استحبَّ التَّسميةَ عند الغُسلِ: جمهورُ الفقهاءِ قال ابن باز: (يُستحَبُّ عند البدءِ في الوضوءِ أن يسمِّيَ، يقول: بسمِ الله عند بَدءِ الوُضوءِ، فإن نسِيَ فلا شيء عليه، وهكذا عند الغُسلِ يُسَمِّي، فإن نسي فلا شيءَ عليه). ((فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر)) (5/84). وقال ابن عثيمين: (الصَّحيحُ أنها سنَّةٌ). ((الشرح الممتع)) (1/204). وقال أيضًا: (والصحيحُ كما سبق أنَّها ليست بواجبةٍ، لا في الوضوء، ولا في الغُسلِ). ((الشرح الممتع)) (1/358). : الحنفيَّة ((حاشية ابن عابدين)) (1/156)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/20). ((فتح القدير)) للكمال بن الهمام (1/21). ، والمالكيَّة ((الشرح الكبير)) للدردير (1/137)، ((حاشية العدوي على شرح مختصر خليل للخرشي)) (1/171). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/181)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/219). ، وهو روايةٌ عند الحنابلةِ ((الإنصاف)) للمرداوي (1/188)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/162). .الأدلَّة:أوَّلًا: من الآثارعن يَعلَى بن أُميَّةَ قال: (بينما عمرُ بنُ الخطَّابِ يغتسِلُ إلى بعيرٍ، وأنا أستُرُ عليه بثوبٍ، إذ قال عمر: يا يَعلَى، أصبُبُ على رأسي؟ فقلتُ: أميرُ المؤمنين أعلمُ، فقال عُمَرُ بن الخطَّاب: واللهِ لا يزيدُ الماءُ الشَّعرَ إلَّا شعثًا، فسمَّى اللهَ وفي رواية: ((قال: بسم الله)) ((الأوسط)) لابن المُنذِر(2/9). ثمَّ أفاض على رأسِه) رواه الشافعي في ((الأم)) (2/159)، ومُسدَّد في مسنَده- كما في ((المطالب العالية)) لابن حجر (2/443) (162)- وابن المُنذِر في ((الأوسط)) (2/9) (344)، والبيهقي (9400). وجوَّد إسناده ابن كثير في ((مسند الفاروق)) (1/306)، ووثق رجاله البوصيري في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (1/379)، وجود إسناده الألباني في ((إرواء الغليل(( (4/211) .ثانيًا: أنَّ التَّسميةَ مَشروعةٌ عند كثيرٍ مِن الأمور، سواءٌ كانت عبادةً، أو غيرَها، فتُشرَعُ عند الأكْل، وعند دخولِ المَنزِل، والخروجِ منه، وعند الوطءِ، وغير ذلك من المواضِعِ التي تُشرَع فيها التَّسميةُ؛ فيكون الغُسلُ كذلك من الأشياء التي يُسَنُّ أن تُسبق بالتَّسميةِ ((مجلة البحوث الإسلامية)) (56/182- 184). وقال ابن تيميَّة: (ذِكر اسمِ الله مشروعٌ في أوَّل الأفعالِ العادية، كالأكلِ والشُّرب، والنَّوم، ودخولِ المنزل والخلاء، فلَأَنْ يُشرَعَ في أوَّل العِباداتِ أَولى) ((شرح عمدة الفقه- من كتاب الطهارة والحج)) (1/168). . انظر أيضا: المطلب الثَّاني: غَسل اليدين ثلاثًا. المطلب الثَّالث: البَدءُ بإزالة ما على الفرْج مِن أذًى. المطلب الرَّابع: الوُضوءُ . المطلب الخامس: الحثو على الرَّأس ثلاثًا .

يُسَنُّ غَسلُ اليدين ثلاثًا، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((المبسوط)) للسرخسي (1/44)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/34). ، والمالكيَّة ((الكافي)) لابن عبدِ البَرِّ (1/173)، وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (1/312). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/180)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/101). ، والحنابلة ((الفروع)) لابن مفلح (1/266)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/160). . الأدلَّة مِن السُّنَّةِ: 1- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم اغتسل من الجَنابة، فبدأ فغَسلَ كفَّيه ثلاثًا)) رواه مسلم (316). .2- عَنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: حدَّثتني خالتي ميمونةُ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((أَدنيتُ لرسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غُسلَه من الجَنابةِ، فغسَل كفَّيه مرَّتين أو ثلاثًا، ثمَّ أدخل يدَه في الإناءِ، ثمَّ أفرغ به على فرجَه وغَسَلَه بشِمالِه، ثمَّ ضرَبَ بشمالِه الأرضَ فدَلَكها دلكًا شديدًا، ثمَّ توضَّأ وُضوءَه للصَّلاة، ثمَّ أفرغ على رأسِه ثلاثَ حَفَنات مِلءَ كفِّه، ثمَّ غسل سائِرَ جسَدِه، ثمَّ تنحَّى عن مقامِه ذلك، فغسَلَ رِجلَيه، ثمَّ أتيتُه بالمِنديلِ فردَّه)) رواه البخاري (257)، ومسلم (317) واللفظ له. . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: التَّسميةُ. المطلب الثَّالث: البَدءُ بإزالة ما على الفرْج مِن أذًى. المطلب الرَّابع: الوُضوءُ . المطلب الخامس: الحثو على الرَّأس ثلاثًا .

