لا يَصِحُّ الطَّلاقُ إلَّا مِن زَوجٍ [1571]   أو مَن يقومُ مَقامَ الزَّوجِ، كالوكيلِ. ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [1572]   ((مختصر القدوري)) (ص: 155)، ((الهداية)) للمرغيناني (1/224). ، والمالِكيَّةِ [1573]   نصَّ المالِكيَّةُ على أنَّ الزَّوجَ أو نائِبَه أو ولِيَّه ركنٌ مِن أركانِ الطَّلاقِ. ((مختصر خليل)) (ص: 114)، ((الشرح الكبير)) للدردير (2/365). ، والشَّافِعيَّةِ [1574]   نصَّ الشَّافِعيَّة على أنَّه ركنٌ. ((روضة الطالبين)) للنووي (8/22)، ((الغرر البهية)) لزكريا الأنصاري (4/246). ، والحَنابِلةِ [1575]   ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/74)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (5/321). .الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ [الأحزاب: 49].وَجهُ الدَّلالةِ:في قَولِه تعالى: ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ أضاف اللهُ الطَّلاقَ للنَّاكِحِ، وهو الزَّوجُ؛ فيكونُ بِيَدِه [1576]   ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (12/490). .ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِعن عَمرِو بنِ شُعَيبٍ، عن أبيهِ، عن جَدِّه قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا نَذْرَ لابنِ آدَمَ فيما لا يَملِكُ، ولا عِتقَ له فيما لا يَملِكُ، ولا طَلاقَ له فيما لا يَملِكُ)) [1577]   أخرجه من طرقٍ: أبو داود (2190)، وأحمد (6780)، والترمذي (1181) واللفظ له، والنسائي (4612)، وابن ماجه (2047) مختصرًا. قال البخاري كما في ((البدر المنير)) لابن الملقن (8/94): أصحُّ شيء في الطَّلاق قبل النِّكاحِ. وقال الترمذي: حسن صحيح. وذكر ابن عَديٍّ في ((الكامل في الضعفاء)) (6/153) أنَّ فيه عامِرًا الأحولَ، ولا أرى بروايته بأسًا. وحَسَّن الحديثَ الخطَّابيُّ في ((معالم السنن)) (3/207)، وقال ابنُ العربي في ((عارضة الأحوذي)) (3/122): له طرق كثيرة. وقال النووي في ((المجموع)) (9/262): حسنٌ أو صحيحٌ. وصَحَّح إسنادَه ابنُ الملقِّن في ((تحفة المحتاج)) (2/206)، وحَسَّن إسنادَه ابن باز في ((حاشية بلوغ المرام)) (618)، وصحَّح إسناده أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (11/48)، وقال الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1181): حسنٌ صحيحٌ. . انظر أيضا: المطلبُ الثَّاني: حكم الطلاق بالوَلي. المطلبُ الثَّالِثُ: حكم الطلاق بالوكيل. المطلبُ الرَّابِعُ: حكم الطلاق بالتَّفويض.

لا يَصِحُّ طَلاقُ الوَليِّ عن الصَّبيِّ والمجنونِ [1578]   إذا وُجِدَ ما يُوجِبُ طلاقَ زَوجةِ الصَّبيِّ أو المجنونِ، فالذي يتولَّى الطلاقَ هو القاضي أو الحاكِمُ. يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (7/54)، ((الفروع)) للمرداوي (9/8)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (4/299)، ((لقاء الباب المفتوح)) لابن عثيمين رقم اللقاء (175). ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّةِ [1579]   ((مختصر اختلاف العلماء)) للطحاوي (2/469). ، والشَّافِعيَّةِ [1580]   ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/176). وينظر ((الحاوي الكبير)) للماوردي (10/255). والحَنابِلةِ [1581]   ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (7/205)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/214). . وذلك للآتي:أوَّلًا: لأنَّه إسقاطٌ لحَقِّه، فلم يَملِكْه الوَلِيُّ، كالإبراءِ، وإسقاطِ القَصاصِ [1582]   ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (7/205). .ثانيًا: لأنَّ طَريقَ الشَّهوةِ لا مَدخَلَ لها في الوِلايةِ [1583]   ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (7/205). . انظر أيضا: المطلبُ الأوَّلُ: مَن يَصِحُّ منه الطَّلاقُ: الزَّوجُ. المطلبُ الثَّالِثُ: حكم الطلاق بالوكيل. المطلبُ الرَّابِعُ: حكم الطلاق بالتَّفويض.

