من فرائِضِ الغُسلِ النيَّة، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: المالكيَّة ((حاشية الدسوقي)) (1/85)، وينظر: ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص: 19). والشَّافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (1/48)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/47). والحنابلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/85)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/162). .الأدلَّة:أولًا: مِن السُّنَّةِعن عُمر رَضِيَ اللهُ عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول: ((إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّات، وإنَّما لكلِّ امرئٍ ما نوى...)) رواه البخاري (1) واللفظ له، ومسلم (1907). .وجه الدَّلالة: أنَّ الحديثَ يدلُّ على أنَّ حُكمَ العَملِ لا يثبُتُ إلَّا بالنيَّة ((المجموع)) للنووي (1/313). .ثانيًا: أنَّ الغُسلَ عبادةٌ مفروضةٌ، والمفروضات لا تُؤدَّى إلَّا بقَصدِ أدائها، ولا يُسمَّى الفاعِلُ على الحقيقةِ فاعلًا إلَّا بقَصدٍ منه إلى الفِعلِ، ومُحالٌ أن يتأدَّى عن المَرءِ ما لم يقصِدْ إلى أدائِه وينويه بفِعلِه ((التمهيد)) لابن عبدِ البَرِّ (22/101)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/197). . انظر أيضا: المطلب الثَّاني: إيصال الماء إلى جميع البدن. المطلب الثالث: المضمضةُ والاستنشاقُ . المطلب الرابع: سَتر العورة عن أعيُن النَّاس.

إيصالُ الماءِ إلى جميعِ البَدَنِ فرضٌ من فرائضِ الغُسل ((المبسوط)) للسرخسي (1/45)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/34)، ((الذخيرة)) للقرافي (1/308)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (1/405)، ((الأم)) للشافعي (1/50)، ((المجموع)) للنووي (2/184)، ((المغني)) لابن قدامة (1/162)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين بن قدامة (1/217)، ((سبل السلام)) للصنعاني (1/93)، ((نيل الأوطار)) للشوكاني (2/252)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/360). .الأدلَّة:أوَّلًا: من الكتاب1- قول الله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا [المائدة: 6].2- قوله تعالى: وَلا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا [النساء: 43].وجه الدَّلالة: أنَّ عمومَ الأمرِ بالطَّهارةِ وبالغُسلِ ظاهرٌ في تعميمِ الماءِ جَميعَ البدَنِ ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/34)، ((المبدع)) لابن مفلح (1/153)، ((العدة شرح العمدة)) لبهاء الدين المقدسي (ص: 46). .ثانيًا: مِن السُّنَّةِ1- سُئل جابرٌ رَضِيَ اللهُ عنه: كيف الغُسلُ مِن الجَنابة؟ فقال: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يأخُذ ثلاثةَ أكُفٍّ ويُفيضُها على رأسِه، ثم يُفيضُ على سائِرِ جَسَدِه)) رواه البخاري (256)، واللفظ له، ومسلم (329). .2- عن ميمونةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((وضَع رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وَضوءًا لجنابةٍ، فأكفأَ بيمينِه على شِمالِه مرَّتين أو ثلاثًا، ثمَّ غسَلَ فرْجَه، ثمَّ ضرَب يَدَه بالأرضِ أو الحائِطِ مرَّتين- أو ثلاثًا- ثمَّ مضمَضَ واستنشَقَ، وغسَل وجهَه وذِراعيه، ثمَّ أفاض على رأسِه الماءَ، ثمَّ غسَل جَسَده، ثم تنحَّى فغَسَل رِجلَيه. قالت: فأتيتُه بخِرقةٍ، فلم يُرِدْها، فجعل ينفُضُ بِيَدِه)) رواه البخاري (274)، واللفظ له، ومسلم (317). .3- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((كان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا اغتسَلَ مِن الجنابة غَسَلَ يدَيه، وتوضَّأ وُضوءَه للصَّلاةِ، ثمَّ اغتسَلَ، ثمَّ يُخلِّلُ بيَدِه شَعْرَه، حتَّى إذا ظنَّ أنْ قد أَروى بَشَرتَه، أفاض عليه الماءَ ثلاثَ مرَّاتٍ، ثمَّ غسَل سائِرَ جَسَدِه)) رواه البخاري (272)، ومسلم (316) واللفظ له. .ثالثًا: من الإجماعنقَل الإجماعَ على ذلك: ابن جُزَيٍّ قال ابن جزي: (في فرائضه- يعني الغُسلَ- وهي خمسةٌ: ... وتعميمُ البَدَنِ بالماءِ، إجماعًا) ((القوانين الفقهية)) (1/22). ، والعينيُّ قال العينيُّ: (أمَّا الفَرضُ منه، فغَسلُ سائِرِ البَدَنِ بالإجماع) ((عمدة القاري)) (3/201). ، والصنعاني   قال الصنعانيُّ: (والحديثُ دليلٌ على أنَّه يجِبُ غَسلُ جميعِ البَدَن في الجنابة، ولا يُعفَى عن شيءٍ منه، قيل: وهو إجماعٌ). ((سبل السلام)) (1/93). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: النيَّة . المطلب الثالث: المضمضةُ والاستنشاقُ . المطلب الرابع: سَتر العورة عن أعيُن النَّاس.