يُسنُّ البَدءُ بـإزالةِ ما على الفرْجِ من أذًى، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((الدر المختار)) للحصكفي (1/156)، وينظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/57). ، والمالكيَّة ((التاج والإكليل)) للمواق (1/314)، وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (1/171). ، والشَّافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (1/88)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/219). ، والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/152)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/184). .الأدلَّة مِن السُّنَّةِ:1- عَنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: حدَّثتني خالتي ميمونةُ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((أَدنيتُ لرسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غُسلَه من الجنابةِ، فغسَل كفَّيه مرَّتين أو ثلاثًا، ثمَّ أدخل يدَه في الإناء، ثمَّ أفرغ به على فرْجِه وغَسَله بشِمالِه، ثمَّ ضرب بشِمالِه الأرضَ، فدَلكها دلْكًا شديدًا، ثمَّ توضَّأ وضوءَه للصَّلاة، ثمَّ أفرغ على رأسِه ثلاثَ حَفَنات مِلءَ كفِّه، ثمَّ غسَل سائِرَ جَسَدِه، ثمَّ تنحَّى عن مَقامِه ذلك، فغسَلَ رِجلَيه، ثم أتيتُه بالمِنديلِ فردَّه)) رواه البخاري (257)، ومسلم (317) واللفظ له. .2- وعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((كان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا اغتسل من الجَنابةِ يبدأُ فيغسِلُ يديه، ثمَّ يُفرِغُ بيمينِه على شِمالِه فيغسِلُ فرْجَه، ثمَّ يتوضَّأ وضوءَه للصَّلاةِ، ثمَّ يأخُذُ الماءَ فيُدخِلُ أصابِعَه في أصولِ الشَّعرِ، حتى إذا رأى أنْ قد استبرَأَ حفَن على رأسِه ثلاثَ حَفَنات، ثمَّ أفاض على سائِرِ جَسَدِه، ثمَّ غسَل رِجلَيه)) رواه البخاري (272)، ومسلم (316) واللفظ له. . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: التَّسميةُ. المطلب الثَّاني: غَسل اليدين ثلاثًا. المطلب الرَّابع: الوُضوءُ . المطلب الخامس: الحثو على الرَّأس ثلاثًا .

يُسنُّ الوُضوءُ في الغُسلِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/52)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/34). ، والمالكيَّة ((حاشية الدسوقي)) (1/136)، وينظر: ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص: 23). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/180)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/73) ، والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/252)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/160). ، واختاره ابنُ حَزمٍ ((المحلى)) لابن حزم (1/275). ، وحُكي فيه الإجماعُ قال ابن عبدِ البَرِّ: (أمَّا السُّنة، فالوضوءُ قبل الاغتسالِ مِن الجَنابة؛ ثبت ذلك عن رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه كذلك كان يفعَلُ، إلَّا أنَّ المُغتسِل من الجَنابة إذا لم يتوضَّأ وعمَّ جميعَ جَسَدِه ورأسه ويديه ورِجلَيه وسائرَ بدنِه بالماء، وأسبغ ذلك وأكمَلَه بالغَسلِ ومرورِ يديه، فقد أدَّى ما عليه إذا قَصَد الغُسلَ ونواه، وتمَّ غُسلُه؛ لأنَّ الله عزَّ وجلَّ إنَّما فرَض على الجُنبِ الغُسلَ دون الوضوءِ، بقوله عزَّ وجلَّ: وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وقوله: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا، وهذا إجماعٌ لا خلافَ فيه بين العلماء، إلَّا أنَّهم مُجمِعونَ أيضًا على استحبابِ الوُضوءِ قبلَ الغُسل للجُنب؛ تأسيًا برسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولأنَّه أعونُ على الغُسلِ وأهذبُ فيه، وأمَّا بعد الغُسلِ فلا). ((التمهيد)) (22/93). وقال النوويُّ: (الوضوء سُنَّة في الغُسل، وليس بشرْطٍ ولا واجب، هذا مذهَبُنا، وبه قال العلماء كافَّةً، إلَّا ما حُكي عن أبي ثور وداود أنَّهما شَرَطاه؛ كذا حكاه أصحابُنا عنهما). ((المجموع)) (2/186). قال ابن بطَّال: (العلماءُ مُجمِعون على استحبابِ الوُضوءِ قبل الغُسل؛ تأسيًا برسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فى ذلك). ((شرح صحيح البخاري)) (1/368، 369). . الأدلَّة مِن السُّنَّةِ:1- عَنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: حدثتني خالتي ميمونة رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((أَدنيتُ لرسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غُسلَه من الجَنابة، فغسَل كفَّيه مرَّتين أو ثلاثًا، ثمَّ أدخل