إذا وقَعَت الفُرقةُ بالطَّلاقِ قبلَ الدُّخولِ، وبعد فَرضِ الصَّداقِ؛ وجَبَ نِصفُ الصَّداقِ [2008]   لا فرقَ بين الثيِّبِ والبِكرِ في استِحقاقِ نِصفِ المهرِ بالطَّلاقِ قبل الدُّخولِ: قال ابنُ عبدِ البَرِّ: (أجمع المُسلِمونَ أنَّ الثيِّبَ والبِكرَ في استِحقاقِ نِصفِ المهرِ بالطَّلاقِ قبل الدُّخولِ: سواءٌ). ((الاستذكار)) (5/430). وقال ابنُ القطان: (أجمع المُسلِمونَ أنَّ الثيِّبَ والبِكرَ في استِحقاقِ نِصفِ الصَّداقِ بالطَّلاقِ قبل الدُّخولِ: سَواءٌ). ((الإقناع في مسائل الإجماع)) (2/22). . الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقال تعالى: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ [البقرة: 237].ثانيًا: مِنَ الإجماعِنقَلَ الإجماعَ على ذلك: الماوَرديُّ [2009]   قال الماوردي: (صورتُها: أن يُطلِّقَ الرَّجُلُ زوجتَه المسمَّى لها صَداقًا مَعلومًا، فلا يخلو حالُ طلاقِه مِن ثلاثةِ أقسامٍ: أحدُها: أن يكونَ قبلَ الدُّخولِ بها وقَبلَ الخَلوةِ، وليس لها مِنَ المهرِ إلَّا نِصفُه، ومَلَك الزَّوجُ نِصفَه؛ لِقَولِه تعالى: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ [البقرة: 237]. والقِسمُ الثاني: أن يُطَلِّقَها بعد الدُّخولِ بوَطءٍ تامٍّ تَغِيبُ به الحَشَفةُ، فقد استقَرَّ لها جَميعُ المهرِ الذي كانت مالِكةً له بالعَقدِ؛ لِقَولِ الله تعالى: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ [النساء: 21]. وهذانِ القِسمانِ مُتَّفَقٌ عليهما). ((الحاوي الكبير)) (9/540). ، وابنُ حَزمٍ [2010]   قال ابنُ حزم: (اتَّفَقوا على أنَّ كُلَّ مَن طَلَّق امرأتَه وقد سَمَّى لها صَداقًا صَحيحًا في نفسِ عَقدِ النِّكاحِ لا بَعْدَه، ولم يكُنْ وَطِئَها قطُّ ولا دَخَلَ بها، وإنْ لم يطَأْها، وكان طلاقُه لها وهو صَحيحُ الجِسمِ والعَقلِ: أنَّ لها نِصفَ ذلك الصَّداقِ). ((مراتب الإجماع)) (ص: 70). ، والبَغويُّ [2011]   قال البغوي: (اتَّفَق أهلُ العِلمِ على أنَّ... المطَلَّقةَ بعد الفَرضِ قَبلَ المَسيسِ: لا مُتعةَ لها، بل لها نِصفُ المفروضِ). ((شرح السنة)) (9/130). ، وابنُ رشدٍ [2012]   قال ابنُ رشد: (اتَّفَقوا اتِّفاقًا مُجمَلًا أنَّه إذا طَلَّق قبل الدُّخولِ وقد فَرَض صَداقًا: أنَّه يَرجِعُ عليها بنِصفِ الصَّداقِ). ((بداية المجتهد)) (3/49). ، وابنُ قُدامةَ [2013]   قال ابنُ قدامة: (الحُكمُ الثَّاني: أنَّ الصَّداقَ يتنَصَّفُ بالطَّلاقِ قبل الدُّخولِ؛ لِقَولِه تعالى: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ [البقرة: 237]، وليس في هذا اختِلافٌ بحَمدِ اللهِ). ((المغني)) (7/227). ، والقُرطبيُّ [2014]   قال القُرطبي: (الثانيةُ: قَولُه تعالى: فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ أي: فالواجِبُ نِصفُ ما فرَضتُم، أي: مِن المهرِ؛ فالنِّصفُ للزَّوجِ، والنِّصفُ للمَرأةِ، بإجماعٍ). ((تفسير القرطبي)) (3/204). ، وابنُ جُزيٍّ [2015]   قال ابنُ جُزي: (المسألةُ الثَّالثةُ في استِقرارِه وتَشطيرِه، ويجِبُ جَميعُه بالدُّخولِ أو بالموتِ اتِّفاقًا، ونِصفُه بالطَّلاقِ قبلَ الدُّخولِ اتِّفاقًا). ((القوانين الفقهية)) (ص: 135). . انظر أيضا: المَطلَبُ الثَّاني: الفُرقةُ بالطَّلاقِ بعد العَقدِ وقَبلَ الدُّخولِ إذا كان الصَّداقُ لم يُسَمَّ.

إذا طُلِّقَت المرأة قَبلَ الدُّخولِ وتَسميةِ الصَّداقِ، وَجَبَت لها المُتعةُ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّةِ [2016]   ((كنز الدقائق)) للنسفي (ص: 258)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (2/140). ، والشَّافِعيَّةِ [2017]   ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 220)، ((روضة الطالبين)) للنووي (7/282)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (7/415)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/241). ، والحَنابِلةِ [2018]   ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/27)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/158). ، وقَولٌ للمالكيَّةِ [2019]   ((شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة)) (2/59). ومذهَبُ المالكيَّةِ أنَّها على الاستحبابِ. يُنظر: ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبد البر (2/617). ، وهو قَولُ بَعضِ السَّلَفِ [2020]   قال ابنُ قدامة: (فإذا طُلِّقَت المفَوِّضةُ البُضعَ قبلَ الدُّخولِ، فليس لها إلَّا المُتعةُ، نصَّ عليه أحمدُ في روايةِ جماعة، وهو قَولُ ابن عمر، وابن عباس، والحسن، وعطاء، وجابر بن زيد، والشعبي، والزهري، والنخَعي، والثوري، والشافعي، وإسحاق، وأبي عبيد، وأصحاب الرأي). ((المغني)) (7/239). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [2021]   قال الماوردي: (بوجوبِ المتعةِ قال عُمَرُ بنُ الخطاب، وعلي بن أبي طالب رَضِيَ اللهُ عنهما، وليس يُعرَفُ لهما في الصَّحابةِ مُخالِفٌ؛ فصار إجماعًا). ((الحاوي الكبير)) (9/476). . الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ1- قَولُه تعالى: لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ [البقرة: 236].وَجهُ الدَّلالةِ:2- قولُه تعالى: وَمَتِّعُوهُنَّ نَصٌّ مِنَ الله تبارك وتعالى بالمُتعةِ لِمن طُلِّقَت قبل الدُّخولِ والفَرْضِ [2022]   ((تفسير ابن كثير)) (1/641)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (1/151). .ثانيًا: لأنَّه لَحِقَها بالزَّواجِ والطَّلاقِ ابتِذالٌ، فوَجَب عليه تَعويضُها بالمُتعةِ [2023]   ((المهذب في فقة الإمام الشافعي)) للشيرازي (2/475). .ثالثًا: لأنَّه لم يَحصُلْ لها شَيءٌ، فتَجِبُ لها مُتعةٌ للإيحاشِ، بخلافِ مَن وَجَب لها الشَّطرُ [2024]   ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/241). . انظر أيضا: المَطلَبُ الأوَّلُ: الفُرقةُ بالطَّلاقِ بعد العَقدِ وقَبلَ الدُّخولِ إذا كان الصَّداقُ قد سُمِّيَ.