من فرائِضِ الغُسلِ: المضمضةُ والاستنشاقُ، وهذا مَذهَبُ الحنفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/13)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/34)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/25، 56). ، والحنابلة ((الفروع)) لابن مفلح (1/174)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/154). ، واختاره ابنُ تيميَّة قال ابن تيميَّة: (المضمضة والاستنشاق واجبانِ في الطَّهارتين الصُّغرى والكبرى في ظاهِرِ المذهَبِ)، ثم ذكر بقيَّة الأقوالِ في المذهَبِ، وقال بعدها: (والصَّحيحُ الأوَّلُ- يعني الوجوبَ). ((شرح عمدة الفقه لابن تيميَّة- من كتاب الطهارة والحج)) (1/177، 178). ، وابنُ باز قال ابن باز: (المضمضة والاستنشاق واجبتانِ في الغُسل من الجَنابة، والغُسلِ مِن الحيض، وفي الوضوءِ الشرعيِّ). ((فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر)) (5/288، 289). ، وابنُ عثيمين قال ابن عثيمين: (لا يصحُّ الغُسلُ بدونِ المضمضةِ والاستنشاق... فإذا كانَا داخلينِ في غَسلِ الوَجهِ- والوجهُ ممَّا يجِبُ تطهيرُه وغَسلُه في الطَّهارة الكبرى- كان واجبًا على مَن اغتسَلَ مِن الجَنابةِ أن يتمضمَضَ ويستنشِقَ). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (11/229). .الأدلَّة:أوَّلًا: من الكتابعُمومُ قَولِ الله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا [المائدة: 6].وجه الدَّلالة: أنَّ المعنى طهِّروا أبدانَكم؛ واسمُ البَدَنِ يقَعُ على الظَّاهِرِ والباطِنِ، فيجبُ تطهيرُ ما يمكِنُ تطهيرُه منه بلا حرجٍ، وإيصالُ الماءِ إلى داخِلِ الفَمِ والأنفِ مُمكِنٌ بلا حرَج ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/34). .ثانيًا: مِن السُّنَّةِعن ميمونةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((وَضعتُ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ماءً للغُسل، فغسل يديه مرَّتين- أو ثلاثًا- ثمَّ أفرَغَ على شِمالِه فغَسَل مذاكيرَه، ثم مسحَ يدَه بالأرض، ثم مضمَضَ واستنشَقَ، وغسَل وجهَه ويدَيه، ثمَّ أفاض على جسَدِه، ثمَّ تحوَّلَ مِن مكانِه، فغسَلَ قَدَميه)) رواه البخاري (257) واللفظ له، ومسلم (317). .وجه الدَّلالة: أنَّ غُسلَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقَع بيانًا لمُجَمل الكتاب، وقد تمضمَضَ فيه واستنشَقَ، فدلَّ على لُزومِه ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/45). .ثالثًا: أنَّ المضمضةَ والاستنشاقَ داخلانِ في غَسلِ الوَجهِ، والوجهُ ممَّا يجِبُ غَسله في الطَّهارةِ الكبرى؛ ولذا وجبَ على مَن اغتسل الغُسلَ الواجبَ أن يتمضمَضَ ويستنشِقَ ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (11/229). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: النيَّة . المطلب الثَّاني: إيصال الماء إلى جميع البدن. المطلب الرابع: سَتر العورة عن أعيُن النَّاس.