يدَه في الإناءِ، ثمَّ أفرغ به على فرْجِه وغَسَله بشِماله، ثمَّ ضرب بشِمالِه الأرضَ فدَلَكها دلكًا شديدًا، ثمَّ توضَّأ وضوءَه للصَّلاة، ثمَّ أفرَغَ على رأسِه ثلاثَ حفَنات مِلءَ كفِّه، ثمَّ غَسل سائِرَ جَسَدِه، ثمَّ تنحَّى عن مقامِه ذلك، فغَسَل رِجليه ثبَت في البخاري ومسلم تأخيرُ غَسلِ الرِّجلين، وثبَت فيهما عدمُ التأخيرِ، فاختلف الفقهاء في سُنيَّة التأخير، ورجَّح بعضهم السُّنيَّةَ عند الحاجةِ. ينظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/58)، ((حاشية ابن عابدين)) (1/157)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/444)، ((التاج والإكليل)) للمواق (1/314)، ((المجموع)) للنووي (2/182)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (1/225)، ((المغني)) لابن قدامة (1/160)، ((الإنصاف)) للمرداوي (1/185)، ((فتح الباري)) لابن رجب (1/240، 239)، ((فتاوى نور على الدرب)) لابن باز (5/280)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/361)، ((الموقع الرسمي لابن عثيمين- فتاوى نور على الدرب)). ، ثم أتيتُه بالمِنديلِ فردَّه)) رواه البخاري (257)، ومسلم (317) واللفظ له. .2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((كان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا اغتسل من الجَنابة يبدأ فيَغسِلُ يديه، ثمَّ يُفرِغُ بيمينِه على شِمالِه فيَغسِلُ فرْجَه، ثمَّ يتوضَّأُ وضوءَه للصَّلاة، ثمَّ يأخُذُ الماء فيُدخل أصابعَه في أصولِ الشَّعْرِ، حتى إذا رأى أنْ قد استبرَأَ، حفَن على رأسِه ثلاثَ حَفَنات، ثم أفاض على سائِرِ جَسَدِه، ثمَّ غسَل رِجلَيه)) رواه البخاري (272)، ومسلم (316) واللفظ له. .فرعٌ: ارتفاعُ الحَدَثِ الأصغر بالغُسلِ مِن الحَدَث الأكبرِ مَن اغتسَلَ للحدَث الأكبَرِ، فإنَّه يرتفِعُ بذلك حدَثُه الأصغَرُ، ولو لم يتوضَّأ، أو لم يَنوِ ارتفاعَ الحدَثِ الأصغر، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحنفيَّة ((المبسوط)) للسرخسي (1/45)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/24). والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/465)، ((حاشية الدسوقي)) (1/140). والشَّافعيَّة على الأصحِّ ((المجموع)) للنووي (2/193). ، واختاره ابنُ تيميَّة قال ابن تيميَّة: (المغتسِلُ من الجَنابة ليس عليه نيَّةُ رفْع الحدَثِ الأصغر، كما قال جمهورُ العلماء). ((مجموع فتاوى ابن تيميَّة)) (21/396) ، وابن عثيمين قال ابن عثيمين: (اختار شيخُ الإسلام: أنَّه يرتفِعُ الحدَثان جميعًا، واستدلَّ بقولِه تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا **المائدة: 6**، فإذا تطهَّر بنيَّةِ الحدَث الأكبر، فإنَّه يجزِئُه؛ لأنَّ الله لم يذكر شيئًا سوى ذلك، وهذا هو الصَّحيحُ) ((الشرح الممتع)) (1/367). ، وحُكي فيه الإجماع قال ابن عبدِ البَرِّ: (فإنْ لم يتوضَّأ المغتَسِلُ للجَنابةِ قبل الغُسل، ولكنَّه عمَّ جسدَه ورأسَه ويَديه وجميعَ بدَنِه بالغَسلِ بالماء، وأسبَغَ ذلك، فقد أدَّى ما عليه إذا قصَدَ الغُسل ونواه؛ لأنَّ الله تعالى إنَّما افتَرَض على الجنُبِ الغُسلَ دون الوضوءِ، بقوله: وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا، وقوله: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا، وهذا إجماعٌ مِن العُلَماءِ لا خلافَ بينهم فيه، والحمدُ لله). ((الاستذكار)) (1/260). وقال ابن العربي: (لم يختلف أحدٌ من العلماءِ في أنَّ الوضوءَ داخلٌ في الغُسلِ، وأنَّ نيَّةَ طَهارةِ الجنابة يأتي على طَهارةِ الحدَثِ، ويقضي عليها، ويُطَهِّر البدَنَ بالغُسلِ مِن الجنابة طهارةً عامَّةً؛ وذلك لأنَّ موانِعَ الجنابة أكثَرُ منِ موانع البَولِ، فدخل الأقلُّ في نيَّة الأكثَرِ، وأجزأت نيَّةُ الأكثر عنه) ((عارضة الأحوذي)) (1/162). قال ابن بطال: (أجمَعَ العُلَماءُ على أنَّ الوضوءَ ليس بواجِبٍ في غُسلِ الجنابةِ) ((شرح صحيح البخارى)) (1/387). . الأدلَّة من الكتاب:1- قولُ الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا [النساء: 43].2- قولُه تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا [المائدة: 6].وجهُ الدَّلالة: أنَّ الله تعالى أمَر بالاغتسالِ مِن غير وُضوءٍ، فمَن شرَطَ في صحَّتِه وضوءًا، فقد زاد في الآيةِ ما ليس فيها، وذلك غيرُ جائزٍ ((أحكام القرآن)) للجصاص (3/375). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: التَّسميةُ. المطلب الثَّاني: غَسل اليدين ثلاثًا. المطلب الثَّالث: البَدءُ بإزالة ما على الفرْج مِن أذًى. المطلب الخامس: الحثو على الرَّأس ثلاثًا .