يجوزُ للرَّجُلِ أن يُوكِّلَ غَيرَه في طَلاقِ نِسائِه، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [1584]   ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (3/263)، ((كنز الدقائق)) للنسفي (ص: 489). ، والمالِكيَّةِ [1585]   ((الشرح الكبير)) للدردير (2/405)، ((منح الجليل)) لعليش (4/158). ، والشَّافِعيَّةِ [1586]   ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 134)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/220). ، والحَنابِلةِ [1587]   ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (4/237)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/464). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [1588]   قال ابنُ عبدِ البَرِّ: (الأصلُ المجتَمَعُ عليه: أنَّ الطَّلاقَ بيَدِ الزَّوجِ أو بِيَدِ مَن جَعَل ذلك إليه). ((الاستذكار)) (6/184). وقال الكاساني: (أجمعوا على أنَّ قولَه لأجنبيٍّ: طَلِّقِ امرأتي- توكيلٌ... أنَّه لو أضاف الأمرَ بالتطليقِ إلى الأجنبيِّ ولم يُقَيِّدْه بالمشيئة، كان توكيلًا بالإجماعِ). ((بدائع الصنائع)) (3/122). وقال المرداوي: (يجوز التوكيلُ في العِتقِ والطَّلاقِ بلا نزاعٍ). ((الإنصاف)) (5/264). وخالف في ذلك ابنُ حزم، فقال: (لا تجوزُ الوَكالةُ في الطَّلاقِ؛ لأنَّ الله عزَّ وجلَّ يقولُ: وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا [الأنعام: 164]، فلا يجوزُ عَمَلُ أحدٍ عن أحدٍ إلَّا حيث أجازه القرآنُ أو السُّنَّةُ الثَّابتةُ عن رَسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، ولا يجوزُ كلامُ أحدٍ عن كلامِ غَيرِه مِن حيثُ أجازه القرآنُ أو سُنَّةٌ عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم، ولم يأتِ في طلاقِ أحدٍ عن أحدٍ بتوكيلِه إيَّاه قرآنٌ ولا سنَّةٌ؛ فهو باطِلٌ). ((المحلى)) (9/453). . وذلك للآتي:أوَّلًا: لأنَّ الحاجةَ تدعو إليه كدُعائِها إلى التَّوكيلِ في البَيعِ والنِّكاحِ [1589]   ((المغني)) لابن قدامة (5/64). . ثانيًا: جوازُ التَّوكيلِ في إنشاءِ النِّكاحِ دَليلٌ على جوازِه في إزالتِه بطَريقِ الأَولى [1590]   ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (4/237). . انظر أيضا: المطلبُ الأوَّلُ: مَن يَصِحُّ منه الطَّلاقُ: الزَّوجُ. المطلبُ الثَّاني: حكم الطلاق بالوَلي. المطلبُ الرَّابِعُ: حكم الطلاق بالتَّفويض.

يَصِحُّ للزَّوجِ أن يُفَوِّضَ امرأتَه في الطَّلاقِ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [1591]   ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (2/219)، ((الفتاوى الهندية)) (1/391). ، والمالِكيَّةِ [1592]   ((مواهب الجليل)) للحطاب (5/387)، ((منح الجليل)) لعليش (4/158). ، والشَّافِعيَّةِ [1593]   ((روضة الطالبين)) للنووي (8/48)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (8/23). ، والحَنابِلةِ [1594]   ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/91)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (5/355). ، وحُكي فيه الإجماعُ [1595]   قال زكريا الأنصاري: (في تفويضِ الطَّلاقِ للزَّوجةِ، والأصلُ فيه الإجماعُ). ((فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب)) (2/90). وقال ابنُ حجر الهيتمي: (في تفويضِ الطَّلاقِ إليها، ومِثلُه تفويضُ العِتقِ للقِنِّ «له تفويضُ طلاقِها» يعني المكَلَّفةَ لا غيرَها «إليها» إجماعًا). ((تحفة المحتاج)) (8/23). وقال الشربيني: (في جوازِ تفويضِ الطَّلاقِ للزَّوجةِ، وهو جائزٌ بالإجماعِ). ((مغني المحتاج)) (4/465). وخالف في ذلك ابنُ حزم، فقال: (مَن خيَّرَ امرأتَه فاختارت نفسَها، أو اختارت الطَّلاقَ، أو اختارت زوجَها، أو لم تختَرْ شَيئًا؛ فكل ذلك لا شَيءَ، وكُلُّ ذلك سواءٌ، ولا تُطلَّقُ بذلك، ولا تَحرُمُ عليه، ولا لشَيءٍ مِن ذلك حُكمٌ، ولو كرَّرَ التخييرَ وكرَّرت هي اختيارَ نَفسِها، أو اختيارَ الطَّلاقِ ألفَ مرةٍ، وكذلك إنْ مَلَّكَها أمرَ نَفسِها، أو جعَلَ أمرَها بيَدِها، ولا فَرْقَ). ((المحلى)) (9/291). .الأدِلَّةُ: أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآَخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا  [الأحزاب: 28، 29].ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِعن عائشةَ رَضِيَ الله عنها قالت: ((خَيَّرَنا رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فاختَرْنا اللهَ ورَسولَه، فلم يَعُدَّ ذلك علينا شَيئًا)) [1596]   أخرجه البخاري (5262) واللفظ له، ومسلم (1477). . أوجهُ الدَّلالةِ مِن الآيةِ والحَديثِ:1- أنَّه لو لم يكُنْ لاختيارِهنَّ الفُرقةَ أثَرٌ، لم يكُنْ لِتَخييرِهنَّ مَعنًى [1597]   ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/285)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (6/439). .2- أنَّه لَمَّا فَوَّض إليهنَّ سَبَبَ الفِراقِ، وهو اختيارُ الدُّنيا، جاز أن يُفَوِّضَ إليهنَّ المُسَبَّبَ الذي هو الفِراقُ [1598]   ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/285). . انظر أيضا: المطلبُ الأوَّلُ: مَن يَصِحُّ منه الطَّلاقُ: الزَّوجُ. المطلبُ الثَّاني: حكم الطلاق بالوَلي. المطلبُ الثَّالِثُ: حكم الطلاق بالوكيل.