يجبُ سَتْرُ العورةِ عن أعيُنِ النَّاس، لا سيَّما عند الاغتسالِ؛ لأنَّه مظِنَّة كَشْفِها.الأدلَّة:أولًا: مِن السُّنَّةِ1- عن معاويةَ بن أبي حَيدةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قلتُ: يا رسولَ الله، عوراتُنا ما نأتي منها وما نذَر؟ قال: ((احفَظْ عورتَك إلَّا عن زوجَتِك أو ما ملَكت يمينُك)) روى البخاريُّ آخِره مُعلَّقًا بصيغة الجزم قبل حديث (278)، ورواه موصولًا أبو داود (4016) واللفظ له، والترمذي (2769)، وابن ماجه (1920)، وأحمد (20046)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (8972). حسَّنه الترمذي، وصحَّحه ابن القطان في ((أحكام النظر)) (94)، )، وابن دقيق في ((الإلمام)) (1/145)، وقال ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (21/337): ثابت، وقال محمد ابن عبدالهادي في ((المحرر)) (99): إسناده ثابت إلى بهز، وهو ثقة عند الجمهور، وصححه ابن القيِّم في ((تهذيب السنن)) (11/56)، وحسَّنه ابن حجر في ((هدي الساري)) (20)، وقال السخاوي في ((فتح المغيث)) (1/54): حسن مشهور عن بهز، وحسنه ابن باز كما في ((الفوائد العلمية)) (6/104)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4016) .2- عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه: أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا ينظُرُ الرَّجُلُ إلى عورة الرَّجُل، ولا المرأةُ إلى عورة المرأةِ، ولا يُفضي الرَّجلُ إلى الرَّجلِ في ثوبٍ واحدٍ، ولا تُفضي المرأةُ إلى المرأةِ في الثَّوبِ الواحِدِ)) رواه مسلم (338). .3- عن أمِّ هانئ بنت أبي طالب رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((ذهبتُ إلى رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عامَ الفَتحِ، فوجدتُه يغتَسِلُ وفاطمةُ تستُرُه، فقال: مَن هذه؟ فقلت: أنا أمُّ هانئٍ)) رواه البخاري (280) واللفظ له، ومسلم (336). .4- عن ميمونةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((سَتَرتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو يغتسِلُ مِن الجَنابة، فغَسل يديه، ثمَّ صبَّ بيمينِه على شِمالِه، فغسَلَ فرْجَه وما أصابَه، ثمَّ مسَح بيَدِه على الحائِطِ- أو الأرض- ثم توضَّأ وضوءَه للصَّلاةِ غَيرِ رِجليه، ثمَّ أفاض على جَسَده الماءَ، ثمَّ تنحَّى فغسَلَ قَدَميه)) رواه البخاري (281) واللفظ له، ومسلم (317). .ثانيًا: من الإجماع نقَل الإجماعَ على وجوبِ الاستتارِ عن أعينِ النَّاسِ في الجملة: الجصَّاصُ قال الجصَّاص: (اتَّفقت الأمَّة على معنى ما دلَّت عليه الآيةُ، من لزومِ فرْضِ سَترِ العورة). ((أحكام القرآن)) (4/203) ، وابنُ عبدِ البَرِّ قال ابن عبدِ البَرِّ: (أجمَعَ العُلَماءُ على أنَّ سَترَ العورةِ فرضٌ واجِبٌ بالجُملة على الآدميِّين). ((الاستذكار)) (2/196). ، وابن رشد الحفيد قال ابن رشد: ((اتَّفق العُلَماءُ على أنَّ سَترَ العَورةِ فرضٌ بإطلاقٍ)). ((بداية المجتهد)) (1/114). ، والنوويُّ قال النوويُّ: (سَترُ العورةِ عن العيونِ واجبٌ بالإجماعِ). ((المجموع)) (3/166). ، وابن رجب قال ابن رجب: (أجمَعَ العُلَماءُ على وجوبِ سَتْر العورةِ بين النَّاسِ عن أبصارِ النَّاظرين). ((فتح الباري)) (2/384). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: النيَّة . المطلب الثَّاني: إيصال الماء إلى جميع البدن. المطلب الثالث: المضمضةُ والاستنشاقُ .