يُستحبُّ أن يحثُوَ على رأسِه ثلاثًا في الغُسلِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((تبيين الحقائق وحاشية الشلبي)) (1/14)، ((العناية شرح الهداية)) (1/58). ، والمالكيَّة ((الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي)) (1/137)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (1/406). ، والشَّافعيَّة ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/220)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (1/227). ، والحنابلة ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (1/213)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/152). ، واختاره ابنُ حَزمٍ قال ابن حزم: (يُفيضُ الماءَ على رأسِه ثلاثًا بِيَده). ((المحلى)) (1/275). .الأدلَّة مِن السُّنَّةِ:1- عن ميمونةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((أدنيتُ لرسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غُسلَه من الجَنابة، فغسَلَ كفَّيه مرَّتين أو ثلاثًا، ثمَّ أدخَلَ يدَه في الإناءِ، ثمَّ أفرغ على فرْجِه وغَسَله بشِمالِه، ثمَّ ضرب بشِمالِه الأرض فدلَكها دلكًا شديدًا، ثمَّ توضَّأ وضوءَه للصَّلاة، ثم َّأفرغ على رأسِه ثلاثَ حَفَنات مِلءَ كفِّه، ثمَّ غَسلَ سائِرَ جَسدِه)) رواه البخاري (259)، ومسلم (317) واللفظ له. .2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها في صِفة غُسل النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ثمَّ يأخُذُ الماء فيُدخِلُ أصابعَه في أصول الشَّعرِ حتَّى إذا رأى أنْ قدِ استبرَأَ حفَن على رأسِه ثَلاثَ حَفَناتٍ)) رواه البخاري (272)، ومسلم (316) واللفظ له. .3- عن جُبير بن مُطعِم رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أمَّا أنا فأُفِيضُ على رأسي ثلاثًا، وأشارَ بيديه كِلتَيهما)) رواه البخاري (254) واللفظ له، ومسلم (327). .4- عن جابرِ بنِ عبد الله رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُفرِغُ على رأسِه ثلاثًا)) رواه البخاري (255) واللفظ له، ومسلم (329). .فرعٌ: تثليث إفاضةِ الماءِ على سائِرِ الجَسَدِ لا يُستحبُّ التَّثليثُ في إفاضةِ الماءِ على سائرِ الجَسد عدَا الرَّأس وممَّا ينبغي للمُغتسل مراعاتُه: الاقتصادُ في ماء الغُسلِ. وقد نقَل بعضُ أهلِ العِلم الإجماعَ على النَّهي عن الإسرافِ في الماء؛ قال النووي: (أجمَعَ العُلَماءُ على النَّهيِ عن الإسرافِ في الماء، ولو كان على شاطئِ البَحر). ((شرح النووي على مسلم)) (4/2). ؛ وهو المشهورُ مِن مذهب المالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/330)، ((الشرح الكبير)) للدردير (1/306-307). ، وروايةٌ عن أحمد ((الإنصاف)) للماوردي (1/185)، وينظر: ((فتح الباري)) لابن رجب (1/267). ، واختاره الخِرقيُّ ((فتح الباري)) لابن رجب (1/267). ، وابنُ تيميَّة قال ابن تيميَّة: (إنَّ مَن نقل غُسلَ النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، كعائشةَ وميمونةَ، لم ينقُل أنَّه غسَل بدَنَه كلَّه ثلاثًا، بل ذكَر أنَّه بعد الوُضوءِ وتخليلِ أصولِ الشَّعرِ حثَا حَثيةً على شِقِّ رأسِه، وأنَّه أفاضَ الماءَ بعد ذلك على سائِرِ بدنه). ((مجموع فتاوى ابن تيميَّة)) (20/369-370). ، والزَّركشيُّ قال الزَّركشيُّ: (هو ظاهر الأحاديث). ((الإنصاف)) للمرداوي (1/185). ، وابنُ رجب قال ابن رجب: (ظاهر هذه الأحاديث يدلُّ على أنَّ النَّبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم اكتفى بإفاضةِ الماء على جسَدِه من غير ذلك). ((فتح الباري)) (1/268). ، والسَّعديُّ قال السعديُّ: (لهذا شُرع في هذا النَّوع: العددُ، والتَّثليثُ في الوضوء وفي الغُسلِِ كلِّه؛ على المذهب، وعلى الصَّحيح: لا يُشرَعُ إلَّا تثليثُ إفاضةِ الماء على الرَّأس). ((إرشاد أولي البصائر والألباب لنيل الفقه بأيسر الطرق والأسباب)) (ص: 17). وابنُ باز قال ابن باز: (لا يعمُّ بدَنَه غَسلًا، ثلاثًا؛ لا دليلَ عليه، وخلافُ ظاهِرِ النُّصوص). ((اختيارات الشيخ ابن باز الفقهية وآراؤه في قضايا معاصرة- منقول من شرح الروض المربع)) لخالد آل حامد (1/248). .