يُشتَرَطُ في الذي يقَعُ منه الطَّلاقُ أن يكونَ بالغًا، فلا يَصِحُّ طَلاقُ الصَّغيرِ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ [1599]   يرى الحنابلةُ أنَّ الصَّبيَّ الممَيِّزَ الذي يَعقِلُ الطلاقَ ويَفهَمُه يقعُ طلاقُه. يُنظر: ((الإنصاف)) للمرداوي (8/318)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/233). : الحَنَفيَّةِ [1600]   ((مختصر القدوري)) (ص: 155)، ((الهداية)) للمرغيناني (3/280). ، والمالِكيَّةِ [1601]   ((مختصر خليل)) (ص: 114)، ((الشرح الكبير)) للدردير (2/365). ، والشَّافِعيَّةِ [1602]   ((روضة الطالبين)) للنووي (8/22)، ((الغرر البهية)) لزكريا الأنصاري (4/246). ، وهو قَولُ أكثَرِ العُلَماءِ [1603]   ((المبدع شرح المقنع)) لإبراهيم بن مفلح (7/232). .الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((رُفِعَ القَلَمُ عن ثلاثٍ: عن النَّائِمِ حتى يَستيقِظَ، وعن الصَّغيرِ حتى يَكبَرَ، وعن المجنونِ حتى يَعقِلَ أو يُفيقَ)) [1604]   أخرجه النَّسائي (3432) واللَّفظُ له، وابنُ ماجه (2041)، وأحمد (24694).  ورواه أبو داود (4398) بلفظ: (وعن المُبتلى حتى يبرأَ) بدل المجنونِ، ورواه الحاكمُ (2350)، والبيهقي (11453) بلفظِ: (وعن المعتوهِ حتى يُفيقَ). قال البخاري كما في ((العلل الكبير)) للترمذي (225): أرجو أن يكونَ محفوظًا. وصحَّحه الحاكِمُ وقال: على شرطِ مسلمٍ. وابنُ العربي في ((عارضة الأحوذي)) (3/392)، وقال ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/89): إسنادُه على شرطِ مسلمٍ. وقال ابن حجر في ((فتح الباري)) (12/124): له شاهِدٌ وله طُرُقٌ يقوِّي بعضُها بعضًا. وصحَّح الحديثَ الألبانيُّ في ((صحيح سنن النسائي)) (3432)، وجوَّد إسناده شُعيبُ الأرناؤوط في ((تخريج المسند)) (24694). وللحديث شاهدٌ مِن حديثِ  عليٍّ رَضِيَ الله عنه أخرجه الترمذي (1423) بلفظ: (المعتوه حتى يَعقِلَ)، وأخرجه أحمد (956)، والنَّسائي في ((السنن الكبرى)) (7346) على الشَّكِّ: (المعتوه أو المجنون حتى يَعقِلَ). حسَّنه البخاري كما في ((العلل الكبير)) للترمذي (226)، وصحَّح إسناده أحمد شاكر في تحقيق ((المسند)) (2/197)، وصحَّح الحديثَ الألبانيُّ في ((صحيح سنن الترمذي)) (1423)، وصحَّحه لغيره شعيب الأرناؤوط في ((تخريج المسند)) (1183 ). .ثانيًا: لأنَّه غَيرُ مُكَلَّفٍ، فلا يقَعُ طَلاقُه، كالمجنونِ [1605]   ((المبدع شرح المقنع)) لإبراهيم بن مفلح (7/232). .ثالثًا: لأنَّ الطَّلاقَ منه ما هو ضَرَرٌ مَحضٌ؛ فلا يَملِكُه الصَّغيرُ [1606]   ((حاشية ابن عابدين)) (3/245). . انظر أيضا: المطلبُ الثَّاني: العَقلُ. المطلبُ الثَّالثُ: من شُروط الطَّلاقِ: الاختيارُ (حكم طَلاق المُكرَهِ). المطْلبُ الرابع: القَصدُ.

يُشتَرَطُ الاختيارُ فيمن يقَعُ منه الطَّلاقُ، فلا يقَعُ طَلاقُ المُكرَهِ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: المالِكيَّةِ [1686]   ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (4/151)، ((منح الجليل)) لعليش (4/48). ، والشَّافِعيَّةِ [1687]   ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/289)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (6/445). ، والحَنابِلةِ [1688]   ((المبدع)) لابن مفلح (7/234)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/235). ، وهو قَولُ طائفةٍ مِنَ السَّلَفِ [1689]   قال ابنُ قُدامة: (رُوِيَ ذلك عن عُمَرَ، وعليٍّ، وابنِ عمرَ، وابن عبَّاسٍ، وابن الزُّبير، وجابرِ بنِ سَمُرة. وبه قال عبدُ الله بن عُبيد بن عُمَير، وعِكرمةُ، والحسنُ، وجابر بن زيد، وشُرَيح، وعطاءٌ، وطاوسٌ، وعُمرُ بن عبد العزيز، وابنُ عَون، وأيوبُ السَّختياني، ومالك، والأوزاعي، والشَّافعي، وإسحاقُ، وأبو ثَور، وأبو عُبيد). ((المغني)) (7/382). ويُنظر: ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/235). .الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقال تعالى: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ [النحل: 106].وَجهُ الدَّلالةِ:دلَّت الآيةُ على أنَّ كَلامَ المُكرَهِ على الطَّلاقِ لا عِبرةَ به، ولا يترَتَّبُ عليه حُكمٌ شَرعيٌّ؛ لأنَّه إذا لم يُعاقَبْ على كَلِمةِ الكُفرِ إذا أُكرِهَ عليها، فغيرُها مِن بابِ أَولى وأحْرى [1690]   ((تفسير السعدي)) (ص:450). .ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِعن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّ اللهَ وضَعَ عن أمَّتي الخَطأَ، والنِّسيانَ، وما استُكرِهوا عليه)) [1691]   أخرجه ابن ماجه (2045) واللفظ له، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (8273). حسَّنه النووي في ((المجموع)) (6/521)، وابن تيميَّة في ((مجموع الفتاوى)) (7/685)، وابن حجَر في ((موافقة الخُبْرِ الخَبَر)) (1/510)، وقال ابنُ كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/90): رجالُه على شَرطِ الصحيحين، وله شاهِدٌ من القرآن، ومن طُرُق أُخَرَ. وقال ابنُ الملقن في ((شرح البخاري)) (25/267): ثابتٌ على شرطِ الشيخينِ. . انظر أيضا: المطلبُ الأوَّلُ: من شُروط الطَّلاقِ: البلوغُ (طلاقُ الصَّغيرِ). المطلبُ الثَّاني: العَقلُ. المطْلبُ الرابع: القَصدُ.