن مفلح (9/273)، ((الإنصاف)) للمرداوي (9/198). ، والشَّافِعيِّ في القَديمِ [113]     ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (8/232)، ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (4/41). ، وهو قَولُ جُمهورِ السَّلَفِ [114]     قال ابنُ قدامة: (رُوِيَ ذلك [أي: وجوبُ العِدَّةِ عليها إذا خلا بها] عن الخُلَفاءِ الراشدين، وزيد، وابن عمر. وبه قال عروة، وعلي بن الحسين، وعطاء، والزهري، والثوري، والأوزاعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي، والشافعي في قديمِ قَولَيه). ((المغني)) (8/99). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [115]     قال الكاساني -في مسألةِ تخييرِ الزَّوجِ زَوجتَه في الطَّلاقِ إذا حكَمَ القاضي بتَطليقِها-: (لها المهرُ كامِلًا، وعليها العِدَّةُ بالإجماعِ، إن كان الزَّوج قد خلا بها، وإن كان لم يخْلُ بها فلا عِدَّةَ عليها). ((بدائع الصنائع)) (2/326). وقال ابنُ قدامة: (إنَّ العِدَّةَ تجِبُ على كلِّ مَن خلا بها زَوجُها، وإن لم يمَسَّها... ولنا إجماعُ الصَّحابةِ، روى الإمامُ أحمد والأثرمُ بإسنادهما عن زرارة بن أوفى، قال: قضى الخلفاءُ الرَّاشِدونَ أنَّ مَن أرخى سِترًا، أو أغلقَ بابًا: فقد وجَبَ المَهرُ، ووجَبَت العِدَّةُ. ورواه الأثرمُ أيضًا عن الأحنف، عن عمر وعلي، وعن سعيد بن المسيب، عن عمر وزيد بن ثابت. وهذه قضايا اشتَهَرت فلم تُنكَرْ؛ فصارت إجماعًا). ((المغني)) (8/99). . الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقَولُه تعالى: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ النساء: 21.وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ اللهَ تعالى نَهى عن استِردادِ شَيءٍ مِنَ الصَّداقِ بعدَ الخَلوةِ؛ فإنَّ الإفضاءَ عِبارةٌ عن الخَلوةِ، ومنه يُسَمَّى المكانُ الخالي فَضاءً [116]     ((المبسوط)) للسرخسي (5/133). .ثانيًا: لأنَّ الحُكمَ عُلِّقَ هاهنا على الخَلوةِ التي هي مَظِنَّةُ الإصابةِ دونَ حَقيقتِها؛ ولهذا لو خلا بها فأتَت بوَلَدٍ لِمُدَّةِ الحَملِ، لَحِقَه نَسَبُه وإنْ لم يَطَأْ [117]     ((المغني)) لابن قدامة (8/99). . انظر أيضا: المَطلَبُ الأوَّلُ: حُكمُ عِدَّةِ المُطَلَّقةِ بعدَ الدُّخولِ. المَطلَبُ الثَّالِثُ: حُكمُ عِدَّة المُطَلَّقةِ قبلَ الدُّخولِ بها.

لا عِدَّةَ على المُطَلَّقةِ قَبلَ الدُّخولِ بها.الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقَولُه تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا الأحزاب: 49.وَجهُ الدَّلالةِ:هذه الآيةُ نَصٌّ في أنَّه لا عِدَّةَ على مُطَلَّقةٍ قبلَ الدُّخولِ [118]     ((أحكام القرآن)) لابن العربي (3/587). .ثانيًا: مِنَ الإجماعِنَقَل الإجماعَ على ذلك: الشَّافعيُّ [119]     قال الشافعي: (فكان بَيِّنًا في حُكمِ الله عزَّ وجَلَّ أنْ لا عِدَّةَ على المُطَلَّقةِ قبلَ أن تُمَسَّ، وأنَّ المَسيسَ هو الإصابةُ، ولم أعلَمْ في هذا خِلافًا). ((الأم)) (5/230). ، والمَرْوزيُّ [120]     قال المروزي: (أجمع أهلُ العِلمِ على أنَّ الرَّجُلَ إن طَلَّق امرأتَه تطليقةً ولم يدخُلْ بها: أنَّها قد بانت منه، وليس له عليها رَجعةٌ، وليس عليها عِدَّةٌ). ((اختلاف الفقهاء)) (ص: 245). ، وابنُ المُنذِرِ [121]     قال ابنُ المنذِرِ: (أجمع أهلُ العِلمِ على أنَّ مَن طَلَّق زوجتَه قبل أن يَدخُلَ بها: أنَّها قد بانت منه، ولا تحِلُّ له إلَّا بنِكاحٍ جديدٍ، ولا عِدَّةَ عليها). ((الإقناع)) (2/36). ، وابنُ حَزمٍ [122]     قال ابنُ حزم: (أجمعوا أنَّ التي طُلِّقَت ولم تكُنْ وُطِئَت في ذلك النِّكاحِ، ولا طالت صُحبتُه لها بعد دُخولِه بها، ولا طَلَّقَها في مَرَضِه: فلا عِدَّةَ عليها أصلًا). ((مراتب الإجماع)) (ص: 76). ، وابنُ عبدِ البَرِّ [123]     قال ابنُ عبدِ البَرِّ: (أمَّا غيرُ المدخولِ بها فلا عِدَّةَ عليهنَّ، ولا سُنَّةَ ولا بِدعةَ في طلاقِهنَّ). ((التمهيد)) (15/73). ، وابنُ رُشدٍ [124]     قال ابنُ رشد: (فأمَّا غيرُ المدخولِ بها فلا عِدَّةَ عليها بإجماعٍ). ((بداية المجتهد)) (3/108). ، وابنُ قُدامةَ [125]     قال ابنُ قدامة: (أجمعوا على أنَّ المُطَلَّقةَ قبلَ المسيسِ لا عِدَّةَ عليها). ((المغني)) (3/631). ، والقُرطبيُّ [126]     قال القرطبي: (المُطَلَّقةُ إذا لم تكُنْ ممسوسةً: لا عِدَّةَ عليها بنَصِّ الكتابِ، وإجماعِ الأمَّةِ على ذلك). ((تفسير القرطبي)) (14/202). . انظر أيضا: المَطلَبُ الأوَّلُ: حُكمُ عِدَّةِ المُطَلَّقةِ بعدَ الدُّخولِ. المَطلَبُ الثَّاني: حُكمُ عِدَّةِ المُطَلَّقةِ قَبلَ الوَطءِ وبَعدَ الخَلوةِ.