الأدلَّة مِن السُّنَّةِ:1- عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يتوضَّأ بالمُدِّ، ويَغتسِلُ بالصَّاعِ إلى خمسةِ أمدادٍ)) رواه البخاري (201)، ومسلم (325) واللفظ له. . وجه الدَّلالة: أنَّه لو كانت السُّنة في الغُسلِ غَسْلَ البدنِ ثلاثَ مرَّات؛ لمَا كفَى في ذلك الصَّاعُ ((مجموع الفتاوى)) لابن تيميَّة (20/370). .2- عن ميمونةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((وضعتُ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ماءً للغُسلِ، فغَسَل يديه مرَّتين- أو ثلاثًا- ثمَّ أفرغَ على شِماله فغسَلَ مذاكيرَه، ثم مسَحَ يدَه بالأرضِ، ثمَّ مضمَضَ واستنشَقَ وغسَلَ وجهَه ويديه، ثمَّ أفاض على جسدِه، ثمَّ تحوَّل مِن مكانِه، فغسَلَ قَدَميه)) رواه البخاري (257) واللفظ له، ومسلم (317). .وجه الدَّلالة: أنَّ ميمونةَ رَضِيَ اللهُ عنها روت صِفةَ غُسل النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولم تذكُرْ في غَسلِ شيءٍ من أعضائِه عددًا؛ إلَّا في غَسلِ يديه في ابتداءِ الغُسلِ- مع شكِّ الرَّاوي: هل كانَ غَسَلَهما مرَّتين أو ثلاثًا؟- وأطلَقَت الغَسلَ في الباقي ((فنح الباري)) لابن رجب (1/264). .3- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان إذا اغتسل من الجَنابة بدأ فغَسلَ يديه، ثمَّ يتوضَّأ كما يتوضَّأ للصَّلاةِ، ثمَّ يُدخِلُ أصابعَه في الماء، فيُخلِّل بها أصولَ شَعْره، ثمَّ يصبُّ على رأسِه ثلاثَ غُرَفٍ بيدَيه، ثمَّ يُفيض الماءَ على جِلدِه كلِّه)) رواه البخاري (248) واللفظ له، ومسلم (316). .وجه الدَّلالة: أنَّ عائشة رَضِيَ اللهُ عنها ذكرَت أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، كان يصبُّ على رأسِه ثلاثَ حَثَياتٍ، ولم تذكُر في غَسل شيءٍ من أعضائِه الأخرى عَددًا. انظر أيضا: المطلب الأوَّل: التَّسميةُ. المطلب الثَّاني: غَسل اليدين ثلاثًا. المطلب الثَّالث: البَدءُ بإزالة ما على الفرْج مِن أذًى. المطلب الرَّابع: الوُضوءُ .

يُسنُّ في الغُسل تخليلُ الشَّعرِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((حاشية ابن عابدين)) (1/156)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/34)، ((شرح فتح القدير)) للكمال بن الهمام (1/59). ، والمالكيَّة ((الكافي)) لابن عبدِ البَرِّ (1/173)، وينظر: ((القوانين الفقهية)) (ص23). والشَّافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (1/89)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/221). ، والحنابلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/152)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/160)، ((الشرح الكبير)) شمس الدين ابن قدامة (1/213). ، واختاره ابنُ حَزمٍ قال ابن حزم: (أمَّا غُسل الجَنابة فيُختار دون أنْ يجب ذلك فرضًا أن.... يُخلِّل أصول شعره، حتى يوقنَ أنَّه قد بلَّ الجِلد). ((المحلى)) (1/275). .الدَّليل مِن السُّنَّةِ:عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان إذا اغتَسل من الجَنابة بدأ فغَسل يديه، ثمَّ يتوضَّأ كما يتوضَّأ للصَّلاة، ثم يُدخِلُ أصابَعه في الماء، فيُخلِّلُ بها أصولَ شَعْرِه قال ابن رجب: (هذه سُنَّة عظيمة من سُنن غَسل الجنابة، ثابتة عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم ينتبه لها أكثرُ الفقهاء، مع توسُّعهم للقول في سُنن الغُسلِ وأدائه) ((فتح الباري)) (1/313). ، ثمَّ يصبُّ على رأسه ثلاثَ غُرَف بيديه، ثمَّ يُفيضُ الماءَ على جِلدِه كلِّه)) رواه البخاري (248) واللفظ له، ومسلم (316). .فرع: حكمُ نَقضِ الضَّفائِرِ في غُسلِ الجنابة أو الحَيضِالمسألة الأولى: حكمُ نَقضِ الضَّفائِرِ في غُسلِ  الجنابة  لا يجِبُ على المرأةِ نَقض ضفائِرِها في غُسلِ الجنابةِ، وذلك باتفاق المذاهب الفقية الأربعة: الحنفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/14 )، ((مراقي الفلاح)) للشرنبلالي (ص: 45)، وينظر: ((فتح القدير)) للكمال بن الهمام (1/58). ، والمالكيَّة ((حاشية الدسوقي)) (1/134)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/212)، وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (1/313). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/187،186)، وينظر: ((الأم)) للشافعي (1/56)، ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/225). ، والحنابلة ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/86)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/154)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/166). .الأدلَّة مِن السُّنَّةِ:1- عن أمِّ سَلمةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: قلت: ((يا رسولَ الله، إنِّي امرأةٌ أشدُّ ضَفْرَ رأسي فأنقضُه لغُسلِ الجَنابةِ؟ قال: لا، إنَّما يكفيك أن تَحثِي على رأسِك ثلاثَ حَثَيات، ثمَّ تُفيضين عليك الماءَ فتَطهُرينَ)) رواه مسلم (330). .2-عن عُبيد بن عُمير قال: ((بلَغ عائشةَ أنَّ عبدَ اللهِ بنَ عَمرٍو يأمُر النِّساءَ إذا اغتسلْنَ أن ينقضُنَ رؤوسهنَّ! فقالت: يا عجبًا لابن عمرٍو هذا! يأمُرُ النِّساءَ إذا اغتسلْنَ أن ينقُضنَ رؤوسَهنَّ، أفلا يأمُرُهنَّ أن يحلقْنَ رؤوسهنَّ! لقد كنتُ أغتسِلُ أنا ورسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من إناءٍ واحدٍ، ولا أَزيد على أن أُفرِغَ على رأسي ثلاثَ إفراغاتٍ)) رواه مسلم (331). . المسألة الثانية: حكمُ نَقضِ الضَّفائِرِ في غُسلِ الحَيضِ لا يجِبُ على المرأةِ نَقضَ ضفائِرِها في غُسلِ الحَيضِ؛ وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحنفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/14 )، ((مراقي الفلاح)) للشرنبلالي (ص: 45)، وينظر: ((فتح القدير)) للكمال بن الهمام (1/58). ، والمالكيَّة ((حاشية الدسوقي)) (1/134)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/212)، وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (1/313). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/186)، وينظر: ((الأم)) للشافعي (1/56)، ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/225). .الأدلَّة مِن السُّنَّةِ:1- عن عُبيد بن عُمير قال: ((بلَغ عائشةَ أنَّ عبدَ اللهِ بنَ عَمرٍو يأمُر النِّساءَ إذا اغتسلْنَ أن ينقضُنَ رؤوسهنَّ! فقالت: يا عجبًا لابن عمرٍو هذا! يأمُرُ النِّساءَ إذا اغتسلْنَ أن ينقُضنَ رؤوسَهنَّ، أفلا يأمُرُهنَّ أن يحلقْنَ رؤوسهنَّ! لقد كنتُ أغتسِلُ أنا ورسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من إناءٍ واحدٍ، ولا أَزيد على أن أُفرِغَ على رأسي ثلاثَ إفراغاتٍ)) رواه مسلم (331). .2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ أسماءَ بنت شَكَل سألت النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن غُسلِ المحيضِ؟ فقال: ((تأخُذ إحداكنَّ ماءَها وسِدرَتَها، فتَطَهَّرُ فتُحسِنُ الطُّهورَ، ثمَّ تصبُّ على رأسِها فتَدلُكُه دلكًا شديدًا، حتى تبلغَ شؤونَ رأسِها، ثمَّ تصبُّ عليها الماءَ، ثمَّ تأخُذ فِرْصةً مُمسَّكةً فتطَهَّرُ بها. فقالت أسماء: وكيف تطهَّر بها؟ فقال: سبحانَ الله! تطَهَّرينَ بها، فقالت عائشة: كأنَّها تُخِفي ذلك: تَتَّبَعينَ أثَرَ الدَّمِ، وسألَتْه عن غُسلِ الجنابة، فقال: تأخُذُ ماءً فتطَهَّرُ فتُحسِنُ الطُّهورَ- أو تبلُغ الطُّهورَ- ثم تصبُّ على رأسهِا فتَدلُكُه حتى تبلُغَ شؤونَ رأسها، ثمَّ تُفيضُ عليها الماءَ)) رواه البخاري (314)، ومسلم (332) واللفظ له. .وجه الدَّلالة: أنَّه لو كان النَّقضُ واجبًا لذَكَرَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لأنَّ الموضِعَ موضعُ بيانٍ ((نيل الأوطار)) للشوكاني (2/19). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: التَّسميةُ. المطلب الثَّاني: غَسل اليدين ثلاثًا. المطلب الثَّالث: البَدءُ بإزالة ما على الفرْج مِن أذًى. المطلب الرَّابع: الوُضوءُ .

يُستحبُّ التيامُن في الغُسلِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((الهداية)) للمرغيناني (1/13)، وينظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/58). والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/460)، وينظر: ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (1/410). والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/198)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/220). والحنابلة ((الفروع)) لابن مفلح (1/266)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/160). .الدليل مِن السُّنَّةِ:عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا اغتسل من الجَنابة دعَا بشيءٍ نحو الحِلابِ الحِلَاب- بكسرِ الحاء، وتخفيفِ اللام- قال الخطَّابي: (الحِلابُ: إناءٌ يَسَعُ قدْرَ حَلْبةِ ناقةٍ) ((معالم السنن)) (1/80). وقال ابن الجوزي: (الحِلابُ والمِحْلَب: الإناءُ الذي تُحلَبُ فيه ذواتُ الألبانِ، وهو يَسَعُ قدْرَ حَلبةِ ناقةٍ) ((كشف المشكل من حديث الصحيحين)) (4/260). ، فأخَذ بكفِّه، فبدأ بشقِّ رأسِه الأيمَنِ، ثمَّ الأيسَرِ، فقال بهما على رأسِه)) رواه البخاري (258) واللفظ له، ومسلم (318). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: التَّسميةُ. المطلب الثَّاني: غَسل اليدين ثلاثًا. المطلب الثَّالث: البَدءُ بإزالة ما على الفرْج مِن أذًى. المطلب الرَّابع: الوُضوءُ .

التَّرتيب بين الأعضاءِ، غيرُ واجبٍ في الغُسل، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفية ((المبسوط)) للسرخسي (1/99)، ((حاشية ابن عابدين)) (1/156). ، والمالكيَّة ((الشرح الكبير)) للدردير وحاشية الدسوقي)) (1/136)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/219)، وينظر: ((شرح التلقين)) للمازري (1/203)، ((الذخيرة)) للقرافي (1/283) ، والشافعية ((المجموع)) للنووي (2/197)، وينظر: ((البيان في مذهب الإمام الشافعي)) للعمراني (1/259). ، والحنابلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/153)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/162). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك قال ابن عبدِ البَرِّ: (أجمعوا أنَّ غَسلَ الأعضاءِ كلِّها مأمورٌ في غُسلِ الجَنابة، ولا ترتيبَ في ذلك عند الجميعِ) ((التمهيد)) (2/81). وقال القرطبيُّ: (... احتجَّ مَن أجاز ذلك بالإجماعِ على أنْ لا ترتيبَ في غَسلِ أعضاءِ الجَنابة) ((تفسير القرطبي)) (6/99). وقال ابن تيميَّة: (أمَّا في الغُسلِ: فالبدَنُ كعُضوٍ واحدٍ، والعضوُ الواحِدُ لا ترتيبَ فيه بالاتِّفاق) ((مجموع الفتاوى)) (21/418). لكن هناك رواية عند الحنابلة بوجوبِ البَداءة بالمضمضةِ والاستنشاق؛ وعليها: يجِبُ التَّرتيبُ بينها وبين بقيَّةِ البَدَنِ. انظر: ((الإنصاف)) للمرداوي (1/188). . الأدلَّة:أوَّلًا: من الكتابقولُ الله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا [المائدة: 6].وجه الدَّلالة: أنَّ الله تعالى إنَّما أمَرَ بتطهيرِ البدَنِ بالماء، وبه يحصُلُ امتثالُ الأمر، والتَّرتيبُ أمرٌ زائدٌ لا يلزَمُ إلَّا بدليلٍ خاصٍّ. ثانيًا: مِن السُّنَّةِ1- عن أمِّ سَلمةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: قلتُ: يا رسولَ الله، إنِّي امرأةٌ أشدُّ ضَفْرَ رأسي فأنقضُه لغُسلِ الجنابة؟ قال: ((لا، إنَّما يكفيكِ أن تَحثِي على رأسِكِ ثلاثَ حَثَياتٍ، ثمَّ تُفيضينَ عليك الماءَ فتطهُرينَ)) رواه مسلم (330). .2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ أسماءَ بنت شَكَل سألت النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن غُسلِ المحيضِ؟ فقال: ((تأخُذُ إحداكنَّ ماءَها وسِدرَتَها، فتطَهَّرُ فتُحسِنُ الطُّهورَ، ثمَّ تصبُّ على رأسِها فتدلُكُه دلكًا شديدًا، حتى تبلغَ شؤونَ رأسِها، ثمَّ تصبُّ عليها الماءَ، ثمَّ تأخُذ فِرْصةً مُمسَّكةً فتطَهَّرُ بها. فقالت أسماء: وكيف تطهَّرُ بها؟ فقال: سبحانَ الله! تطهَّرينَ بها، فقالت عائشةُ: كأنَّها تُخفي ذلك: تَتَّبَعينَ أثَرَ الدَّمِ، وسألَتْه عن غُسلِ الجنابةِ، فقال: تأخُذُ ماءً فتطَهَّرُ فتُحسِنُ الطُّهورَ- أو تبلُغ الطُّهورَ- ثم تصبُّ على رأسِها فتدلُكُه حتى تبلُغَ شؤونَ رأسِها، ثمَّ تُفيضُ عليها الماءَ)) رواه البخاري (314)، ومسلم (332) واللفظ له. .وجه الدَّلالة: أنَّ الحديثينِ يدلَّان على أنَّ المطلوبَ لتحقيقِ الغُسل، هو إفاضةُ الماء، وبه يحصُل امتثالُ الأمرِ. ثالثًا: أنَّ البَدنَ في الغُسلِ كالعُضوِ الواحد، فلو جرَى الماءُ مِن موضِعٍ منه إلى غيرِه، أجزَأَه قال ابن تيميَّة: (البدن في الغُسلِ كالعُضوِ الواحد؛ لا يجِبُ فيه ترتيبٌ). ((مجموع فتاوى ابن تيميَّة)) (21/166). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: التَّسميةُ. المطلب الثَّاني: غَسل اليدين ثلاثًا. المطلب الثَّالث: البَدءُ بإزالة ما على الفرْج مِن أذًى. المطلب الرَّابع: الوُضوءُ .

اختلف أهلُ العِلمِ في حكمِ الموالاةِ في الغُسلِ، على قولين:القول الأوّل: لا تجِبُ الموالاةُ في الغُسلِ قال ابن حزم: (ومَن فَرَّق وضوءَه أو غُسلَه، أجزأه ذلك، وإن طالت المدةُ في خلال ذلك أو قَصُرَت، ما لم يُحدِث في خلالِ وُضوئِه ما ينقُضُ الوضوءَ، وما لم يُحدِث في خلالِ غُسلِه ما ينقُضُ الغُسل) ((المحلى)) (1/312). وقال ابن تيمية: (الموالاةُ في غُسلِ الجنابة لا تجِبُ؛ للحديثِ الذي فيه: أنَّه رأى في بَدَنِه موضعًا لم يُصِبْه الماءُ فعصَرَ عليه شَعْرَه) ((مجموع الفتاوى)) (21/418). وقال ابنُ باز: (لا يجِبُ الترتيب، ولا الموالاةُ في الغسل) ((شرح الرَّوضِ المُرْبِع، كتاب الطهارة- منقول من اختيارات الشيخ ابن باز الفقهية لخالد آل حامد)) (1/225). وقال أيضًا: (الغسلُ لا يجِبُ فيه الترتيبُ ولا الموالاة، فإذا ذَكَر يُمضمِضُ ويستنشِقُ بنيَّةِ الجنابة) ((شرح الموطأ، كتاب الطهارة- منقول من اختيارات الشيخ ابن باز الفقهية لخالد آل حامد)) (1/225-226). ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: جمهورُ الفُقَهاءِ يَرَون الموالاةَ في الغُسلِ، سُنَّةً. ، الحنفيَّة ((حاشية ابن عابدين)) (1/123)، ((الفتاوى الهندية)) (1/8). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/184)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/75). ، والحنابلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/153)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/162). .الأدلة:أولًا: من الكتابقول الله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا [المائدة: 6].وجهُ الدلالة:أنَّ الله عزَّ وجَلَّ أمَرَ بالتطهُّرِ مِن الجنابةِ، ولم يشتَرِطْ عَزَّ وجل في ذلك متابعةً، فكيفما أتى به المرءُ أجزأه؛ لأنَّه قد وقع عليه الإخبارُ بأنَّه تطَهَّرَ ((المحلى)) لابن حزم (1/312). .ثانيًا: مِن السُّنَّةِعن ميمونةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّها قالت في وَصْفِ غُسلِ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((توضَّأَ، ثم غسَلَ رأسَه ثلاثًا، ثمَّ أفرغ على جَسَدِه، ثم تنحَّى من مَقامِه، فغسَلَ قَدَميه)) رواه البخاري (265) واللفظ له، ومسلم (317) .وجه الدلالة: أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جعل بين وُضوئِه وغُسلِه وبين تمامِهما، مهلةَ خروجِه من مُغتَسَلِه لغَسْلِ رِجْليه ((المحلى)) لابن حزم (1/312). .ثالثًا: من الآثارعن إبراهيم النخعي: (كان أحدُهم يغسِلُ رأسَه مِن الجنابةِ بالسِّدْرِ السِّدْر: شَجَرُ النَّبْقِ، وإذا أطلِقَ السِّدرُ في الغُسلِ، فالمرادُ الوَرَقُ المَطحونُ. ((المصباح المنير)) للفيومي (1/271). ، ثم يمكُثُ ساعةً، ثم يغسِلُ سائِرَ جَسَدِه) رواه عبدالرزاق في ((المصنف)) (1010)، وأورده ابن حزم في ((المحلى)) (2/69). .وجه الدلالة:أنَّ إبراهيمَ تابعيٌّ أدرك صغارَ الصَّحابة رَضِيَ اللهُ عنهم، وأدرك أكابِرَ التَّابعين من أصحابِ ابنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، وقد حكاه عمَّنَ أدرَكَهم ((المحلى)) لابن حزم (1/312). .رابعًا: أنَّ تفريقَ الغُسلِ يُحتاجُ إليه أحيانا؛ وقد ينسى فيه موضِعَ لُمعةٍ أو لُمعتينِ أو باطِن شَعرِه، وفي إعادَتِه مشقةٌ عظيمة ((المحلى)) لابن حزم (1/312)، ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (21/166). .القول الثاني: تجِبُ الموالاةُ في الغُسلِ، وهذا مَذهَبُ المالكيَّة ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (1/133)، وينظر: ((المدونة الكبرى)) لسحنون (1/28). ، ووجهٌ للشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (1/453). ، وروايةٌ عند الحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/188). ، واختاره ابنُ عثيمين قال ابنُ عُثيمين: (كَونُ الموالاةِ شرطًا، أصحُّ؛ لأنَّ الغُسلَ عبادةٌ واحدة، فلزم أن ينبني بعضُه على بعضٍ بالموالاة، لكن لو فرَّقه لعُذر؛ لانقضاءِ الماءِ في أثناء الغُسلِ مثلًا، ثم حصَّلَه بعد ذلك، لم تلزَمْه إعادةُ ما غَسَله أوَّلًا، بل يُكمِل الباقيَ، وهذا- أعني كونَ الموالاةِ شَرطًا- أصحُّ). ((الشرح الممتع)) (1/365). .وذلك للآتي:أوَّلًا: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يغتسلْ إلَّا متواليًا، ولو كان التَّفريقُ جائزًا لفَعَلَه، ولو مرَّةً. ثانيًا: أنَّ الغُسلَ عبادةٌ واحدةٌ؛ فلزِمَ أن ينبنيَ بعضُه على بعضٍ بالموالاةِ ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/365). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: التَّسميةُ. المطلب الثَّاني: غَسل اليدين ثلاثًا. المطلب الثَّالث: البَدءُ بإزالة ما على الفرْج مِن أذًى. المطلب الرَّابع: الوُضوءُ .